مشاهدة النسخة كاملة : خمسة وعشرون عاما من الأمل ..
ليلك ناصر
05-03-2007, 06:41 AM
خمسة وعشرون عاما من الأمل ..
شاءت الأقدار أن تقتلعه من أزقه حارته الضيقة ، وتقذفه إلى بلد بعيد نائي ، مختلف تماما عن بيئته التي ترعرع بها ونشأ ، ظروفه الصعبة و حياته التي انشغل بها منعته أن يزورها ولو مرة واحدة ، عاش على أمل عمره خمسة وعشرون عاما ، ليعود و يرى الصور التي احتفظ بها في لب الذاكرة ، ليلمس أحجار منزلة ، و يشرب من ماء البحرة التي توسطت فسحة المنزل ، ليقطف باقة من الياسمين و الفل و يستنشق رائحتها كل صباح ..
في يوم روتيني رنت ساعته المزعجة لتخبره بأن موعد العمل بدأ ، قام متثاقل من نومه و ذهب إلى عمله ..
كان يومه مشرق جميل يحمل نسمات عليلة.. انتشلت روحه إلى نسمات هواء بلده العليل و كأنها تناديه و تقول له : هيا عد ، طال غيابك ... جلس على مقعده المريح خلف مكتبه الخشبي ، نظر إلى صورة الياسمينة التي علقها على إحدى الجدران ، فقال مع تنهيدة عميقة : أن الأوان أن أعود ، يكفني عذاب الشوق و الحنين . ثم رفع سماعته متصلا لكي يحجز بأسرع وقت .. و كان ذلك ...
عاش أيام انتظاره على نار إلى أن يحين وقت سفره ، نسي كل هذه السنين التي انتظرها ، و كأنه عاشق ترك معشوقته من أيام ..
وعندما وصل إلى الأرض التي عاش بها أجمل أيامه ، راح يملئ رئتيه من هواء مسقط رأسه ، و كأن البلد الذي كان يعيش به ليس به هواء ... أوقف سيارة أجرة وطلب من سائقها أن يوصله إلى تلك الحارة التي احتفظت له بكثير من ذكرياته ، و عندما وصل قال للسائق مستغربا : هل وصلنا ؟؟!! قال السائق : نعم .
نزل من السيارة و كأنه يرى هذه الحارة لأول مرة ، كل شيء بها غريب ، أين منازل الجيران ؟؟ لقد دثرت تحت المباني العالية ، أين دكان أبو صلاح ؟؟ لكي أشتري منه الحلوى !! .. سار و تبدل الأمل إلى حزن ، إلى قهر ، إلى آهات يتأوهها .. سار متأملا أن يرى وجه كان يعرفه كان يراه ، أن يرى ابتسامة جاره أبا وليد .. رأى وجوه غريبة ، لم تعطه أي اهتمام ، أكمل مسيره و هو يتلفت حوله و يرى و يشاهد ما حدث في هذه الحارة مشي حتى وصل إلى زقاق بدا له معالمه في صوره القديمة ، راح يلمس أحجار الجدران و يشم رائحة الياسمين المتدلي ، راح يمشي و يرسم ابتسامات أمله الذي عاش عليه سنين طويلة ، وقف تحت نافذة كان يختلس النظر منها إلى ابنه الجيران ، نظر إلى الجدار الذي يحمل هذا النافذة ، أمعن النظر به ثم فقال : لمى ما زال أسمها محفور عليه ...
26 . 1 . 2007 م
سحر الليالي
05-03-2007, 02:28 PM
قصة مطرز بالروعة
جميلة يا ليلك كروحك
سلمت ودام نبضك يكتب الجماللك ودي وباقة ورد
ليلك ناصر
06-03-2007, 06:31 AM
قصة مطرز بالروعة
جميلة يا ليلك كروحك
سلمت ودام نبضك يكتب الجماللك ودي وباقة ورد
سحر الليالي .. الرائعة ..
في أي مكان تمرين منه يطرز بالروعة ..
سعدت جدا بمرورك و ردك ..
فلك شكر كبير يليق بقدرك أيتها الرائعة مع باقة ورد .. :001:
راضي الضميري
13-03-2007, 03:51 PM
الغربة باردة جداً ، تسرق العمر ببطئ شديد ، تجعلنا نذوب وتذوب معنا اجمل أيامنا ، قال صاحبي ذات يوم غريب في غربتنا الطويلة " لو أملك ما يجعلني أعود لعدت ، ولو أستطيع ان أجد عملاً مناسباً في وطني لعدت ، اكلتني الغربة ، وضيعت اجمل ايام حياتي ".
ماذا عسانا نقول لإيامٍ تلتهم أيامنا الجميلة في غربتنا الطويلة ...
شكراً لكِ على هذه القصة الرائعة .
تقبلي تحياتي
ريمة الخاني
15-03-2007, 08:12 AM
ربما وجد ماترك وربما غيرته السنون......
اذكرتني بقصة لم تكن لتحبك معي....لقد اعطيتني اول الخيط
تقديري
جوتيار تمر
15-03-2007, 09:09 PM
ليلك..
هكذا هي الحياة..خلقت انثى..والانثى تحب الغواية،لانها تعلم بقدرتها على تغيير السنن والحياة باجمعها..وليست كالذكر الذي لايعلم من فنون التغيير سوى بضع اشياء لاتغني ولاتسمن جوع، فالحياة الانثى هي التي تبدع حتى في الهجر والحب،في الشوق والحض،في البعد والقرب.
السفر الى حيث الحياة افضل اصبح امرا يغوي الكثيرين، وقلما من لايستجيب لهذه الغواية، لعل الاختيار هنا يكون الفاصل بين اخر واخر،اقصد اختيار البلد الذي يهاجر اليه حاملا معه امانيه في التكوين والعيش كأنسان لانه قلما نجد في اوطاننا انسانا يعيش انسانيته بل انسان يدعوه يعيش انسانيته فهو طوال مكوثه في وطنه يعيش اما عاطلا لاعمل له او مطاردا لاهوية له او ضائعا مقلدا تائها في دجون الملذات ،وووو...لذا البحث عن وطن اخر يأويه يعطيه حقه كأنسان اصبح امرا لايخفى على احد.
لكن بطل قصتك امره غريب..لانه هو من اختار الغربة،وعندما اشتد عوده صار يفكر بالوطن..
هنا في الواحة،بل في قصة للدكتور دسوقي قصة مثبتة فيها تجدين الرؤية الاصح للانسان الواعي في قوتنا هذا وفيها تجدين الرؤية الصحصية للوطن والانتماء اليك انقل هذه : أما الانتماء .. فقد لفظته كما يلفظ المريض ما يعييه ... لابد لأحدهما أن يقضي علي الآخر ..
ـ ولا تحدثني عن الوطن فلا وطن ... فبين أنياب الفقر وقواطعه تموت هذه الكلمة ... وتدفن في دروب الاحتياج ... و في النهاية تدهمها الأقدام في الزحام ...!
أي وطن لمن أمضي حياته في حلم سلبه الوطن .. أي وطن لمن بذل أبوه فيه عمره وساقه بلا مقابل ..!
ـ وأما أبي فقد أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه .. أصبحنا ككل الناس .. نفس الحكاية .. حكاية الطيور الصغيرة التي تشارك الجوارح عيشتها .. طيور لا عش لها .. ولا تعرف كيف تبني العش .. ولو عثرت عليه لبعثرت قشه .. إنها طيور لا تعرف لها مستقراً .. فلا كيف ولا أين تبقي .. ولا أين تحلق .. إنها حكاية رعب دائم .. ومطاردة أبدية .. ولو مع الذات .)).
ومع هذا اود ان اقول بانه لاشيء ينتظر،الحياة تسير بلامبالاة عجيبة، لاتنظر خلفها وما خلفها من اشلاء هنا وهناك، ومن يختار البعد عليه ان يعرف ويدرك بان البقاء على ما كان محال، فالجديد عاتي وآت لامحال وهو لايبقي ولايذر..ومن يواسي نفسه بذكرى باقية على حجر لن يكون بمقدوره مواجهةاهوال اللابقاء.
ليلك...
تقبلي محبتي
جوتيار
علي أسعد أسعد
16-03-2007, 01:21 PM
مررت من هنا يا أخت ليلك
لأقرأ لك
فلحرفك لون خاص يبهج الروح
قصة جميلة
وكما قالت الأخت سابقاً
مطرزة بالروعة
ليلك ناصر
24-03-2007, 02:33 PM
الغربة باردة جداً ، تسرق العمر ببطئ شديد ، تجعلنا نذوب وتذوب معنا اجمل أيامنا ، قال صاحبي ذات يوم غريب في غربتنا الطويلة " لو أملك ما يجعلني أعود لعدت ، ولو أستطيع ان أجد عملاً مناسباً في وطني لعدت ، اكلتني الغربة ، وضيعت اجمل ايام حياتي ".
ماذا عسانا نقول لإيامٍ تلتهم أيامنا الجميلة في غربتنا الطويلة ...
شكراً لكِ على هذه القصة الرائعة .
تقبلي تحياتي
أخي راضي الضميري .. المحترم
نعم كما قلت الغربة باردة جدا ..
لا ندري كيف يمضي العمر بنا و نحن بعيدين عن أوطاننا ..
لا أدري ماذا أقول سوى أن الغربة مره جدا ..
أشكرك جدا على هذا المرور و الرد الرائع ...
لك خالص شكري و احترامي ...
ليلك ناصر
24-03-2007, 08:11 PM
ربما وجد ماترك وربما غيرته السنون......
اذكرتني بقصة لم تكن لتحبك معي....لقد اعطيتني اول الخيط
تقديري
الأخت الكريمة .. ريمة الخاني ..
أشكرك لمرورك أختي
وأسعدني أنني أستطتعت عن طريق حروفي البسيطة أن تعطيك أول الخيط ..
لك فائق احترامي وتقديري .. :0014:
ليلك ناصر
26-03-2007, 03:31 PM
ليلك..
هكذا هي الحياة..خلقت انثى..والانثى تحب الغواية،لانها تعلم بقدرتها على تغيير السنن والحياة باجمعها..وليست كالذكر الذي لايعلم من فنون التغيير سوى بضع اشياء لاتغني ولاتسمن جوع، فالحياة الانثى هي التي تبدع حتى في الهجر والحب،في الشوق والحض،في البعد والقرب.
السفر الى حيث الحياة افضل اصبح امرا يغوي الكثيرين، وقلما من لايستجيب لهذه الغواية، لعل الاختيار هنا يكون الفاصل بين اخر واخر،اقصد اختيار البلد الذي يهاجر اليه حاملا معه امانيه في التكوين والعيش كأنسان لانه قلما نجد في اوطاننا انسانا يعيش انسانيته بل انسان يدعوه يعيش انسانيته فهو طوال مكوثه في وطنه يعيش اما عاطلا لاعمل له او مطاردا لاهوية له او ضائعا مقلدا تائها في دجون الملذات ،وووو...لذا البحث عن وطن اخر يأويه يعطيه حقه كأنسان اصبح امرا لايخفى على احد.
لكن بطل قصتك امره غريب..لانه هو من اختار الغربة،وعندما اشتد عوده صار يفكر بالوطن..
هنا في الواحة،بل في قصة للدكتور دسوقي قصة مثبتة فيها تجدين الرؤية الاصح للانسان الواعي في قوتنا هذا وفيها تجدين الرؤية الصحصية للوطن والانتماء اليك انقل هذه : أما الانتماء .. فقد لفظته كما يلفظ المريض ما يعييه ... لابد لأحدهما أن يقضي علي الآخر ..
ـ ولا تحدثني عن الوطن فلا وطن ... فبين أنياب الفقر وقواطعه تموت هذه الكلمة ... وتدفن في دروب الاحتياج ... و في النهاية تدهمها الأقدام في الزحام ...!
أي وطن لمن أمضي حياته في حلم سلبه الوطن .. أي وطن لمن بذل أبوه فيه عمره وساقه بلا مقابل ..!
ـ وأما أبي فقد أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه .. أصبحنا ككل الناس .. نفس الحكاية .. حكاية الطيور الصغيرة التي تشارك الجوارح عيشتها .. طيور لا عش لها .. ولا تعرف كيف تبني العش .. ولو عثرت عليه لبعثرت قشه .. إنها طيور لا تعرف لها مستقراً .. فلا كيف ولا أين تبقي .. ولا أين تحلق .. إنها حكاية رعب دائم .. ومطاردة أبدية .. ولو مع الذات .)).
ومع هذا اود ان اقول بانه لاشيء ينتظر،الحياة تسير بلامبالاة عجيبة، لاتنظر خلفها وما خلفها من اشلاء هنا وهناك، ومن يختار البعد عليه ان يعرف ويدرك بان البقاء على ما كان محال، فالجديد عاتي وآت لامحال وهو لايبقي ولايذر..ومن يواسي نفسه بذكرى باقية على حجر لن يكون بمقدوره مواجهةاهوال اللابقاء.
ليلك...
تقبلي محبتي
جوتيار
أخي العزيز .. جوتيار ..
لا أعتقد أحد يختار الرحيل بدون أسباب عصيبة دفعته للرحيل ..
و الكثير من المغتربين لازالوا يحتفظوا بذكرياتهم و الصور التي تركوها في مخيلتهم
و عندما يعودوا يتمنوا لو يجدوا شيئا بسيطا من هذه الذكريات رغم أنهم موقنون
بأن كل شيء تغير ، إلا حبهم لتلك الذكريات و تلك الأيام تدفعهم لتكذيب الواقع ...
هذه الحياة كما ذكرت في أول ردك ...
أخي والله لا أدري ماذا أقول سوى أن يحفظك ربي و يحميك من كل مكروه ..
يسعدني مرورك دوما فلا تحرمني إياه ..
محبتي وتقديري لك .. :0014:
ليلك ناصر
28-03-2007, 03:22 AM
مررت من هنا يا أخت ليلك
لأقرأ لك
فلحرفك لون خاص يبهج الروح
قصة جميلة
وكما قالت الأخت سابقاً
مطرزة بالروعة
يا أهلا بك أخي علي أسعد أسعد ...
أشرقت الأنوار و فاحت رائحة الأزهار ..
لمرورك أخي جمال ورونق خاص
لا يملك أحد مثله ..
فلك كل الشكر لمرورك و ردك الذي ميز صفحتي بتواجدك بها ..
تقبل فائق احترامي وتقديري ..
علاء الدين حسو
28-03-2007, 11:08 AM
الغربة اهم عنصر _برأي_من عناصر المادة الابداعية ..وتناول الغربة كالحب لايمكن ان ينتهي ..والشعور بالغربة من اقسى المشاعر ولا يعرفها الا من ذاقها ..كغربة جسدية لم اعيشها ولكن حينما اقرأ مثل هذا النص يـاكد لي بان الغربة تبدأ لحظة المغادرة وتستمر لان بعد العودة لن تجد سوى ثبات الذكريات
شكرا للمتعة والفائدة ..
ليلك ناصر
02-04-2007, 11:03 PM
الغربة اهم عنصر _برأي_من عناصر المادة الابداعية ..وتناول الغربة كالحب لايمكن ان ينتهي ..والشعور بالغربة من اقسى المشاعر ولا يعرفها الا من ذاقها ..كغربة جسدية لم اعيشها ولكن حينما اقرأ مثل هذا النص يـاكد لي بان الغربة تبدأ لحظة المغادرة وتستمر لان بعد العودة لن تجد سوى ثبات الذكريات
شكرا للمتعة والفائدة ..
أخي الفاضل .. علاء الدين حسو ..
أشكرك جدا على هذا الرد الجميل و الموضح معنى الغربة بشكل جميل ...
سعدت بمرورك جدا ...
فتقبل فائق احترامي وتقديري .:0014: .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir