تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة : ضياء اللذة



د.مصطفى عطية جمعة
09-03-2007, 08:19 PM
قصة قصيرة
ضــــياء اللـــذة
بقلم / د. مصطفى عطية جمعة

( 1 )
الهجعة الليلية التي يستلزمها الجسد ، وتسبح روحي في فضائها ، لا أعرف كينونتها ، سوى تلك الأخذة التي تجذب روحي ، من عالم الأحياء ،و الحركة والثرثرة ، إلى سُبات الجسد . هل الروح تسكن أيضًا ؟ لا أذكر ، من هجوعي – في ليلتي تلك – إلا هذا التماوج الذي عايشته ، وجوهًا …، نعم .. نعم .. ، لمن أعرفهم ، أحبهم . أبي ، أمي ، جدي …. ، كانوا يبتسمون لي ، يضحكون، تمدّ أمي يديها لي .
أُفْعَمُ بنشوة وراحة ، لذةٍ أستشعرها ، وكأن خلاياي تنطلق في ملكوت سرمدي .
……………
هدأة الليل ، النفوس ، هل تسكن الأرواح ؟
أضع المفتاح في باب المسجد ، أضغط زرًا فيتوهج مصباح . آيات القرآن ، تنساب بحنجرتي ، رطبة ، والفؤاد عائم .
أصدح بالآذان . يأتي عم عبد الرزاق :
- صوتك خافت اليوم يا عبد الحميد ؟!
- إنه مثل كل يوم .
يتفحصني بعينيه ، يصمت ، ويترنم بجواري بأوراده الصباحية . قلتُ :
- ماذا بك ؟
تطلع نحوي ، عيناه غائمتان :
- أنتَ ماذا بك ؟
صمتي ، قلبي منتشٍ . يردف :
- سلّم عليهم .
- ……………؟ !
غاص في تسبيحاته .
اصطففنا للصلاة .
قالوا لي وهم يصافحونني أمام المسجد :
- أطلتَ السجود كثيرًا ؟!
- أخذني الرجاء .
…………………
استيقظتْ أختي ، وأنا ألج البيت . قالتْ :
- صبحك الله بالخير .
- الخير كله لكِ .
- ستفطر ؟
- ……………..
تحركتْ ، متحسسةً ما حولها ، تحفظ أركان البيت ، انزويت في غرفتي ، خرخشة يديها وهي تغسل الآنية ، وتحرّك الوابور .
استلقيتُ على الكنبة ، أسندتُ رأسي ، النشوة تتجاذبني ، تغرقني ، كانوا يبتسمون ، ابتسمتُ ، أسبح في طاقات نورانية ، أتحرر من ربقة الجسد ، أتلاشى .. ، الملكوت يسعني ، أصافحهم .

( 2 )
- عبد الحميد ! الفطور ..
أكرر مناديةً عليه ، لا يحلو الفطور إلا به ، سيحكي لي عما ينوي فعله اليوم ، أتحسس الخبز الساخن، وطبق الجبن القريش والعسل ..
- عبد الحميد ! قم ، الفطور ..
أخذه النوم ؟ أتحرّك ، أدفع باب الغرفة ، صوت خطوي يطرق أذني .
- عبد الحميد .. ، قم يا أخي ..
أتحسسه .
صمتي .
الجسد نصف بارد ، جبهته تترقرق بعرق متجمد .
- فعلتها يا عبد الحميد ؟ فعلتها .. !
الوحدة تتماثل أمامي ، أودُّ الصراخ ، أصرخ ، الصوت بلا صدى . الخواء في أعماقي .
( 3 )
الضجيج والزحام . الناس متجمعون أمام المنزل .
- كان لا يزال في عزه .
- صلّى بنا .
آخرون في ركن وهم جالسون على المقاعد الخشبية المستأجرة :
- لم يتزوج ، وعاش من أجل أخته الضريرة .
- ربنا أعطاه من التجارة كثيرًا .
- يده لم تخرج فارغة من جيبه .
النسوة متشحات بالسواد . يقلن :
- عجيبة أخته ، لم تنحْ عليه ، فقط الدموع ، ولا حتى صرخة !
……………..
تقول أخته :
- ظننته نائمًا على الكنبة كعادته وهو يسبّح ، سبقتني ، وفعلتها ، كنتُ أمني نفسي بأنك لن تفارقني ، وأنا أكبرك في السن ، وستحملني إلى …
……………..
عم عبد الرزاق المطرق تحت شجرة الكافور ، أمام البيت :
- شفتُ البشرى في عينيه ، عقبا لي .

خليل حلاوجي
10-03-2007, 08:31 AM
ركبت موج محبرتي الثائرة وعرجت الى غيوم حبلي بدمع كالودق

وطرت

وجناحي السراب في كون فسيح

وانا لازلت معلق هناك ..... بين ارض ترفضني وسماء لاتقبلني


يارب

اريد الفناء بعفوك ورضاك .... فخذني الى رضوانك .... رباه

خليل حلاوجي
10-03-2007, 08:34 AM
كم اعشق سطرك
وكم

يبعث في شراييني .... الثورة


نعم

حرفك أجج براكين حلمي

\


شكرا ً اليك ايها الاديب الاريب

د.مصطفى عطية جمعة
10-03-2007, 08:43 PM
دائمًا تسبقنا للخيرات
ودائمًا تكون تعليقاتك غاية في الشاعرية والدقة
لك شكري وحبي وتقديري

جوتيار تمر
10-03-2007, 09:35 PM
د. مصطفى ..........
احيانا يتسائل المرء عن الثوابت في الكون والنفس البشرية، فتتوقف الذات نفسها عند نقاط لايمكن ان تتغير في سنن الكون ،لذا نجد بان في الكون اصل لايتغير ولايتبدل ، وما ضبط القوة وتصريفها وتوجيهها الا من شأن هذا الاصل، وفي الانسان يضا ما يلزم الضبط، الذي من شأنه ضبط معاني الانسان وتصريفها وتوجيهها على مقتضى الكمال،ولعل ما يلزمه الدين على الانسان يعد ابرز هذه الضوابط، لانها بالاجمال طرق ثابتة لتحسين صورة الانسان كونه انسانا، وتثبيتها اما بالتكرار او ادخالها في ناموس طبيعي حتى تجري في النفس مجرى العادة، وجعلها بكل ذلك قوة في باطنها.
وفي قصة عبدالحميد نجد هذه الضوابط وقد تمثلت باعتقاد ثابت لاتهادن فيه، بلا حتى عندما لاحت ساعته ظهرت على جبينه علاماتها..فكانت طريقا الى القيام بالعمل الملزم عليه دون اي تهاون،وهنا يستحضرني الشائع بين الناس وما يكرره البعض بانه شعر بنهاية ساعة فلان او فلانة، لااظنها بامور خارقة لانها في امثال عبدالحميد تعد امور تثبيتية اكثر ما هي امور خارقة، فهذه النفس التي تعودت على اداء فروضها كانها نفس انسان لايمكن ان تتجاهل ولو قليلا انها ساعية لنهايتها في اية لاحظت لذا عندما تقترب النهاية تكون هي في استعداد نفسي جيد مع ظهور علامات عليها تبرهن اشرافها على النهاية وهذا ما يلاحظه امثاله وقرنائه.
وفي قصة عبدالحميد تأكيد على ماقلناه ومعها وجدت بانها قصة تريد ايصال رسالة ليست بجديدة لكنها رسالة تذكيرية مهمة بان حلول النهاية شيء لامجال للخوض فيه لان ات بلا شك، لذا الاستمرارية في الاداء الجيد دون توقف الى النهاية التي لايعلم الا بعلامات قريبة او بلحظات حدوثها امر لابد ان لايستغني عنه الانسان اي كان.
وما توقفت عنده في هذه القصة ان هذه العلامات ظهرت على عبدالحميد منذ بداية يومه وقيامه باداء واجبه، ولكن موقف الاخت الضريرية اضفت على القصة اجواء اكثر انسانية، بالاخص قولها لقد فعلتها يا عبدالحميد، وكأن هذا الموضوع ،موضوع الموت كان قد سبق وان تحدث الاثنان فيه بحيث اتخذ كل واحد منهما موقفا منه،وكل واحد اراد ان يسبق الاخر وكأنه لايريد حمل عبء فراق الاخر، وفي قول الاخت لمحة انسانية تحمل جوانب كثيرة منها انها الضريرة كانت تشعر بانها عبء على اخيها لذا ارادت النهاية لنفسها لكنها في الوقت ذاته اثارت قولا لايمكن عده طبيعيا، فعلتها..انها تعني الكثير اذا ما فكرنا فيها وهذه تضيف على القصة الصبغة الانسانية البحتة..ولا ننسى الموقف الاجتماعي الذي ظهر في القصة من خلال اجتماع الناس وكثرة القيل والقال التي لايمكن ان يخلو اجتماع منه.
وفي كلمات عبدالرزاق رؤية واضحة لكل ما قلناه .

تقديري ومحبتي
جوتيار

د.مصطفى عطية جمعة
12-03-2007, 04:02 AM
الأخت جوتيار الكريمة
أشكرك مرتين :
الأولى : على قراءتك المتفاعلة للقصة التي تدل على عمق في التلقي د
الثانية : على تعقيبك الشاعري الذي لامس أجواء القصة ، مما شكّل لها ، ولي ، إضافة فاعلة
تحيتي وشكري

خليل حلاوجي
12-03-2007, 02:55 PM
انها ابجدية النور يااديبنا العزيز .... الحبيب جوتيار

ابجدية لايدرك حروفها الا الذين صبروا ولاحقوا الاستبصار في ملكوت الله


\

شكرا ً

راضي الضميري
13-03-2007, 04:04 PM
قصة رائعة تذكرنا بموعد لا موعد محدد له، وتعطينا إشارات واضحة ... إنتبه يا إنسان قبل فوات الآوان .

شكراً لك

تقبل تحياتي

د.مصطفى عطية جمعة
13-03-2007, 09:10 PM
أستاذ خليل : تظل قراءاتك الفاعلة لما أكتبه نورًا يشحذني للمزيد ، وسأظل أنتظر ردودك دائمًا على ما أكتبه ، فرغم تعارفنا الإلكتروني ، تحابت قلوبنا . خالص شكري لك
أستاذ راضي : سعيد بهذا التعارف الإلكتروني ، وأتمنى أن يتعمق مستقبلاً ، وتقبل شكري لتعليقك المرهف الذي ينم عن تلقي عالي المستوى

هيكل النومي
04-08-2007, 11:36 AM
لا أدري..

هل تغيّرت تلك الصورة لذلك الرجل عما قرأت من قبل عند الكثيرين..

سأحاول الرجوع إلى صور أشخاص القصة..

فأنا متأكد أنها معتادة بالنسبة لي قراءة لا تجربة..

دمت بخير ..

أبحث عن الجديد

د.مصطفى عطية جمعة
05-08-2007, 04:26 PM
لا أدري..
هل تغيّرت تلك الصورة لذلك الرجل عما قرأت من قبل عند الكثيرين..
سأحاول الرجوع إلى صور أشخاص القصة..
فأنا متأكد أنها معتادة بالنسبة لي قراءة لا تجربة..
دمت بخير ..
أبحث عن الجديد

المبدع الجميل / هيكل النومي
أشكرك على قراءتك الفاعلة للنص
فكما وضح من تعليقك ، إنك عشت مع الشخصيات وتمعنتها .
لك شكري وتقديري

مجذوب العيد المشراوي
05-08-2007, 07:29 PM
الله ..

هنا روعة الشكل وروعة المضمون هنا كل ما كنت ُ أريد أن أوصله لأصدقائي .

يا عم الله يخليك وينعم عليك سأحتفظ به في صدري يبدو ربع قرن أخرى طبعا إن ..

زاهية
07-08-2007, 09:42 AM
هذا الشعور وحتى حضور تلك الأرواح لايعرفه إلا من عاشه في لحظة ما يخر فيها ساجدًا للحي القيوم فالغيبيات لاتتجلى إلا لمن شاء الله وهي موجودة وأشهد على ذلك لما رأيته من أناس كانوا بالقرب مني ثم رحلوا ،ولكنها للصفوة فقط وربك وحده يعلم مَن مِن الصفوة وسره بأضعف خلقه ولو أنكر المنكرون ..المهم أن يظل هذا الإحساس في قلبٍ صادق المحبة للربِّ عزَّ وجل نقي السريرة قابضًا على دينه مؤمنًا بعقيدته وسيعوده الإحساس هذا مرات ومرات ..سبحان ربي الحي القيوم ..
جزاك الله الخير أخي المكرم د.مصطفى
أختك
بنت البحر

ناديه محمد الجابي
13-04-2017, 08:14 PM
قصة معبرة ومؤثرة وذات رسالة
أبدعت نسجها بقوة وتألقت في إظهار الفكرة التي وفقت في إيصالها.
اللهم أحسن خاتمتنا جميعا
تحياتي وتقديري. :0014:

مصطفى الصالح
23-04-2017, 02:48 PM
شكرا للأستاذة نادية لاستخراجها هذا النص الذي بلغ عشر سنوات من النشر
الأسلوب فريد ومتميز، هاديء لكنه يموج موجا، كيف استطعت ضبطأعصابك!!
اللغة جميلة ومتناسقة وخالية تقريبا من الشوائب
استخدام فنية أكثر من شخصية متحدثة أربكني بداية حيث كان لا بد من مقدمات
جميلة الفكرة رغم أنها مكررة لكن طريقة الطرح مختلفة والاسلوب كذلك
النهاية موفقة

تقديري