المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجل وامرأة.. ومرآة ( مقال لسعدية مفرح )



محمد سامي البوهي
13-03-2007, 03:38 PM
رجل وامرأة.. ومرآة!
12/03/2007
هو وهي.. وكثير من كلام مؤجل في قاع الروح حيث البداية والنهاية نقطة تتلاشى في الغيب، وحيث الغيب صور كثيرة وعناوين جميلة للمستقبل، وللاخرين المنشغلين بتسجيل انجازات البشر السرية تحديدا.
هو وهي.. واغنية لا تنتهي بانتهاء الموسيقى او الكلمات، بل تظل تسري في شرايين الوجد بسمته الصوفي اذا كان ينبغي ان يكون له سمتا ما لتصير في النهاية غايته الأولى والاخيرة، ولتصير منتهاه الاثير.
هو وهي.. وحنين دافق لاشياء صغيرة لا تحمل اسماء معينة، وحكايات مثيرة، وشوارع ترابية وبيوت بأبواب مفتوحة دائما، والوان مبهجة، وعيون صغيرة مزدحمة بذكائها الخارق، وكراسات محتشدة بقصائد بدائية مستلة من ذاكرة فقيرة.. له ولها.. كل على حدة احيانا، ومعها غالبا.
يأخذها حنين الكلمات الى بهائها الأول، حيث اكتشاف النار والجليد، وحيث الدهشة تسري في العروق كأنها تؤسس لحضارة كونية لابد منها وان كره الكارهون، وحيث البدايات الاحلى دائما.
ويأخذه حنين الكلمات الى مصيرها الاخير، حيث النار المنطفئة بماء الجليد الذائب قسرا، وحيث تتحول الدهشة السارية في العروق الى نوع مندثر من الحضارات الضالة في تاريخ البشر، وحيث النهايات الاكثر صدقاء كما يروج الكارهون دائما.
تأخذها الذكرى الى غياهب النسيان لعلها تنسى..
وتأخذه الذكرى نفسها الى لجج الانتصارات المتلاحقة لعله يتذكر.
كانت اكثر من رائحة تلك التي عبقت في ارجاء الروح ومساحة الغرفة الصغيرة المزدحمة باثاثها القليل ومرآتها الغريبة عن المكان كله حيث بدت مزدحمة بوجوه فضولية باردة وبلا ملامح، واشباح الاخرين، وحكاياتهم المنسية على الطاولات الصغيرة والارائك المريحة والارضية التي لا تكاد تبين ازدحاما.
لكن الرائحة العابقة في الارجاء كانت اكثر من رائحة بالفعل، فقد انشغلت المرأة المندهشة بتفسيرها وهي تحاول اكتشاف المكان ذي التفاصيل المتنافرة، وانشغل الرجل المندهش بتفسيرها وهو يحاول استيعاب المكان بتفاصيله التي بدت له جديدة تماما.
تشبه رائحة زهرة الليمون في تفتحها الأول، او لعلها رائحة بحيرة تكونت للتو في ضيافة الغيم والنوارس المنتشية، او لعلها رائحة القهوة الثقيلة كما تحب تلك المرأة ان تصنعها بفيض المحبة ووابل الحنين وقليل من الاحتراف.
كان الضوء القليل كافيا ليحيط الرجل والمرأة الغارقين في الحلم المشترك في غبش النهار وهما يحاولان رسم خريطة جديدة لتضاريس علاقة قديمة.. بدت الخريطة في نهاية الامر اكثر تعقيدا مما كانا يحلمان، وكان النهار قد تخلى عن وضوحه التاريخي المضيء ليترك لهما المكان اكثر وضوحا واقل اضاءة.
كانا يحلمان.. يحلمان فقط.
لكن الاحلام وحدها غير كافية لرسم الخريطة بالوان مناسبة لهما وللاخرين، رغم انها تستطيع ان تسير بسفن تلك العلاقة في بحر الوهم سنة او سنتين او ثلاث سنوات، الا ان السنوات سرعان ما تتلاشى ليبدأ الزمن دورته التاريخية بعيدا عن وطأة الحنين.
انسحبت الرائحة الشهية من ألفة المكان الضيق، وعبقت بدلا منها رائحة لحم بشري يحترق بنيران الشقاء الابدي.
وكان الرجل والمرأة يفتشان في المكان بحثا عن ذلك اللحم المحترق واقفين امام المرآة الغريبة عما حولها.
سعدية مفرح
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
*سعدية مفرح :
شاعرة كويتية ، صدر لها عدة دواوين شعرية آخرها (تواضعت أحلامي كثيراً ) ، وتشغل منصب رئيسة الصفحة الثقافية بجريدة القبس الكويتية .
* المقال منقول من جريدة القبس الكويتية .

سحر الليالي
13-03-2007, 07:57 PM
الرائع "محمد البوهي "

سلمت على هذا النقل الرائع ...وبحق إن "سعدية المفرح " من أروع الشاعرات وأشعارها جميلة جدا

وخاصة في ديوانها "تغيب فأسرج خيل ظنوني"
فهو من أروع دواوينها وخاصة قصيدة ""فأسرج خيل ظنوني»هذه التوليفة من الرومانسية والحرب والغياب...
واذكر أبيات جميلة جدا:

وحين تغيب يكون حضور غيابك اشهى
وحين يغيب الغياب يكون حضورك ابهى،
فكيف يكون الحضور غياباً، وكيف يكون الغياب حضوراً، والغياب سراب؟

وأعجبت كثيرا بمقولتها :
الغياب لا يعني الفقد، الفقد هو حالة نهائية لكن الغياب لدى يعني حالة انتظار حضور وأمل وضوء في آخر النفق.


شكرا لك أخي محمد
ودمت بكل خير

وتقبل خالص تقديري وباقة ورد وفل