تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قلم كحل أسود



د. نجلاء طمان
24-03-2007, 09:18 AM
قلم كحل أسود

وقفتْ أمام المرآة تكتحلْ بهدوء على ضوء أشعةٍ تتلصصْ من ثقوب النافذة ...طرقات على الباب يعقبها دخول أختها الشابة..التى تمد يدها عفويا تضيء المصباح... ينتشر الضوء ...ترى وجههاً فى المرآة..تتعجبْ..أهذا وجهها؟ كأنما نامت فى الكهف واستحالت غريبة.. وأصبح وجهها .. وجهاً قديماً تعششْ فى جانبيه الغبار..تقف أختها بجانبها تتاملها فى انبهار ثم تقول:
يالكِ من باهرة الحسن.
تجيب فى سخرية : حقاً!
نعم أنت تعرفين.
تبتسم فى مرارة..بدون أن تتكلم.
تعقب أختها وهى تدرى سر مرارتها:
أدرتِ رؤوس الرجال!
في إيجاز تجيب :
آه! نعم .الرجال يحبون الجمال.
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
هل تعلمين ؟ أنت أكبر منى بسبع سنوات , ولكن من يراك معي يعتقد أنك أصغر منى, أنت لا تكبرين يا أختاه!
تضع خاتما فى إصبعها.. كل شىء يصيرْ الى غيره..انها دورة الأيام.. تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن... ولهذا تهطلُ فى غابة نفسها أمطار الحزن ,يعودْ صوت الأخت فيتوقف المطر:
لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية...تكتحلْ بدمع العمر المسروق.. ويتشحْ ضباب المآقى بندفٍ من عسل... يغرقْ فى ليل أسود .. يعودُ صوت الأخت من جديد ,فتعودُ المرآة الضائعة من جديد:
هل تعلمين ؟ أحيانا أشعرُ بالشفقة على زوجك السابق !
ترد فى لا مبالاة وهى تكتحل :صحيح! ولماذا؟
:جمالك أفقده صوابه.
يجمدُ القلم فى يدها... المرآة تتحول الى دوائر ماء يتوسطها وجهها... وصوته يأتى صارخاً فتهتزُ الدوائر فى عنف:
أيتها الجميلة كم رجلا تعشقين؟
هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!
كم عدد عشاقك يا فاتنة؟
أخبرينى يا أسطورة الجمال كم عددهم؟
ويتسلل صوتها ضعيفا مختنقا: اتركنى أنت مجنون.. مجنون!.
ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
بقلم: الوردة السوداء

جوتيار تمر
24-03-2007, 09:31 AM
الوردة السوداء..
يتفق ان يتهاوى حولنا ديكور حياتنا اليومية في حطام،المرأة، الليل، النهار،،اللباس،الترام، اربع ساعات في المكتب او المصنع،وجبة اكل،الترام،اربع ساعات من العمل، الاثنين،الثلاثاء،الاربعاء ، الخميس،الجمعة،السبت،كلها في نفس الايقاع ،والطريق يسهل السير فيه معظم الوقت، ولكن كلمة لماذا تظهر ذات يوم واذا كل شيء يبدو متعبا ملونا بالدهشة، كل شيء...لقد احسن انتقاء اللفظتين،اذا لم نغص في ارتابة ونغرق في السبات ثانية،فاننا نبدأ بالنظر الى حولنا بأعين جديدة ونشرع في مغامرة ملأى بالمخاطر،في مجابهة لهذا المقلق من الحياة،العبث،ويداهمنا حس بمرور الزمن نحن نعيش في المستقبل غدا.فيما بعد..وعندما تتوظف، عندما تكبر ستفهم، هذا اللاتلاحق رائع،لان المسالة في الواقع مسالة احتضار ان تمردنا على انقضاء حياتنا هذا وجه اخر من اوجه العبث.

الوردة السوداء هي لدغة من لدغت كامو..

تقبلي مروري السريع..والغير وافي اكيد...

محبتي لك
جوتيار

محمد سامي البوهي
24-03-2007, 09:46 AM
السلام عليكم ورحمة الله


الأستاذة الأديبة / الوردة السوداء

جاء عنوان النص موحياً ، ومقدماً لإفرازات قالب القصة ، المطبوع بظلال سوداء .

قلم كحل أسود ........

التقديم هنا بقلم الكحل به نوع من استغلال الإيحاءات ، والمدلولات اللفظية ، فالكحل رمز للجمال ، أو وسيلة من وسائل الوصول اليه ، وتدعيمه ، جاء اللون الأسود ليختلط بهذا الجمال ، فينعكس على مرآة مجنونة ، لا تريد الشخصية المحورية رؤية وجهها بشكل واضح ، فهي تحاول أن تجمل نفسها بالكحل على بصيص من الضوء يساعدها فقط على هذه المهمة ، دون الخوض في تفاصيل هذا الوجه الذي تخاف مواجهته ، إلى أن جاءت أختها بضوء المصباح كاشفتاً عن ملامح لا ترضيها (ملامح قديمة ) ، ولكنها ترضي أختها ، أو ربما تجاملها ، بحوارها الذي مسح بعبارات رفع المعاناة ، والدعم المعنوى ، إلا أن اللون الأسود كان هو السمة المخضبة لحياتها ، فمنه تتجمل ، ومنه تدثر ماضيها القديم ، وقد وظفت الكاتبة فلسفة الألوان توظيفاً إيجابياً لخدمة النص ، بتكرار ذكر اللون الاسود في مواضع عديدة ، سواء كان ذكراً مباشراً ، أم موحياً(قلم الكحل ، كهوف ، فراء الليل ، النظارة السوداء ، ظلام الغرفة ) ، إلا أنني أهمس إلى أديبتنا الرائعة ، بأن الحوار كان في حاجة إلى ضغط التركيز بشكل أوضح ، لكن القصة في مجملها هي عميقة ، وذات أدوات موظفة ، بداية من العنوان ، والاستهلال ، والحوار ، ثم النهاية التي تعرب عن تمسك البطلة بهذا اللون ........

الوردة السوداء .... التوقيع باللون الأسود .... صورة لوردة سوداء .... اللون الأسود في القصة !!!

ما هو سر التشاؤم ، أم هو منحى جمالي بالسواد ؟!

محمد

د. نجلاء طمان
24-03-2007, 04:08 PM
الوردة السوداء..
يتفق ان يتهاوى حولنا ديكور حياتنا اليومية في حطام،المرأة، الليل، النهار،،اللباس،الترام، اربع ساعات في المكتب او المصنع،وجبة اكل،الترام،اربع ساعات من العمل، الاثنين،الثلاثاء،الاربعاء ، الخميس،الجمعة،السبت،كلها في نفس الايقاع ،والطريق يسهل السير فيه معظم الوقت، ولكن كلمة لماذا تظهر ذات يوم واذا كل شيء يبدو متعبا ملونا بالدهشة، كل شيء...لقد احسن انتقاء اللفظتين،اذا لم نغص في ارتابة ونغرق في السبات ثانية،فاننا نبدأ بالنظر الى حولنا بأعين جديدة ونشرع في مغامرة ملأى بالمخاطر،في مجابهة لهذا المقلق من الحياة،العبث،ويداهمنا حس بمرور الزمن نحن نعيش في المستقبل غدا.فيما بعد..وعندما تتوظف، عندما تكبر ستفهم، هذا اللاتلاحق رائع،لان المسالة في الواقع مسالة احتضار ان تمردنا على انقضاء حياتنا هذا وجه اخر من اوجه العبث.
الوردة السوداء هي لدغة من لدغت كامو..
تقبلي مروري السريع..والغير وافي اكيد...
محبتي لك
جوتيار

هو الهروب سيدى الفيلسوف
الهروب من الألم
من الملل
من الجمال
ان كان يخلف الألم
من ملامحنا وشخصياتنا
انه الهروب.
لم تغص فى فلسفة مشاعر البطلة
لذا أطمع فى مرور آخر.
أعطرتنى بشذاك
الوردة السوداء.

د. سلطان الحريري
24-03-2007, 06:18 PM
الفاضلة الوردة السوداء:
لم يتسن لي المرور قبل الآن للترحيب بك ، وآثرت أن يكون ترحيبي في التعليق على هذا العمل الجميل في أدواته وفي طريقة عرضه .
كنت أومن دائما بأن القاص الذي يجب تقديره هو الذي يساعدنا على اجتلاء النواحي المجهولة والانبعاثات الغامضة في شخصية تمثل حياة بعضنا ، ولذلك فإنه يطلق خياله في البحث عن الأفعال التي تترك إيحاءات وظلالا نكتشفها من عمق الشخصية .
وبعد أن قرأت القصة أتيت على رد القاص المبدع محمد سامي البوهي فوجدته قد أحسن الوصف ، ودخل في تفاصيل اللون الذي كان علامة بارزة في هذه القصة ، فله مني التحية على ما قدمه من نقد إبداعي أضاء جوانب مهمة في القصة .
فقد كان عنصر اللون هو العنصر البارز في القصة ، وإيحاءات اللون واضحة المعالم ، وهي مع وضوحها للقارئ تشي بإبداع في إيصالها له ، فليس المهم في أي عمل بساطة الرمز ، وشيوعه ، بل المهم القدرة على تقديمه بأسلوب جديد ، وقد وفقت إلى حد كبير في ذلك ، مع أنني أرى مبالغة في بعض جوانب التعبير عنه ، في مثل قولك :" تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . "
وقد يكون مرد ذلك إلى عمق الحالة الشعورية للشخصية ، ولكن كان يمكن التعبير عنه بأقل مما رأينا .
ويبقى أن هذا الذي جرى من وصف هو ترجمة حقيقية لجوانيات الشخصية .
وأجدني مشدودا للتعبير عن لغة القصة ، فهي لغة شاعرية بسيطة نجحت الكاتبة من خلالها في التعبير عن أعماق الشخصية بوصفها أمارة خفية على خصائصها .
وأما الحوار فقد استغلته الكاتبة في سعي منها لتطوير الأحداث ، واستحضار الحلقات المفقودة ، ورفع الحجب عن عواطف الشخصية ، وشعورها الباطن ، ولكنني أذهب مذهب أخي البوهي في ضرورة تكثيفه ، ليكون أكثر تعبيرا عن طبيعة الشخصية ، ولا اقصد هنا الصنعة والافتعال ، بل أقصد التكثيف التلقائي الذي يحترم ذوق المتلقي ، ولاسيما أن أبعاد الشخصية التي رسمتها ، لا تحتمل التسطح والبساطة المغرقة.
أعجبتني القصة فدخلت للتعبير عنها بكلمات متواضعة ، ترحيبا بصاحبتها .
الوردة السوداء
لك خالص الود والتقدير

الشربينى خطاب
24-03-2007, 11:04 PM
الفاضلة / الوردة السوداء
الفكرة التي تسكن الكاتبة وتسيطر علي مشاعرها وأحاسيسها وتلح عليها في الخروج في شكل تعبيري أدبي تبحث له القاصة البارعة عن معادل موضوعي يعادل هذا الإحساس الذي بسطر عليها فاختارت له في النص ، آداه من الأدوات التي تستخدمها النساء في إبراز جمالهن الظاهر للعيان من صفحة الوجه ـ الوجنات والشفاه والعيون وما حولها ـ
{ لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية }واختيار المبدعة { قلم الكحل } للعين والحواجب والرموش له دلالة في النص ودائماً النساء يعرفن مواطنهن الجمالية فيزهروها، فلكل واحدة منهن طريقتها في التزين والتجمل ولهن قدرة بالغة في إخفاء العيوب الخارجية ما بالك بالداخلية ، أما نقيض الجمال الظاهر استخدمت له الكاتبة نفس قلم الكحل بعد أن أضافت له لون أسود ثم بدأت عملية التزين بأناملها القابضة علي القلم ويصارعها من الداخل قبح نتائج سوداء سابقة فاشلة كان من أهم سبب الفشل ، نجاحها في إبراز هذا الجمال للآخر
الذي ما إن نجحت في جذبه ، اكتشفت أنه يريد هذا الجمال له وحده علي عكس ما تتمناه الأنثى
{ هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!}فيبدأ الصراع الداخلي والخارجي والذي أبزه النص بالحوار الثلاثي البطلة والشخصية الهامشية ( أختها )والمرآة والمفارقة التي تدهشك في نهاية النص رغم الفشل بسبب الجمال الساحر إلا أنها مازالت تتجمل وستظل تتجمل وتخفي مرارتها بنظارتها السوداء بل تركت أصابعها علي القلم لحين عودتها لتتجمل من جديد
كل قراءة احتمال وتفتح علي قراءة أخري 000000
خالص تقديري واحترامي

د. نجلاء طمان
24-03-2007, 11:42 PM
السلام عليكم ورحمة الله

الأستاذة الأديبة / الوردة السوداء
جاء عنوان النص موحياً ، ومقدماً لإفرازات قالب القصة ، المطبوع بظلال سوداء .
قلم كحل أسود ........
التقديم هنا بقلم الكحل به نوع من استغلال الإيحاءات ، والمدلولات اللفظية ، فالكحل رمز للجمال ، أو وسيلة من وسائل الوصول اليه ، وتدعيمه ، جاء اللون الأسود ليختلط بهذا الجمال ، فينعكس على مرآة مجنونة ، لا تريد الشخصية المحورية رؤية وجهها بشكل واضح ، فهي تحاول أن تجمل نفسها بالكحل على بصيص من الضوء يساعدها فقط على هذه المهمة ، دون الخوض في تفاصيل هذا الوجه الذي تخاف مواجهته ، إلى أن جاءت أختها بضوء المصباح كاشفتاً عن ملامح لا ترضيها (ملامح قديمة ) ، ولكنها ترضي أختها ، أو ربما تجاملها ، بحوارها الذي مسح بعبارات رفع المعاناة ، والدعم المعنوى ، إلا أن اللون الأسود كان هو السمة المخضبة لحياتها ، فمنه تتجمل ، ومنه تدثر ماضيها القديم ، وقد وظفت الكاتبة فلسفة الألوان توظيفاً إيجابياً لخدمة النص ، بتكرار ذكر اللون الاسود في مواضع عديدة ، سواء كان ذكراً مباشراً ، أم موحياً(قلم الكحل ، كهوف ، فراء الليل ، النظارة السوداء ، ظلام الغرفة ) ، إلا أنني أهمس إلى أديبتنا الرائعة ، بأن الحوار كان في حاجة إلى ضغط التركيز بشكل أوضح ، لكن القصة في مجملها هي عميقة ، وذات أدوات موظفة ، بداية من العنوان ، والاستهلال ، والحوار ، ثم النهاية التي تعرب عن تمسك البطلة بهذا اللون ........
الوردة السوداء .... التوقيع باللون الأسود .... صورة لوردة سوداء .... اللون الأسود في القصة !!!
ما هو سر التشاؤم ، أم هو منحى جمالي بالسواد ؟!
محمد

الأديب محمد البوهى : فارس الواحة
تحليلك للقصة يوحى أنك
تمتلك مقدرة تحليلية رائعة
بقصد أو بدون قصد
أصبت الحقيقة إلى حد بعيد
فالقصة حقيقية مئة بالمئة
فالجميلة بطلة القصة
تدفع ثمن جمالها
لفشل فى حياتها
فزوجها أحبها لدرجة الجنون
وعاقبها على هذا الجمال
بشك وغيرة أحالت حياتها جحيما
وأصبحت الجميلة
تكره جمالها لأنه كان سبب أساسى
فى آلامها .. ووجدت نفسها
شيئا فشيئا تخاف رؤية وجهها
فرؤيته تجلب لها ذكريات عنيفة
وآلام لا حصر لها
فالسواد فى القصة هو ترجمة
تعقيبية لمشاعرها الداخلية
هو حجاب تحجب به رؤية وجهها
الفائق الجمال والفائق الحزن فى ذات الوقت
السواد هو غطاء تريد أن تخفى به الماضى

أعطرتنى بأجمل شذى أيها الفارس
الوردة السوداء

مأمون المغازي
25-03-2007, 01:10 AM
قلم كحل أسود
للأديبة : الوردة السوداء
بين الحقيقة والوهم

بداية لابد أن أشيد بالقراءتين البارعتين لأستاذي الدكتور : سلطان الحريري ، والأستاذ القاص : محمد سامي البوهي .
قرأت هذه القصة وكأني أشاهد هذا المشهد رأي العين وأسمع الحوار في لحظة انفصال عن الواقع وهذه أول مهارة استغلتها القاصة .
الدخول والإدخال :
في هذه القصة هجوم مباشر على الحدث، ولكنه هجوم متيقن ، كانت القاصة موفقة فيه إلى حد كبير ، وقد بدأ ذلك من العنوان ( قلم كحل أسود ) ولا يمكن أن أتناول العنوان دون الغلق في هذه القصة بالتحديد حيث القلم ، اللون الأسود ، حيث كانت العلاقة الممتدة بين العنوان والغلق ليكونا معًا الإناء الذي احتوى جزئيات القصة .
القاصة في هذا العمل تتناول حالة واقعية ، سواء كانت قد عايشتها ، أو استحضرتها من واقع الحياة ، أو ربما هي قصة سيدة في محيطها ، أو زوج ذهبت الغيرة بلبه في محيطها هو الآخر .
ومن الملاحظ أن القاصة دخلت بنفس العنوان إلى المشهد الأول ليتحول العنوان إلى قصة وليس إشارة أو رمزًا :
وقفتْ أمام المرآة تكتحلْ بهدوء على ضوء أشعةٍ تتلصصْ من ثقوب النافذة ...طرقات على الباب يعقبها دخول أختها الشابة..التى تمد يدها عفويا تضيء المصباح... ينتشر الضوء ...ترى وجههاً فى المرآة..تتعجبْ..أهذا وجهها؟ كأنما نامت فى الكهف واستحالت غريبة.. وأصبح وجهها .. وجهاً قديماً تعششْ فى جانبيه الغبار..تقف أختها بجانبها تتاملها .
نلاحظ أن الشخصية المحورية في القصة ـ على الرغم من يقينها بجمالها ـ تكتفي بأشعة الشمس المتسللة عبر النافذة ، وهنا استوعبت القاصة الحدث كاملاً وكان من الممكن أن يفلت منها خيط القص ، إلا أنها تداركت ذلك حين استخدمت الحوار فأعاد هذا الحوار الدفة إلى يد القاصة ، إلا أنه تسبب في بعض الترهل ، حيث أتفق مع الأستاذ محمد البوهي وأستاذنا الكبير : سلطان الحريري في أن الحوار كان يحتاج التكثيف فقد طال ، وجاءت عباراته بشكل مسرحي كان يلزمه تشذيب لزوائده ، إلا أنه على الرغم من ذلك خدم العمل ، وخدم التنقل من حالة لحالة ، خصوصًا أن القاصة استعملته ممزوجًا بالسرد .
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
هل تعلمين ؟ أنت أكبر منى بسبع سنوات , ولكن من يراك معي يعتقد أنك أصغر منى, أنت لا تكبرين يا أختاه!
هنا مفترق الطرق .
هنا نتبين تمامًا أن الشخصية المحورية تعيش أزمة نفسية ، وهنا أجادت القاصة في استعمال الحوار بين الشخصية المحورية واختها ، حيث لم يطل الحوار ، وإنما جاء كومضة كاشفة كانت القاصة موفقة فيها ، ولو أنها تخلت عن إغراء اللغة لها في وصف الحالة الشعورية لبلغت حد التفوق ، لكن هذا المشهد بارع ، أجادت فيه القاصة استعمال مهاراتها . وقد تبين ذلك من كونها لم تنس دور المرآة وهي الرابط بين الواقع والتاريخ ، كما نلمح من خلال المشهد حنو الأخت الصغرى على الأخت الكبرى والتي أرهقها جمالها ، لنتبين حالة إنسانية في غاية الروعة .
تضع خاتما فى إصبعها.. كل شىء يصيرْ الى غيره..انها دورة الأيام.. تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن... ولهذا تهطلُ فى غابة نفسها أمطار الحزن ,يعودْ صوت الأخت فيتوقف المطر:
لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية...تكتحلْ بدمع العمر المسروق.. ويتشحْ ضباب المآقى بندفٍ من عسل... يغرقْ فى ليل أسود .. يعودُ صوت الأخت من جديد ,فتعودُ المرآة الضائعة من جديد:
هل تعلمين ؟ أحيانا أشعرُ بالشفقة على زوجك السابق !
ترد فى لا مبالاة وهى تكتحل :صحيح! ولماذا؟
:جمالك أفقده صوابه.
هنا بداية الانفجار المكتوم :
القاصة هنا تستجمع الخيوط وتستجمع الأدوات وتحاول تكثيف المشهد لتستعد للخروج ، إنه خروج الشخصية المحورية وخروج القاصة من حالة القص ، وهنا استحضار رائع للماضي والحاضر ، وكان الدخول إلى المشهد موفقًا من خلال الخاتم ، هذا الخاتم الذي يوحي بالامتلاك ، تمام الزينة ، الاستعداد إلى إنهاء التجمل ، الخروج من أسر المرآة ، ليأتي صوت الأخت بالذكرى ، بالألم ، بالوجع ، بالفقد .
أحيي القاصة على هذا المشهد حيث تمكنت بالفعل من أدواتها وسيطرت على القصة وحجمت تدخلها كقاصة ، كما أحييها على استخدامها لهذا التعبير ، الذي أعجب الشاعر : شاهين أبو الفتوح ( تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن ) كما أعجبني أيضًا ، وهنا إيحاء بالارتباط بالبيئة .
يجمدُ القلم فى يدها... المرآة تتحول الى دوائر ماء يتوسطها وجهها... وصوته يأتى صارخاً فتهتزُ الدوائر فى عنف:
أيتها الجميلة كم رجلا تعشقين؟
هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!
كم عدد عشاقك يا فاتنة؟
أخبرينى يا أسطورة الجمال كم عددهم؟
ويتسلل صوتها ضعيفا مختنقا: اتركنى أنت مجنون.. مجنون!.
ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هنا التقاء الحقيقة بالهذيان :
هنا قصة تامة العناصر ، ولكنها مترتبة على ما سبق مرتبطة به ، هنا تلعب الكاتبة على الوتر النفسي ، والضغط العصبي ، لتنطلق حالات الاسترجاع ، تهجم على الحاضر ، حالة القيد الذي تعيشه الشخصية المحورية ، ومرة أخرى الألم ، الوجع ، الفقد ، وعلى الرغم من أن القاصة سبق ولعبت على هذا الوتر ، إلا أنها هنا قامت بتنميته بطريقة مكثفة جميلة تعوض الانفلاتات السابقة لتلعب كل العناصر دورها :
الصوت
اللون
الضوء
الحركة
في مزج مع :
الحاضر
الماضي
المعاناة
حالة التذكر ، أو ما يمكن أن أسميه بالبعث ، وهنا تبرز شخصية الأخت أكثر .
هنا تلعب القاصة ببراعة بالتشكيل والتخييل لتدخل بنا إلى حالة درامية خيالية ، وظفت فيها الخيال لخدمة الواقع ، فقد تمكنت من نقل الواقع ( المسرح الزمني والمكاني ) من حالته الواقعية إلى حالة خيالية لتجد إمكانات أكثر تحرر حيث تلعب المرآة دورها الذي أطالت القاصة في التمهيد له ، فلم تعد المرآة مرآة ، وإنما هي الذكريات التي تحولت إلى حقائق واقعة في لحظة القص لتجتمع الآلام .
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
التخلص :
هذا غلق جيد حيث النقلة من حالة المرآة والانعكاسات إلى الحقيقة والواقع ، وهنا أداء رائع ، سواء جاء بقصد أو غير قصد ( وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة ) لقد لبست النظارة السوداء لتخفي عينيها ، تخفي آلامها ، وتمد يدها لتطفئ ضوء الغرفة ، لاحظ أن التي أشعلته كانت الأخت ، التي قامت بالتذكير ونبش الجرح ، وهنا الشخصية المحورية هي التي تقوم بالتخلص فهي التي تظلم المكان ، تطفئ ذكرياتها ، تواري جمالها ، هذا الجمال الذي أوقعها فيما هي فيه .
وتغلق الكاتبة نهائيًا ( نسيت أصابعها على قلم الكحل الأسود ) لتفتح القصة من جديد .
في هذه القصة :
تناولت القاصة قضية اجتماعية نفسية ، إنها المرأة فاتنة الجمال في مجتمع لا يتعامل مع المرأة إلا على أنها مثار الشهوة ومحلها ، ليكون الزوج هو الضحية ، ولكن ، هل هو المسؤول الوحيد عما آل إليه حاله من فقد العقل ؟!
لا أعتقد ؛ فقد يبلغ الحال بالمرأة الجميلة إلى تجاوز مراحل الدل ( الدلع ) بجمالها على الزوج إلى الإثارة ، إلى التشكيك ، لتشارك المجتمع الجائع في الضغط على الزوج ليتحول الشك إلى يقين في مخيلته ، فكم من امرأة تشعر زوجها أنه غير قاد عن إشباع حاجتها للشعور بجمالها ، فيقع فريسة لفكرة أن أكثر من عاشق يعيش في قلب حبيبته وذاكرتها ، يمدح جمالها وينهل ، منه ، وهنا ألمح أن القاصة لم تبرئ شخصيتها الرئيسة ، وإنما تضعها في دائرة الاتهام .
القاصة : الوردة السوداء
لقد أثرت بقصتك هذه العديد من الحالات النفسية والاجتماعية التي تناولها العديد من الباحثين بالداسة ، والتي لا ينتهي القول فيها .
بقي أن أقول: إن كل ما ورد في هذه القراءة رأي لا يقلل أبدًا من براعتكِ وإبداعكِ .
مودتي وتقديري
مأمون

مروة عبدالله
25-03-2007, 05:42 PM
الحب فى قلوبنا كالزهرة فى البستان تحتاج لمن يرعاها
وان رويناها بدموع الذل والمرارة
لن تترعرع فى دواخلنا إلا وريقات من القسوة والجمود
والقلب الصادق كالبللورتكشف له الايام ما تخفيه اقنعة البشر
فقط لانه يستحق ان يقترن بالماس
وذاك هو قلبك عزيزتى..
دمتى بقلب من ماس لا يجدر به إلا كل نفيس
ودامت بصمتك فى قلوبنا عزفاً منفرداً على أوتار الحب الطاهر
صاحبة القلب النورانى
مادامت هناك قلوب نقيه
لم تلوثها قسوة الزمن
ولم تتسرب القسوه إليها
سيكون هناك دائما حب صادق
ولكن...
سيظل أيضا الشك فى وجود
هذا الحب قائما
أعجبتنى قصتك
وتشبهاتك
أعجبنى الحوار القائم

بين صاحبة العيون الفرعونية وبين أختها

تقبلى مرورى فى متصفحك

دمتى دائما أخت عزيزة على قلبى

أختك
مرمر

د. نجلاء طمان
25-03-2007, 11:07 PM
رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن
يا لروعة الصورة والمعنى
احترامي ومودتي
شاهين


شاهين أبو الفتوح: ملاك الواحة
أشكر متابعاتك وحضورك
سنلتقى قريبا

أعطرتنى بأجمل شذى

الوردة السوداء.

جوتيار تمر
26-03-2007, 10:51 PM
الوردة السوداء

بطلتك كغيرها من البطلات التي اصبحن مادة سائغة للكتابة..لكثرتهن..ولكثرت ما يصيبهن من ويلات الوجود التعس هذا.. غدت جرح بملامح انسان..جرح اصابت به جراء همسة قدرية في البدء..حين سمح لنطفتها ان تتكور بهذا الشكل..ومن ثم بلدغة دنيوية حين سمحت بان يقيد او يأوي هذا الجمال داخل قضبان بشرية، وباخرى لسعة ذاتية حين غلبها في ذاتها انها قادرة بما تملكه من خلق وجود يليق بخالقها.
وليست المرآة هذه الا انعكاس عفوي في البدء لذاتها..التي رغبت في خلق وجودها حسب معطيات آنية..مدفونة في اعماقها.. علها كانت الرغبة، او الخوف ، او حتى البقاء، ومن ثم انعكاس عقلي بحت لواقعها الذي بات يحاصر كيانها المنهمك جراء تعاسة قادتها اليها كونها لم تعي معنى خلقها، ومعنى ان يسجن المخلوق خلف قضبان بشرية، البشر لحد الان لم يعي ماهية حريته، لم يعي كونه ولد بها ومنها وليس ولد من اجل الحصول عليها.
بطلتك..اتخذت السواد رمزا لتبرهن على سوداوية خلقها..والسوداوية قد تكون في نظر الاغلب محنة، كما ظهر ذلك جليا في عيون وخوف بطلتك..لكن السوداوية حياة لمن يعي ضرورة وجودها في عالم يلبس قناعين، احدهما في النهار والاخر في الليل.
السواد جاء هنا في قصتك لامحا الى وجود تعاسة مزمنة، وليس هناك تعاسة اتعس من تلك التي تاتي من الجمال، ذلك الجمال الذي قلما نجد من يعيه ومن يقدره حق قدره،وبطلتك التي دخلت في ذاتها منذ البدء صراع الجمال فارادت وخلقت غدت في النهاية اسيرة الجمال، الجمال عندما لايدرك ماهيته ولايقدر قيمته بعقلية مدركة يغرس اللاحياة في الاخر الذي يعشه فيتغير الجمال الى محنة شكية مذيبة لكل اواصر الحب والبقاء،فيصبح وبالا على صاحبه او صاحبته، هكذا غدت بطلتك، وهكذا مات فيها كل شيء يمكن ان يعيدها الى جذور القصة، جذور ما خلقته هي برغباتها ورؤيتها وطموحها الذاتي،بل وكأنها تلعن في ذاتها الجمال بعينه،وها هي اصبحت رهين السواد الذي تخافه،وتخشاه، لا لكونه يزيد جمالها فقط انما لكونه اصبح رفيق دربها، والرفيق الذي لانعي قيمته فينا لايكون فينا الا اشواك جارحة.
الوردة السوداء...
عذرا...عذرا...
لكن بلغي بطلتك..ان تنظر للسواد بعين ثاقبة..وعقل مدرك..ستجده صورة الخلق منذ الخليقة الاولى..وما سيبقى عليه الى نهاية الخليقة..!
تقديري ومحبتي
جوتيار

حسنية تدركيت
27-03-2007, 08:14 PM
اسجل اعجابي بعملك الادبي الجميل هذا

علاء عيسى
29-03-2007, 04:53 AM
قلم كحل أسود

وقفتْ أمام المرآة تكتحلْ بهدوء على ضوء أشعةٍ تتلصصْ من ثقوب النافذة ...طرقات على الباب يعقبها دخول أختها الشابة..التى تمد يدها عفويا تضيء المصباح... ينتشر الضوء ...ترى وجههاً فى المرآة..تتعجبْ..أهذا وجهها؟ كأنما نامت فى الكهف واستحالت غريبة.. وأصبح وجهها .. وجهاً قديماً تعششْ فى جانبيه الغبار..تقف أختها بجانبها تتاملها فى انبهار ثم تقول:
يالكِ من باهرة الحسن.
تجيب فى سخرية : حقاً!
نعم أنت تعرفين.
تبتسم فى مرارة..بدون أن تتكلم.
تعقب أختها وهى تدرى سر مرارتها:
أدرتِ رؤوس الرجال!
في إيجاز تجيب :
آه! نعم .الرجال يحبون الجمال.
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
هل تعلمين ؟ أنت أكبر منى بسبع سنوات , ولكن من يراك معي يعتقد أنك أصغر منى, أنت لا تكبرين يا أختاه!
تضع خاتما فى إصبعها.. كل شىء يصيرْ الى غيره..انها دورة الأيام.. تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن... ولهذا تهطلُ فى غابة نفسها أمطار الحزن ,يعودْ صوت الأخت فيتوقف المطر:
لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية...تكتحلْ بدمع العمر المسروق.. ويتشحْ ضباب المآقى بندفٍ من عسل... يغرقْ فى ليل أسود .. يعودُ صوت الأخت من جديد ,فتعودُ المرآة الضائعة من جديد:
هل تعلمين ؟ أحيانا أشعرُ بالشفقة على زوجك السابق !
ترد فى لا مبالاة وهى تكتحل :صحيح! ولماذا؟
:جمالك أفقده صوابه.
يجمدُ القلم فى يدها... المرآة تتحول الى دوائر ماء يتوسطها وجهها... وصوته يأتى صارخاً فتهتزُ الدوائر فى عنف:
أيتها الجميلة كم رجلا تعشقين؟
هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!
كم عدد عشاقك يا فاتنة؟
أخبرينى يا أسطورة الجمال كم عددهم؟
ويتسلل صوتها ضعيفا مختنقا: اتركنى أنت مجنون.. مجنون!.
ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
بقلم: الوردة السوداء


الوردة السمراء
تحية لكم الشجن بنصك
الذى جزبنى منذ الوهلة الأولى
بدءاً بالعنوان
والوسط والنهاية
إستطعتى بقلمك
خلق حالة جميلة بين الفتاة وأختها
والحالة الأجمل " الرجل فى حياة المرأة "
قصتك بها حركة جميلة
نصك بالفعل متحرك
انشددنا إليه
إنها الروعة أيتها الوردة السمراء
تحياتى

محمود الديدامونى
29-03-2007, 07:21 AM
الكاتبة الجميلة / الوردة السوداء
عشقك للألوان وخاصة للون الأسود جعلك تفردين له عنوانا
بل جزءا متصلا لا ينفصل من اسمك
لقد أفردت دراسة نقدية كاملة عن مجموعة قصصية جميلة للقاص / ياسر عبد العليم
وكان اللون أو اللوان هى عصب البناء
وهنا فى هذه القصة وجدت من الواجب بل من الحتمى عدم الذهاب بعيدا عن استخدام اللون كقيمة دالة فى بناء النص
ولن ابحث عن استشهادات أقطع بها او افكك بها النص كما يفعل التفكيكيين
بل المطلوب ان ابنى النص او أحاول خلق فضاء مناسب ومحاور للنص الذى قدمتيه
تلك المراة وتلك المرآة... حوار الجمال القديم الحديث
دلالة الكحل ، وانعكاساته على الوجه .. ودلالاته الجماليه.... وتاثيراته على المتلقى ... الرجل
وعندما يصبح الجمال طاغيا
انعكاساته العكسية على صاحبه
بالفعل لم يكن هناك من حل سوى النظارة السوداء
قصة بديعة وممتعة
تحياتى

د. نجلاء طمان
31-03-2007, 05:32 AM
الفاضلة الوردة السوداء:
لم يتسن لي المرور قبل الآن للترحيب بك ، وآثرت أن يكون ترحيبي في التعليق على هذا العمل الجميل في أدواته وفي طريقة عرضه .
كنت أومن دائما بأن القاص الذي يجب تقديره هو الذي يساعدنا على اجتلاء النواحي المجهولة والانبعاثات الغامضة في شخصية تمثل حياة بعضنا ، ولذلك فإنه يطلق خياله في البحث عن الأفعال التي تترك إيحاءات وظلالا نكتشفها من عمق الشخصية .
وبعد أن قرأت القصة أتيت على رد القاص المبدع محمد سامي البوهي فوجدته قد أحسن الوصف ، ودخل في تفاصيل اللون الذي كان علامة بارزة في هذه القصة ، فله مني التحية على ما قدمه من نقد إبداعي أضاء جوانب مهمة في القصة .
فقد كان عنصر اللون هو العنصر البارز في القصة ، وإيحاءات اللون واضحة المعالم ، وهي مع وضوحها للقارئ تشي بإبداع في إيصالها له ، فليس المهم في أي عمل بساطة الرمز ، وشيوعه ، بل المهم القدرة على تقديمه بأسلوب جديد ، وقد وفقت إلى حد كبير في ذلك ، مع أنني أرى مبالغة في بعض جوانب التعبير عنه ، في مثل قولك :" تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . "
وقد يكون مرد ذلك إلى عمق الحالة الشعورية للشخصية ، ولكن كان يمكن التعبير عنه بأقل مما رأينا .
ويبقى أن هذا الذي جرى من وصف هو ترجمة حقيقية لجوانيات الشخصية .
وأجدني مشدودا للتعبير عن لغة القصة ، فهي لغة شاعرية بسيطة نجحت الكاتبة من خلالها في التعبير عن أعماق الشخصية بوصفها أمارة خفية على خصائصها .
وأما الحوار فقد استغلته الكاتبة في سعي منها لتطوير الأحداث ، واستحضار الحلقات المفقودة ، ورفع الحجب عن عواطف الشخصية ، وشعورها الباطن ، ولكنني أذهب مذهب أخي البوهي في ضرورة تكثيفه ، ليكون أكثر تعبيرا عن طبيعة الشخصية ، ولا اقصد هنا الصنعة والافتعال ، بل أقصد التكثيف التلقائي الذي يحترم ذوق المتلقي ، ولاسيما أن أبعاد الشخصية التي رسمتها ، لا تحتمل التسطح والبساطة المغرقة.
أعجبتني القصة فدخلت للتعبير عنها بكلمات متواضعة ، ترحيبا بصاحبتها .
الوردة السوداء
لك خالص الود والتقدير
الأستاذالأديب :سلطان الحريرى
سلطان النثر
حينما يشرفنى سلطان النثر
ويعطى كل هذا الاهتمام لقصتى المتواضعة
لهو شرف لى أضعه تاجا على رأسى
أعطرتنى بأجمل شذى
الوردة السوداء

راضي الضميري
31-03-2007, 08:22 PM
أيتها الوردة ...الأديبة

\

قرأتُ ما كتبتِ

وتركتُ نفسي

مع ما قرأت

لقد أبدعتِ

تقبلي تحياتي

وخالص تقديري

محمود البدوى
01-04-2007, 03:31 PM
قلم كحل أسود

وقفتْ أمام المرآة تكتحلْ بهدوء على ضوء أشعةٍ تتلصصْ من ثقوب النافذة ...طرقات على الباب يعقبها دخول أختها الشابة..التى تمد يدها عفويا تضيء المصباح... ينتشر الضوء ...ترى وجههاً فى المرآة..تتعجبْ..أهذا وجهها؟ كأنما نامت فى الكهف واستحالت غريبة.. وأصبح وجهها .. وجهاً قديماً تعششْ فى جانبيه الغبار..تقف أختها بجانبها تتاملها فى انبهار ثم تقول:
يالكِ من باهرة الحسن.
تجيب فى سخرية : حقاً!
نعم أنت تعرفين.
تبتسم فى مرارة..بدون أن تتكلم.
تعقب أختها وهى تدرى سر مرارتها:
أدرتِ رؤوس الرجال!
في إيجاز تجيب :
آه! نعم .الرجال يحبون الجمال.
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
هل تعلمين ؟ أنت أكبر منى بسبع سنوات , ولكن من يراك معي يعتقد أنك أصغر منى, أنت لا تكبرين يا أختاه!
تضع خاتما فى إصبعها.. كل شىء يصيرْ الى غيره..انها دورة الأيام.. تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن... ولهذا تهطلُ فى غابة نفسها أمطار الحزن ,يعودْ صوت الأخت فيتوقف المطر:
لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية...تكتحلْ بدمع العمر المسروق.. ويتشحْ ضباب المآقى بندفٍ من عسل... يغرقْ فى ليل أسود .. يعودُ صوت الأخت من جديد ,فتعودُ المرآة الضائعة من جديد:
هل تعلمين ؟ أحيانا أشعرُ بالشفقة على زوجك السابق !
ترد فى لا مبالاة وهى تكتحل :صحيح! ولماذا؟
:جمالك أفقده صوابه.
يجمدُ القلم فى يدها... المرآة تتحول الى دوائر ماء يتوسطها وجهها... وصوته يأتى صارخاً فتهتزُ الدوائر فى عنف:
أيتها الجميلة كم رجلا تعشقين؟
هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!
كم عدد عشاقك يا فاتنة؟
أخبرينى يا أسطورة الجمال كم عددهم؟
ويتسلل صوتها ضعيفا مختنقا: اتركنى أنت مجنون.. مجنون!.
ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
بقلم: الوردة السوداء

الوردة السوداء / أديبتنا العصماء ووقفـة صادقة حائرة مع مجريات الأمـور وما كان من الزمــن .
بدايةً : أحيي فيك ذاك الإحساس الشفيف ، فليس كل من نظر للمرآة يومـاً يستطيع ترجمـة لحظــة مـا ، ولكـن بفكرٍ صافٍ ونظـرات ثاقبـة أرى زمـن هذه الأقصوصة استحال بقلملك إلى جـــيل كامــــل .
اخترتِ من الألوان أصفاها وأعمقهـا ليكون رمزاً لجمالك وجائت حــروفك تسطر الحــزن واحــات .
ومن وجهة نظـري :- أشمل الألوان جمالا هو الأسود وأصدق العبارات هى من كتبت عن الحـزن .
وقلم كحلٍ أســود ليس للإكتحال ، ولكن لرسـم خط الزمــن فى وقفــة فاصلــة بين النفس وذاتهـا :
تلك النفس التي تظهـر بعـدة صـور منها
- ما يقتضي أن تكون عليه أمام الآخرين
- ما تحب أن تظهر به أمام مقربيها
- ما لا تستطع تغييره عندما تتعرى من لباس التجمـل فيحل الصدق محـل التصـنع .
وأراك قد ترجمت كل هذه الوقفات متمثلةً فى النقطــة الأخـيرة .
نعم : هي وقفة صادقة وإن كانت لا تخلـو من التشويش ولكن هذا الأخـير ما هو إلا من استحضار الذكرى .
الذكرى التي تعد من وجهة نظر الأخت الشابة هي المستقبل . وكأني أسمع تلك الأخت ولسان حالها يقول ( ذكريات الزمن القادم ) .
ولكن : نسأل الله أن يجنبنا التطير والقنوط .
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
ولما اليأس ؟ ألا تذكرين بداية اللحظة عندما كانت أشعـة النور تحاول استراق البصر لترقب جمالها ؟
أوليست شهادة الأخت دليلاً قاطعـاً على وجود خزائن الحسـن يتوج هذا الوجة الأنثوي الرقيق ؟
أم إنه الخوف من غدٍ ربما يأتي بعكس ما نتوقـع ؟ .
يأس وحزن واكتئاب قاب قوسين من الإستسلام وعدم الإكتراث .
، ولكن إن استقر لبطلة روايتنا رأي على إسكات هذا النحيب الذي يأتي من حدود اللاموجود
واقتربت من وجهها فحملته إلى مرآة لاتشوبها الذكرى ، فلن يكون للهذيان دور هنا ولن تستحيل المرآة إلى دوائر تستدعي لحظات خوفٍ ماتت ، لتخنق بها أصوات تطالبها بمكوث الأمل .
أديبتنا السامقــة :
قلت ذات سطور من وحي اليأس ، الزمن يذهـب الأيام تباعاً حتى يستيقظ ذات يوم فيجد أنه قدفقد شبابه .
لكنّا والزمــن دائمـاً على اختلاف .، فهـو يحاول سحب بساط الشباب من تحت أقدامنا فنسقط وتتحطم دعائم طموحاتنا ونحن جاهدين نحاول الثبات بين جناحي النجود التي ستوصلنا حتما إلى مبتغانا إن آثرنا الصبر والصمت .

ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... :
ربمــا هي بدايـة جديدة ولكن :
لو ننتقي منها ما يروقنا كضياع صوت الألم واندلاق الهذيان وتحطم مرآة الماضي وتغيير قلم الكحل الذي كان يرسم خط اللاعودة إلى وجودنا الحاضـر وإبداله بقلم تكتحل منه العينين بنور فجـرٍ صاف نبدأه بمناجاة مع المستقبل الذي ينتظرنا إن بقينا لعهد الصبر الصامت حافظين .
تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
نعم : وأظن ختامه مسك ، فبعد وقفة مع الزمـن لابد من استمرارية الحياة أياً كانت النتائج ولكن ، أراها قد أثمرت فبعد انتفاضة الرأس وزوال ما فيها .
عسى ألا يعود إليها ما ابتدأت به .
وخيرا فعلت :
إذ تناست بفعل غير إرداي أصابعها على قلم الكحل كي يتسنى لها الرجوع إليه لِتُكْحِّلَ عيناهــا وتترك أصابعها بصمــة على جبــين الحسـن والجمــال .
أعذري هذيان قلمـي .
تحيتي وتقديري /
محمـود الــبدوي .

أحمد عيسى
01-04-2007, 08:13 PM
ما أجمل هذه الصفحة التي يلتقي فيها الابداع
الأخت الفاضلة الأديبة الرائعة : الوردة السوداء

رائع قلم الكحل الأسود هذا
روعة حروفك وكلماتك التي تمس النفس من الصميم

ربما لن أضيف كثيرا الى ما قيل من الأساتذة

لكني تمتعت وحسب
وأنا أقرأ هذه الكلمات

دمت بخير

د. نجلاء طمان
02-04-2007, 12:16 AM
الفاضلة / الوردة السوداء
الفكرة التي تسكن الكاتبة وتسيطر علي مشاعرها وأحاسيسها وتلح عليها في الخروج في شكل تعبيري أدبي تبحث له القاصة البارعة عن معادل موضوعي يعادل هذا الإحساس الذي بسطر عليها فاختارت له في النص ، آداه من الأدوات التي تستخدمها النساء في إبراز جمالهن الظاهر للعيان من صفحة الوجه ـ الوجنات والشفاه والعيون وما حولها ـ
{ لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية }واختيار المبدعة { قلم الكحل } للعين والحواجب والرموش له دلالة في النص ودائماً النساء يعرفن مواطنهن الجمالية فيزهروها، فلكل واحدة منهن طريقتها في التزين والتجمل ولهن قدرة بالغة في إخفاء العيوب الخارجية ما بالك بالداخلية ، أما نقيض الجمال الظاهر استخدمت له الكاتبة نفس قلم الكحل بعد أن أضافت له لون أسود ثم بدأت عملية التزين بأناملها القابضة علي القلم ويصارعها من الداخل قبح نتائج سوداء سابقة فاشلة كان من أهم سبب الفشل ، نجاحها في إبراز هذا الجمال للآخر
الذي ما إن نجحت في جذبه ، اكتشفت أنه يريد هذا الجمال له وحده علي عكس ما تتمناه الأنثى
{ هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!}فيبدأ الصراع الداخلي والخارجي والذي أبزه النص بالحوار الثلاثي البطلة والشخصية الهامشية ( أختها )والمرآة والمفارقة التي تدهشك في نهاية النص رغم الفشل بسبب الجمال الساحر إلا أنها مازالت تتجمل وستظل تتجمل وتخفي مرارتها بنظارتها السوداء بل تركت أصابعها علي القلم لحين عودتها لتتجمل من جديد
كل قراءة احتمال وتفتح علي قراءة أخري 000000
خالص تقديري واحترامي

الأستاذ الأديب : الشربينى خطاب
وجدتك هنا
محلل وناقد أيضا
بجانب كونك قصاص بارع
أسعدتنى وأعطرتنى بأجمل شذى
الوردة السوداء

أكرم الشرفاني
02-04-2007, 08:31 PM
أنا سابقى صامتاً امام كل هذه الاقلام الجبارة
سيدتي الفاضلة....... تحية لكِ ولقلمك

مودتي

أكرم

د. نجلاء طمان
07-04-2007, 04:03 AM
قلم كحل أسود
للأديبة : الوردة السوداء
بين الحقيقة والوهم
بداية لابد أن أشيد بالقراءتين البارعتين لأستاذي الدكتور : سلطان الحريري ، والأستاذ القاص : محمد سامي البوهي .
قرأت هذه القصة وكأني أشاهد هذا المشهد رأي العين وأسمع الحوار في لحظة انفصال عن الواقع وهذه أول مهارة استغلتها القاصة .
الدخول والإدخال :
في هذه القصة هجوم مباشر على الحدث، ولكنه هجوم متيقن ، كانت القاصة موفقة فيه إلى حد كبير ، وقد بدأ ذلك من العنوان ( قلم كحل أسود ) ولا يمكن أن أتناول العنوان دون الغلق في هذه القصة بالتحديد حيث القلم ، اللون الأسود ، حيث كانت العلاقة الممتدة بين العنوان والغلق ليكونا معًا الإناء الذي احتوى جزئيات القصة .
القاصة في هذا العمل تتناول حالة واقعية ، سواء كانت قد عايشتها ، أو استحضرتها من واقع الحياة ، أو ربما هي قصة سيدة في محيطها ، أو زوج ذهبت الغيرة بلبه في محيطها هو الآخر .
ومن الملاحظ أن القاصة دخلت بنفس العنوان إلى المشهد الأول ليتحول العنوان إلى قصة وليس إشارة أو رمزًا :
وقفتْ أمام المرآة تكتحلْ بهدوء على ضوء أشعةٍ تتلصصْ من ثقوب النافذة ...طرقات على الباب يعقبها دخول أختها الشابة..التى تمد يدها عفويا تضيء المصباح... ينتشر الضوء ...ترى وجههاً فى المرآة..تتعجبْ..أهذا وجهها؟ كأنما نامت فى الكهف واستحالت غريبة.. وأصبح وجهها .. وجهاً قديماً تعششْ فى جانبيه الغبار..تقف أختها بجانبها تتاملها .
نلاحظ أن الشخصية المحورية في القصة ـ على الرغم من يقينها بجمالها ـ تكتفي بأشعة الشمس المتسللة عبر النافذة ، وهنا استوعبت القاصة الحدث كاملاً وكان من الممكن أن يفلت منها خيط القص ، إلا أنها تداركت ذلك حين استخدمت الحوار فأعاد هذا الحوار الدفة إلى يد القاصة ، إلا أنه تسبب في بعض الترهل ، حيث أتفق مع الأستاذ محمد البوهي وأستاذنا الكبير : سلطان الحريري في أن الحوار كان يحتاج التكثيف فقد طال ، وجاءت عباراته بشكل مسرحي كان يلزمه تشذيب لزوائده ، إلا أنه على الرغم من ذلك خدم العمل ، وخدم التنقل من حالة لحالة ، خصوصًا أن القاصة استعملته ممزوجًا بالسرد .
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
هل تعلمين ؟ أنت أكبر منى بسبع سنوات , ولكن من يراك معي يعتقد أنك أصغر منى, أنت لا تكبرين يا أختاه!
هنا مفترق الطرق .
هنا نتبين تمامًا أن الشخصية المحورية تعيش أزمة نفسية ، وهنا أجادت القاصة في استعمال الحوار بين الشخصية المحورية واختها ، حيث لم يطل الحوار ، وإنما جاء كومضة كاشفة كانت القاصة موفقة فيها ، ولو أنها تخلت عن إغراء اللغة لها في وصف الحالة الشعورية لبلغت حد التفوق ، لكن هذا المشهد بارع ، أجادت فيه القاصة استعمال مهاراتها . وقد تبين ذلك من كونها لم تنس دور المرآة وهي الرابط بين الواقع والتاريخ ، كما نلمح من خلال المشهد حنو الأخت الصغرى على الأخت الكبرى والتي أرهقها جمالها ، لنتبين حالة إنسانية في غاية الروعة .
تضع خاتما فى إصبعها.. كل شىء يصيرْ الى غيره..انها دورة الأيام.. تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن... ولهذا تهطلُ فى غابة نفسها أمطار الحزن ,يعودْ صوت الأخت فيتوقف المطر:
لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية...تكتحلْ بدمع العمر المسروق.. ويتشحْ ضباب المآقى بندفٍ من عسل... يغرقْ فى ليل أسود .. يعودُ صوت الأخت من جديد ,فتعودُ المرآة الضائعة من جديد:
هل تعلمين ؟ أحيانا أشعرُ بالشفقة على زوجك السابق !
ترد فى لا مبالاة وهى تكتحل :صحيح! ولماذا؟
:جمالك أفقده صوابه.
هنا بداية الانفجار المكتوم :
القاصة هنا تستجمع الخيوط وتستجمع الأدوات وتحاول تكثيف المشهد لتستعد للخروج ، إنه خروج الشخصية المحورية وخروج القاصة من حالة القص ، وهنا استحضار رائع للماضي والحاضر ، وكان الدخول إلى المشهد موفقًا من خلال الخاتم ، هذا الخاتم الذي يوحي بالامتلاك ، تمام الزينة ، الاستعداد إلى إنهاء التجمل ، الخروج من أسر المرآة ، ليأتي صوت الأخت بالذكرى ، بالألم ، بالوجع ، بالفقد .
أحيي القاصة على هذا المشهد حيث تمكنت بالفعل من أدواتها وسيطرت على القصة وحجمت تدخلها كقاصة ، كما أحييها على استخدامها لهذا التعبير ، الذي أعجب الشاعر : شاهين أبو الفتوح ( تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن ) كما أعجبني أيضًا ، وهنا إيحاء بالارتباط بالبيئة .
يجمدُ القلم فى يدها... المرآة تتحول الى دوائر ماء يتوسطها وجهها... وصوته يأتى صارخاً فتهتزُ الدوائر فى عنف:
أيتها الجميلة كم رجلا تعشقين؟
هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!
كم عدد عشاقك يا فاتنة؟
أخبرينى يا أسطورة الجمال كم عددهم؟
ويتسلل صوتها ضعيفا مختنقا: اتركنى أنت مجنون.. مجنون!.
ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هنا التقاء الحقيقة بالهذيان :
هنا قصة تامة العناصر ، ولكنها مترتبة على ما سبق مرتبطة به ، هنا تلعب الكاتبة على الوتر النفسي ، والضغط العصبي ، لتنطلق حالات الاسترجاع ، تهجم على الحاضر ، حالة القيد الذي تعيشه الشخصية المحورية ، ومرة أخرى الألم ، الوجع ، الفقد ، وعلى الرغم من أن القاصة سبق ولعبت على هذا الوتر ، إلا أنها هنا قامت بتنميته بطريقة مكثفة جميلة تعوض الانفلاتات السابقة لتلعب كل العناصر دورها :
الصوت
اللون
الضوء
الحركة
في مزج مع :
الحاضر
الماضي
المعاناة
حالة التذكر ، أو ما يمكن أن أسميه بالبعث ، وهنا تبرز شخصية الأخت أكثر .
هنا تلعب القاصة ببراعة بالتشكيل والتخييل لتدخل بنا إلى حالة درامية خيالية ، وظفت فيها الخيال لخدمة الواقع ، فقد تمكنت من نقل الواقع ( المسرح الزمني والمكاني ) من حالته الواقعية إلى حالة خيالية لتجد إمكانات أكثر تحرر حيث تلعب المرآة دورها الذي أطالت القاصة في التمهيد له ، فلم تعد المرآة مرآة ، وإنما هي الذكريات التي تحولت إلى حقائق واقعة في لحظة القص لتجتمع الآلام .
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
التخلص :
هذا غلق جيد حيث النقلة من حالة المرآة والانعكاسات إلى الحقيقة والواقع ، وهنا أداء رائع ، سواء جاء بقصد أو غير قصد ( وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة ) لقد لبست النظارة السوداء لتخفي عينيها ، تخفي آلامها ، وتمد يدها لتطفئ ضوء الغرفة ، لاحظ أن التي أشعلته كانت الأخت ، التي قامت بالتذكير ونبش الجرح ، وهنا الشخصية المحورية هي التي تقوم بالتخلص فهي التي تظلم المكان ، تطفئ ذكرياتها ، تواري جمالها ، هذا الجمال الذي أوقعها فيما هي فيه .
وتغلق الكاتبة نهائيًا ( نسيت أصابعها على قلم الكحل الأسود ) لتفتح القصة من جديد .
في هذه القصة :
تناولت القاصة قضية اجتماعية نفسية ، إنها المرأة فاتنة الجمال في مجتمع لا يتعامل مع المرأة إلا على أنها مثار الشهوة ومحلها ، ليكون الزوج هو الضحية ، ولكن ، هل هو المسؤول الوحيد عما آل إليه حاله من فقد العقل ؟!
لا أعتقد ؛ فقد يبلغ الحال بالمرأة الجميلة إلى تجاوز مراحل الدل ( الدلع ) بجمالها على الزوج إلى الإثارة ، إلى التشكيك ، لتشارك المجتمع الجائع في الضغط على الزوج ليتحول الشك إلى يقين في مخيلته ، فكم من امرأة تشعر زوجها أنه غير قاد عن إشباع حاجتها للشعور بجمالها ، فيقع فريسة لفكرة أن أكثر من عاشق يعيش في قلب حبيبته وذاكرتها ، يمدح جمالها وينهل ، منه ، وهنا ألمح أن القاصة لم تبرئ شخصيتها الرئيسة ، وإنما تضعها في دائرة الاتهام .
القاصة : الوردة السوداء
لقد أثرت بقصتك هذه العديد من الحالات النفسية والاجتماعية التي تناولها العديد من الباحثين بالداسة ، والتي لا ينتهي القول فيها .
بقي أن أقول: إن كل ما ورد في هذه القراءة رأي لا يقلل أبدًا من براعتكِ وإبداعكِ .
مودتي وتقديري
مأمون



"الجميلة بين الحقيقة والتجنى"

فى محاولة منى للغوص فى أعماق الجميلة وتوضيح وضعها فى المجتمع الشرقى أقول:
هناك شرائح متعددة للجميلة:
**هناك الجميلة التي لا تدرك أنها جميلة ولكن لظروف اقتصادية وحياتية وذاتية لا تهتم أبدًا وتهمل هذا الجانب فيها
** وهناك الجميلة التي تدرك كونها جميلة ولكن لنفس الظروف تجد نفسها غير قادرة على إبداء أي متنفس لهذا الجمال
..كلا الحالتين المجتمع لا يولياهما أي اهتمام ويصنفهم ضمن الشريحة العادية في الجمال.
**هناك الجميلة التي تدرك كونها جميلة لكنها قبيحة من الداخل ..وهى تترجم هذا الجمال بطريقة مرضية فتتحايل لتصل إلى أهداف دنيئة سواء على المستوى الشخصي أو العام..وبغض النظر عن كونها تفشل أو تنجح فهذا شيء لا يؤرقها أبداً ولا يحزنها..فهي لا تلتفت أبداً إلى الوراء لترثى حطام رجل ..إنما تنظر دائما إلى الأمام والى مرآتها بشكل خاص تدمن النظر إلى وجهها فتزداد نرجسية ..والمجتمع في هذه الحالة ينقسم إلى شرائح كل شريحة تنظر إليها من منظورها الخاص.
**هناك الجميلة التي تصنف تحت فئة " نوع خاص جدا" .. فهي جميلة على كافة الأصعدة..وجهها يجذبك..أناقتها تبهرك..ذكاؤها يحيرك..ردها يذهلك ..حزنها يحزنك..ابتسامتها تفرحك..أنت بلا وعى تتفاعل معها..و رغما عنك تجدها تستبيح تفكيرك لأن غموضها وتفردها يترسبان في عقلك الباطن سواء كنت قريباً منها أو بعيدا عنها ..وهذه الجميلة قد تجد الآخر الذي يقدر فيها كل هذا فيرفعها إلى عرش السعادة الأبدية .. أو يوقعها حظها مع آخر يفقد تواصله معها فيجرها إلى حضيض التعاسة ..والمجتمع ينقسم إلى شرائح أيضاً كل شريحة تنظر إليها من منظورها الخاص ..في كل الحالات هي تعانى تعاسة مزمنة..فهي محط الأنظار رغماً عنها ..فالكل يرسم لها صورا تبعاً لخياله ..وهناك من يدعى ويختلق قصصاً لا أساس لهل إلا في خياله فقط لكي يبنى مجده و شهرته على أنقاض جمالها ..فهذه الصور دائماً تتأرجح بين الحقيقة و التجني لتجد نفسها في النهاية حبيسة بوتقة وجودها..
الأديب الأستاذ مأمون المغازى
أشرت أستاذي العزيز أنى لم أبرىء بطلة القصة..وأنا أقول إنما هي حبكة درامية لتوسيع تخيل كل متلقي ..فكل يتصورها على هواه.. أرجو أن أكون وضعت توضيحاً متواضعاً لماهية الجميلة في مجتمعنا الشرقي..
لا يمكن أن أصف بأي حرف سعادتي بتحليلكم قصتي المتواضعة..في النهاية أنا أقبل أي نقد أو تحليل بكل سعة صدر.. لأنني من كل كلمة توجه إلى أستفيد وأتعلم..

أعطرتني بأجمل شذي قلب الواحة


الوردة السوداء

وفاء شوكت خضر
07-04-2007, 11:47 AM
الوردة السوداء ..

تحية بعبق الفل الأبيض ..

أرى أن نصك لروعته قد استحوذ على أجمل القراءات النقدية من أساتذة كبار ..
أرى أنك تلتقطي الصورة من العمق ، لذا جاء الوصف كما رأوه مبالغا فيه ، مما أثر على الأسلوب السردي لتكثيف الحدث ، وهذا الأمر أتى لأنك سكنت عمق الألم لتعبري عن شخصيتك ، فقد ركزت على مشاعرها ، وسر معاناتها ، والذي هو الهدف الأساسي لقصتك ، حيث لا يكون الجمال سر سعادة دائما ، بل أحيانا يكون سببا للتعاسة والألم ..
صورك متقنة ، وسردك أتى بتنقلات هادئة ، وتصوير عميق للشعور ، ورمزك الذي أتقنت استخدامه للتعبير عن الحالة كان به ذكاء كبير ..

تقبلي مروري وقراءتي البسيطه .

لك التحية .
مودتي .

مينا عبد الله
07-04-2007, 01:12 PM
الوردة السوداء ...
اول مرة اتعلق بالون الاسود وأتابعه .... وتغلغل قلبي حزنها الاسود
وقلم الكحل الاسود لازال بين يدي ..

من الخطأ بحقها .. قراءتها مرة واحدة

دمتِ بكل الخير

ميـــــــــنا

د. نجلاء طمان
10-04-2007, 07:46 PM
الحب فى قلوبنا كالزهرة فى البستان تحتاج لمن يرعاها
وان رويناها بدموع الذل والمرارة
لن تترعرع فى دواخلنا إلا وريقات من القسوة والجمود
والقلب الصادق كالبللورتكشف له الايام ما تخفيه اقنعة البشر
فقط لانه يستحق ان يقترن بالماس
وذاك هو قلبك عزيزتى..
دمتى بقلب من ماس لا يجدر به إلا كل نفيس
ودامت بصمتك فى قلوبنا عزفاً منفرداً على أوتار الحب الطاهر
صاحبة القلب النورانى
مادامت هناك قلوب نقيه
لم تلوثها قسوة الزمن
ولم تتسرب القسوه إليها
سيكون هناك دائما حب صادق
ولكن...
سيظل أيضا الشك فى وجود
هذا الحب قائما
أعجبتنى قصتك
وتشبهاتك
أعجبنى الحوار القائم
بين صاحبة العيون الفرعونية وبين أختها
تقبلى مرورى فى متصفحك
دمتى دائما أخت عزيزة على قلبى
أختك
مرمر

دوختني ردودك الجميلة اللاهثة المحمومة يا أختاه ، صدقت , لكن فى وصف الحب ومعطياته ودواخله, أنا دائما صغيرة.
أعطرتنى بأجمل شذى


د. نجلاء طمان
الوردة

محمد إبراهيم الحريري
17-04-2007, 08:26 PM
قلم كحل أسود

وقفتْ أمام المرآة تكتحلْ بهدوء على ضوء أشعةٍ تتلصصْ من ثقوب النافذة ...طرقات على الباب يعقبها دخول أختها الشابة..التى تمد يدها عفويا تضيء المصباح... ينتشر الضوء ...ترى وجههاً فى المرآة..تتعجبْ..أهذا وجهها؟ كأنما نامت فى الكهف واستحالت غريبة.. وأصبح وجهها .. وجهاً قديماً تعششْ فى جانبيه الغبار..تقف أختها بجانبها تتاملها فى انبهار ثم تقول:
يالكِ من باهرة الحسن.
تجيب فى سخرية : حقاً!
نعم أنت تعرفين.
تبتسم فى مرارة..بدون أن تتكلم.
تعقب أختها وهى تدرى سر مرارتها:
أدرتِ رؤوس الرجال!
في إيجاز تجيب :
آه! نعم .الرجال يحبون الجمال.
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
هل تعلمين ؟ أنت أكبر منى بسبع سنوات , ولكن من يراك معي يعتقد أنك أصغر منى, أنت لا تكبرين يا أختاه!
تضع خاتما فى إصبعها.. كل شىء يصيرْ الى غيره..انها دورة الأيام.. تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن... ولهذا تهطلُ فى غابة نفسها أمطار الحزن ,يعودْ صوت الأخت فيتوقف المطر:
لك عينان هما أجمل ما فى وجهك , فرعونيتان رائعتان ليت لى مثلهما!
تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية...تكتحلْ بدمع العمر المسروق.. ويتشحْ ضباب المآقى بندفٍ من عسل... يغرقْ فى ليل أسود .. يعودُ صوت الأخت من جديد ,فتعودُ المرآة الضائعة من جديد:
هل تعلمين ؟ أحيانا أشعرُ بالشفقة على زوجك السابق !
ترد فى لا مبالاة وهى تكتحل :صحيح! ولماذا؟
:جمالك أفقده صوابه.
يجمدُ القلم فى يدها... المرآة تتحول الى دوائر ماء يتوسطها وجهها... وصوته يأتى صارخاً فتهتزُ الدوائر فى عنف:
أيتها الجميلة كم رجلا تعشقين؟
هل تقنعُ أسطورة الجمال برجل واحد؟
تمتدُ يداه من وسط الدوائر.. تسحبُ عنقها.. وهو يصرخُ فى هياج:
كم أكره جمالك!
كم عدد عشاقك يا فاتنة؟
أخبرينى يا أسطورة الجمال كم عددهم؟
ويتسلل صوتها ضعيفا مختنقا: اتركنى أنت مجنون.. مجنون!.
ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
بقلم: الوردة السوداء

تحية أيتها السامقة حرفا ، المنتصبة على شرفة البيان بلاغة ، وقامة يراع .
مرور ، وتبعه آخر ، وترو بين الآخر وسابقه ، وتتبع كل معنى يحملنا إلى حيث مضارب القصد ، وفتح ملفات البيان واستجرار الفكرة من بين رحيات البلاغة ، أحملها أحيانا صواع ثقل نفلا ، وأحايين أخرى أشفق على قلمي من التيه بين قصد مغمور بزلال السجية معنى , وغاية تشف منها روائح جمالية البيان ، فلا عنها يرحل إلى حيث الجنان يتولى أمرا ، ولا يترك مضرب المشاعر إلى فسحة تتضح من خلف حجب الفكرة عن الظهور ، ويظل حائرا بين ذاك وهذا ، ولكن مع اتساع رقعة الخيال أمام إصرار البحث ما بين سطور الألوان ، وضربات ريشة التشاؤم ظاهريا يسير ركب الحضور والأمل يحدوه بالوصول إلى غاية منشودة بالإبداع من قلم الكحل .
ومن هنا أمر ثانية ، وعلى كاهل تقصي الإبداع أضع حمولة أمل ، وأسير نحو ظن راودني أن إشكالية الألوان تنضح من أنهارها أديبتنا ما يملي به الواقع ، وما به إلا جمالية وسعة رؤية ورؤى نابضة بمحال تبدل اللون الفطري لأنه اكتسب الحسن من ذاته ، ويبقى لون الكحل لغاية صنعه لا حرج به إلا لمثال يضرب حسنا تفاؤلا ، أو نقيض ذلك ممن لا يستطيعون رؤية الجمال من السواد .
وما لون السواد بمن أرداوا مثال الشك إلا محض لون .
كضلع الحب غايته انعطاف=وإن عوجا بدا من غير هون
فضلع الإنسان أعوج ظاهريا مستقيم العمل بذاته ، وللتوضيح لو كان الضلع مستقيما لخرج عن غاية عمله وأصبح أعوج الفائدة ، وما هذا بغريب مثلا عن لون السواد في قلم الكحل .
أرى قلمي قد شط بعيدا وراء خيال ، ولكن يظل بين مداد عمله ، وأثر فعله كقلم الكحل .
تحية أختي الدكتورة
والعذر عن كلم ربما يؤخذ على غير محمل قصده .

د. نجلاء طمان
22-04-2007, 02:43 AM
الحب فى قلوبنا كالزهرة فى البستان تحتاج لمن يرعاها
وان رويناها بدموع الذل والمرارة
لن تترعرع فى دواخلنا إلا وريقات من القسوة والجمود
والقلب الصادق كالبللورتكشف له الايام ما تخفيه اقنعة البشر
فقط لانه يستحق ان يقترن بالماس
وذاك هو قلبك عزيزتى..
دمتى بقلب من ماس لا يجدر به إلا كل نفيس
ودامت بصمتك فى قلوبنا عزفاً منفرداً على أوتار الحب الطاهر
صاحبة القلب النورانى
مادامت هناك قلوب نقيه
لم تلوثها قسوة الزمن
ولم تتسرب القسوه إليها
سيكون هناك دائما حب صادق
ولكن...
سيظل أيضا الشك فى وجود
هذا الحب قائما
أعجبتنى قصتك
وتشبهاتك
أعجبنى الحوار القائم
بين صاحبة العيون الفرعونية وبين أختها
تقبلى مرورى فى متصفحك
دمتى دائما أخت عزيزة على قلبى
أختك
مرمر

أيتها المرمرية
تُداهم ملامح روحي الرهبة حين قراءة كلماتٍ كهذه!!!
رعشة جمال من إحساسك المرهف

أعطرتنى بأجمل شذى مرمر الواحة

د. نجلاء طمان

الوردة

د. نجلاء طمان
25-04-2007, 01:34 AM
الوردة السوداء
بطلتك كغيرها من البطلات التي اصبحن مادة سائغة للكتابة..لكثرتهن..ولكثرت ما يصيبهن من ويلات الوجود التعس هذا.. غدت جرح بملامح انسان..جرح اصابت به جراء همسة قدرية في البدء..حين سمح لنطفتها ان تتكور بهذا الشكل..ومن ثم بلدغة دنيوية حين سمحت بان يقيد او يأوي هذا الجمال داخل قضبان بشرية، وباخرى لسعة ذاتية حين غلبها في ذاتها انها قادرة بما تملكه من خلق وجود يليق بخالقها.
وليست المرآة هذه الا انعكاس عفوي في البدء لذاتها..التي رغبت في خلق وجودها حسب معطيات آنية..مدفونة في اعماقها.. علها كانت الرغبة، او الخوف ، او حتى البقاء، ومن ثم انعكاس عقلي بحت لواقعها الذي بات يحاصر كيانها المنهمك جراء تعاسة قادتها اليها كونها لم تعي معنى خلقها، ومعنى ان يسجن المخلوق خلف قضبان بشرية، البشر لحد الان لم يعي ماهية حريته، لم يعي كونه ولد بها ومنها وليس ولد من اجل الحصول عليها.
بطلتك..اتخذت السواد رمزا لتبرهن على سوداوية خلقها..والسوداوية قد تكون في نظر الاغلب محنة، كما ظهر ذلك جليا في عيون وخوف بطلتك..لكن السوداوية حياة لمن يعي ضرورة وجودها في عالم يلبس قناعين، احدهما في النهار والاخر في الليل.
السواد جاء هنا في قصتك لامحا الى وجود تعاسة مزمنة، وليس هناك تعاسة اتعس من تلك التي تاتي من الجمال، ذلك الجمال الذي قلما نجد من يعيه ومن يقدره حق قدره،وبطلتك التي دخلت في ذاتها منذ البدء صراع الجمال فارادت وخلقت غدت في النهاية اسيرة الجمال، الجمال عندما لايدرك ماهيته ولايقدر قيمته بعقلية مدركة يغرس اللاحياة في الاخر الذي يعشه فيتغير الجمال الى محنة شكية مذيبة لكل اواصر الحب والبقاء،فيصبح وبالا على صاحبه او صاحبته، هكذا غدت بطلتك، وهكذا مات فيها كل شيء يمكن ان يعيدها الى جذور القصة، جذور ما خلقته هي برغباتها ورؤيتها وطموحها الذاتي،بل وكأنها تلعن في ذاتها الجمال بعينه،وها هي اصبحت رهين السواد الذي تخافه،وتخشاه، لا لكونه يزيد جمالها فقط انما لكونه اصبح رفيق دربها، والرفيق الذي لانعي قيمته فينا لايكون فينا الا اشواك جارحة.
الوردة السوداء...
عذرا...عذرا...
لكن بلغي بطلتك..ان تنظر للسواد بعين ثاقبة..وعقل مدرك..ستجده صورة الخلق منذ الخليقة الاولى..وما سيبقى عليه الى نهاية الخليقة..!
تقديري ومحبتي
جوتيار



"غدت جرح بملامح انسان"

نعم

كتبت خاطرة يوما

أهديها لفلسفتك


"وجه بلا ملامح"

سرقت غربتي ملامحي

فاتشحت سواد وجعي

علني أخبىء فيه

وجه بلا ملامح.




تحية وشذى لمرورك الثانى

وتصلها رسالتك بأمان


د. نجلاء طمان

الوردة

د. نجلاء طمان
25-04-2007, 04:03 PM
اسجل اعجابي بعملك الادبي الجميل هذا

الأديبة الرائعة: حسنية تدركيت

وأنا أسجل شرفى وسعادتى

بإعجابك هذا


تحية وشذى لمرورك العطر


د. نجلاء طمان

الوردة

خليل حلاوجي
25-04-2007, 04:13 PM
هذا زمان لاينفع الصادقون صدقهم ... على الاقل عند انفسهم

السنا نراهم تائهون


ونحن وان ةكنا نظن انا ادمنا الولاء للنقاء .... متعبون

قلم الكحل اراد تفكيك واقع مااقول .... والفلاح رافق سطورك ايتها الاديبة النجيبة


تقبلي بالغ تقديري

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 05:15 PM
الوردة السمراء
تحية لكم الشجن بنصك
الذى جزبنى منذ الوهلة الأولى
بدءاً بالعنوان
والوسط والنهاية
إستطعتى بقلمك
خلق حالة جميلة بين الفتاة وأختها
والحالة الأجمل " الرجل فى حياة المرأة "
قصتك بها حركة جميلة
نصك بالفعل متحرك
انشددنا إليه
إنها الروعة أيتها الوردة السمراء
تحياتى


الأستاذ الأديب: علاء عيسى

انه شذى مرورك العبق

فاح ها هنا على الكلمات

يسعدنى ويشرفنى

اعجابك بقصتى المتواضعة


تحية وشذى من الوردة

د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 05:26 PM
الكاتبة الجميلة / الوردة السوداء
عشقك للألوان وخاصة للون الأسود جعلك تفردين له عنوانا
بل جزءا متصلا لا ينفصل من اسمك
لقد أفردت دراسة نقدية كاملة عن مجموعة قصصية جميلة للقاص / ياسر عبد العليم
وكان اللون أو اللوان هى عصب البناء
وهنا فى هذه القصة وجدت من الواجب بل من الحتمى عدم الذهاب بعيدا عن استخدام اللون كقيمة دالة فى بناء النص
ولن ابحث عن استشهادات أقطع بها او افكك بها النص كما يفعل التفكيكيين
بل المطلوب ان ابنى النص او أحاول خلق فضاء مناسب ومحاور للنص الذى قدمتيه
تلك المراة وتلك المرآة... حوار الجمال القديم الحديث
دلالة الكحل ، وانعكاساته على الوجه .. ودلالاته الجماليه.... وتاثيراته على المتلقى ... الرجل
وعندما يصبح الجمال طاغيا
انعكاساته العكسية على صاحبه
بالفعل لم يكن هناك من حل سوى النظارة السوداء
قصة بديعة وممتعة
تحياتى


الأستاذ الأديب: محمود الدايدمونى

تسعدنى مداخلتك للقصة

فى نظرى:

القارئ هو دائماً

في مستقبل الكلمة

اليد التي تكتب

وهو دائما

في ماضيها

العين التي تقرأ


لك شذى من الوردة


د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 05:33 PM
أيتها الوردة ...الأديبة
\
قرأتُ ما كتبتِ
وتركتُ نفسي
مع ما قرأت
لقد أبدعتِ
تقبلي تحياتي
وخالص تقديري



أيها الراضى الرائع

تحية لنقطة بيضاء

مرت ها هنا على سوادى


لك شذى من الوردة

د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 05:42 PM
الوردة السوداء / أديبتنا العصماء ووقفـة صادقة حائرة مع مجريات الأمـور وما كان من الزمــن .
بدايةً : أحيي فيك ذاك الإحساس الشفيف ، فليس كل من نظر للمرآة يومـاً يستطيع ترجمـة لحظــة مـا ، ولكـن بفكرٍ صافٍ ونظـرات ثاقبـة أرى زمـن هذه الأقصوصة استحال بقلملك إلى جـــيل كامــــل .
اخترتِ من الألوان أصفاها وأعمقهـا ليكون رمزاً لجمالك وجائت حــروفك تسطر الحــزن واحــات .
ومن وجهة نظـري :- أشمل الألوان جمالا هو الأسود وأصدق العبارات هى من كتبت عن الحـزن .
وقلم كحلٍ أســود ليس للإكتحال ، ولكن لرسـم خط الزمــن فى وقفــة فاصلــة بين النفس وذاتهـا :
تلك النفس التي تظهـر بعـدة صـور منها
- ما يقتضي أن تكون عليه أمام الآخرين
- ما تحب أن تظهر به أمام مقربيها
- ما لا تستطع تغييره عندما تتعرى من لباس التجمـل فيحل الصدق محـل التصـنع .
وأراك قد ترجمت كل هذه الوقفات متمثلةً فى النقطــة الأخـيرة .
نعم : هي وقفة صادقة وإن كانت لا تخلـو من التشويش ولكن هذا الأخـير ما هو إلا من استحضار الذكرى .
الذكرى التي تعد من وجهة نظر الأخت الشابة هي المستقبل . وكأني أسمع تلك الأخت ولسان حالها يقول ( ذكريات الزمن القادم ) .
ولكن : نسأل الله أن يجنبنا التطير والقنوط .
تنظرْ في المرآة... الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ :
ولما اليأس ؟ ألا تذكرين بداية اللحظة عندما كانت أشعـة النور تحاول استراق البصر لترقب جمالها ؟
أوليست شهادة الأخت دليلاً قاطعـاً على وجود خزائن الحسـن يتوج هذا الوجة الأنثوي الرقيق ؟
أم إنه الخوف من غدٍ ربما يأتي بعكس ما نتوقـع ؟ .
يأس وحزن واكتئاب قاب قوسين من الإستسلام وعدم الإكتراث .
، ولكن إن استقر لبطلة روايتنا رأي على إسكات هذا النحيب الذي يأتي من حدود اللاموجود
واقتربت من وجهها فحملته إلى مرآة لاتشوبها الذكرى ، فلن يكون للهذيان دور هنا ولن تستحيل المرآة إلى دوائر تستدعي لحظات خوفٍ ماتت ، لتخنق بها أصوات تطالبها بمكوث الأمل .
أديبتنا السامقــة :
قلت ذات سطور من وحي اليأس ، الزمن يذهـب الأيام تباعاً حتى يستيقظ ذات يوم فيجد أنه قدفقد شبابه .
لكنّا والزمــن دائمـاً على اختلاف .، فهـو يحاول سحب بساط الشباب من تحت أقدامنا فنسقط وتتحطم دعائم طموحاتنا ونحن جاهدين نحاول الثبات بين جناحي النجود التي ستوصلنا حتما إلى مبتغانا إن آثرنا الصبر والصمت .

ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... :
ربمــا هي بدايـة جديدة ولكن :
لو ننتقي منها ما يروقنا كضياع صوت الألم واندلاق الهذيان وتحطم مرآة الماضي وتغيير قلم الكحل الذي كان يرسم خط اللاعودة إلى وجودنا الحاضـر وإبداله بقلم تكتحل منه العينين بنور فجـرٍ صاف نبدأه بمناجاة مع المستقبل الذي ينتظرنا إن بقينا لعهد الصبر الصامت حافظين .
تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل:
هيا لقد تأخرتْ .
تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود.
نعم : وأظن ختامه مسك ، فبعد وقفة مع الزمـن لابد من استمرارية الحياة أياً كانت النتائج ولكن ، أراها قد أثمرت فبعد انتفاضة الرأس وزوال ما فيها .
عسى ألا يعود إليها ما ابتدأت به .
وخيرا فعلت :
إذ تناست بفعل غير إرداي أصابعها على قلم الكحل كي يتسنى لها الرجوع إليه لِتُكْحِّلَ عيناهــا وتترك أصابعها بصمــة على جبــين الحسـن والجمــال .
أعذري هذيان قلمـي .
تحيتي وتقديري /
محمـود الــبدوي .

الأستاذ الأديب: محمود البدوى

أعجبنى هذيان قلمك

وما أقرأ من نبض كلماتك النابضة بروح الناقد

وحسّ الأديب المتعمّق بجوهر الإبداع

عسانى أقرأ لك تحليلات أخرى.

لك شذى من الوردة

د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 05:54 PM
ما أجمل هذه الصفحة التي يلتقي فيها الابداع
الأخت الفاضلة الأديبة الرائعة : الوردة السوداء
رائع قلم الكحل الأسود هذا
روعة حروفك وكلماتك التي تمس النفس من الصميم
ربما لن أضيف كثيرا الى ما قيل من الأساتذة
لكني تمتعت وحسب
وأنا أقرأ هذه الكلمات
دمت بخير


الأستاذ الأديب : أحمد عيسى

تحية لطيفك الأدبى الحالم

يمر ها هنا كنسمة صيف جميلة


لك شذى صافى من الوردة


د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 06:02 PM
أنا سابقى صامتاً امام كل هذه الاقلام الجبارة
سيدتي الفاضلة....... تحية لكِ ولقلمك
مودتي
أكرم



الأستاذ الأديب: أكرم الشرفاني

أحيانا يكون الصمت

أبلغ لغة من الكلام

وصلتنى رسالتك وأعطرنى شذاك


لك شذى من الوردة


د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 06:13 PM
الوردة السوداء ..
تحية بعبق الفل الأبيض ..
أرى أن نصك لروعته قد استحوذ على أجمل القراءات النقدية من أساتذة كبار ..
أرى أنك تلتقطي الصورة من العمق ، لذا جاء الوصف كما رأوه مبالغا فيه ، مما أثر على الأسلوب السردي لتكثيف الحدث ، وهذا الأمر أتى لأنك سكنت عمق الألم لتعبري عن شخصيتك ، فقد ركزت على مشاعرها ، وسر معاناتها ، والذي هو الهدف الأساسي لقصتك ، حيث لا يكون الجمال سر سعادة دائما ، بل أحيانا يكون سببا للتعاسة والألم ..
صورك متقنة ، وسردك أتى بتنقلات هادئة ، وتصوير عميق للشعور ، ورمزك الذي أتقنت استخدامه للتعبير عن الحالة كان به ذكاء كبير ..
تقبلي مروري وقراءتي البسيطه .
لك التحية .
مودتي .




دخون العزيزة

تلك القراءة التى تطلقين عليها بسيطة

انما تعكس مقدرة تحليلية كبيرة

أراها تظهر فى الأفق

قراءتك لمست جوانيات البطلة والكاتبة

لك أجمل شذى من وردتى

عساها لا تضيع عبق الفل الأبيض

الذى فاح ها هنا



د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
26-04-2007, 06:30 PM
الوردة السوداء ...
اول مرة اتعلق بالون الاسود وأتابعه .... وتغلغل قلبي حزنها الاسود
وقلم الكحل الاسود لازال بين يدي ..
من الخطأ بحقها .. قراءتها مرة واحدة
دمتِ بكل الخير
ميـــــــــنا


مينا العزيزة

هو اللون الأسود

هو أنا

شذى لهذه الروح الرقراقة

التى انسابت ها هنا

تشاركنى سوادى



د. نجلاء طمان

د. نجلاء طمان
02-05-2007, 12:00 PM
تحية أيتها السامقة حرفا ، المنتصبة على شرفة البيان بلاغة ، وقامة يراع .
مرور ، وتبعه آخر ، وترو بين الآخر وسابقه ، وتتبع كل معنى يحملنا إلى حيث مضارب القصد ، وفتح ملفات البيان واستجرار الفكرة من بين رحيات البلاغة ، أحملها أحيانا صواع ثقل نفلا ، وأحايين أخرى أشفق على قلمي من التيه بين قصد مغمور بزلال السجية معنى , وغاية تشف منها روائح جمالية البيان ، فلا عنها يرحل إلى حيث الجنان يتولى أمرا ، ولا يترك مضرب المشاعر إلى فسحة تتضح من خلف حجب الفكرة عن الظهور ، ويظل حائرا بين ذاك وهذا ، ولكن مع اتساع رقعة الخيال أمام إصرار البحث ما بين سطور الألوان ، وضربات ريشة التشاؤم ظاهريا يسير ركب الحضور والأمل يحدوه بالوصول إلى غاية منشودة بالإبداع من قلم الكحل .
ومن هنا أمر ثانية ، وعلى كاهل تقصي الإبداع أضع حمولة أمل ، وأسير نحو ظن راودني أن إشكالية الألوان تنضح من أنهارها أديبتنا ما يملي به الواقع ، وما به إلا جمالية وسعة رؤية ورؤى نابضة بمحال تبدل اللون الفطري لأنه اكتسب الحسن من ذاته ، ويبقى لون الكحل لغاية صنعه لا حرج به إلا لمثال يضرب حسنا تفاؤلا ، أو نقيض ذلك ممن لا يستطيعون رؤية الجمال من السواد .
وما لون السواد بمن أرداوا مثال الشك إلا محض لون .
كضلع الحب غايته انعطاف=وإن عوجا بدا من غير هون
فضلع الإنسان أعوج ظاهريا مستقيم العمل بذاته ، وللتوضيح لو كان الضلع مستقيما لخرج عن غاية عمله وأصبح أعوج الفائدة ، وما هذا بغريب مثلا عن لون السواد في قلم الكحل .
أرى قلمي قد شط بعيدا وراء خيال ، ولكن يظل بين مداد عمله ، وأثر فعله كقلم الكحل .
تحية أختي الدكتورة
والعذر عن كلم ربما يؤخذ على غير محمل قصده .



تحية أيها السامق حرفا , المتربع على عرش البلاغة والأدب

مرور, ويتبعه آخر , وتأمل في كل مرور ,

فأجدني أتبعثر كقطرات من ندى على أغصان بيانك , وأوراق بلاغتك ,

ألملم تبعثري وأسير ,

أشفق على ذهني من التيه بين جمال حروفك وروعة معانيك ,

فلا عنها يرحل الى حيث يلملم شتات نفسه ,

ولا يهدأ تحت تحت مضرب خفقان مشاعرك,

ويظل حائرا بين ذاك وهذا , لا أمل في الإفاقة من هذيان إبداعك.


ويعود مرورك ثانية, فيزيد تغيبي ,

وأسير أتخبط في روعة ألوانك, وحنايا إبداعك.



أرى قلمي فد شط بعيدا تحت وطأة هذياني ,

ولكن يظل بين مداد حرفه ، وأثر فكره

كطفل يعانق كف إبداعك .



تحية أخي المايسترو


والعذر عن كلم

ربما يؤخذ على غير محمل قصده .



شذى أختك الوردة

نجلاء

د. نجلاء طمان
18-05-2007, 06:03 PM
هذا زمان لاينفع الصادقون صدقهم ... على الاقل عند انفسهم
السنا نراهم تائهون
ونحن وان ةكنا نظن انا ادمنا الولاء للنقاء .... متعبون
قلم الكحل اراد تفكيك واقع مااقول .... والفلاح رافق سطورك ايتها الاديبة النجيبة
تقبلي بالغ تقديري




الخليل العزيز:


فى سطور موجزة

تسطرها على صفحاتى

أجد الفلاح دائما رفيقا لها

وعبقرية إصابة الهدف صديقا لها


ودائما أجدنى أسطر فى ردودى عليك

ما يثبت إدراكى لفلاحك أيها الثورى الحكيم


أسطرها هنا ثانية وأقول:

صدقت .



تحية وشذى لحكمتك


د. نجلاء طمان

سارة محمد الهاملي
26-07-2007, 10:45 PM
أختي الأديبة د. نجلاء
قرأت هذه القصة منذ بداية نشرها ولكنني لم أستوعبها إلا الآن عند قراءتي الثانية، وهذا تقصير مني ولا شك، ولكنني أفضل القراءة والخروج بهدوء، فالكلمات كثيراً ما تخونني. في الحقيقة أعجبت كثيراً بذلك التداخل بين اللون الأسود وشخصية البطلة والإسقاطات النفسية التي تعكسها القصة. الأمر الذي يذهل في اللون الأسود، وكذلك اللون الأبيض، هو ذلك التناقض الذي يحملانه! وأحسب أنه أمر مثير وصعب في ذات الوقت، أن يوظف الكاتب هذا التناقض لصالح القصة.
تقبلي تقديري واحترامي.

د. نجلاء طمان
05-09-2007, 01:38 AM
أختي الأديبة د. نجلاء
قرأت هذه القصة منذ بداية نشرها ولكنني لم أستوعبها إلا الآن عند قراءتي الثانية، وهذا تقصير مني ولا شك، ولكنني أفضل القراءة والخروج بهدوء، فالكلمات كثيراً ما تخونني. في الحقيقة أعجبت كثيراً بذلك التداخل بين اللون الأسود وشخصية البطلة والإسقاطات النفسية التي تعكسها القصة. الأمر الذي يذهل في اللون الأسود، وكذلك اللون الأبيض، هو ذلك التناقض الذي يحملانه! وأحسب أنه أمر مثير وصعب في ذات الوقت، أن يوظف الكاتب هذا التناقض لصالح القصة.
تقبلي تقديري واحترامي.

أيتهاالغالية النقية

بل هو التقصير حتما مني, فربما رمزيتها علت دون قصد مني, لا تقلقي أعرف أنك تقرأي وتخرجي بهدوء. المهم أن تصل القصة وتقرأ وليس المهم التعقيب. لك نظرة فلسفية لا يستهان بها.

شذى الوردة لمرورك العبق يا حبيبة

د. نجلاء طمان

زياد موسى العمار
05-09-2007, 11:46 PM
الأديبة المبدعة د نجلاء
ولجت هذا الفيء مراراً وتكراراً
لم أكتب شيئاً مخافة أن أخدش تلك الصور الجميلة.
وسأعود إليه بإذن الله كلّما مرّ أحدهم لأرى ما ترك من بليغ التعبير.

شذى الوردة عمّ المكان بالعبق وسيبقى.

د. نجلاء طمان
24-11-2007, 02:31 PM
الأديبة المبدعة د نجلاء
ولجت هذا الفيء مراراً وتكراراً
لم أكتب شيئاً مخافة أن أخدش تلك الصور الجميلة.
وسأعود إليه بإذن الله كلّما مرّ أحدهم لأرى ما ترك من بليغ التعبير.
شذى الوردة عمّ المكان بالعبق وسيبقى.


الكريم بخلقه وأدبه: زياد عمار

دوما يسكت قلم الوردة أمام فضل متابعتك له

مقصر مهما نطق.


شذى الوردة لمرورك الدائم وثقتك

د. نجلاء طمان

مروة عبدالله
28-04-2008, 02:08 PM
نجلائي الحبيبة

لا أعلم لمَ تذكرت قصتكِ هذه
من الممكن لأنها تمس جانب كبير من الحقيقة
ومن الممكن لأنها تمس جانب كبير من الألم
أشعر به كما أشعر بوجعكِ وآلامكِ الآن
فنحن هنا كلنا شوق لعودتكِ غاليتى
أنتظركِ بفارغ الصبر
محبتى وورودي هي لكِ

د. نجلاء طمان
27-11-2008, 07:30 AM
نجلائي الحبيبة
لا أعلم لمَ تذكرت قصتكِ هذه
من الممكن لأنها تمس جانب كبير من الحقيقة
ومن الممكن لأنها تمس جانب كبير من الألم
أشعر به كما أشعر بوجعكِ وآلامكِ الآن
فنحن هنا كلنا شوق لعودتكِ غاليتى
أنتظركِ بفارغ الصبر
محبتى وورودي هي لكِ


شكرًا لكِ يا حبيبة في القلب لا تغيب !

وبين الممكن والممكن أزمان لا نهاية لها

ووجع لا حد لقسوته !

يرعاكِ ربي حبيبتي

سعيدة الهاشمي
29-11-2008, 01:09 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المبدعة الرائعة نجلاء،

صدقا رغم الوجع،رغم الحزن،رغم المرارة، رغم القسوة، رغم الدموع،رغم كل الآهات الظاهر منها والباطن

أتمتع بحرفك حد الثمالة، رائعة أنت فيما تنسجين، في كل مرة أزداد إعجابا بهذا القلم وبك.

لن أعلق، تكفيني نشوة القراءة.

تحيتي ومودتي.

سالى عبدالعزيز
25-12-2008, 09:09 PM
:001: تميز وابداع دئما يادكتورة

لكى اجمل تحيه , و كل الاحترم


سالى

الطنطاوي الحسيني
25-12-2008, 09:52 PM
أقول قرأت هنا ابداعا ايما ابداع
ودخول في اسشرافات النفوس المحطمة
الكحل اسود ولكن يعطي الجمال
اختنا رمزية وقفلة جميلة بهية
دمت بكل الق
وتقبلي مروري المتواضع على عمل رائع

د. نجلاء طمان
23-04-2009, 05:23 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المبدعة الرائعة نجلاء،

صدقا رغم الوجع،رغم الحزن،رغم المرارة، رغم القسوة، رغم الدموع،رغم كل الآهات الظاهر منها والباطن

أتمتع بحرفك حد الثمالة، رائعة أنت فيما تنسجين، في كل مرة أزداد إعجابا بهذا القلم وبك.

لن أعلق، تكفيني نشوة القراءة.

تحيتي ومودتي.


وفي كل مرة تمرين فيها أيتها الغائبة الحاضرة, يأتي معكِ شعاع القمر.

عساكِ بألف خير!

تقبلي محبتي وشكري وتقديري

د. نجلاء طمان
30-05-2009, 12:35 AM
:001: تميز وابداع دئما يادكتورة
لكى اجمل تحيه , و كل الاحترم
سالى


سالي أيتها الطيبة شكرًا لمروركِ دومًا بالقرب.

ودي وتقديري

د. نجلاء طمان
13-07-2010, 11:31 PM
سلام الله ورحمته وبركته وهداه عليكم عباد الله الصالحين

شكرًا لكم لا تسعه البسيطة ولا يصل إليه أفق

شكرًا لردودكم الكريمة وأخص كل فرد رد هنا أو هناكَ بالشكر والتقدير

أحبكم الله وأكرمكم


أختكم في الله

ودي و محبتي وتقديري

د. نجلاء طمان
21-04-2013, 02:14 PM
أقول قرأت هنا ابداعا ايما ابداع
ودخول في اسشرافات النفوس المحطمة
الكحل اسود ولكن يعطي الجمال
اختنا رمزية وقفلة جميلة بهية
دمت بكل الق
وتقبلي مروري المتواضع على عمل رائع

أقول مروركَ هنا أخي إبداع آخر..!


تقديري وشكري

ناديه محمد الجابي
21-04-2013, 07:48 PM
قد يصبح الجمال والفتنة وبالا على صاحبته
وبدل من أن يضىء الجمال الوجه نورا .. يحيل حياتها كلها إلى سواد
قصة رائعة ـ لن أزيد على من قالوا شيئا
ولكني كنت هنا فنهلت من جمال حروفك, ومن أقلام نقاد كبار وأساتذة أمتعوني
أعجبتني قصتك البديعة الممتعة فتحية لقلم استطاع أن يأسرني ويمتعني
لك تحياتي ومودتي.

ربيحة الرفاعي
06-08-2013, 05:59 PM
فكرت عندما قرأت العنوان أولا أنه طويل بعض الشئ، ثم أخذتني القصة في عالمها الملون بالسواد، وهذا النزوع القصي لتوظيف فلسفي للأسماء والألوان يجمّل النص ويعمّق دلالاته
بعض تكثيف كان ليخدم النص أكثر

دمت بخير

تحاياي

آمال المصري
01-02-2014, 09:06 PM
فلسفة وجدانية رائعة تعددت حولها القراءات المائزة والنقاشات المفيدة ولن يترك لي من مروا هنا سوى أن أرفع قبعة الإعجاب والتصفيق الحار لنص مدهش
بوركت أديبتنا القديرة واليراع الفريدة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

هشام النجار
24-09-2014, 05:38 PM
لنتأمل مشاهد الجمال فى هذه التحفة الفنية المطرزة بالروعة ، فمن هى البطلة ومن أختها وهما الشخصيتان الرئيسيتان فى القصة يطل من ورائهما فى الخلفية شبح الماضى ووجه وصوت ويدا رجل ساكن فى الماضى يطارد ويقتحم وينفذ من دائرة الحاضر يسعى ليفرض سيطرته على كيانها وسطوته على حاضرها فتختنق وتذوب فى مآسى وأهوال وأحزان ماضيها معه .
لسنا أمام ثلاث شخصيات فى القصة بل شخصيتان فحسب ؛ رجل وامرأة ، هو يلاحقها من الماضى بجنون ويطاردها شبحه بالظنون السوداء وطمس الحياة الهانئة مع الجمال والروعة فى مستنقع الشكوك الدنيئة ، وهى تجاهد لتهرب من دائرته البذيئة ومن نظراته الجارحة واتهاماته القاسية .
تكتحل لتستعيد ثقتها بنفسها ولترى ذاتها وتكتشف شخصيتها وجمالها بعينيها لا بعينيه ، فى حاضر تكافح للعيش فيه بعيداً عنه وعن المساحة الشعورية التى وضعها فيها زمناً فجعلها تتشكك فى نفسها وتمقت جمالها الذى صار على يديه نقمة لا نعمة .
أختها هى الوجه الآخر منها ، وهى الأنا التى تحدثها وتناضل معها لتنتشلها من الهواجس ومن النظر الى جمالها على أنه لعنة أبدية ومن اساءة الظن بنفسها ومن جنون واختناقات الماضى وملوثاته النفسية والانسانية ، لتكتحل وتشعر بشبابها وتعيش حياتها الطبيعية وترى نفسها وحاضرها بعيون غير العيون التى كانت .
ليست أختها وليست امرأة أخرى بل هى ذاتها البطلة ؛ هى شبابها الذى يصارع ويقاوم بحيويته ونضارته شيخوخة الجسد والروح ويضيئ الأنوار لترى ذاتها أبهى وأنضر ويشع النور والوضوح :
" وقفتْ أمام المرآة تكتحلْ بهدوء على ضوء أشعةٍ تتلصصْ من ثقوب النافذة ...طرقات على الباب يعقبها دخول أختها الشابة..التى تمد يدها عفوياً تضيء المصباح... ينتشر الضوء " .
هى ذاتها البطلة وليست شخص آخر ، لكنها شخصية البطلة الأخرى الأصيلة القادمة من الجذور ومن الطفولة ومن الأصول ومن الجمال وروعة الاحساس والاستمتاع به كانسانة وكأنثى ، قبل أن يجرفها طوفان تلك العلاقة المهينة ويكسر ثقتها ويشوه نظرتها للحياة ويطمس معالم جمالها فتراه كل يوم قبحاً وحزناً وألماً وجراحاً لا تلتئم .
هى الآن تعود من جديد تحاول التماسك وتتحدث شخصيتها الحقيقية – أختها – بالحقائق ، بعد أن كاد الزيف يطغى ويحيلها الى شخص آخر غريب عنها لا تعرفه ، لتأتى الأخرى الأصيلة وتزيل الغبار وترى جمالها من جديد وتتأمله فى حب وسعادة وانبهار بعد أن جعله هو ردحاً سبباً فى الألم والمهانة والشقاء والانكسار :
" ترى وجهها فى المرآة..تتعجبْ..أهذا وجهها ؟ كأنما نامت فى الكهف واستحالت غريبة .. وأصبح وجهها .. وجهاً قديماً تعششْ فى جانبيه الغبار تقف أختها بجانبها تتأملها فى انبهار .. يالك من باهرة الحسن " .
وتحاول أن تصور لنفسها أن ما حدث عادى بالنسبة لرجل ساقه القدر ليعايش هذا الجمال وأن الأمر بسيط لا يستحق كل هذا العذاب " هل تعلمين ؟ أحيانا أشعرُ بالشفقة على زوجك السابق !
ترد فى لا مبالاة وهى تكتحل :صحيح ! ولماذا ؟
: جمالك أفقده صوابه " .
تظهر شخصيتها الأخرى الأصيلة – تأتى أختها – فى الوقت المناسب لتنقذها من الغرق ، لتنفض عنها مشاهد وتصورات الكوابيس الحزينة بفعل الغيرة القاتلة والحقد الأعمى واساءات وتخاريف وخيالات الرجال الملوثة ، تلك التى تربط الجمال فى جبال الهموم وتحبسه فى كهوف الأحزان والظنون المعتمة الموحشة ، وهكذا ترى نفسها على تلك الحالة فى مرآتها ليأتى صوتها القديم يوقظها ، يفزع له طيور الحزن وأفراخ الوحشة :
" الجمال في وجهها ينتحرْ على سطح حزنٍ داكن مثل فراء الليل... يتفجرْ من نبع آخر في كهوف ضلوعها طيور وحشية... تفقسْ في ثنايا وجهها أفراخاً سوداء... تغرسُ مناقيرها في قلبها.... تثقبُه... فتفورُ نوافير الدم الأسود.. . يأتي صوت أختها من بعيد فتطيرُ الأفراخ " .
وكلما طل موت الكآبة والحزن وتكاثرت سحبه وهطلت أمطاره ، عاد صوت شخصيتها الأصيلة ليشعل فى روحها دفء الحياة ويظللها بالسلام والثقة .
" تضع خاتما فى إصبعها.. كل شىء يصيرْ الى غيره..انها دورة الأيام.. تبدأ رحلتها قادوساً فى ساقية الزمن... ولهذا تهطلُ فى غابة نفسها أمطار الحزن ، يعودْ صوت الأخت فيتوقف المطر "
وهكذا لا تتخلى عنها انسانيتها ولا تستسلم حقيقتها الأصيلة للانهزام أمام الأوهام التى نسجها الزوج السابق سنوات طوال سرقت من عمرها وأراد ترسيخها فى الواقع وفى كيانها ليتحول الوهم والظن الأسود واللعنة الدائمة الى حقيقة ، وهكذا كلما عاد هو عادت لتنقذ نفسها منه ولتقتلع الأوهام والأحزان من تربتها ولتنسى تلك السنوات المسروقة بقسوتها وأوجاعها .
" تأخذْ قلم الكحل وتكتحلْ... العيون زجاجية...تكتحلْ بدمع العمر المسروق.. ويتشحْ ضباب المآقى بندفٍ من عسل... يغرقْ فى ليل أسود .. يعودُ صوت الأخت من جديد ,فتعودُ المرآة الضائعة من جديد " .
الصراع أهوج عنيف جداً بينها وبينه ، بين حقيقتها وأصالتها وأوهامه وظنونه وخيالاته القاتلة وماضيه الكئيب .
وفى المقطع الأخير نكتشف أن الصوت المنقذ صوتها هى ، فلا ذكر هنا للأخت ، بل تظهر الشخصية الأصيلة بوضوح وهى تصارع بعنف " تكنسها .. تنفض رأسها فى عنف .. وتضع قلم الكحل "
لنرى هنا مشهد الصراع بعد تجريده وتصفيته ليخلص بين الأصل والصورة المشوهة المترسبة فى المرآه ، بين الرجل بماضيه و شخصية البطلة الأصيلة :
" ويتسلل صوتها ضعيفا مختنقاً : اتركنى أنت مجنون.. مجنون!.
ويضيع الصوت.. ويترسب صمتها فى القاع... تغمرها طحالب ميتة.. تفكر.. تحفرُ صوتا فى الماء.. وتنسى.. ويندلقُ الهذيان .. تصطف الهوامش أمام غبار المرآة وتطالبها بالمشهد ذاته... تكنسها ... تنفض رأسها فى عنف.. وتضع قلم الكحل "
لا وجود لشخص ثالث وما كانت أختها الا هى تصارع الماضى وكآبته وتستعيد تماسكها واحساسها بكيانها ولتعيش من جديد بانسجام وحب وسعادة مع جمالها وانسانيتها وصدقها ، ولذلك كان " السكون " هنا واضحاً ومقصوداً على التاء "هيا لقد تأخرتْ " .
كانت اذاً تضيئ وتصارع السواد والعتمة ، وتجمل وتزين وتصارع القبح ، وتكتحل ليطغى وينتصر الجمال ، وتقاوم الحزن وتخلق مسارات للسعادة تمضى بها .
وتمضى " تتناول حقيبة العمل والنظارة السوداء..وتمد يدها لتقفل ضوء الغرفة .. فتجد أنها نسيتْ أصابعها على قلم الكحل الأسود " ، وانتصرت فقد رأت جمالها وانبهرت به وشعرت بالتوحد مع أدواته " نسيت أصابعها على قلم الكحل الأسود " .
القاصة والأديبة الكبيرة برعت فى استخدام المؤثرات البصرية ووظفت الألوان بأسلوب احترافى وبطريقة بارعة ، وكذلك كان للصوت دوراً رئيسياً فى صناعة الحدث الدرامى ، وبين المراوحة والمزاوجة بين الصوت والضوء فى التصوير الفنى لهذه القصة المدهشة ، خرجت هذه التحفة لتشبع الذائقة الفنية بسرد ازدانت لغته وصدحت بتفانين ومؤثرات الصوت والضوء .