وليد حجار
27-03-2007, 10:20 PM
مع ثلة من أصدقائي و أحبائي الخلص
و أنا أحتفل بعيد ميلادي الخمسين
فقلت :
لو تَشعُرونَ بِمـا أكُـنُّ و أضمُـرُ
ومَحَبَّتي بالقلـبِ كيـفَ تُصَـوَّرُ
لو تُدرِكـونَ إذا القَصيـدةُ أقبَلَـتْ
مـاذا أُحَمِّلُهـا وكـمْ هـي أقـدَرُ
لـو تَعلَمـونَ إذا خَلَـوتُ لِعالَمـي
مـا أَسْتَبيـحُ بِـهِ ومـا أَسْتَنكِـرُ
الحُـبُّ مَهمـا صَوَّرَتْـهُ مَشَاعِـرٌ
بالرّوحِ فيـهِ طَلاسِـمٌ لا تَظهَـرُ
لا تَسألوني كيـفَ عِشـتُ بِنـارِهِ
لا تسألـوا إنَّ الحَقيـقـةَ أكـبَـرُ
خَمسونَ عاماً ما انْطَفأتُ بِهـا ولا
أوْهـى الفُـؤادَ تَبَـدّلٌ و تَغَـيّـرُ
مَرَّتْ و تَاريخي يُسَجِّلُ مـا بِهـا
خَبَـرٌ يَشيـعُ و آخَـرٌ يَتَسَـتَّـرُ
صَفَحاتُـهُ الخَضـراءُ جَـدُّ قليلـةٌ
بسِطورِهـا مـاازْدادَ إلا الأحْمَـرُ
الأربَعـونَ وقَفـتُ عِنـدَ بُلوغِهـا
يومـاً كَهـذا و الشَّبـابُ يُزَمجِـرُ
عَشْرٌ مَضَتْ ما بَعدَ ذلكَ و انْقَضَتْ
وكَأنّها في سَيـرِ عُمـري أشهُـرُ
ما زِلتُ أختَصِرُ السِّنينَ و رَغْبَتـي
فيها مِنَ الشَّهَواتِ مـا لا يُحصَـرُ
في كُلِّ آونَةٍ يَطيـبُ لـيَ الهَـوى
أحْيا كَما يَهوى المِـزاجُ و يَأمُـرُ
هِيَ ذي الطَّبيعةُ ما تَغَيَّـرَ سَيرُهـا
وكَذا تَظَـلُّ مَـعَ الدُّهـورِ تُكَـرَّرُ
شيءٌ تَبَدَّلَ فـي مَسِيـرةِ رِحلتـي
لا تَحسَبـوهُ مَـعَ الزَّمـانِ يُؤثِـرُ
أصبَحْتُ أكْثـرَ خِبـرَةً و دِرايَـةً
فيما أقولُ عَـن النِّسـاءِ و أُخبِـرُ
كمْ كنتُ أجهَلُ بالهـوى فـإذا أنـا
بالحُبِّ صاحـبُ مَنهَـجٍ و مُقَـرِّرُ
طَوْرَينِ عِشتُ معَ النِّساءِ مُخَضْرَماً
طَوْرَ الشَّبابِ و ما بِهِ قد طَـوَّروا
حَتّى انْتَقلتُ إلى المَشيبِ و لـمْ أزَلْ
أبغي المَزيدَ بما أحـسُّ و أشعُـرُ
حُبّـي لَهُـنَّ يَزيـدُ كُـلَّ عَشيـةٍ
لا يَستَكِيـنُ ولا العَزيمـةُ تَفْـتُـرُ
في الأربعينَ قـدِ اكْتَمَلـنَ إثـارَةً
طابَ القِطافُ و ذابَ فيها السُّكَـرُ
هيَ ومضةُ الإبداعِ كيـفَ أرُدّهـا
مِن أينَ يأتي الوَحْيُ حيـنَ أُعَبِّـرُ
كالخَمـرِ عَتَّقهـا الزَّمـانُ بِحانَـةٍ
فـي كُـلِّ خَابِيـةٍ يُجَسَّـدُ عَبْقَـرُ
فإذا ارْتَشَفْـتُ ودَبَّ فِـيّ دَبِيبُهـا
بِعوالمِ النَّشـوى أطُـوفُ و أبحِـرُ
فأنا اكْتَسَبتُ مِن التَّجـارِبِ حِكْمَـةً
كالوَحْـيِ تُرشِدُنـي فَـلا أتَهَـوَّرُ
أظْهَرتُ في دُنيـا الجَمـالِ مَفاتِنـاً
البَـوْحُ مَمنـوعٌ بِهـا و مَحَـذَّرُ
ماجَفَّ نَبـعٌ كـانَ يُطفـئ غُلتـي
إلاّ و أردَفَـتِ المَشاعِـرَ أنـهـرُ
فأنا المُعَلـمُ مـا اسْتَعنـتُ بحُجَّـةٍ
إلا أتَيـتُ بمـا يَـفـوهُ مُفَـكِّـرُ
و الشَّيْـبُ جـاءَ يَلفّنـي بوَقـارِهِ
فَوَجَدتُـهُ بالـرّوحِ ليـسَ يُوقِّـرُ
ما زلتُ أبحَثُ و الطَّريـقُ طَويلـةٌ
عمَّا يَجُـدُّ مِـن الفُنـونِ و يُنشَـرُ
حَتّى وصَلتُ إلـى القَناعَـةٍ واثِقـاً
أنّي وَجَدتُ ونِلـتُ مـا أتَصَـوَّرُ
أبقى علـى قِمَـمِ الخَيـالِ مُحَلّقـاً
وكأنَّني ( هاروتُ ) بابـلَ أسحـرُ
هنَّ النّساءُ كمـا وصَفـتُ بحُقْبَـةٍ
تلكَ الحَقيقَـةُ كيـفَ فيهـا أكْفُـرُ
لا نَفعَ يُرجى إنْ عَشِقتُ صَغيـرةً
فأنا الوَحيُد مِـن الصَّغائـرِ أنْفُـرُ
ما عدتُ أرغَبُ أنْ أطـارِدَ ظَبيـةً
بدويـةَ الأطْـوارِ لا تَتَحَـضَّـرُ
مِثلَ (المُلـوحِ ) لا أُحَقِّـقُ مَأربـاً
أمَلي يَضيـعُ وخُطْوَتـي تَتَقَهْقَـرُ
مَهمـا بَـدَتْ عَصْرِيـةً بِدَهائهـا
عِنـدَ التَّجـارِبِ فَنُّهـا يَتَبَـخَّـرُ
رأسُ الحَماقَةِ حينَ أعشَـقُ غَـادَةً
تَرضى و تَغضَبُ و الوِصَالُ يَكَدَّرُ
تَبقـى مُراهِقَـةً تُقَلِّـدُ غَيـرَهـا
أمَّا الخَبيـرَةُ كـمْ تُثيـرُ و تَأسُـرُ
تُعطيكَ مـا تَصبـو إليـهِ بِلهفَـةٍ
تَبغي المَزيـدَ إذا اعْتَـراكَ تَأَخُّـرُ
ماذا أقـولُ وفـي الفُـؤادِ حَقيبَـةٌ
فيها حَقَائِـقُ مـا أبَـوحُ و أسْتُـرُ
خَمسونَ مَرَّتْ و الخَطيئةُ لمْ تَـزَلْ
تَبني قُصوراً و الصَّغائـرُ تَكبُـرُ
والنَّاسُ ما بَرِحَتْ تَلوكُ بِسيرَتـي
وتَزيدُ فيهـا مـا يَشيـنُ و يُنكَـرُ
همْ يَمكُـرونَ إذا سَمِعـتَ حَديثَهـم
و أنا أكَـذِّبُ مـا يُقـالُ و أمكُـرُ
مَهمـا أُعَـدِّدُ فالشَّواهِـدُ جَـمَّـةٌ
إنْ قَللوا مِـن شَأنِهـا أو أكثَـروا
لنْ أستَفيدَ و قـد خَلعـتُ عَباءَتـي
ورَمَيتُها خَلـفَ السِّنيـنِ تُشطّـرُ
خَالفـتُ قانـونَ الحيـاةِ بثَـورَةٍ
فيها دَمَجْـتُ مَبادئـاً لا تُصْهَـرُ
الحُبُّ عِندي ليسَ دَفـقَ عَواطِـفٍ
هَمَجِيـةَ الأمـواجِ دومـاً تَهـدُرُ
هـو كالشِّتـاءِ و كالرَّبيـعِ تَقَلبـاً
في كُـلِّ مَرحَلـةٍ لَـهُ مـا يَعـذرُ
هو كاحْتِجابِ الشَّمسِ عِندَ غُروبِها
تأتيـكَ فيمـا بَعـدُ لا تَتَـأخَّـرُ
و النَّفسُ بينَ غُروبِها و شُرو قِهـا
هيهاتَ يُعرَفُ ما تَحِسُّ و تَشعُـرُ
فالحُبُّ عِندَ النَّـاسِ غَيَّـرَ شَكلَهُـمْ
لعـداوةٍ بيـنَ النُّفـوسِ تُسيطِـرُ
مـا للخِيانَـةِ بالنُّفـوسِ تَرَبَّعَـتْ
تَغـزو ضَمائرَنـا ولا نَتَـذَمَّـرُ
إنْ ظَلَّ هـذا الحُـبُّ دونَ عَقيـدةٍ
ومَبـادئٍ نَدعـو لهـا و نُبَـشِّـرُ
لا بـدَ أنْ تأتـي النِّهايـةُ نَكسَـةً
في دِرْكِ واقِعِهـا المَريـرِ نُبَعْثَـرُ
تُعطي الحياةُ كما نُحِـبُّ ونَشتَهـي
لكنَّهـا عِنـدَ الكَـمـالِ تُقَـصِّـرُ
فاعْذُرْ صَديقَكَ إنْ كَبا فـي هَفْـوَةٍ
واخْلِصْ لَهُ إنَّ الصَّداقَـةَ جَوْهَـرُ
كُلُّ ابْنِ أنثـى لا مَحَالَـةَ نَاقِـصٌ
إنَّ التَّجـارِبَ بالحيـاةِ تُبَـصِّـرُ
فإذا امْتُحِنْتَ وخَـابَ فَألُـكَ مَـرَّةً
في خَوضِ تَجرِبَةٍ و خَانَكَ مَعْشَـرُ
أنتَ الكَريـمُ ولـو أذَوْكَ بِنارِهِـمْ
فَرَمادُهـا بَعـدَ الخُمـودِ يُطَهِّـرُ
إنَّ الخَطيئةَ نَحـنُ كُنْـهُ وجودِهـا
مِن عَهدِ ( آدمَ ) لمْ تَزَلْ هيَ عُنْصُرُ
كُلُّ البِحـارِ إذا اغْتَسَلـتَ بمائهـا
تَبغي الطَّهـارَةَ لا أظُنَّـكَ تَظفَـرُ
كمْ مِن خَبيثٍ صَارَ خَـادِمَ مَسجِـدٍ
ومُنافِـقٍ خَلـفَ الإمَـامِ يُـزَوِّرُ
فَتَجَنَّبـوا غَـدرَ اللئـامِ تَجنَّـبـوا
مَن كانَ مَعْدِنُهُ الرَّخيـصُ يُؤجَّـرُ
لولا اخْتلافُ النَّـاسِ فيمـا بَينَهـا
مـا كـانَ طَعـمٌ للحيـاةِ يُفَسَّـرُ
فاجْمعْ أواسِطَ مـا تَـراهُ بِرِحلـةٍ
فيها الطَّريقُ إلى التَّعايُـشِ أيسَـرُ
خَمسونَ فيها ذُقْـتُ كُـلَّ حَـلاوَةٍ
مازلـتُ بَعـدَ مُضِيِّهـا أتَـذَكَّـرُ
فإذا المَواسـمُ أقفَـرَتْ فـي فَتـرَةٍ
أو غابَ عن عَينِ المُولَـهِ مَنْظَـرُ
هُزّوا بِجِذْعِ القَلـبِ يُغْـدِقْ فَوقَنـا
مَالَذَّ مِن رُطَـبٍ تُسِـرُّ و تُسْكِـرُ
عادتْ إلى العَهـدِ القَديـمِ نُفُوسُنـا
نَشدو و نَرقُصُ و المَزاهِـرُ تَنْقُـرُ
مَـن كـانَ أوَلُـهُ نَقَـاءَ سَريـرَةٍ
لا بُـدَّ آخِـرُهُ يَطيـبُ و يُثْـمِـرُ
مَضَتِ السُّنونَ و قارَبَتْ أجَلي بِهـا
نَحـوَ النِّهايـةِ كيـفَ لا أتَحَسَّـرُ
يا هَولَ ما فَعَلَـتْ يَـدايَ ضَلالَـةً
وتَجَارَتي كـمْ بِـتُّ فيهـا أخْسَـرُ
كيفَ الرَّحيلُ و ما حَمَلتُ مَؤونَـةً
عمَّا ارْتَكَبتُ مِـن الذُّنـوبِ تُكَفِّـرُ
يَبقى مَـنِ اتَّبَـعَ القَناعَـةَ غانِمـاً
أو كانَ في سَاحِ المَصائبِ يَصبِـرُ
سُقيا لمنْ كَشَـفَ الحَقيقَـةَ أو رَأى
ما لا يُرى بَعـدَ التَّكهـنِ مُبْصِـرُ
قوموا إلى الرَّحمنِ نَسـأل عَفْـوَهُ
وعنِ الذُّنوبِ نَتُـوبُ أو نَستَغفِـرُ
ما شـاءَ ربّـكَ فليكـنْ بِقضائـهِ
إنّي بِمـا أعطـى و أنعَـمَ أشكُـرُ
و أنا أحتفل بعيد ميلادي الخمسين
فقلت :
لو تَشعُرونَ بِمـا أكُـنُّ و أضمُـرُ
ومَحَبَّتي بالقلـبِ كيـفَ تُصَـوَّرُ
لو تُدرِكـونَ إذا القَصيـدةُ أقبَلَـتْ
مـاذا أُحَمِّلُهـا وكـمْ هـي أقـدَرُ
لـو تَعلَمـونَ إذا خَلَـوتُ لِعالَمـي
مـا أَسْتَبيـحُ بِـهِ ومـا أَسْتَنكِـرُ
الحُـبُّ مَهمـا صَوَّرَتْـهُ مَشَاعِـرٌ
بالرّوحِ فيـهِ طَلاسِـمٌ لا تَظهَـرُ
لا تَسألوني كيـفَ عِشـتُ بِنـارِهِ
لا تسألـوا إنَّ الحَقيـقـةَ أكـبَـرُ
خَمسونَ عاماً ما انْطَفأتُ بِهـا ولا
أوْهـى الفُـؤادَ تَبَـدّلٌ و تَغَـيّـرُ
مَرَّتْ و تَاريخي يُسَجِّلُ مـا بِهـا
خَبَـرٌ يَشيـعُ و آخَـرٌ يَتَسَـتَّـرُ
صَفَحاتُـهُ الخَضـراءُ جَـدُّ قليلـةٌ
بسِطورِهـا مـاازْدادَ إلا الأحْمَـرُ
الأربَعـونَ وقَفـتُ عِنـدَ بُلوغِهـا
يومـاً كَهـذا و الشَّبـابُ يُزَمجِـرُ
عَشْرٌ مَضَتْ ما بَعدَ ذلكَ و انْقَضَتْ
وكَأنّها في سَيـرِ عُمـري أشهُـرُ
ما زِلتُ أختَصِرُ السِّنينَ و رَغْبَتـي
فيها مِنَ الشَّهَواتِ مـا لا يُحصَـرُ
في كُلِّ آونَةٍ يَطيـبُ لـيَ الهَـوى
أحْيا كَما يَهوى المِـزاجُ و يَأمُـرُ
هِيَ ذي الطَّبيعةُ ما تَغَيَّـرَ سَيرُهـا
وكَذا تَظَـلُّ مَـعَ الدُّهـورِ تُكَـرَّرُ
شيءٌ تَبَدَّلَ فـي مَسِيـرةِ رِحلتـي
لا تَحسَبـوهُ مَـعَ الزَّمـانِ يُؤثِـرُ
أصبَحْتُ أكْثـرَ خِبـرَةً و دِرايَـةً
فيما أقولُ عَـن النِّسـاءِ و أُخبِـرُ
كمْ كنتُ أجهَلُ بالهـوى فـإذا أنـا
بالحُبِّ صاحـبُ مَنهَـجٍ و مُقَـرِّرُ
طَوْرَينِ عِشتُ معَ النِّساءِ مُخَضْرَماً
طَوْرَ الشَّبابِ و ما بِهِ قد طَـوَّروا
حَتّى انْتَقلتُ إلى المَشيبِ و لـمْ أزَلْ
أبغي المَزيدَ بما أحـسُّ و أشعُـرُ
حُبّـي لَهُـنَّ يَزيـدُ كُـلَّ عَشيـةٍ
لا يَستَكِيـنُ ولا العَزيمـةُ تَفْـتُـرُ
في الأربعينَ قـدِ اكْتَمَلـنَ إثـارَةً
طابَ القِطافُ و ذابَ فيها السُّكَـرُ
هيَ ومضةُ الإبداعِ كيـفَ أرُدّهـا
مِن أينَ يأتي الوَحْيُ حيـنَ أُعَبِّـرُ
كالخَمـرِ عَتَّقهـا الزَّمـانُ بِحانَـةٍ
فـي كُـلِّ خَابِيـةٍ يُجَسَّـدُ عَبْقَـرُ
فإذا ارْتَشَفْـتُ ودَبَّ فِـيّ دَبِيبُهـا
بِعوالمِ النَّشـوى أطُـوفُ و أبحِـرُ
فأنا اكْتَسَبتُ مِن التَّجـارِبِ حِكْمَـةً
كالوَحْـيِ تُرشِدُنـي فَـلا أتَهَـوَّرُ
أظْهَرتُ في دُنيـا الجَمـالِ مَفاتِنـاً
البَـوْحُ مَمنـوعٌ بِهـا و مَحَـذَّرُ
ماجَفَّ نَبـعٌ كـانَ يُطفـئ غُلتـي
إلاّ و أردَفَـتِ المَشاعِـرَ أنـهـرُ
فأنا المُعَلـمُ مـا اسْتَعنـتُ بحُجَّـةٍ
إلا أتَيـتُ بمـا يَـفـوهُ مُفَـكِّـرُ
و الشَّيْـبُ جـاءَ يَلفّنـي بوَقـارِهِ
فَوَجَدتُـهُ بالـرّوحِ ليـسَ يُوقِّـرُ
ما زلتُ أبحَثُ و الطَّريـقُ طَويلـةٌ
عمَّا يَجُـدُّ مِـن الفُنـونِ و يُنشَـرُ
حَتّى وصَلتُ إلـى القَناعَـةٍ واثِقـاً
أنّي وَجَدتُ ونِلـتُ مـا أتَصَـوَّرُ
أبقى علـى قِمَـمِ الخَيـالِ مُحَلّقـاً
وكأنَّني ( هاروتُ ) بابـلَ أسحـرُ
هنَّ النّساءُ كمـا وصَفـتُ بحُقْبَـةٍ
تلكَ الحَقيقَـةُ كيـفَ فيهـا أكْفُـرُ
لا نَفعَ يُرجى إنْ عَشِقتُ صَغيـرةً
فأنا الوَحيُد مِـن الصَّغائـرِ أنْفُـرُ
ما عدتُ أرغَبُ أنْ أطـارِدَ ظَبيـةً
بدويـةَ الأطْـوارِ لا تَتَحَـضَّـرُ
مِثلَ (المُلـوحِ ) لا أُحَقِّـقُ مَأربـاً
أمَلي يَضيـعُ وخُطْوَتـي تَتَقَهْقَـرُ
مَهمـا بَـدَتْ عَصْرِيـةً بِدَهائهـا
عِنـدَ التَّجـارِبِ فَنُّهـا يَتَبَـخَّـرُ
رأسُ الحَماقَةِ حينَ أعشَـقُ غَـادَةً
تَرضى و تَغضَبُ و الوِصَالُ يَكَدَّرُ
تَبقـى مُراهِقَـةً تُقَلِّـدُ غَيـرَهـا
أمَّا الخَبيـرَةُ كـمْ تُثيـرُ و تَأسُـرُ
تُعطيكَ مـا تَصبـو إليـهِ بِلهفَـةٍ
تَبغي المَزيـدَ إذا اعْتَـراكَ تَأَخُّـرُ
ماذا أقـولُ وفـي الفُـؤادِ حَقيبَـةٌ
فيها حَقَائِـقُ مـا أبَـوحُ و أسْتُـرُ
خَمسونَ مَرَّتْ و الخَطيئةُ لمْ تَـزَلْ
تَبني قُصوراً و الصَّغائـرُ تَكبُـرُ
والنَّاسُ ما بَرِحَتْ تَلوكُ بِسيرَتـي
وتَزيدُ فيهـا مـا يَشيـنُ و يُنكَـرُ
همْ يَمكُـرونَ إذا سَمِعـتَ حَديثَهـم
و أنا أكَـذِّبُ مـا يُقـالُ و أمكُـرُ
مَهمـا أُعَـدِّدُ فالشَّواهِـدُ جَـمَّـةٌ
إنْ قَللوا مِـن شَأنِهـا أو أكثَـروا
لنْ أستَفيدَ و قـد خَلعـتُ عَباءَتـي
ورَمَيتُها خَلـفَ السِّنيـنِ تُشطّـرُ
خَالفـتُ قانـونَ الحيـاةِ بثَـورَةٍ
فيها دَمَجْـتُ مَبادئـاً لا تُصْهَـرُ
الحُبُّ عِندي ليسَ دَفـقَ عَواطِـفٍ
هَمَجِيـةَ الأمـواجِ دومـاً تَهـدُرُ
هـو كالشِّتـاءِ و كالرَّبيـعِ تَقَلبـاً
في كُـلِّ مَرحَلـةٍ لَـهُ مـا يَعـذرُ
هو كاحْتِجابِ الشَّمسِ عِندَ غُروبِها
تأتيـكَ فيمـا بَعـدُ لا تَتَـأخَّـرُ
و النَّفسُ بينَ غُروبِها و شُرو قِهـا
هيهاتَ يُعرَفُ ما تَحِسُّ و تَشعُـرُ
فالحُبُّ عِندَ النَّـاسِ غَيَّـرَ شَكلَهُـمْ
لعـداوةٍ بيـنَ النُّفـوسِ تُسيطِـرُ
مـا للخِيانَـةِ بالنُّفـوسِ تَرَبَّعَـتْ
تَغـزو ضَمائرَنـا ولا نَتَـذَمَّـرُ
إنْ ظَلَّ هـذا الحُـبُّ دونَ عَقيـدةٍ
ومَبـادئٍ نَدعـو لهـا و نُبَـشِّـرُ
لا بـدَ أنْ تأتـي النِّهايـةُ نَكسَـةً
في دِرْكِ واقِعِهـا المَريـرِ نُبَعْثَـرُ
تُعطي الحياةُ كما نُحِـبُّ ونَشتَهـي
لكنَّهـا عِنـدَ الكَـمـالِ تُقَـصِّـرُ
فاعْذُرْ صَديقَكَ إنْ كَبا فـي هَفْـوَةٍ
واخْلِصْ لَهُ إنَّ الصَّداقَـةَ جَوْهَـرُ
كُلُّ ابْنِ أنثـى لا مَحَالَـةَ نَاقِـصٌ
إنَّ التَّجـارِبَ بالحيـاةِ تُبَـصِّـرُ
فإذا امْتُحِنْتَ وخَـابَ فَألُـكَ مَـرَّةً
في خَوضِ تَجرِبَةٍ و خَانَكَ مَعْشَـرُ
أنتَ الكَريـمُ ولـو أذَوْكَ بِنارِهِـمْ
فَرَمادُهـا بَعـدَ الخُمـودِ يُطَهِّـرُ
إنَّ الخَطيئةَ نَحـنُ كُنْـهُ وجودِهـا
مِن عَهدِ ( آدمَ ) لمْ تَزَلْ هيَ عُنْصُرُ
كُلُّ البِحـارِ إذا اغْتَسَلـتَ بمائهـا
تَبغي الطَّهـارَةَ لا أظُنَّـكَ تَظفَـرُ
كمْ مِن خَبيثٍ صَارَ خَـادِمَ مَسجِـدٍ
ومُنافِـقٍ خَلـفَ الإمَـامِ يُـزَوِّرُ
فَتَجَنَّبـوا غَـدرَ اللئـامِ تَجنَّـبـوا
مَن كانَ مَعْدِنُهُ الرَّخيـصُ يُؤجَّـرُ
لولا اخْتلافُ النَّـاسِ فيمـا بَينَهـا
مـا كـانَ طَعـمٌ للحيـاةِ يُفَسَّـرُ
فاجْمعْ أواسِطَ مـا تَـراهُ بِرِحلـةٍ
فيها الطَّريقُ إلى التَّعايُـشِ أيسَـرُ
خَمسونَ فيها ذُقْـتُ كُـلَّ حَـلاوَةٍ
مازلـتُ بَعـدَ مُضِيِّهـا أتَـذَكَّـرُ
فإذا المَواسـمُ أقفَـرَتْ فـي فَتـرَةٍ
أو غابَ عن عَينِ المُولَـهِ مَنْظَـرُ
هُزّوا بِجِذْعِ القَلـبِ يُغْـدِقْ فَوقَنـا
مَالَذَّ مِن رُطَـبٍ تُسِـرُّ و تُسْكِـرُ
عادتْ إلى العَهـدِ القَديـمِ نُفُوسُنـا
نَشدو و نَرقُصُ و المَزاهِـرُ تَنْقُـرُ
مَـن كـانَ أوَلُـهُ نَقَـاءَ سَريـرَةٍ
لا بُـدَّ آخِـرُهُ يَطيـبُ و يُثْـمِـرُ
مَضَتِ السُّنونَ و قارَبَتْ أجَلي بِهـا
نَحـوَ النِّهايـةِ كيـفَ لا أتَحَسَّـرُ
يا هَولَ ما فَعَلَـتْ يَـدايَ ضَلالَـةً
وتَجَارَتي كـمْ بِـتُّ فيهـا أخْسَـرُ
كيفَ الرَّحيلُ و ما حَمَلتُ مَؤونَـةً
عمَّا ارْتَكَبتُ مِـن الذُّنـوبِ تُكَفِّـرُ
يَبقى مَـنِ اتَّبَـعَ القَناعَـةَ غانِمـاً
أو كانَ في سَاحِ المَصائبِ يَصبِـرُ
سُقيا لمنْ كَشَـفَ الحَقيقَـةَ أو رَأى
ما لا يُرى بَعـدَ التَّكهـنِ مُبْصِـرُ
قوموا إلى الرَّحمنِ نَسـأل عَفْـوَهُ
وعنِ الذُّنوبِ نَتُـوبُ أو نَستَغفِـرُ
ما شـاءَ ربّـكَ فليكـنْ بِقضائـهِ
إنّي بِمـا أعطـى و أنعَـمَ أشكُـرُ