المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوراق مجهولة !



محمدابراهيم محروس
29-03-2007, 05:32 AM
ها هي الأيام تسير على وتيرة واحدة .. لاشيء جديد ينمو فى حياة عبد العليم فايز.
وقفت عيناه على مجموعة من الصور، مجموعة أثارته لأقصى درجة وهو يتمتم:- كلاب، كلاب.
منذ سنوات عديدة وعبد العليم فايز يكتفي بالفرجة على الدنيا يرى أن الحياة أصبحت أشد قسوة وعنف مما كان يتصور
فى ليلة باردة وفى جوف بئر كان عبد العليم يحفر بيده وأسنانه ليصل للماء
قال له كبيرهم هنا يوجد ماء عليك أن تصل إليه أبذل كل جهدك وإلا ستموت .
وقف الكبير يضحك وعبد العليم مستمر فى الحفر ،حتى كلت يداه وتورمت قدماه .. لأكثر من عشرين ساعة وهو فى قلب البئر يحفر بلا هوادة
نظر إلى أعلى وجد أن المسافة بينه وبين سطح الأرض تباعدت كثيرا وكثيرا..
لا يجد ولم يفكر أن يجد وقتها أفكارا تساعده على العثور على المياه.
ولكنه قال لكبيرهم : الماء مستحيل الوصول إليه هنا.. أرجوك أسمح لي أن أصعد
لم ينبس الكبير وهو يشير له أن يكمل الحفر، ساعة أخرى تمضي وهو فى أسفل ولأسفل يمضى.
وفجأة قرر الصعود ، شيء بداخله قال له: اصعد لا سبيل لما يريدون منك.
راحت يداه تتشبثان بنتوءات البئر يحاول أن يصعد، ولكن تلك المادة التي كانوا يقذفونها فى البئر ليل نهار ،كونت حائطا أملسا تتزحلق يداه من عليه؛ جعلت الأمر من المستحيلات
وكلما حاول الصعود كلما سقط جسده بعنف ليرتطم بقاع البئر..
شيء يدعوه أن يكمل ويكمل..
فوقه كان الكبير يتطلع إليه فى تشفٍ
ويضحك ضحكات عالية تصل إلى أذنيّ عبد العال فى البئر كأنها رجيع رياح.
وصدؤها يغزو عقله بعنف..
وعندما صعد أخيرا بعد أن أدلوا له حبلا بعد مرور ستّ ساعات أخرى كان القلق والخوف حفرا طريقهما فى كيانه ..
بالكوريك الذي كان معلقا على ظهره أثناء صعوده وبعد أن خرج للسطح ورأى ضحكة الكبير عريضة وواسعة..
انهال بالكوريك على رأس الكبير عدة ضربات أنبج بعدها الدم؛ ليغرق ملابسه وملابس الكبير الذي لم يصدق ما يحدث والذي راحت ابتسامته تتآكل من وجهه؛ لتصبح شيء أشبه بالبلاهة
ووسط ذهول الجميع دفعه عبد العليم بيده؛ ليسقط فى البئر وهو يقذف الكوريك إليه وهو يقول صارخا : احفر هنا ربما وجدت أنت مياه .
سيطر العسكر على عبد العليم وأوثقوه بقيود حديدية ودفعوه أمامهم؛ ليستقر فى زنزانة تحت الأرض وقد منعت عنه المياه والطعام .
ثلاثة أيام.
وصدر حكم من قائد الكتيبة بإعدام عبد العليم فايز بعد أن نزف الكبير فى قاع البئر حتى مات وفشلت كل محاولاتهم فى إنقاذه
وقتها كان الأسرى كلهم فى حالة فرح ، مئات ماتوا منهم وهم يبحثون عن الماء نقط من الماء، حفروا الأرض بأسنانهم ، لم تخرج الأرض لهم سوي دماء .
دماء أخوانهم الذين ماتوا إثر ضربهم بالنار وتشربتها الأرض .
وقتذاك جهز عبد العليم نفسه للموت ، وحضر نفسه للقاء خالق الكون .
الصفراء كانت تبدو فى السماء والرمال الصفراء حوله تشي أن الجحيم نفسه سيكون هنا . وهنا ستكون مقبرته، شيء داخله كان يدعوه للاطمئنان شيء يدعوه أن يظل ثابتا.
لقد شاهد الموت فى أيامه السابقة آلاف المرات .
الصحراء واسعة، والرمال تحرق والرصاص يخترق الصدور.
كثيرون يتساقطون وتدوسهم الدبابات.
لا يريدون أسري يريدونها مجزرة، مجزرة حقيقية.
تشققت شفتاه ، حلقه أصبح جافا بطعم التراب ، يبتلع ريقه بصعوبة .
وقتها وجده يقف على باب زنزانته، ويُفتح البابُ ويُدفع به إلى الداخل .
مثله أسير حرب، وكم يتشابهان؟!
ظن أنه ينظر لنفسه فى مرآة ولكنه التوهم .
بل ملابس الجيش الواحدة الممزقة والتراب الذي يغطي الوجوه، كله يظنه يشبه.
مال عليه بعد لحظات من دخوله قائلا :- أخلع ملابسك .
- ماذا ؟!
- لا وقت الآن لماذا ؟ أخلع ملابسك .
الصوت كان يعرفه ، ولكن الذاكرة تخونه .
وجد هذا الشخص يميل عليه بسرعة ويجذب سترته التي لوثتها دماء كبيرهم ثم يشير له وهو يقذف إليه سترته هو أن يلبسها .
والشاب يردف:- ستجد أوراقي فى السترة كلها ، وصورة حبيبتي هدى حافظ عليها بحياتك ، هات أوراقك .
لم يفهم عبد العليم وقتها ما يجري ، ولكن عند الليل أقبل عساكر العدو بطغيانهم وجبروتهم الرهيب .
أخرجوا ذلك الشخص على أنه هو ، هو عبد العليم قاتل كبيرهم .
بلع عبد العليم آنذاك التراب الذي يملأ حلقه. أراد أن يصرخ فيهم ليس هو، بل أنا ولكن شيئا دعاه للصمت .
فى الصباح تذكر أين سمع هذا الصوت وهو ينضم للأسرى ،على أنه فتحي ، ذلك الشاب الهادئ الجميل ذو الصوت العذب والذي كان دوما يستمع له فى المعسكر وهو يردد الأغاني الوطنية
ذلك فتحي الذي مات بدل منه بالرصاص، والذي قال لنفسه كثيرا كم يشبهني هذا الشاب ، نعم لم يكن يتوهم فهو شبيه له وبدرجة كبيرة ، فتحي قذفوه فى البئر الذي كان قد حفره عبد العليم وألقوا فوقه الجير الحي ، والبعض من زملائه الذين تكتموا الأمر قالوا له آنذاك :إنه من أراد هذا . وكلنا سنموت فلا تقلق..أنك بطل.
بسترة فتحي عاش عبد العال شهورا طويلة فى الأسر .
ماتت البسمة على وجهه ، وماتت الحياة بداخله .
ومات هو كشخص .
ذاق ويلات العذاب بكميات غير طبيعية .
وعندما عاد مرة أخري للجيش بعد عملية تسليم أسري متبادل كان يحمل اسم فتحي .
نقلوه لوحدة أخري فلم يهتم، بل سعد بالأمر .
فهنا يعيش كفتحي .
عبد العليم الجندي الوحيد تقريبا فى اللواء الثالث مشاه الذي لم يأخذ إجازة لمدة يومين وعلى مدار أربع سنوات منذ عودته من الأسر إلى الجيش .
ظل يحمل أوراق فتحي، وحياة فتحي، ودين فتحي، وصورة هدي حبيبة فتحي وخطيبته ما زالت فى محفظته .
كثيرا ما دار بذهنه أن يقول لقائد وحدته أنه عبد العليم وليس بفتحي ، ولكنه لاذ بالصمت لسنوات حتى العبور والنصر ..
وقتها كان يعبر وفى قلبه شيء واحد أن يعود بعظام فتحي ؛ليدفنها فى مقبرة مصرية وكلمة شهيد بخط أسود عريض تكتب عليها .
ولكن برغم هذا لم يصل لما يريد وعندما صدر قرار وقف أطلاق النار كاد يجن ، وكان يقول لنفسه :لا لم أصل بعد ، لا
ولكنه قرار الجيش ويجب أن ينفذ.
الرئيس يخطب فى مجلس الشعب ،الراديو ينقل الخطبة .. الجنود ترقص فرحا ، وعبد العليم يصرخ فى جذع : لا ، لا لم أصل بعد .
ظن زملاؤه أنها الفرحة تأكل عقله .
وبعد أن غادر الجيش وتم تسريحه، وبعد أن ظل لسنوات يحلم بمقبرة تحمل اسم فتحي، الشهيد فتحي.
استسلم للحياة، الرئيس يخطب يقول إنه سوف يسافر إسرائيل..
هل سيسافر من أجل عظام فتحي .
معاهدة للسلام !
اللعنة !
الحياة تمضى ، وتمضى .
وهو يبحث فى الوجوه عن هدي ، يبحث ببطاقة فتحي التي يحملها فى جيبه .
وعندما دارت به الحياة قرر أن يظل فتحي ، يعيش وينجب ويتزوج وهو يحمل دين فى جبينه ، دين حياة.
طابا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم فى عيد .
طابا رجعت ولم ترجع عظام فتحي.
ولم ترجع طابا رغم كثرة إذاعة الأغنية.
وظل عبد العليم يبحث عن نفسه دون جدوى .
البرد يضرب جسد عبد العليم ، ويداه مستمرتان فى تقليب الصفحات ،وعيناه تحدقان فى الصور التي أمامه ، والغضب يشتعل بكيانه.
كانت صور الأسرى المصريين، التي نقلتها الجرائد والمجلات.
يا لها من حياة !.
قلب صفحة الجريدة والذكريات تتعلق به بخيوط عنكبوت.
قرأ الصفحة المقابلة والعنوان الرئيسي " الاستفتاء على تعديلات الدستور يوم الاثنين المقبل "
وجد نفسه يتمتم بصوت رهيب:- كلاب ، مجرد كلاب.
وجد نفسه ما زال يمسك الكوريك ليحفر من جديد وكبيرهم ينظر إليه من أعلى ضاحكا وهو يهبط لأسفل وأسفل
وبلا حدود .

علاء عيسى
29-03-2007, 06:03 AM
" وجد نفسه ما زال يمسك الكوريك ليحفر من جديد وكبيرهم ينظر إليه من أعلى ضاحكا وهو يهبط لأسفل وأسفل
وبلا حدود . "
:NJ: :NJ: :NJ:
:NJ: :NJ:
:NJ:
تحياتى
وسعيد جداً
أن أكون أول المعانقين لهذا الجمال

ريمة الخاني
29-03-2007, 09:39 AM
تابعتها حتى النهاية مؤلمة حتى الصميم..............
لله در قلمك كاتبنا العزيز
ريمه الخاني

حسام القاضي
29-03-2007, 01:38 PM
القاص الجميل / محمد ابراهيم محروس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقاً لا أجد ما أقول أمام هذه الرائعة
ملكت خيوط العمل بمهارة كبيرة
استطعت تضفير أحداث الماضي مع الحاضر بسلاسة فائقة
نجحت في تشويقنا لأن نعرف الحكاية ؛ فلم نعرف من هو الكبير (الأول) إلا بعد وقت لنجد أنفسنا فجأة وسط قضية الأسرى التي نجحت في ابرازها للوجود بهذا الشكل الرائع.. هؤلاء الأسرى الذين عذبوا واعدموا ودهسوا بالدبابات ..من لهم ، أربعون عام مضت بلا جدوى..
القصة عميقة وبطلها ظل يبحث عن الأمل مرة في حرب أكتوبر ومرة في السلام ، ومرات في رجوع الأرض من يعود بعظام الأسير الشهيد ( من ياخذ بثأره)..ظل على أمله برغم كل شيء إلى أن أيقن هناك كلاباً يبيعون الوطن بثمن بخس ، هنا فقط أدرك أنه ـ وبرغم وجوده في وطنه ـ مازال أسيراً للكبير..كبير له نفس سمرته وربما نفس ملامح وجهه لكنه أعاده لنفس الحفرة ، ليحفر إلى الأبد ، ولكن بلا جدوى.
حقاً تعجز كلماتي عن التعبير عن مدى اعجابي وتأثري بهذه القصة الفريدة التي نسجتها بحساسية شديدة ، وأنهيتها بنهاية رائعة قوية وبليغة للغاية .
اعذرني إن جاء تعقيبي أقل كثيراً من فنك البديع .
تقبل تقديري واحترامي .


للتثبيت

د. مصطفى عراقي
29-03-2007, 11:58 PM
ها هي الأيام تسير على وتيرة واحدة .. لاشيء جديد ينمو فى حياة عبد العليم فايز.
وقفت عيناه على مجموعة من الصور، مجموعة أثارته لأقصى درجة وهو يتمتم:- كلاب، كلاب.
منذ سنوات عديدة وعبد العليم فايز يكتفي بالفرجة على الدنيا يرى أن الحياة أصبحت أشد قسوة وعنف مما كان يتصور
فى ليلة باردة وفى جوف بئر كان عبد العليم يحفر بيده وأسنانه ليصل للماء
قال له كبيرهم هنا يوجد ماء عليك أن تصل إليه أبذل كل جهدك وإلا ستموت .
وقف الكبير يضحك وعبد العليم مستمر فى الحفر ،حتى كلت يداه وتورمت قدماه .. لأكثر من عشرين ساعة وهو فى قلب البئر يحفر بلا هوادة
نظر إلى أعلى وجد أن المسافة بينه وبين سطح الأرض تباعدت كثيرا وكثيرا..
لا يجد ولم يفكر أن يجد وقتها أفكارا تساعده على العثور على المياه.
ولكنه قال لكبيرهم : الماء مستحيل الوصول إليه هنا.. أرجوك أسمح لي أن أصعد
لم ينبس الكبير وهو يشير له أن يكمل الحفر، ساعة أخرى تمضي وهو فى أسفل ولأسفل يمضى.
وفجأة قرر الصعود ، شيء بداخله قال له: اصعد لا سبيل لما يريدون منك.
راحت يداه تتشبثان بنتوءات البئر يحاول أن يصعد، ولكن تلك المادة التي كانوا يقذفونها فى البئر ليل نهار ،كونت حائطا أملسا تتزحلق يداه من عليه؛ جعلت الأمر من المستحيلات
وكلما حاول الصعود كلما سقط جسده بعنف ليرتطم بقاع البئر..
شيء يدعوه أن يكمل ويكمل..
فوقه كان الكبير يتطلع إليه فى تشفٍ
ويضحك ضحكات عالية تصل إلى أذنيّ عبد العال فى البئر كأنها رجيع رياح.
وصدؤها يغزو عقله بعنف..
وعندما صعد أخيرا بعد أن أدلوا له حبلا بعد مرور ستّ ساعات أخرى كان القلق والخوف حفرا طريقهما فى كيانه ..
بالكوريك الذي كان معلقا على ظهره أثناء صعوده وبعد أن خرج للسطح ورأى ضحكة الكبير عريضة وواسعة..
انهال بالكوريك على رأس الكبير عدة ضربات أنبج بعدها الدم؛ ليغرق ملابسه وملابس الكبير الذي لم يصدق ما يحدث والذي راحت ابتسامته تتآكل من وجهه؛ لتصبح شيء أشبه بالبلاهة
ووسط ذهول الجميع دفعه عبد العليم بيده؛ ليسقط فى البئر وهو يقذف الكوريك إليه وهو يقول صارخا : احفر هنا ربما وجدت أنت مياه .
سيطر العسكر على عبد العليم وأوثقوه بقيود حديدية ودفعوه أمامهم؛ ليستقر فى زنزانة تحت الأرض وقد منعت عنه المياه والطعام .
ثلاثة أيام.
وصدر حكم من قائد الكتيبة بإعدام عبد العليم فايز بعد أن نزف الكبير فى قاع البئر حتى مات وفشلت كل محاولاتهم فى إنقاذه
وقتها كان الأسرى كلهم فى حالة فرح ، مئات ماتوا منهم وهم يبحثون عن الماء نقط من الماء، حفروا الأرض بأسنانهم ، لم تخرج الأرض لهم سوي دماء .
دماء أخوانهم الذين ماتوا إثر ضربهم بالنار وتشربتها الأرض .
وقتذاك جهز عبد العليم نفسه للموت ، وحضر نفسه للقاء خالق الكون .
الصفراء كانت تبدو فى السماء والرمال الصفراء حوله تشي أن الجحيم نفسه سيكون هنا . وهنا ستكون مقبرته، شيء داخله كان يدعوه للاطمئنان شيء يدعوه أن يظل ثابتا.
لقد شاهد الموت فى أيامه السابقة آلاف المرات .
الصحراء واسعة، والرمال تحرق والرصاص يخترق الصدور.
كثيرون يتساقطون وتدوسهم الدبابات.
لا يريدون أسري يريدونها مجزرة، مجزرة حقيقية.
تشققت شفتاه ، حلقه أصبح جافا بطعم التراب ، يبتلع ريقه بصعوبة .
وقتها وجده يقف على باب زنزانته، ويُفتح البابُ ويُدفع به إلى الداخل .
مثله أسير حرب، وكم يتشابهان؟!
ظن أنه ينظر لنفسه فى مرآة ولكنه التوهم .
بل ملابس الجيش الواحدة الممزقة والتراب الذي يغطي الوجوه، كله يظنه يشبه.
مال عليه بعد لحظات من دخوله قائلا :- أخلع ملابسك .
- ماذا ؟!
- لا وقت الآن لماذا ؟ أخلع ملابسك .
الصوت كان يعرفه ، ولكن الذاكرة تخونه .
وجد هذا الشخص يميل عليه بسرعة ويجذب سترته التي لوثتها دماء كبيرهم ثم يشير له وهو يقذف إليه سترته هو أن يلبسها .
والشاب يردف:- ستجد أوراقي فى السترة كلها ، وصورة حبيبتي هدى حافظ عليها بحياتك ، هات أوراقك .
لم يفهم عبد العليم وقتها ما يجري ، ولكن عند الليل أقبل عساكر العدو بطغيانهم وجبروتهم الرهيب .
أخرجوا ذلك الشخص على أنه هو ، هو عبد العليم قاتل كبيرهم .
بلع عبد العليم آنذاك التراب الذي يملأ حلقه. أراد أن يصرخ فيهم ليس هو، بل أنا ولكن شيئا دعاه للصمت .
فى الصباح تذكر أين سمع هذا الصوت وهو ينضم للأسرى ،على أنه فتحي ، ذلك الشاب الهادئ الجميل ذو الصوت العذب والذي كان دوما يستمع له فى المعسكر وهو يردد الأغاني الوطنية
ذلك فتحي الذي مات بدل منه بالرصاص، والذي قال لنفسه كثيرا كم يشبهني هذا الشاب ، نعم لم يكن يتوهم فهو شبيه له وبدرجة كبيرة ، فتحي قذفوه فى البئر الذي كان قد حفره عبد العليم وألقوا فوقه الجير الحي ، والبعض من زملائه الذين تكتموا الأمر قالوا له آنذاك :إنه من أراد هذا . وكلنا سنموت فلا تقلق..أنك بطل.
بسترة فتحي عاش عبد العال شهورا طويلة فى الأسر .
ماتت البسمة على وجهه ، وماتت الحياة بداخله .
ومات هو كشخص .
ذاق ويلات العذاب بكميات غير طبيعية .
وعندما عاد مرة أخري للجيش بعد عملية تسليم أسري متبادل كان يحمل اسم فتحي .
نقلوه لوحدة أخري فلم يهتم، بل سعد بالأمر .
فهنا يعيش كفتحي .
عبد العليم الجندي الوحيد تقريبا فى اللواء الثالث مشاه الذي لم يأخذ إجازة لمدة يومين وعلى مدار أربع سنوات منذ عودته من الأسر إلى الجيش .
ظل يحمل أوراق فتحي، وحياة فتحي، ودين فتحي، وصورة هدي حبيبة فتحي وخطيبته ما زالت فى محفظته .
كثيرا ما دار بذهنه أن يقول لقائد وحدته أنه عبد العليم وليس بفتحي ، ولكنه لاذ بالصمت لسنوات حتى العبور والنصر ..
وقتها كان يعبر وفى قلبه شيء واحد أن يعود بعظام فتحي ؛ليدفنها فى مقبرة مصرية وكلمة شهيد بخط أسود عريض تكتب عليها .
ولكن برغم هذا لم يصل لما يريد وعندما صدر قرار وقف أطلاق النار كاد يجن ، وكان يقول لنفسه :لا لم أصل بعد ، لا
ولكنه قرار الجيش ويجب أن ينفذ.
الرئيس يخطب فى مجلس الشعب ،الراديو ينقل الخطبة .. الجنود ترقص فرحا ، وعبد العليم يصرخ فى جذع : لا ، لا لم أصل بعد .
ظن زملاؤه أنها الفرحة تأكل عقله .
وبعد أن غادر الجيش وتم تسريحه، وبعد أن ظل لسنوات يحلم بمقبرة تحمل اسم فتحي، الشهيد فتحي.
استسلم للحياة، الرئيس يخطب يقول إنه سوف يسافر إسرائيل..
هل سيسافر من أجل عظام فتحي .
معاهدة للسلام !
اللعنة !
الحياة تمضى ، وتمضى .
وهو يبحث فى الوجوه عن هدي ، يبحث ببطاقة فتحي التي يحملها فى جيبه .
وعندما دارت به الحياة قرر أن يظل فتحي ، يعيش وينجب ويتزوج وهو يحمل دين فى جبينه ، دين حياة.
طابا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم فى عيد .
طابا رجعت ولم ترجع عظام فتحي.
ولم ترجع طابا رغم كثرة إذاعة الأغنية.
وظل عبد العليم يبحث عن نفسه دون جدوى .
البرد يضرب جسد عبد العليم ، ويداه مستمرتان فى تقليب الصفحات ،وعيناه تحدقان فى الصور التي أمامه ، والغضب يشتعل بكيانه.
كانت صور الأسرى المصريين، التي نقلتها الجرائد والمجلات.
يا لها من حياة !.
قلب صفحة الجريدة والذكريات تتعلق به بخيوط عنكبوت.
قرأ الصفحة المقابلة والعنوان الرئيسي " الاستفتاء على تعديلات الدستور يوم الاثنين المقبل "
وجد نفسه يتمتم بصوت رهيب:- كلاب ، مجرد كلاب.
وجد نفسه ما زال يمسك الكوريك ليحفر من جديد وكبيرهم ينظر إليه من أعلى ضاحكا وهو يهبط لأسفل وأسفل
وبلا حدود .


أديبنا الصادق : محمد إبراهيم

أحييك من أعماق قلبي لهذه القصة التي تعود بنا إلى نبع القص الصافي الصادق الذي يتسم بغناه الذاتي وألقه الطبيعي. وبراعة القص وصدق التجربة.

وأشكر أستاذنا القدير : حسام القاضي على تثبيتها هنا بعد أن ثبتت في قلوبنا
وهاك يا أخي الفاضل بعض الملحوظات اللغوية اليسيرة :
أصبحت أشد قسوة وعنف ، الصواب : وعنفا

أبذل الصواب: ابذل

وكلما حاول الصعود كلما سقط جسده ، الصواب : وكلما حاول الصعود سقط جسده، بعدم تكرار كلما.



،كونت حائطا أملسا : الصواب : أملس لأنها ممنوعة من الصرف.


لتصبح شيء ، الصواب: شيئا

مات بدل منه الصواب: بدلا منه.



وأرجو أن تتقبل أجمل الشكر لما أتحفتنا به من الصدق والبراعة.



أخوك: مصطفى

محمدابراهيم محروس
31-03-2007, 05:03 AM
" وجد نفسه ما زال يمسك الكوريك ليحفر من جديد وكبيرهم ينظر إليه من أعلى ضاحكا وهو يهبط لأسفل وأسفل
وبلا حدود . "
:NJ: :NJ: :NJ:
:NJ: :NJ:
:NJ:
تحياتى
وسعيد جداً
أن أكون أول المعانقين لهذا الجمال
أشكرا أخى الفاضل علاء عيسى على مرورك
وسعيد بمرورك وكلماتك
خالص تحياتى
ومودتى أخى العزيز:001:

محمدابراهيم محروس
31-03-2007, 05:05 AM
تابعتها حتى النهاية مؤلمة حتى الصميم..............
لله در قلمك كاتبنا العزيز
ريمه الخاني
شكرا أختى الفاضلة
مرورك وكلماتك أسعدتنى للغاية
خالص تحياتى وشكرى لشخصك الكريم وخالص
التحايا :001:

محمدابراهيم محروس
31-03-2007, 05:08 AM
القاص الجميل / محمد ابراهيم محروس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقاً لا أجد ما أقول أمام هذه الرائعة
ملكت خيوط العمل بمهارة كبيرة
استطعت تضفير أحداث الماضي مع الحاضر بسلاسة فائقة
نجحت في تشويقنا لأن نعرف الحكاية ؛ فلم نعرف من هو الكبير (الأول) إلا بعد وقت لنجد أنفسنا فجأة وسط قضية الأسرى التي نجحت في ابرازها للوجود بهذا الشكل الرائع.. هؤلاء الأسرى الذين عذبوا واعدموا ودهسوا بالدبابات ..من لهم ، أربعون عام مضت بلا جدوى..
القصة عميقة وبطلها ظل يبحث عن الأمل مرة في حرب أكتوبر ومرة في السلام ، ومرات في رجوع الأرض من يعود بعظام الأسير الشهيد ( من ياخذ بثأره)..ظل على أمله برغم كل شيء إلى أن أيقن هناك كلاباً يبيعون الوطن بثمن بخس ، هنا فقط أدرك أنه ـ وبرغم وجوده في وطنه ـ مازال أسيراً للكبير..كبير له نفس سمرته وربما نفس ملامح وجهه لكنه أعاده لنفس الحفرة ، ليحفر إلى الأبد ، ولكن بلا جدوى.
حقاً تعجز كلماتي عن التعبير عن مدى اعجابي وتأثري بهذه القصة الفريدة التي نسجتها بحساسية شديدة ، وأنهيتها بنهاية رائعة قوية وبليغة للغاية .
اعذرني إن جاء تعقيبي أقل كثيراً من فنك البديع .
تقبل تقديري واحترامي .

للتثبيت أخى العزيز الفاضل
حسام القاضى
دوما يسعدنى وجودك فى أعمالى لأقصى درجة
ودوما أنت قارىء ذو بصيرة حادة
ونظرة جميلة
شكرا أخى العزيز
كلماتك أعتز بها جدا
شكرا لك ولا أجد لدى ما أوصف به مدى سعادتى بتعليقك على العمل وتثبته خالص محبتى
وشكرى لشخصك الكريم :001: :001:

محمدابراهيم محروس
31-03-2007, 05:16 AM
أديبنا الصادق : محمد إبراهيم
أحييك من أعماق قلبي لهذه القصة التي تعود بنا إلى نبع القص الصافي الصادق الذي يتسم بغناه الذاتي وألقه الطبيعي. وبراعة القص وصدق التجربة.
وأشكر أستاذنا القدير : حسام القاضي على تثبيتها هنا بعد أن ثبتت في قلوبنا
وهاك يا أخي الفاضل بعض الملحوظات اللغوية اليسيرة :
أصبحت أشد قسوة وعنف ، الصواب : وعنفا
أبذل الصواب: ابذل
وكلما حاول الصعود كلما سقط جسده ، الصواب : وكلما حاول الصعود سقط جسده، بعدم تكرار كلما.
،كونت حائطا أملسا : الصواب : أملس لأنها ممنوعة من الصرف.
لتصبح شيء ، الصواب: شيئا
مات بدل منه الصواب: بدلا منه.
وأرجو أن تتقبل أجمل الشكر لما أتحفتنا به من الصدق والبراعة.
أخوك: مصطفى
شكرا أخى الفاضل د.مصطفى العراقى
لكلماتك الرقيقة ولمرورك العذب
وشكرا لك على الملحوظات اللغوية
شكرا لك لقد تعلمت منها فعلا
فخالص شكرى وتقديرى لشخصكم الكريم
وخالص التحايا

أحمد عيسى
31-03-2007, 10:12 PM
احييك على هذه القصة الجميلة

دام لنا ابداعك

مجدي محمود جعفر
02-04-2007, 03:06 PM
لم يترك لي الأحبة ما أقوله .. رائع .. تستحق التثبيت ويستحق كاتبها أن نرفع له القبعات

محمود الديدامونى
03-04-2007, 02:32 PM
لا يمكن أن أمر مر الكرام يا صديقنا المبدع / محمد محروس
قصة تملك كل مقومات القص
استطعت ان تضع كل شيء فى مكانه
السرد يقدم لوحة غاية فى الدلالة
الزمن أحد مقومات القصة
الحدث هو مصير امتنا المهضومة التى تحتاج لعشرات من عبدالعليم وفتحى
استمتعت جدا بقصتك

عمر علوي
03-04-2007, 07:42 PM
قصة مؤثرة
جميلة
لا أقول أفسدتها بعض الهفوات التي أشار إليها الدكتور مصطفى ،
و لكن كانت بمثابة عثرات غير مسقطة إن صح هذا التعبير
و يبقى الجمال سيد الموقف
بوركت أخي محمد
أخوك عمر علوي

جيهان عبد العزيز
04-04-2007, 02:24 PM
الكاتب المبدع " محمد إبراهيم محروس "
منذ السطور الأولى للحكاية عادت نفس مشاعر _الأسى والاختناق _ للطفو مرة أخرى على سطح النفس ، تلك المشاعر التي نحاول اخفائها أو التشاغل عنها بالحياة نفسها ، ومع كل سطر جديد كان ضغط الدم يكمل مسيرة متذبذبة بين الارتفاع والانخفاض حتى وصل إلى أقصى مدى له مع سطري النهاية .
إنها واحدة من القصص التي تترك أثرا في النفس ، يصعب نسيانه أو التغلب عليه ، كأغنية ملحة تشغل العقل باستمرار ، وصدقا لست أدري الآن هل أتحدث عن القصة أم عن هم شاغل متملك .
ذلك هو الأثر العميق الذي تركته في نفسي ، أما عن التعليق ، فقد بدأت القصة بصوت الراوي الخارجي عن " عبد العليم " الذي يتصفح بعض الصور لينقله الواقع الحالي إلى واقعه القديم ، ويسير بنا أسلوب السرد المتنوع بين القص والحوار بسلاسة لتعيدنا النهاية إلى نفس البداية ، ولنكتشف أن القصة لم تكن قصة فرد بل هي " حكاية شعب " _ حارب وقتل وقُتل واستشهد وعذب ، لكتشف في النهاية أن الأرض التي دفع ثمنها كثير من الأرواح لتعود ، لم تعد كاملة ، ولم تعد حرة ، فأقسى أنواع الاحتلال هو أن يكون المحتل من يحمل نفس اسمك وهويتك ويرمي بتضحياتك كلها عرض الحائط ، بل ويكون بطشه بك أكثر وأشد قسوة .
الفكرة قوية ومعبرة والتناول متقن ، ولكن لي بعض الملاحظات :
الشخصيات الأساسية " عبد العليم _ هم وكبيرهم _ فتحي _ الآخرون ( الكلاب )
رسمت شخصية عبد العليم بدقة وحرفية عالية، ولكن ، أليس من الغريب أن يكون عبد العليم بهذا الحب للوطن ، ثم يعود ليعيش حياة فتحي _ مهما كانت تضحيته من أجله _ دون أن يشير لأهله أو أقاربه ، فمثلا علمنا أن لفتحي خطيبة ، ولم يرد ذكر أي أقارب أو أناس مقربين لعبد العليم .
- التضحية التي قام بها فتحي تضحية غالية وعزيزة للغاية _ لم أتفهم أبدا ما الدافع القوي الذي دفعه لذلك ، هل قدم له عبد العليم معروفا قويا من قبل ؟ ما الصلة التي جمعتهما قبلا سوى كتيبة واحدة وغناء الأغاني الوطنية ، إن عبد العليم حتى لم يتعرف فتحي من البداية بل بعد مرور يوم كامل .
ما الدافع الذي يدفع بفتحي إلى إلقاء نفسه في التهلكة رغم وجود " هدى " التي يحبها وأوصى عبد العليم بها .
وصف القائد الإسرائيلي بـ"كبيرهم " كان وصفا معبرا للغاية أحالني لوصف "كبير الأصنام " في القصص القرآني " و أعتقد أنها إحالة متعمدة من الكاتب قد وفق فيها غاية التوفيق .
النهاية أكثر من رائعة مع تحفظي على الجملة الحوارية الأخيرة ، لأنها لم تضف أكثر من المباشرة الشديدة كانت القصة في غنى عنها بما سبقها وتبعها من جمل وعبارات .
وسامحك الله على هذا الأسى الموجع الذي خلفته تلك الطعنة بالعقل والروح .
تحياتي
جيهان عبد العزيز .

محمدابراهيم محروس
22-04-2007, 06:09 AM
احييك على هذه القصة الجميلة
دام لنا ابداعك
أشكرك أخى الفاضل أحمد عيسى على مرورك الكريم
وآسف لتأخرى فى الرد هذه المدة ولكنه عطل مفاجىء للنت والجهاز
فتقبل خالص آسفى لشخصكم الكريم وخالص التحايا
أخوك محمد

محمدابراهيم محروس
22-04-2007, 06:11 AM
لا يمكن أن أمر مر الكرام يا صديقنا المبدع / محمد محروس
قصة تملك كل مقومات القص
استطعت ان تضع كل شيء فى مكانه
السرد يقدم لوحة غاية فى الدلالة
الزمن أحد مقومات القصة
الحدث هو مصير امتنا المهضومة التى تحتاج لعشرات من عبدالعليم وفتحى
استمتعت جدا بقصتك
أشكرا أخى العزيز محمود الديدامونى
وأشكر كلماتك الرقيقة التى اسعدتنى
وشكرا لوجودك واهتمامك بما اكتب
وتقبل آسفى لتأخرى فى الرد ولكنه النت اللعين
خالص تحياتى وشكرى
:0014:

محمدابراهيم محروس
22-04-2007, 06:13 AM
لم يترك لي الأحبة ما أقوله .. رائع .. تستحق التثبيت ويستحق كاتبها أن نرفع له القبعات
أخى الفاضل العزيز مجدي محمود جعفر
شكرا لك أخى الفاضل كلماتك اسعدتنى جدا
ويارب أكون عند حسن ظنك
تقبل شكرى وخالص مودتى
وخالص التحايا
واعتذر عن تأخرى فى الرد
دمت بكل خير ومحبة

محمدابراهيم محروس
22-04-2007, 06:15 AM
قصة مؤثرة
جميلة
لا أقول أفسدتها بعض الهفوات التي أشار إليها الدكتور مصطفى ،
و لكن كانت بمثابة عثرات غير مسقطة إن صح هذا التعبير
و يبقى الجمال سيد الموقف
بوركت أخي محمد
أخوك عمر علوي
شكر أخى الفاضل عمر علوي
وشكرا لكلماتك ومرورك العطر
وسأحاول تجنب الهفوات فى أعمالى القادمة
خالص شكرى وخالص تحياتى ومودتى
دمت بكل خير

محمدابراهيم محروس
22-04-2007, 06:26 AM
الكاتب المبدع " محمد إبراهيم محروس "
منذ السطور الأولى للحكاية عادت نفس مشاعر _الأسى والاختناق _ للطفو مرة أخرى على سطح النفس ، تلك المشاعر التي نحاول اخفائها أو التشاغل عنها بالحياة نفسها ، ومع كل سطر جديد كان ضغط الدم يكمل مسيرة متذبذبة بين الارتفاع والانخفاض حتى وصل إلى أقصى مدى له مع سطري النهاية .
إنها واحدة من القصص التي تترك أثرا في النفس ، يصعب نسيانه أو التغلب عليه ، كأغنية ملحة تشغل العقل باستمرار ، وصدقا لست أدري الآن هل أتحدث عن القصة أم عن هم شاغل متملك .
ذلك هو الأثر العميق الذي تركته في نفسي ، أما عن التعليق ، فقد بدأت القصة بصوت الراوي الخارجي عن " عبد العليم " الذي يتصفح بعض الصور لينقله الواقع الحالي إلى واقعه القديم ، ويسير بنا أسلوب السرد المتنوع بين القص والحوار بسلاسة لتعيدنا النهاية إلى نفس البداية ، ولنكتشف أن القصة لم تكن قصة فرد بل هي " حكاية شعب " _ حارب وقتل وقُتل واستشهد وعذب ، لكتشف في النهاية أن الأرض التي دفع ثمنها كثير من الأرواح لتعود ، لم تعد كاملة ، ولم تعد حرة ، فأقسى أنواع الاحتلال هو أن يكون المحتل من يحمل نفس اسمك وهويتك ويرمي بتضحياتك كلها عرض الحائط ، بل ويكون بطشه بك أكثر وأشد قسوة .
الفكرة قوية ومعبرة والتناول متقن ، ولكن لي بعض الملاحظات :
الشخصيات الأساسية " عبد العليم _ هم وكبيرهم _ فتحي _ الآخرون ( الكلاب )
رسمت شخصية عبد العليم بدقة وحرفية عالية، ولكن ، أليس من الغريب أن يكون عبد العليم بهذا الحب للوطن ، ثم يعود ليعيش حياة فتحي _ مهما كانت تضحيته من أجله _ دون أن يشير لأهله أو أقاربه ، فمثلا علمنا أن لفتحي خطيبة ، ولم يرد ذكر أي أقارب أو أناس مقربين لعبد العليم .
- التضحية التي قام بها فتحي تضحية غالية وعزيزة للغاية _ لم أتفهم أبدا ما الدافع القوي الذي دفعه لذلك ، هل قدم له عبد العليم معروفا قويا من قبل ؟ ما الصلة التي جمعتهما قبلا سوى كتيبة واحدة وغناء الأغاني الوطنية ، إن عبد العليم حتى لم يتعرف فتحي من البداية بل بعد مرور يوم كامل .
ما الدافع الذي يدفع بفتحي إلى إلقاء نفسه في التهلكة رغم وجود " هدى " التي يحبها وأوصى عبد العليم بها .
وصف القائد الإسرائيلي بـ"كبيرهم " كان وصفا معبرا للغاية أحالني لوصف "كبير الأصنام " في القصص القرآني " و أعتقد أنها إحالة متعمدة من الكاتب قد وفق فيها غاية التوفيق .
النهاية أكثر من رائعة مع تحفظي على الجملة الحوارية الأخيرة ، لأنها لم تضف أكثر من المباشرة الشديدة كانت القصة في غنى عنها بما سبقها وتبعها من جمل وعبارات .
وسامحك الله على هذا الأسى الموجع الذي خلفته تلك الطعنة بالعقل والروح .
تحياتي
جيهان عبد العزيز .
الاخت العزيزة الفاضلة جيهان عبد العزيز
اولا اعتذر عن تأخرى فى الرد
ولكنه كان عطل فى النت فتقبلى أسفى
وشكرا لك ولوجودك ولرؤيتك التى اسعدتنى فوق ما تتصورين
بل حتى تلك التساؤلات التى طرحتيها أثارت بداخلى الكثير والكثير
فشكرا أختي العزيزة على رؤيتك وعلى تلك النقاط التى ذكرتها
الحقيقى لا أجد إجابة لدي لمعظمها كيف لم يعود عبد العليم لنفسه ولماذا يضحي فتحى من أجله
صدقينى عندما أكتب قصة لا أحب أن أجدد المبررات لتصرفات كل شخصية
فتخرج القصة كما كتبت دون تدخل منى لتحريك الجو العام للشخصية
أشكرك مرة أخرى
وخالص تحياتى وشكرى
أخوك محمد:001: :001: