تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الانتــقــام الرهــــيـــب



محمد نديم
03-04-2007, 10:10 PM
الانتــقــام الرهــــيـــب
(محمد نديم على - القاهرة )

عندما كنا صغارا , كان أبوه لا يتركه يهنأ باللعب معنا, فحين يحتدم اللعب وتحلو الصحبة, كان أبوه يتسلل بيننا في هدوء ساحبا إياه إلى المنزل وحين كنا نركض خلف الحنطور , كان أسرعنا إليه فيحجل كابي فصادة ويقفز ملتصقا بخلفية العربة كقرادة في رأس عجوز , ولأنه ضعيف البنية ولا يقوى على الصراع , سرعان ما كنا ندفعه بعيدا ليسقط فوق إسفلت الشارع ونأخذ مكانه _ تلك اللحظات التي لا أنساها ... يجلس القرفصاء مغيظا مقهورا منتفخ الوجه احمر العينين , تدمدم داخله رغبة حارقة في الانتقام , فلا يجد بدا من الهتاف على الحوذي
: كرباج ورا يا أسطى....... كرباج ورا يا أسطى
فيلسعنا الكرباج على وجوهنا ومؤخراتنا فيشعر بالسرور ويركض خائفا منا إلى بيته فنركض خلفه نشكوه لأبيه الذي كان يوسعه ضربا .
- يا آسطى عيب .. هكذا عقل العيال
- ده ولد نكدي و زربون وبوز فقر .
- حرام عليك ...... لعب عيال .....هو حصل إيه يعني.؟
*******
هذه الفوضى ألا نهاية لها؟
مصلحة العمل فوق كل اعتبار من لا يعرف عمله جيدا فليجلس في بيت أمه وأبيه.
كاد غضب المسئول أن يفتك بصاحبنا .
لم يدافع عن نفسه مكتفيا بابتسامته المقهورة , أومأ برأسه موافقا على توجيهات مسئوله في العمل رغم قسوتها.
لم يكن قادرا على مجرد الدخول في مناقشة أو جدل للحصول على حق له.
لماذا يفعل به هذا المتسلط ما فعل؟ كل الموظفين يقرأون الصحف بمكاتبهم؟ لا أحد يدري.
كان كثير الانطواء ينزوي عند اشتعال الموقف مكتفيا بإيماءة من رأسه ثم يلوذ بالصمت.
غير أني كنت ألحظ نفس الحالة التي كانت تعتريه وهو صغير عندما كان يشعر بالحنق والعجز عن الانتقام.
هذا هو حظي .
لا تكمل. إنها إرادة الله. أنت أبنه الوحيد كيف يعاملك هكذا؟
أنا الوليد المنكود الذي كان سببا في موت أمه لحظة ولادته.
_ أبي يقول كذلك لذا فهو يعاملني معاملة سيئة خاصة بعد أن تزوج بامرأة سليطة اللسان تسرق ماله رغم قلته ولا تتركه يهنأ بهدوء العيش في شقته الصغيرة.
كان أبوه يضربه ضربا مبرحا لأقل هفوة تصدر منه.يجبره على العمل معه في ورشته لإصلاح السيارات . وذاك عمل لا يحبه صاحبنا مما يضطر أبيه إلى عقابه بربطه إلي عمود حديدي وينهال عليه ضربا بسلك معدني.
ضربه وهو طفل .. ضربه وهو صبي .. ضربه وهو شاب أمام أقرانه فتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه .. لكنه دائما لا يرد ولا يعترض .. كان وجهه ينتفخ بحنق يعبر عما يجيش في صدره من ألم وقهر .. ثم يلوذ بالصمت وينزوي عاكفا على قراءة كتاب متهرئ أو جزء من صحيفة متسخة.
أوقعه حظه في زوجة لا تقل قسوة عن أبيه . إذ حصل على شهادة التجارة المتوسطة بالكاد
الولد متفوق حرام عليك يا حاج !!
ليس عندي مصاريف للجامعة... شهادة متوسطة يعني شهادة متوسطة. لآ هو ابني ولا أعرفه إن التحق بالجامعة.
.. ولخلافه المستمر مع أبيه طرده فاستأجر غرفة فوق سطح أحد المنازل في حي شعبي عتيق . وراودته ابنه صاحبة الدار عن نفسه فكان أن تزوجها في ظروف لم يخطط لها. وتحولت حياته إلى جحيم مقيم لفقره وعجزه عن تحسين ظروفه المادية.
كان رئيسه في العمل صورة أيضا من أبيه لا تقع الأخطاء إلا في الأوراق التي يدونها صاحبي .. ولا يكشفها إلا ذلك المسئول المتسلط فيهينه بلا هوادة ويلومه بعنف وبلا تسامح.
ضاقت عليه الأرض بما رحبت . فلا راحة في البيت أو العمل أو في علاقته بأبيه الذي يطالبه بزيادة ما يسهم به معه في مصروف البيت إذ أقعده المرض لعصبيته الزائدة فاغلق الورشة وترك زوجته تعمل في الدلالة..
صار يأتي إلي العمل على غير عادته متأخرا ... ناشرا أمامه صحيفة الصباح في تحد للسيد المدير ... يلتهمها من الغلاف إلى الغلاف منتفخ الأوداج لا يرد تحية أو يلقي سلاما. يدخن بشراهة ولم يكن من المدخنين!!
علمت منه إذ حدثني باقتضاب انه لم ينم طوال شهر سوى سويعات قليلة ينغص نومه فيها كوابيس مزعجة.
فجأة دخل علينا السيد المدير قاصدا أن يضبط صاحبنا متلبسا بالجرم المشهود. أختطف من يد الجريدة في حنق بالغ لاعنا أسلاف أبيه مهددا برفته من المصلحة
قائلا في هدوء كمن أحبط مؤامرة خطيرة : هذا عمل ياروح أمك وليس مقهى.
وسمع صاحبنا هذه الكلمات فانتفخت أوداجه واحمر وجهه وجحظت عيناه. ...... يسب أمه.... التي ما رآها .... ولكن عشفها.
( هو هو صاحبي الذي يجلس القرفصاء على أرض الشارع مغيظا مقهورا )
واقترب في بطء وخشيت أن يفتك بالسيد المدير أو يقتله . إلا أنه دفعه بهدوء بعيدا عن طريقه .......
ولدهشتنا جميعا انطلق راكضا في بهو المؤسسة الحكومية العتيقة ودموعه على وجنتيه وهو يصيح بصوت متهدج :
كرباج ورا يا أسطى كرباج ورا يا ا اسطي
هوامش :
كرباج ورا يا أسطى كرباج ورا يا ا اسطي
عبارة يطلقها الأطفال كي يحثوا الحوذي على ضرب أطفال آخرين تعلقوا في طهر عربة الحنطور.
وتقال للانتقام ( عفاريت هم الأطفال في شوارع الأحياء الشعبية العتيقة بالقاهرة)

أكرم الشرفاني
03-04-2007, 10:25 PM
سلمت يا سيدي
والله استمتعت بموضوعك
دمت لنا

مودتي
أكرم

راضي الضميري
05-04-2007, 03:01 PM
لقد قرأتك تماماً أيها الأديب ، ولقد صاحب القراءة مزيجٌ من الغضب والحنق على صاحبنا ، على واقعٍ لا أشك بوجوده .
بصمتك الرائعة جعلتني أقف إحتراماً لهذا الأدب الرفيع.

لقد امتعت عقلي بأدبك.

دمت بخير وبحفظ الله

تقبل تحياتي وتقديري

محمد نديم
05-04-2007, 03:04 PM
سلمت يا سيدي
والله استمتعت بموضوعك
دمت لنا
مودتي
أكرم

أهلا بك أستاذ أكرم الشرفاني
سعدت بوجودك وقراءتك لي.
امتناني لتقديرك لحرفي المتواضع.

محمد نديم
05-04-2007, 03:13 PM
لقد قرأتك تماماً أيها الأديب ، ولقد صاحب القراءة مزيجٌ من الغضب والحنق على صاحبنا ، على واقعٍ لا أشك بوجوده .
بصمتك الرائعة جعلتني أقف إحتراماً لهذا الأدب الرفيع.
لقد امتعت عقلي بأدبك.
دمت بخير وبحفظ الله
تقبل تحياتي وتقديري


أخي الفاضل : راضي الضميري

أسعدتني بشهادتك التي أعتز بها.
أفخر أن حروفي لها قارئ مثلك.
امتناني.

وفاء شوكت خضر
05-04-2007, 04:45 PM
الفاضل أديبنا / د. محمد نديم ..

نص من النوع الإجتماعي . حيث أثر الأسرة في تربية النشأ ، وخاصة الأثر السلبي الذي يلازم هذا النشأ حتى سني عمره المتقدمه ولا يستطيع التخلص منه غالبا .
بحق لنصك تأثير قوي على القارئ وهو يتابع الأحداث من خلال سردك المتقن ، البسيط السلس ، الذي يأخذ القارئ إلى داخل النص ليعيش داخل الصورة وليس معها ..
بطل قصتك الذي انفجر أخيرا ليعلن ثورته على ذاته المهزوزة ، والتي تعتمد الكيد للانتصار على المواقف ، وتجبن حين المواجهة ، والتي دوما تتعرض للإتطهاد ،، بسبب ضعف الشخصية ، لم يستطع التصدي للجرح والإهانة ، خاصة فيما يمس والدته التي لم يراها ..
فانطلق راكضا .. كرباج ورا يا اسطى ..

محمد نديم
06-04-2007, 02:26 AM
الفاضل أديبنا / د. محمد نديم ..
نص من النوع الإجتماعي . حيث أثر الأسرة في تربية النشأ ، وخاصة الأثر السلبي الذي يلازم هذا النشأ حتى سني عمره المتقدمه ولا يستطيع التخلص منه غالبا .
بحق لنصك تأثير قوي على القارئ وهو يتابع الأحداث من خلال سردك المتقن ، البسيط السلس ، الذي يأخذ القارئ إلى داخل النص ليعيش داخل الصورة وليس معها ..
بطل قصتك الذي انفجر أخيرا ليعلن ثورته على ذاته المهزوزة ، والتي تعتمد الكيد للانتصار على المواقف ، وتجبن حين المواجهة ، والتي دوما تتعرض للإضطهاد ،، بسبب ضعف الشخصية ، لم يستطع التصدي للجرح والإهانة ، خاصة فيما يمس والدته التي لم يرها ..
فانطلق راكضا .. كرباج ورا يا اسطى ..
الأستاذة الفاضلة صاحبة القلم الواثق
وفاء شوكت ..
قراءة متأنية ...
ووعي بالحدث والشخصية وخلجاتها وخلفياتها الاجتماعية ...
وتصرفها في حدود هذه البيئة...
قراءة واعية اسعدتني
شكرا لعينك الناقدة
وقلمك الآسر بالفن .
دمت مبدعة سيدتي وبألف خير.

حسام القاضي
27-04-2007, 04:34 AM
أديبنا الكبير الراقي /د. محمد نديم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفت أمام قصتك هذه طويلاً
بدأت بالعنوان الذي جذبني للمتابعة لأرى هذا ( الانتقام الرهيب !!) ؛ فجعلتني ألهث خلف سطورك لأعيشها معك كما أبدعتها .

بعيدا ليسقط فوق إسفلت الشارع ونأخذ مكانه _ تلك اللحظات التي لا أنساها ... يجلس القرفصاء مغيظا مقهورا منتفخ الوجه احمر العينين , تدمدم داخله رغبة حارقة في الانتقام ,
نرى هنا هذاالعجز المؤدي إلى القهر ،هذه الفقرة هي لب القصة..
بدات قصتك بارتداد إلى الماضي لمرحلة الطفولة ، ولكنها لم تكن كاشفة لكل أبعاد الموضوع ؛ فمارست معنا عنصر التشويق ، وبدأت في إعطاءالمعلومة على مراحل ، استخدمت أسلوب التقطيع بين الحاضر والماضي ببراعة ..تنقلنا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الوظيفة مباشرة ، ثم ترتد بنا إلى مرحلة المراهقة لتعود ثانية إلى الطفولة لنعرف السر الدفين ..سر كره أبيه له وأول مرحلة له في هذا القهر بل لعلها الأساسية "
أنا الوليد المنكود الذي كان سببا في موت أمه لحظة ولادته"
هكذا يلقي عليه أبوه بتبعة حدث لا ذنب له فيه مطلقاً ، بل ويسقط عليه كل تبعاته المستقبلية..
"
أبي يقول كذلك لذا فهو يعاملني معاملة سيئة خاصة بعد أن تزوج بامرأة سليطة اللسان تسرق ماله رغم قلته ولا تتركه يهنأ بهدوء العيش في شقته الصغيرة.
وتتآمر عليه كل الظروف من بنية ضعيفة إلى استهانة الجميع به ؛لينتقل من قهر إلى قهر ،قهر الأب المستمر ،قهر رفاقه ، قهر زملائه ورئيسه في العمل ثم يصل إلى القهر الأكبر ..زوجته ، وما أقسى هذا الأخير ، وهو دائماً لا يلجأ إلى نفسه أبداً بل يلجأ إلى عامل خارجي يرفع عنه قهره :

: كرباج ورا يا أسطى....... كرباج ورا يا أسطى
وهكذا يقضي طفولته ومراهقته وشبابه في انتظار ما لن يأتي
وحتى عندما قرر التحدي ..تحدي مديره بقراءة الجريدة متعمداً ، وكانه يصعد الأمور تمهيداً لـ "الانتقام الرهيب "

( هو هو صاحبي الذي يجلس القرفصاء على أرض الشارع مغيظا مقهورا )
واقترب في بطء وخشيت أن يفتك بالسيد المدير أو يقتله . إلا أنه دفعه بهدوء بعيدا عن طريقه .......
ولدهشتنا جميعا انطلق راكضا في بهو المؤسسة الحكومية العتيقة ودموعه على وجنتيه وهو يصيح بصوت متهدج :
كرباج ورا يا أسطى كرباج ورا يا ا اسطي[/color][/size][/right]
هكذا كان انتقامه الرهيب !!!!!!
نهاية قوية للغاية هي أحد أركان القصة المهمة ، ولا أعتقد ان هناك تعقيباً يمكن أن يفيها حقها .
أخي الأديب المتألق /د. محمد نديم
أجدت في كل عناصر القص يا سيدي ..تقنية القص ..نقل مشاعر بطلك بهذه البراعة التي جعلتنا نعيشها معه ..الحوار القصير الموجز والمعبر .. الخاتمة والتي يمكن ان تكون وحدها قصة قصيرة جداً .
أدرت العمل باقتدار كبير لتبدع لنا هذه القصة الراقية شديدة الحساسية .
لك كل الشكر والتقدير والاحترام.

جوتيار تمر
28-04-2007, 10:46 PM
النديم..دكتور...

من شاب على شيء شب عليه
وكأن لسان حال المسكين يقول ذلك...!
اريد ان ابحث هنا عن بعض ملامح التربية التي هي تكون في هذه المرحلة الاساس لِمَ بعدها لكونها تغرس في عقل الامتلقي ما يجب ان يكون عليه فيما بعد لكونها مرحلة مهمة ، بل هي مرحلة حيرت علماء النفس ايضا، الاطفال في هذه المرحلة يحتاجون بلاشك الى منافذ لصرف طاقاتهم التي تكون جبارة خارقة، فاذا جوبهوا بقيود تبحث هذه الطاقات عن سبل اخرى لتخرج وترى النور، فاذا لم تجد تكبت في الداخل وتتراكم فتصبح محل هدم تام للذات الانسانية بحيث يصبح المرء ذاك خاضعا لرهانات الظروف والزمن ما ان تبلغ حدها الذي لايطاق حتى تنفجر الصراعات الداخلية للمرء فاما ان يصاب بالجنون او بالكآبة وفي كلا الحالتين يصبح انسانا يحتاج الى رعاية، وهذا ماحصل بالضبط مع صاحبنا، حيث تكاتفت عليه الظروف حتى حاصرته بشكل لايطاق، فمن الصغر دب فيه روح الانتقام، لكنه من الصغر كتم الامر لكونه لم يجد السبيل والدعم اللازم في تقوية سبل الانتقام التي لم يجدها اصلا الا في صرخاته للحوذي الذي كان هنا اداة يريح ذات الصبي بضربه للسوط على ادبار الاخرين، لكن حتى في هذا كان ترد عليه سلبا حيث ينتقم والده لاصدقائه له، وفي التربية الحديثة نجد بان الاهتمام بتنمية افاق الصغار وقدرتهم على البوح بما يلم بهم وما يقيد حركتهم الذاتية امرا مهما جدا، لكنه مع بطلنا لم تكن موجودة لانه ابدا لم يجد من يبوح له من يسانده بل ظل هاجدس كونه تسبب في موت امه يكبر في ذهنه حتى غدا يكره احب مخلوقات السماء في ارض للانسان، وهذا ما تؤكده دراسات علم النفس بان تكرار الشيء على النفس تصبح في مرحلة ما امرا يعتاد عليه بل يدمن عليه، وهكذا ادمن البطل هنا هذه الكلمات فاصبح يلعن الام لكونها انجبته ولم تفكر بان تحميه وتركته من ايدي هذا المارد الجبار الذي تزوج امرأة اخرى لاتعرف من حقوق الام شيئا، فالبرغم من تفوقه الا انه لم يجد السند، فكان لابد ان يكب على وجهه ويعيش حالة تثبيط دائم لكل ما قد يجوب في ذهنه، حتى الانتقام الذي كان لابد وان يكبر ويتراكم اكثر واكثر في ذهنه اصبح يتخذ شكلا اخرا، قد يكون انتقاما بطئيا ليس للاخرين انما لذاته، وهكذا اصبح الطفل الصبي الشاب رجلا في غير اوانه وفي ظروف غير التي تخلق الرجال وبنفسية غير مكتملة ومهئة لتحمل اعباء الوقت والحياة، فدخل معترك الحياة وهو فاقد كل مقومات البقاء، واسلحة المواجهة، فسقط في هوة عميقة لايمكن ان يخرج منها الا باحدى الحالتين اما الجنون او الموت وكلاهما امر افضل له بكثير مما يعيشه هو.

النديم..دكتور..
هذا بعض هذياني اغفر لي ان كنت احيد عن السرب..
محبتي تعلمها لك
وتقديري دائم
جوتيار

محمد نديم
28-04-2007, 10:52 PM
أديبنا الكبير الراقي /د. محمد نديم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفت أمام قصتك هذه طويلاً
بدأت بالعنوان الذي جذبني للمتابعة لأرى هذا ( الانتقام الرهيب !!) ؛ فجعلتني ألهث خلف سطورك لأعيشها معك كما أبدعتها .
نرى هنا هذاالعجز المؤدي إلى القهر ،هذه الفقرة هي لب القصة..
بدات قصتك بارتداد إلى الماضي لمرحلة الطفولة ، ولكنها لم تكن كاشفة لكل أبعاد الموضوع ؛ فمارست معنا عنصر التشويق ، وبدأت في إعطاءالمعلومة على مراحل ، استخدمت أسلوب التقطيع بين الحاضر والماضي ببراعة ..تنقلنا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الوظيفة مباشرة ، ثم ترتد بنا إلى مرحلة المراهقة لتعود ثانية إلى الطفولة لنعرف السر الدفين ..سر كره أبيه له وأول مرحلة له في هذا القهر بل لعلها الأساسية ""
هكذا يلقي عليه أبوه بتبعة حدث لا ذنب له فيه مطلقاً ، بل ويسقط عليه كل تبعاته المستقبلية..
"
وتتآمر عليه كل الظروف من بنية ضعيفة إلى استهانة الجميع به ؛لينتقل من قهر إلى قهر ،قهر الأب المستمر ،قهر رفاقه ، قهر زملائه ورئيسه في العمل ثم يصل إلى القهر الأكبر ..زوجته ، وما أقسى هذا الأخير ، وهو دائماً لا يلجأ إلى نفسه أبداً بل يلجأ إلى عامل خارجي يرفع عنه قهره :
وهكذا يقضي طفولته ومراهقته وشبابه في انتظار ما لن يأتي
وحتى عندما قرر التحدي ..تحدي مديره بقراءة الجريدة متعمداً ، وكانه يصعد الأمور تمهيداً لـ "الانتقام الرهيب "
هكذا كان انتقامه الرهيب !!!!!!
نهاية قوية للغاية هي أحد أركان القصة المهمة ، ولا أعتقد ان هناك تعقيباً يمكن أن يفيها حقها .
أخي الأديب المتألق /د. محمد نديم
أجدت في كل عناصر القص يا سيدي ..تقنية القص ..نقل مشاعر بطلك بهذه البراعة التي جعلتنا نعيشها معه ..الحوار القصير الموجز والمعبر .. الخاتمة والتي يمكن ان تكون وحدها قصة قصيرة جداً .
أدرت العمل باقتدار كبير لتبدع لنا هذه القصة الراقية شديدة الحساسية .
لك كل الشكر والتقدير والاحترام.

الأديب الأريب الأستاذ القاص الواثق
حسام القاضي
شرف لي أن ترى سطوري شيئا من ابداع نقدك وتنويرك هنا.
لعلها قراءة تتيح لي التبصر أكثر في درب الإبداع الذي لا يخلو من عتمة ... ينيرها دائما القلم الناقد البصسر.
لك الود.
أخوك
النديم.

محمد نديم
28-04-2007, 10:57 PM
النديم..دكتور...
من شاب على شيء شب عليه
وكأن لسان حال المسكين يقول ذلك...!
اريد ان ابحث هنا عن بعض ملامح التربية التي هي تكون في هذه المرحلة الاساس لِمَ بعدها لكونها تغرس في عقل الامتلقي ما يجب ان يكون عليه فيما بعد لكونها مرحلة مهمة ، بل هي مرحلة حيرت علماء النفس ايضا، الاطفال في هذه المرحلة يحتاجون بلاشك الى منافذ لصرف طاقاتهم التي تكون جبارة خارقة، فاذا جوبهوا بقيود تبحث هذه الطاقات عن سبل اخرى لتخرج وترى النور، فاذا لم تجد تكبت في الداخل وتتراكم فتصبح محل هدم تام للذات الانسانية بحيث يصبح المرء ذاك خاضعا لرهانات الظروف والزمن ما ان تبلغ حدها الذي لايطاق حتى تنفجر الصراعات الداخلية للمرء فاما ان يصاب بالجنون او بالكآبة وفي كلا الحالتين يصبح انسانا يحتاج الى رعاية، وهذا ماحصل بالضبط مع صاحبنا، حيث تكاتفت عليه الظروف حتى حاصرته بشكل لايطاق، فمن الصغر دب فيه روح الانتقام، لكنه من الصغر كتم الامر لكونه لم يجد السبيل والدعم اللازم في تقوية سبل الانتقام التي لم يجدها اصلا الا في صرخاته للحوذي الذي كان هنا اداة يريح ذات الصبي بضربه للسوط على ادبار الاخرين، لكن حتى في هذا كان ترد عليه سلبا حيث ينتقم والده لاصدقائه له، وفي التربية الحديثة نجد بان الاهتمام بتنمية افاق الصغار وقدرتهم على البوح بما يلم بهم وما يقيد حركتهم الذاتية امرا مهما جدا، لكنه مع بطلنا لم تكن موجودة لانه ابدا لم يجد من يبوح له من يسانده بل ظل هاجدس كونه تسبب في موت امه يكبر في ذهنه حتى غدا يكره احب مخلوقات السماء في ارض للانسان، وهذا ما تؤكده دراسات علم النفس بان تكرار الشيء على النفس تصبح في مرحلة ما امرا يعتاد عليه بل يدمن عليه، وهكذا ادمن البطل هنا هذه الكلمات فاصبح يلعن الام لكونها انجبته ولم تفكر بان تحميه وتركته من ايدي هذا المارد الجبار الذي تزوج امرأة اخرى لاتعرف من حقوق الام شيئا، فالبرغم من تفوقه الا انه لم يجد السند، فكان لابد ان يكب على وجهه ويعيش حالة تثبيط دائم لكل ما قد يجوب في ذهنه، حتى الانتقام الذي كان لابد وان يكبر ويتراكم اكثر واكثر في ذهنه اصبح يتخذ شكلا اخرا، قد يكون انتقاما بطئيا ليس للاخرين انما لذاته، وهكذا اصبح الطفل الصبي الشاب رجلا في غير اوانه وفي ظروف غير التي تخلق الرجال وبنفسية غير مكتملة ومهئة لتحمل اعباء الوقت والحياة، فدخل معترك الحياة وهو فاقد كل مقومات البقاء، واسلحة المواجهة، فسقط في هوة عميقة لايمكن ان يخرج منها الا باحدى الحالتين اما الجنون او الموت وكلاهما امر افضل له بكثير مما يعيشه هو.
النديم..دكتور..
هذا بعض هذياني اغفر لي ان كنت احيد عن السرب..
محبتي تعلمها لك
وتقديري دائم
جوتيار
الحبيب جو
ويعلم الله يكم أضيق بالألقاب يكفيني اسمي الذي أعتز به دون لقب يا أخي
فما أعطت الألقاب لأحد قدرة ما ولا أضافت شيئا ما إلا أن يكون الفرد منا مليئا منذ خـُلق.
لقد قرأت سيدي أشياء لم أدرك كنهها وأطل قلمك من زوايا جديدة تماما .. أثرت النص ... وفعَّلت الأحداث بصورة لم أتخيلها ... رائع أنت هنا ومتجدد كما أنت دائما.
ورائع هو أسلوب عرضك أيضا.
جو.
لا تدعني وكن قريبا دائما.
أخوك
النديم.

د. نجلاء طمان
29-04-2007, 12:00 AM
قرأت

وأطلت

وأطلت


أعود ثانية أيها المذهل


شذى الوردة


د. نجلاء طمان

محمد نديم
29-04-2007, 12:12 AM
قرأت
وأطلت
وأطلت
أعود ثانية أيها المذهل
شذى الوردة
د. نجلاء طمان

أهلا بك سيدتي دائما هنا.
لك الود وكثير من الورد.

النديم.

د. نجلاء طمان
19-05-2007, 04:59 PM
الانتــقــام الرهــــيـــب


( محمد نديم على – القاهرة )



"عندما كنا صغارا , كان أبوه لا يتركه يهنأ باللعب معنا, فحين يحتدم اللعب وتحلو الصحبة, كان أبوه يتسلل بيننا في هدوء ساحبا إياه إلى المنزل "


افتتاحية القصة يعرض فيها القاص بسلاسة وتلقائية مولد العقدة عند شخصيته المحورية والتي تكمن بالأساس من الاضطهاد المزمن الذي وقع عليه من أبيه.


"فصادة ويقفز ملتصقا بخلفية العربة كقرادة في رأس عجوز , ولأنه ضعيف البنية ولا يقوى على الصراع , سرعان ما كنا ندفعه بعيدا ليسقط فوق إسفلت الشارع ونأخذ مكانه _ تلك اللحظات التي لا أنساها ... يجلس القرفصاء مغيظا مقهورا منتفخ الوجه احمر العينين , تدمدم داخله رغبة حارقة في الانتقام , فلا يجد بدا من الهتاف على الحوذي
: كرباج ورا يا أسطى....... كرباج ورا يا أسطى
فيلسعنا الكرباج على وجوهنا ومؤخراتنا فيشعر بالسرور ويركض خائفا منا إلى بيته فنركض خلفه نشكوه لأبيه الذي كان يوسعه ضربا ."


يدخل الكاتب في بداية تصعيد مراحل الصراع الناتج عن العقدة وبداية المراحل هنا هي المرحلة الانتقامية - متنفس لحالته الاضطهادية التي يعيشها – التي تتمثل بالمكيدة من الأطفال الآخرون بالوشاية للحوزى الذي يملك أداة العقاب – الكرباج- من وجهة نظره .


-" يا آسطى عيب .. هكذا عقل العيال
- ده ولد نكدي و زربون وبوز فقر .
- حرام عليك ...... لعب عيال .....هو حصل إيه يعني.؟"


فقرة دخيلة لم أجد لها داعي فقد جاءت في سياق مسرحي شكل نقطة سوداء على رداء القصة.



*******"
هذه الفوضى ألا نهاية لها؟
مصلحة العمل فوق كل اعتبار من لا يعرف عمله جيدا فليجلس في بيت أمه وأبيه.
كاد غضب المسئول أن يفتك بصاحبنا .
لم يدافع عن نفسه مكتفيا بابتسامته المقهورة , أومأ برأسه موافقا على توجيهات مسئوله في العمل رغم قسوتها.
لم يكن قادرا على مجرد الدخول في مناقشة أو جدل للحصول على حق له.
لماذا يفعل به هذا المتسلط ما فعل؟ كل الموظفين يقرأون الصحف بمكاتبهم؟ لا أحد يدري.
كان كثير الانطواء ينزوي عند اشتعال الموقف مكتفيا بإيماءة من رأسه ثم يلوذ بالصمت."


يدخل القاص في زمن الحاضر في وثبة كانت كبيرة لحد ما إلا أن السرد المتقدم سيكشف عنها في وضوح, متناسيا للقاص تلك الوثبة.


"غير أني كنت ألحظ نفس الحالة التي كانت تعتريه وهو صغير عندما كان يشعر بالحنق والعجز عن الانتقام.
هذا هو حظي .
لا تكمل. إنها إرادة الله. أنت أبنه الوحيد كيف يعاملك هكذا؟
أنا الوليد المنكود الذي كان سببا في موت أمه لحظة ولادته.
_ أبي يقول كذلك لذا فهو يعاملني معاملة سيئة خاصة بعد أن تزوج بامرأة سليطة اللسان تسرق ماله رغم قلته ولا تتركه يهنأ بهدوء العيش في شقته الصغيرة.
كان أبوه يضربه ضربا مبرحا لأقل هفوة تصدر منه.يجبره على العمل معه في ورشته لإصلاح السيارات . وذاك عمل لا يحبه صاحبنا مما يضطر أبيه إلى عقابه بربطه إلي عمود حديدي وينهال عليه ضربا بسلك معدني."


هنا يحتضن القاص زمن القص المتخيل في زمنين هما: الماضي والحاضر. وفي حركة الرجوع إلى الوراء في لعبة الإيهام هذه، يبدو «الماضي» كأنه هو الواقعي، أي الموجود فعلاً.أطال القاص في وصف الحال التعذيبية لبطل القصة وكان الوصف غاية في الإبداع مع تصعيد المرحلة التالية في الصراع.



"ضربه وهو طفل .. ضربه وهو صبي .. ضربه وهو شاب أمام أقرانه فتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه .. لكنه دائما لا يرد ولا يعترض .. كان وجهه ينتفخ بحنق يعبر عما يجيش في صدره من ألم وقهر .. ثم يلوذ بالصمت وينزوي عاكفا على قراءة كتاب متهرئ أو جزء من صحيفة متسخة."


فقرة اعتراضية توضيحية غاية في الأهمية لأنها جاءت تأكيد من الكاتب على مصدر وأساس العقدة , وشرحت في إيجاز ردة الفعل النفسية لبطل قصته وهى الهروب دائما والمتمثل في الصمت.



"أوقعه حظه في زوجة لا تقل قسوة عن أبيه . إذ حصل على شهادة التجارة المتوسطة بالكاد
الولد متفوق حرام عليك يا حاج !!
ليس عندي مصاريف للجامعة... شهادة متوسطة يعني شهادة متوسطة. لآ هو ابني ولا أعرفه إن التحق بالجامعة.
.. ولخلافه المستمر مع أبيه طرده فاستأجر غرفة فوق سطح أحد المنازل في حي شعبي عتيق . وراودته ابنه صاحبة الدار عن نفسه فكان أن تزوجها في ظروف لم يخطط لها. وتحولت حياته إلى جحيم مقيم لفقره وعجزه عن تحسين ظروفه المادية.
كان رئيسه في العمل صورة أيضا من أبيه لا تقع الأخطاء إلا في الأوراق التي يدونها صاحبي .. ولا يكشفها إلا ذلك المسئول المتسلط فيهينه بلا هوادة ويلومه بعنف وبلا تسامح.
ضاقت عليه الأرض بما رحبت . فلا راحة في البيت أو العمل أو في علاقته بأبيه الذي يطالبه بزيادة ما يسهم به معه في مصروف البيت إذ أقعده المرض لعصبيته الزائدة فأغلق الورشة وترك زوجته تعمل في الدلالة.."


المرحلة التالية والأخيرة من تصعيد الصراع والتي مازال زمن قصها في الماضي ولكنها جاءت مطولة نوعا بحاجة إلى بعض التكثيف.


"صار يأتي إلي العمل على غير عادته متأخرا ... ناشرا أمامه صحيفة الصباح في تحد للسيد المدير ... يلتهمها من الغلاف إلى الغلاف منتفخ الأوداج لا يرد تحية أو يلقي سلاما. يدخن بشراهة ولم يكن من المدخنين!!


علمت منه إذ حدثني باقتضاب انه لم ينم طوال شهر سوى سويعات قليلة ينغص نومه فيها كوابيس مزعجة."

نهاية تصعيد مراحل الصراع والتمهيد لمرحلة الخلل الناتج عن الصراع الناشىء من العقدة, وتتمثل في الصمت ثم الانطواء ثم الكوابيس المفزعة التي تعد هذيانات ترجمية لصراعات باطنية تكمن في الاشعور .


"فجأة دخل علينا السيد المدير قاصدا أن يضبط صاحبنا متلبسا بالجرم المشهود. أختطف من يد الجريدة في حنق بالغ لاعنا أسلاف أبيه مهددا برفته من المصلحة
قائلا في هدوء كمن أحبط مؤامرة خطيرة : هذا عمل ياروح أمك وليس مقهى."

هنا بداية الانفجار والتي جاءت على اثر ذكر المدير للفظة الأم التي كانت جزءا من اضطهاد مرير تعرض له طول عمره ولسبب لا دخل له فيه.


"وسمع صاحبنا هذه الكلمات فانتفخت أوداجه واحمر وجهه وجحظت عيناه. ...... يسب أمه.... التي ما رآها .... ولكن عشقها."


هنا يكمن لغز نفسي غاية في التحير والغرابة, لغز من ألغاز النفس البشرية التي هي في مجملها مجموعة من الألغاز المستعصاه . فبالرغم من كون الأم كانت مصدرا أساسيا لكل معاناة الشخصية إلا أننا نجد أن هذا البطل كان يعشق أمه التى تعذب بسبب موتها وهى تلده. وهنا نتساءل؟؟؟؟
هل عشقها كذنب كبر داخله خلال السنوات بأنه سبب مقتلها أو حتى قاتلها؟ أم عشقها كأمل نما داخله بأنها كانت ستكون الحنان وحضن الاحتواء له من كل ما عاناه؟



(هو هو صاحبي الذي يجلس القرفصاء على أرض الشارع مغيظا مقهورا )


يعود القاص في ومضة تذكر فيرى البطل في الماضي , فيظهر لنا صورة عناق بين بطل اليوم والأمس.



"واقترب في بطء وخشيت أن يفتك بالسيد المدير أو يقتله . إلا أنه دفعه بهدوء بعيدا عن طريقه .......
ولدهشتنا جميعا انطلق راكضا في بهو المؤسسة الحكومية العتيقة ودموعه على وجنتيه وهو يصيح بصوت متهدج :
كرباج ورا يا أسطى كرباج ورا يا ا اسطي"


الخاتمة الرائعة القوية التي تتمخض عن ردة الفعل التي مازالت تتمثل في الصمت والهروب وتمنى العقاب للجميع بعبارة لم يمل تكرارها في ماضيه وحاضره.



التعقيب:

أولاً: موضوع القصة «هيكل القصة»

بنى هيكل قصة النديم هنا وارتكز على ثلاث دعائم أساسية هي: «العقدة، الصراع الناشئ عن العقدة، الخلل الناشئ عن الصراع».‏

ويقوم الصراع على ثلاثة أنواع:

صراع ضد الظروف والأقدار
صراع بين الشخصيات
صراع داخل الشخصية المحورية.

ولم يغفل القاص بجعل النهاية مفاجئة للقارئ، وألاّ تكون «ذيلاً» سخيفاً. ويتوقف بنا النديم عند قراءتنا لقصته عند مجموعة من الأسئلة:
هل سيفطن القارئ بعد الأسطر الأولى إلى ما سوف تنتهي إليه القصة؟ هل ستكون النهاية في قوة البداية؟‏
ليأتي القاص في إبداع بنهايته الرائعة التي كانت من القوة بحيث فاجأت المتلقي بقسوة لكنها كانت نهاية طبيعية ذات قسوة لازمة مردها تلك القسوة التي عاشها بطل قصته.

ثانياً- عقدة القصة:

نوه القاص عن ابتداء عقدة القصة منذ الافتتاحية ثم تدرج فى سرد نموها وتكوينها التركيبي في منتصفها و قبل نهايتها لكي تحلّ في النهاية لكننا هنا وقفنا أمام نهاية مفتوحة للقاص فهو لم يغلق قصته بتناول حل العقدة بل تركها مفتوحة فاتحا بذلك للمتلقي مساحة من التخيلات الذهنية التي تقوده للعديد والعديد من النهايات وذلك دون أن تفقد عنصر التشويق فيها.‏

ثالثاً- الشخصية:

وهي المحور الذي تدور حوله القصة كلّها، حاول القاص من الناحية الفنية-حاول رسم شخصية قصته المحورية من الداخل، أي من خلال تفكيرها و سلوكها دونما الابتعاد عن الجوانب الثلاثة التي تتكوّن منها الشخصية بصفة عامة وهي:‏
ـ الجانب الخارجي «البرانى»، ويشمل المظهر العام والسلوك الظاهري للشخصية.‏
ـ الجانب الداخلي «الجوّاني»، ويشمل الأحوال النفسية والفكرية، والسلوك الناتج عنها.‏
ـ الجانب الاجتماعي، ويشمل المركز الذي تشغله الشخصية في المجتمع، وظروفها الاجتماعية.‏

رابعاً- الأسلوب..

كان أسلوب القصة هنا هو الرداء الذي تبدو به أمام القارئ، والألفاظ هي النسيج الذي يصنع منه الرداء..فخرجت لنا قصة ترتدي رداءا مميزا ملفتا للأنظار.


نجح النديم إلى حد كبير في أسلوبه الحكائى متنقلا عبر الأزمنة في داخل شخصيته فكان مثالا بارعا للنموذج الثاني الذي ميزه "تودوروف" في واحد من نموذجين له فى تصنيف الراوى:‏

" الراوي هو مجرد شاهد، وهو راو ينقل الأحداث، ويحكي عن الشخصيات".‏



والآن أنا أسأل؟

هذا الانتقام الرهيب..كان من نصيب من؟

في ظني كان من نصيب بطل القصة البائس. من نصيبه هو فقط.



والآن أنا أسأل؟

هذا الانتقام الرهيب..كان من نصيب من؟

في ظني كان من نصيب بطل القصة البائس. من نصيبه هو فقط.



النديم !

شذى الوردة لهذا الإبداع.

د. نجلاء طمان

محمد نديم
19-05-2007, 05:34 PM
الأستاذة الدكتورة نجلاء طمان :

تحياتي العاطرة بالود والنبل وكل جميل,
الصمت الآن أبلغ سيدتي أمام هذا التألق النقدي الواثق والرصين.
ربما عدت كي أعلق لحظة ما.
انحني تقديرا لكل كلمة في هذا الجهد الرائع والقراءة المتميزة.
امتناني سيدتي وخالص مودتي.

دمت بألق.

النديم.

سحر الليالي
20-05-2007, 12:01 PM
الفاضل "محمد النديم":

قصة رائعة ...أعجبتني كثيرا

سلمت ودام إبداعك
لك خالص تقديري وباقة ورد

محمد نديم
20-05-2007, 12:36 PM
الفاضل "محمد النديم":
قصة رائعة ...أعجبتني كثيرا
سلمت ودام إبداعك
لك خالص تقديري وباقة ورد
سحر الليالي وتذوق راق وتعليق أعتز به ورأي به أفخر.
ووجود آسر بالود.
تحياتي العاطرة.
النديم

حسن راشد
21-05-2007, 05:11 PM
الأديب الكبير محمد نديم ...

أمتعتني بهذه القصة التي تحمل الكثير من مضامين القصة المميزة وأنا هنا وجدتت لحظة في تتبع الأحداث بشكل متواصل وبدون ملل.

والحقيقة أخي الكريم أنك أجدت رصد الأحداث اليومية في حياة الشعب حين يدفع القهر إلى الانتقام بهذا التسلسل المنطقي. وأنت بالفعل أجدت في تشخيص العلة بشكل دقيق.


أعتقد أنني سأكون قارئا دائما لك.

عدنان أحمد البحيصي
21-05-2007, 06:01 PM
ويا له من انتقام


رحماتك ربي أنزلها على هذا المسكين

شكراُ لك محمد نديم أخانا الحبيب

محمد نديم
22-05-2007, 04:59 AM
الأديب الكبير محمد نديم ...
أمتعتني بهذه القصة التي تحمل الكثير من مضامين القصة المميزة وأنا هنا وجدتت لحظة في تتبع الأحداث بشكل متواصل وبدون ملل.
والحقيقة أخي الكريم أنك أجدت رصد الأحداث اليومية في حياة الشعب حين يدفع القهر إلى الانتقام بهذا التسلسل المنطقي. وأنت بالفعل أجدت في تشخيص العلة بشكل دقيق.
أعتقد أنني سأكون قارئا دائما لك.


حسن راشد
ولي الفخر سيدي أن تقرأني
عل الرحب وجودك وعلى السعة حضورك.
وامتناني لك وبشهادتك التي أعتز بها.

أخوك
النديم.

محمد نديم
22-05-2007, 05:18 AM
ويا له من انتقام
رحماتك ربي أنزلها على هذا المسكين
شكراُ لك محمد نديم أخانا الحبيب
أخي الكريم
والكاتب الرصين ..
الأستاذ
عدنان أحمد البحيصي
سلمت سيدي
وجودك تشرف به الكلمات وكاتبها.
دمت أخا.

ربيحة الرفاعي
05-04-2014, 12:26 AM
غائية النص وواقعية طرحه أسبغا على الأسلوب ألقا وتشويقا، زات منه مرحلية التنوير التي قدمت المعلومة على جرعات كانت كل منها حافزا لترقب مايلي، في سرد قصيّ جميل وأداء موفق
قصة نلت في حصة من طيب القراءة

دمت بخير


تحاياي

ناديه محمد الجابي
05-04-2014, 06:24 PM
نص قصي اجتماعي باقتناص موفق للفكرة
نص ملفت بحسن أدائه وتمكن الكاتب من أدواته
السرد كان شائقا موفقا، والفكرة عميقة والتصاعد الدرامي جميل
وقد كانت الدراسات النقدية لهذه القصة مسهبة ومتعددة ورائعة وقيمة
فزادت النص جمالا على جمال.
أسجل إعجابي بما يخطه قلمك وتنثره أفكارك.

آمال المصري
03-05-2015, 12:31 PM
اجتماعية راقية فكرة وبيانا وسردا أبدعت شاعرنا في نسجها معللا تأثير البيئة على نشأة الفرد وتأثير الظروف على بناء الشخصية
كان السرد قويا محكما ماتعا والحبكة قوية ونص جميل بل من أجمل ماقرأت اليوم
بوركت واليراع
تحاياي

خلود محمد جمعة
14-05-2015, 08:08 PM
فقد الام وغياب الابوة مع حضور قسوتها وطولة لم تصنع منه سى ظل مهشم الى مستقبل اسس على ماض مؤلم وذاكرة سوداء لم تلبس حاضره الا موت بطيء مما أدى الى سلسة من الاحباطات والمزيد من الفشل الذي اعاده الى الخلف مستنجدا بالكرباج
قصة طرحت اكثر من قضية اجتماعية باسلوب مشوق وسرد ماتع وحبكة محكمة الى نهاية مؤثرة
اسجل اعجابي
بوركت وكل التقدير