محمد نديم
06-04-2007, 01:04 PM
القـَصص على لسان الحيوان في أدبنا العربي
- بين الفن والحرية -
http://www.6rb4up.com/uploads/fcda852800.jpg (http://www.6rb4up.com)
بقلم : محمد نديم
- عبر تاريخ طويل للأدب الإنساني قرأنا الكثير من القصص على لسان الحيوان والطير والجن والوحوش الأسطورية .
- ويعتقد معظم النقاد أن القصص على لسان الطير والحيوان لم يكن معروفا بصورة واسعة في الأدب العربي قبل الإسلام , واختلاط العرب بغيرهم من أمم الشرق والغرب حيث ساد هذا النوع من الفن القصصي والشعبي.( كليلة ودمنة ) وغيرها كثير.وهي قصص في معظمها واردة الهند وبلاد فارس وبلاد ما وراء النهرين وعرفها العرب بعد انتشار الإسلام هناك.
- ولم يقف القلم العربي بعد الإسلام عند حدود الترجمة أو النقل فقط ,بل أضاف إلى هذا الفن القصصي الكثير فيما تلا من قرون , مستفيدا مما ورد في القرآن من أحاديث وحوارات على لسان الطير والحشرات وأفاض العرب في الخيال واتضح هذا في ( وألف ليلة ولية ) و ( علاء الدين) و (السند باد ) وغيرها.
- غير أن ما يميز الإضافة العربية بعد الإسلام , هو تنقية القصص هذا من مواطن الشرك والوثنية وإبراز قيمة التوحيد.
- .وكان لأسلوب الطرح هذا ( إجراء الأحداث على شخوص غير آدمية ) أهداف عدة تقع في كفتين لا ثالث لهما هما ( الفن __ والحرية) واستخلصها فيما يلي :
-
- التحرر من التصريح وما يخلفه من تبعات ومسئوليات وعقاب إن كان السرد أو الحكاية يمس أوضاعا قائمة ينتقدها الكاتب.خاصة وأن معظم تلك الحكايات كانت تسرد بين يدي الحكام والملوك والطغاة في مجالس سمرهم , وأيضا في مجالس العامة والدهماء التي يندس في أوساطها عسس الولاة وعيون السلاطين.
- الأدب من هذا النوع أكثر جذبا للعامة وصغار السن لأنه يخاطب فيهم دهشة الطفولة وسذاجة الخيال دون تعقيدات لغوية أو تنظير فلسفي قد تحتويها أنواع أخرى من القصص.
- أجراء الحوار مع الحيوان قد يبيح للكاتب فرصة للتنفيس عن ما يكتمه بإجراء حوار متخيل مع الحكام نفسه أو الطبقات المتحكمة في مصير المجتمع وحركة حياة الناس فيه, وهي طبقات لا يمكن للأديب أن يصل إليها لأجراء هذا النوع من الحوار إلا في الخيال.
- إضافة جو من التشويق والطرافة إلى السرد كي لا تصبح القصة ثقيلة الوقع على أذن السامع ووجدانه لما قد تحمله من نصائح وحكم وإرشادات لأن النصح النابع من الإنسان مباشرة ثقيل , ويكون أكثر جاذبية للقارئ ويمكن تقبله لو كان على لسان غيره من المخلوقات.
- سعة الخيال في استخدام قدرات الحيوانات والوحوش الأسطورية التي تقوم بما يعجز عنه الإنسان الذي يشعر بالظلم ولا حول له ولا طول في رد الظلم عن نفسه , إلا بأداة أو فعل من قبل مخلوق خارق.الأمر الذي قد يوفر نوعا من الراحة النفسية للسامع بعد انتهاء القصة بانتصار المظلوم وظهور الحق.
- ومن جهة أخرى قد يعطي المستمع نفسه تبريرا مقبولا لعجزه عن تغيير واقعه بأنه لا يملك قوى خارقة كالتي في القصة.
- التنوع الكبير في عالم الطير والحيوان والحشرات والوحوش يبيح مجالا كبيرا لتصنيف الأخلاق البشرية وأنواعها وفق نمط أو مخلوق معين. ( كالمكر – والثعلب ) و ( القوة والحكم – الأسد – والحمار للصبر – البومة للتشاؤم ) وهكذا.
- يوفر عالم الحيوان والحشرات والهوام والجن والأساطير مساحة للكاتب أن يشـَرِّح بأحداثه أي علاقات قد تنشأ بين أبطال قصته دون حرج من قيم أو قوانين أو أعراف قد تنحكم بالعلاقات الإنسانية بين أفراد البشر لو كانوا هم أبطال القصة.
- جنح بعض الكتاب إلى اللجوء إلى حيوان بعينه لإبراز صفاته والاعتماد عليها في فلسفته وكتاباته وما يدعو إليه من مفاهيم وقيم.( كحمار الحكيم).وهذا نوع من التفلسف.
وبين الكفتين وعلى حبل رفيع يربطهما , لابد أن يسير قلم الفنان الأديب في توازن بين حرفية السرد وأدوات التصوير وأساليب التشويق وحبكة الأحداث وبين القيم التي يدعو لها والحرص على ألا يزل لسانه فيدفع الثمن غاليا.بين ألا يقع في المباشرة والوعظ المباشر , وبين أن يجعل رسالته تصل للقارئ أو السامع دون مواربة أو تشويه.
.
- بين الفن والحرية -
http://www.6rb4up.com/uploads/fcda852800.jpg (http://www.6rb4up.com)
بقلم : محمد نديم
- عبر تاريخ طويل للأدب الإنساني قرأنا الكثير من القصص على لسان الحيوان والطير والجن والوحوش الأسطورية .
- ويعتقد معظم النقاد أن القصص على لسان الطير والحيوان لم يكن معروفا بصورة واسعة في الأدب العربي قبل الإسلام , واختلاط العرب بغيرهم من أمم الشرق والغرب حيث ساد هذا النوع من الفن القصصي والشعبي.( كليلة ودمنة ) وغيرها كثير.وهي قصص في معظمها واردة الهند وبلاد فارس وبلاد ما وراء النهرين وعرفها العرب بعد انتشار الإسلام هناك.
- ولم يقف القلم العربي بعد الإسلام عند حدود الترجمة أو النقل فقط ,بل أضاف إلى هذا الفن القصصي الكثير فيما تلا من قرون , مستفيدا مما ورد في القرآن من أحاديث وحوارات على لسان الطير والحشرات وأفاض العرب في الخيال واتضح هذا في ( وألف ليلة ولية ) و ( علاء الدين) و (السند باد ) وغيرها.
- غير أن ما يميز الإضافة العربية بعد الإسلام , هو تنقية القصص هذا من مواطن الشرك والوثنية وإبراز قيمة التوحيد.
- .وكان لأسلوب الطرح هذا ( إجراء الأحداث على شخوص غير آدمية ) أهداف عدة تقع في كفتين لا ثالث لهما هما ( الفن __ والحرية) واستخلصها فيما يلي :
-
- التحرر من التصريح وما يخلفه من تبعات ومسئوليات وعقاب إن كان السرد أو الحكاية يمس أوضاعا قائمة ينتقدها الكاتب.خاصة وأن معظم تلك الحكايات كانت تسرد بين يدي الحكام والملوك والطغاة في مجالس سمرهم , وأيضا في مجالس العامة والدهماء التي يندس في أوساطها عسس الولاة وعيون السلاطين.
- الأدب من هذا النوع أكثر جذبا للعامة وصغار السن لأنه يخاطب فيهم دهشة الطفولة وسذاجة الخيال دون تعقيدات لغوية أو تنظير فلسفي قد تحتويها أنواع أخرى من القصص.
- أجراء الحوار مع الحيوان قد يبيح للكاتب فرصة للتنفيس عن ما يكتمه بإجراء حوار متخيل مع الحكام نفسه أو الطبقات المتحكمة في مصير المجتمع وحركة حياة الناس فيه, وهي طبقات لا يمكن للأديب أن يصل إليها لأجراء هذا النوع من الحوار إلا في الخيال.
- إضافة جو من التشويق والطرافة إلى السرد كي لا تصبح القصة ثقيلة الوقع على أذن السامع ووجدانه لما قد تحمله من نصائح وحكم وإرشادات لأن النصح النابع من الإنسان مباشرة ثقيل , ويكون أكثر جاذبية للقارئ ويمكن تقبله لو كان على لسان غيره من المخلوقات.
- سعة الخيال في استخدام قدرات الحيوانات والوحوش الأسطورية التي تقوم بما يعجز عنه الإنسان الذي يشعر بالظلم ولا حول له ولا طول في رد الظلم عن نفسه , إلا بأداة أو فعل من قبل مخلوق خارق.الأمر الذي قد يوفر نوعا من الراحة النفسية للسامع بعد انتهاء القصة بانتصار المظلوم وظهور الحق.
- ومن جهة أخرى قد يعطي المستمع نفسه تبريرا مقبولا لعجزه عن تغيير واقعه بأنه لا يملك قوى خارقة كالتي في القصة.
- التنوع الكبير في عالم الطير والحيوان والحشرات والوحوش يبيح مجالا كبيرا لتصنيف الأخلاق البشرية وأنواعها وفق نمط أو مخلوق معين. ( كالمكر – والثعلب ) و ( القوة والحكم – الأسد – والحمار للصبر – البومة للتشاؤم ) وهكذا.
- يوفر عالم الحيوان والحشرات والهوام والجن والأساطير مساحة للكاتب أن يشـَرِّح بأحداثه أي علاقات قد تنشأ بين أبطال قصته دون حرج من قيم أو قوانين أو أعراف قد تنحكم بالعلاقات الإنسانية بين أفراد البشر لو كانوا هم أبطال القصة.
- جنح بعض الكتاب إلى اللجوء إلى حيوان بعينه لإبراز صفاته والاعتماد عليها في فلسفته وكتاباته وما يدعو إليه من مفاهيم وقيم.( كحمار الحكيم).وهذا نوع من التفلسف.
وبين الكفتين وعلى حبل رفيع يربطهما , لابد أن يسير قلم الفنان الأديب في توازن بين حرفية السرد وأدوات التصوير وأساليب التشويق وحبكة الأحداث وبين القيم التي يدعو لها والحرص على ألا يزل لسانه فيدفع الثمن غاليا.بين ألا يقع في المباشرة والوعظ المباشر , وبين أن يجعل رسالته تصل للقارئ أو السامع دون مواربة أو تشويه.
.