تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نحو صحوة مقاصدية



عبدالصمد حسن زيبار
14-04-2007, 10:51 PM
يسم الله الرحمن الرحيم

أيها الأحبة أحببت أن افتح موضوعا أزعم أننا بأمس الحاجة إليه
المقاصد لعلنا لا نضيع البوصلة و الاتجاه




في إطار الجهود التجديدية و المبادرات الاجتهادية و الإصلاحية للفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية، يأتي الاهتمام المتزايد بمقاصد الشريعة الإسلامية . هدا الاهتمام الذي بدأ بنشر كتابي الشاطبي (الموافقات) و(الاعتصام) والإقبال عليهما والترويج لهما ولمضامينهما ثم تتابع بمؤلفات ودراسات وأبحاث جامعية وغير جامعية وبما لايحصى من المقالات والندوات والمحاضرات ثم أصبحت مقاصد الشريعة مادة دراسية مستقلة في عدد من الجامعات في العالم الإسلامي. ومازالت العناية بمقاصد الشريعة والإقبال على طلبها في تزايد مستمر ،حتى إنه يمكننا اليوم التحدث عن (صحوة مقاصدية) في مجال العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية والفكر الإسلامي.

عبدالصمد حسن زيبار
14-04-2007, 10:56 PM
مقتطفات من كتاب الفكر المقاصدي للدكتور و العالم المقاصدي أحمد الريسوني




المقاصد والفكر المقاصدي

مقاصد الشريعة معناها ومبناها:

"مقاصد الشريعة" مصطلح مركب من "مقاصد " مضافة إلى" الشريعة ". فما المراد أولا بالشريعة ثم ما معنى "مقاصد الشريعة " ثانيا؟
الشريعة، أو الشريعة الإسلامية يراد بها في الاستعمال الأشهر والأكثر تداولا، جملة الأحكام العملية التي تضمنها الإسلام. فالإسلام بقرآنه وسنته يتضمن شطرا اعتقاديا نظريا ،وشطرا تشريعيا عمليا ،ولذلك قيل: "الإسلام عقيدة وشريعة ". ويمكن القول إن الشريعة هي الجانب القانوني من الإسلام.

معنى مقاصد الشريعة :

المقاصد جمع مقصد ، وهو ما تقصده وتريد الوصول إليه، فهو مقصود لك ولسعيك.
ومقاصد الشريعة هي الغايات المستهدفة والنتائج والفوائد المرجوة من وضع الشريعة جملة ومن وضع أحكامها تفصيلا، أو"هي الغايات التي وضعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد".

مقاصد إجمالية ومقاصد تفصيلية

للشريعة مقاصد من حيث الجملة، حيث نقول إن الشريعة برمتها، وفي أصلها وأساسها أنزلت لغاية كذا، ولمقاصد كذا و كذا. و إن الله تعالى وضع شرائعه، أو انزل كتبه، أو أرسل رسله من أجل كذا ولمقصد كذا. ففي هذه الحالة نكون متحدثين عن المقاصد الإجمالية، أو المقاصد الأساسية، أو المقاصد الكلية العامة، للشريعة الإسلامية، وريثة كل الشرائع الإلهية.
ثم داخل هذه المقاصد العامة، وفي ثنايا الأحكام التفصيلية للشريعة، يمكننا البحث والتحدث عن مقاصد كل حكم من تلك الأحكام التفصيلية.فوجود مقاصد إجمالية عامة، لا يلغي المقصد الجزئي أو المقاصد الجزئية لكل حكم على حدته، أو لمجموعة من الأحكام تتحد في مقصدها أو مقاصدها الخاصة بها.
فإذا قلنا مع الشاطبي مثلا "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف من داعية هواه،حتى يكون عبدا لله اختيارا،كما هو عبد لله اضطرارا" فإن هذا يعد من المقاصد العامة الكلية ، لأنه يتعلق بوضعها، أساسا و ابتداء. ولأن مراعاته واعتباره ليس محصورا في جانب أو جوانب من الشريعة دون غيرها.
وإذا قلنا إن مقصود الأذان هو إعلام أهل البلدة بدخول وقت الصلاة ودعوتهم إليها ، وان مقصود الإقامة هو دعوة الحاضرين للصلاة، للقيام إليها والدخول فيها . فهده وأمثالها مقاصد جزئية لأحكام جزئية.
وبين هذه وتلك يمكن أن نبحث ونتحدث عن المقاصد الخاصة بالمجالات والأبواب التشريعية، بناء على ما لها من خصوصيات.فنتحدث عن مقاصد الشريعة في العبادات،في لمعاملات المالية في العادات ، في المناكحات،في العلاقات الدولية، في الأخلاق والآداب..
وهكذا فمقاصد الشريعة ثلاثة أنواع:

1_ المقاصد الكلية
2_ المقاصد الجزئية
3_ المقاصد الخاصة

ومن المقاصد العامة الهامة التي لأجلها أرسل الله الرسل وأنزل كتبه وشرائعه،ما جاء في قوله تعالى (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) سورة الحديد 24. فإقامة القسط والعدل والحق في كل مجالات الحياة، وبين جميع الناس، مقصد عام وكبير أنزلت لأجله الكتب والرسالات وجاهد لأجله الرسل والأنبياء.

/
يتبع

عبدالصمد حسن زيبار
14-04-2007, 10:58 PM
الشريعة معللة بجلب المصالح ودرء المفاسد

ها قد تبين من كل ما تقدم من لنصوص –وهي قليلة من كثير – أن الشريعة الإسلامية قائمة على رعاية مصالح العباد الدنيوية والأخروية ، المادية والمعنوية، وكما قال شيخ المقاصد أبو إسحاق الشاطبي "وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا" وكما قال قبله فقيه المصالح والمفاسد الإمام عز الدين بن عبد السلام "لو تتبعنا مقاصد ما في الكتاب والسنة لعلمنا أن الله أمر بكل خير دقه وجله، وزجر عن كل شر دقه وجله."

أنواع المصالح و مراتبها
والمصلحة في اصطلاح الشرع وأهله ليست مقتصرة على المصالح المادية ،ولا هي محصورة في المصالح الدنيوية، بل تشكل كل ما يعود على الإنسان فردا وجماعة بخير ونفع وصلاح وسعادة، في حاضره، أو قريب مستقبله، أو بعيده وسواء كان ذلك في جسده أو عقله أو فكره أو ماله أو أخلاقه أو علاقاته، أو مشاعره، لكن بشرط ألا يكون مفوتا لما هو أهم منه، ولا يكون مستلزما ولا متتبعا لضرر هو أولى بالدفع و الاجتناب من تلك المصلحة.

فالمصالح مراتب ثلاثة: مرتبة عليا سموها الضروريات، ومرتبة وسطى سموها الحاجيات، ومرتبة دنيا سموها التحسينيات .
فالمصالح الضرورية، كما قال الإمام الشاطبي :(فأما الضرورية فمعناها أنها لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد و تهارج وفوت حياة. وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين. ) الموافقات 2/8.
وأما المصالح الحاجية، فهي المصالح التي لا تبلغ مبلغ الضروريات، ولكنها في معتاد الناس لا يستغنون عنها ولا تستقيم حياتهم بدونها . وإذا كان أساس الضروريات هو الاضطرار إليها فان أساس الحاجيات هو الاحتياج إليها لاستقامة الحياة والتوسعة فيها.فالمصالح الحاجية وظيفتها إضفاء التوسعة والتيسير على الحياة.
وأما المصالح التحسينية، فهي كما يدل عليها اسمها ذات وظيفة تحسينية. فمن شأنها أن تكمل المصالح الضرورية والحاجية وتضفي عليها حسنا وكمالا ورفعة.
وعلى هذا فالتحسينيات لا يتوقف عليها سير الحياة وانتظامها، ولا ينجم عن فقدانها خلل ولا ضرر ولا حرج. وإنما يؤدي فقدها إلى نقصان المستويات الكمالية والجمالية.


/
يتبع

عبدالصمد حسن زيبار
14-04-2007, 11:00 PM
الضروريات الخمس

كما أن العلماء قسموا المصالح من حيث مدى أهميتها ودرجة الاحتياج إليها و التوقف علبها إلى الرتب الثلاث السالفة ، وبذلك وضعوا صورة تقريبية لسلم المصالح وترتيبها ، فإنهم عملوا على تحديد أمهات المصالح وأصولها الرئيسية.وبالنظر في نصوص الشريعة واستقراء أحكامها ودلالاتها ، توصلوا إلى أن كبريات مقاصد الشريعة وأمهات المصالح التي تدور الأحكام الشرعية على حفظها ورعايتها هي التي اشتهرت باسم الضروريات الخمس ويسمونها أيضا الكليات الخمس أو الأصول الخمس ، وهي الدين ، النفس ،والنسل، و العقل، والمال. ومنهم من يرتب العقل قبل النسل.
وأول ما لفت انتباه العلماء إلى هذه الضروريات الخمس هو العقوبات الإسلامية المعروفة باسم الحدود، وهي: حد الردة، وحد الزنى، وحد القذف، وحد الحرابة، وحد السرقة، وحد الخمر. بالإضافة إلى القصاص، وخاصة قتل النفس بالنفس.
ففي حد الردة حفظ الدين ،وفي حد الحرابة حفظ النفس والمال, وفي حد السرقة حفظ المال أيضا. وفي حد الزنى والقذف حفظ النسل، وفي حد الخمر حفظ العقل.

عبدالصمد حسن زيبار
14-04-2007, 11:02 PM
معنى الفكر المقاصدي

الفكر المقاصدي هو الفكر المتشبع بمعرفة ماتقدم وغيره من مقاصد الشريعة وأسسها ومضامينها، من حيث الفهم والاطلاع والاستيعاب.
والفكر المقاصدي-فوق الاطلاع والفهم والاستيعاب- هو الذي أمن واستيقن مقصدية الشريعة في كلياتها وجزئياتها، وان لكل تكليف مقصده أو مقاصده .
و الفكر المقاصدي هو الذي يفهم نصوص ا لشريعة ويفقه أحكامها في ضوء ما تقرر من مقاصدها العامة والخاصة .
و الفكر المقاصدي –في بعض مستوياته العليا- يصبح مسلحا بالمقاصد ومؤسسا على استحضارها واعتبارها في كل ما يقدره أو يقرره أو يفسره، ليس في مجال الشريعة وحدها، بل في كل المجالات العلمية والعملية.
بعبارة أخرى فالفكر المقاصدي هو الفكر المتبصر بالمقاصد،المعتمد على قواعدها المستثمر لفوائدها

/
يتبع

أحمد بنجلون
15-04-2007, 01:26 PM
ننتظر التتمة أخي عبدالصمد
الموضوع في غاية الاهمية

عدنان أحمد البحيصي
15-04-2007, 02:06 PM
موضوع لا شك مهم أثابك الله عليه


ننتظرك

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:24 PM
قواعد الفكر المقاصدي

مقاصد الشريعة ليست مجرد حصيلة معرفية تشبع نهمنا في فهم الشريعة وأهدافها وتشحن رصيدنا المعرفي بثروة من الحكم والمقاصد العامة والخاصة ، الكلية والجزئية، للشرسعة الإسلامية،بل هي إلى هذا كله تنشئ نمطا في الفهم والتصور للأمور، تعطي منهجا في النظر والتفكير، هو هذا الذي أسميه الفكر المقاصدي.
ولكي يكون هذا الفكر المقاصدي فكرا علميا متميزا لابد له من مبادئ وقواعد مقاصدية منهجية.
فالفكر المقاصدي ليس هو داك الفكر الذي تحرر من الظواهر والأشكال،وتمرد على الضوابط المنهجية والقواعد اللغوية، وبدأ يكثر من ذكر المقاصد ومن تحديدها وتكييفها حسب رأيه ونظره،وصاحب هذا النمط من الفكر إما انه فهم المقاصد فهما سطحيا مبتسرا فهو أشبه بالهواة المبتدئين منه بالعلماء الراسخين ،وإما انه يستغلها لحاجة في نفسه.فإذا لايمكن الاعتداد بفكر مقاصدي لاينبني على المبادئ والقواعد الضابطة لمقاصد الشريعة.

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:25 PM
القاعدة الأولى كل ما في الشريعة معلل وله مقصوده ومصلحته


فالله تعالى لم يخلق شيئا صغيرا أو كبيرا، ظاهرا أو خفيا، إلا وله مقصد وحكمة وغاية، وكذالك الشأن في كل ما شرعه، وفي كل ما أمر به ونهى عنه، وما حلله وحرمه. فلله سبحانه وتعالى خلق كل شيء وقدره (وخلق كل شيء فقدره تقديرا)الفرقان 2
يقول العلامة ابن القيم "ليس في الشريعة حكم واحد ألا وله معنى وحكمة، يعقله من عقله ويخفى على من خفي"إعلام الموقعين2/86.
فالعبادات في أصلها وجملتها كلها معللة ومعقولة المعاني والمقاصد.. وإنما الإشكال في جزئياتها وتفاصيلها وخفاء القصد والحكمة في بعض تفاصيلها من مواقيت وأعداد وكيفيات، لا ينتهض سببا في قلب المسألة عمن أساسها، واعتبار الأصل في العبادات هو التعبد وعدم التعليل، بينما أصول العبادات معللة نصا وإجماعا. في الصلاة قال الله تعالى (وأقم الصلاة أن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون)العنكبوت45.هنا عللت فرضيت الصلاة بمصلحتين عظيمتين 1- كونها تنهى عن الفحشاء والمنكرو2-ذكر الله سبحانه وتعالى وهو السبيل إلى السعادة والارتياح.
والزكاة مصالحها الدنيوية والتربوية والاجتماعية، يدركها ويلمسها الخاصة والعامة، وهي أوضح وأظهر من أن تحتاج إلى بيان واستدلال. وكذالك الصوم الذي يهدف غالى تحقيق التقوى وغيره من العبادات كالحج ...

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:27 PM
القاعدة الثانية : لاتقصيد إلا بدليل


مقاصد الشريعة سواء كانت عامة أو خاصة، كلية أو جزئية، لا يجوز البقول بها ولا تحديدها، ولا إثباتها ولا نفيها إلا بدليل. فنسبة مقصد ما إلى الشريعة هو كنسبة قول أو حكم إلى الله تعالى لأن الشريعة شريعته والقصد قصده والتقصيد بغير دليل هو قول على الله بغير علم، ويقول الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم )الاسراء36.
وفيما يلي بعض المعالم والقواعد المعتمدة في الكشف عن مقاصد الشريعة وإثباتها، حتى يعلم أن إثبات مقاصد الشريعة يقوم على العلم والبحث والإستدلال.
1-لسان العرب هو المترجم عن مقاصد الشارع
فالشريعة لا تخرج عن نصوص الوحي ، قرآنا وسنة. وهي نصوص عربية في ألفاظها فمن أراد أن يعرف مقاصد الشريعة فمن نصوص الشريعة يعرفه، ومرشده وترجمانه في ذلك لسان العرب بدلالاته وقواعده وأعرافه.
يقول الإمام الغزالي( واللفظ إما أن يدل على الحكم بصيغته ومنظومه ، أو بفحواه ومفهومه ، أو بمعناه ومعقوله...)المستصفى180.
2-مسالك التعليل
وأعني بها مسالك استنباط العلة المعروفة عند الأصوليين، يذكرونها ويدرسونها ضمن مباحث القياس . والمراد بها الطرق التي تعرف بها علل الأحكام ويستدل بها عليها. وعلة الحكم قد تكون هي ذاتها مقصود الحكم وقد تكون متضمنة له أو مستلزمة له.
وهذه بعض مسالك التعليل المسلمة عند جمهور العلماء.
1- الإجماع:أي أن يقع الإجماع على علة حكم من الأحكام. فهذا الإجماع يغني عن البحث عن غيره من مسالك الإثبات، لأن انعقاده يعطي قوة ثبوتية لا غبار عليها, كإجماعهم على كون الصغر هو علة الولاية على الصغير في ماله.
2- النص:هو أن تذكر علة الحكم صراحة قي النص الشرعي نفسه، كما في قوله تعالى( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم)الحشر7.
3- الإيماء والتنبيه: وهو أن تذكر العلة في النص الشرعي لكن ليس بشكل صريح ولكن تفهم من السياق ومن ذكرها مقترنة بالحكم على نحو يفهم منه أن تلك هي العلة،كما في قوله تعالى (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)
4- المناسبة: وذلك بان يكون بين الحكم الفعل تناسب ظاهر يدركه العقل كتحريم شيء فيه مفسدة واضحة، أو إيجاب شيء فيه مصلحة أكيدة...فهذا التناسب
وبقي أن للمقاصد العامة طريقا آخر للوصول إليها وإثباتها، ألا وهو الاستقراء
والاستقراء هنا هو تتبع المعاني والمقاصد الجزئية للأحكام في دلالاتها المشتركة حتى يأتلف منها معنى كلي أو مقصود كلي تلتقي عنده وتصب فيه المعاني والمقاصد الجزئية ومثال ذلك قول الشاطبي" إن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا"الموافقات2/6.
ثم قال" والمعتمد إنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد" الموافقات2/7

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:28 PM
القاعدة الثالثة ترتيب المصالح والمفاسد


الفكر العلمي عموما هو فكر ترتيبي، يعطي كل شيء رتبته التي يستحقها ويضعه فيها ، ولا يسوي بين الأمور ولا يخلط بين مراتبها .
والفكر المقاصدي بصفة خاصة مفروض عليه و مفروض فيه أن يكون فكرا ترتيبيا بدرجة أعلى وبشكل أجلى ، ذلك أن القضايا الأساسية والخطوات ت الأولية في علم المقاصد تقوم على التراتب والتفاضل .
فمن ذلك – كما رأينا من قبل – تقسيم المصالح إلى ضروريات ، وحاجيات ، وتحسينيات. وهي مراتب بعضها أولى من بعض، وبعضها فوق بعض .

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:29 PM
القاعدة الرابعة:التميز بين المقاصد والوسائل

الوسائل جمع وسيلة وهي ما يطلب ويتخذ ويستعمل لا لذاته وإنما لتحصيل غيره. فالوسيلة شيء يتوسل به إلى بلوغ المقصود.
ولإدراك الفرق بين المقاصد والوسائل في الخطاب الشرعي، أقدم مثالا وهو قوله سبحانه وفي سورة الأنفال ، الآية61: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ).فالله تعالى أمر هنا بإعداد ما يمكن من القوة ومن رباط الخيل . وليس أحد منهم بمقصود لذاته ، وإنما المأمور الأول وسيلة والمأمور الثاني(رباط الخيل) وسيلة الوسيلة.والمقصود هو إرهاب العدو.

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:31 PM
فوائد المقاصد

فالمقاصد ليست مجرد معرفة ومتعة معرفية، وليست مجرد تعمق فلسفي في الشريعة ومعانيها ومراميها ، بل هي كسائر علوم الإسلام علم ينتج عملا وأثرا، علم له فوائده وعوائده.
المقاصد قبلة المجتهدين
فالمجتهد إذا اتجهت همته إلى تحري مقاصد الشريعة حتى أبصرها وعرفها، ثم جعل التوجه إليها قبلته والاخد بمقتضاها غايته، فهو على نور من ربه ، مسدد في ورده وصدره.
ولهذا نجد أبا حامد يوصي الفقيه بأن "يكون شديد البحث عن أسرار الأعمال والأقوال، فانه إن اكتفى بحفظ ما يقال كان وعاء للعلم، ولا يكون عالما. ولذلك كان يقال :فلان من أوعية العلم، فلا يسمى عالما إذا كان شانه الحفظ من غير اطلاع على الحكم والأسرار"إحياء علوم الدين1/94.
ومن المجالات الاجتهادية التي يتوقف فيها نظر المجتهد على معرفة المقاصد والخبرة بها مجال الاجتهاد المصلحي ،أي في النوازل التي ليس فيها نص خاص يعتمد أو يقاس عليه ، فيكون المعول فيها على المصلحة والتقدير المصلحي. فها هنا يحتاج المجتهد أن يكون على دراية واسعة بمقاصد الشرع والمقاصد المعتبرة عنده ،وعلى دراية بمراتبها وأولوياتها ، وبسبل الترجيح الصحيح بينها عند تزاحمها وتعارضها...

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:33 PM
المقاصد منهج فكر ونظر


فائدة المقاصد لا تنحصر في الاجتهاد والمجتهدين، بل يمكن تحصيلها لكل من تشبع بها أو تزود بنصيب منها، وتكون فائدته بقدر علمه وفهمه لمقاصد الشريعة وبقدر اعتماده عليها في فكره ونظره.
وأول ما يستفيد الفكر والمفكرون من منهج المقاصد ، هو أن يكو ن فكرا قاصدا ، يحدد مقصوده، قبل أن يفتح قضاياه ويدخل في معاركه. فتحديد المقصد، ومدى أولويته وملائمته، ومدى جدواه ومشروعيته، هو الذي يحدد المضي أو عدمه ، وهو الذي يحدد ما يجب التركيز عليه وما لا يستحق ذلك.
حين تكون للمفكر مثل هذه الرؤية المقاصدية، فسواء فكر في قضية سياسية أو اقتصادية، أو دستورية قانونية،أو اجتماعية أو تربوية ، أو نقابية أو حقوقية ، فلا بد انه سيكون مستحضرا لتلك المقاصد سواء منها ما يخص موضوعه ومجاله، أو ما يتعلق بسائر القضايا والمجالات ، وبذلك يعطي لكل ذي حق حقه
وهذا يقودنا إلى ما توفره المقاصد والثقافة المقاصدية من عقلية ترتيبية اولوية للمصالح والمفاسد ولكافة الشؤون. وهو ما يفتقده اكتر الناس وكثير من المفكرين والمنظرين ، فتجدهم يدافعون –مثلا- عن الاقتصاد والتنمية الاقتصادية ن ويخربون البشر والتنمية البشرية ، يحاربون ويحذرون "جنون البقر" وينشرون ويشجعون جنون البشر.
وتجد آخرين يدافعون عن الحريات والحقوق الفردية وينسون أو يدوسون حقوق الشعوب والمجتمعات، أو يدافعون عن الأرزاق ويخربون الأخلاق.
وتجد آخرين يحاربون تلوث البحار والسهول ولا يبالون بتلوث النفوس وتسمم العقول.

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:34 PM
فتح الذرائع وسدها


الذرائع هي الوسائل . والمفرد ذريعة كوسيلة .
وفتح الذريعة معناه: الإقرار والاعتماد لشيء ما أو عمل ما، من حيث هو ذريعة إلى غاية مشروعة ومقصد محمود.بمعنى أن ذلك الشيء، أو ذلك الفعل لم يكتسب حكم الإقرار والاعتماد والإعمال ألا بسبب الغاية التي يؤدي أليها . فهي التي اقتضته ودعت إلى اعتماده وفتح بابه.
وسد الذريعة هو عكس هذا، حيث تكون الغاية غير مشروعة وغير جائزة، أو على الأقل تكون مكروهة ومذمومة، فيحكم على ذريعتها بالمنع والإغلاق، بسبب إفضائها إلى ما ليس مشروعا.
ومن أشهر القواعد الأصولية المتضمنة لفتح الذرائع، قاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فان الواجب الثاني في هذه القاعدة لم يعتبر واجبا يتعين اعتماده ، إلا من حيث كونه ذريعة وحيدة إلى الواجب الأصلي، وكما يقل الكاساني "الوسيلة إلى المفروض مفروضة".
فمثلا الواجب الصالي في الحج هو القيام بمناسكه في مواقيتها وأماكنها المعلومة، أما السفر ، وركوب ما يلزم ركوبه، وحمل ما يلزم حمله ، وانجاز ما أصبح محتما، من حصول على جواز السفر، وعلى التأشيرات من الدول التي سيمر بها أو يصل إليها الحاج .. وغير ذلك من الواجبات، فإنما وجبت لكونها ذرائع لا بد منها، ولا يتم الواجب الأصلي إلى بها.
ومن أمثلة سد الذرائع، الزواج بالكتابيات جائز لا شك فيه. لكن إذا أصبح يفضي حتما أو غالبا إلى محرمات ومفاسد راجحة الاعتبار، فان منعه والإفتاء بتحريمه في الحالات المؤدية إلى المفاسد، يصبح لازما وصوابا، كما في زواج ذوي المناصب الخطيرة في الدولة بيهوديات أو نصرانيات يصبحن أداة تجسس وإفشاء لأسرار الدولة. بشكل مقصود أو غير مقصود.
ويقول شهاب الدين القرافي "فكما وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة".

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:36 PM
اعتبار مقاصد المكلفين


المطلوب من الناس شرعا أن يعتنوا بتصحيح مقاصدهم وبواطنهم قبل أن يعتنوا بصوابية أفعالهم وسلامة مظاهرهم . فالشرع يطلب من الناس أن يكون قصدهم متماشيا مع قصده، قبل أن يكون تصرفهم موافقا لأمره ونهيه. فالالتزام القانوني الشكلي بأحكام الشريعة لا يكفي حتى يكون قصد المكلف موافقا لقصد الشارع. قال الإمام الشاطبي "قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقا لقصده في التشريع. والدليل على ذلك من وضع الشريعة، إذ قد مر أنها موضوعة لمصالح العباد على الإطلاق والعموم، والمطلوب من المكلف أن يجري على ذلك في أفعاله، وان لا يقصد خلاف ما قصد الشارع."الموافقات2/331.

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:37 PM
المقاصد تزيل الكلل وتسدد العمل


قديما قالوا: من عرف ما قصد، هان عليه ما وجد.
فالإنسان حينما يقدم على عمل وهو لا يدري لماذا هذا العمل، ولا يدري النتائج التي يسعى إلى بلوغها و الفوائد التي يعمل لجنيها وتحصيلها، ولا يدري قيمة ما هو فيه ولا جدوى ما هو بصده، هذا الإنسان عادة ما يصاب فيعمله وسعيه بتحير واضطراب، أو بكلل وملل، أو بضجر وانقطاع ...
فمن شان التعليلات المرافقة للأحكام، المنبهة على ما تجلبه من خير ونفع وما تدفعه من فساد وضرر، آن تكون حافزا إضافيا على العمل والصبر على مقتضياته ومتطلباته .

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:38 PM
وكما أن المقاصد تقوي الرغبة في العمل والمواظبة عليه، فإنها تسدد العمل وتساعد على حسن التطبيق وسلامته. ومن لا يعرف مقاصد ما يفعل، يوشك أن يزل في عمله ويحرفه عن قصده وحقيقته.
ولو عرف المسلمون مقاصد ما جاء في دينهم من أحكام المياه، والوضوء، والغسل، والتيمم والاستنجاء، والسواك، وخصال الفطرة، وطهارة الثوب، والبدن والمكان في الصلاة، والنهي عن تنجيس الطرق وأماكن الجلوس، وعن الروائح الكريهة.. لما رأيت دنياهم تملؤها الأوساخ والازبال والقاذورات، ولكانوا آية من آيات الله، وحجة من حجج دين الله...
ولو عرفوا الأبعاد الحضارية للصلاة، لتعلموا منها ضبط أعمالهم ومواقيتهم، واحترام مواعيدهم، وتنظيم صفوفهم، وترتيب شؤونهم ولتخلصوا من أدرانهم ورذائلهم وانعزالهم وانكماشهم وأنانيتهم وعشوائيتهم.

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:42 PM
المقاصد في خدمة الدعوة


الدعوة على بصيرة


قال الله عز وجل في سورة يوسف –الآية 108(قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) فقد قررت هذه الآية أن سبيل رسول الله والذين اتبعوه، يتمثل في أمرين:
1- الدعوة إلى الله وإلى دينه.
2- أن تكون هذه الدعوة على بصيرة.

ومن البصيرة أن يكون الداعية بصيرا بزمانه وبأهل زمانه وقضايا زمانه، بصيرا بمن يخاطبهم ويدعوهم، بصيرا ببيئته ومجال تحركه، بصيرا بالوسائل والأساليب ما يلاءم منها وما لا يلائم...
والبصيرة لا تتحقق إلا بمعرفة مقاصد الدين في العقائد والأحكام والآداب... يقول العلامة شاه ولي الله الدهلوي:"وأولى العلوم الشرعية – عن آخرها فيما أرى – وأعلاها منزلة وأعظمها مقدارا، هو علم أسرار الدين، الباحث عن حجج الأحكام ولمياتها، وأسرار خواص الأعمال ونكاتها، فهو والله أحق العلوم بأن يصرف فيه من طاقة نفائس الأوقات، ويتخذه عدة لمعاده بعدما فرد عليه من الطاعات، إذ به يصير الإنسان على بصيرة فيما جاء به الشرع.."حجة الله البالغة1/21.


التوسع والتجديد في الوسائل


مما تستفيده الدعوة وأهلها من المقاصد والفكر المقاصدي، إضفاء المرونة والتجديد على وسائل الدعوة وأساليبها . قد رأينا من قبل أن الوسائل المحضة –حتى ولو كانت منصوصة- تقبل التغيير والتعديل والتكييف. وإذا كانت مقاصد الإسلام تمثل عناصر الثبات والاستقرار فيه، فإنها في الوقت نفسه تسمح بالمرونة والتغيير والتجديد في الوسائل. وأحيانا تكون المقاصد هي نفسها داعية وموجبة لتغيير الوسائل وتطويرها. فالوسائل دائرة مع المقاصد خاضعة لمقتضياتها ومتطلباتها .
و إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد استعمل وسائل وأساليب معينة في تبليغ دعوته وبناء لأمته، فإن تلك الوسائل والأساليب ليست توقيفية، وليست محصورة فيما مضى وفيما جرى اعتماده والعمل به في السيرة النبوية. بل إن سيرته صلى الله عليه وسلم تفيد عكس ذلك وتهدي إليه، تفيد أنه عليه السلام قد استعمل وجند كل ما كان ممكنا من وسائل وأساليب لبلوغ أهدافه وتحقيق مقاصده.

عبدالصمد حسن زيبار
16-04-2007, 08:45 PM
تم بحمد الله الموضوع وهو مقتطفات من كتب الدكتور أحمد الريسوني

أرجو الفائدة والنقاش الجاد تحياتي

خليل حلاوجي
24-04-2007, 08:14 AM
الريسوني عالم مجتهد ...

اشكرك ياعبد الصمد ان وضعت لنا من فكره النير ماوضعت ...


اخي الحبيب

لانزال نحن مع الريسوني لانفرق بين هدفنا ومصيرنا !!!!
بين
ماذا نريد
وماذا يمكن ان نحقق

خذ مثلا ً
حفظ العقل ... لازال الجميع يصورها على ان العاقل هو نقيض المجنون
وينسى الجميع ان العقل اداة ربما سخرها الانسان لصالحه وربما سخرها للإضرار به
بدليل
ان الكثير منا يفعل الفعل ويظن انه يتقرب به الى الله والله يقول
افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ) فاطر الاية 8

والاكثر فينا من يظن انه يفعل الفعل العقلاني وهو عند الله من الاخسرين اعمالا ( راجع سورة الكهف)

اذن ياعبد الصمد

لابد ونحن ندرس مقاصد الشريعة اقول لابد من ربط المقاصد في الواقع
والواقع عنديث هو اللحظة الآنية

نحن ياعبد الصمد نعيش في زمن المابعديات

مابعد العقلانية

نحن نعيش في زمن ((سفة الارتياب )) المنبثقة عن المبدأ الفيزيائي ... اللايقين

ليتني املك الوقت لارسل الى الريسوني ببحثي عن عامية الاسلام في زمن مابعد الحداثة


\

ايها الحبيب
تقبل بالغ تقديري



والموضوع

للتثبيت

عبدالصمد حسن زيبار
24-04-2007, 12:41 PM
بوركت خليل
حقيقة أصول علم المقاصد وضعها علماء أفذاذ مثلت في ذلك الوقت الريادة
و امتدادا كبيرا للعقل في التعامل مع الشريعة و الواقع و غيرهما مواكبة للمستجدات في حينها...

أما مستجدات اليوم الكثيرة الضخمة فصراحة لم نجد لها من يحسن حتى العلم بها و فهمها بدل المواكبة بالرؤى و الوضع .....

بل حتى التراث المقاصدي معظم علمائنا لا يهتمون به فهما و دراسة و تجديدا...

أزمة عقول علاهاغبار سنين من الجمود و التكلس الفكري و الابداعي ...

خليل حلاوجي
24-04-2007, 02:24 PM
نعم اخي الحبيب

للبوطي تحفظ شديد الوطء على محاولات تجديد علم اصول الفقه

مع العلم ان فلسفة العلوم اليوم تنتج لنا علوما ً جديدة

آخر صيحة من صيحات علم اللسانيات الذي اعشقه هو ظهور ثلة من مفكرينا الذين بالغوا في التفكيكية التأولية للقرآن الكريم فضروا وأضروا من حيث اردناهم نافعين كما هو حال محمد آركون وحامد ابو زيد


اخي الحبيب
الموضوع بحاجة الى فتح الجراح وتحمل الالم

ولكن
من يجرأ ؟؟؟

عبدالصمد حسن زيبار
02-05-2007, 02:18 PM
أثارت فتوى الدكتور أحمد الريسوني حول جواز ابرام اتفاقية سلام مع إسرائيل للإخوة في فلسطسن خاصة كثيرا من الردود و النقاش.

مقتطفات من مقال الدكتور الريسوني المعنون ب : قضية فلسطين اليوم.. رؤية فقهية سياسية

المقال كتب في وقت أزمة حكومت حماس قبل حكومة الوحدة.

(... لقد نادى الشيخ الجليل الشهيد أحمد ياسين رحمه الله بهدنة طويلة الأمد مع العدو الإسرائيلي، وما زال قادة حركة حماس يرددون هذه الفكرة، ولعلهم دخلوا فيها بالفعل، ولو بشكل تجريبي. ما الذي يمنع من أن تتحول هذه الفكرة إلى فكرة اتفاقية سلام، قد يكون طويل الأمد أيضا، وقد يكون قصير الأمد، وقد لا يتحقق أبدا؟ ولتكن فكرة اتفاقية السلام هذه مشروطة بالاعتراف المتزامن من الطرفين بجميع القرارات الأممية المتعلقة بفلسطين، وباتخاذها كاملة أساسا مرجعيا للسلام والتعايش.

سيقول قائلون : إن إسرائيل نفسها لن تقبل هذا، نعم فليكن. وسيكون في الرفض الصهيوني المتوقع ربح سياسي كبير للفلسطينيين خاصة إذا كان مصحوبا ومتبوعا بنشاط إعلامي وسياسي ودبلوماسي فعال. وستسقط الحجج والتعلات التي يُحاصر بها الفلسطينيون، وخاصة حركة حماس وحكومتها.. فهذا الاعتراض الأول وجوابه.

وأما الاعتراض القوي الذي ينهض في وجه هذا المسلك، بل في وجه مجرد التفكير فيه فيحتاج أولا إلى تقريره وتحريره، قبل بيان الرأي فيه. وجه الاعتراض هو أن أي تفاوض سياسي مع العدو الغاصب وأي تسليم له بغصبه ووجوده، هو تفريط وتنازل لا يجوز، فكيف بالاعتراف بـدولة إسرائيل، وبحقها في الوجود والبقاء المستمر؟ وكيف وقد أفتى العلماء وما زالوا يفتون بتحريم التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين؟ كما أن الاعتراف بهذا الكيان الظالم الغاصب يعتبر مصادرة لحق الأجيال اللاحقة ومنعا من تحرير فلسطين عندما تكون قادرة على ذلك.

وجوابي ووجهة نظري أن كل ما جاء في هذا الاعتراض حق وصواب، ولكن:

1- للضرورة أحكام، والضرورات تبيح المحظورات، والفلسطينيون اليوم وحدهم في المعركة، وعلى الحال التي وصفت.. فإذا رأوا وقدروا وقرروا أنهم لا قبل لهم في الظروف الراهنة وإلى أجل غير مسمى، بمواجهة العدو ومن وراءه ومن يحرسونه من حوله، وأنهم لا قدرة لهم في الأمد المنظور على تحرير فلسطين كل فلسطين فلهم أن يجتهدوا ويتصرفوا في حدود طاقتهم. وفوق طاقتك لا تلام، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. إن فتاوى تحريم وتجريم كل تفريط أو تسليم أو تعامل مع العدو يجب أن توجه اليوم إلى حكام العرب والمسلمين وما عندهم من جيوش مجمدة وأموال مبددة وشعوب مهددة.

2- العقود التي تتم تحت القهر والإكراه والاضطرار لا تعطي للظالم حقا ولا مشروعية، وليست لها قيمة شرعية ولا قانونية. وهي قابلة للنقض والإلغاء في أي وقت. وإنما العقود والعهود التي يجب الوفاء بها هي التي قامت على العدل والإنصاف، وعلى الرضا والاختيار.

3- الأجيال اللاحقة من الفلسطينيين ومن المسلمين ستكون لهم مداخل ومخارج متعددة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل متى استطاعوا إلى ذلك سبيلا. والمهم في صنع التاريخ الدولي وتوجيه أحداثه ومساراته هو القدرة والإرادة.

4- مما جرت به الفتوى عند فقهاء الإسلام جواز دفع شيء من الأموال والممتلكات للبغاة وقطاع الطرق لأجل تخليص الباقي وحفظه إذا لم يكن بد من ذلك.

5- ومن الاجتهادات السياسية النبوية التي يسترشد بها في هذا المجال ما فعله صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب حين اشتدت على المسلمين في المدينة وطأة الحصار المطبق الذي تم تنسيقه بين قريش وعدد من القبائل العربية واليهودية. فقام عليه السلام بمفاوضة قبيلة غطفان لينصرفوا ويكسروا الحصار مقابل منحهم ثلث ثمار المدينة. ورغم أن هذه الفكرة لم تنفذ فإنها دلت – من حيث المبدأ- على مشروعية مثل هذا التدبير عند الضرورة.

ويبقى التنبيه أخيرا على أن مثل هذا التوجه إذا كان في نظري سائغا للفلسطينيين ومقبولا منهم إذا قدروه وقرروه بصفة شورية، فإنه لا يجوز ولا يقبل بحال من الأحوال لغيرهم من المسلمين وحكام المسلمين. فلا يجوز لهم مع العدو الغاصب المعتدي صلح ولا اعتراف ولا تطبيع لأنهم بكل بساطة وبكل يقين لا ضرورة لهم ولا حاجة عندهم لشيء من ذلك، وإنما هو تخاذل وخذلان وذل وهوان.)

جزم الريسوني في حواره بموقع إسلام أولاين باستحالة تحرير فلسطين عن طريق المقاومة في الظروف الحالية حيث يقول:( ويمكن أن نقول بكل واقعية أنها مقاومة مستحيلة، أعني استحالة تحرير فلسطين في الأفق المنظور في ظل الظروف الحالية)
/

هل تشكل هذه الفتوى انزالا للمقاصد على الواقع؟
أم انها نقضا لثابت من ثوابت الحركة الاسلامية؟

خليل حلاوجي
10-05-2007, 08:17 AM
يعتبر (نعوم تشومسكي) عالم الألسنيات الأمريكي أن المثقف الحقيقي هو من صدع بالحق في وجه القوة.

ويعتبر القرآن أن المثقف الذي لايقوم بتوعية الجماهير وخدمة الفكرة يلعنه الله والملائكة والناس أجمعين.

ويرى (علي الوردي) في كتابه (وعاظ السلاطين) أن :(البلاء يعم حين يحف بالحاكم مرتزقة فاسدون، فهؤلاء يجعلونه ظل الله في أرضه، ويأتون بالملائكة والأنبياء ليؤيدوه في حكمه الخبيث، وبهذا يمسي الحاكم ذئباً في صورة حمل وديع).

ويرى ( الصادق النيهوم ) في كتابه (محنة ثقافة مزورة) أنه: (منذ عصر سومر وحتى ظهور الاسلام كانت الثقافة سلاحا مهمته تجهيل الناس أكثر من تثقيفهم. ولهذا السبب سكتت جميع الثقافات عن قضايا الانسان وفشلت في تطوير مجتمعات حقيقية محررة من عبادة الاصنام الحية والميتة).



\

فياليت قومي ... يعقلون هذه الحقائق

عبدالصمد حسن زيبار
17-05-2007, 01:49 PM
المثقف الذي لايقوم بتوعية الجماهير وخدمة الفكرة يلعنه الله والملائكة والناس أجمعين
نعيش أخي في انفصال و استلاب
فالمثقف مثلا
منفصل عن واقعه
وهو بين استلابين
لحنين الماضي و أطلاله ربما
و استلاب من الآخر الذي هو غيره
**
استلاب في الزمان و استلاب في المكان
هلا استقمنا على طريق العودة
العودة للذات المفقودة
علنا نسهم في بناء فردوسنا المنهار
ونعيش يومنا بحقيقته وواقعيته و جماله

عبدالصمد حسن زيبار
11-08-2007, 09:49 PM
الريسوني في محاضرة بمجمع الفقه بجدة: 5 قواعد تحدد معالم «المنهج المقاصدي» في الشريعة


أوضح الدكتور أحمد الريسوني أن التفكير المقاصدي يمكن أن يوجد ويُعمل به في جميع المجالات العلمية والعملية. فمراعاة المقاصد، والتفكير بمنهج ينبني على المقاصد ويستحضر المقاصد ويأخذها بعين الاعتبار قبل غيرها، هذا المنهج ينطبق على جميع المجالات النظرية والتطبيقية، مشيرا إلى أن المنهج المقاصدي هو جزء من المنهج الأصولي العام.

وبين في محاضرته التي نظمها منتدى الفكر الإسلامي بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بعنوان: ''منهج التفكير المقاصدي'' ألقاها بمقر منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة أن ''المنهج المقاصدي'' بالرغم من كونه جزءا من المنهج الأصولي العام، لكنه اليوم أصبح أكثر أهمية وأصبحنا أكثر حاجة إليه.وهذا ما يحتم العناية الزائدة به، وإحياؤه وإبرازه. ثم استعرض المحاضر هذا المنهج المقاصدي من خلال خمس قواعد مصحوبة ببعض أمثلتها وتجلياتها.

(1) الأمور بمقاصدها

وهي قاعدة فقهية معروفة تتعلق بتصرفات المكلفين في عباداتهم ومعاملاتهم وعقودهم. ولكن المحاضر استعملها بمعان أوسع وأشمل، وفرّع عليها أن: النصوص بمقاصدها، والأحكام بمقاصدها، والأحكام، والعقائد بمقاصدها، والتصرفات بمقاصدها،حيث أوضح أن كل شيء يجب فهمه وأخذه والحكم عليه، بناء على مقاصده، لأن مقاصده هي روحه وجوهره وقيمته.

فالنصوص الشرعية، مثلا، إذا أخذت بمقاصدها، فهما وتطبيقا، يكون لها معنى ويكون لها شأن وأثر، وإذا أُغفلت مقاصدها، كان لها شأن آخر، مما يجعلها هي غير ما أنزله الله وغير ما أراده الله، فالجهل بمقاصد النصوص أو إغفالها قد يؤدي إلى إفساد النصوص وتحريفها عن حقيقتها. ومن الأمثلة على هذا ما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جيشا وأمر عليه رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه. فحصل منهم ما أغضب أميرهم، فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويضرموا النار. ثم أمرهم أن يدخلوا فيها. فبعضهم هموا بالدخول فيها طاعة للأمير، وطاعة لرسول الله، وبعضهم رفضوا واعترضوا.. فلما بلغ الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا، إنما الطاعة في المعروف''.

وبين بأن الخلل الذي وقع لهذا الأمير وللذين هموا بطاعته، هو الغفلة عن مقاصد الأمر النبوي بطاعة الأمير، وما يدخل فيها وما لا يدخل. وبسبب هذه الغفلة عن مقاصد الطاعة المأمور بها، كادت أن تقع كارثة دنيوية وأخرية.

وهكذا فكثير من النصوص قد يؤدي الأخذ بها أخذا ظاهريا بدون مقاصدها، إلى كوارث ومصائب. وإذا أخذت بمقاصدها فلن تكون إلا رحمة وهداية ومصلحة وحكمة.


(2) المقاصد بمراتبها

أما القاعدة الثانية: المقاصد بمراتبها، حيث بين المحاضر أن مقاصد الشرع ومقاصد نصوصه وأحكامه ليست على مرتبة واحدة، بل هي على مراتب كثيرة ومتفاوتة. فيجب العمل بها والتعامل معها على هذا الأساس، بحيث يعطى كل مقصد شرعي ولكل مصلحة شرعية مرتبتها. فالتسليم بتراتبية المقاصد، وتراتبية المصالح والمفاسد، وتراتبية الأوامر والنواهي الشرعية، وتراتبية الطاعات والمعاصي، يقتضي أن الحكم عليها، والتقديم والتأخير بينها، وترجيح بعضها على بعض عند التزاحم والتعارض، يكون بحسب مرتبتها وأهميتها وحجمها وآثارها.

وذكر عددا من الأمثلة منها ما وقع لابن تيمية، حين مر هو وجماعة من أصحابه، فوجدوا جماعة من التتار يشربون الخمر، فأراد بعض أصحاب ابن تيمية أن ينهوهم عن المنكر ويصرفوهم عنه، فمنعهم ابن تيمية وقال: إن الله حرم الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء تصدهم الخمر عن قتل المسلمين، فذروهم، ومعنى هذا أن الإمام ابن تيمية احتكم إلى مراتب المفاسد وحُكمها في مقاصد الشرع، فرأى أن الاشتغال بشرب الخمر أهون من الاشتغال بقتل المسلمين، فدفع أعلى المفسدتين بأدناهما.


(3) الأمور بمآلاتها

أما القاعدة الثالثة: الأمور بمآلاتها حيث أوضح أن هذه القاعدة تقتضي أن أخذ الأمور بمقاصدها، وبمراتبها، لا يقف عند ساعته وحاضره، بل يجب أن يمتد إلى المستقبل والمآل. فالأمور التي تكون لها آثار وتداعيات مستقبلية، وتكون لها مآلات تختلف عن حالها وواقعها، هذه الأمور، إنما تقدر ويُحكم عليها ويُفتى فيها، من خلال تطوراتها ومآلاتها المتوقعة، وليس فقط من خلال حالتها الآنية.

(4) المقاصد بأدلتها

أما القاعدة الرابعة: المقاصد بأدلتها حيث شدد فيها المحاضر على أن مقاصد الشريعة لا يمكن ادعاؤها ولا تحديدها إلا من خلال نصوص الشرع ومن خلال الأدلة العلمية. ولذلك فمن ليس نصوصيا لا يمكن أن يكون مقاصديا. ومن لا يَد له من النظر والبحث في النصوص الشرعية، لا يمكنه تحديد مقاصد الشرع وادعاؤها. وكل من يتحدث عن مقاصد الشريعة ويعينها، لا بد أن يقال له: من أين لك هذا؟ وكيف جئت بهذا؟. ونبه الدكتور الريسوني على أن عددا من الناس اليوم يتحدثون عن مقاصد الشريعة وباسم مقاصد الشريعة، وهم إنما يتحدثون عن مقاصد أنفسهم ومقاصد أفكارهم وثقافتهم. ولذلك عادة ما يصلون إلى تجاوز النصوص وأحكامها، بدل تعزيزها وتوسيع العمل بها.


(5) ثبات المقاصد


فيما كانت القاعدة الخامسة هي: ثبات المقاصد ومرونة الوسائل حيث أشار إلى أن مقاصد الشريعة هي التي تمثل عنصر الثبات والدوام، وأما المرونة والقابلية للتغير، فهي أكثر ما تكون في الوسائل وأحكامها. وهذا يحتم على العلماء التمييز والتفريق بين المقاصد، وهي التي تكون مطلوبة بذاتها ولذاتها، وبين الوسائل التي لا تكون مطلوبة إلا بسبب غيرها ولأجل أنها توصل إلى غيرها. فليست هي المطلوبة بالذات، وليست هي المقصودة، وإنما هي وسيلة لا غير. فهذه الوسائل تكون قابلة للتعديل والتبديل، بما هو أولى منها، بحسب تغير الظروف وتطور الوسائل، فما كان أكثر وأفضل تحقيقا للمقصود فهو أولى بالاعتماد، حتى ولو لم يكن منصوصا.

وذكر الريسوني أن المقاصد يكون ثباتها واستمرارها على قدر أهميتها ومرتبتها. ولذلك نجد أمهات المصالح وكبرياتها ثابتة مستقرة في كافة الشرائع، كما هو شأن الضروريات الخمس. ونجد أن الوسائل وأحكامها هي الأكثر دخولا تحت ''تغير الفتوى بتغير الزمان''، بل إن الوسيلة إذا فقدت وظيفتها وصلاحيتها، يتوقف العمل بها حتى ولو كانت منصوصة، كما في السيف والخيل باعتبارهما من وسائل الجهاد... بل إن القتال نفسه يسقط، في الحالات التي يتعذر فيها تحقيقه لمقاصده

/
عن موقع الريسوني

خليل حلاوجي
12-08-2007, 01:33 PM
لا زال الحوار العربي \ العربي معطلا ً

واليوم بلغ مرحلة خطيرة

فالرصاص صار لسان هذا الحوار ...

خليل حلاوجي
14-08-2007, 03:56 PM
ها أنا وقد قررت أن أحفر البئر التي فطرها الريسوني هنا ... ولو بأبرة

واتابعه سطرا ً سطرا ً ... معك ياعبد الصمد


استوقفني قوله :
فإذا قلنا مع الشاطبي مثلا "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف من داعية هواه،حتى يكون عبدا لله اختيارا،كما هو عبد لله اضطرارا" فإن هذا يعد من المقاصد العامة الكلية ، لأنه يتعلق بوضعها، أساسا و ابتداء. ولأن مراعاته واعتباره ليس محصورا في جانب أو جوانب من الشريعة دون غيرها.


أقول هنا :
المهم من يلزمك في الاختيار وطريقته في الالزام فمثلا ً العدل هو مقصد شريعتنا :
المهم في العدل هو النظام القضائي المنضبط شرعيا ً

ومثلا ً الجيش له مقصد حماية الدولة :
المهم في الحماية هي النظام الذي يجعلها لاتحيد من حماية الدولة إلى راعي الدول وزعيمها

وهكذا

تتضح لديناإشكالية اسقاط المقصد الشرعي على أرض الواقع


وللحديث صلة