عبدالسلام المودني
16-04-2007, 02:04 PM
لا، لن أمكنهم مني. أبداً لن يظفروا بي مهما حاولوا. البلهاء، يزعمون أنني أشبههم. الأغبياء، ليس كمثلي شيء، رغم أنهم يرونني مثلهم. الأوباش.
اعلم أني..ذاهب إلى حتفي..مقتاد إليه دون إرادتي منزوعها، لكني سأبقى صاحب العرف المكلل والتاج الأحمر المتراقص فوق رأسي. لست مثلهم، سأبقى دوماً رغم مناقرهم، تاتور الديك الأقوى، صاحب الخم والدجاجات. رغم سقوطي المفاجئ والغدر والخيانة، فإني لن أمكنهم مني، سأدفع صدري إلى الأمام وانفش ريشي المنموق، وأرفع رأسي إلى الأعلى، ولن يضيرني سوء من نظرات الشماتة والزراية التي ترشقني. ينسون دوما أنهم لم يكونوا ليجرؤوا حتى على رفع أبصارهم في حضرتي الجليلة، وينسون من كنت فيهم؟ الفراخ.
لا، لن أبالي بهم، كما لم أبالي حين سمعت تهامس بعضهم عندما زعموا أني خرجت من بيضة كما خرجوا، تهامسوا بذلك فحسب، وسمعت عيوني وآذاني، أيام كانت لدي، كل هرآئهم. البلداء، يظنونني نتاج دجاجة،ألقتني كما ألقت أشياءها.
ليس لدي حساسة ضد الدجاجات، بل إني اعشقهن، وهذا ما سمعت تهامساً بشأنه أيضاً. يرمونني بالاحتكار والشبق. يزعمون أنني أستحوذ عليهن جميعاً ولا أدع واحدة لهم، القساة. يريدون منعي عنهن، وينتقدون دفاعي عن حقي المشروع. ومع ذلك فانا طيب القلب، متسامح مع الجميع، منحتهم لذة رؤيتي أنط على دجاجاتي أمامهم، ولست أدري لمَ هيجهم ذلك علي؟ إذ صرت ألمح العنف في نظراتهم، ليس كلهم طبعاً، بل قلة خطرة أعرفها جيدا كما أراقب كل تحركاتها وأحذرها حذراً شديداً، وكلما أحسست خطراً من أحد، أجبرته بقوتي الكبرى على الوقوف بباب خمي، فلا يكاد يمضي عليه وقت طويل حتى تدركه يد صاحب السكين.
الجبناء، أتلذذ بعد ذلك بصراخ استغاثتهم، وتكون تلك هي صرختهم الوحيدة فأنا لا أقبل أن يصيح غيري في خمي. ويقولون أني لست لطيفاً معهم، إنهم قساة جدا في حكمهم علي. أليس الخم خمي، والدجاجات دجاجاتي، والديكة أعدائي؟ إذا فما العيب أن أتصرف اتجاه الخم كملكي، والدجاجات كأشيائي، والديكة كحرب لاتنتهي. ألست الأقوى؟ ألست الأجمل؟ ألست الأكمل؟
أنا كل ذلك وأكثر، ومع ذلك أملك قلبا مترعا بالتواضع، مكتظا بالخير. تصوروا أني لا أحمل لهم الأحقاد التي تحركهم، والضغائن التي تسيرهم. حاقدون، يعيبون على أني أمنع صياحهم، يسمون تلك الأصوات التي قد تصدر عن صدورهم صياحا. صحيح أني لم أسمع لأحدهم من قبل، وصحيح أن أحدا لم يجرؤ على فعلها أمامي، ولكنها ولاشك ستصيبني بالدوار، والغثيان، وسترهق أسماع كل من وصلته.
لو استطاعوا فقط الاعتراف بأفضالي عليهم.
ألم أكن كريما معهم، وما حاسبت يوما أحدا على نقد حب اللقط متى شاء؟ فماذا ينقصهم؟ صحيح أني كتمت أنفاسهم، وخنقت أصواتهم، لكني أبقيت على تهامسهم الذي يصلني على كل حال، ومنحتهم حرية أكثر في مشاهدتي، والتفرج على منظري وأنا أنط من دجاجة إلى أخرى.
كل الدجاجات ملكي، ولهن جميعا منزلة واحدة في قلبي، ألم أقل لكم إني أملك قلبا كبيرا؟ إذا فهو يسعهن كلهن.المشكلة لم تكن في، ولا فيهن إذ كن سعيدات معي، حتى لأكاد المح أطياف السعادة تبرح عيونهن الجميلة. المشكلة كانت في فتنة إحداهن، وجمالها الخالب، الآسر.
قد تعتبرون أنتم أيضا، كما كانوا يظنون أني لا أعبأ بالجمال ولا أقدره حق قدره، وقد تعتقدون أنهن سواء لدي. خطأ أحبتي.
دجاجة، لا أستطيع وصف جمالها ودلالها، إذ لا يكفي الجمال في عرفنا، فالدلال يجب أن يكون بقدر الأول، وكانت كل ذلك، زد الذكاء الخارق، والولاء الكامل، وذاك ما دفعني لأن أمنحها ثقتي.
يتأكد لي ذلك يوما إثر يوم، وزاد ذلك يوم أتتني تهمس لي أن الشائعات تتكاثر حولي، وأن الخطر سيدهمني إن لم أنتبه له إذ كانت القلاقل قد بدت في سماء خمي، ولم يكن مصدرها خمي، بل كانت تأتيني من خارجه.
دعوات سرية للإطاحة بي، وتأليب الديكة علي، لكنهم جبناء، ولاأحد يقف أمامي في صراع إلا وأطرحه بلا رحمة. الدعوة لم تطلهم وحدهم، بل أمتد الأمر واستفحل، حسب دجاجتي، حبيبتي، إلى الدجاجات الأخريات إذ عمدن إلى تكوين منظمة سرية تدعو إلى المساواة، ليس بينهن وبين الديكة فهم كما قالت، سواء في الشقاء، وإنما دعوتهن إلى المساواة بيني وبين باقي الديكة الآخرين، يردنهم أن ينطوا هم أيضاً فوقهن، ليس بعيونهم فقط، بل... الفاسقات.
بيد أن تاتورتي أتتني عصر يوم تهمس لي بالحل المخلص، نصحتني ألا أزيد في الشقة بيني وبينهم، وأنه يتعين علي أن أنزل إليهم. عجبت لذلك عجبا كبيرا إذ انه لأول مرة أدرك أني أقضي في علوي الحالق وقتا كبيرا، ولم انزل منه منذ وقت طويل. إذا كنت صاحب الخم، فكل الخم ملكي، كله. وإذا كنت قوياً، فأنا أستطيع ممارسة سلطتي وقوتي في كل مكان، وسيظل مكاني لي وحدي، لم يجرؤ احد على الصعود إليه أبدا، الوحيد الذي اقترب مني، كانت تاتورتي.
أمضيت ليلتي متفكرا في نصحها، فهي كانت تنذرني من وقوع ثورة عارمة ضدي إذا لم أسارع في تهدئة النفوس، والترويح عن ضغائنها. واستقر بي المقام إلى ضرورة النزول إليهم.
أسفر الصباح عن صياحي الجميل ودون مقدمات، وبخفتي المعهودة قفزت إلى حيث هم، ورحت اختال أمامهم مصطنعا اهتماما بأحوالهم. كانت علامات ارتياحهم لذلك بادية إذا أخذوا يحفونني بنظراتهم المحيية، بل أكاد أقول أن الفرحة كانت تغمرهم. فرحة رأيتها تهوي منزلقة للتلاشي عندما أخذت أنظر إلى مكاني هناك بالأعلى يشغله ديك نزق، أردت الانقضاض عليه ومعالجة أمره، لكني تفاجأت بالنقر ينهال علي من كل جهة، قاومت طويلا بيد أني لم استطع تحملا ولا طقت صبرا. طرحت أرضا، وغابت نظراتي، وارتدت إلي صورة قريبي شيسكو شاو الديك الذي أذعن لهم حين أشبعوه نقرا حتى أماتوه. مازلت أذكر نظرته المغتمة الشاردة تلك وأنا بعد فرخ صغير. لن أنساها ولن أنظرها. أقاوم ضعفي بكل فضلات قوتي، سألقي بآخر ما املك في المعركة وليكن ما يكون، لكن ذلك أيضا لن ينفعني، كما لم ينفعني حرصي الشديد، واحتياطي البالغ الذي سيجت به وجودي وأنا الآن وقعت في شرك الغدر والخيانة..
الخيانة؟ أيكون الأمر مدبرا ضدي؟ وتكون تاتورتي الحبيبة متآمرة معهم؟
لا يمكن، فأنا لا أشك في حبها وصدقها وإخلاصها. نظرت إليها ذليلا منكسرا اطلب نجدتها، فإذا ظلال ابتسامة شماتة تلوح منها. العاهرة الغادرة.
هي ذي تحيط الديك المنتصب مكاني، بغنجها ودلالها الذي نحبه نحن الديكة. آه لو استطاع أن ينصت لنصحي، إذن لقلت له، لا تثق بأحد، أو بشيء، حتى بسلطتك في خمك، فقد تنقلب عليك في أي وقت.
وأجبرت مذعنا على الوقوف في ذات المكان الذي أجبرت الكثيرين على وقوفه، أمام مدخل خمي، أقصد ما كان خمي، وأنتظر يد صاحب السكين التي كانت معينتي على الفتك بخصومي، هي ذي الآن قاتلتي بلا شك. تلتقطني بقوة، وتجردني من أحاسيس زهوي التي دثرت أيامي. أحس ما أحسه إخوتي الديكة. أصيح، ليس كما تعودت، وإنما فزعا وخوفا وتوديعا أيضاً.
علي أن أتماسك، منذ أن رأيت قريبي بتلك النظرات أقسمت ألا أنظرها ما حييت، فلأتديك، ولأظهر أمامهم كما كنت دوما، مرعبا واثقا.
لا، لن أمكنهم مني. نظرات الشماتة التي تقدح بها عيونهم..لن تنال مني. سأظل بينهم حتى ولو أخذتني يد صاحب السكين، فتاتور الديك لا يموت، إذ سرعان ما رأيته ينط فوق الدجاجات، وينقر الديكة بقوة وعنف. هناك أدركت أ نه لقب لمن يقف في ذاك المكان، وإني لأرى خلفي قد أخذ لقبي كما أخذ مكاني.
عبدالســـــــلام المــــــودنــــــي.
اعلم أني..ذاهب إلى حتفي..مقتاد إليه دون إرادتي منزوعها، لكني سأبقى صاحب العرف المكلل والتاج الأحمر المتراقص فوق رأسي. لست مثلهم، سأبقى دوماً رغم مناقرهم، تاتور الديك الأقوى، صاحب الخم والدجاجات. رغم سقوطي المفاجئ والغدر والخيانة، فإني لن أمكنهم مني، سأدفع صدري إلى الأمام وانفش ريشي المنموق، وأرفع رأسي إلى الأعلى، ولن يضيرني سوء من نظرات الشماتة والزراية التي ترشقني. ينسون دوما أنهم لم يكونوا ليجرؤوا حتى على رفع أبصارهم في حضرتي الجليلة، وينسون من كنت فيهم؟ الفراخ.
لا، لن أبالي بهم، كما لم أبالي حين سمعت تهامس بعضهم عندما زعموا أني خرجت من بيضة كما خرجوا، تهامسوا بذلك فحسب، وسمعت عيوني وآذاني، أيام كانت لدي، كل هرآئهم. البلداء، يظنونني نتاج دجاجة،ألقتني كما ألقت أشياءها.
ليس لدي حساسة ضد الدجاجات، بل إني اعشقهن، وهذا ما سمعت تهامساً بشأنه أيضاً. يرمونني بالاحتكار والشبق. يزعمون أنني أستحوذ عليهن جميعاً ولا أدع واحدة لهم، القساة. يريدون منعي عنهن، وينتقدون دفاعي عن حقي المشروع. ومع ذلك فانا طيب القلب، متسامح مع الجميع، منحتهم لذة رؤيتي أنط على دجاجاتي أمامهم، ولست أدري لمَ هيجهم ذلك علي؟ إذ صرت ألمح العنف في نظراتهم، ليس كلهم طبعاً، بل قلة خطرة أعرفها جيدا كما أراقب كل تحركاتها وأحذرها حذراً شديداً، وكلما أحسست خطراً من أحد، أجبرته بقوتي الكبرى على الوقوف بباب خمي، فلا يكاد يمضي عليه وقت طويل حتى تدركه يد صاحب السكين.
الجبناء، أتلذذ بعد ذلك بصراخ استغاثتهم، وتكون تلك هي صرختهم الوحيدة فأنا لا أقبل أن يصيح غيري في خمي. ويقولون أني لست لطيفاً معهم، إنهم قساة جدا في حكمهم علي. أليس الخم خمي، والدجاجات دجاجاتي، والديكة أعدائي؟ إذا فما العيب أن أتصرف اتجاه الخم كملكي، والدجاجات كأشيائي، والديكة كحرب لاتنتهي. ألست الأقوى؟ ألست الأجمل؟ ألست الأكمل؟
أنا كل ذلك وأكثر، ومع ذلك أملك قلبا مترعا بالتواضع، مكتظا بالخير. تصوروا أني لا أحمل لهم الأحقاد التي تحركهم، والضغائن التي تسيرهم. حاقدون، يعيبون على أني أمنع صياحهم، يسمون تلك الأصوات التي قد تصدر عن صدورهم صياحا. صحيح أني لم أسمع لأحدهم من قبل، وصحيح أن أحدا لم يجرؤ على فعلها أمامي، ولكنها ولاشك ستصيبني بالدوار، والغثيان، وسترهق أسماع كل من وصلته.
لو استطاعوا فقط الاعتراف بأفضالي عليهم.
ألم أكن كريما معهم، وما حاسبت يوما أحدا على نقد حب اللقط متى شاء؟ فماذا ينقصهم؟ صحيح أني كتمت أنفاسهم، وخنقت أصواتهم، لكني أبقيت على تهامسهم الذي يصلني على كل حال، ومنحتهم حرية أكثر في مشاهدتي، والتفرج على منظري وأنا أنط من دجاجة إلى أخرى.
كل الدجاجات ملكي، ولهن جميعا منزلة واحدة في قلبي، ألم أقل لكم إني أملك قلبا كبيرا؟ إذا فهو يسعهن كلهن.المشكلة لم تكن في، ولا فيهن إذ كن سعيدات معي، حتى لأكاد المح أطياف السعادة تبرح عيونهن الجميلة. المشكلة كانت في فتنة إحداهن، وجمالها الخالب، الآسر.
قد تعتبرون أنتم أيضا، كما كانوا يظنون أني لا أعبأ بالجمال ولا أقدره حق قدره، وقد تعتقدون أنهن سواء لدي. خطأ أحبتي.
دجاجة، لا أستطيع وصف جمالها ودلالها، إذ لا يكفي الجمال في عرفنا، فالدلال يجب أن يكون بقدر الأول، وكانت كل ذلك، زد الذكاء الخارق، والولاء الكامل، وذاك ما دفعني لأن أمنحها ثقتي.
يتأكد لي ذلك يوما إثر يوم، وزاد ذلك يوم أتتني تهمس لي أن الشائعات تتكاثر حولي، وأن الخطر سيدهمني إن لم أنتبه له إذ كانت القلاقل قد بدت في سماء خمي، ولم يكن مصدرها خمي، بل كانت تأتيني من خارجه.
دعوات سرية للإطاحة بي، وتأليب الديكة علي، لكنهم جبناء، ولاأحد يقف أمامي في صراع إلا وأطرحه بلا رحمة. الدعوة لم تطلهم وحدهم، بل أمتد الأمر واستفحل، حسب دجاجتي، حبيبتي، إلى الدجاجات الأخريات إذ عمدن إلى تكوين منظمة سرية تدعو إلى المساواة، ليس بينهن وبين الديكة فهم كما قالت، سواء في الشقاء، وإنما دعوتهن إلى المساواة بيني وبين باقي الديكة الآخرين، يردنهم أن ينطوا هم أيضاً فوقهن، ليس بعيونهم فقط، بل... الفاسقات.
بيد أن تاتورتي أتتني عصر يوم تهمس لي بالحل المخلص، نصحتني ألا أزيد في الشقة بيني وبينهم، وأنه يتعين علي أن أنزل إليهم. عجبت لذلك عجبا كبيرا إذ انه لأول مرة أدرك أني أقضي في علوي الحالق وقتا كبيرا، ولم انزل منه منذ وقت طويل. إذا كنت صاحب الخم، فكل الخم ملكي، كله. وإذا كنت قوياً، فأنا أستطيع ممارسة سلطتي وقوتي في كل مكان، وسيظل مكاني لي وحدي، لم يجرؤ احد على الصعود إليه أبدا، الوحيد الذي اقترب مني، كانت تاتورتي.
أمضيت ليلتي متفكرا في نصحها، فهي كانت تنذرني من وقوع ثورة عارمة ضدي إذا لم أسارع في تهدئة النفوس، والترويح عن ضغائنها. واستقر بي المقام إلى ضرورة النزول إليهم.
أسفر الصباح عن صياحي الجميل ودون مقدمات، وبخفتي المعهودة قفزت إلى حيث هم، ورحت اختال أمامهم مصطنعا اهتماما بأحوالهم. كانت علامات ارتياحهم لذلك بادية إذا أخذوا يحفونني بنظراتهم المحيية، بل أكاد أقول أن الفرحة كانت تغمرهم. فرحة رأيتها تهوي منزلقة للتلاشي عندما أخذت أنظر إلى مكاني هناك بالأعلى يشغله ديك نزق، أردت الانقضاض عليه ومعالجة أمره، لكني تفاجأت بالنقر ينهال علي من كل جهة، قاومت طويلا بيد أني لم استطع تحملا ولا طقت صبرا. طرحت أرضا، وغابت نظراتي، وارتدت إلي صورة قريبي شيسكو شاو الديك الذي أذعن لهم حين أشبعوه نقرا حتى أماتوه. مازلت أذكر نظرته المغتمة الشاردة تلك وأنا بعد فرخ صغير. لن أنساها ولن أنظرها. أقاوم ضعفي بكل فضلات قوتي، سألقي بآخر ما املك في المعركة وليكن ما يكون، لكن ذلك أيضا لن ينفعني، كما لم ينفعني حرصي الشديد، واحتياطي البالغ الذي سيجت به وجودي وأنا الآن وقعت في شرك الغدر والخيانة..
الخيانة؟ أيكون الأمر مدبرا ضدي؟ وتكون تاتورتي الحبيبة متآمرة معهم؟
لا يمكن، فأنا لا أشك في حبها وصدقها وإخلاصها. نظرت إليها ذليلا منكسرا اطلب نجدتها، فإذا ظلال ابتسامة شماتة تلوح منها. العاهرة الغادرة.
هي ذي تحيط الديك المنتصب مكاني، بغنجها ودلالها الذي نحبه نحن الديكة. آه لو استطاع أن ينصت لنصحي، إذن لقلت له، لا تثق بأحد، أو بشيء، حتى بسلطتك في خمك، فقد تنقلب عليك في أي وقت.
وأجبرت مذعنا على الوقوف في ذات المكان الذي أجبرت الكثيرين على وقوفه، أمام مدخل خمي، أقصد ما كان خمي، وأنتظر يد صاحب السكين التي كانت معينتي على الفتك بخصومي، هي ذي الآن قاتلتي بلا شك. تلتقطني بقوة، وتجردني من أحاسيس زهوي التي دثرت أيامي. أحس ما أحسه إخوتي الديكة. أصيح، ليس كما تعودت، وإنما فزعا وخوفا وتوديعا أيضاً.
علي أن أتماسك، منذ أن رأيت قريبي بتلك النظرات أقسمت ألا أنظرها ما حييت، فلأتديك، ولأظهر أمامهم كما كنت دوما، مرعبا واثقا.
لا، لن أمكنهم مني. نظرات الشماتة التي تقدح بها عيونهم..لن تنال مني. سأظل بينهم حتى ولو أخذتني يد صاحب السكين، فتاتور الديك لا يموت، إذ سرعان ما رأيته ينط فوق الدجاجات، وينقر الديكة بقوة وعنف. هناك أدركت أ نه لقب لمن يقف في ذاك المكان، وإني لأرى خلفي قد أخذ لقبي كما أخذ مكاني.
عبدالســـــــلام المــــــودنــــــي.