تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ولكن الدموع جفت



محمد العباسي
17-04-2007, 08:57 PM
ولكن الدموع جفت

جالسا في مقعده يملأ الضجيج أذنه يوزع ابتساماته علي الجميع ويتلقي التهاني بإيماءت من رأسه ثم يلتفت إلي زوجته الجالسة علي يساره فتلتقي عيونهما فيغوص فيهما إلي تلك العوالم التي ظن أنه نسيها منذ ان عرفها
ـ هل تحبيني يا آية
ـ وهل تعرف معني الحب أنت لم تتجاوز الحادية عشر
يشعر بالضيق يملأ صدره ولكنه يميل عليها ويهمس في أذنها برقة
ـ غدا تفهمين
ـ ولكني لا أريد أن أفهم
تنقض عليه صاعقة تزلزل كيانه قبل أن تكمل هي في دلال
ـ يكفيني ما أشعر به تجاهك
تعود الفرحة لتأخذه في أحضانها وتهتز الأشجار فيبدو حفيفها في أذنه كأنه زغرودة طويلة ، زغرودة تعيده إلي عالمه وإلي عروسه الجالسة بجانبه تدرك ما كان فيه فتشيح بوجهها إلي الجانب الآخر، ويلتفت هو إلي صديق عمره القادم نحوه فاتحا ذراعيه متأهبا لاحتضانه ، يقول له "أخيرا فعلتها يا وليد من كان يصدق هذا " لا يرد عليه يكتفي بالبسمة التي تملأ وجهه ويلتفت إلي عروسه ثانية وتأتي أخته لتقتحم الصورة وتحتضن العروس ثم تطلق زغرودة طويلة تقول بعدها " والله إن عروسك لآية في الجمال يا وليد " تصدمه الكلمة فيجلس علي كرسيه ثانية تسهم نظراته وتمتد يد عروسه نحوه محاولةََ أن تنتشله قبل أن يغوص إلي عوالمه ثانية ولكن هيهات
_ أمي أمي أين آية ابنة عمي ؟
ـ إنها تلعب في الخارج يا وليد
يسرع خارجا إليها يراها تترك مجموعة من الأطفال وهي غاضبة يذهب إليها بعد ان انتحت ركنا بعيدا يسألها في حنان
ـ ما بك
ـ إنهم لا يفهمونني
ـ لا تلوميهم أنهم أصغر منك
ـ ولكني أصغر منك بسنتين ومع ذلك أفهمك
ـ ومن قال انك تفهميني بعقلك
تعجبها الكلمة فترن ضحكتها في المكان وتنهض لتجري في سعادة ومن بعيد ترقبه امها وزوجة عمهما فيلتفتان إلي بعضهما ويعقدان اتفاقا صامتا .
" هل تحبني " تهمس إليه عروسه بتلك الكلمة فيرنو إليها بحب ويجيب " لو لم أحبك لما كنت جالسة بجواري الآن " تنظر إلي الأمام وتقول " ولكن قلبك مازال يحتوي علي تلك الندبة " يمد يده ويدير وجهها ناحيته " إن نظرة واحدة من عينيك لقادرة علي ان تذيب قلبي بأكمله ".
تنظر إليه مكذبة فيدرك أنها صادقة فيغض طرفه ويهرب مرة أخري إلي ذكرياته .
يراها تجري أمامه تقفز في سعادة تقول : ما اجمل الصحة بعد المرض
ينظر إليها بغضب وينهرها بقوة
ـ لقد امرتك ألا تذكري فترة مرضك ثانية
تعود إليه وتنظر إليه با متنان
ـ حسنا لن أفعل ولكن اجعلني أنا أشتري الآيس كريم هذه المرة
_ لا انا الرجل وسأدفع أنا
ـ إذن فسأسبقك إلي هناك
ثم تندفع بقوة دون أن تري السيارة المندفعة ،لم يرَ وليد شيئا ، أهذا الذي طار في الهواء جسد آية ؟لا يصدق ، يسمع السائق وهو يتلعثم ويقول :إنها هي ... هي التي اندفعت أمامي فجأة ، أصبح العالم كله كبقعة حمراء ،هوي وليد علي ركبتيه وسقط المال من يده، أتلك المسجية علي الأرض هي آية ؟ لا يمكن ، يحملها أخوه الأكبر بين يديه ويمر من جواره ، يكاد يفقد وعيه ولكن صرخة تنبعث من البيت تعيده إلي رشده " آآآآآآآآآآية ابنتي لا تتركيني " ينهض بسرعة ويندفع إلي البيت يري الدموع تملأ عيون الجميع ويسمع الصرخات ، لماذا تبكون ؟ آية لن ترحل لا يمكن أن ترحل ،الحياة ليست بهذه القسوة ، يذهب إلي غرفتها يري أمها منحنية عليها وصرخاتها ما تزال تدوي ، يتجاهل الجميع ويذهب إلي حبيبته النائمة يروعه منظرها ولكنه يتجلد ويهز يدها لكي يوقظها "هي يا آية سنذهب لنشتري الآيس كريم هيا يا آية سأجعلك أنت من تدفعين المال للبائع هيا يا آية" ولكنها لاتستجيب ويأتي أهله ليأخذونه بعيدجا عنها ولكنه يصرخ ويقاومهم يسمع من يأمرهم بإبعاده إلي خارج الغرفة ، ويدخل عمه إلي المنزل ويأمر الجميع بعدم الصراخ ثم يدخل إلي ابنته وتنسال الدموع من عينيه لتغرق لحيته : رباه حتي أنت يا عماه تبكي هل حقا ما حدث قد حدث ؟ هل هذا حقيقة ؟ هل ماتت آية ؟ لا يدري هل لفوها في كفن أبيض ؟ هل صلوا عليها وذهبوا وراءها إلي المقابر ؟ هل كانت تلك صرخاته التي ملئت المقابر ؟ كم ظل يبكي عليها ؟ أسبوع .. شهر .. عام .. اثنان ... خمسة ... عشرة حقا لايدري
تنبهه زوجته بعدما لمحت تلك الدمعة الهاربة من عينه وتشير إلي أبيه وأمه وعمه الذين يبتسمون وتقول له "انظر إنها نفس الوجوه الباكية منذ عشرين عاما" فيتنهد ويقول " نعم ولكن الدموع جفت "


تمت بحمد الله

حسام القاضي
17-04-2007, 11:02 PM
الأخ الفاضل الأديب / محمد العباسي
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
أهلاً بك وبأول أعمالك معنا في ملتقى القصة
قصتك تدل على قدرات عالية في السرد والحوار
أجدت في انتقالك بنا بين الحاضر والماضي ، فشوقتنا لمعرفة ما حدث لـ "آية " بالأسلوب الذي استخدمته بعدم اعطاء المعلومة على مرة واحدة ،بل على فترات حتى وصلنا للنهاية..
وصلتنا أحاسيس "وليد" وما يعانيه رغم ما مر عليه من زمن .
ربما أختلف معك قليلا في تلك التفصيلات الخاصة بموت "آية" فأعتقد أنها طالت بعض الشيء ،
برغم الشكل الجيد للنهاية إلا أنني لا أراه منطقياً أن تكون عروس في عرسها بهذه المثالية .
ولكن كل ما مضي لا يقلل أبداً من جودة العمل .
همسة:
هناك أخي الفاضل بعض الأخطاء اللغوية والكيبوردية أرجو أن تتنبه لها حتى لاتؤثر على جمال العمل.
مرة أخرى مرحباً بك معنا .

سحر الليالي
17-04-2007, 11:27 PM
الفاضل محمد العباسي :

اهلا بك في واحة الخير ...أرجو ان يطيب بك المقام وأن تجد كل ما يسعدك
قصة مؤلمة ...ولكنها رائعة
سلمت ،وبإتتظار جديدك دوما

لك خالص تقديري وباقة ورد

راضي الضميري
20-04-2007, 02:28 PM
" إن نظرة واحدة من عينيك لقادرة علي ان تذيب قلبي بأكمله ".

قد يخطئ الكيبورد ، وقد لا تسعفنا خبرتنا في الكتابة ، وأنا مثلك قد أخطئ احيانًا ، لكن المشاعر الرائعة التي نثرتها هنا تجعلني أقف احترامًا لحبك الكبير.

قد نخطئ في كل شيء ، لكن يبقى الحب الصادق عملة نادرة في هذه الأيام .

أيها الأخ العزيز

سعدت بلقاءك.

تقبل تحياتي وتقديري

شروق الحب
20-04-2007, 09:46 PM
تتوالى الأحداث المؤلمة وتنهمر الدموع حتى

تغرق القلب وأوطان الفرح

ولكن سيأتي يوم لا محالة .. تجف فيه الوديان

ويشرق الربيع في القلب من .. جديد


كنت رائعا واستطعت أن تسرقنا من لحظاتنا وتأخذنا

إلى أحداث قصتك ..


جـوري لــ قلبك


دمت بحب

جوتيار تمر
21-04-2007, 03:37 AM
العباسي..
لااعلم كيف اعقب على هذه القصة
صدقا لااعلم...
لكن لاباس مررت لاعقب..
نعم مررت لاعقب..
القصة بغض النظر عن المضمون وهذا وما ساعود اليه وجدتها منسجمة فيها تناسق جميل من حيث تسلسل الاحداث والشخوص، وهناك اهتمام جيد بالشخوص من حيث البنية الاجتماعية فقد عمد القاص على عدم ادراج القصة وحصرها داخل الوسط الثنائي بين الحبيب والحبيبة وانما عمد الى اتساع رقعة الحوار والصراع ذاته ليصل الى الاهل من الطرفين والاصدقاء ومن ثم الاجتماع بصورة اقل.
اما المضمون فهو بحق رائع بدأ من الرؤى الاولى له،ومن ثم التخيلات، من ثم العواطف الجياشة، وحتى التساؤلات، وفي النهاية الواقع المر والحي، الذي دائما يهدم كل لذة انسانية.
وليس هناك شك بان المضمون ليس بجدبد ومكرر حيث لابد واننا قرأنا الكثير من هذه الحالة واقعا وادبا ولكني هنا اشير بان اظهار المشاعر تختلف واختلفت هنا كثير حيث حالة الصدمة بالاخص هذه العبارة وجدتها تنقلنا الى عالم اكثر جمالية في الادب واكثر وجعا في الواقع"، ويدخل عمه إلي المنزل ويأمر الجميع بعدم الصراخ ثم يدخل إلي ابنته وتنسال الدموع من عينيه لتغرق لحيته : رباه حتي أنت يا عماه تبكي هل حقا ما حدث قد حدث ؟ هل هذا حقيقة ؟"
ثم كانت النهاية الاخرى الاكثر التماسا بالواقع البشري كونه لابد وان يستمر ولايبقى اسير ذكرياته واوجاعه السابقة بالرغم كونها تحفر في جسده وعقله وعاطفته شرخا واسعا.." له "انظر إنها نفس الوجوه الباكية منذ عشرين عاما" فيتنهد ويقول " نعم ولكن الدموع جفت "
اظن بان هذه العبارة كافية لاظهار الطابع البشري في القصة بصورة واضحة تماما.
دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

ناديه محمد الجابي
04-04-2017, 09:37 PM
نبكي من فارقونا والحزن يقيد الذكريات وينسدل الظلام
ويخيم الحزن على المكان ـ ونتعلق بالماضي ونحن على يقين إنه لن يعود
وفجأة .. يتغطى الحزن بغطاء الفرح، وتأتي البسمة رغم القسوة..
وتجف الدموع..
قرأت هنا لكاتب متمكن .. السرد رائعا ، والقص جميل يأسر الفكر والقلب
باسلوب تصويري تعبيري بارع.
دمت بكل خير. :0014: