تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : 48 ساعة



احسان مصطفى
26-04-2007, 03:45 PM
عمّ السكون في المدينة ،على غير العادة
كنتُ على وشك أن أعود لثكنتي العسكرية ، حينما نادى جهاز اللاسلكي :
ج 1 إلى دلتا 5 .....دعم فوري
صمت .........حينها تفجر الصوت كالرعد بدويّ انفجار حطمَ جميع أفكاري بليلة أخرى ستجعلني أتعرّق وانا أتذكر أحمد وهو ينزف فوق يدي في أوّل يومٍ لي هنا في هذا الجحيم،الطلقات في كل اتجاه ، لا ادري كم الساعة*ولكنها ربما بين الخامسة والسادسة مساءاً ...
بعزم غير إراديّ ...بدأت أركض والكلاشنكوف الصيني الثقيل بيدي ،،وعلى صدري ترقص خمسة قنابل يدويّة هجوميّة لستُ متأكداً إن كانت ستنفجر لو رميتها على العدو،لا أعرف لماذا لم يزل عقلي يفكر وجسدي منهمك بالركض جنوباً لأزج نفسي بمعركة ربما لن اخرج منها سالماً ،،
كان (علي) وهو الأعلى مني رتبة كثير المزاح وكثير الغناء أيضاً، أكبر مني بثلاث سنوات حاولت كثيراً أن أقنعهُ بحلق شاربهِ الكثيف ولكنه كان يرفض لأنه كما يقول ( أبن عشائر) ولن يسامحوه لو عاد إليهم من دون شارب ، كنتُ أرى بعينيهِ حزناً لأنه مقيّد بهذه الأعراف ، قال يمزح ( إن حلقت أصبح أصغر منك ولن تحترمني )، عليّ نحيف جداً ولكنه يملك بطناً منتفخة بعض الشيء ! أسمر اللون يميل إلى الصفرة ،
هنــــاك أراهُ يحاول أن يختبأ خلف جدار منزل قديم في أبعد زاوية !
توقفت ولوحّت له بيدي ،،،
علي علي ...وركضت نحوه ،، حينما رآني أصابه الجنون ،،
علي: أين كنتُ يا ولد؟
أنا : بخوف ورعشة لم أستطع السيطرة عليها :: ك ك كنت اتمشى في السوق حينما دوى الانفجار ،،
على :هل سمعت النداء عبر الجهاز؟
أنا : نعم نعم يجب علينا أن ننظم لدلتا 5 ....الآن
علي : أصمت ولا تتحرك : هذا فخ!!!
أنا :..........ماذا؟؟
علي: أنا وصلت هناك قبلك :: كان الكثير من جيش العدو يحاصر المنطقة ..سحقاً كيف وصلوا لدلتا 5 بهذه السرعة؟؟؟
هصـــــــــــ ...اسمع هذه الأصوات،،
" كانت الشوارع تهتز على صوت الاقدام الكثيرة وعربات الجيش "
همست لهُ ...هل بقينا وحدنا هنا؟؟؟
علي ...وهو يتعرّق خوفاً أكثر مني ،، لا أدري اصمت الان ،،
الاقدام تقترب وأصوات العربات تبدو واضحة أكثـــر....!

_______

خليل حلاوجي
26-04-2007, 03:53 PM
هل حوصرنا من قبل ان يطأ العدو شوارعنا ؟

هل كنا نمتلك القابلية للهروب من قبل ان نحاول كتابة سطور النصر في شوارعنا ؟

اسئلة لازالت بلا جواب !!!

وفاء شوكت خضر
27-04-2007, 08:04 PM
الفاضل / إحسان مصطفى ..

تكثيف عالي ، لتختزل الكثير من السرد بذكاء بأسلوب بسيط عفوي ، حملنا إلى أهم اللحظات في ساحة المعركة .

تحيتي لك وتقدير الكبير .

احسان مصطفى
28-04-2007, 06:56 PM
كنت أرى في وجه علي تعبيراً مختلفاً عن الخوف ، أو ربما هو مزيج من خوف وشيء آخر لم أستطع فهمه ،، زرع شجيرة شك بنفسي ،،
تفقدت مخازن الطلقات الثلاثة في جعبتي ،،نعم هي ممتلئه ،،
الصوت يقترب والعربات تصدر أزيزياً يبعث الرعب والرهبة ،،
علي أرجوكَ صديقي تحرك ، أما أن نقاتل أو نهرب ، أتخذ قرارك ، نظرَ لي بحيرة ؟؟
صدّقني لا أدري ،، يبدو ان الجميع قد انسحب وتركونا هنا ،، يا الله
وضع يديه على رأسهِ وتعابير القلق ممزوجة بحزنٍ قاتل تتمثل بوجهه النحيل
تملكني الرعب من كلماته تلك أكثر من صوت الطلقات التي كانت تطلق بوتيرة مرتفعه شيئاً فشيئاً
فجأة ،، وضع يدهُ فوق كتفي وقام بسحبي إلى الجهة الأخرى شمالاً ،،
وبدأنا بالركض ...
المكان : بيوت عديمة الالوان قديمة ..هزيلة جداً...يتوسطها شارع ضيق ...ربما لن يكفي سيارة لو دخلت بالعرض مثلاً ،،
انعطف بي نحو حائط مائل ...ربما كان بيتاً وقد واجه قذائف هاون ولم يسقط ، ولكنه تضرر كثيراً
لم يبقى أحد في الشارع وأشك انه لم يبقى أحد في البيوت الغامضة تلك ..رغم أنني أشعر بحركة تدب داخلها
كنا منهمكين جداً ...لم نركض مسافة طويلة ولكننا تعبنا خوفاً ورعباً
سمعت اطلاق نار شديد ...لا أدري من أين ..ولكنه بدا متوجهاً لحركتنا ...واعتقد انه لولا الظلام الذي بدأ يخبئ المدينة تحت ذراعيه لكانت قد أصابتنا بالتأكيد ،
سحب علي سلاحه وبدأ يطلق النار باتجاهات مختلفة ومن دون تحديد هدف معيّن
وأنا أمسك بسلاحي واتلفت ، فلربما وجدتُ طريقاً آخر يمكن أن نهرب منه أو مخرجاً من هذا المكان
توقف اطلاق النار وتوقف علي أيضاً عن اطلاق صراخه مع البارود
صمتَ وجلس منهمك القوى ...
علي : نحن وحدنا هنا ...هذا أكيد ...لم يبقَ أحد من الجيش
أنا : هل تعني أننا عالقون؟؟؟
علي : بالتأكيد ...وربما وصل الجيش للخطوط الخلفيّة ولكنهم لم يعلمونا بهذا من قبل
سحقاً لقد خـُدعنا ...وجههُ بدأ يضطرب وقلبي بدأ يخفق بسرعة أكبر
كنا نتحدث بهمس
فجأة .. بقوّة بعد سرعة كبيرة
توقفت من خلفي سيارة لا أذكر بالضبط شكلها ،
حاولت أن أرفع سلاحي باتجاهها...
ولكني تفاجأت بإمرأة تقود السيارة!

______

جوتيار تمر
28-04-2007, 10:43 PM
احسان...
حالة رعب مستمرة تحوم حولنا ورجالات الامس دفنوا تحت انقاض تلك الدبابات..
وفي خضم هذه الحالة النفسية التعبة اصبحنا نجد انفسنا كل لحظة تحت وطاة نداءات تدعونا للاسراع
الاسراع في ايجاد نقطة البداية لاننا ندرك تماما باننا منذ ان ولدنا لم نبدأ انما كانت ولادتنا هي نهاية لنهاية اخرى،
وهكذا كبرنا واصبحنا نعتاد الايام وتعتادنا، حتى اصبحنا مجرد كتل بشرية نسير في هذي الشوارع لاندرك الا اصوات عهدناها ولانحبها
لكنها منذ امد طويل فرضت علينا جراء سياسات غبية من هذا وذاك..وساسة اغبى لانهم لايرون في الافق البعيد الا مصالحهم ورؤاهم الغبية..
وفوق هذا الحضيض عشنا ولم نزل نعيش، لااحد يبالي بآهاتنا، ولا حتى بموتنا، الايام تسير مجحفة بنا ، فاصبحنا رهن اوهام تكسونا ليل نهار.
ايها السامق صورت اجمل لوحة وهي البقاء على الولاء للقيم حتى وان كانت حربا مع اني ارى بان لاقيم في الحرب، لكن عبارة علينا ان نتوجه لمساعدتهم وفي هذا الظرف القاتل امر يستدعي الوقوف عنده.

ايها السامق
عليك ان تبقى بخير
تعلم محبتي
جوتيار

منهل العراقي
04-05-2007, 10:07 AM
اخي احسان

تنقل لنا واقعا صعبا وداميا

تحياتي لك
العراقي

آمال المصري
09-10-2014, 05:46 PM
هنا نقلتنا لساحة المعركة وصورة حية نطق فيها الحرف وجاء السرد سلسا يسير البيان فنجحت في التصوير
ليتك أكملت باقي الأجزاء لنواصل معاك المتابعة
يختبئ - لم يبقَ - والاهتمام بالهمزة في مواضغها
دمت ببهاء وألق شاعرنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

ربيحة الرفاعي
15-10-2014, 12:16 AM
براعة في تكثيف المشهد وذكاء السرد لتصوير الصراع الداخلي بما يهاجم الفرد من مشاعر ورؤى ومتناقات نداء، والخارجي بمؤثرات الواقع والحدث وتداعياته تفصيل الأزمة ومحركاتها في نقل حيّ ناطق نابض يفتح أفق المتلقي عل تساؤلات يدرك معها الواقع الذي تعيش الأمة على حقيقته متحررا من غش الإعلام ومنابره
أداء قصي ماتع وطرح موفق للفكرة

تحاياي

رويدة القحطاني
09-01-2015, 02:52 AM
هل حوصرنا من قبل ان يطأ العدو شوارعنا ؟

هل كنا نمتلك القابلية للهروب من قبل ان نحاول كتابة سطور النصر في شوارعنا ؟

اسئلة لازالت بلا جواب !!!

ناديه محمد الجابي
21-11-2019, 06:29 PM
سرد من ساحة المعركة ـ وواقع صعب ودامي يعيشه العراق
منذ سنوات طوال في حروب متوالية استنفذت كل طاقاته وموارده
وجعلته يعيش في معاناة ، وفقر مدقع وغياب كلي للعدالة الإجتماعية
غير أنه يمكن التاكيد على ان العراقيين رغم كل الإحباطات التي يعيشونها
قد أثبتوا إنهم من طراز تلك الشعوب التي تبقى مثل البراكين مستكينة ضد
الظلم والفساد والإنتهاكات الفظيعة لحقوقها حتى يحين أجل نطقها
فتصرخ بكل ما أوتيت من قوة ـ لا شعورا بالألم بل إيذانا بولادة عهد جديد
وبابا من الأمل يفتح من جديد.
أوحت لي قصتك الرائعة بالحديث عن مأساة العراق ومعاناتها
فرج الله كربها وسائر بلاد المسلمين.
بوركت ـ ولك تحياتي وودي.
:002::009::009::001: