تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ايحاءات ريشة وقلم



محمد سامي البوهي
04-05-2007, 12:12 PM
http://www.middle-east-online.com/pictures/biga/_23043_memory-24-4-2004.jpg


ايحاءات ريشة وقلم


هذه القصص استوحيتها أثناء ردودي على ريشة وقلم:
1- هما (جوتيار)
2- الميناء (خليل حلاوجي)
3- يوم و رواق (غادة نافع)
4- لوحة الرحيل (حنان الأغا)


(1)

بحيرة ثلجية


وقف أمام البحيرة الثلجية ، أراد أن يحدد موقعه ، فضلله البياض المنتشر ، يعلم جيداً مكان البحيرة ، لكنه بات لا يعلم أين الشاطيء.


(2)

أصابع أبي


صحبني أبي لمحل عمله بأحد البنوك ، قضى وقته بين عدّ خصلات النقود ، وتدوين الأرقام ، عدنا إلى المنزل ، ألقاه التعب على سريره بنوم عميق ، تظاهرت بالنوم جواره ، ثم أخذت في عد أصابعه .


(3)

قاتل الموتى

سار مختالاً بحصانه بين الجثث المنتشرة ، لم يُبق على روحٍ واحدة داخل جسدها ، قفز فوق ربوة نتأت عن الأرض الحمراء ، امتشق سيفه عالياً ، وصاح :هااااااااااا، أسرع ناحية الجبل ليقضي على من رد عليه صياحه .


(4)

الرحيل


بين ضفاف الحوائط المظلمة إلا من خيط لظل مضيء ، تهافت البشر للهروب من ضفة الخوف لضفة الأمان بالوجه المستكين ، ضاق الخناق ؛ فاستحال ولوج الأجساد المتصارعة من سم الضوء المنفرج ، التصقت الأنفاس بالأنفاس ، فاحتضر غاز الحياة بينهم ، وبعد ساعات من التدفق لم تطل ، ظل الجانب الآخر خالياً من كل محاولات الرحيل .


محمد سامي البوهي

وفاء شوكت خضر
04-05-2007, 02:33 PM
مازلت بين البحيرة والشاطئ ، أحرك الأوهام المجمدة على حافة الضياع
فلم أجد إلا حجرا نسيه الشتاء فظل في سبات ......

وقف على قمة وهمه ..
كان ظله الأطول بين الظلال الممتدة
ربطا بساعة خياله

يمنى سالم
04-05-2007, 05:45 PM
هنا أقاصيص مركزة بنهكة الإبداع

الفاضل سامي البوهي

أتوه دوما بين النصوص التي تختزل نفسها فهي توحي لنا بأكثر مما تحمل..

سعيدة بمروري من هنا

تحياتي

جوتيار تمر
04-05-2007, 10:06 PM
البوهي الرائع..
ايحاءات ريشة وقلم
هذه الردود استوحيتها من مخيلتي التي حفظت بعض ما سطره كل من الرافعي وجبران خليل.
هذه القصص استوحيتها أثناء ردودي على ريشة وقلم:
1- هما (جوتيار)
2- الميناء (خليل حلاوجي)
3- يوم و رواق (غادة نافع)
4- لوحة الرحيل (حنان الأغا)

(1)

بحيرة ثلجية

اراه لايشك فيما يعرف ولايريد ان يعرف ما يشك فيه..؟

انه كالباحث عن البرهان بطريقة من طرق المغالطة التي لاتؤدي اليه..فمتى اصابه كانت قوة البرهان بطريقة استخراجه العجيبة اشد منها في البرهان نفسه..


(2)

أصابع أبي

الفقر خلو من المال ولكن اقبح الفقر الخلو من العافية...
الغنى ان تمتلك من الدنيا ولكن احسن الغنى ان تهنأ في الدنيا...

(3)

قاتل الموتى

قال ذئب مضياف لحمل مسكين : هل تريد ان تشرف منزلنا بزيارة ؟
فاجابه الحمل: كم كان فخري بزيارتك عظيما لو لم يكن منزلك في معدتك.


(4)

الرحيل
.
ليس هذا بالسجن الرديء على كل حال،لكني لااحب هذا الجدار الذي يفصلني عن السجين في الغرفة الثانية، على انني اوكد لك انني لااريد ان اقرب من السجان ولا من الذي بنى السجن.



محبتي لك
جوتيار

محمد سامي البوهي
05-05-2007, 01:54 PM
مازلت بين البحيرة والشاطئ ، أحرك الأوهام المجمدة على حافة الضياع
فلم أجد إلا حجرا نسيه الشتاء فظل في سبات ......
وقف على قمة وهمه ..
كان ظله الأطول بين الظلال الممتدة
ربطا بساعة خياله

أحياناً يذيب الجليد المتراكم ، أحزاننا المغلفة لقلوبنا الصغيرة بحجم قبضة يد .

أشكرك جداً أستاذة وفاء على هذا التعقيب الذي أسعدني لوجودك هنا .

محمد سامي البوهي
06-05-2007, 09:39 AM
هنا أقاصيص مركزة بنهكة الإبداع
الفاضل سامي البوهي
أتوه دوما بين النصوص التي تختزل نفسها فهي توحي لنا بأكثر مما تحمل..
سعيدة بمروري من هنا
تحياتي
الأستاذة / يمنى سالم

تقديري لقراءة واعية ، من أديبة سامقة تقدر معنى الحرف .

مأمون المغازي
12-05-2007, 12:57 PM
القاص المتفوق على نفسه : محمد سامي البوهي

وكأني أقف أمام جدك ـ رحمة الله عليه ـ يتأمل الكون ويتدبر الآيات يستقيها من الموجودين ، ويسقط عليها علمه ، لينعجن العلم بالحالة ليأتي إلينا بالخلاصات ، نتعلم منها كيف ننظر في أنفسنا .



(1)

بحيرة ثلجية

وقف أمام البحيرة الثلجية ، أراد أن يحدد موقعه ، فضلله البياض المنتشر ، يعلم جيداً مكان البحيرة ، لكنه بات لا يعلم أين الشاطيء.


في هذه اللقطة المكثفة جدًا توقف البوهي أمام العالم ، وأمام الإنسان ، أمام جوانية الإنسان يتدبر حاله ، وهو في الموقف الصعب ، إنها الذات أمام البياض الذي هو أصل الأشياء ، ولكي يبحر بنا البوهي أكثر أوقفنا أمام بحيرة ثلجية ، أمام الثلج : الثبات ، القوة ، النقاء ، الجمود ، التحول ، ولكن هل يكتفى بذلك ؟
لا . إنه التأمل الأعمق ؛ ما تحت الثلج ، الماء أصل المخلوقات .

إنه يقف في حالة تأمل ، حالة بحث عن الطريق ، وفي حالة من حالات اللاوعي يدرك البوهي الحقيقة التي أتته ومضة آنية استشعرها من ذاته ومن قراءاته ، ومن تدبره ربما لحالته الذاتية ، هذه الحالة المفضية إلى السير ، نحو اللجة ، لتكون المفاجأة : إنه ( الإنسان ) بات يعلم من العلم ومن الحالات ما أوصله إلى معرفة الطريق ، لكنه وللأسف لم يعد يعرف حدوده ( أحسنت أيها البوهي ) إنه الإنسان بين الماضي والحاضر والحلم بالآتي ، ولأن المادة تحولت إلى معبود ظالم بات الإنسان يعرفها ؛ لكنه لا يدرك حدودها التي استعبدته .

وكأن البوهي يدق ناقوس الخطر .



(2)


أصابع أبي

صحبني أبي لمحل عمله بأحد البنوك ، قضى وقته بين عدّ خصلات النقود ، وتدوين الأرقام ، عدنا إلى المنزل ، ألقاه التعب على سريره بنوم عميق ، تظاهرت بالنوم جواره ، ثم أخذت في عد أصابعه .


بكل بساطة يمكنني أن ألحق هذه اللقطة الرائعة بما قبلها ؛ فما زلنا أمام هذا الإنسان الذي يقارع الحياة ، ويبادلها الكأس ، لكن هنا يبسط البوهي الصورة أكثر ، لأننا بالفعل ما زلنا بين ملامح الصورة المادية ولكن هنا نقف أمام المادة النقدية المتصلة كلاً وجزءًا بالمادة الأصل ، وأعتقد ان البوهي استطاع هنا أن يستعرض لنا حدثًا يمتد بامتداد المتطلبات البشرية في كبسولة ، نعم هي كبسولة المعاناة ، واللهاث وراء المال ، ولكن أي مال صوره البوهي ، إنه ما يمكن أن يعلق بالأنامل ، كم هو بسيط الحلم ، ولكن هل يتحقق ؟ !!!




(3)


قاتل الموتى
سار مختالاً بحصانه بين الجثث المنتشرة ، لم يُبق على روحٍ واحدة داخل جسدها ، قفز فوق ربوة نتأت عن الأرض الحمراء ، امتشق سيفه عالياً ، وصاح :هااااااااااا، أسرع ناحية الجبل ليقضي على من رد عليه صياحه .


هنا البوهي يكمل الرحلة ؛ رحلة الإنسان مع الإنسان ومع العالم ومع الطبع السلطوي ، والتسلط ، بل إن البوهي من خلال هذا التكثيف يعرض لنا موقعة حربية كاملة استوفت في الذوق ما يجب أن تستوفيه قراءة ، فهذا القائد الدموي الذي قتل كل من لاقاه يطارد الآن الصدى ليقتله باعتباره يرد نداءه . إنها حالة من التأمل على ما يبدو دخلها البوهي ليعرض لنا دموية الإنسان ، البوهي يتطور من حرب الطواحين إلى حرب صدى الصوت ، إنه يتصدى لإحدى القوى العملاقة الجبارة ، لكن في صورة ليست بنائية بالمضمون ، فالمطارد قاتل متجبر في الأرض ، يقتل حتى الموتى ، ( غريزة ) وقد افرط فيها حتى أنه لا يجد الآن من يقتل .

وليسمح لي الأستاذ البوهي أن أعمل خيالاتي هنا ، ربما أستطيع أن أسقط هذه اللقطة على حالة نفسية تقضي بارتداد أو رجع الألم لينصب على الذات في حالة عدم وجود المتنفس ، وكأن هذا الطاغية سيتحول من إيذاء الغير إلى إيذاء النفس لعدم وجود الآخر .


(4)


الرحيل

بين ضفاف الحوائط المظلمة إلا من خيط لظل مضيء ، تهافت البشر للهروب من ضفة الخوف لضفة الأمان بالوجه المستكين ، ضاق الخناق ؛ فاستحال ولوج الأجساد المتصارعة من سم الضوء المنفرج ، التصقت الأنفاس بالأنفاس ، فاحتضر غاز الحياة بينهم ، وبعد ساعات من التدفق لم تطل ، ظل الجانب الآخر خالياً من كل محاولات الرحيل .



هنا توقفت مليًا أتأمل هذه اللقطة الأخيرة فالرحيل هنا اكتسب مدلولات عدة ، ربما قصد به الرحيل المكاني ، وهنا نسقط المدلول على الزحام والهمجية في حالات الانفصال أو الهروب من كارثة ، أو ربما يقصد الرحيل النفسي ، وهنا نسقط المدلول على حالات التحرر من الأوهام التي تختلج بالنفس البشرية ، وليجد الإنسان نفسه مجبرًا على البقاء على ما هو عليه ، لأنه غير قادر على تحديد الهدف ، واستغلال المعطيات وصولاً إلى النتائج .

في الرحيل رأيت عملاً يمثل الإغلاق بالنسبة للقطات السابقة ، في حين يمثل كل عمل من أعمال البوهي هنا حالة فردية وشخصية قائمة بذاتها ، وقد اعتمد فيها جميعًا على السبك اللغوي الدقيق احتواءً لفكره ، و محاولاً ولوج مجال القصة القصيرة جدًا بقوة ، وقد أمتعني بها ، وكأن البوهي يقف الآن في منطقة مؤهلة للتطور في كتاباته القصصية ، لكنه لا ينفصل عن طريقته الكتابية مستغلاً مهاراته المعهودة والتي تميزه ، إلا أنني أعتقد أنه يبدع أكثر في ألوان أخرى من القص أكثر من هذا اللون ، وأتمنى له دائمًا التميز والتفوق على نفسه .

مأمون

محمد سامي البوهي
26-05-2007, 04:59 PM
البوهي الرائع..
ايحاءات ريشة وقلم
هذه الردود استوحيتها من مخيلتي التي حفظت بعض ما سطره كل من الرافعي وجبران خليل.
هذه القصص استوحيتها أثناء ردودي على ريشة وقلم:
1- هما (جوتيار)
2- الميناء (خليل حلاوجي)
3- يوم و رواق (غادة نافع)
4- لوحة الرحيل (حنان الأغا)
(1)
بحيرة ثلجية
اراه لايشك فيما يعرف ولايريد ان يعرف ما يشك فيه..؟
انه كالباحث عن البرهان بطريقة من طرق المغالطة التي لاتؤدي اليه..فمتى اصابه كانت قوة البرهان بطريقة استخراجه العجيبة اشد منها في البرهان نفسه..
(2)
أصابع أبي
الفقر خلو من المال ولكن اقبح الفقر الخلو من العافية...
الغنى ان تمتلك من الدنيا ولكن احسن الغنى ان تهنأ في الدنيا...
(3)
قاتل الموتى
قال ذئب مضياف لحمل مسكين : هل تريد ان تشرف منزلنا بزيارة ؟
فاجابه الحمل: كم كان فخري بزيارتك عظيما لو لم يكن منزلك في معدتك.
(4)
الرحيل
.
ليس هذا بالسجن الرديء على كل حال،لكني لااحب هذا الجدار الذي يفصلني عن السجين في الغرفة الثانية، على انني اوكد لك انني لااريد ان اقرب من السجان ولا من الذي بنى السجن.
محبتي لك
جوتيار

الرائع جوتيار

تحاصرني دائما ببهائك ورقتك يا رجل ، تنثر أعماقك على أحرفي ، فتزيد من هوة عمقها في نفسي ...

دمت مبدعا

محمد سامي البوهي
30-05-2007, 04:12 PM
القاص المتفوق على نفسه : محمد سامي البوهي
وكأني أقف أمام جدك ـ رحمة الله عليه ـ يتأمل الكون ويتدبر الآيات يستقيها من الموجودين ، ويسقط عليها علمه ، لينعجن العلم بالحالة ليأتي إلينا بالخلاصات ، نتعلم منها كيف ننظر في أنفسنا .


(1)
بحيرة ثلجية
وقف أمام البحيرة الثلجية ، أراد أن يحدد موقعه ، فضلله البياض المنتشر ، يعلم جيداً مكان البحيرة ، لكنه بات لا يعلم أين الشاطيء.
في هذه اللقطة المكثفة جدًا توقف البوهي أمام العالم ، وأمام الإنسان ، أمام جوانية الإنسان يتدبر حاله ، وهو في الموقف الصعب ، إنها الذات أمام البياض الذي هو أصل الأشياء ، ولكي يبحر بنا البوهي أكثر أوقفنا أمام بحيرة ثلجية ، أمام الثلج : الثبات ، القوة ، النقاء ، الجمود ، التحول ، ولكن هل يكتفى بذلك ؟
لا . إنه التأمل الأعمق ؛ ما تحت الثلج ، الماء أصل المخلوقات .
إنه يقف في حالة تأمل ، حالة بحث عن الطريق ، وفي حالة من حالات اللاوعي يدرك البوهي الحقيقة التي أتته ومضة آنية استشعرها من ذاته ومن قراءاته ، ومن تدبره ربما لحالته الذاتية ، هذه الحالة المفضية إلى السير ، نحو اللجة ، لتكون المفاجأة : إنه ( الإنسان ) بات يعلم من العلم ومن الحالات ما أوصله إلى معرفة الطريق ، لكنه وللأسف لم يعد يعرف حدوده ( أحسنت أيها البوهي ) إنه الإنسان بين الماضي والحاضر والحلم بالآتي ، ولأن المادة تحولت إلى معبود ظالم بات الإنسان يعرفها ؛ لكنه لا يدرك حدودها التي استعبدته .
وكأن البوهي يدق ناقوس الخطر .

(2)

أصابع أبي
صحبني أبي لمحل عمله بأحد البنوك ، قضى وقته بين عدّ خصلات النقود ، وتدوين الأرقام ، عدنا إلى المنزل ، ألقاه التعب على سريره بنوم عميق ، تظاهرت بالنوم جواره ، ثم أخذت في عد أصابعه .
بكل بساطة يمكنني أن ألحق هذه اللقطة الرائعة بما قبلها ؛ فما زلنا أمام هذا الإنسان الذي يقارع الحياة ، ويبادلها الكأس ، لكن هنا يبسط البوهي الصورة أكثر ، لأننا بالفعل ما زلنا بين ملامح الصورة المادية ولكن هنا نقف أمام المادة النقدية المتصلة كلاً وجزءًا بالمادة الأصل ، وأعتقد ان البوهي استطاع هنا أن يستعرض لنا حدثًا يمتد بامتداد المتطلبات البشرية في كبسولة ، نعم هي كبسولة المعاناة ، واللهاث وراء المال ، ولكن أي مال صوره البوهي ، إنه ما يمكن أن يعلق بالأنامل ، كم هو بسيط الحلم ، ولكن هل يتحقق ؟ !!!

(3)

قاتل الموتى
سار مختالاً بحصانه بين الجثث المنتشرة ، لم يُبق على روحٍ واحدة داخل جسدها ، قفز فوق ربوة نتأت عن الأرض الحمراء ، امتشق سيفه عالياً ، وصاح :هااااااااااا، أسرع ناحية الجبل ليقضي على من رد عليه صياحه .
هنا البوهي يكمل الرحلة ؛ رحلة الإنسان مع الإنسان ومع العالم ومع الطبع السلطوي ، والتسلط ، بل إن البوهي من خلال هذا التكثيف يعرض لنا موقعة حربية كاملة استوفت في الذوق ما يجب أن تستوفيه قراءة ، فهذا القائد الدموي الذي قتل كل من لاقاه يطارد الآن الصدى ليقتله باعتباره يرد نداءه . إنها حالة من التأمل على ما يبدو دخلها البوهي ليعرض لنا دموية الإنسان ، البوهي يتطور من حرب الطواحين إلى حرب صدى الصوت ، إنه يتصدى لإحدى القوى العملاقة الجبارة ، لكن في صورة ليست بنائية بالمضمون ، فالمطارد قاتل متجبر في الأرض ، يقتل حتى الموتى ، ( غريزة ) وقد افرط فيها حتى أنه لا يجد الآن من يقتل .
وليسمح لي الأستاذ البوهي أن أعمل خيالاتي هنا ، ربما أستطيع أن أسقط هذه اللقطة على حالة نفسية تقضي بارتداد أو رجع الألم لينصب على الذات في حالة عدم وجود المتنفس ، وكأن هذا الطاغية سيتحول من إيذاء الغير إلى إيذاء النفس لعدم وجود الآخر .

(4)

الرحيل
بين ضفاف الحوائط المظلمة إلا من خيط لظل مضيء ، تهافت البشر للهروب من ضفة الخوف لضفة الأمان بالوجه المستكين ، ضاق الخناق ؛ فاستحال ولوج الأجساد المتصارعة من سم الضوء المنفرج ، التصقت الأنفاس بالأنفاس ، فاحتضر غاز الحياة بينهم ، وبعد ساعات من التدفق لم تطل ، ظل الجانب الآخر خالياً من كل محاولات الرحيل .

هنا توقفت مليًا أتأمل هذه اللقطة الأخيرة فالرحيل هنا اكتسب مدلولات عدة ، ربما قصد به الرحيل المكاني ، وهنا نسقط المدلول على الزحام والهمجية في حالات الانفصال أو الهروب من كارثة ، أو ربما يقصد الرحيل النفسي ، وهنا نسقط المدلول على حالات التحرر من الأوهام التي تختلج بالنفس البشرية ، وليجد الإنسان نفسه مجبرًا على البقاء على ما هو عليه ، لأنه غير قادر على تحديد الهدف ، واستغلال المعطيات وصولاً إلى النتائج .
في الرحيل رأيت عملاً يمثل الإغلاق بالنسبة للقطات السابقة ، في حين يمثل كل عمل من أعمال البوهي هنا حالة فردية وشخصية قائمة بذاتها ، وقد اعتمد فيها جميعًا على السبك اللغوي الدقيق احتواءً لفكره ، و محاولاً ولوج مجال القصة القصيرة جدًا بقوة ، وقد أمتعني بها ، وكأن البوهي يقف الآن في منطقة مؤهلة للتطور في كتاباته القصصية ، لكنه لا ينفصل عن طريقته الكتابية مستغلاً مهاراته المعهودة والتي تميزه ، إلا أنني أعتقد أنه يبدع أكثر في ألوان أخرى من القص أكثر من هذا اللون ، وأتمنى له دائمًا التميز والتفوق على نفسه .
مأمون
القاص الناقد الناثر / مأمون المغازي
وكأني أرى جدي البوهي يمسك بيمكروفون الإذاعة من جديد ، يحاور جدك المغازي ليرسخ القيم ، والأخلاق ، والدين بجيل ضائع ....
حوار الاجداد مازل بيننا ، نتامل باعينهم ، ونطوف الأحلام بذاكرة التاريخ القديم ، لنقف عند نفس البحيرة الثلجية ، ونعد أصابع آبائنا بعد عناء العمل ، ونصارع الموتى للحياة ، ونعود من زحمة الرحيل
تحيتي