المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصداقة



أديب قبلان
16-05-2007, 03:21 PM
كثير ما ذكرت عبارات ومفردات فريدة في محفل من محافل هذه الحياة ولكن هناك عبارات ومفردات تذكر وتبقى إلى الأبد لا تفهم من قبل أناس فهموا السطحية منهجاً للحياة وطريقاً يسلكه من أراد العيش بأمان وسلام ، ولعل من هذه المفردات كلمة الصداقة ، فربنا – عز وجل – يأمرنا بأن نتعارف فيما بيننا فقال في كتابه العزيز " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا " .
كلنا نعلم أن الصداقة هي علاقة تربط بين شخصين أو أكثر ولكن على وجه يختلف عن ارتباط زميلي عمل أو ساكني دار واحدة ، وفي نفس الوقت كثيرون منا يجهلون فوانيس في هذه العلاقة ،
وسأبدأ هذه المقالة المتواضعة بالتذكير بنقاط وخطوط عريضة تراعى في حال اختيار الصديق وتنمية الصداقة .
فلنأخذ معايير اختيار الصديق ولنبدأ من الصفر ، يستطيع أي إنسان أن يحدد أن أحدهم أحبه أو كرهه وهكذا يستطيع أن يبدأ ضمن مجالين الأول هو ربما تحديد صديق في المستقبل والآخر هو أنه سيضع هذا الشخص تحت المجهر حتى يأمن شره فلا يكون له عدو في المستقبل .
أما إذا رأيت اتصالاً روحانياً بينك وبين شخص ما فهذه بوادر لأن يكون صديقاً في المستقبل وأستطيع أن أقول الآن أن الاتصال الروحاني هو شعور ينتاب فردًا ما ويجعله يحس بالحاجة إلى شريك يطلق أمامه عنان شخصيته ويطرح عليه وجهات نظره التي قد لا يستمع أحد إليها .
فإذا أردت أخي القارئ أن تتحر الصديق من غيره فعليك أولاً الاجتهاد في وضع خطة تتبعها بشكل تام ومنها سوف تستطيع أن تحدد شخصية صديقك المستقبلي و لا تدري ، قد تنبثق لك فرعيات عن علاقات الصداقة المعروفة وهذه غالباً ما تكون مفيدة للشخص المعترف بالصداقة .
إلى هنا نكون قد هيأنا البطانة الصحيحة لنبدأ حياة الصداقة التي تعد منهجاً جديداً في التعامل ..
وللصداقة ضوابط ومحددات ، فهي كالنبات إن سقيتها نمت وإن شعرت العطش قد تموت وهذا ما لا يرتجى في أي علاقة قامت بين شخصين عرفوا معانيها بالشكل الصحيح ، ومن هذه المحددات أن يجعل الصديق لسر صديقه حرمة وأن يتذكر أنه يختلف عن غيره في التعامل مع هذا الشخص ( صديقه ) ، وأن يكون بينهما انعدام للشكليات التي تصنف من الروتين اليومي وهذا ما يجب الابتعاد عنه بشكل قطعي ، ثم تقديم الصديق على الزميل وهذه النقطة هي من النقاط الخطيرة في حياة الصداقة ، فقد يحس الصديق أن صديقه يفضل فلاناً عليه ولكن لنقل لهذا الصديق توقف ، أما عرفت بماذا فضله فيقول ، لا يهم ، المهم أنه فضله علي ، وهذا هو الصديق الذي وصلت صداقته إلى حد الغيرة وهذا ما لا يحمد عقباه فإذا وصلت الصداقة إلى هذا الحد فهذه بداية لطريق الهوي في وادي النهاية ، وهنا إذا عدنا إلى سبب التفضيل تجده تافهاً ولا يستحق النقاش هكذا نصل إلى نقطة وهي أن الصداقة مهما علت فيها درجات الحب المتبادل بين الصديقين إلا أنه يجب تقليلها حتى لا يصل إلى حد يصعب التراجع عنده عن أي قرار اتخذ وهكذا تبقى العلاقة متوترة أو منهارة وكم من قول قصد هذا المعنى فقول ابن عبد القدوس دليل على ذلك :
إن القلوب إذا تــــنافر ودها ***** مثل الزجاجة كسرها لا يصعب
ومن قواعد الصداقة في هذه الحياة أن تكون بدون مصلحة شخصية وأن تكون الأهداف لا تضم الفردية ، وأن يشعر الصديقين بالأمان دائماً مع بعضهما وأن يكون كل منهما لا يخشى الآخر في فعلة فعلها حتى وإن أخطأ ، هكذا وأن لا ينسى كلاهما أن لكل واحد منهما أشياء خاصة ترتفع عن منزلة الصداقة فيجتنبون النقاط التي يحسون تجاهها بإحراج لأن الصداقة مهما كانت قوية فيجب مراعاة الشخصية والسرية في كثير من المواضيع .
إياك إياك أن تواجه صديقك بأمر ، وحاول أن تلطف الطلب والعتاب ولا تتطرق إلا العنف في العتاب لأن هذا لا يحمد عقباه وسترى صديقك يستغني عنك بأسهل الأسباب بل وينتظر انتهاز الفرصة المناسبة ليرمي بك خلف ظهره ولينسي نفسه ذكرك و ليمحيك من قلبه بدموع ليست بغالية عليه .
ثم ننتقل إلى فكرة ربما هي غريبة نوعاً ما ، فكلنا – ولا شك – يعاني أحياناً من الملل ، وهو شعور مقيت يشعر الإنسان بأنه مل الروتين وأراد التجديد ، فمن المحبط أن يهاجم هذا الشعور أحد الصديقين ونأسف إن كان هذا الشعور بسبب صديقه ، كيف ؟ أنا سأجيب ، إذا شعر أحدهم بالملل من صديقه فسيتطرق كلاهما إلى التغيير وربما يكون هذا التغيير للأسوأ ودائماً نتأمل أن لا نصل إلى هذه المرحلة في علاقات صداقتنا ولكي يحد الصديق من هذه المشاكل يفضل أن ينتهجا نهج الانقطاع عن بعضهما البعض فيكون عنصر الشوق سبباً لعودتهما وليس عنصر الضغينة لا قدر الله .
لهذا كن دائماً على بعد قدره معقول عن صديقك في حال إحساسك بفتور في علاقتيكما ولا تغصب صديقك على ما لا يريده وإلا سترى في الأفق القريب محبطات كثيرة وسترى في قلب صديقك شيئاً من الكره الذي سترى عواقبه وخيمة والعياذ بالله ، واحذر احذر احذر من إحراج صديقك في مواقف لا تود أن توضع فيها أبدًا .
ولصديقك وصف يجب أن تحفظه ، وهو أنك يجب أن تتذكر أن صديقك صاحب ظروف لا تتغير بالنسبة لك وذلك كأن تعرف ردة فعل صديقك قبل أن يقدمها فإذا عرفت هذه الخاصية لدى صديقك فأبشر بالصداقة الحقيقية التي قد كنت انتظرتها طوال أعوام طوال .
هكذا صار للصداقة منهج وصارت تتناول طريقة المعيشة بطريقة مختلفة فموضوعها بحت ومفتوح ولا محدد له لأنه يحتمل كثيراً من الجوانب ، فإذا أردت أن تبدأ حياة الصداقة فهيئ نفسك ثم شد رحالك وانطلق على بركة الله .








أديب قبلان
16/5/2006

ليال
16-05-2007, 04:16 PM
نفس طويل في الكتابة ومقال لا يخلو من حكمة مجرب!!
واصل هذاالنوع الكتابة وادعمها بالقراءة المتأنية في فن المقال، واهتم بايصال الفكرة وتركيزها قدر اهتمامك بصياغتها.
تمنياتي الصادقة لك بالتوفيق.

أديب قبلان
16-05-2007, 04:18 PM
ليال

صحيح أنها المرة الأولى التي قرأ لك فيها رد إلا أنني بكل صدق شغفت بطيب كلامك ونصحك ..


أخوك

ليال
16-05-2007, 04:59 PM
اسأل الله ان يجعل لك من اسمك نصيب يا أديب
فيرزقك أدبا ترتفع به على اقرانك وقبولاً ييسر لك أمرك بينهم.

أديب قبلان
16-05-2007, 08:12 PM
سلمك الله أستاذتي الكريمة وجزاك الله خيراً

سحر الليالي
16-05-2007, 08:58 PM
الفاضل "أديب قبلان ":
الصداقه من أقوى العلاقات الإنسانيه وأروعها ,علاقه يميزها إنها تجمع عدة مشاعر وأحاسيس في إطارها مثل المحبه ،التضحيه وغيرها.
مقال جميل ،سعدت بقراءتها...
سلمت ودام قلمك
لك خالص تقديري وباقة ورد

أديب قبلان
16-05-2007, 09:07 PM
سحر ...

الصداقة سفينة ، إن أحسنا قيادتها نحافظ عليها وإلا فإنها تتلف ...


مرور راق لشخص راق

أديب

عبدالصمد حسن زيبار
17-05-2007, 01:23 PM
شكرا للغالي أديب
لي عودة مع الموضوع
تحياتي

أديب قبلان
17-05-2007, 05:39 PM
العفو أستاذي


في انتظار العودة

دمت

صبيحة شبر
17-05-2007, 09:52 PM
الصداقة علاقة جميلة تربط بين شخصين او اكثر يتميزان بنفس الخصال
ويجمعهما الاهتمام المشترك بعدة امور
وقد تكسب صديقا وفيا يصدقك القول ويحفظ اسرارك لهذا قال المثل العربي
( رب اخ لك لم تلده امك)
مقال جميل ايها الاخ العزيز اديب
مودتي

أديب قبلان
17-05-2007, 10:31 PM
أستاذتي صبيحة ...


المقال لا يتعطر إلا بمرور الأوفياء ونعم الأوفياء أنتم ...


دمت

بابيه أمال
18-05-2007, 05:35 PM
أديب قبلان سلام الله عليك..
في الصداقة - كما في باقي العلاقات الإنسانية الأخرى - أول شيء يجب تأمين معرفته هو المظهر الداخلي، كونه الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه بشكل أكبر لضمان صداقة نزيهة من كل النقائص الدنيوية.. بهذا لا أمل حقا في كل علاقة لا تتوفر على هذا الشرط كأساس. لتبقى الصداقة الحقيقية هي تلك المتراصة على تقارب المبادئ والأفكار كما طريقة التعامل..

شكرا لصاحب فكر واع قرأته هنا..

أديب قبلان
18-05-2007, 09:06 PM
الأستاذة بابيه

دائماً يكون للشخص الراقي مرور راق ... ولا شك أنت راقية


أخوك

خليل حلاوجي
19-05-2007, 02:46 PM
اذا علمنا ان اهل الجحيم يطلبون من ربهم .... صديق او حميم يطاع ... هكذا اخبرتنا آيات القرآن المجيد
اخي الحبيب
دعني اسألك سؤالا ً مفصليا ً من وحي مقالتك الجميلة

ماهي مبطلات روح الصداقة ؟؟

أديب قبلان
19-05-2007, 03:27 PM
أستاذ خليل

أولاً أشكر مرورك الراق الجميل على موضوعي ...

ثم سأجيبك عن سؤالك ...

إذا تدخل عنصر المصلحة الشخصية المؤقتة ، فإن الصداقة ستصبح علاقة تبادل منفعة وربما تطفل ، أيضاً إذا جاءت المنافسة بين صديقين فإنها تفرق بينهم والسبب هو محاولة كل منهم التغلب على الآخر مما يجعل بينهم أشياء تخفى وهو مناقض لروح الصداقة ..

وهناك العديد من الأسباب التي لا يكفي المكان لذكرها ولكن سأطرحها فيما بعد لضيق الوقت ..

تقبل مودتي

أديب قبلان