مشاهدة النسخة كاملة : رحـيــقُ الـمــاضــي ..
طائر الاشجان
13-08-2003, 11:04 PM
رحــيــقُ الماضـــي ..
ومرت الأيام ...وعاد صوتُها، يحملُ إليهِ في كل مرةٍ بصمةً جديدةً ، تُضافُ إلى لوحةٍ في مخيلتهِ لحسناءٍ لم ترها عيناهُ طوال تعارفِهما الذي امتدّ لقرابةِ عامين .. وراح يُجسّد صورتَها ، مطرزةً بكل بديعٍ اختصّهُ الخالقُ لبني الإنسان .. أما هي فكانت تدفعُ بمزيدٍ من الزيت إلى قناديلهِ المتّقدةِ ، ليسبح في عوالمَ من النور متسعةً بلا حدود ، لكن هاجساً يبعثُ على الحيرةِ ، ويثيرُ في نفسها شيئاً من القلق ، وسؤالاً لا ينفك باحثاً عن الإجابة .. كيف يمكنُ لهذا الحشدِ من المشاعر الجياشةِ أن يُجَيّرَ لقلبها الغائبِ الحاضر ! إن ما يتحدث عنه طيفٌ من نسج الخيال ، وتمثالٌ أكمل نحتَهُ بمهارةٍ فائقةٍ ، ثم انثنى يتأملهُ بإعجاب ، فهو إذاً مغرمٌ بهذا الوهم الذي أعارتهُ صوتَها ليَعيشَهُ كواقعٍ حيّ .
وهكذا اتجهت أشرعتهُ بلا هُدىً ، في بحرٍ لا يعرفُ مداه ، بيد أنهُ لا يطمحُ إلى غايةٍ بعينِها ، ولا يرمي إلى هدفٍ مُحدد ، ولهذا يجدُ السلوى في استمرار هذا الحلُم الجميل ، مُنزّهاً عن الدّنايا ، ومتشحاً بكل معنىً للسموّ ، وهو بذلك إنما يستجيبُ لنداء خفيّ ينبعثُ من أعماقهِ ، ويترددُ صداهُ في أرجاءِ نفسه .. وتظلُ هي ذلك الوسيط الذي يربط بينهُ وبينَ تمثالهِ العجيب .
حتى إذا جمعتْهُما صدفةٌ ذات يومٍ ، ووقعت عيناها عليه ، دنَتْ منه ُ، وعمَدَت إلى مخاطبتهِ قائلةً في دهشةٍ : " ألم تعرفني " ؟ ! ،
أجابَ في وداعةٍ وهدوء : " عفواً .. سيدتي .. لا أتذكرُ أنني رأيتُكِ من قبل " .
وذهبَ ينتظرُ صوتَها كعادتهِ .. لكنهُ على ما يبدو توارى .. بل اختفى هذه المرةِ إلى الأبد .
طائر الاشجان
عبدالرحيم فرغلي
14-08-2003, 11:36 AM
تدفعُ بمزيدٍ من الزيت إلى قناديلهِ المتّقدةِ .
إن ما يتحدث عنه طيفٌ من نسج الخيال ، وتمثالٌ أكمل نحتَهُ بمهارةٍ فائقةٍ ، ثم انثنى يتأملهُ بإعجاب .
==
تملك يا اخي طائر الاشجان التعبير عن مكنونات نفسك بسلاسة وجمال مع اتخاذ الكلمات التي تتفقد المعني وتكسبه لها
تساءلت في نهاية نصك .. ماذا .. هل كانت تتخيل ان يعرفها من صوتها ..
لك اخي التحية والتقدير
طائر الاشجان
14-08-2003, 01:02 PM
مرحباً عزيزي أبو همام
أشكر ذائقتك التي تدل على صفاء الروح .. ومعايشتك لوقائع النص بذكاء أشعرني بالارتياح . أما تساؤلك فنعم لقد كان لقاؤهما صدفةً وهي على معرفة سابقة به ، وكانت تعتقد أن مجرد سماعه لصوتها سيمكنه من التعرف عليها ، لكن العبارة كانت مقتضبة ، وقد خشي أن تكون نكاية لجس النبض فأراد أن يشعرها باستقامته . ولولا ذلك لما استحق النص أن يأخذ صفة الخاطرة أو ( القصة القصيرة ) إن شئت .
هذه صورة للمجتمع الذي يكبل العلاقات الانسانية بقيود الحجاب بينما وسائل الاتصال تخترق هذه الحواجز ، وهي صورة أيضاً لتجسيم الرغبة والرهبة كإفراز لعادات وتقاليد المحتمع المحافظ ، والنتيجة عقم لا يفضي إلى ولادة علاقة إنسانية خارج إطار الهاتف ، في عصر ٍ نعرف جميعاً معطياته التكنولوجية وما يتبعها من منظومة التطور كما يحلو للبعض أن يسميه ، ونحن لم نحدد موقعنا من الاعراب بعد .
وهو موضوع يثير الجدل بين مؤيدٍ ومعارض ، والكل يدعي جادة الصواب .
و" طائر الاشجان " يقف على حافة الحياد مستمعاً ..
فهل من راغب ٍ في التعليق ؟
كل الحب للجميع ، ولك عزيزي أبو همام على وجه الخصوص :0014:
طائر الاشجان
د. سمير العمري
04-09-2003, 01:00 PM
ارتشفت رحيقك حتى الثمالة ...
طائر الأشجان ... كم أنت رائع!
لم أعلم أنك ستبدع هكذا نثراً كما تبدع شعراً.
تقبل تحياتي وشديد إعجابي وبعض لومي
:0014:
طائر الاشجان
04-09-2003, 10:47 PM
عزيزي سمير ..
لا تتوقع أقل من هذا في أدب المعاناة .. هذا لو صدقت أن حروفي أخذتكم إلى هذا المدى من الاعجاب .. أشكر لقلمك المتابعة لمخطوطاتي المتواضعة وأنفاس مشاعري التي أنثرها في أماكن متفرقة من الواحة الغناء .
عذب الامنيات لكم ..
طائر الاشجان
بثينة محمود
05-09-2003, 10:58 PM
ولماذا هو رحيق الماضى ؟؟
أكان هذا اللقاء العابر دافعاً لطوى الصداقة إلى صفحة الماضى ؟؟
وسؤال يركض بداخلى ..
لماذا أراد أن يشعرها باستقامته ؟؟
و..هل يدعى هذه الاستقامة ؟؟
كثيراً ما نصنع هذا التمثال فى أذهاننا .. نعشقه ..
نختال به أمام أنفسنا ..
بل ..كثيراً ما نتوارى خلف ذواتنا..
ونتلذذ بممارسة الخطأ
أياً كان الخطأ ..
صغيراً ..كبيراً .. قاسياً .. دامياً..
وتكون الفجيعة عندما نلتقيه.. صدفة .. فى لقاء عابر
أخذتنى إلى زاوية غريبة على نفسى ..أرتادها بكل الخوف
لك تحياتى العطرة
طائر الاشجان
09-09-2003, 03:53 PM
نعم أختي السنبله .. لم يكن تساؤلك ليثير غرابتي فقد كنت أتوقعه من قلم مثلك فيما أغفله الكثيرون .. كان دافعاً لطي الصداقة من جانبها فقد فسرته على أنه الإعراض أو ربما التكبر ، فيما هو في حيرة الغر لا يدري ما الذي جرى .. هذا هو واقعنا الذي لا يستوعبه إلا من رمته يد القدر في بلد المرأة فيها تتوارى خلف جلباب أسود إسمه العباءه .
أما الاستقامة فلم يتعمدها لانه عرفها بل لانه يجهل محدثته ، بل يخشى أن يكون وراءها مكيدة ، فليس هذا وضعاً طبيعياً في واقع كهذا لا يرى فيه إلا عيون امرأة ولم يسمع إلا كلمتين هما " ألم تعرفني ؟"
تحياتـــي ..
طائر الاشجان
بكاء الياسمين
10-09-2003, 01:13 AM
أُسجل حضوري
وأبى الياسمين الخروج
دون ..بصم ..ولو توقيع بسيط
يُسجل بها اعجابه الشديد
تحياتي...
أتحفنا على المدى
أيها الطــــــــائر
تحيه وتقدير
بكاء الياسمين
بندر الصاعدي
10-09-2003, 09:08 PM
أخي الحبيب طاثر ..
قد استفزّني مضمون هذه القصّة والتي ضمّتْ في طيّاتها حالتين نفسية واجتماعية , سأشير إلى نقطةٍ هنا ثمَّ أعود إلى رائعتك ذات يومٍ لأفرغ في متناولها كلَّ ما لديَّ حولها .. النقطة هي تتمحور حول ثلاث نقاط وهي كالتالي :
1 - كبت المشاعر والاكتفاء بالتخيلات ومعايشة الحلم ..
2 - الخشية من الإقدام لقلّة الخبرة في التعامل والخوف من الرفض الذي ربما يعدُّ كسراً لا يجبر مدى العمر ..
3 - رهبة الإنسان في التحول من الخيال إلى الواقع لأنَّ الخيال يفرضهُ الإنسان كيف شاء على نفسه أمّا الواقع فهو الذي يفرضُ نفسهُ على الإنسان في مجمله وعلى الإنسان في هذا سعيٌ وصبرٌ وانشالٌ في كيفية إدارة الأمور ومواجهتها ..
وإلى عودةٍ أخرى تقبل تحياتي وتقديري .
دمت بخير
في أمان الله .
طائر الاشجان
11-09-2003, 04:48 PM
أخي بندر الصاعدي
لكم نظرة فلسفية يعبر عنها أسلوب التناول لحيثيات النص ، وهنا لا أخفيك بأنك قد وضعت يدك على أهم مقومات وعناصر الحبكة في هذه القصة ، فهي نعم شطرين خيالي وواقعي .
لحظة اللقاء لم تكن حدثاً واقعياً .. وهذا ما اهتديتَ إليه بإحساسك ، نَعم ، الخيال لعب دوره في الصناعة فاستبق الحدث ليضع نهاية محتملة ، لكنها أخذت أبعاداً كما ترى ، فالمبالغة هنا يراد بها تجسيم الصورة ، وهي كذلك في عين صاحبها على الاقل ، إذا الحدث وقع باستثناء الخاتمة وبعد هذا تناول بمشرطك النص كيفما شئت .
أشكر من أعماقي هذا التناول من قلم ينم مداده عن خبرة المدرك وحنكة الحليم ، وأنتظر العودة بفارغ الصبر .
تحياتــــي
طائر الاشجان
طائر الاشجان
11-09-2003, 05:16 PM
أختي الياسمين ..
كثيراً من هيّجتِ شجوني بأحرفك الساطعة ، وطويلة هي تلك الحظات التي أقضيها في تأمل مخطوطاتك ، وأشعر أنني وغيري مدينون لهذا القلم أصائله ونسماته ، والنشوة التي تعقب كل مرور كالصحو الذي يعقب المطر .
إليكِ أسوقُ الشكرَ والمنّ كلهُ *** فلـــــولاكِ ما أبدى اليـــراعُ ابتهاليا
شممتُ أريجَ الياسمينِ فخِلتُهُ *** سفيراً من الفِردَوسِ عذباً صَفا ليا
تحياتـــــي
طائر الاشجان
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir