تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الرهان



صبيحة شبر
18-05-2007, 04:34 PM
الرهان
كتمت خوفي وترددي ، وأبقيت هلعي الشديد في داخلي ، وأنا ارقب علامات خوفها ، وارتياعها وهي ترتسم على ذلك الوجه الوديع ، كانت صديقتي ،، وكلهم يقولون أنها رائعة ،، وأنا أغار منها كثيرا ، يمضني شعور كبير أنها الأقوى والأفضل ، حين يعقدون تلك المقارنات التي طالما يقومون بها ، دون ان يبالوا ماذا يكونوا موقفي حيالها ، وأنا اسمعهم يرددون باقتناع أنها الأجمل والأقوى والأشد ذكاء ، والأكثر هدوءا ، والأقرب مدعاة للثقة والاطمئنان ، وتلك الصيغ الكثيرة للمفاضلة بيننا نحن الصديقتين .
تحاول ان تخفي خوفها الشديد ،، وهي تجرني على الأرض جرا ، بهدوء وتتصارع في داخل نفسها قوتان كبيرتان ، دون ان تجد ميلا الى تفضيل واحدة على الأخرى ، وأنا أراقب ذلك الصراع ،، الذي تحاول صديقتي ان تخفيه ، ولكني ألاحظه على محياها الهاديء بوضوح .
تتمنى ان ابكي ، ان يتعالى صوتي طالبة منها التوقف عند هذا الحد ، فأنني قد تألمت حقيقة لا جدال فيها ، حين ترى ألمي تقرر التوقف عن سحب جسدي على الأرض ،، والاكتفاء بتلك اللحظات العنيفة ،، من النزال القائم بيننا والذي تنتظره بقية الصديقات بشوق
لكن الارتياح المؤقت ،،الذي يبدو على ملامحها المعبرة ، سرعان ما يتلاشى ،،حين تنطلق ضحكتي مجلجلة ، طاردة منها كل توقع بالانتصار
تواصل سحبي على الأرض ، تحاول ان تبدي عنفا غير موجود ،، في شخصيتها الرزينة الهادئة ، وأنا امني النفس ان تنتصر إرادتي أخيرا ،، وان أتمكن من قهرها ، والفوز عليها لتحكم الحاضرات المترقبات ،، إنني كنت الفائزة عليها وللمرة الأولى في الحياة ، ولا أظن انه ستكون هناك ،، محاولات أخرى للفوز
تعود الى سحبي على الأرض ، متمنية ان ينطلق لي صوت يدل على الألم ونفاذ الصبر ، ولكني ما ان أرى تلك الرغبة واضحة ،،على ملامح وجهها الأبي ، حتى تنطلق ضحكتي مجلجلة ،،منتصرة على آلام جسدي الكثيرة ، وعلى جراحه الآخذة بالازدياد
كانت تعا ملني بحميمية لم اعهدها من غيرها من الناس ، أبوها المنعم الكريم يحضر لها من كل شيء اثنين اثنين ، ويطلب منها ان تكون رفيقة بي ،، أنا اليتيمة المحرومة من حنان الأم وعطف الأب ، والذي يتولى الإحسان الي أشخاص كرماء
تحاول ان تخفي عنها ،، شعورا بالقلق والهزيمة ، هي المخلوقة الرقيقة ، التي لم تعتد على العنف ، كان كلامها خافتا ،، يكاد لا يسمع من رقته ، والناس ما فتئوا يقارنون بيني وبينها ، وأنها أفضل مني في جميع الصفات ، وأنني محرومة ولكني لم اعد بذلك الحرمان ،، لأنني تمتعت بفضلهم ، وإكرامها هي ، تعرض علي الإغراض ،، التي جلبها أبوها المنعم ،، وتقترح ان اختار أنا أولا ، لم أجدها ناقمة علي ،، او مظهرة لي شعورا بالتفضل ، تعاود محاولة سحبي على الأرض ، ينهكني الألم الجسدي المتضاعف ، ولكن شعوري المتزايد أنني ، يمكن ان احقق الانتصار عليها هذه المرة ، يخفف عني الألم المستعر ، الذي أخذت أجزاء جسدي تئن منه
تسيل الدماء من جروح جسدي ،، وحين تلمحها يبدو على ملامحها الرقيقة معالم الندم ،، حين المح ذلك الإحساس تنطلق ضحكتي عالية ، لوأد كل شعور بالألم داخل نفسي
خمسة فتيات يلعبن مع بعضهن البعض كل مرة ، فكرن هذه المرة بلعبة جديدة مغايرة ، تحمل الى نفوسهن المتعبة الملولة بعض التوهج الجميل
تسحبني على الأرض محاولة ،، ان تطرد ذلك الشعور الذي يمضها أنها تنتهك كرامة إنسان ، لم توجه لي يوما كلمة جارحة ،، او تسبب خدشا بالكرامة ، عاملتني وكأنني أخت لها وقد حرمت هي من الأخوات
تتزايد جراح جسدي ، أحاول ان اصرخ ملتمسة منها ،،ان تكف عن سحبي على الأرض ، ولكن خشيتي من الانهزام أمامها ككل مرة ، يمنحني قوة على الإصرار ، بانها لن تر هذا اليوم هزيمتي ، وأنني يمكن ان احقق عليها بعض الانتصار
كل مرة يقارنون بيننا ، تكون هي الأجمل والأقوى والأفضل ،،/ وأنا المسكينة اليتيمة ، التي توفي أبواها ، ووجدت لها أبوين بديلين وأختا حنونة
خمسة فتيات يلعبن كل يوم ، فكرن ان يأتين بلعبة جديدة ، من تستطيع ان تتغلب على الأخرى وتجعلها تنتحب تكون المنتصرةا.
كانت الأقوى دائما والأكثر مروءة والأجمل ، وكل مرة يقارنون بيننا تكون الأحسن ، وانا اليتيمة الفقيرة التي منحها الله أبوين محبين عطوفين
تكبر الفرحة بنفسي ، وتنطلق الضحكة مجلجلة أنني قد حققت الانتصار عليها المرة الوحيدة في الحياة
تحاول ان تعود الى سحبي من جديد على الأرض ، ولكنها تتوقف ثم تقول
- لااستطيع الاستمرار ، كوني أنت الفائزة



صبيحة شبر

د. محمد حسن السمان
19-05-2007, 08:56 PM
سلام الـلـه عليكم
الأخت الفاضلة الأديبة صبيحة شبر

" الرهان " لوحة قصية قوية الفكرة , ذات تأثير ايجابي , بنيت بشكل شيّق , لولا بعض التكرارية غير المحببة , فمن جماليات هذا النمط من القص , التكثيف وقوة الصورة , ولقد نجحت في انتقاء العنوان , كما أجدت جدا في النهاية اللافتة .
تقبلي احترامي وتقديري

أخوكم
د. محمد حسن السمان

صبيحة شبر
20-05-2007, 07:06 PM
سلام الـلـه عليكم
الأخت الفاضلة الأديبة صبيحة شبر
" الرهان " لوحة قصية قوية الفكرة , ذات تأثير ايجابي , بنيت بشكل شيّق , لولا بعض التكرارية غير المحببة , فمن جماليات هذا النمط من القص , التكثيف وقوة الصورة , ولقد نجحت في انتقاء العنوان , كما أجدت جدا في النهاية اللافتة .
تقبلي احترامي وتقديري
أخوكم
د. محمد حسن السمان

الاخ الاديب محمد حسن السمان
جزيل الشكر على الملاحظات الوجيهة
دمتم بخير ومحبة

د. نجلاء طمان
22-05-2007, 12:28 AM
الأديبة القاصة : صبيحة بشر

هل كانت فعلا الفائزة؟

سؤال تطرحه القاصة بشكل غير مباشر, في القضية الاجتماعية الأزلية... الغنى والفقر وما يتولد عنهما من تغيير في طبائع النفس البشرية. على عكس المتوقع دائما في الشريحة الغنية من وجود التكبر والعنجهية , نجد هنا الغنية ...جميلة ومتواضعة وعطوفة وذكية, وكل هذه الصفات جعلتها تدرك أن الصديقة اليتيمة -الممتلئة حسدا وغيرة بدلا من الحب والامتنان- جعلتها تدرك عذابها الناجم عن غيرتها والعجيب أنها تشفق عليها وتهبها انتصارا تريده. قصة هادفة , سردها سلس والنهاية قوية عززت فكرة القاصة.لكنني أتفق مع الدكتور : محمد السمان أبو الواحة في أنه حدث تكرار في القصة وأنها كانت بحاجة لبعض التكثيف .هناك أيضا بعض هنات كيبوردية تواجدت, ولكن هذا لا ينقص أبدا من روعة العمل.

شذى الوردة

د. نجلاء طمان

صبيحة شبر
24-05-2007, 09:31 PM
الأديبة القاصة : صبيحة بشر
هل كانت فعلا الفائزة؟
سؤال تطرحه القاصة بشكل غير مباشر, في القضية الاجتماعية الأزلية... الغنى والفقر وما يتولد عنهما من تغيير في طبائع النفس البشرية. على عكس المتوقع دائما في الشريحة الغنية من وجود التكبر والعنجهية , نجد هنا الغنية ...جميلة ومتواضعة وعطوفة وذكية, وكل هذه الصفات جعلتها تدرك أن الصديقة اليتيمة -الممتلئة حسدا وغيرة بدلا من الحب والامتنان- جعلتها تدرك عذابها الناجم عن غيرتها والعجيب أنها تشفق عليها وتهبها انتصارا تريده. قصة هادفة , سردها سلس والنهاية قوية عززت فكرة القاصة.لكنني أتفق مع الدكتور : محمد السمان أبو الواحة في أنه حدث تكرار في القصة وأنها كانت بحاجة لبعض التكثيف .هناك أيضا بعض هنات كيبوردية تواجدت, ولكن هذا لا ينقص أبدا من روعة العمل.
شذى الوردة
د. نجلاء طمان

الاخت العزيزة الدكتورة نجلاء طحان
اسعدتني قراءتك ، فقد توصلت وبمهارة الى فك رموزها
هناك عوامل كثيرة تحدد طبيعة الانسان ،والغنى والفقر قد يصقلان هذه الحقيقة
وليس من الضروري ان يكون الفقير افضل من الغني
كما اعتادت الاعمال الادبية ان تصور
اشكرك مرة اخرى
دمت بخير ومحبة

مصطفى السنجاري
31-07-2009, 02:02 PM
** الأديبة الراقية صبيحة شبر
بساطة وعفوية الأنسان تتجسد في فكرة القصة
ولغة جميلة ونهاية متوقعة
تحياتي لك

صبيحة شبر
31-07-2009, 04:40 PM
** الأديبة الراقية صبيحة شبر
بساطة وعفوية الأنسان تتجسد في فكرة القصة
ولغة جميلة ونهاية متوقعة
تحياتي لك


الأخ العزيز مصطفى السنجاري
أشكرك كثيرا على جمال المرور
وروعة التعليق
مودتي وتقديري

د. سمير العمري
30-03-2010, 08:01 PM
قصة مميزة تدرس بإتقان الحالة النفسية عند مثالين مشهورين في الحياة من خلال الاتكاء على الحدث ثم الانطلاق منه وحوله لبث أحداث جديدة أو مشاعر متكررة. أراك أجدت في تكرار ذات الشعور الطاغي بتفوق تلك الأخرى باعتبار أنه الحدث الطاغي على نفسية التي تريد أن تكسب الرهان ولو مرة في حياتها. كان ذلك بحق موفقا جدا.

ثم لعل الأمر هنا يكمن في توضيح أن الانتصار لا يكون بالتغلب على الآخر فحسب بل ربما بالتغلب على النفس أولا ثم بالثبات والتحمل ، وهذا ما فعلته تلك الضعيفة التي لم تتغلب في حقيقة الأمر على الأخرى القوية بل لم تبادر لمقارعتها وإنما تغلبت على مشاعر الألم في جسدها فقهرته واحتملته ثم تغلبت على الأخرى بثباتها وقوة تحملها بتلك الضحكة المتواصلة رغم كل الألم.

هو نص قصصي بارز احتاج فقط بعض اهتمام بالمفردة وباللغة ليكون عملا عملاقا بالفعل.

أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

حسام محمد حسين
30-03-2010, 09:03 PM
اذا عرف الأنسان نفسه حق المعرفة بعيوبها وأمراضها
استطاع أن يعرف ما هي نقاط ضعفه فاذا عالج تلك النقاط كان بإمكانه الإنتصار على خصمه

دُمتِ مبدعة

صبيحة شبر
30-03-2010, 10:56 PM
الأخ العزيز د.سمير العمري
قراءة جميلة للقصة وتحليل واف
أسعدني تقييمك الرائع لها
الشكر الجزيل لك وخالص التقدير

صبيحة شبر
30-03-2010, 10:58 PM
الأخ العزيز حسام محمد حسين
جزيل الشكر على اطلالتك الجميلة
دمت بخير

أحمد عيسى
03-03-2012, 12:05 AM
الأديبة المبدعة : صبيحة شبر

قصة مميزة لأديبة قديرة متمكنة من أدواتها ، سردٌ سلس ورؤية عميقة تبرز القوة الحقيقية للانسان

مرحبا بك وبانتظارك دائماً

ربيحة الرفاعي
03-03-2012, 01:38 AM
دخول في النص موفق وسرد مشوق ومعالجة ذكية للفكرة

أهلا بك أديبتنا في واحتك

تحيتي

آمال المصري
05-05-2013, 08:48 PM
نص جميل بفكرته التي تطرق إليها وقضية شائكة تترك في النفوس أثرها بقوة
الفقر والغنى واختلاف الظروف الاجتماعية التي بنيت حولها كلا من الشخصيتين على النقيض وما ترتب على ذلك من آثار
شكرا لك أديبتنا الفاضلة على نصك البديع الذي جعلني أطيل معه البقاء
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي