تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مطلوب عقل على الزيرو..



الطيب الجوادي
25-05-2007, 06:35 PM
كاد دكتور الأعصاب يفقد صوابه لما أعلمته بكل بساطة الدنيا وقد كست ملامحي علامات الجد والصرامة:أنني قادم إليه
ليبحث لي عن طريقة ما ليخلصني من دماغي وكل ماتراكم فيه من أفكار وأحلام وذكريات ومشاعر ،وأن يستبدله بدماغ
يؤدي فقط الوظائف الأساسية لإستمرار الحياة في حدها الأدنى!!

-من فضلك ،قالها لي بتوتر ظاهر وهو يحملق في ويتشممني بحرص،إذا كنت شربت شيئا ،أو تريد أن تمزح،أعلمك أنني مشغول جدا ،ومزاجي ليس رائقا وألف ديك أسود تحيط بي!!وبعدين هناك مرضى في الخارج ينتظرون دورههم!!
جلستُ على الكرسي أمامه بكل هدوء ،أخرجت من جيبي عدة ورقات نقدية وضعتها على الطاولة،
قبل أن أجيبه بإصرار قاطع:
- دكتور أنا رجل جاء يطلب منك علاجا في حدود اختصاصك !!وهذا حق كفلته لي كل القوانين على الأرض
و قد نقدتك أجرك كاملا!!فلماذا تريد طردي من عيادتك!!
اسقط في يد المسكين ،مسح العرق المتصبب على جبينه بكمه قبل أن يطلب من الممرضة أن تحكم إغلاق باب
غرفة الكشف
-طيب يا سيدي،أنا في خدمتك ،قالها بنفاد صبر وبكل قرف الدنيا،معقولة تطلب مني أن استبدل لك دماغك القديم بدماغ جديد؟هل نحن هنا في سوق الخردة أو في مستودع خدمات تويوتا؟

-نعم ما سمعته صحيح يا دكتور،قلتها وأنا أحاول أن أتجنب النظر في وجهه الذي بدا لي أنه على وشك الإنفجار من شدة احمراره،دماغي القديمة لم تعد تنفعني في شيء!!،أريد دماغا "على الزيرو" بدون أحلام ،بدون طموح ،بدون أوهام ، بدون ذكريات،بدون ارتباط بالزمان أو المكان ،
صمتت للحظات وأنا أتظاهر بالتأمل في إحدى اللوحات الجدارية وأسترق النظر للدكتور الذي أسلم أمره لله !!
وبدا وكأنه يعيش كابوسا حقيقيا

-أصلا يا دكتور أنا لم أستخدم عقلي في أي مناسبة ولا أرى أنني سأحتاج إليه يوما!!فالحكومة الرشيدة أبقاها الله ،تفكر بالنيابة عنا،وهي تعرف وحدها ما يصلح لنا وما لا يصلح ،وهي تختار لنا حتى ما يجب أن نأكل وما يجب أن نلبس ،وفي أي وقت ننام وفي أي وقت نصحو!! وهي جازاها الله عنا كل خير لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها،اختصرت العالم والمعارف والذكاء البشري في عقلها الراجح اليقظ الفطن!!

فهي إن فكرت كان تفكيرها استشرافا وإن قررت كان قرارها نبوءة وإن أقدمت كان إقدامها توفيقا!!

فمالفائدة بربك من حمل هذه الدماغ الثقيلة بدون جدوى !!بأحلامها المحبطة ،وآمالها البائسة ،ونظرياتها الحالمة ،ومشاعرها المتضاربة،وإحباطاطتها المتكررة ،،،يا دكتور أنا أريد دماغا جديدة !!دماغا شغلها الوحيد تأدية الوظائف الحيوية لا أكثر ولا أقل!!
دماغا لا تحلم ،لا تفكر ،لا تحزن ،ولا تتألم !!
دماغا ترى الظلم فتحسبه عدلا..
والقهر فتقرأ بين ثناياه الرحمة
والعبودية فتتأولها حرية
والإستغلال فتبحث فيه عن المصلحة العامة!!

- طيب ،طيب ،قالها لي الدكتور قبل أن يقف ويمد لي يده مسلما،ويضيف:
-شوف يا صاحبي:أنت تعاني من حالة معروفة عند الأطباء النفسانيين،وهذا ليس اختصاصي للأسف ،سأمدك بهاتف أحد أصدقائي وسيجد حلا لمعضلتك !!ثم كتب رقما على وريقة أمامه ،وأرجع لي أوراقي النقدية وفتح لي باب الخروج!!
قالت لي الممرضة التي أعترفت أنها سمعت أكثر مادار بيني وبين الدكتور من حديث:
- ولكن ،هل أنت متأكد أنه يوجد داخل دماغك عقل ؟لو كنت كذلك لكنت الآن في السجن أو في القبر!!
أصلا لو كان كان لك عقل ما احتملت حياتك كل هذه السنوات!!

من يومها اطمأننتً أنني بدون عقل!!
والفضل كل الفضل لحكوتنا الرشيدة التي خلصتنا من حمل شيء لا فائدة منه ولا يحق استخدامه!!

د. محمد حسن السمان
26-05-2007, 02:09 AM
سلام الـلـه عليكم


" مطلوب عقل على الزيرو " من القصص الجميلة , التي تمازج بين الفنتازيا والواقعية , وقد قدر الكاتب في مباشرة القص بشكل لافت , ليبث حركة من الدهشة المفاجئة لدى القارئ , تغري بالمتابعة , وتستثير خيال القارئ , ثم تقدم النص لاعطاء بعض الملامح ذات الشكل الواقعي , عندما يصف العيادة والطبيب , ثم الحوارية المعبّرة , مع الطبيب , ونجح الكاتب في هذه الحوارية , ليمهد القارئ ويجهزه لقبول الفكرة , ثم لايلبث الكاتب , أن يمرر مجموعة من الآراء , مستغلا توتير الحدث الحواري , معبّرا بذك عن حالة من المعاناة اليومية , في مجتمعات العالم الثالث , ثم يبدأ الكاتب بالخروج بالقصة الى النهاية , من خلال حوارية أخرى مع الممرضة , تعرض افكارا تضاف الى الجرعة الاولى , مكرسا خدمة الهدف من القصة .
والقصة ناجحة جدا , وتعتبر من الأعمال الأدبية الايجابية , فيها ربط جيد ومحكم لبعدي الزمان والمكان , وتوظيف المشهد لايصال رأي وفكرة ,

د. محمد حسن السمان

جوتيار تمر
26-05-2007, 11:08 PM
الجوادي..
جدلية، وحوارات اكثر جدلا، وبحث في الانا، وكينونة الانا، واسترجاع محموم لذاكرة توالت عليها الاحدث فاكسبتها توجها خاصا في الرؤية والطرح، تحليل الامور التي اوجبت وجوده الحالي، ومحاولة تحديث آلية الزمن من العودة الى الوراء القريب، مما ادخل الامر هذه الذات في صراع آحادي في البدء صراع الذات مع نفسها ومن تطور الصراع ليشمل افقا اوسع وذلك ليدخل ضمن اطار الصراع تلك الرغبات والذكريات التي الجمت حاضره وانهكت قواه الداخلية قضت على الامكانية في تحقيق رؤية المنشودة من وجوده الفعلي ، والطبيب هنا ليس الا رمز لبلوغ هذه المرحلة، مرحلة التي يتم فيها الادراك التام بعقم الوجود هذا، جراء، عقم اكبر ساد النظام العام، لوجوده والمتحكم بكل تفاصيل هذا الوجود، من الظلم الاجتماعي ، والسياسي، ووو... ولقد استخلصت الممرضة في الناهية الامر ببراعة، حيث اوشكت ان تبث هنا فلسفة واقعية حية ، وهذا ما اجاده القاص هنا، من مزج الخيال بالواقع الملموس الذي غرس في ذواتنا وفي فكرنا وذهننا بحيث اصبح جزء منا ونحن لسنا الا جزء من لعبته، وكأني بها تقول لنا وبصراحة تامة اذا كنتم تمتلكون العقل، وهذا الاخير يقتضي الرؤية والوعي والادراك، فكيف تعيشون بهذه المذلة والمهانة والخضوع والعبودية، اما اذا كنت لاتملكون فهذا حال الذي لايملك، اذا هي تبث لنا هنا فلسفتها الواقعية، والفسلفة بلاشك كما نعلم من مهامها طرح الاسئلة والاجوبة ان لم تاتي فهذا ليس بامر يوقفها..وكل هذا لايحدث خارج اطار الزمانية والمكانية، لا...انما الامور هنا تحدث وفق ترتيب زماني مكاني رائع، وهذا ما يجعلنا نرى في القصة عملا رائعا.

تقديري لك ومحبتي
جوتيار

د. نجلاء طمان
27-05-2007, 04:09 AM
الأديب القاص: الجوادى


صرخة اعتراض على واقع مؤلم يحكمه نظام غاشم وفاسد-واقع محي عقولنا وحولنا من مبدعين إلى مبتدعين ومن طاقة متجددة ايجابية إلى طاقة مستهلكة سلبية. جاءت القصة في شكل حوارية جدلية, وبالرغم من كونها جاءت مسرحية كثيرا إلا أن ذلك خدم فكرة القاص التي عرضها في روعة مفرزا شعور بطله اليائس. تمكن القاص من أدواته القصية واختار أدواته بعناية بدءا من العنوان الذي يعكس الفكرة في وضوح ثم دخولا موفقا واسترسالا في السرد لتأتى النهاية التي أختلف مع القاص بشأنها. من وجهة نظري أن عبارة الممرضة التعجبية الفلسفية, كانت ستكون نهاية غاية في الروعة لأنها تلخص فلسفة شعوب كاملة مقهورة ترفل في ثياب أنظمة فاسدة ,عقول مقيدة لا تستطيع التحرك اللهم إلا في مكانها.لذا جاءت العبارة الأخيرة من قبل الكاتب تشويها في عمله واستعراض مسرحي لم يكن له داعي, وتوضيح وتأكيد لفكرته المطروحة التي أكدتها بالفعل العبارة الرائعة للممرضة, فجاء تأكيد التأكيد نفى له. في النهاية أقول اختلافي لا يقلل أبدا من عملك الرائع , إنما هي وجهة نظري ولك الأخذ بها أو تركها.

شذى الوردة لألقك



د. نجلاء طمان

الطيب الجوادي
27-05-2007, 10:42 PM
سلام الـلـه عليكم
" مطلوب عقل على الزيرو " من القصص الجميلة , التي تمازج بين الفنتازيا والواقعية , وقد قدر الكاتب في مباشرة القص بشكل لافت , ليبث حركة من الدهشة المفاجئة لدى القارئ , تغري بالمتابعة , وتستثير خيال القارئ , ثم تقدم النص لاعطاء بعض الملامح ذات الشكل الواقعي , عندما يصف العيادة والطبيب , ثم الحوارية المعبّرة , مع الطبيب , ونجح الكاتب في هذه الحوارية , ليمهد القارئ ويجهزه لقبول الفكرة , ثم لايلبث الكاتب , أن يمرر مجموعة من الآراء , مستغلا توتير الحدث الحواري , معبّرا بذك عن حالة من المعاناة اليومية , في مجتمعات العالم الثالث , ثم يبدأ الكاتب بالخروج بالقصة الى النهاية , من خلال حوارية أخرى مع الممرضة , تعرض افكارا تضاف الى الجرعة الاولى , مكرسا خدمة الهدف من القصة .
والقصة ناجحة جدا , وتعتبر من الأعمال الأدبية الايجابية , فيها ربط جيد ومحكم لبعدي الزمان والمكان , وتوظيف المشهد لايصال رأي وفكرة ,
د. محمد حسن السمان
أهلا بك دكتور في هذا المتصفح..
وحين أكون أمام قامة مثل قامتك ،أجد نفسي أمام حيرة حقيقية!!
لأنك استطعت ،صدقا،أن تنفذ إلى أكثر الأفكار التي أردت الوصول إليها ،وكانك شاركتني الكتابة!!
وقد كنت أودّ أن أعترض على بعض ملاحظاتك حول الأقصوصة ،ولكنني وجدت نفسي هذه المرة أوافقك تماما،وهو أمر لا أخفي أنه اسعدني كثيرا..
دم بخير،وتقبل صداقتي

الطيب الجوادي
27-05-2007, 10:47 PM
الجوادي..
جدلية، وحوارات اكثر جدلا، وبحث في الانا، وكينونة الانا، واسترجاع محموم لذاكرة توالت عليها الاحدث فاكسبتها توجها خاصا في الرؤية والطرح، تحليل الامور التي اوجبت وجوده الحالي، ومحاولة تحديث آلية الزمن من العودة الى الوراء القريب، مما ادخل الامر هذه الذات في صراع آحادي في البدء صراع الذات مع نفسها ومن تطور الصراع ليشمل افقا اوسع وذلك ليدخل ضمن اطار الصراع تلك الرغبات والذكريات التي الجمت حاضره وانهكت قواه الداخلية قضت على الامكانية في تحقيق رؤية المنشودة من وجوده الفعلي ، والطبيب هنا ليس الا رمز لبلوغ هذه المرحلة، مرحلة التي يتم فيها الادراك التام بعقم الوجود هذا، جراء، عقم اكبر ساد النظام العام، لوجوده والمتحكم بكل تفاصيل هذا الوجود، من الظلم الاجتماعي ، والسياسي، ووو... ولقد استخلصت الممرضة في الناهية الامر ببراعة، حيث اوشكت ان تبث هنا فلسفة واقعية حية ، وهذا ما اجاده القاص هنا، من مزج الخيال بالواقع الملموس الذي غرس في ذواتنا وفي فكرنا وذهننا بحيث اصبح جزء منا ونحن لسنا الا جزء من لعبته، وكأني بها تقول لنا وبصراحة تامة اذا كنتم تمتلكون العقل، وهذا الاخير يقتضي الرؤية والوعي والادراك، فكيف تعيشون بهذه المذلة والمهانة والخضوع والعبودية، اما اذا كنت لاتملكون فهذا حال الذي لايملك، اذا هي تبث لنا هنا فلسفتها الواقعية، والفسلفة بلاشك كما نعلم من مهامها طرح الاسئلة والاجوبة ان لم تاتي فهذا ليس بامر يوقفها..وكل هذا لايحدث خارج اطار الزمانية والمكانية، لا...انما الامور هنا تحدث وفق ترتيب زماني مكاني رائع، وهذا ما يجعلنا نرى في القصة عملا رائعا.
تقديري لك ومحبتي
جوتيار
جوتيار تمر
كاتبة أعرفها جيدا
أتابعها باستمرار على الشبكة!!
وأنا سعيد جدا ،ولي الشرف الكبير،أن أجدك في هذا النص،واقرأ ملاحظاتك القيمة التي تؤكد لي للمرة الألف رؤيتك الإبداعية الصائبة ،وثقافتك العالية التي تساعدك على تذوق النص بطريقة مختلفة..

كل الشكر والتقدير

الطيب الجوادي
27-05-2007, 10:51 PM
الأديب القاص: الجوادى
صرخة اعتراض على واقع مؤلم يحكمه نظام غاشم وفاسد-واقع محي عقولنا وحولنا من مبدعين إلى مبتدعين ومن طاقة متجددة ايجابية إلى طاقة مستهلكة سلبية. جاءت القصة في شكل حوارية جدلية, وبالرغم من كونها جاءت مسرحية كثيرا إلا أن ذلك خدم فكرة القاص التي عرضها في روعة مفرزا شعور بطله اليائس. تمكن القاص من أدواته القصية واختار أدواته بعناية بدءا من العنوان الذي يعكس الفكرة في وضوح ثم دخولا موفقا واسترسالا في السرد لتأتى النهاية التي أختلف مع القاص بشأنها. من وجهة نظري أن عبارة الممرضة التعجبية الفلسفية, كانت ستكون نهاية غاية في الروعة لأنها تلخص فلسفة شعوب كاملة مقهورة ترفل في ثياب أنظمة فاسدة ,عقول مقيدة لا تستطيع التحرك اللهم إلا في مكانها.لذا جاءت العبارة الأخيرة من قبل الكاتب تشويها في عمله واستعراض مسرحي لم يكن له داعي, وتوضيح وتأكيد لفكرته المطروحة التي أكدتها بالفعل العبارة الرائعة للممرضة, فجاء تأكيد التأكيد نفى له. في النهاية أقول اختلافي لا يقلل أبدا من عملك الرائع , إنما هي وجهة نظري ولك الأخذ بها أو تركها.
شذى الوردة لألقك
د. نجلاء طمان
د.نجلاء
مرحبا بك هنا..
واتفق معك تماما بخصوص نهاية الأقصوصة..
وسأكشف لك شيئا يفسر تلك الخاتمة،وهو أنني أصلا كتبت النص ليكون مقالا وليس أقصوصة
ولكن جميع الذين قرؤوه اعتبروه أقصوصة!!
وأنا معك:سأحذف السطر الأخير من النص لأن لا مبرر له..
كل التقدير

مأمون المغازي
28-05-2007, 12:09 AM
أديبنا : الطيب الجوادي ،


هذه قراءة موجزة في قصتك
( مطلوب عقل على الزيرو )

بطلك يطلب عقلاً على الزيرو .

عنوان متألق يا أستاذ ، مزج رائع بين الأداء اللغوي والدلالة العميقة المتبحرة ، المحرضة على التأمل ، واستحضار ما سيجري ، وإن كانت تشي بما هي قبته ، فالعقل الذي هو على الزيرو غير متحقق بالمرة حتى لو افترضنا الطفولة ، أما البعد الحركي للعنوان فيكمن في تحريك الدلالات نحو الواقع لاستحضار مادة فكرية تطهيرية أو ماسحة لمخلفات الاحتراق في العقل .

النص :
هذا نص له سماته الخاصة المميزة ، حيث استجمع القاص أوتارًا عدة كان السبك المتين أحد سماته ، ليأتي السرد متناسبًا مع الحالة والحدث ؛ ليخدم الحكي ، وهنا استخدم الأديب المبدع ، ما أسميه الهجوم ، ولكنه هجوم من نوع مميز ، يمكن أن نطلق عليه الفتح ؛ حين هجم على العيادة لنكون فجأة أمام الطبيب والحالة مستخدمًا في ذلك أسلوب الحكي القصي المنظم ، مستخدمًا دلالات غير قابلة للتأويل ، أي بصورة واقعية لا نستبعد حدوثها أمام حالة توتر عصبي ، أو حالة هروب ، لكنه يتحول من هذا الهجوم إلى المصاحبة ، حيث يجعل القاءئ مصاحبًا له أو بالأحرى بين الشخوص يتأمل ويتأثر ، ويبتسم ، ويتوقع ، إنه عضو موجب في القصة لأنه يتأثر تأثرًا مباشرًا بكل ما يدور ، وقد وفق القاص في إحداث هذه النقلة من الهجوم إلى المصاحبة في حين بقي الحكي بطاقاته وأخذ التوتر في التصاعد ، وقد أمتعتني بعض التفصيات التي خدمت العمل مثل : تساقط العرق ، طلب إغلاق الباب ، مسح العرق بكمه ( رائعة هذه اللقطة ) إنها تحمل من التوتر ما يصيب القارئ بتوتر مكافئ وهذا في حد ذاته إبهار وإمتاع .

يراوح القاص بين الحوار والسرد في محاولة لإحكام الخناق على الحدث رافعًا التوتر وصولاً إلى حالة من البوح والتصريح بالمسببات التي كان من الممكن التعامل معها بتكثيف أكثر ، يخدم القص مبتعدًا به عن الإعادة ، وإن كانت الإعادة جاءت بزيادة مكتوبة كانت مفهومة سلفًا ، حيث اتضح الهدف من القصة في ربعها الأول ، ليظهر التشويق بالحوار البسيط الذي ناسبته اللغة ، والقاص ناجح في هذا بكل تأكيد لأنه بعث روحًا متطورة في قصته ، في مراتب من التنامي الداخلي الذي تستشعره ذائقة المتلقي ، والقاص يحسن التخلص بمهارة ورشاقة .
وفي حالة من اليقين يرى البطل نفسه متخلصًا القاص بذلك من حالة الفنتازيا ـ التي أشار إليها أستاذنا الكبير الدكتور : محمد حسن السمان ، ففتح لنا أحد أهم الأبواب للتعامل مع هذا العمل الجميل ـ ليدخل بنا في حالة متوهجة حينما أبرز الممرضة .

وهنا توقفت ؛ الممرضة ، درجة علمية أقل من الطبيب ، وضع اجتماعي أدنى ، ظروف معيشية لم نلمحها إلا من قولها ، تهمس ـ ليس أمام الطبيب ـ تتحدث بثقة ، أي أنها تعيش حالة اليقين أمام زائر للعيادة يحمل من الأفكار ما يفيد الرغبة في التغيير ، لتتألق الثيمة السياسية ، لكني لا يمكن أن أفصلها هنا عن الثيمتين : الاجتماعية ، والاقتصادية لتأتي الرؤية من الممرضة أي من المعايشة ، لتثبت عدم وجود العقل في صفعة قوية للنظم المعمول بها .

الإغلاق :
جاء من نسيج العمل ببساطة ، لكن بدت عليه بعض ملامح تدخل القاص ، وهنا أثني على القاص وأشكره لموافقته الدكتورة : نجلاء طمان ، على حذف السطر الأخير الذي لم يخدم العمل بالمرة ، بل يمكن أن ننهي القصة بهذا السؤال المفاجئ الرائع : ولكن ،هل أنت متأكد أنه يوجد داخل دماغك عقل ؟
وبذلك تكون النهاية مفتوحة توحي بأبعاد تتيح المجال للقارئ للتفكر في دلالات العمل وأبعاده .
وكنت أتمنى لو أن أديبنا لم يصرح بأن العمل كان مقالاً أو أن يقدم أي تبرير ، حيث نرى العمل ماتعًا حقق الإمتاع ، والتشويق ، والهدف.

أديبنا الكريم ،

لك الود بالمحبة

مأمون

الطيب الجوادي
28-05-2007, 03:47 PM
أديبنا : الطيب الجوادي ،

هذه قراءة موجزة في قصتك
( مطلوب عقل على الزيرو )
بطلك يطلب عقلاً على الزيرو .
عنوان متألق يا أستاذ ، مزج رائع بين الأداء اللغوي والدلالة العميقة المتبحرة ، المحرضة على التأمل ، واستحضار ما سيجري ، وإن كانت تشي بما هي قبته ، فالعقل الذي هو على الزيرو غير متحقق بالمرة حتى لو افترضنا الطفولة ، أما البعد الحركي للعنوان فيكمن في تحريك الدلالات نحو الواقع لاستحضار مادة فكرية تطهيرية أو ماسحة لمخلفات الاحتراق في العقل .
النص :
هذا نص له سماته الخاصة المميزة ، حيث استجمع القاص أوتارًا عدة كان السبك المتين أحد سماته ، ليأتي السرد متناسبًا مع الحالة والحدث ؛ ليخدم الحكي ، وهنا استخدم الأديب المبدع ، ما أسميه الهجوم ، ولكنه هجوم من نوع مميز ، يمكن أن نطلق عليه الفتح ؛ حين هجم على العيادة لنكون فجأة أمام الطبيب والحالة مستخدمًا في ذلك أسلوب الحكي القصي المنظم ، مستخدمًا دلالات غير قابلة للتأويل ، أي بصورة واقعية لا نستبعد حدوثها أمام حالة توتر عصبي ، أو حالة هروب ، لكنه يتحول من هذا الهجوم إلى المصاحبة ، حيث يجعل القاءئ مصاحبًا له أو بالأحرى بين الشخوص يتأمل ويتأثر ، ويبتسم ، ويتوقع ، إنه عضو موجب في القصة لأنه يتأثر تأثرًا مباشرًا بكل ما يدور ، وقد وفق القاص في إحداث هذه النقلة من الهجوم إلى المصاحبة في حين بقي الحكي بطاقاته وأخذ التوتر في التصاعد ، وقد أمتعتني بعض التفصيات التي خدمت العمل مثل : تساقط العرق ، طلب إغلاق الباب ، مسح العرق بكمه ( رائعة هذه اللقطة ) إنها تحمل من التوتر ما يصيب القارئ بتوتر مكافئ وهذا في حد ذاته إبهار وإمتاع .
يراوح القاص بين الحوار والسرد في محاولة لإحكام الخناق على الحدث رافعًا التوتر وصولاً إلى حالة من البوح والتصريح بالمسببات التي كان من الممكن التعامل معها بتكثيف أكثر ، يخدم القص مبتعدًا به عن الإعادة ، وإن كانت الإعادة جاءت بزيادة مكتوبة كانت مفهومة سلفًا ، حيث اتضح الهدف من القصة في ربعها الأول ، ليظهر التشويق بالحوار البسيط الذي ناسبته اللغة ، والقاص ناجح في هذا بكل تأكيد لأنه بعث روحًا متطورة في قصته ، في مراتب من التنامي الداخلي الذي تستشعره ذائقة المتلقي ، والقاص يحسن التخلص بمهارة ورشاقة .
وفي حالة من اليقين يرى البطل نفسه متخلصًا القاص بذلك من حالة الفنتازيا ـ التي أشار إليها أستاذنا الكبير الدكتور : محمد حسن السمان ، ففتح لنا أحد أهم الأبواب للتعامل مع هذا العمل الجميل ـ ليدخل بنا في حالة متوهجة حينما أبرز الممرضة .
وهنا توقفت ؛ الممرضة ، درجة علمية أقل من الطبيب ، وضع اجتماعي أدنى ، ظروف معيشية لم نلمحها إلا من قولها ، تهمس ـ ليس أمام الطبيب ـ تتحدث بثقة ، أي أنها تعيش حالة اليقين أمام زائر للعيادة يحمل من الأفكار ما يفيد الرغبة في التغيير ، لتتألق الثيمة السياسية ، لكني لا يمكن أن أفصلها هنا عن الثيمتين : الاجتماعية ، والاقتصادية لتأتي الرؤية من الممرضة أي من المعايشة ، لتثبت عدم وجود العقل في صفعة قوية للنظم المعمول بها .
الإغلاق :
جاء من نسيج العمل ببساطة ، لكن بدت عليه بعض ملامح تدخل القاص ، وهنا أثني على القاص وأشكره لموافقته الدكتورة : نجلاء طمان ، على حذف السطر الأخير الذي لم يخدم العمل بالمرة ، بل يمكن أن ننهي القصة بهذا السؤال المفاجئ الرائع : ولكن ،هل أنت متأكد أنه يوجد داخل دماغك عقل ؟
وبذلك تكون النهاية مفتوحة توحي بأبعاد تتيح المجال للقارئ للتفكر في دلالات العمل وأبعاده .
وكنت أتمنى لو أن أديبنا لم يصرح بأن العمل كان مقالاً أو أن يقدم أي تبرير ، حيث نرى العمل ماتعًا حقق الإمتاع ، والتشويق ، والهدف.
أديبنا الكريم ،
لك الود بالمحبة
مأمون
الأخ مامون:نشرت هذا النص في عديد المواقع،وقرأه العشرات من طلبتي وزملائي،ولم أظفر بمثل
هذه التعليقات التي ظفرت بها في موقع الواحة،
انحني احتراما لكل كلمة قلتها،واوافقك الرأي حول حذف السطر الأخير،وقد ارسلتها لموقع القصة العربية بدون ذلك السطر..:hat:
أما الإعتراف بان النص كان في الأصل مقالة ،فقد اعترفت بذلك لأنها الحقيقية وازيدك :كتبت النص في خمس دقائق أو اكثر قليلا ثم أهملته سنوات طويلة قبل أن تصر زوجتي على نشره!!لأنني خشيت ان يكون في مستوى النشر!!

تقبل هذه:001: :001:
مع كل التقدير

عبدالله المحمدي
28-05-2007, 10:07 PM
مقالة ساخرة D:


نحن في عالمنا لانحتاج الا الى عقووول على الزيرووو..!!!!!.ولكن ليس من منظور واقعنا


اخي الطيب الجوادي تحية لك ولقلمك الساخر

وفي انتظار المزيد من مقالاتك


دمت حرا ابيا ....الى اللقاء

د. سمير العمري
23-05-2013, 09:58 PM
نص قصصي مميز يركز على الفكرة الراقية ثم يدعمه بالسردية المميزة التي تحمل مقومات التشويق والكشف.

دام هذا الألق!

تقديري

ربيحة الرفاعي
12-06-2013, 02:13 AM
قصة إيجابية هادفة بمحمول ذكي وأداء قصّي موفق استخدم تقنية الدمج بين الواقعي والعجائبي، محدثا بتنقله بينهما نقلات حسّية وتفاعلية لدى القارئ مكنت الكاتب من الاستحواذ على تفكيرة وتوظيف خياله لاستقبال محمول النص مؤثرا

دمت بخير كاتبنا

تحاياي

نداء غريب صبري
30-08-2013, 05:49 PM
قصة مميزة بالفكرة الجميلة والسرد الجميل
قوية وهادفة
واستمتعت بقراءتها

شكرا لك أخي

بوركت

آمال المصري
05-02-2015, 05:52 PM
أخشى أن يعيش الأكثرية على أمل استبدال عقل على الزيرو ..
نص قصصي رائع ينقد مانعيشه من واقع سلبت فيه كل الحقوق وبات العقول مركونة على أرفف الحياة يعلوها الغبار
سرد جميل وحبكة قوية
راق لي التواجد هنا
تحاياي

خلود محمد جمعة
09-02-2015, 09:43 AM
طرح الفكرة بأسلوب مائز وسرد ماتع وحياكة المفارقات بذكاء اوصل الفكرة بوضوح
قصة جميلة وقاص بارع
يوركت