تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دانتى و الكوميديا الإلهية



مصطفى سلام
03-06-2007, 11:34 PM
دانتى و الكوميديا الإلهية
كثير من المثقفين العرب لا يعرفون عن دانتى و كوميديته الإلهية غير ما سمعوه أو قرأوه عنهما , و قليل منهم من استمد معرفته عنهما عن طريق القراءة المباشرة لهذه الكوميديا التى ترجمت إلى العربية عدة ترجمات .
و لقد كنت فى مرحلة الشباب من هؤلاء العارفين لهما عن طريق القراءة عنهما , وصلت إلى هذه المعرفة عن طريق حبى لطه حسين و عشقى لكتاباته , فهو من أعظم من شكلوا العقلية العربية خلال القرن العشرين .. و كنت مهتما أساسا بأبى العلاء المعرى باعتباره أديبا شاعرا فيلسوفا , و قد عرفنى عليه طه حسين فى كتاباته المتعددة عنه , و قد كان العميد (طه حسين) معجبا أشد العجب بشاعر المعرة , ربما لاشتراكهما معا فى عدة خصائص : كالعبقرية و كف البصر .
و لم تتعد ثقافتى حول أبى العلاء – فى ذلك الحين – ما قرأته عنه , و ما قرأت و حفظت من شعره , لكن ما أثار فكرى و عقلى هو رسمه و تصوراته و تصويره فى رسالة الغفران ..
و نتيجة لذلك بدأ اهتمامى (الناتج عن القراءة عن) بقضية المقارنة بين أبى رسالة الغفران العلائية و كوميديا دانتى الإلهية .. ذلك حسب قدراتى العقلية و معرفتى عنهما – لا لهما .
فقد كتب عن دانتى كثير من الأدباء العرب أمثال محمد مندور فى (نماذج بشرية ) – 1953 , محمود الخضيرى فى مجلة رسالة الإسلام 1953 مبينا أثر الإسراء و المعراج فى كوميديا دانتى , و بنت الشاطئ فى كتابها عن الغفران للمعرى 1954 التى نفت تأثر دانتى بالاسلام و بالمعرى , محمد العزب موسى (مجلة الرسالة الجديدة 1955 ) و طه فوزى , و حسن عثمان الذى قام بترجمة رائعة للكوكيديا عن الإيطالية (1955) ........الخ .
و حين شببت عن الطوق و غادرت مرحلة الشباب , أتيح لى العثور قراءة الرسالة العلائية , و الكوميديا الدانتية (المترجمة عن الإيطالية ).
لقد كنت معجبا للغاية – فى شبابى - بكوميديا دانتى و كنت أتحرق شوقا للاطلاع علي نصها و قراءته ... و حين واتتنى الظروف و تمكنت من الحصول على ترجمتها ... سقط دانتى من نظرى , و ما رأيت فيه إلا شاعرا رائعا , و متعصبا مروعا ......كيف ؟
لقد وضع – فى الأنشودة الثامنة و العشرين من كوميديته الرسول الأعظم و النبى الأكرم محمدا صلى الله عليه و سلم و ابن عمه عليا بن أبى طالب فى الخندق التاسع من الحلقة الثامنة من الجحيم , و تحدث عنه حديثا ينم عن مدى التعصب الذى امتلأ به قلبه , بل قلوب المسيحيين فى عصره ضد الإسلام و رسول الإسلام , حتى أن مترجم الكوميديا – الأستاذ حسن عثمان – تحرج من ترجمة أبيات من هذه الأنشودة ذاكرا أن دانتى قد أخطأ خطأ جسيما فى ذلك .
بل إن مفكرا هو الأستاذ إدوارد سعيد فى كتابه الشهير ( الاستشراق ) ينتقد أيضا ذلك التجنى على ( موميتو= " محمد " )على أنه نتيجة
للرؤية الغربية التى خلقوها بأنفسهم للإسلام , و التى قام بوضعها رجال دين قمة فى التعصب .
إن أهل الغرب – كما يقول حسن عثمان – لم يستطيعوا أن يقدروا القيمة الفعلية للإسلام و رسالته الحقة و فهم حكمته الإلهية – رغم تقديرهم للحضارة الإسلامية و التأثر بثمراتها التى كانت عنصرا فعالا فى خروج العالم الغربى من العصور الوسطى إلى عصر النهضة فالعصر الحديث.
"كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا"
صدق الله العظيم
مصطفى سلام

د. محمد حسن السمان
06-06-2007, 06:19 PM
سلام الـلـه عليكم
الأخ الفاضل الأديب الراقي مصطفى سلام

إن اطلالتك الموفقة على " الكوميديا الإلهية " لدانتي , أعادتني كما أعادتك الى سني الشباب , وعلى الرغم من عدم اطلاعنا على النسخة الاصلية , او الترجمة الكاملة للكوميديا , فكنا نقرأ التلميحات عن تأثر دانتي بالاسراء والمعراج , وتأثر دانتي بـ " رسالة الغفران " , وعلى الرغم من إدراكنا للتعصب الأعمى والافتئات الذي اتسمت به كتابات الغربيين , في مرحلة محاكم التفتيش وجنون الكراهية للاسلام , ولكن لم أقف على مثل هذا الذي جاءت به هذه الاطلالة هنا , التي جاءت من أديب اطلّع بصدق , وأعطى شهادة حق , فاسمح لي أن أسجّل لك رسالة شكر .

د. محمد حسن السمان

محمد الحامدي
06-06-2007, 08:09 PM
الأخ مصطفى ،،، السلام عليكم ورحمة الله
أريد أن أضيف إلى ما قدمتم حول دانتي والكوميديا الإلهية بعض المعلومات النقدية الموجزة لضيق المجل : 1 - لعلم الجميع وهنا أقصد الغرب أساسا أن معظم مؤرخي الأدب قد أقروا باطلاع دانتي مباشرة على نسخة من رسالة الغفران لأبي العلاء ( ورووا في ذلك طرقا موثقة مثبتة )
2 - إنه قد اطلع على القرآن الكريم ووجدوا في فراش موته نسخة منه أو بعض نسخة حسب الروايات
3 - والأهم من كل ذلك وأنت مطلع على النص في ترجمته كاملة ، فقد استفاد دانتي من أمور تقنية ثلاثة أخذها وربما مسخها في صياغته الرواية من " غفران " أبي العلاء :
أ - تقنية القص في زمن الاستقبال , أنت تعلم أن كل أحداث " الرحلة " في " الغفران " كانت في زمن الاستقبال أي مقدرا لها أن تقع ولمّا تقع بعد .
ب - تخيل عالم الأموات ، في ثقافة الغرب ، وعالم الآخرة في ثقافتنا الإسلامية والجنة ونعيمها والجحيم ومشاقه ، ويكفي هنا أن أشير إلى تقنية الوصف التخييلي ( بمقابل الوصف الواقعي )
ج - أهم شيء في تقنية القص على الإطلاق وأقول بكل وضوح وصراحة ولبنت الشاطئ وغيرها إن دانتي قد سرقها من أي العلاء ، هي تقنية تحريك النص بواسطة محرك مطلق قادر فعال ، وهي القدرة الإلهية ، فالمعري قد جعل كل الأحداث ستقع بقدرة الله وهنا نفى صفة العجائبية على نصه . أما دانتي و لمحدودية أدواته اسند هذه القدرة لنفسه !!!! ولعله في ذلك خلط بين الأدب الأسطوري والأدب العجائبي والأدب الإسلامي خلطا كبيرا مقززا في بعض الأحيان ...
على كل حال لي دراسة معمقة حول " غفران " أبي العلاء أعدك بنشر مقتطفات منها ...
شكرا أخي على إضاءتك ولنا عودة للموضوع بإذن العزيز الحكيم

خليل حلاوجي
07-06-2007, 05:43 PM
في كتابه قصة الايمان وضع نديم الجسر فصلا ً خاصا ً عن تلاقي العبقريات

اعتقد ان لاعلاقة لدانتي بالمعري ولابغيره

انها توارد العبقريات ... ليس الا


\

شكرا ً لمقالتك الهامة

د. عمر جلال الدين هزاع
24-07-2007, 02:59 AM
لك جزيل الشكر
لهذه الاطلالة
ولهذه النافذة المميزة
والتي أجدها مختلفة عن كل ما قرأته بهذا الخصوص
قد أعود إن كان في العمر بقية
خالص تقديري

أمل فؤاد عبيد
24-07-2007, 03:18 AM
لربما لا أجيد لعبة كشف العلل الإتهامية في النصوص الغربية المترجمة او من ذخائر الإبداع الغربي بكل مستوياته .. ولكن بالنسبة لدانتي والكوميديا الإلهية على ما اعتقد وما قرأت ودرست الجانب الجمالي وأيضا العبقري الذي اشاد به كل من المفكرين الذين ورد ذكرهم في سياق الموضوع يدلل على ما في النص من تراكبات وجدل الغيب والحضور او الكونية .. وكان هذه الفكرة التي تصورها دانتي وسجلها هي تمثل عبقرية الفطرة التي تدلل في نهاية المطاف على مصداقية ما يرمي إليه إسلامنا .. ولكن لن نأخذ على دانتي اي تصور كان قد تصوره او تخيله .. ولكن النباء الذي جاءت عليه الكوميديا هو ما يفيض بالمعنى والتدليل على عمق احساس هذا المبدع او العبقري على تصور الحياة ما بعد الموت او كيفما جاء في سياق الكوميديا .. على ما أظن ان ماجااء في المقال لهو إضعاف للنص على مافيه من قيمة منحته وسجلت له ما سجلت من بقاء وخلود

تحياتي اليكم

د. عمر جلال الدين هزاع
25-07-2007, 12:36 AM
أخي الحبيب
ــــــــــــــــ
ربما لن نختلف حول ما جاء من ذكر لوقوع دانتي في خطأ جسيم بتقوله الغيب و توقعه العواقب من خلال نظرته الضعيفة و أدواته البسيطة مقارنة بما أثرى به أبو العلاء المعري رسالته عندما نسب مقاليدها لله
وكذا فإن النظرة الحاقدة و العصبية المذهبية التي قرأنا عنها في عدة ترجمات أو ملخصات عما حوته ( الكوميديا الإلهية )
هي أمر أشار إليه الكثير ممن نقلوا و ترجموا هذا العمل
ولكن لابد من الإشارة لأمور عدة هنا
لوضع بعض النقاط على حروفها المناسبة
فالكوميديا الإلهية كانت من أعمال دانتي في الثلث الأخير من حياته
ودانتي هذا
بدأ المرحلة الأولى من حياته عندما شعر أنه قد أتقن لغة السجعيات فكتب الشعر بشكل سوناتات إلى حبيبته بياتريك وهي مرحلة بياتريك الحقيقية
ثم تجاوزها في المرحلة الثانية إلى مرحلة السياسة و الفكر الفلسفي وهذا ما عبر عنه في مؤلفه ( الفكر المطلق )
ثم عاد في المرحلة الثالثة و الأخيرة من جديد إلى بياتريك ( المجازية ) وهي مرحلة ( الكوميديا الإلهية )
والتي ظهر فيها كسياسي لاذع وجسد فيها تأملاته و أفكاره بانفصال الدولة عن سلطة الكنيسة و تجاوزها للغطرسة الثيوقراطية وسخريته من صكوك الغفران الابتزازية , وأحيا بها دفء اللغة الإيطالية كما يقول عنه محبوه
فهو في نظرهم الأب الروحي للغتهم و أشعارهم
وهذا العمل عبارة عن رحلة خيالية غايتها كشف الواقع نسجها شعراً في ثلاثة ثلاثة أناشيد : الجحيم و المطهر و الفردوس
والجحيم مقسمة إلى مدخل وتسع حلقات والمطهر مقسم إلى تسعة أفاريز والفردوس مقسم إلى تسع سماوات وسماء السماوات
ويتكون كل نشيد من ثلاث وثلاثين أنشودة يضاف إليها مدخل الجحيم فتصبح كلها مائة أنشودة
وليست الكوميديا التي قصدها دانتي في إبداعه دالة على نقيض التراجيديا تماما كما هو الأمر في المجال المسرحي بل إن هذا اللفظ مأخوذ عن اليونانية القديمة "بمعنى أغنية تجري بلغة العامة وتجري على اللسان دون تكلف أو تصنع، وكذلك قصد بهذا اللفظ أنها تبدأ في غابة موحشة مظلمة وتنتهي إلى السعادة الإلهية"
فهي رحلة خيالية قام بها دانتي إلى العالم الآخر, برفقة الشاعر فرجيل صاحب ملحمة "الانياذة" حيث أطلعا معا على الجحيم الذي لقيا فيه البابا مما يبرز استخفاف دانتي بالسلطة الكاثوليكية و عرجا على المطهر الذي يكفر فيه المذنبون عن خطاياهم،ثم إلى الفردوس حيث يلقى عشيقته بياتريك التي يرافقها في جولته السماوية ضاربا بعرض الحائط كافة التعاليم البابوية، وفاقدا بذلك ممارستها البعيدة كل البعد عن الدين الحقيقي
فالكوميديا مرآة الحياة وقصيدة الإنسانية الكبرى
وهي عنده فن رفيع يهدف إلى تغيير الإنسان وإصلاح المجتمع وقد قصد دانتي أن يجعل منها بداية لعصر جديد وكأنه أراد بذلك أن يضع كتابا مقدسا جديدا يهدي البشر إلى سواء السبيل وبدا فيها دانتي وكأنه "أورفينو" جديد للعالم
وعلاوة على اتسامه بالشاعرية التي كان يدين بها لأستاذه غوينسلي فقد ظهر دانتي في هذه الكوميديا سيمائياً مثيراً باستخدامه للضوء و الصورة في تصوير حركة الأرواح الشريرية وانتقال الملائكة من السماء إلى الأرض
ويمكننا القول بأن سقوط نصه هذا في منظور الأدب الأدب الإسلامي هو بسبب تكريس كل ملكاته وجهده لخدمة عصبيته المسيحية ضارباً عرض الحائط ما سواها من معتقدات
ومتطاولاً فيها حتى على أكرم المخلوقات
وإنه لمن الطبيعي جدا أن تكون هذه الكوميديا مثال جدال ونقاش كبير وبذلك قد تفرق النقاد حولها شيعا
فمنهم من أنكر عبقرية دانتي واعتبره مجرد ناقل لما جاء في أخبار العالم الآخر في تراث الشرق الإسلامي أو الإرث اليوناني
ومنهم من اعتبره قد تأثر كثيرا بهذه الروافد التراثية دون أن يسحب عنه خاصية الإبداع
في حين اعتبرته طائفة أخرى مبدعا فريدا لم يهتد إلا بما قرأ عن فرجيل وألياذته التي طرح فيها زيارة "انياس" للعالم السفلي
وهذا ما لم ينكره دانتي لأنه جعله هاديا في رحلته نحو الآخر.
ومن الجدير بالذكر :
أن الدراسات المقارنة أثبتت أن هناك ثمة تشابه كبير بين أخبار الكوميديا وآثار بعض متصوفي الإسلام كمحي الدين عربي ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري وكتابات بعض المحدثين المفسرين وبعض صور الإسراء والمعراج النبوي.
ولهذا يقول المستشرق الإسباني ميجيل اسين بلاثيوس بأنه كان من اللازم على دانتي أن يجعل أبا العلاء المعري رفيقا وهاديا له في رحلته بدلا من فرجيل باعتبار أنه أخذ من رسالته فكرة الرحلة الأخروية
ويقول الأستاذ عمر أبو النصر بعد تبيانه لاستفادة الأوربيين من الكتب العربية التي كانت بالأندلس, وتهافتهم على نتاج الفكر العربي الإسلامي: "فإذا عملت ذلك كله، لن يبقى في نفسك سبيل إلى الشك في ترجمة رسالة الغفران في حملة الكتب إلى اللاتينية, وإفادة دانتي شاعر الطليان منها, ونظمه الكوميديا على غرارها
ــــــــــ
هذا ما أمكنني الخوض به هنا
من خلال سابق معرفتي بهذا الخصوص
ولك تقديري

عبدالرحمن السليمان
21-08-2007, 07:49 PM
في كتابه قصة الايمان وضع نديم الجسر فصلا ً خاصا ً عن تلاقي العبقريات. اعتقد ان لاعلاقة لدانتي بالمعري ولابغيره. انها توارد العبقريات ... ليس الا
شكرا ً لمقالتك الهامة



أخي العزيز الأستاذ خليل حلاوجي،

أجمل تحية،

أستوقفني قولك أعلاه والصحيح لدى أصحاب الاختصاص أن الشاعر الإيطالى دانته اليجيرى (Alighieri Dante)، الراحل سنة 1321، استلهم رواية "الكوميديا الالهية" (Divina Commedia) إما عن رسالة الغفران للمعري، أو عن رسالة "الإسرا إلى مقام الأسرى" لابن عربي، وهي الرسالة التي يصف فيها الرحلة الصوفية. ومن الثابت قطعا أن المعري وابن عربي استلهما عمليهما عن الإسراء والمعراج كما رواها الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم.

فالقول إن ذلك توارد عبقريات قول فيه نظر.

وللفائدة أحيل القراء الكرام إلى ما نشرت في هذا الموضوع على الرابط التالي:

http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=436

وتحية طيبة عطرة.

أحمد المنصوري
22-08-2007, 02:47 AM
هنا استفدت علما.
شكرا لك .

عبدالصمد حسن زيبار
25-08-2007, 09:58 PM
شكرا لكل الاخوة هنا

حسام الدين
27-01-2008, 08:07 PM
شكرا لك أخي الكريم على هذه المعلومات القيمة وأنا من رأي أن دانتي قد تأثر بالإسلام و برحلة الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال تصويره للجحيم وللفردوس وتقسيماتهم وعلى كل حال فهذه مجرد رحلة خيالية لشاعر

سحر الليالي
09-02-2008, 03:40 PM
سعدت بـ القراء ة هنا ..!!
سلم فكرك أيها الفاضل "مصطفى سلام"
وكل التحية والتقدير لكل من مر من هنا ..

دمت بخير