تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لحظة خوف



الشربينى خطاب
06-06-2007, 07:55 PM
لحظة خوف
نام المفتاح في طبلة الباب ، أداره " أبو المعاطى " دورة ونصف ، سقط اللسان وانزاح " الرَّفاص " من منيمه ، دفع " ضلفة " الباب ودخل صحن الدار ، احتواه ظلام دامس فتوجس خيفة، لم تسعفه ذاكرته أن يستعيذ بالله من شياطين الجن ْوالإنسْ ، تنحنح 00 لعله يأنس بصدي صوته أو يأتيه حس من خلف ستائر الظلام يكشف سر هذا الصمت المريب ، اقشعر بدنه ، أخرج يده من فتحة جلبابه ثم شهرها سلاحاً ودرعاً ، لم يكد يراها ، تسرب الخوف بداخله فدقت طبول الحرب في قلبه و تحفزت حواسه لمواجه هذا الخطر المجهول 00
استدعي ذاكرته علي عجل , فحص صورها المتتابعة لعله يجد فيه شخصاً يناصبه العداء أو يضمر له سوءً ، حدث نفسه
: من ذا الذي يناصبني العداء ويكن لي شراً 00؟ أيكون ابن أخي 00؟ ربما يريد الانتقام مني بعد أن نصحته ونهرته بقسوة عندما طلب حقه في ميراث أبيه 00!! إنها حماته التي أوغلت صدره ضدي، أوهمته بأنني أماطله كي أشتريه منه بثمن بخس 00صرخ محذراً ابن أخيه
: اعقل يا مجنون 00 أتقتل عمك من أجل تلك الأوهام 000
لكن صوته لم يخرج من حنجرته ، فالفم جاف واللسان ملتصق بسقف الحنك ، تساقطت قطرات من عرق مالح تذوق طعمها لما بلع ريقه عدة مرات 00
هزْ رأسه نافياً ثم هتف لا 00لا ليس ابن أخي هو المتربص لي ، ربما ذالك التاجر الذي اشتري مني محصول الفول الأخضر وأصابه مرض" الهالوك " فلم يجني منه حبة واحدة 00لا لا إنه رجل طيب لا يضمر سوءً لأحد ، إن عشت لباكر سوف أرد له " العربون " الذي دفعه 0
أخذ يبحث عن علبة ثقابه ولما أهتدي إليها ، أشعل عوداً فتوهج وأضاء العتمة التي كانت تحتويه ، بانت لعينه معالم الدار ، أرهف سمعه 00 إذا بأنات مكتومة تقطع الصمت الرهيب ، قال بداخله
: ربما الأنات قادمة من تحت الدرج ، قبل أن يتحقق من مصدرها 00 احترقت أنامله وانطفأ الثقاب 00 أشعل سريعاً عوداً آخر 00 ما إن توهج حتى رأي قط أسود قابض بين أنيابه علي فأر مذعور 00 الفأر يقاوم مصيره المحتوم يتلوى محاولاً الخلاص من بين فكي القط اللعين ، كلما كرر المحاولة تشق رأسه أخدوداً في الأرض ويثير غبار كثيف ، يعلق بشواربه حفنة من تراب ، لن يلعق القط شواربه إلا بعد التهام فريسته 00!!
شعر " أبو المعاطي " بالمهانة لما ربط مصيره بمصير الفأر المذعور 00 انتفض ليثأر لكرامته وينقذ الفأر المسكين من القط المفترس ، قبل أن يبادره بالهجوم ، هرب القط بصيده الثمين من بين أقدامه ، أصابه ثانياً رعباً مميتاً فصرخ حانقاً
: بس ْ 00 بسْ يا ابن الكلب 00
هرب الخوف من قلب " أبو المعاطي " 00 صعد دراجات السلَّم خائر القوي ، ما أن ألقي جسده علي سريره الوثير حتى راح ضميرهفي سبات عميق 000!!!!

محمد الحامدي
06-06-2007, 09:04 PM
السلام عليكم وألف مرحى بهذا الإبداع
أعجبني إغراقك في التفاصيل ... فقيمة أي حبك تكمن في دقة خيوطه وتدقيق نسيجها في جزئياتها العميقة . و " جورج لوكاتش " يرى أن الإغراق في الجزئيات ، جزئيات النفس البشرية ، هو السبيل إلى اكتشاف العنصر المشترك بين كل البشر ... وذاك لعمري دور الأدب / الفن
كنت أتمنى لو كان الإدهاش قد بلغ منتهاه مع القط ... أي حادث كان سيفعل ذلك خصوصا عند اشتعال أول عود ثقاب ... فقد انتظرت للقط " الأسشود " دورا أكثر إخافة لهذا الخائف ...
ألفت انتباهك إلى أن الطباعة قد جعلتك تضع " لم تجني " والصواب " لم تجن "
و "قط قابض "والصواب " قطا قابضا " و " رعبا مميتا " والصواب " رعب مميت "
الطباعة تقهرني ،،، رحم الله أيام القلم ..
شكرا أخي على إمتاعك لنا

جوتيار تمر
07-06-2007, 01:24 PM
الشربيني..الرائع..
لقد اصابني الخوف في البداية لمَ ظننت ان النص ربما يكون مستفيظا بحالات الفزع والخوف التي تراودنا كلما شعرنا او قرأنا شيئا يمس الخوف بعينه،وجاءت الاحداث تبرر الخوف ذاك، فالظلمة ربما تكون فال شر عند الكثيرين، وهذا ما جعلني اشعر برغبة هولاء في تبرير الصاق الشر بالظلمة، وربما كان ابو المعاطي متعاطفا معي الامر هذا لانه مثلي عاش الحدث ذاك بخوف ووجس،ولقد اجدت في الوصف هنا وكانت اللغة متينة وقوية ومسبوكة بحرفنة، والحدث الاساسي في القصة لم يفقد توازنه بل استمر على وتيرة ونسق انسيابي متناسق، وجاءت الاستحضارات التي داهمت ذهن ابو المعاطي كصحوة للانا الداخلية له، في خضم الانا الاخرى التي واجهت العياني من الامر،قبل ان تمتزج بالانا الداخلية لتعيشا معا حالة رعب حقيقة جراء احداث صنعتهما باديها،ولقد اجدت في ابراز كنه الانا هذه في لحظات الخوف التي ربما هي الاقرب في فك عقدة الذاتن وفضح شفيرتها من اجل الافصاح عن مكنوناتها الداخلية،وهذا ما حدث بالضبط مع ابو المعاطي حيث اجبره الخوف من يستعيد تلك المكنونات التي ربما لم يكن ليخرجها لاحد، لكن الخوف اخرجها..ولقد لفت انتباهي النهاية التي جاءت تضيف قوة اضافية للنص من حيث الصياغة والفكرة، لان التوقع العادي كان سيقودنا الى ان ابو المعاطي انما بعد تعديه لمرحلة الخوف هذه وصل لقناعة اعطاء الحق لاصحابه، لكن دخول الضمير في سبات عمق حرف النص عن مساره العادي وقادنا الى نهاية اخرى، ربما جعلتنا نعي بان الخوف انما يعمر القلب بالرحمة في لحظته تلك وقلما نجد من يستمر بالرحمة من بعده.

دمت بالق
محبتي لك
جوتيار

محمد سامي البوهي
09-06-2007, 04:57 PM
الأستاذ القاص الرائع / الشربيني خطاب
طلقة نفسية ، أخرجتها من مدفع هائل بقرار النفس البشرية ، لتسرد لنا حالة الخوف ، وتحاصرها بكل التفاصيل المحددة ، لتجسد لنا النفس الهلامية الساكنة بأرواحنا ...
دمت مبدعاً
تحيتي لما تعلمته من ردود الأستاذ الحامدي ، والاستاذ جوتيار

الشربينى خطاب
20-06-2007, 02:56 PM
السلام عليكم وألف مرحى بهذا الإبداع
أعجبني إغراقك في التفاصيل ... فقيمة أي حبك تكمن في دقة خيوطه وتدقيق نسيجها في جزئياتها العميقة . و " جورج لوكاتش " يرى أن الإغراق في الجزئيات ، جزئيات النفس البشرية ، هو السبيل إلى اكتشاف العنصر المشترك بين كل البشر ... وذاك لعمري دور الأدب / الفن
كنت أتمنى لو كان الإدهاش قد بلغ منتهاه مع القط ... أي حادث كان سيفعل ذلك خصوصا عند اشتعال أول عود ثقاب ... فقد انتظرت للقط " الأسشود " دورا أكثر إخافة لهذا الخائف ...
ألفت انتباهك إلى أن الطباعة قد جعلتك تضع " لم تجني " والصواب " لم تجن "
و "قط قابض "والصواب " قطا قابضا " و " رعبا مميتا " والصواب " رعب مميت "
الطباعة تقهرني ،،، رحم الله أيام القلم ..
شكرا أخي على إمتاعك لنا
السلام عليك ورحمة الله
الأخ الفاضل / محمد الحامدي
أشكر مرورك الكريم والقراءة النقدية الواعية ، غالباً ما تاتي القراءة التأويلية
بأشياء ربما لم ترد علي بال الكاتب نفسه اثناء سرد التجربة ، وأنه للطف منك أن
أحلت الأخطاء النحوية علي الطباعة ، فما زلت أتلقي العقاب علي مؤخرتي منذ
أن كنت صغيراً حتى اليوم والظاهر أني متسرع لم أعي الدرس جيداً
خالص تقديري واحترامي

عصام عبد الحميد
20-06-2007, 10:06 PM
الأديب المبدع الشربينى خطاب
لم أكد أصل إلى السطر الأخير من القصة حتى قلت الله... الله.... الله...
وصلة من الإبداع الجميل يمتعنا بها الشربينى خطاب... عزف على أوتار النفس الإنسانية صاغها باقتدار... تصوير بديع للتفاصيل... خاصة وهو يصف هذه التفاصيل على عود ثقاب...
لو سمح لى المبدع الشربينى أن أقول ملاحظة
فى السطر الأخير قلت ما أن ألقي جسده علي سريره الوثير حتى راح ضميره في سبات عميق 000!!!!
لو جعلتها ما أن ألقي جسده علي سريره الوثير حتى راح في سبات عميق 000!!!! لأعطتنى كقارئ أبعاد أعمق وانساح فكرى أكثر... ورأيت فى أعماقى ضميره وضميرنا...
أشكرا على هذه الوصلة من الإبداع الجميل ودمت متألقا

الشربينى خطاب
26-06-2007, 06:33 AM
الشربيني..الرائع..
لقد اصابني الخوف في البداية لمَ ظننت ان النص ربما يكون مستفيظا بحالات الفزع والخوف التي تراودنا كلما شعرنا او قرأنا شيئا يمس الخوف بعينه،وجاءت الاحداث تبرر الخوف ذاك، فالظلمة ربما تكون فال شر عند الكثيرين، وهذا ما جعلني اشعر برغبة هولاء في تبرير الصاق الشر بالظلمة، وربما كان ابو المعاطي متعاطفا معي الامر هذا لانه مثلي عاش الحدث ذاك بخوف ووجس،ولقد اجدت في الوصف هنا وكانت اللغة متينة وقوية ومسبوكة بحرفنة، والحدث الاساسي في القصة لم يفقد توازنه بل استمر على وتيرة ونسق انسيابي متناسق، وجاءت الاستحضارات التي داهمت ذهن ابو المعاطي كصحوة للانا الداخلية له، في خضم الانا الاخرى التي واجهت العياني من الامر،قبل ان تمتزج بالانا الداخلية لتعيشا معا حالة رعب حقيقة جراء احداث صنعتهما باديها،ولقد اجدت في ابراز كنه الانا هذه في لحظات الخوف التي ربما هي الاقرب في فك عقدة الذاتن وفضح شفيرتها من اجل الافصاح عن مكنوناتها الداخلية،وهذا ما حدث بالضبط مع ابو المعاطي حيث اجبره الخوف من يستعيد تلك المكنونات التي ربما لم يكن ليخرجها لاحد، لكن الخوف اخرجها..ولقد لفت انتباهي النهاية التي جاءت تضيف قوة اضافية للنص من حيث الصياغة والفكرة، لان التوقع العادي كان سيقودنا الى ان ابو المعاطي انما بعد تعديه لمرحلة الخوف هذه وصل لقناعة اعطاء الحق لاصحابه، لكن دخول الضمير في سبات عمق حرف النص عن مساره العادي وقادنا الى نهاية اخرى، ربما جعلتنا نعي بان الخوف انما يعمر القلب بالرحمة في لحظته تلك وقلما نجد من يستمر بالرحمة من بعده.
دمت بالق
محبتي لك
جوتيار
الصديق العزيز / جوتيار 000
فليسوف الواحة وحكيمها
كعهدنا بك دائماً 00قراءة واعية تزيد النص ثراءً
وأراء ورؤي فلسفية ربما لم ترد علي بال الكاتب
ساعة الكتابة
دمت محب

الشربينى خطاب
26-06-2007, 06:39 AM
الشربيني..الرائع..
لقد اصابني الخوف في البداية لمَ ظننت ان النص ربما يكون مستفيظا بحالات الفزع والخوف التي تراودنا كلما شعرنا او قرأنا شيئا يمس الخوف بعينه،وجاءت الاحداث تبرر الخوف ذاك، فالظلمة ربما تكون فال شر عند الكثيرين، وهذا ما جعلني اشعر برغبة هولاء في تبرير الصاق الشر بالظلمة، وربما كان ابو المعاطي متعاطفا معي الامر هذا لانه مثلي عاش الحدث ذاك بخوف ووجس،ولقد اجدت في الوصف هنا وكانت اللغة متينة وقوية ومسبوكة بحرفنة، والحدث الاساسي في القصة لم يفقد توازنه بل استمر على وتيرة ونسق انسيابي متناسق، وجاءت الاستحضارات التي داهمت ذهن ابو المعاطي كصحوة للانا الداخلية له، في خضم الانا الاخرى التي واجهت العياني من الامر،قبل ان تمتزج بالانا الداخلية لتعيشا معا حالة رعب حقيقة جراء احداث صنعتهما باديها،ولقد اجدت في ابراز كنه الانا هذه في لحظات الخوف التي ربما هي الاقرب في فك عقدة الذاتن وفضح شفيرتها من اجل الافصاح عن مكنوناتها الداخلية،وهذا ما حدث بالضبط مع ابو المعاطي حيث اجبره الخوف من يستعيد تلك المكنونات التي ربما لم يكن ليخرجها لاحد، لكن الخوف اخرجها..ولقد لفت انتباهي النهاية التي جاءت تضيف قوة اضافية للنص من حيث الصياغة والفكرة، لان التوقع العادي كان سيقودنا الى ان ابو المعاطي انما بعد تعديه لمرحلة الخوف هذه وصل لقناعة اعطاء الحق لاصحابه، لكن دخول الضمير في سبات عمق حرف النص عن مساره العادي وقادنا الى نهاية اخرى، ربما جعلتنا نعي بان الخوف انما يعمر القلب بالرحمة في لحظته تلك وقلما نجد من يستمر بالرحمة من بعده.
دمت بالق
محبتي لك
جوتيار
الصديق العزيز / جوتيار 000
فليسوف الواحة وحكيمها
كعهدنا بك دائماً 00قراءة واعية تزيد النص ثراءً
وأراء ورؤي فلسفية ربما لم ترد علي بال الكاتب
ساعة الكتابة
دمت محب

خليل حلاوجي
27-06-2007, 10:00 AM
الاخ الشربيني العملاق

والله اشتاق لحرفك الباهر دوما َ

اخي الحبيب
يقول ابن المقفع في كتابه كليلة ودمنة:خمس أشياء لابقاء لها:ظل غمامة الصيف، وعشق النساء، ومصادقة الأشرار، والنبأ الكاذب، والمال الكثير.
وذكر عالم النفس (فرانكل) في كتابه (الإنسان يبحث عن المعنى)، أن (فرط النية) يبدد العمل، فإذا أراد أحدنا الوصول الى شيء بحرص أكثر من اللازم، أضاعه من يده.



\

نص ثري