بندر الصاعدي
20-08-2003, 06:24 PM
هجرناها الجبالَ الشاهقاتِ=وآثرنا المباني الناطحاتِ
ورحّلنا الجمالَ بلا خطامٍ=لتجهشَ من أزيزِ الطائراتِ
وروّينا المياهَ بفيهِ نكرٍ =وعطّشنا أكفَّ المعصراتِ
وأنزلنا الكلابَ قصورَ ملكٍ=تصوّتُ بالفصاحةِ للفلاةِ
وأسبلْنَا الرزايا هيتَ ستراً =فسرنا بالثيابِ العارياتِ
أ جدّي كيفَ أنت اليومَ جدّي؟!=وشتّانَ السماتُ من السماتِ
أ تهذي بالبداوةِ في بلادٍ=صباياها يسرنَ بلا عباةِ
أتفخرُ بالمجالسِ يومَ كانتْ=حديثَ تقىً وأخبارَ الرواةِ
تحنُّ لقهوةٍ ونزولَ ضيفٍ=ونفحَ ربىً وأحوالَ الرعاةِ
تحدّثني وقد أرداكَ دهرٌ=ولم تبقِ السنونَ سوى النواةِ
أ جدّي متْ ودعنا في حياةٍ=يطيبُ العيشُ فيها بالمماتِ
هوى النَّفْسِ استحلَّ فتورَ لبٍّ=ونوّمَ أصغرينا في سباتِ
وكأسُ اللهوِ يصحو حين يغفو=فتىً بلغَ الهوى بالغانياتِ
إذا ما أسفرَ الإصباحُ نامتْ=عيونٌ في سريرِ المدْنِسَاتِ
وتشخيرُ الأنوفِ طوى بيومٍ=ليمُسى والصباحُ بلا جهاتِ
وعَيْنا حيثُ كان الجهلُ ثدياً=رضعنا فارتوى عودُ العداةِ
وصبَّ الخوفُ في دمنا خضوعاً=لحكّامِ الدناءةِ والغزاةِ
تغذّينا بنهشِ لحومِ بعضٍ=ليقوى خلفَنَا نابُ الطغاةِ
أبي إنَّ الفتوّة في زماني=بهتك العرضِ أو صيدِ البناتِ
وإنَّ سيادةَ الأقوامِ صارتْ=لمنْ في محفلٍ يزجي الهباتِ
فلا تسألْ عن الأخلاقِ فينا=وهلْ نبقيْ النوايا الطيّباتِ
ولا ترسلْ إلى الجيرانِ زاداً=فأينَ جموعهم حينَ الصلاةِ
أبي إنّ النفوس بخاضعاتٍ= وليستَ بالنفوسِ الشامخاتِ
فهذا غاصَ في الشهواتٍ عهراً=وذا بالفكرِ ولّى في شتاتِ
وتلكَ تريدُ تسويةً لحقٍ=متى كان الفتى مثلَ الفتاةِ ؟
وطلّابُ المدارس باجتهادٍ=ودمجُ معلمٍ بمعلّماتِ
لتحصيلَ الدراهمِ دونَ علمٍ=وتأبيدَ العلوم الخيّراتِ
ملأنا الدارَ نقشاً ثمَّ فرشاً=وسفرُ العلمِ يشكو المكتباتِ
وألبسنا الزمانَ رداء مالٍ=فجازانا بأفئدةٍ عراةِ
وأوكلنا السيوفَ أكفَّ رقصٍ=أكفَّ شواربٍ لا الراقصاتِ
وأذنبَ من يخافُ الذنبَ دوماً=بتأثيرٍ ومن جلِّ العصاةِ
نغضُّ الطرفَ عن ذكرِ المنايا=فتدهسنا بأقدامٍ حفاةِ
ونرجو طول عمرٍ كيف كانتْ=حياةُ المرءِ في نومٍ سباتِ
إذا ما كان منّا صاعداتٌ=فكيفَ نقيْ سهامَ النازلاتِ!
أبي دعنا نعشْ أنْ ثمّ عيشٌ=أبي لا تسألنَّ عنِ الحياةِ
إذا الجدباءُ شحَّ الغيثُ عنّها=فلا تأملْ وجوداً للنّباتِ
ورحّلنا الجمالَ بلا خطامٍ=لتجهشَ من أزيزِ الطائراتِ
وروّينا المياهَ بفيهِ نكرٍ =وعطّشنا أكفَّ المعصراتِ
وأنزلنا الكلابَ قصورَ ملكٍ=تصوّتُ بالفصاحةِ للفلاةِ
وأسبلْنَا الرزايا هيتَ ستراً =فسرنا بالثيابِ العارياتِ
أ جدّي كيفَ أنت اليومَ جدّي؟!=وشتّانَ السماتُ من السماتِ
أ تهذي بالبداوةِ في بلادٍ=صباياها يسرنَ بلا عباةِ
أتفخرُ بالمجالسِ يومَ كانتْ=حديثَ تقىً وأخبارَ الرواةِ
تحنُّ لقهوةٍ ونزولَ ضيفٍ=ونفحَ ربىً وأحوالَ الرعاةِ
تحدّثني وقد أرداكَ دهرٌ=ولم تبقِ السنونَ سوى النواةِ
أ جدّي متْ ودعنا في حياةٍ=يطيبُ العيشُ فيها بالمماتِ
هوى النَّفْسِ استحلَّ فتورَ لبٍّ=ونوّمَ أصغرينا في سباتِ
وكأسُ اللهوِ يصحو حين يغفو=فتىً بلغَ الهوى بالغانياتِ
إذا ما أسفرَ الإصباحُ نامتْ=عيونٌ في سريرِ المدْنِسَاتِ
وتشخيرُ الأنوفِ طوى بيومٍ=ليمُسى والصباحُ بلا جهاتِ
وعَيْنا حيثُ كان الجهلُ ثدياً=رضعنا فارتوى عودُ العداةِ
وصبَّ الخوفُ في دمنا خضوعاً=لحكّامِ الدناءةِ والغزاةِ
تغذّينا بنهشِ لحومِ بعضٍ=ليقوى خلفَنَا نابُ الطغاةِ
أبي إنَّ الفتوّة في زماني=بهتك العرضِ أو صيدِ البناتِ
وإنَّ سيادةَ الأقوامِ صارتْ=لمنْ في محفلٍ يزجي الهباتِ
فلا تسألْ عن الأخلاقِ فينا=وهلْ نبقيْ النوايا الطيّباتِ
ولا ترسلْ إلى الجيرانِ زاداً=فأينَ جموعهم حينَ الصلاةِ
أبي إنّ النفوس بخاضعاتٍ= وليستَ بالنفوسِ الشامخاتِ
فهذا غاصَ في الشهواتٍ عهراً=وذا بالفكرِ ولّى في شتاتِ
وتلكَ تريدُ تسويةً لحقٍ=متى كان الفتى مثلَ الفتاةِ ؟
وطلّابُ المدارس باجتهادٍ=ودمجُ معلمٍ بمعلّماتِ
لتحصيلَ الدراهمِ دونَ علمٍ=وتأبيدَ العلوم الخيّراتِ
ملأنا الدارَ نقشاً ثمَّ فرشاً=وسفرُ العلمِ يشكو المكتباتِ
وألبسنا الزمانَ رداء مالٍ=فجازانا بأفئدةٍ عراةِ
وأوكلنا السيوفَ أكفَّ رقصٍ=أكفَّ شواربٍ لا الراقصاتِ
وأذنبَ من يخافُ الذنبَ دوماً=بتأثيرٍ ومن جلِّ العصاةِ
نغضُّ الطرفَ عن ذكرِ المنايا=فتدهسنا بأقدامٍ حفاةِ
ونرجو طول عمرٍ كيف كانتْ=حياةُ المرءِ في نومٍ سباتِ
إذا ما كان منّا صاعداتٌ=فكيفَ نقيْ سهامَ النازلاتِ!
أبي دعنا نعشْ أنْ ثمّ عيشٌ=أبي لا تسألنَّ عنِ الحياةِ
إذا الجدباءُ شحَّ الغيثُ عنّها=فلا تأملْ وجوداً للنّباتِ