مشاهدة النسخة كاملة : وجع الفراق...إلى أختي
راضي الضميري
14-06-2007, 12:08 AM
إلى أختي...
رأيتك الليلة في منامي ترتدين ثوبًا أسودًا ، فأستيقظت مذعورًا لأتفحص جرح الفراق النازف ، فإذا به وقد تحول لونه إلى سواد قاتم ، فخشيت من أن تكون نهايتي قد اقتربت .
ماذا أفعل...؟
بقيت طوال الليل مذعورًا أنظر إلى نفسي في المرآة ، ماذا أفعل ؟ أريد أن أراك قبل الرحيل ، أريد أنْ أودعك، وأن أعتذر لكِ عن أشياءٍ كثيرة ، عن كل لحظة ألم سببتها لكِ وأنا بعيدًا عنكِ ، أردت أن يكون وجهك البريء آخر ما يعانق بصري ، أردت أن تكون كلماتك الطيبة وروحك الجميلة آخر مودعٍ لي ، لكنني لا أستطيع المسير ، ومسافات كبيرة تحول بيني وبينك ، وأخشى أنه لم يعد هناك أي أمل بلقاء ، ولم يعد هناك متسع من الوقت لكي ألملم أشلائي وأنتفض ثائرًا على جرحي ، لأهرع إليك مودعًا ..
لذا رأيت أن أودعك بكلمات ليست كالكلمات ،كلمات كتبتها بحبر دمي ، نثرت فيها آخر ما تبقى في جعبتي ، كلمات تتحدث عن أشياءٍ كثيرة كنت أود لو قلتها لكِ منذ زمنٍ بعيد...
هل تذكرين أيامنا الماضية ، كم كانت جميلة ، كيف كنا نلهو ونلعب تحت أشجار الزيتون ، مرتع الطفولة ومخزن الذكريات الكبير ، نلعب الغميضة ، نتراكض خلف بعضنا البعض ، فرحين بدنيا لم نكن نعلم ما تخبئه لنا من أحزان ، وفواجع الفراق ، وألم الحنين ، وبرد الوحدة الذي مزق ما تبقى من قلوبنا التي عصرها الهم والحزن بعيدًا عن أحبتنا، لنجد انفسنا وبعدَ هذا العمر في غميضة كبيرة ، تائهين في بلاد الغربة والمنفى ، فصلت بيننا الجغرافيا ولم يرحمنا التاريخ ، تهنا في بلاد الله الواسعة ، وأثقلت كاهلنا آمالنا الكبيرة وأحلامنا الصغيرة والتي لم تكن يومًا مستحيلة ، أرهقتنا سنيين الغربة والمنفى، وذبنا من نار شوقٍ إرتفعت حرارتها تسعة وخمسون درجة على مقياس وجع الفراق ، لتصيب من القلب مقتلاً ، فلا تبقي ولا تذر إلا من رحمه ربي فصبر.
تأخذني الذكريات بعيدًا ، وما زلت أذكر كيفَ كنتِ معي ، وكيف كنتِ تؤثريني على نفسك ، تعطيني بلا حدود ودون انتظار المقابل ، كان كل ما يهمك أن أكون ناجحًا في حياتي ، تفرحين لفرحي ، وتحزنين لحزني ، تنظرين في عينيّ كعالم روحاني فتعرفين ما بي ، تستكشفين أسراري فأعجز عن إخفاء ما بداخلي ، أحاول أن أصمد فلا أبوح بما في داخلي ، لكنني كنتُ أفشل ، وكأني أعاند نفسي أجبرها على السكوت وأنا القادم أصلاً لأبوح لكِ بما يعتمر في قلبي ، فعندك كنتُ أجدُ الدواء والبلسم الذي يشفي حزني وحيرتي وكل ما يصيبني .
وها أنا الآن بعيدٌ عنكِ ، سارحًا في غربتي القسرية ، وها أنتِ الآن بعيدة عني ، تقطنين في وطن التعب ، وتسكنين في جراح أمةٍ أبت إلا أن تعيد مشاهد داحس والغبراء ، فلم ترحم نفسها ، وبدلاً من انتظار عودة طائر الفينيق ، الذي طالت غيبته ، إستنسخت و في إصرار كبير على تمسكها بمصاحلها الفانية بسوس أخرى ، بسوس عشعشت في ذاكرة عقول مريضة ، رضيت أن تأكل نفسها كعشاءٍ أخير ، أو كبجعة ترقص رقصتها الأخيرة ، تدور وتدور حول نفسها في حلقة مفرغة ، تنتظر سقوطها الأخير ، ولهذا فأنا أخشى عليكِ من قلوب لم تعد تعرف الرحمة ، ولم يعد يعنيها شأن أناسٍ ما زالوا صامدين ، وأناس رحلوا بكبرياءٍ شامخ رافضين الذل ، مقاومين ومجاهدين، رفضوا الإنصياع لقوانين قطاع الطرق ، فماتوا وهم على ذلك، وأنا أخشى عليكِ أن يصيبك بيدِ بني جلدتنا ما يدمع مآقينا ويدمي قلوبنا ثمَ لا نجد له عزاءً مقنعًا ما حيينا.
يا صاحبة القلب الكبير...
أنتِ أجمل شيء في حياتي ، فأنتِ الأخت الحنونة والأم الطيبة والصديقة الوفية ، والإبنة الغالية، وكنتِ دائمًا إلى جانبي صاحبة المواقف الكثيرة والكبيرة ، وكنتِ الصدر الحنون الذي يبثُ الدفء في عالمي القطبي المتجمد ، و كم كانت حياتي ستكون تعيسة لو لا أنك كنتِ جزءً أصيلاً منها ، لقد كنتِ كل شيء جميل في عالمي الذي فقدْ كل شيء إلا أنتِ.
كوني بخير يا أختاه ، كوني بخير ...
مأمون المغازي
14-06-2007, 12:37 AM
الأستاذ الأديب : راضي الضميري ،
رسالة شوق مشحونة بالشجن ، بنيت على بساطة التصوير ، صورها تلقائية تدل على ثقافة واسعة ، وفكر متأمل ، وعاطفة فياضة .
أديبنا ،
أتراك بالحلم مأخوذ نحو الخوف ، تنسج مفازة البعد الفاصلة بين الأحبة ، وقد قضى البعد بينهما بالفراق ؟ أتراك حشدت أطياف البعد مراكب حزن في لجة السواد السرمدي الذي لا فنار هاديه ، ولا جزيرة أمل في حضن الموج تحتويه ؟
أتراك راجعت الزمان في لحظة تأجج الفقد وقد كنت عنه لاهيًا ؟
هكذا نحن يا أديبنا لا نبحث عن دواء لما بنا من وجع إلا لحظة الصرخة ، حين ينحشر التاريخ في ذاكرتنا وتكبل الصرخة في الحناجر ، ونحتاج لحضن الأحبة .
أتعرف أيها المصبر قلبه برسالة حملها دمعة من بحر منحبس ؟ كنت قد كتبت ذات ألم رسالة ، لكنها من نوع آخر ، إنها رسالة للقدر ، أشكوه إليه ، لكنني حين استقبلت رده علي ، عذرته ، فما أقسانا على أنفسنا ، وما أقسانا على من نحب .
أديبنا المتألق ،
كنت رائعًا
محبتي واحترامي
مأمون
عطاف سالم
14-06-2007, 05:17 AM
نص نثري مؤثر للغاية من أول البوح حيث بدا وكأنه ذوب شموع وقطر أفئدة اعتصرت ألما وحزنا ..
لقد طار بنا النص على جناح من التحنان المغرورق شجنا .. السارح ولها .. المتشرب وجعا ..
تحية تقدير وإعزاز لك أستاذ / راضي الضميري
لقد أمتعت وأوجعت بنصك هذا
حتى لكأننا كنا نعيش ذات الهم .. وذات الألم
وهذه المشاركة لاتأتي حتما إلا من اتقان وحبكة وتصوير وبلاغة ..
فلك كل الشكر
ودمت بكل خير ومحبة وسلام
أختك / عطاف
وفاء شوكت خضر
14-06-2007, 11:08 AM
الأديب راضي الضميري ..
باتت الغربة كابوسا يسكن صحونا ومنامنا ، شبح يلبس النهار السواد ، ويبث الأوهام والرعب في ليالينا ، وأبت نفسك إلا تكلما بهذا الخوف والألم الذي سكنها .
سيقيتنا الألم كأسا مترعة ، فمن منا ليس في غربة ، ومن منا لا يرى ما ترى من مرارة الفقد ، ولم تشرده المشافات على بقاع الألم ، يتسلل عبر حدود الشوق الشائكة ، في حلم يضم به الأحباب إلى صدر ضج بالحنين ..
نص أدبي يجيش بمشاعر الغربة والشوق والألم ، خطه يراعك بإتقان ، حتى سكنت كلماته الحنايا منا .
دمت بألق وسعادة ..
جوتيار تمر
14-06-2007, 01:09 PM
راضي الضميري..
ربما ابتعد اليوم عن الغوص في معانيك...
لانك بنصك هذا اثرت في رغبة للعودة الى الوراء القريب..
حيث كنت ذات يوم اهيم حبا بقصيدة قرأتها وتمنيت لو اني امتلك ملكة الحفظ لاحفظها
للشاعر الكبير بلند الحيدري..
بعنوان وجه اختي..وجه امتي..
اهديك هنا مقطعا منها لعلها تتكلم عني..
اختاه
لو علقت شفاهي
لسكت مثلك مانقطت بغير آه
اذكي بها ألم الرجال العائشين بلا جياه
اختاه
أضنتك الطريق
أضنتك عين لاتنام وألف عين لاتفيق
وتعلت
اذ أيقنت ان الدروب يوغل في المتاه
يلتف حول دخينة
ويضيع في عتمة القماهي
تطويه خيبة يأس
وتمطه ضحكات لاه
وسكت يا أختاه
مثل الموت..لكن
لم تموتي
ولن تموتي
وغدي سيبعث منك يا أختاه
من دمك الصموت
من نبض قلبك وهو يصرخ
حيث يمعن في السكوت
لا..لم تموتي
ولن تموتي
مادام حرف اخضر يومي,,وشمس تولد
مادام في الدنيا غد
بلند الحيدري/ وجه اختي..وجه امتي
محبتي لك تعلمها
جوتيار
حوراء آل بورنو
14-06-2007, 04:52 PM
ذكرّتني بمن لا أنساها ؛ شقيقة و رفيقة غادرتني و خلفتني وراءها ... . يرحمها ربي رحمة تسع السماوات و الأرض .
قد تلتصق أرواحنا ببعض من التقينا بهم على قارعة الدنيا فيصعب الانفصال ، لكن الالتصاق بذي الرحم لا انفصال فيه و لا منه ، و يبقى الحنين حياً ما ارتجف النبض في المضغ ... !
الأديب الأصيل يعرف من صدق حرفه ، و لا ريب أنك أديب أصيل صدقاً و جمال حس .
تقديري .
نور سمحان
14-06-2007, 10:10 PM
أيها الأديب الرائع
حرفك المعتق بصدقك تسلل إلى خباياي
صدقا ابدعت
نص راق
تحياتي لك وتقديري لجميل حرفك
حنان الاغا
15-06-2007, 12:03 PM
حقيقة أنها رسالة ألبستها مزيدا من الجمال ومزيدا من الصدق الذي ينبعث من كل حرف
رسالة إلى الأخت البعيدة جغرافيا والقريبة لصق القلب وجدانيا ، تحمل كل تفاصيل الحياة وذكريات مرت
بحلوها ومرها
ببراءتها وعنفوانها
لا تشوبها إلا شائبة الفراق المادي والروحي ومخاوف الآتي المحتمل.
راضي الضميري
مؤثر ما نثرت
جميل ومؤلم
عذرا :
أسودا - أسودَ ممنوع من الصرف
أيضا بعض همزات القطع زيدت لبعض الأفعال
تقبل مودتي الصادقة
خليل حلاوجي
15-06-2007, 12:44 PM
اخرستني عباراتك .... ايها الصادق وجعه
وأدمت سطورك شغاف فؤادي ....
لاعدمتك ... ايها الاديب
احمد القزلي
15-06-2007, 02:31 PM
إلى أختي...
رأيتك الليلة في منامي ترتدين ثوبًا أسودًا ، فأستيقظت مذعورًا لأتفحص جرح الفراق النازف ، فإذا به وقد تحول لونه إلى سواد قاتم ، فخشيت من أن تكون نهايتي قد اقتربت .
ماذا أفعل...؟
بقيت طوال الليل مذعورًا أنظر إلى نفسي في المرآة ، ماذا أفعل ؟ أريد أن أراك قبل الرحيل ، أريد أنْ أودعك، وأن أعتذر لكِ عن أشياءٍ كثيرة ، عن كل لحظة ألم سببتها لكِ وأنا بعيدًا عنكِ ، أردت أن يكون وجهك البريء آخر ما يعانق بصري ، أردت أن تكون كلماتك الطيبة وروحك الجميلة آخر مودعٍ لي ، لكنني لا أستطيع المسير ، ومسافات كبيرة تحول بيني وبينك ، وأخشى أنه لم يعد هناك أي أمل بلقاء ، ولم يعد هناك متسع من الوقت لكي ألملم أشلائي وأنتفض ثائرًا على جرحي ، لأهرع إليك مودعًا ..
لذا رأيت أن أودعك بكلمات ليست كالكلمات ،كلمات كتبتها بحبر دمي ، نثرت فيها آخر ما تبقى في جعبتي ، كلمات تتحدث عن أشياءٍ كثيرة كنت أود لو قلتها لكِ منذ زمنٍ بعيد...
هل تذكرين أيامنا الماضية ، كم كانت جميلة ، كيف كنا نلهو ونلعب تحت أشجار الزيتون ، مرتع الطفولة ومخزن الذكريات الكبير ، نلعب الغميضة ، نتراكض خلف بعضنا البعض ، فرحين بدنيا لم نكن نعلم ما تخبئه لنا من أحزان ، وفواجع الفراق ، وألم الحنين ، وبرد الوحدة الذي مزق ما تبقى من قلوبنا التي عصرها الهم والحزن بعيدًا عن أحبتنا، لنجد انفسنا وبعدَ هذا العمر في غميضة كبيرة ، تائهين في بلاد الغربة والمنفى ، فصلت بيننا الجغرافيا ولم يرحمنا التاريخ ، تهنا في بلاد الله الواسعة ، وأثقلت كاهلنا آمالنا الكبيرة وأحلامنا الصغيرة والتي لم تكن يومًا مستحيلة ، أرهقتنا سنيين الغربة والمنفى، وذبنا من نار شوقٍ إرتفعت حرارتها تسعة وخمسون درجة على مقياس وجع الفراق ، لتصيب من القلب مقتلاً ، فلا تبقي ولا تذر إلا من رحمه ربي فصبر.
تأخذني الذكريات بعيدًا ، وما زلت أذكر كيفَ كنتِ معي ، وكيف كنتِ تؤثريني على نفسك ، تعطيني بلا حدود ودون انتظار المقابل ، كان كل ما يهمك أن أكون ناجحًا في حياتي ، تفرحين لفرحي ، وتحزنين لحزني ، تنظرين في عينيّ كعالم روحاني فتعرفين ما بي ، تستكشفين أسراري فأعجز عن إخفاء ما بداخلي ، أحاول أن أصمد فلا أبوح بما في داخلي ، لكنني كنتُ أفشل ، وكأني أعاند نفسي أجبرها على السكوت وأنا القادم أصلاً لأبوح لكِ بما يعتمر في قلبي ، فعندك كنتُ أجدُ الدواء والبلسم الذي يشفي حزني وحيرتي وكل ما يصيبني .
وها أنا الآن بعيدٌ عنكِ ، سارحًا في غربتي القسرية ، وها أنتِ الآن بعيدة عني ، تقطنين في وطن التعب ، وتسكنين في جراح أمةٍ أبت إلا أن تعيد مشاهد داحس والغبراء ، فلم ترحم نفسها ، وبدلاً من انتظار عودة طائر الفينيق ، الذي طالت غيبته ، إستنسخت و في إصرار كبير على تمسكها بمصاحلها الفانية بسوس أخرى ، بسوس عشعشت في ذاكرة عقول مريضة ، رضيت أن تأكل نفسها كعشاءٍ أخير ، أو كبجعة ترقص رقصتها الأخيرة ، تدور وتدور حول نفسها في حلقة مفرغة ، تنتظر سقوطها الأخير ، ولهذا فأنا أخشى عليكِ من قلوب لم تعد تعرف الرحمة ، ولم يعد يعنيها شأن أناسٍ ما زالوا صامدين ، وأناس رحلوا بكبرياءٍ شامخ رافضين الذل ، مقاومين ومجاهدين، رفضوا الإنصياع لقوانين قطاع الطرق ، فماتوا وهم على ذلك، وأنا أخشى عليكِ أن يصيبك بيدِ بني جلدتنا ما يدمع مآقينا ويدمي قلوبنا ثمَ لا نجد له عزاءً مقنعًا ما حيينا.
يا صاحبة القلب الكبير...
أنتِ أجمل شيء في حياتي ، فأنتِ الأخت الحنونة والأم الطيبة والصديقة الوفية ، والإبنة الغالية، وكنتِ دائمًا إلى جانبي صاحبة المواقف الكثيرة والكبيرة ، وكنتِ الصدر الحنون الذي يبثُ الدفء في عالمي القطبي المتجمد ، و كم كانت حياتي ستكون تعيسة لو لا أنك كنتِ جزءً أصيلاً منها ، لقد كنتِ كل شيء جميل في عالمي الذي فقدْ كل شيء إلا أنتِ.
كوني بخير يا أختاه ، كوني بخير ...
..اخي راضي..كم هو مذهل في زمن ما بعد العولمة مشاعرنا الاخوية ..في ظلال تنحي فتحة الانف عن اختها..و غدر شحمة الاذن للطبلة ..اتمنى ان يجمكم اله بكل الخير ..لان البعد لظى ..و لان الذي غاب حزين ..يعاني السوسن..
حسنية تدركيت
15-06-2007, 03:05 PM
أخي راضي الضميري , يسعدني جدا أقرأ لك دائما أجد متعة, وصدق وجمال لاينتهي بين حرفك ..
فجزاك ربي الجنة على هذا الابداع الرائع , وتقبل أخي تحياتي الأخوية ودعوة بظهر الغيب أن يسعدك ربي ويحفظك ....
راضي الضميري
16-06-2007, 08:09 PM
الأستاذ الأديب : راضي الضميري ،
رسالة شوق مشحونة بالشجن ، بنيت على بساطة التصوير ، صورها تلقائية تدل على ثقافة واسعة ، وفكر متأمل ، وعاطفة فياضة .
أديبنا ،
أتراك بالحلم مأخوذ نحو الخوف ، تنسج مفازة البعد الفاصلة بين الأحبة ، وقد قضى البعد بينهما بالفراق ؟ أتراك حشدت أطياف البعد مراكب حزن في لجة السواد السرمدي الذي لا فنار هاديه ، ولا جزيرة أمل في حضن الموج تحتويه ؟
أتراك راجعت الزمان في لحظة تأجج الفقد وقد كنت عنه لاهيًا ؟
هكذا نحن يا أديبنا لا نبحث عن دواء لما بنا من وجع إلا لحظة الصرخة ، حين ينحشر التاريخ في ذاكرتنا وتكبل الصرخة في الحناجر ، ونحتاج لحضن الأحبة .
أتعرف أيها المصبر قلبه برسالة حملها دمعة من بحر منحبس ؟ كنت قد كتبت ذات ألم رسالة ، لكنها من نوع آخر ، إنها رسالة للقدر ، أشكوه إليه ، لكنني حين استقبلت رده علي ، عذرته ، فما أقسانا على أنفسنا ، وما أقسانا على من نحب .
أديبنا المتألق ،
كنت رائعًا
محبتي واحترامي
مأمون
عدتُ ذات مساء حزين ، صاحبه ليل طويل ، غابَ عنه القمر ، عدتُ إلى ذاكرتي المتعبة ، أستجديها لكي تترفق ببقايا نبضٍ أعرج ، أرهقه تعب الفراق ونزيف حلم جميل بلقاء يعيد الحياة لقلوبنا المتعبة.
راجعت الزمان في لحظة موجة صقيع ، عصفت بأشجار النخيل ، ومزقت سنابل القمح ، وخلفت وراءها جحيمًا ليس كأي جحيم ، رأيت فيه التاريخ يئن تحت سياط رعاة البقر ، والجغرافيا بكت بُعدْ المسافات ، ولا شيء يخفف من عتمة ظلام هذا الليل الطويل ، إلا عبق ذكرى الأحباب ، وحفنة تراب من أرض العشق ومرتع الطفولة .
أيها الأديب الرائع مأمون المغازي
من يمتلك قلمًا كبيرًا مثل قلمك ، يعجز من هو مثلي عن شكرك ، ومجاراتك في قدرتك على سبر أغوار قلوبنا ، وما بين سطورنا المتواضعة ، والتي أرهقها الحنين لقلوب طيبة كطيبة قلبك.
كن بخير
راضي الضميري
17-06-2007, 02:46 PM
نص نثري مؤثر للغاية من أول البوح حيث بدا وكأنه ذوب شموع وقطر أفئدة اعتصرت ألما وحزنا ..
لقد طار بنا النص على جناح من التحنان المغرورق شجنا .. السارح ولها .. المتشرب وجعا ..
تحية تقدير وإعزاز لك أستاذ / راضي الضميري
لقد أمتعت وأوجعت بنصك هذا
حتى لكأننا كنا نعيش ذات الهم .. وذات الألم
وهذه المشاركة لاتأتي حتما إلا من اتقان وحبكة وتصوير وبلاغة ..
فلك كل الشكر
ودمت بكل خير ومحبة وسلام
أختك / عطاف
نحن أبناء الضاد ، حلمنا واحد وجرحنا واحد ، ومهما ابتعدت بنا المسافات وفرقت بيننا الجغرافيا ، تبقى أرواحنا مجتمعة تشدو أغنيات شوق للوطن وللأحبة ، وترتل أناشيد العودة ، نغذي الأمل بالأمل ، نسير على أرصفة الألم ننتظر بزوغ فجرٍ جديد يعيد البسمة لوجوه أبناء هذا الوطن الكبير من البحر إلى البحر ... سر يا بني وضمد أشواقك بعطر أمك ، وحنان أختك وعطف أخيك ، لا تلتفت إلى الوراء ، فغدًا يوم آخر ، ولا تدع اليأس يحتويك حتى لا ينفجر فيك لهفة الشوق إلى الحبيب ، ويصرخ فيك : لماذا تركت الحلم وحيدًا...
أيتها الأديبة الراقية عطاف السماوي
أشكر لكِ مرورك العطر ودمت بخير وبحفظ الله.
تقبلي تحيات أخيك
راضي
راضي الضميري
18-06-2007, 05:10 PM
الأديب راضي الضميري ..
باتت الغربة كابوسا يسكن صحونا ومنامنا ، شبح يلبس النهار السواد ، ويبث الأوهام والرعب في ليالينا ، وأبت نفسك إلا تكلما بهذا الخوف والألم الذي سكنها .
سيقيتنا الألم كأسا مترعة ، فمن منا ليس في غربة ، ومن منا لا يرى ما ترى من مرارة الفقد ، ولم تشرده المشافات على بقاع الألم ، يتسلل عبر حدود الشوق الشائكة ، في حلم يضم به الأحباب إلى صدر ضج بالحنين ..
نص أدبي يجيش بمشاعر الغربة والشوق والألم ، خطه يراعك بإتقان ، حتى سكنت كلماته الحنايا منا .
دمت بألق وسعادة ..
والحزن لا ينتهي ، هكذا نجد أنفسنا محاطين بكابوس الفراق ، ومشاعر القلق على أحبتنا تدمي قلوبنا ، وثمة مسرحية تدور حاليًا تحكي عن أقوام يمارسون الإنتحار الجماعي ، كما لو أنهم يمارسون إحدى طرق طقوس الشعوذة ، في محاولة منهم لإكتشاف مرحلة ما بعد الضياع ، والضحايا هم الأبرياء ، من أهلنا القابعين تحت نير الإحتلال ، وسطوة ثلة من اللصوص وقطاع الطرق، ثم نحاول البحث عن المشكلة لنجد لها حلاً ، فنجد أن أزمة الإنسان العربي ، تكمن في الإنسان العربي.
غربتنا ليس كأية غربة ، غربتنا مشحونة بمشاهد الموت العبثي التي تؤرق حتى جفون الحجارة ، فتكاد تلين ويصبح لها عواطف ، وقد تبكي فينزل منها ماءً عذبًا ليروي قلوب عطشى، ألم يقل رب العزة عنها (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَِ) البقرة آية 74
كيف يمكن أن نتحمل قسوة الغربة ومشاهد الموت في ديار الأحبة ، وبين مطرقة الغربة وسندان الخوف على من نحبهم ، والخوف والحزن هنا ليس على الأقربين فقط ، بل هو على كل أم وأخت وأخ وأب وجد ، على سائر أبناء قومنا أينما كانوا وأينما حلوا ، على من نعرفهم ومن لا نعرفهم ، فالحزن والجرح يعم الجميع ، ثم نجد أنفسنا عاجزين عن فعل أي شيء ، سوى الدعاء لله سبحانه وتعالى أن يحفظ أهلنا وأمتنا من كل شر وسوء.
وأنتِ أيتها الأخت الفاضلة بمثابة أخت عزيزة ، ويسعدنا أن تكوني دائمًا بخير ، وبكل صدق لم يغب عن بالي ولو للحظة واحدة وأنا أكتب ما كتبت ، شعوري بكِ وبكل الأخوات هنا في هذا الملتقى الطيب ، كأخوات عزيزيات على قلبي ، أخاف عليهم وأشعر بالغربة عنهم كلما إبتعدت قسرًا عن هذا الملتقى.
الأديبة الفاضلة وفاء شوكت خضر
أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يحفظك وأن يديم عليك الصحة والعافية .
تقبلي تحياتي وتقديري
راضي الضميري
23-06-2007, 03:16 PM
راضي الضميري..
ربما ابتعد اليوم عن الغوص في معانيك...
لانك بنصك هذا اثرت في رغبة للعودة الى الوراء القريب..
حيث كنت ذات يوم اهيم حبا بقصيدة قرأتها وتمنيت لو اني امتلك ملكة الحفظ لاحفظها
للشاعر الكبير بلند الحيدري..
بعنوان وجه اختي..وجه امتي..
اهديك هنا مقطعا منها لعلها تتكلم عني..
اختاه
لو علقت شفاهي
لسكت مثلك مانقطت بغير آه
اذكي بها ألم الرجال العائشين بلا جياه
اختاه
أضنتك الطريق
أضنتك عين لاتنام وألف عين لاتفيق
وتعلت
اذ أيقنت ان الدروب يوغل في المتاه
يلتف حول دخينة
ويضيع في عتمة القماهي
تطويه خيبة يأس
وتمطه ضحكات لاه
وسكت يا أختاه
مثل الموت..لكن
لم تموتي
ولن تموتي
وغدي سيبعث منك يا أختاه
من دمك الصموت
من نبض قلبك وهو يصرخ
حيث يمعن في السكوت
لا..لم تموتي
ولن تموتي
مادام حرف اخضر يومي,,وشمس تولد
مادام في الدنيا غد
بلند الحيدري/ وجه اختي..وجه امتي
محبتي لك تعلمها
جوتيار
وجه أختي .. وجه أمتي ، ...
ماذا أقول ...يا جو بعد كل ما قلته أنت.
جوتيار تمر
شكرًا لك.
محبتي لك صادقة .
راضي الضميري
24-06-2007, 10:05 PM
ذكرّتني بمن لا أنساها ؛ شقيقة و رفيقة غادرتني و خلفتني وراءها ... . يرحمها ربي رحمة تسع السماوات و الأرض .
قد تلتصق أرواحنا ببعض من التقينا بهم على قارعة الدنيا فيصعب الانفصال ، لكن الالتصاق بذي الرحم لا انفصال فيه و لا منه ، و يبقى الحنين حياً ما ارتجف النبض في المضغ ... !
الأديب الأصيل يعرف من صدق حرفه ، و لا ريب أنك أديب أصيل صدقاً و جمال حس .
تقديري .
يعجز لساني عن وصف مدى سعادتي بكِ ،كأخت عزيزة وأديبة قديرة ، لها مكانتها وحضورها المتميز في قلوب كل من أحب لغة الضاد ، يا صاحبة الحرف الصادق ، والقلب الكبير .
صادقة الحرف والمعنى ، و حامية حمى اللغة العربية ، أديبتنا القديرة حوراء آل بورنو
تقبلي تحياتي وتقديري
راضي الضميري
28-06-2007, 11:32 AM
أيها الأديب الرائع
حرفك المعتق بصدقك تسلل إلى خباياي
صدقا ابدعت
نص راق
تحياتي لك وتقديري لجميل حرفك
أيتها الأديبة الرائعة والأخت الطيبة نور سمحان
مهما كتبنا فلن نوفي أحبتنا ما لهم من حقوق علينا .
ولأننا نفتقد رؤية الأحبة ، ومنهم أخواتنا ، يأبى القلب إلا أن يخرج عن صمته ، فيتحدث بما يجول في حناياه.
تحياتي لك أيتها الطيبة القلب العزيزة نور.
تحيات أخيك
سحر الليالي
28-06-2007, 01:26 PM
أخي الفاضل "راضي":
رغم تسرب الوجع ..!!
الا انه مترف حد بذخ الترف...!!
سلمتــ ودام نبضكـ
تقبل خالص تقديري وباقة لوتس
راضي الضميري
22-09-2007, 12:35 AM
حقيقة أنها رسالة ألبستها مزيدا من الجمال ومزيدا من الصدق الذي ينبعث من كل حرف
رسالة إلى الأخت البعيدة جغرافيا والقريبة لصق القلب وجدانيا ، تحمل كل تفاصيل الحياة وذكريات مرت
بحلوها ومرها
ببراءتها وعنفوانها
لا تشوبها إلا شائبة الفراق المادي والروحي ومخاوف الآتي المحتمل.
راضي الضميري
مؤثر ما نثرت
جميل ومؤلم
عذرا :
أسودا - أسودَ ممنوع من الصرف
أيضا بعض همزات القطع زيدت لبعض الأفعال
تقبل مودتي الصادقة
الأخت الفاضلة الأديبة الكبيرة حنان الاغا
مهما طال الفراق فلا بد أن يعود الطائر إلى عشه يومًا ما ، وعلى أمل اللقاء نعيش ، متشبثين بالأمل ، وبإيماننا بالله سبحانه وتعالى .
لقد سعدت كثيرًا بمرورك أديبتنا الكبيرة وبملاحظاتك القيمة وأنا شاكر لك .
تقبلي تحياتي وتقديري
أحمد المنصوري
22-09-2007, 04:55 AM
رسالة الأخوة من أجمل الرسائل , لن تفترق مادامت القلوب مع بعضها دام الأخوة
راضي الضميري
17-10-2007, 01:05 AM
اخرستني عباراتك .... ايها الصادق وجعه
وأدمت سطورك شغاف فؤادي ....
لاعدمتك ... ايها الاديب
أخي الحبيب خليل
جرحنا واحد وهمنا واحد ، ونسأل الله الفرج لهذه الأمة .
ما أسعدني بك أيها الخليل العزيز.
تقبل تحياتي وتقديري
هشام عزاس
17-10-2007, 08:00 PM
الموجع الموجوع راضي الضميري
رسالة تحمل مشاعر انسانية راقية رغم الألم و لكن اعذرني بسؤال لما اخترت الدرجة 59 بالذات ؟؟؟
عبارة في النص راقت لي كثيرا في دلالتها و هي : " تقطنين في وطن التعب ، وتسكنين في جراح أمةٍ أبت إلا أن تعيد مشاهد داحس والغبراء ، فلم ترحم نفسها ، وبدلاً من انتظار عودة طائر الفينيق ، الذي طالت غيبته ، إستنسخت و في إصرار كبير على تمسكها بمصاحلها الفانية بسوس أخرى ... "
دمت مبدعا أخي العزيز و حفظ لك أختك الأم الصديقة
هشام
راضي الضميري
18-10-2007, 11:16 PM
..اخي راضي..كم هو مذهل في زمن ما بعد العولمة مشاعرنا الاخوية ..في ظلال تنحي فتحة الانف عن اختها..و غدر شحمة الاذن للطبلة ..اتمنى ان يجمكم اله بكل الخير ..لان البعد لظى ..و لان الذي غاب حزين ..يعاني السوسن..
أخي العزيز أحمد القزلي
سرني وجودك هنا أخي الحبيب ، أهديك كل ازهار السوسن
كل عام وأنت بخير
تحياتي وتقديري
راضي الضميري
18-10-2007, 11:22 PM
أخي راضي الضميري , يسعدني جدا أقرأ لك دائما أجد متعة, وصدق وجمال لاينتهي بين حرفك ..
فجزاك ربي الجنة على هذا الابداع الرائع , وتقبل أخي تحياتي الأخوية ودعوة بظهر الغيب أن يسعدك ربي ويحفظك ....
أختي العزيزة حسنية تدركيت
لك كل الود والتقدير على هذه المشاعر الأخوية والتي أعتز وأفتخر بها .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يسعدك في الدنيا والآخرة
تقبلي تحياتي وتقديري
كل عام وأنتِ بخير
راضي الضميري
18-10-2007, 11:25 PM
أخي الفاضل "راضي":
رغم تسرب الوجع ..!!
الا انه مترف حد بذخ الترف...!!
سلمتــ ودام نبضكـ
تقبل خالص تقديري وباقة لوتس
الأخت الفاضلة سحر الليالي
هل تعلمين كم يسعدني وجودك أيتها الأديبة الراقية ..
سلمت ودام نبضك وكل عام وأنت بخير
تقبلي تحياتي وتقديري
راضي الضميري
18-10-2007, 11:30 PM
رسالة الأخوة من أجمل الرسائل , لن تفترق مادامت القلوب مع بعضها دام الأخوة
الاخ الفاضل أحمد المنصوري
ولن نفترق إن شاء الله تعالى ، ما دام هناك قلب ينبض ، وقلم يكتب
تحياتي وتقديري
كل عام وأنت بألف خير
يسرى علي آل فنه
19-10-2007, 06:27 AM
إلى أختي...
رأيتك الليلة في منامي ترتدين ثوبًا أسودًا ، فأستيقظت مذعورًا لأتفحص جرح الفراق النازف ، فإذا به وقد تحول لونه إلى سواد قاتم ، فخشيت من أن تكون نهايتي قد اقتربت .
ماذا أفعل...؟
بقيت طوال الليل مذعورًا أنظر إلى نفسي في المرآة ، ماذا أفعل ؟ أريد أن أراك قبل الرحيل ، أريد أنْ أودعك، وأن أعتذر لكِ عن أشياءٍ كثيرة ، عن كل لحظة ألم سببتها لكِ وأنا بعيدًا عنكِ ، أردت أن يكون وجهك البريء آخر ما يعانق بصري ، أردت أن تكون كلماتك الطيبة وروحك الجميلة آخر مودعٍ لي ، لكنني لا أستطيع المسير ، ومسافات كبيرة تحول بيني وبينك ، وأخشى أنه لم يعد هناك أي أمل بلقاء ، ولم يعد هناك متسع من الوقت لكي ألملم أشلائي وأنتفض ثائرًا على جرحي ، لأهرع إليك مودعًا ..
لذا رأيت أن أودعك بكلمات ليست كالكلمات ،كلمات كتبتها بحبر دمي ، نثرت فيها آخر ما تبقى في جعبتي ، كلمات تتحدث عن أشياءٍ كثيرة كنت أود لو قلتها لكِ منذ زمنٍ بعيد...
هل تذكرين أيامنا الماضية ، كم كانت جميلة ، كيف كنا نلهو ونلعب تحت أشجار الزيتون ، مرتع الطفولة ومخزن الذكريات الكبير ، نلعب الغميضة ، نتراكض خلف بعضنا البعض ، فرحين بدنيا لم نكن نعلم ما تخبئه لنا من أحزان ، وفواجع الفراق ، وألم الحنين ، وبرد الوحدة الذي مزق ما تبقى من قلوبنا التي عصرها الهم والحزن بعيدًا عن أحبتنا، لنجد انفسنا وبعدَ هذا العمر في غميضة كبيرة ، تائهين في بلاد الغربة والمنفى ، فصلت بيننا الجغرافيا ولم يرحمنا التاريخ ، تهنا في بلاد الله الواسعة ، وأثقلت كاهلنا آمالنا الكبيرة وأحلامنا الصغيرة والتي لم تكن يومًا مستحيلة ، أرهقتنا سنيين الغربة والمنفى، وذبنا من نار شوقٍ إرتفعت حرارتها تسعة وخمسون درجة على مقياس وجع الفراق ، لتصيب من القلب مقتلاً ، فلا تبقي ولا تذر إلا من رحمه ربي فصبر.
تأخذني الذكريات بعيدًا ، وما زلت أذكر كيفَ كنتِ معي ، وكيف كنتِ تؤثريني على نفسك ، تعطيني بلا حدود ودون انتظار المقابل ، كان كل ما يهمك أن أكون ناجحًا في حياتي ، تفرحين لفرحي ، وتحزنين لحزني ، تنظرين في عينيّ كعالم روحاني فتعرفين ما بي ، تستكشفين أسراري فأعجز عن إخفاء ما بداخلي ، أحاول أن أصمد فلا أبوح بما في داخلي ، لكنني كنتُ أفشل ، وكأني أعاند نفسي أجبرها على السكوت وأنا القادم أصلاً لأبوح لكِ بما يعتمر في قلبي ، فعندك كنتُ أجدُ الدواء والبلسم الذي يشفي حزني وحيرتي وكل ما يصيبني .
وها أنا الآن بعيدٌ عنكِ ، سارحًا في غربتي القسرية ، وها أنتِ الآن بعيدة عني ، تقطنين في وطن التعب ، وتسكنين في جراح أمةٍ أبت إلا أن تعيد مشاهد داحس والغبراء ، فلم ترحم نفسها ، وبدلاً من انتظار عودة طائر الفينيق ، الذي طالت غيبته ، إستنسخت و في إصرار كبير على تمسكها بمصاحلها الفانية بسوس أخرى ، بسوس عشعشت في ذاكرة عقول مريضة ، رضيت أن تأكل نفسها كعشاءٍ أخير ، أو كبجعة ترقص رقصتها الأخيرة ، تدور وتدور حول نفسها في حلقة مفرغة ، تنتظر سقوطها الأخير ، ولهذا فأنا أخشى عليكِ من قلوب لم تعد تعرف الرحمة ، ولم يعد يعنيها شأن أناسٍ ما زالوا صامدين ، وأناس رحلوا بكبرياءٍ شامخ رافضين الذل ، مقاومين ومجاهدين، رفضوا الإنصياع لقوانين قطاع الطرق ، فماتوا وهم على ذلك، وأنا أخشى عليكِ أن يصيبك بيدِ بني جلدتنا ما يدمع مآقينا ويدمي قلوبنا ثمَ لا نجد له عزاءً مقنعًا ما حيينا.
يا صاحبة القلب الكبير...
أنتِ أجمل شيء في حياتي ، فأنتِ الأخت الحنونة والأم الطيبة والصديقة الوفية ، والإبنة الغالية، وكنتِ دائمًا إلى جانبي صاحبة المواقف الكثيرة والكبيرة ، وكنتِ الصدر الحنون الذي يبثُ الدفء في عالمي القطبي المتجمد ، و كم كانت حياتي ستكون تعيسة لو لا أنك كنتِ جزءً أصيلاً منها ، لقد كنتِ كل شيء جميل في عالمي الذي فقدْ كل شيء إلا أنتِ.
كوني بخير يا أختاه ، كوني بخير ...
هنالك نصوص تجبرنا أن لانفارقها إلا بدمعة
أخي الراقي الكريم راضي الضميري
حفظك الله وحفظ أختك الكريمة
ودمت كاتباً نقي القلب مرهف القلم
احترامي وتقديري لك
راضي الضميري
05-11-2007, 09:30 PM
الموجع الموجوع راضي الضميري
رسالة تحمل مشاعر انسانية راقية رغم الألم و لكن اعذرني بسؤال لما اخترت الدرجة 59 بالذات ؟؟؟
عبارة في النص راقت لي كثيرا في دلالتها و هي : " تقطنين في وطن التعب ، وتسكنين في جراح أمةٍ أبت إلا أن تعيد مشاهد داحس والغبراء ، فلم ترحم نفسها ، وبدلاً من انتظار عودة طائر الفينيق ، الذي طالت غيبته ، إستنسخت و في إصرار كبير على تمسكها بمصاحلها الفانية بسوس أخرى ... "
دمت مبدعا أخي العزيز و حفظ لك أختك الأم الصديقة
هشام
أخي الفاضل هشام عزاس
لقد أصابنا هذا الداء منذ زمن طويل ، أبها الفراق مهلاً ، فلم نعد نحتمل ...
تسعة وخمسون عامًا على نكبتنا الكبرى ، وما زال الجرح ينزف ، تسعة وخمسون عامًا وفلسطين تحترق ، منذ قيام هذا الكيان الغاصب وأوصال الأمة كلها تمزقت وتفرقت ، وخلّفَ جحيمًا لم ولن يُنسى .
وما زال البحثُ جاريًا عن حلول ستجعل كل ما ذكر آنفًا مزحة صغيرة أمام القادم المنتظر ، وما زال قومي يجهلون.
عزيزي هشام
كن بخير
راضي الضميري
16-11-2007, 09:29 PM
هنالك نصوص تجبرنا أن لانفارقها إلا بدمعة
أخي الراقي الكريم راضي الضميري
حفظك الله وحفظ أختك الكريمة
ودمت كاتباً نقي القلب مرهف القلم
احترامي وتقديري لك
الأديبة الفاضلة يسرى علي آل فنه
نخشى على أحبة ما زالوا يعيشون في قلب الخطر ، والفوضى تحدق بهم من جانب ،مستضعفين لا ناقة لهم ولا جمل في حروب وصراعات تنشب من أجل المصالح الخاصة ومن أجل المناصب والمصالح الدنيوية ولا نملك أن نفعل لهم شيئَا .
الذكريات تصبح مؤلمة أكثر في ظل هذا الواقع الأليم ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.
أتمنى أن يتغير واقع حال هذه الأمة ، وكان الله في عون المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها ، وكان الله في عون العراق وفلسطين تحديدًا .
حفظك الله أختنا الكريمة ، وبارك الله فيك.
تقبلي تقديري واحترامي
حسنية تدركيت
17-12-2007, 01:52 AM
نص رائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى
ويسعدني دوما أن أمر من هنا
راضي الضميري
21-01-2008, 01:36 AM
نص رائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى
ويسعدني دوما أن أمر من هنا
مرورك يسعدني دومًا أيتها الأخت الطيبة حسنية ، فمرحبًا بجمال حرفك الذي أضاء سماء حروفي المظلمة .
تقديري واحترامي
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir