المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مونولوج



عمر علوي
16-06-2007, 12:05 AM
مونولوج..
" ملعونة.. المازني كان على حق.. سيارة ملعونة.. لماذا تختار لي هذا الوقت .. لا! الذنب ليس ذنبها هذه المرة.. ما دخل العجلة في المحرك؟ هذا من سوء حظي.. بل من سوء تصرفي.. لماذا لم أترك عجلة الاحتياط عند العجلاتي ليصلحها ؟ خطأ مني أنا.. نعم! لعنة الله على التهاون.. و لكن ما باليد حيلة.. المشاغل..المشاكل.. الالتزامات التي تنزل علي كالمطر.. و لا أعلم لماذا ؟ و كأنني الوحيد الذي تعرفه الأيام لتنغص هدوءه و استقراره..بل الوحيد.. لا أظن أن هناك واحدا مثلي .. على الأقل من الذين أعرفهم.. سوء الطالع..
" دعني الآن من هذا الهراء .. و لأفكر في مخرج مما أنا فيه!.. و لكن.. كيف؟ ما من عجلاتي يفتح في هذا الوقت المبكر من النهار.. لا بد من حل.. و إلا حدث شيء ما.. هل تتصور يا ..من لا أدري كيف أسميك.. يا منحوس.. يا ملحوس.. يا مكحوس.. ما سيحدث؟ مصيبة.. مصيبة ستنزل على رأسي إن تأخرت عن الموعد.. وعدت مساء أمس حماتي بنقلها إلى مشفى العاصمة .. و ليتني لم أربط نفسي بوعد معها.. ورطة.. و مع من! و ليتها تفهم أن السيارة مثل الإنسان.. تعتل من حين لآخر.. مثلها هي.. بل هي مهووسة..تختلق الوجع .. تعيش في مرض دائم معشش في وهمها.. بل تحيا في رحم الوجع.. لا يمر أسبوع دون أن تزور طبيبا.. و لكن اذهب و قل لها هذا الكلام.. ثم من أين لها أن تفهم.. رأسها كالصخرة الصماء.. أكثر المحامين حنكة و أسلطهم لسانا..لن يصمد لحظة، أمام انجراف لسانها.. سوء الطالع!
" يا رب ! ألهمني بحل! صحيح.. أنا مغفل!.. لماذا لا أذهب عند بن دحمان جارنا؟ عجلات سيارته من نفس قياس عجلات سيارتي.. هو هذا بعينه..و لكن.. هل يعقل أن أطرق بابه في مثل هذا الوقت؟ ماذا سيقول عني؟ ماذا سيقول!؟ لاشيء! لا شك أنه وقع في مأزق هو الآخر ذات مرة .. و لا شك أنه طلب معونة أحد.. نعم.. سأذهب عنده.. سوف لن يردني.. سيتذكر أنه وقع ذات يوم في مشكلة مثلي... و سيعطيني عن طيب خاطر، العجلة.. و ينتهي الأمر.. ينتهي الأمر.. ينتهي الأمر! و إذا رفض؟ و لماذا يرفض؟ ليس هناك بيننا أي خلاف.. إلا إذا كان العراك الذي دار بين ابني و ابنه عندما كانا زميلين في المدرسة الابتدائية، بسبب ابنة الجيران .. شيء مضحك.. كانا يتعاركان مثل دجاجتين من أجل أن يظفر المنتصر بمرافقتها إلى البيت.. و في نهاية المطاف عادت الفتاة إلى البيت وحدها دون مرافقة أحد منهما ، لأن عين مدير المدرسة وقعت عليهما فعاقبهما بحجزهما في مكتبه إلى أن ذهبنا أنا و هو إلى مكتب المدير و أخرجناهما مذلولين، و هما في حالة يرثى لها.. و كان كل واحد منا يشير بأصبع الاتهام للآخر و يبرئ ساحة ابنه.. و قد خرجنا من مكتب المدير دون يكون لكلام المدير أي تأثير على نظراتنا التي كانت تتراشق بشتى النعوت و الألقاب .. أيكون محتفظا بهذه الحادثة في رأسه إلى اليوم؟ قد مضى على الحادثة سنوات، و الأولاد كبروا و صاروا أصدقاء.. و هل مثل هذا الحادث الذي طوي منذ سنوات يستطيع أن يثور من جديد .. و في ساعة من ساعات النهار المباركة؟ لا أعتقد.. هو يبدو على كل حال..طيب.. لم أر منه مكروها.. و لكن مع ذلك، الأمر وارد.. ثم إذا فتح الباب و نظر إلي نظرته البلهاء تلك، و قال لي : لك وجه تنعته أمامي! يا للعار! لو يقول لي ذلك.. باستطاعتي أن أشج رأسه بهذه الأداة..و لكن هذا سابق لأوانه.. علي أولا أن أطرق بابه، و أنتظر ماذا يصدر عنه.. هذا هو الرأي السديد..
" يا رب.. ألهمني.. و لا تجعله يردني! لا! لن يردني! ثم ماذا هناك إذا ردني ؟!.. سأبلع الإهانة كما أبلع كل يوم حماقات حماتي..
" طق.. طق.. لا أحد.. لا أسمع وقع الأقدام.. طق..طق.. ها أنا أسمع حركة في رواق الشقة.. هو آت.. و لكن لماذا لا يفتح الباب؟ هل علي أن أعيد الطرق مرة أخرى؟.. ماذا يظن نفسه!؟.. أركع له؟.. أستجديه؟.. هي عجلة تدور .. ليس إلا.. آه.. فتح الباب أخيرا !
" فتحت الباب أخيرا.. اسمع يا بن دحمان ! لا تقل لي شيئا .. لا أريد أن أسمع منك كلمة.. فأنا أعرفك .. و أعرف ما تفكر فيه.. أما عجلتك..فكلها! ابلعها! لم أعد في حاجة إليها..أما حماتي..يأتيني منها خبر يسر..إن شاء الله!!

:002:

محمد سامي البوهي
16-06-2007, 09:20 AM
الأستاذ الأديب عمر علوي

آه لو أعرف تليفون الست حماتك .........

القصة هي فانتزيا ساخرة ، وأجمل ما فيها هذا الحوار النفسي الداخلي ، وبساطة العرض المعتمد على التشويق ، الفكرة بسيطة ، لكنها عميقة جداً ، جمعت بها باقات من الماضي ، والحاضر ، وهواجس النفس ، لكني لم اتوصل إلى هدف محدد ، سوى رسم البسمة المرسومة بموقف معين ، كنت أتمنى أن تكون العجلة هي رمز اسقاطي يرمز الي شىء من أمراض المجتمع ، وتكون قصتك نوعاً من العرض لهذا المرض ، جاءت النهاية بضبابية غير واضحة ، ولم تتناسب مع الهيكل الحكائي الممتاز ، لكن بوجه عام القصة رائعة ‘ إلا أن العنوان لايخدم الفكرة ، كنت اتمنى تبديله بعنوان آخر ...

دمت بخير

جوتيار تمر
16-06-2007, 09:47 AM
العزيز عمر..
أثارني قدرتك على سرد تفاصيل صغرى أحكمت وصف جزئياتها برؤية من الداخل،
جعلتني استرجع بعض المخالجات التي كانت تداهمني اثناء القراءة بعدما انهيتها،
أثير هذه الملاحظة ، للإشارة إلى إمكانياتك الفذة على الالتقاط الفني لحركةالواقع،
بحيث تحولت بين لحظة واخرى إلى عين راصدة بطريقتك الخاصة لكل مايدور في الذات ومن ثم لتحولاتت الوجود من حولك ، كما اعجبني قدرتك على استخدام الرمز لتمرير أكثر من لدغة تعكس موقفا مما يطبع حياة المجتمع بماضيها وحاضرها ،و بلغة أدبية تحقق ذلك الارتقاء إلى ما يصبو إليه كل مبدع باللغة ، أقصد به الأسلوب السهل الممتنع .
دمت بألق
محبتي لك
جوتيار

د. نجلاء طمان
17-06-2007, 01:05 PM
القاص الرائع: علوى

اسقاط اجتماعى رائع فى صورة حوار أو مونولوج نفسى مغلف بالسخرية. القصة موحية تعكس فكرة رائعة عما يسمى وساوس النفس الناتج عن الخوف. بالرغم من أن القاص تعرض لفكرة الخوف من الحماة , الا أن الخوف يمكن أن يتعدد مصدره وتتشعب نتائجه فتؤدى الى الوسواس النفسى المؤدي بدوره فى النهاية الى السلبية المفزعة للفرد داخل المجتمع.جاءت القصة متناسبة بدءا من عنوان موحى ودخولا فى افتتاحية جيدة, ثم دخول فى الحبك القصصى المتمثل فى حوار مع النفس. كان الحوار ساخر, واللغة كانت شيقة والسرد سلس ومعبر , لكن الحوار طال كثيرا كثيرا, فبعد بالمتلقى عن الهدف الأساسى للقص. يمتلك القاص قدرة على ربط الأزمنة دون أن يفلت منه الخيط الحبكى, لكن يجدر الإشارة الى أن إطالة المنولوج سبب ترهل فى بعض أجزائه. جاءت النهاية غير متوقعة مع كل السلبية التى أحاطت ببطل القصة منذ البداية , الا أنها أوضحت ثورة البطل على أسباب خوفه وسلبيته , وتمثلت ثورته على الجار الذى يحمل له فى داخله بعض الضغينة, أوضحت الخاتمة أيضا رغبة القاص وأمنيته بأن يتحول كل فرد سلبى الى آخر إيجابى.


شذى الوردة لابتسامة ظلت تصاحبنى أثناء القراءة.


د. نجلاء طمان

عمر علوي
17-06-2007, 05:09 PM
أستاذي الكريم محمد سامي
لا أتمنى أن تعرف عنوانها.. ما قرات في النص لم يكن سوى ..ذرة واحدة من طويتها الشريرة
قد أكتب عن ذلك في المستقبل..إن طاوعني القلم.
لكم كل الشكر و التقدير سيدي الكريم،
أخوكم عمر

عمر علوي
17-06-2007, 05:14 PM
أستاذنا الكريم جوتيار
جميلة منكم كلمة"لدغات"، و إن كانت لدغات مسالمة!
سعيد دائما بمروركم و ملاحظاتكم
ألف تحية و شكر و تقدير
أخوكم عمر

عمر علوي
17-06-2007, 05:20 PM
أستاذتنا الطيبة د.نجلاء
سعيد جدا بمروركم
و سأجتهد مستقبلا كيلا أطيل إطالة تجعل النص على حد تعبيركم "مترهلا"
ألف شكر و تقدير
أخوكم عمر

خليل حلاوجي
19-06-2007, 02:59 PM
قصة ثرية ... بالدهشة


وسرد موفق ...

وأديب متمكن

\

تقبل محبتي

عمر علوي
21-06-2007, 03:19 PM
سيدي الكريم خليل
في البداية أعتذر عن التأخر في الرد
ثانيا أشكركم شكرا جزيلا على ما تفضلتم به
سنحاول دوما أن نضيف ما استطعنا من جديد، في الأفكار و في الكتابة
ألف تحية لكم
أخوكم عمر

محمد الحامدي
21-06-2007, 07:18 PM
حوار باطني رائع ... جراحة موفقة في النفس البشرية من خلال الحدث ... لهذا هو حوار باطني قصصي أكثر منه تحليلي ...
دعني أهمس إليك : قولك " سوف لن يردني " خطأ والصواب " لن يردني "
وكذا " هو يبدو على كل حال طيب " والصواب " طيبا "
ثم الحوار الباطني في نظري المتواضع أفضل لغة من استخدامك للفظ أجنبي
ويبقى نصك متألقا وإنما هو البحث عن الكمال فقط
مع تحياتي وتقديري لروحك الإبداعية

عمر علوي
03-07-2007, 06:29 PM
أستاذنا الكريم الحامدي
بداية أعتذر عن تأخري في الرد على مروركم الطيب
ثانيا أحييكم و أشكركم على تنبيهكم للأخطاء التي أشرتم إليها،
بدون تبرير أقول أن ذلك يعود إلى عدم التريث و إعادة القراءة عدة مرات ، و هذا عيب سأعمل على ذلك مستقبلا
تحياتي الخالصة
أخوكم عمر

ناديه محمد الجابي
17-12-2016, 07:41 PM
قصة ساخرة بمونولوج داخلي مثير للضحك
نص ماتع بتصويره لخوالج النفس بأسلوب أدبي رشيق
ولغة تصويرية تعبيرية لطيفة لأديب متمكن
شكرا على إبتسامة أهديتنا إياها.
دمت بكل خير. :001: