المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضياء الظلام



محمد الحامدي
19-06-2007, 07:20 AM
ضياء الظلام
كتبها : محمد الحامدي
... " برد ... بارد ... يا لطيف " هو ذا يبحث في الظلام عن زر الكهرباء . يتلمس الجدار
قرب الباب بيد مبللة وأصابع مرتعشة .. أخيرا وجده فضغط عليه بما بقي فيه من جهد .. ولكن أين النور " الفانوس احترق ؟ لا ينقصني سواك يا غبي " واقترب في خطى حذرة وكأنه ليس في بيته من حجرة ثانية .. وضغط الزر .. " لقد قطعوها .. حتى الكهرباء .. " وقف في وسط المطبخ يتذكر أين علبة الكبريت .. اقترب قليلا من نافذة المطبخ وفتح لوحها حتى يدخل نور فانوس يقابلها في الشارع " أطفئوا هذا أيضا إن كنتم رجالا " وفي العتمة انتبه إلى أنه مازال يشد على كتاب في يده .. يحضنه وكأنه كنز .
بعد نصف ساعة من السب والشتم عثر على علبة الكبريت ... لم يفهم لماذا وجدها في علبة الملح بالذات .. هز كتفه وهو يرجها .. كان فيها عود ثقاب وحيد أوحد .
" إما أن أنجح في إضاءة الشمعة به .. وأقرأ .. وأسمل عيني هذا الفقر .. وإما يسمل هذا الظلام عيني .. " . مسك بقية شمعة صفراء في يسراه وعود الثقاب في يمناه وعلبة الكبريت في فمه بعد أن وضع الكتاب بين ركبتيه وقرأ المعوذتين و ذكر الله كثيرا وعقل وتوكل ..
وحك عود الثقاب بحافة العلبة فاشتعل ... وكأنه خبير جراحة أثناء عملية مصيرية ، قربه من الشمعة فاشتعل فتيلها الذاوي .. " الله أكبر .. فتح التاريخ لي على مصراعيه بل طار بابه من أسّه ... "
قرر أن يقرأ في المطبخ ، لا وقت للمغامرة بنقل الشمعة إلى أي مكان آخر ... ثم ماله المطبخ ؟ " أقرأ فصلا ثم أعد شايا ... الشاي – إن وجد – يساعد على وضع الخطط .. "
بدا له عنوان الكتاب بلونه الأحمر وخطه العريض شهيا يسيل له لعاب الحلم : " كيف تصبح مليونيرا ؟ " وهل أريد غير ذلك ؟؟؟ هيا قل !! " لم يكد ينظر في أول حرف من أول سطر في أول فقرة حتى اشتدت العاصفة في الخارج ،، وهبت ريح عاتية فانفتح أو انكسر أو انخلع زجاج النافذة .. وانطفأت الشمعة .. وغرق في الظلام .

كتبها : محمد الحامدي

جوتيار تمر
19-06-2007, 01:13 PM
الحامدي..
ربما اصبحنا نعيش على وقع مثل هذه الكتب، وصداها، ورواجها، لانها من حيث العناوين تيدو لنا وانها تحقق بعض ما نصبوا اليه في ذواتنا، حيث عندما يصفعنا الواقع بلا،ولن، نجد مواساة في مثل هذه الكتب.
نص مفعم بالحركية،يشخص صراع الانسان والواقع بالتركيز على موضوع الكهرباء، والكتاب في الظلام... !
دمت بألق
محبتي لك
جوتيار

شاهين أبوالفتوح
19-06-2007, 01:26 PM
أتبع صديقي الفيلسوف جوتيار ثقة مني أنه يحمل مصباحا أنى ذهب .. فالظلام محيط !
قصة مضيئة .. لولا نيران الشاي !!!

محبتي واحترامي
شاهين

محمد الحامدي
19-06-2007, 10:21 PM
شكرا أخي جوتيار قد أضأت الظلام حول بطل الأقصوصة بمرورك ورأيك الثاقب
وإلى لقاء

محمد الحامدي
19-06-2007, 10:22 PM
أهلا سيدي شاهين ... إطلالتكم على النص أفرحتني وتشجيعكم يزيد من عزم الهمة ..
شكرا سيدي وإلى لقاء

ضحى بوترعة
19-06-2007, 10:49 PM
أخي العزيز

قصة تخترق الواقع ....متماسكة الأحداث لصورة فلسفية جميلة

دمت مبدع أخي

محمد الحامدي
19-06-2007, 11:02 PM
شكرا سيدتي على مرورك الكريم
تلك مهمة الأدب ... اختراق الواقع ... فعلا ذاك هو الأدب ... شكرا على هذا القول الناضج جدا

عصام عبد الحميد
20-06-2007, 08:37 AM
المبدع الرائع محمد الحامدى...
أخذنى نصك الجميل بأبعاده وغصت فى أعماقه... مشهد واحد يلخص باقتدار حالة وطن... يتحسس فى الظلام ليبحث عن وهم...
ضياء الظلام... اضاءة بديعة لواقع مر...
دمت بخير أستاذنا الرائع...

محمد الحامدي
20-06-2007, 02:15 PM
ودمت بألف خير ... مرورك يشجع على مزيد التأمل في هذا الواقع الأبله ...
مع شكري وتقديري

وفاء شوكت خضر
22-06-2007, 12:50 AM
الأديب / أحمد الحامدي ..

أحب الأسلوب القصصي البعيد عن الترميز الغامض .
قصة رائعة بحق ، جذبني السرد فيها من أول حرف حتى نقطة النهاية .. :v1:

تقبل مروري بكرم خلقك .
تحيتي ........

محمد الحامدي
22-06-2007, 09:08 AM
شكرا سيدتي على مرورك الكريم ...
فعلا دائما أقول إن التعبير في القصة يكون من خلال الحدث لا من خلال اللغة ( التخييل والترميز ) فمعظم قصصنا هي قص في اللغة وليست قصا في الحدث .. لذلك يكون الحدث هو وحدة التعبير في كل عمل درامي .. قد يكون له مساعدون مثل أشكال الخطاب الأخرى ولكنه يبقى الأساس وإلا خرجت القصة عن مضمونها وهويتها ... هذا مذهبي .. والله الموفق .. حتى " فلوبير " في " Lerouge et le noir " وقد قال إنه كان يريد خلق رواية من لاشيء ، وهو القائل " الأسلوب هو الإنسان " فقد خلق هذه الرواية من خلال الحدث لا من خلال اللغة ...
شكرا .. قد أطلت فعذرا