المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جسد لايعرف الحب



عبدالله سليمان الطليان
23-06-2007, 11:42 AM
جسد لا يعرف الحب
تأتي العبارات عفوية وبسذاجة واضحة تنثر هنا وهناك تعبر عن عمق البساطة التي تتمتع بها المجموعة والتي جعلت من الكلام بلسم لرحلة العناء والكد المتواصلة في أعماق الريف بحثاً عن الرزق , فتجتمع الأجساد المنهكة قبيل غروب الشمس في كل يوم يكون بساطها الأرض المعشبة تظللها الأشجار المؤرقة , مستنده الى سلال فارغة بعض منها متكسرة .
كان أحد الحاضرين صاحب الجسم الممتلئ يسدد بصره بعيونه الغائرة نحو الطريق في انتظار قادم ,
ــ سأله أحدهم في فضول , هل تنتظر ابنك ؟
ــ فقال وقد بدا عليه الضيق ,
ـ نعم .
ــ لماذا هذا الحرص انه دائما يتأخر !!
ــ لقد أرسلته الى البيت ببعض الثمار والخضار , وأتمنى ان يعود على عجل !
ــ انه أصبح رجلاً , حتى في هيئته التي صار يشبهك كثيراً !
ــ لكنه في بعض الأوقات لا يحسن التصرف !!
ــ هذا عائدا إليك فأنت لم تحسن تربيته , انه رهينة لأفكارك وأوامرك لا يعرف سوى تقليدك !!
ــ ليته يصبح مثلى .
ــ وهل تعتقد أنك على صواب في كل ما تفعل ؟ هل المشادة الكلامية اليومية الحادة بينك وبين أمه
تساعد على زرع الثقة في نفسه ؟
ــ اجل , فأنا رباني أبي على القسوة والشدة الصارمة في كل أموري .
ــ حتى مع زوجتك المسكينة !
ــ نعم , إني أتذكر كيف تزوجتها , فلقد تقدمت لخطبتها , وبعد ثلاثة أيام أقيم حفل الزفاف !
ــ لا تكمل أرجوك , وفي اليوم الثاني من زواجك خرجت معك الى الحقل لكي تساعدك على جني المحصول
لم تعرف التعيسة معنى الحب والعاطفة .
ــ عن أي حب تتكلم ,
ــ لقد تزوجتها لكي تعمل معي في الحقول , وتنجب لي أبناء .
ــ هذا ما سمعته من ابنك قبل أيام , فهو يريد ان يحذو حذوك !
ــ بوركت من ابن , لقد أصبح رجلاً فعلاً .
ــ عجباً !! ما قيمة الحياة الزوجية إذا لم يسودها الحب والوئام .

جوتيار تمر
23-06-2007, 03:48 PM
الطليان..
جسد ريعرف الحب عنوان منوه، ومبعث للتساؤلات، فهل كان الغرض منذ البدء هو اثارة هذه التساؤلات ام انه اراد ان يعلمنا المباشرة بعد زوال قشرة عدم الفهم،لننظر معا ونعانق متون هذه القصة التي جاءت مليئة بالتناقضات الحياتية، والرؤى الاجتماعية الخطيرة، والتي ربما غلب عليها العبث الانساني وسطوته وتجبره، وكأنه نص نفسه اها على ما غيره، جاءت القصة بلمحة سريعة توضح لنا معالم الحدث الاساسي فيه، دون تطويل وربما استغنى القاص عن المقدمة لانه اراد ان يصل القارئ بسرعة الى مدلول نصه، لذا استهلها بمقدمة بسيطة لكنها معبرة عن هذه الفوضى الفكرية التي ستعم علينا بعد قليل، ومن ثم لاح في الافق بوادر حوارية جاء الحوار ممشوقا هادئا مقارنة بالموضوع، لان الموضوع كان مشحونا وعاصفا من حيث المدلول اللغوي والفكري، والاجتماعي الحياتي، وحتى العقائدي، لكن وجدت الاثنين يسيطران على وضعهما في النقاش لنهاية النص مع ظهور بوادر انفعال من الاب في نهاية القصة.
موضوع القصة ربما ليس بغريب ولا جديد، ولكن مما لاشك فيه، ان لكل صياغة للموضوع منفذ فهم خاص الى اعماقنا، والاسلوب هنا كان مميز لكون اعتمد المباشرة في الطرح الحواري ولم يعتمد التلفيق والتنويه، كما في العنوان.
التربية وقواعدها ربما كان الغرض الاساس من الموضوع، وهذا الموضوع شائك يحتاج منا الى مناقشات ورؤى ودراسات عميقة لاتكتب بلاشك في غضون دقائق، لكن الامر بلاشك يستحق منا الوقوف عنده.
الابن، الزوجة، الاب، المحبط ونظرته وتأثيره..ربما هذه الامور هي المحور الاساس في القصة، والتي اظهرت لنا مدى تخلف الوعي الانساني في ادراك اهمية الترابط بين هذه الامور السابقة الذكر، وتلك النظرة الدونية التي ينظر من خلالها بعض المجتمعات للمراة وكأنها آلة ووسيلة متعة وعمل فقط، وما تعكسه هذه النظرة على الابناء.
المراة هل هنا مخلوق كمالي ام استكمالي..؟
والابن هل هو منسوخ ام له حريته كونه انسان..؟
الاب هل هو اله يمنح من عنده ام هو مخلوق عليه ان يلتزم حدود خلقيته..؟
المحيط هو امر ثانوي ام رئيسي في الوجود الانساني...؟
انها امور تبحث عن نفسها..وعلينا ان لا نتجاهلها في حياتنا.
دمت بألق
محبتي لك
جوتيار