تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وللغباء ؤجه آخر



محمد الحامدي
26-06-2007, 05:44 PM
وللغباء وجه آخر

غادر سريره كمن وُخِزَ بنار . وركض والعيون تتبعه ضاحكة في اتجاه ذلك الدكان الصغير
الذي يكوّن زاوية الحي . ودون أن يلقي السلام ، التقط الجريدة كمن يلتقط رغيفا ساخنا من فرن ،، وطفق يلتهم السطور :
" مشاريع بعدّ شعر الرأس – وهو أصلع – وخدمات تصلك نفحاتها إلى سريرك – تذكر أنه لم يستحم منذ أسبوع – وميزانيات وأرقام لم يستطع أن ينطقها لكثرة أصفارها ، وجداول الزيارات الميدانية للأحياء الأقل عناية ... "
كل هذا ... متى حدث ؟؟؟ لم ينطق ببنت شفة . بل لم يأكل معنا . لقد دخل كأبكم وخرج كأخرس !!! أكنت نائما أم غائبا عن الوعي ؟ ربما .
" دخل متجهما فاستقبله الحضور بعاصفة من التصفيق . نظر في ساعته وثمنها يقطع دابر الفقر من القرية ، فعلا التصفيق من جديد . ابتسم فكادت جلود الأكف تتشقق من التصفيق . عدل ربطة عنقه فارتجت القاعة تهليلا وتكبيرا وتصفيقا . سعل سعلة خفيفة فركض نحوه ألف كوب ماء والتصفيق يكاد تطير له القاعة في الهواء . مسح على شعره الأسود فزغردت امرأتان كانتا حاضرتين وثارت ثائرة التصفيق . ثم التفت يمنة في اتجاه خرفان يسيل لها لعاب الكراسي المحيطة بها . وأشار للحضور بالتفضل فارتمت الأيدي والأرجل تتسابق في اتجاه الأواني الكبيرة ... "
كان قابعا يجهد العقل ولا يفهم ...فقط تذكر أن سؤالا كان لا ينفك يطرق ذهنه : شعره أسود ، منذ أن تولى منصب المسؤولية وعمره خمسون سنة ، منذ نصف قرن وعمره خمسون سنة ؟؟؟
وذهب إلى العمل والجريدة في يده فاعترضه " سعد " يحمل طبقا به أكواب عصير رخيص وبعض قطع من حلويات معدة في البيت ... ودون أن يسأله عن المناسبة قال :
- اذهب إلى الأخ" محمود " وبارك له المنصب الجديد - الرجل المناسب في المكان المناسب ..
حاول أن يقول شيئا فبادره : نعم ، نعم ، لقد فرح المسؤول جدا لمقاله حول اجتماع الأمس أرى الجريدة معك ، اقرأ يا أخي ! تعلموا يا .. لقد اتصل المسؤول شخصيا ليزف له بشرى تعيينه مديرا للجريدة .. ها ! إلى أين تذهب ؟
- أنا ذاهب لأتطّهر من الفهم .. سأتعلم الغباء .. سأتعلمه .

محمد سامي البوهي
26-06-2007, 06:59 PM
صدمة ... هي النهاية ، وسط سردية ، ومحاورات داخلية ، التفاصيل هي عمد النص ، وكانك لا تريد أن تترك لنا شيئا الا وتحضره هنا على شاشة الحاسوب ..
القاص الاستاذ / البارع

محمد الحامدي

تحيتي على عمل يستحق العودة اليه .

محمد الحامدي
26-06-2007, 07:43 PM
شكرا أخي على مرورك الكريم
إلى لقاء

جوتيار تمر
27-06-2007, 10:56 AM
الحامدي..
قصة التحفت بثوب الجدية، والواقع..فجاءت ترسم لنا ملامح الانسان وربما سبل الاستمرارية في هذا الوجود، بالاخص داخل مجتمعات ادمنت الغباء الظاهري والخضوع الباطني..تهجس بأسئلة حارقة عن واقع الانسان و مستقبله...واقع أرعن يغتال زهورنا..لغتك القصصيّة عميقة و ملتصقة باليومي و أسئلتك حارقة .

تقديري ومحبتي لك
جوتيار

محمد الحامدي
27-06-2007, 11:06 AM
أخي جوتيار طوبى لك هذا العشق للأدب والفكر .. أراك تقرأ وتتابع في كل موضع .. وشرف لي أن أجدك تحلل ما أكتب وتنقد وتغوص فإذا بنصي المتواضع يرتفع برأيكم ويرقى بتمحيصكم .. لا حياة للأدب إلا في ذهن من يقر أ بعقله المتوقد أمثالكم ...
شكرا وإلى لقاء

الطنطاوي الحسيني
27-06-2007, 12:00 PM
حاول أن يقول شيئا فبادره : نعم ، نعم ، لقد فرح المسؤول جدا لمقاله حول اجتماع الأمس أرى الجريدة معك ، اقرأ يا أخي ! تعلموا يا .. لقد اتصل المسؤول شخصيا ليزف له بشرى تعيينه مديرا للجريدة .. ها ! إلى أين تذهب ؟
- أنا ذاهب لأتطّهر من الفهم .. سأتعلم الغباء .. سأتعلمه .
اخي الحامدي الرائع
فعلا ما عدنا الا كالدمى يحركونها كيفما شاءوا
ويركلونها وقتما شاءوا
ويمجدونها وقت ما شاءوا
فلله الامر من قبل ومن بعد
أدام الله عليك هذا التالق والابداع

محمد الحامدي
27-06-2007, 07:10 PM
شكرا أخي ومرحبا
دمت لنا بألف خير ... ولا أدام الله علينا هذه الأوضاع ... فقد جف الحلق وانهدت الأضلع وتقيحت الجراح لما نرى ونشهد
تحياتي ودمت بخير

عدنان القماش
27-06-2007, 08:25 PM
أخي الكريم محمد الحامدي
"إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"
كأنك شققت عما يجيش به صدري هذه الأيام...أصبح الأمر كالكابوس الذي أتمني أن ينتهي...عديمي الكفاءة في كل مكان ينهبون الفرص ويصبح أهل العلم والخبرة تحت سلطانهم...
يتولي المرء مسئولية أكبر منه...فيدمر المكان ولا يكترث...يصبح مثل مصاص الدماء...يقتل ضحيته ثم يذهب ليبحث عن أخرى...
أحسنت أخي الكريم وأبدعت :001:

محمد الحامدي
27-06-2007, 08:49 PM
مرحى مرحى تلك علامات تخلف لا أدامها الله ... ويقهرك الغباء في أعلى مرتبة وذو العلم والفضل يساس بخسيس .. يقولون " هكذا حال الدنيا " وأقول هكذا حالنا وهكذا أردناها
ولله المرجع من قبل ومن بعد
دمت بألف خير وحماك الله من أن يرأسك غبي جاهل

سعيد أبو نعسة
28-06-2007, 12:55 PM
أخي الكريم محمد الحامدي
قصة حافلة بالرموز و الإحالات المرجعية الواقعية في سرد ممتع يتنقل من مشهد إلى آخر دون أداة ربط يشبه حال أمتنا المفككة و التي لا يربطها إلا أهداف لا تتعدى إرضاء مداخل الجسد و مخارجه .
دمت في خير و عطاء

خليل حلاوجي
28-06-2007, 01:02 PM
الاستاذ الحامدي

شكرا ًَ لك هنا لانك صارحتنا بعلة فواجعنا وسببها
فنحن أخي الكريم خدعنا يوم ان خدعنا السلطان فقال ان شرعة السلطان هي شرعة القرآن .. فصدقناه

ولم نزل


وتلك مصيبتنا .... والله .... اورثتنا الهوان

\

نص ثري

محمد الحامدي
28-06-2007, 02:08 PM
الممتع في هذه الواحة أنني أتعامل مع عقول نخبة ... ( تفهمها ع الطاير )
بعيدا عن المجاملات ، أخي خليل دعني أطرح عليك هذا السؤال وخذني على ( قد عقلي ) : هل تظن أن الغاليب على الثلامئة مليون عربي أنهم يفهمون الأدب بله الواقع هذا الفهم ؟ أقصد متى سيفهم الغالب من هذه الأمة الواقع فهما يجعلهم يرفضونه ؟ فكلما قرأت لنفسي أو لغيري نصا حارقا ينبه ويثير غبار الحقيقة أتساءل : أبلغ بنا البرود هذه الدرجة ؟
شكرا أخي على عمق فهمك ... ليت الفهم معد كما انفلونزا الطيور حتى يصاب به الجميع .