تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ( مقامة ): ناصح بن همام ودوَّار العظام



أحمد الرشيدي
05-07-2007, 09:56 PM
في الثلث الآخر من الليل بعد أن هجعت الأصوات ، فما تسمع إلا همسات النسمات ، تاقت نفسي واشتاقت إلى بعض آثار الطفولة ، وإرهاصات الكهولة .
فطفقت أصول وأجول ، ومن القلب أقول :
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها
فلما حاذيت دوار العظام ، عنَّ لي شبح في دامس الظلام ، يضطرب وسط الميدان ، فما خطر لي إلا الجان ، ثم إني تعوذت ، ثم ترجلت ، أحبس الأنفاس ، وأخرس المداس ، حتى كان قاب قوسين أو أدنى ، فإذا هو :
رجل غريب مهيب ، سامق الهامة ، أبيض اللحية والعمامة ، أخضر الثياب ، يعبق بالأطياب ، حسن السمت ، طويل الصمت ، ينظر إلى العلم كأنه صنم ، في يده اليمنى حصى ، وفي يده اليسرى عصا .
وما هي إلا لحظات حتى تعالت منه زفرات ، ثم قال :
أمؤمنون وتولون وجوهكم شطر البيت الأبيض الجديد ، وأدباركم شطر البيت الأسود العتيق !
تبا لكم يا أمة المليار ؟! ثم سار وجعل الأعلام على اليسار ، فبدأ بذي النجوم ، وقال : إنك مرجوم ، فرماه ، ورمل للذي يليه ، وهو يرتجز :
الأعلام أصنام والأوطان أوثان
والأحفاد نوام والشيطان يقظان
وهكذا دواليك حتى رجم أعلام الأمم ، ثم استقبل القبلة وصلى .
أما أنا فقد ركبت الظنون ، وهي مطايا الجنون ، فلما نازعني الفضول ـ والإنسان بالطبع عجول ـ قطعت العذاب بسيف الصواب ، فما إن سلم عن يساره إلا وأنا بجواره .
فقلت ـ وما تطفلت ـ : إخالك غريبا ، فكن لي مجبيبا ، نتشرف بلقائك ، ونجتهد في إقرائك ، " وعند الشواء ينكشف الغطاء ".
فرفع حاجبيه ، وحرك شفتيه ، وهز رأسه ، فاسترقت همسه ، فإذا هو : طفل متطفل ، فأنى يعقل ؟!
فقلت : لله درك ! ما أمرك ؟ وما اسمك ورسمك ؟!
فقال : اسمي ناصح بن همام من جهينة ، واسمي رسمي .
فقلت : زدني ، فحديثك يطرب ، وأعرب ، فالمخضرب يعرب .
فقال : والذي رفع السماء بلا عمد ، إن بلدكم هذا أحب بلد ، ولقد جئتكم لأحق الحق بالحجج الساطعة ، والبراهين القاطعة ، والدلائل الناطقة ، والشواهد الصادقة ، ليس لكم خاصة ، بل للمسلمين العامة والخاصة .
فقلت : أفي الكويت متنبي ؟! فتمثل ببيت المتنبي :
ومن البلية عذل من لا يرعوي عن غيه ، وخطاب من لا يفهم
لقد رأيت في كل البلاد من يطوفون حول هذه الأوتاد ، ويحملونها في كل ناد ، وها أنتم يا أهل الكويت تطوفون بها وتذرون البيت .
فضحكت حتى استلقيت ، ثم قلت : يا أبا همام هذا دوار ينظم المسار .
فقال : فلم جعلتم المسار يسارا ؟ أفتظنني حمارا ؟!
فقلت : حاشا ذا الحجا وهو الضليع بفقه جحا ، ولكن صدق أحمد بن الحسين : أن من البلية اثنين : بليد وعنيد ؟
فقال : أوحقا ما تقول ؟
فقلت : نعم وبالله القسم ، وها هو العلم الأخضر فيه التوحيد مسطر .
فخنقته العبره ، وسجد ليبدي شكره ، ثم رفع رأسه ، وقال :
هذا والله هو الظن ، من عرف الله لا يعبد الوثن .
ثم قال : رحم الله أباك وجدك ، وحباك وأعظم جدك ، ولمن قال : آمين من المسلمين .
ثم أعطاني قفاه ، فما عدت أراه ، فسبحان الله .


ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
دوار العظام : من أشهر ميادين الكويت ، نصبت فيه أعلام الدول ، واسمه الآن ميدان الأمم المتحدة .
الرسم : العادة والديدن .

أحمد الرشيدي
05-07-2007, 10:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة والأخوات الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فهذه الكلمات التي سول لي الشيطان بأن أسميها ( مقامة ) هي أول مشاركة لي ، وأرجو أن يغض النظر عن سوء التنسيق وخلافه ، وحبذا لو تكرم علي أحد الأفاضل ، فأخرجها بحلة لعلها تخفف ما قد يصدر عن النقدة الأفاضل من ملاحظات ، وأنا أعد الأخ المتفضل علي أن لا أعود لمثلها ( إن شاء الله ) .
والسلام

جوتيار تمر
05-07-2007, 10:22 PM
الرشيدي..
اهلا بك في الواحة...واهلا بهذا المد الفياض البديع..الذي جمع بين صنوف البلاغة، وابداع الوصف، وامتزج بين بديع الخاطرة،ورونق القصة،فاثمر هذه المقطوعة ، المعزوفة الرائعة،اعجبني هذا النص الرائع .. لقد تمكنت من جعله لوحة فنية ..تداخلت في تكوينها المفردات القوية المعبّرة والتي وجدتها قد انتقيت بحرفنة ودقة لامتناهية.. مع الدفق الشعوري الخارج من غوص عميق في الذات الانسانية، وادراك وحس عالي بالاخر..وبالاجتماع وما آلت اليه اموره وامور ناسه، فجاء النص هادفا موجهاً، محملا برسالة ذا مغزى صادق، وتوجه راقي.

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 12:25 AM
الأخ الكريم جوتيار تمر

لقد أسعدتني كلماتك التي جدت بها علي ، وعلى النص ، وإن لإلمامتك الخاطفة لأثرا في نفسي ، فقد أبديت فضلا وتعليقا يكشف عن ناقد ينفذ إلى أغوار النص ـ ولو أن النص كان من النصوص الرفيعة فكرا والرشيقة سبكا ـ لكانت الفائدة أعظم ، إذ إن النص العظيم هو الذي يخرج ما في جعبة أمثالك إيها الأستاذ المفضال ..
ودمت لأخيك

خليل حلاوجي
06-07-2007, 09:20 AM
أنفقت تسع سنين مع شيخنا الجليل ... الحريري ... وأنا أدرس مقاماته

فخرجت بثروة فقهية اولا ً ثم فكرية وبحر من الفوائد الاجتماعية ...

تعجبني جدا ً .... مقاماتك ... ايها الرشيدي


جعلنا الله واياك من الراشدين المهديين

ولك بالغ تقديري ايها السامق

محمد إبراهيم الحريري
06-07-2007, 12:33 PM
وبينما أنا بين هموم فكر ، وغيوم عطر ، مرت فوقي نعامة جبن ، وفقلت وهل للجبن قيامة ، وعلى جنحها من العرب علامة ، وما قرأت ، وفهمت من أبي زيد سلامة غير أني عربي ، لا ألاقي من سلام غير تكبيل الحمام ، فأردت الخبر من فيه عناء ، وبعد تردد وإحجام ، وكلام وسلام ، وعلى الدنيا حِمــام، جرفتني للظنون ما يجري منها المنون خشية ضياع ، عندها سمعت خبرا من العجل ما يشم النطق بالخجل ، قوم إذا الأضياف ........... يا لمكر قد أتى من بني الأعراب أخبار ضعاف ، فمن الأنباء ما يلقي على الوجه بكاء . فليسمع ناطق بالخبر :
ومافي العصر من شيم إذا لم ترعها المثل ،
هناك ترنم بالصوت سامعها ، وغرد بالرقص ماتعها ، نغمي وتر ، وعلى الحجر ، بينا شتى الصور .
مشاكسة شعرية نثرية لا ترقى إلى قدم يراعك ، لكنها ترحيب بك

علي أسعد أسعد
06-07-2007, 01:59 PM
سلام الله عليك


منذ زمن لم أقرأ مقامات واليوم أعدتني إلى الزمن الجميل


بارك الله بك

وأهلاً وسهلاً

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 02:24 PM
الخليل الحلو

تعليقك نبراس أستضيء به ، لا عدمت إلماماتك الراصدة ، وكلماتك الناصعة علما وفكرا ونصحا وأدبا

ولك المودة دوما

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 02:27 PM
أيها الحريري

ماذا أقول ؟

أنت الحريري وكفى !

لك المودة دوما

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 02:32 PM
الأخ المفضال علي أسعد حرسه الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

أثلج صدري مرورك الكريم ، وكلماتك الرقيقة

دمت دوما في زمن جميل وعلو وسعد

نور سمحان
06-07-2007, 02:37 PM
أخي رائع حرفك والله
شدتني مقامتك من العنوان حتى النقطة في آخر سطر
رائعة بكل معنى الكلمة
تحياتي لك

عبدالملك الخديدي
06-07-2007, 02:38 PM
أحمد الرشيدي

أما أنا فسولت نفسي المعجبة بنصك الجميل

أن أقوم بتنسيقه ليأخذ حقه في القراءة الجيدة

با لتأكيد لي عودة

تحيتي

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 03:22 PM
أختي الفاضلة نور

لقد جاء تعليقك الكريم ، فأدخل السرور والبهجة والانشراح في صدري ..

لا عدمت أطلالتك البهية

ودمتي نورا وسماحة

حفظك الله ورعاك

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 03:28 PM
الأخ الكريم عبد الملك رفع الله قدره في الدارين

لقد طوقني فضلك ، وألجمت لساني كلماتك ، وما أرقها من نفس سولت لك إصطناع المكارم ، وما أجمله من بيان موجز مقتضب ، أسأل الله أن يمتعني بفيض منه قريبا كما وعدت

والله لست أدري كيف أشكرك أيها المتفضل ، والله إني لأتحرق شوقا إلى عودتك ، والعود أحمد

فشكرا لك ، ثم شكرا لك

المطوق بفضلك / أحمد

مازن سلام
06-07-2007, 07:40 PM
الأخ الفاضل
تحية و بعد
آخر عهد لي بالمقامات يعود إلى " مجمع البحرين " لليازجي
و لكني اليوم أقول أنّ هذا الضرب من الفنون ما زال بألف خير مع نفس طيب مثل نفسك
شكراً لهذه الرحلة الرائعة
كل التحية
مازن سلام

خلود داود أحمد
06-07-2007, 08:38 PM
مقامة.. وإبداع فريد متميز !!

إعجابي الممتد بيراعك ...........

محبتي

خلود

عدنان أحمد البحيصي
06-07-2007, 09:07 PM
الرشيدي

تكتب لنا هذه المقامة البديعة، ذات الألفاظ البليغة، و المعاني الجليلة ، فنعلم أن قد صدقت النصح للأمة ، وإن كانت الأمة في غفلة.

سرني مروري هاهنا

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 09:12 PM
الأخت الفاضلة خلود
سعدت جدا بمرورك الكريم ، وكلماتك التي تبعث الأمل في النفس
ولك من أخيك الإكبار والتوقير

حسنية تدركيت
06-07-2007, 09:47 PM
أعجبني النص كثيرا , فيه عبر وتذكرة
جزاك الله خيرا واهلا بك في الواحة

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 10:26 PM
أيها الشاعر مزنا ورقة وسلاما

أشكر لك لفتتك الكريمة

دمت لأخيك بألف خير وسلام

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 10:31 PM
الأخ المفضال عدنان

سعدت جدا بإطلالتك البهية
لا زال نورك مشرقا متلألئا

حفظ الله أرضا أنجبت أمثالك وملأها سلما وسلاما وإسلاما

أحمد الرشيدي
06-07-2007, 10:35 PM
الأستاذة الأديبة حسنية حرسها الله

ممتن لمرورك الكريم
وكلمتك الرقيقة

سمو الكعبي
07-07-2007, 01:32 PM
السلام عليكم :
الأديب الرشيدي
رائع ما سطره يراعك , فن تقادم عهده إلا أنك أحييت بروح العصروملأته بزحمة السير في عصرنا.
أستاذي :
تقبل من تلميذتك :
1-ربما كانت هذه وجهة نظر لي لا محض خطأ في عباراتك هذه" ثم إني تعوذت ، ثم ترجلت ،" ثم الثانية لم أحبذها لما أكسبت النص بطء الحركة ,فلو عوضتها بالفاء الدالة على التعقيب لا التراخي الموجود بثم كان أكثر ملائمة, فالحركة السريعة في المقامة أفضل لاكما في الرواية ذات النفس الطويل .
2- المقدمة رائعة وذات أحداث متسارعة , إلا أن وسطها لم يكن كذلك , فلم تتضح العقدة بصورة واضحة التي تعبتها لحظةالإنفراج.
بجد مفرداتك در مرصوص على صفحة لوجين .
ننتظر المزيد , وفي المرة القادمة نريد هماما هذا في الواحة .تحية ود و ورد

أحمد الرشيدي
07-07-2007, 02:07 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الأديبة السامقة سمو



لقد ذكرت لك هذا النص لحاجة في نفسي ، ويبدو أني ورطت نفسي ، وكأنك تذكريني بنكشات أستاذي الدكتور حسان - متع الله به وبكم -ومهما يكن من أمر ، فقد سرني جدا مرورك الكريم ، وإطرائك الذي جدتي به علي ..
أما الملاحظات التي أبديتها مشكورة بغية النصح لي وتقويم إعوجاجي - وما أحوجني إليهما - فإني أفعل إن شاء الله ، ولكن فيما يتعلق بالملاحظة الأولى ، فإني أحسب الرجل حين رأى الشبح فزع ، ثم تعوذ حتى اطمأنت نفسه ، ثم ترجل ، أحسب أن هذا هو إحساس الرجل الذي تقمصته ، ولعلي أبلد شعوره الذي يفترض أن يكون حقيقيا حين أعطف بـ الفاء .
وأما الملاحظة الثانية ، فإني تائب منها توبة نصوحة ، وعسى أن يسعفني في تحقيق ذلك ما قدر الله لي من ذكاء فطري ومكتسب .

دمتي أختا ناصحة ، فزيدي وعودي

والله يكلؤك بعينه التي لا تنام

منى الخالدي
08-07-2007, 01:58 AM
ما شاء الله تبارك الرحمن
كم هو رائعٌ حرفك أيها الكريم
وكم سأتوق لجديدك كي أنهل من هذه العذوبة رقة وعذوبة..

الأديب أحمد الرشيدي

أهلاً بك وألف مرحبا
هطولك كان رائعاً..

أحمد الرشيدي
08-07-2007, 03:27 AM
الأستاذة الأديبة الأريبة منى الخالدي حرسها الله

مررت أختي الكريمة ، فرأيت الوفاء والفضل والأدب والكرم ..
وما أبديتيه من رقة المشاعر إنما صدر من طيب مصدره ..

فلك تحيات أخيك لا زال نابضا قلب بغداد إسلاما وعروبة وعزا وسؤددا

حوراء آل بورنو
12-07-2007, 12:38 PM
قد أحسنت و أجدت ، و ما أراك إلا إلى الزمن الجميل قد عدتَ و أعدت .. فلله درك .

لم هي في منتصف الصفحة تستقر ؟

في انتظار مقامة أخرى ، فما أجدرنا بقلمك نرقبه .

تقديري .

أحمد عبدالرحمن الحكيم
12-07-2007, 12:48 PM
لكل مقام مقال

مقامتك لم يتسع الحرف لدي

فقط
ليرعاك الله

د. حسان الشناوي
13-07-2007, 12:29 AM
أخي الحبيب

الصديق الوفي

د . أحمد الرشيدي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم يمنعني عن الواحة وما فيها من درر الإبداع غير ( الشديد القوي ) كما نقول في مصر ؛ فمعذرة مني إليك

وإلى الكرام في واحة الخير .

وقد أعادتني مقامتك التي برعت فيها إلى ليلة قرأناها سويا في جلسة تأرجت بأخوة صادقة ومودة يعطرها

حب العربية لغة وفكرا وأدبا ووطنا .

وعودة فن المقامة إلى ساحة الإبداع الأدبي عودة منسي ربما تجاهلناه ، وظننا أنه مما ينبغي وضعه على

رفوف الذكريات ، مع أن هذا الفن من أمتع الأجناس الأدبية التي تجمع بين روعة الإبداع وبراعة التوجيه

بصورة غير مباشرة .

وقد سبقني كرام في معانقة مقامتك التي توميء إلى ما ينبغي أن يكون عليه العربي من شمم وإباء واعتزاز

بتراثه بلا تجاهل لما في الحياة من تغيرات تقتضي مواكبتها فيما ينفع ، وتجاهلها أو رفضها فيما يعود على

المرء بما لا فائدة من الجري وراءه .

وكأني بك تنطلق من الأثر الشهير :

" لا يكن أحدكم إمعة ؛ يقول :أنا مع الناس ؛ إن أحسن الناس أحسنت وإن اساءوا أسأت ، ولكن وطنوا

أنفسكم ؛ إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تتجنبوا إساءتهم " .

على الرغم من أن العربي الأصيل يوشك أن يرفع شعاره :

أريتهمُ رأيي بمنعرج اللوى

فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد

وهل أنا إلا من غزية : إن غوت

غويت ، وإن ترشد غزية أرشد

واستلهام ما في التراث من قيم تعلي من شأن العروبة وطنا ولسانا ، ثم صياغتها في قالب فني يكاد يكون

مهجورا – وهو فن المقامة – عمل لا يستحق الإشادة والتقدير فحسب ، بل عمل يتطلب الإكثار إذا كان على

هذا النحو الذي أتيت به أخي الحبيب .

ولعل في بعض الإشارات من أقلام من سبقني ما يعزز لدي ادعاء أن في الأدب العربي أقلاما يستطيع

أصحابها حمل رسالة الأدب التي نتغياها جميعا من حرص على مقوماتنا وقيمنا ، والظهور بمظهر من يعتز

بأمته اعتزازا لا يشوبه خوف ولا يكدره زيف .

وليس من قبيل المجاملات بين الأصدقاء قولي : إن لديك قلما يحمل فكرا مشربا هموم هذه الأمة ، وقلبا

ينبض بحب العربية : قرآنا ولسانا ، فليبارك الله قلمك ودربك ، وليحفظك ويرعك .

وربما أعود مرة أخرى للمناكشة التي لا أرجو منها غير الفائدة للجميع ،

وأحسبك ممن لديهم المقدرة على تقديمها بمودة صدوق وأستاذية نبيلة .

فتقبل محبتي ومودتي وتقديري.

وفاء شوكت خضر
13-07-2007, 01:08 AM
الأخ الفاضل الأديب / أحمد الرشيدي ..

لعله فاتني الكثير في فترة غيابي ، والحمدلله أن صفحتك هذه أول ما لفت انتباهي الليلة ، حيث المقامة الرائعة ، هذا اللون من فنون الأدب الذي لا يجيده إلا قلة قليلة ، والذي كاد أن ينقرض لولا بعض الأدباء اللذين يحاولون إحياؤه ..
جميلة وهادفة مقامتك هذه ، ورائعة بأسلوبك ومفرداتك .

أسعدني المرور هنا ..
تقبل تحيتي .

يسرى علي آل فنه
16-07-2007, 05:46 AM
في الثلث الآخر من الليل بعد أن هجعت الأصوات ، فما تسمع إلا همسات النسمات ، تاقت نفسي واشتاقت إلى بعض آثار الطفولة ، وإرهاصات الكهولة .
فطفقت أصول وأجول ، ومن القلب أقول :
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها
فلما حاذيت دوار العظام ، عنَّ لي شبح في دامس الظلام ، يضطرب وسط الميدان ، فما خطر لي إلا الجان ، ثم إني تعوذت ، ثم ترجلت ، أحبس الأنفاس ، وأخرس المداس ، حتى كان قاب قوسين أو أدنى ، فإذا هو :
رجل غريب مهيب ، سامق الهامة ، أبيض اللحية والعمامة ، أخضر الثياب ، يعبق بالأطياب ، حسن السمت ، طويل الصمت ، ينظر إلى العلم كأنه صنم ، في يده اليمنى حصى ، وفي يده اليسرى عصا .
وما هي إلا لحظات حتى تعالت منه زفرات ، ثم قال :
أمؤمنون وتولون وجوهكم شطر البيت الأبيض الجديد ، وأدباركم شطر البيت الأسود العتيق !
تبا لكم يا أمة المليار ؟! ثم سار وجعل الأعلام على اليسار ، فبدأ بذي النجوم ، وقال : إنك مرجوم ، فرماه ، ورمل للذي يليه ، وهو يرتجز :
الأعلام أصنام والأوطان أوثان
والأحفاد نوام والشيطان يقظان
وهكذا دواليك حتى رجم أعلام الأمم ، ثم استقبل القبلة وصلى .
أما أنا فقد ركبت الظنون ، وهي مطايا الجنون ، فلما نازعني الفضول ـ والإنسان بالطبع عجول ـ قطعت العذاب بسيف الصواب ، فما إن سلم عن يساره إلا وأنا بجواره .
فقلت ـ وما تطفلت ـ : إخالك غريبا ، فكن لي مجبيبا ، نتشرف بلقائك ، ونجتهد في إقرائك ، " وعند الشواء ينكشف الغطاء ".
فرفع حاجبيه ، وحرك شفتيه ، وهز رأسه ، فاسترقت همسه ، فإذا هو : طفل متطفل ، فأنى يعقل ؟!
فقلت : لله درك ! ما أمرك ؟ وما اسمك ورسمك ؟!
فقال : اسمي ناصح بن همام من جهينة ، واسمي رسمي .
فقلت : زدني ، فحديثك يطرب ، وأعرب ، فالمخضرب يعرب .
فقال : والذي رفع السماء بلا عمد ، إن بلدكم هذا أحب بلد ، ولقد جئتكم لأحق الحق بالحجج الساطعة ، والبراهين القاطعة ، والدلائل الناطقة ، والشواهد الصادقة ، ليس لكم خاصة ، بل للمسلمين العامة والخاصة .
فقلت : أفي الكويت متنبي ؟! فتمثل ببيت المتنبي :
ومن البلية عذل من لا يرعوي عن غيه ، وخطاب من لا يفهم
لقد رأيت في كل البلاد من يطوفون حول هذه الأوتاد ، ويحملونها في كل ناد ، وها أنتم يا أهل الكويت تطوفون بها وتذرون البيت .
فضحكت حتى استلقيت ، ثم قلت : يا أبا همام هذا دوار ينظم المسار .
فقال : فلم جعلتم المسار يسارا ؟ أفتظنني حمارا ؟!
فقلت : حاشا ذا الحجا وهو الضليع بفقه جحا ، ولكن صدق أحمد بن الحسين : أن من البلية اثنين : بليد وعنيد ؟
فقال : أوحقا ما تقول ؟
فقلت : نعم وبالله القسم ، وها هو العلم الأخضر فيه التوحيد مسطر .
فخنقته العبره ، وسجد ليبدي شكره ، ثم رفع رأسه ، وقال :
هذا والله هو الظن ، من عرف الله لا يعبد الوثن .
ثم قال : رحم الله أباك وجدك ، وحباك وأعظم جدك ، ولمن قال : آمين من المسلمين .
ثم أعطاني قفاه ، فما عدت أراه ، فسبحان الله .

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
دوار العظام : من أشهر ميادين الكويت ، نصبت فيه أعلام الدول ، واسمه الآن ميدان الأمم المتحدة .
الرسم : العادة والديدن .

أخي الكريم أحمد الرشيدي

تحية ملؤها التقديرلشخصك و لهذا الحس المميز المنعش في أسلوبه

الذي يقدم النصح ممزوجاً ببسمة

ولله در ناصح بن همام وأحمد بن الحسين فلقد لمَّحا وأوضحا

و لو أن اللقاء جمع بينهما في وضح النهار لكان أبلغ وبحضور الشرطة أوجع :011:

أخي العزيز الراقي

شكرا لك على إشراقة روحك الطيبة وقلمك المميز.

احترامي وتقديري لك

د. نجلاء طمان
24-07-2007, 04:34 AM
الرشيدى الرائع:

حوارية تخيلية لحلم انعكس كمرآة لواقع مظلم. تأرجح العمل بين القصة والخاطرة, إلا أنه نجح فى إظهار إسقاط سياسى واجتماعى أراده الكاتب أن يتقاطع مع المستقبلات المتلقاة للمتلقى. جاءت اللغة قوية عانقت شعرية واثقة فتمخض عنهما حس راقي.

شذى الوردة لهذا الرقى

د. نجلاء طمان

أحمد الرشيدي
25-07-2007, 08:28 PM
قد أحسنت و أجدت ، و ما أراك إلا إلى الزمن الجميل قد عدتَ و أعدت .. فلله درك .
لم هي في منتصف الصفحة تستقر ؟
في انتظار مقامة أخرى ، فما أجدرنا بقلمك نرقبه .
تقديري .

أختي الأديبة حوراء

أحسن الله إليك ، وإن قلما يرقبه مثلك لحري به الحذر والتوجس ، وأما كونه في منتصف الصفحة ، فهذه سنة كونية لا تتبدل ولا تتخلف ، فما زالت أمواج إبداعات الأساتذة الكرام تتقاذفه إلى أن يستقر حيث ينبغي أن يكون .

والله يرعاك

أحمد الرشيدي
01-08-2007, 08:39 AM
لكل مقام مقال
مقامتك لم يتسع الحرف لدي
فقط
ليرعاك الله

أخي الحبيب أحمد الحكيم

حسبي أيها الفاضل أن أرى حرفك يجاور حرفي .

لك المودة دوما

أحمد الرشيدي
01-08-2007, 08:46 AM
أخي الحبيب
الصديق الوفي
د . أحمد الرشيدي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يمنعني عن الواحة وما فيها من درر الإبداع غير ( الشديد القوي ) كما نقول في مصر ؛ فمعذرة مني إليك
وإلى الكرام في واحة الخير .
وقد أعادتني مقامتك التي برعت فيها إلى ليلة قرأناها سويا في جلسة تأرجت بأخوة صادقة ومودة يعطرها
حب العربية لغة وفكرا وأدبا ووطنا .
وعودة فن المقامة إلى ساحة الإبداع الأدبي عودة منسي ربما تجاهلناه ، وظننا أنه مما ينبغي وضعه على
رفوف الذكريات ، مع أن هذا الفن من أمتع الأجناس الأدبية التي تجمع بين روعة الإبداع وبراعة التوجيه
بصورة غير مباشرة .
وقد سبقني كرام في معانقة مقامتك التي توميء إلى ما ينبغي أن يكون عليه العربي من شمم وإباء واعتزاز
بتراثه بلا تجاهل لما في الحياة من تغيرات تقتضي مواكبتها فيما ينفع ، وتجاهلها أو رفضها فيما يعود على
المرء بما لا فائدة من الجري وراءه .
وكأني بك تنطلق من الأثر الشهير :
" لا يكن أحدكم إمعة ؛ يقول :أنا مع الناس ؛ إن أحسن الناس أحسنت وإن اساءوا أسأت ، ولكن وطنوا
أنفسكم ؛ إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تتجنبوا إساءتهم " .
على الرغم من أن العربي الأصيل يوشك أن يرفع شعاره :
أريتهمُ رأيي بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
وهل أنا إلا من غزية : إن غوت
غويت ، وإن ترشد غزية أرشد
واستلهام ما في التراث من قيم تعلي من شأن العروبة وطنا ولسانا ، ثم صياغتها في قالب فني يكاد يكون
مهجورا – وهو فن المقامة – عمل لا يستحق الإشادة والتقدير فحسب ، بل عمل يتطلب الإكثار إذا كان على
هذا النحو الذي أتيت به أخي الحبيب .
ولعل في بعض الإشارات من أقلام من سبقني ما يعزز لدي ادعاء أن في الأدب العربي أقلاما يستطيع
أصحابها حمل رسالة الأدب التي نتغياها جميعا من حرص على مقوماتنا وقيمنا ، والظهور بمظهر من يعتز
بأمته اعتزازا لا يشوبه خوف ولا يكدره زيف .
وليس من قبيل المجاملات بين الأصدقاء قولي : إن لديك قلما يحمل فكرا مشربا هموم هذه الأمة ، وقلبا
ينبض بحب العربية : قرآنا ولسانا ، فليبارك الله قلمك ودربك ، وليحفظك ويرعك .
وربما أعود مرة أخرى للمناكشة التي لا أرجو منها غير الفائدة للجميع ،
وأحسبك ممن لديهم المقدرة على تقديمها بمودة صدوق وأستاذية نبيلة .
فتقبل محبتي ومودتي وتقديري.


لله درك صديقا وفيا ، وأستاذا جليلا لم ألتقك يوما إلا أفدت منك نفائس ودررا لا يستخرجها غيرك .

ليتك ( نكشتني ) فقد اشتقت والله إلى (نكش) الكتب والدفاتر .

رعاك الله وحفظك في حلك وترحالك

أحمد الرشيدي
01-08-2007, 08:50 AM
الأخ الفاضل الأديب / أحمد الرشيدي ..
لعله فاتني الكثير في فترة غيابي ، والحمدلله أن صفحتك هذه أول ما لفت انتباهي الليلة ، حيث المقامة الرائعة ، هذا اللون من فنون الأدب الذي لا يجيده إلا قلة قليلة ، والذي كاد أن ينقرض لولا بعض الأدباء اللذين يحاولون إحياؤه ..
جميلة وهادفة مقامتك هذه ، ورائعة بأسلوبك ومفرداتك .
أسعدني المرور هنا ..
تقبل تحيتي .

أيتها الفاضلة القديرة ما أبهى إطلالتك وما أنفعها ، والله إني حين أكتب نصا أفكر بما ستقولين .

لك تحياتي وتقديري واعتزازي

أحمد الرشيدي
01-08-2007, 08:56 AM
أخي الكريم أحمد الرشيدي
تحية ملؤها التقديرلشخصك و لهذا الحس المميز المنعش في أسلوبه
الذي يقدم النصح ممزوجاً ببسمة
ولله در ناصح بن همام وأحمد بن الحسين فلقد لمَّحا وأوضحا
و لو أن اللقاء جمع بينهما في وضح النهار لكان أبلغ وبحضور الشرطة أوجع :011:
أخي العزيز الراقي
شكرا لك على إشراقة روحك الطيبة وقلمك المميز.
احترامي وتقديري لك


الأستاذة الأديبة الموقرة يسرى حرسها الله

الحمد لله أنه لا يقرؤون كما تقرئين أنت :
( و لو أن اللقاء جمع بينهما في وضح النهار لكان أبلغ وبحضور الشرطة أوجع )

أضحك الله سنك يا أختاه

أحمد الرشيدي
01-08-2007, 09:02 AM
الرشيدى الرائع:
حوارية تخيلية لحلم انعكس كمرآة لواقع مظلم. تأرجح العمل بين القصة والخاطرة, إلا أنه نجح فى إظهار إسقاط سياسى واجتماعى أراده الكاتب أن يتقاطع مع المستقبلات المتلقاة للمتلقى. جاءت اللغة قوية عانقت شعرية واثقة فتمخض عنهما حس راقي.
شذى الوردة لهذا الرقى
د. نجلاء طمان

الأستاذة الأديبة الناقدة د. نجلاء

تعلمين كم أتوق إلى تعقيباتك وتعليقاتك ، لا عدمت إطلالتك النافعة البهية .

دمت بخير من الله

طارق الدغيم
01-08-2007, 10:05 AM
كيفيني ان اقول
انك ابدعت

ومرحبا بك

أحمد الرشيدي
02-08-2007, 12:05 PM
الأستاذ طارق

وأنا يكفيني أيها الفاضل أنك مررت ، فشكرا لك من القلب .

د. سمير العمري
08-08-2007, 07:19 PM
وقفت على هذه المقامة التي استوفت خصائصها وزادت إليها الإبداع في البناء والألق في المضمون حتى وجدتني أطرب لها وأبش ، والحرف أمامها صامت لا ينبس ، وقد سلبت مني العقل والحس.

رائعة حقا أخي أحمد الرشيدي وهي إن لم تفق مقامات الحريري المشهورة فما تدانت عنها إلا كما يتدلى العنقود الناضج من كروم الفيحاء.

أبدعت حقا وأجدت فلله در حرفك العابق بإرهاصة أدب رفيع.



تحياتي

أحمد الرشيدي
11-08-2007, 04:33 AM
وقفت على هذه المقامة التي استوفت خصائصها وزادت إليها الإبداع في البناء والألق في المضمون حتى وجدتني أطرب لها وأبش ، والحرف أمامها صامت لا ينبس ، وقد سلبت مني العقل والحس.
رائعة حقا أخي أحمد الرشيدي وهي إن لم تفق مقامات الحريري المشهورة فما تدانت عنها إلا كما يتدلى العنقود الناضج من كروم الفيحاء.
أبدعت حقا وأجدت فلله در حرفك العابق بإرهاصة أدب رفيع.
تحياتي

وقوفك على ما كتبت أسعد به دائما ، فمثلك نتوق إلى نقده وتعليقه ، وما جدت به على أخيك كرم وفادة منك أكرم الله وفادتك ، أما الحريري ، فيالتني أدرك عجاجته .

أيها الأخ الكريم رأيت ردودك على محاولاتي هنا وهناك ، فلم أعجب ، ليس هذا بكثير من مثلك .

أعزك الله ورفع قدرك في الدارين ونفع بك

سحر الليالي
12-02-2008, 08:12 PM
لــ رفع ..!!
لــ جمال الحرف ..لـ سحر النبض ..!!
كن بخير دوما أيها الفاضل .