مشاهدة النسخة كاملة : مقالة : إهداء لأخي خليل حلاوجي ولكل عاقل(دعوة للحوار)
أحمد الرشيدي
09-07-2007, 10:42 PM
( ميزان العقل )
هل فكرت ـ أخي القارئ ـ يوما ، لم أعطاك الله ـ عز وجل ـ العقل ؟ وما الفرق بين عقلك وسائر عقول مخلوقات الله كالثعلب مثلا !
كل إنسان يولد وله عينان إلا أنهم يتفاوتون، فمنهم حديد البصر، والكفيف، والأعور، والأعشى، ومن لا يكاد يبصر أرنبة أنفه كذلك أصحاب العقول ،
ومن طريف ما يذكر أن معرضا لبيع العقول البشرية عقد ، فكان الإقبال شديدا على العقل العربي بالرغم من ارتفاع سعره بينما كسد العقل الألماني والياباني ...، فقال أحد وزراء التعليم العرب لنظيره ـ في المسمى ـ الياباني:
أ رأيت قيمة العقل العربي ؟ فأجابه بقوله : إنما كان الطلب عليه لأنه ثروة لم تستغل قط ! (1)
إن من أهم ما يميز العقل البشري ـ في نظري ـ أمرين رئيسين:
التفكر في الخالق ، والتفكر في الواقع
إن من لا يخلو بنفسه ويتفكر فيها وبخالقها وبمبدئه ومصيره كمن له عينان لا يبصر بهما ، والذي يجهد عقله بتفاهات الأموربمثابة من لا يرى أبعد من أرنبة أنفه ! كل الحيوانات تعرف ربها عن طريق الفطرة ، الإنسان وحده القادر على معرفة ربه عن طريق العقل ‘ فإذا عطل الإنسان عقله انحط إلى أسفل سافلين ، قد تجد إنسانا لا يؤمن بالله وهو مع هذا يملك عقلا اقتصاديا جبارا ، فإذا أمعنت النظر وجدت النملة تزاحمه هذا الشرف وتسمو عليه بمعرفة خالقها . وقد تجد آخر يشار إليه بالبنان في علم الإدارة والنظام ، فإذا قارنته بالنحلة تضاءل قدره وانحط ...
إن الذي يعيش ويموت ولم تشغله يوما مسألة من المسائل التي أقضت مضاجع الفلاسفة والمفكرين جدير بأن يقال عنه : حيوان ناطق !
إن محاولة العقل معرفة الله حق المعرفة دليل على وجود العقل وصحته ،
وإن محاولة العقل معرفة المصير بعد الموت دليل حصافة العقل وفطنته ،
يقول الفيلسوف الكبير بييل بايل :
" يجب على العقل أن يسجد أمام سلطان الله "(2) ، ويقول أيضا في أصحاب العقول السقيمة " إنهم يفتعلون العظمة والشجاعة أمام الله طالما كانوا في عنفوان الصحة وأوج الحظ والسعادة ، فإذا ظنوا أنه قد حاق بهم مرض أو مصيبة ، أو أدركتهم الشيخوخة انحدروا كالعادة حتى إلى الخرافات ، وإذا أحسوا أنهم على شفا الموت ، كانوا أكثر من الآخرين توفرا على تجهيز كل معدات الرحلة إلى العالم الآخر !".(3)
ونحن المسلمين قد أكرمنا الله ـ تعالى ـ بالقرآن الكريم ، فيه شفاء الصدور والعقول ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) الإسراء 88 فهل من مدكر ؟
أما الجانب الآخر وهو التفكر في الواقع ، فينبغي إن كنت عاقلا أن تعي ما يدور حولك ؟
ويأتي في مقدمة ما يجب أن تعمل فيه عقلك الواقع السياسي ، ما الأنظمة التي تحكم العالم ؟ وكيف نشأت ؟ وما السبل التي سلكتها لتبقى وتعزز شرعيتها ؟ ومن هي الشعوب التي تسير خلف قادتها سير القطيع الذي لا هم له إلا الماء والكلأ ؟ يا لحكمة شيخ المعرة إذ يقول :
وحب العيش أعبد كل حر وعلم ساغبا أكل المرار
الثعلب يضرب به المثل في الدهاء والذكاء لكن عقله لا يعمل إلا لحفظ ذاته لذا تراه يتملق من هو أقوى منه ولا يستنكف في السير خلفه ليظفر بفتات صيد لا يستطيعه وحده وهذه حال من يتملقون السلطة ليحصلوا على مناصب تفوق قدراتهم ، والعقل اليقظ كفيل بمعرفة هؤلاء واستخراجهم واحدا تلو الآخر من خلف الكراسي التي يتسترون خلفها ، يقول المعري:
وأشرف من ترى في الأرض قدرا يعيش الدهر عبد فم وفرج
أخي العاقل أمعن النظر وارجع البصر تجد أن من بين أولئك علماء سوء يكتمون ما أنزل الله ويشترون به ثمنا قليلا ، فتراهم معسرين فيما يتعلق بمسائل الفرد ميسرين فيما يتصل بالسياسة كيف لا وقد سبق القول من سادتهم " وكدالك نجزي المحسنين " (4) وفي هؤلاء يقول فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة :
لعل أناسا في المحاريب خوفوا بآي كناس في المشارب أطربوا
إذا رام كيدا بالصلاة مقيمها فتاركها عمدا إلى الله أقرب
أخي القارئ لا تحسب أني شطحت أو استطرت ما عليك إلا أن تستصحب التاريخ وستجد أن علماء السوء أنجع أدواة الأنظمة السياسية التي تسعى إلى تضليل العقول والحيلولة دون فهم الحقائق والواقع .
إن الأمة التي تستمرئ الهوان وترضى بالاستبداد وتنقاد له تغري من هو أقوى باستعبادها ، وما الذي يجري في العراق عنك ببعيد !
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
أخي القارئ حري بك إن كنت تحترم عقلك ألا تعول على عقول الآخرين في معرفة الله ومعرفة الواقع الذي تعيشه وكن على يقين بأن العقل الحصيف الساعي لدرك الحقيقة مدركها لا محالة ولو بعد حين ، فهل أنت ممن يكدح عقله في جنح الليل حتى ينبلج له نور الحق أم أنك ممن لا تعمل عقولهم إلا في الاحتيال لمصلحة العيال وتوفير العلف الوفير والخروج على الناس كل يوم ببردعة جديدة !
( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) الأنفال 8
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) يعني على الزيرو
(2) أزمة الضمير الأوربي لـ ﭙول هازار 134 , وزارة الثقافة ـ سوريا
(3) السابق 137
(4) كدالك هنا بالدال المهملة جمع كدلك ( السيارة المعروفة )
محمد إبراهيم الحريري
09-07-2007, 11:29 PM
الأخ الأديب والمفكر المبدع الأستاذ أحمد الرشيدي
تحية ملؤها الاحترام والتقدير
من ضفاف المقال أشرعت سفينة الرؤى ، ورفعت سواري الفكر ، معلنا حالة تأهب قصوى تجاوزت خطوط الإبحار الحمراء ، وبدأت لاهث الكلمة ، متعلقا على أمل بوجود كنز معرفي ، ولكن لم أجد ضالتي ، بل عثرت على بحر من كنوز الفكر ، ما تنوء بحمله اٌقلام ,وأقلام ، وبين السطور ما يرى حقيقة بعين المتبحر بالعلوم ، والمنعتش بكلمات هي للعقل سادن ، ومن جملة لأخرى ، أتيت على جل الموضوع فهما ، وإدراك قصد .
نعم أخي أحمد
العقل هي سمة كللت جبين الإنسان بتاج الفكر ، وهدية الله لخليفته في الأرض ، وما وهب إلا للعمل بموجب التكليف له ، وإنما عقولنا عربا ، باءت بفشل التكليف ، وانحطت لدرجات تفوق الخيال ضعة ، ولكن ألم تستعمل تلك العقول لسد شهوة ، أو لنهم بطن ؟
نعم وهنا يصبح العقل بهيمي ، غريزي ، لم يؤنسنه حامله ، ولم يتحمله مشقة الدوران بملكوت الله ، بل أبقاه بملف الخمول لآ يمنحه سعة بحث عن ضالة ,
وما القرآن بغائب البيان ( بل هم كالأنعام ..) وكم قرأت لكن يا اسفي على فكر لم يتقد من لمحة .
أحييك أخي على موضوع هو بقمة السطوع فكرا ,
وللأخ أبي إيناس ، تحية وشكر
جوتيار تمر
09-07-2007, 11:41 PM
الرشيدي...
سلمت ياك وفكرك وسلم من اهديت له...
لقد تحدث عني الاستاذ الحريري..لذا اكتفي انا..ب(ديكارت
كل ما تلتقيه، حى الان، على انه اصدق الامور، واوثقها، قد اكتسبته بالحواس، او عن طريق الحواس، غير ان يوجدت الحواس خداعة، في بعض الاوقات، ومن الحكمة الا نطمئن ابدا كل الاطمئنان الى من يخدعنا، ولو مرة واحدة.
المبدأ الثالث من التأمل الال).
دمت بخير
محبتي لك
جوتيار
وفاء شوكت خضر
10-07-2007, 12:49 AM
أخي الكريم ..
وقفت على صفحتك ، أرفع سارية العقل فاردة شراع الفكر ، مبحرة في يم التفكر لأرسو على شواطئ الفطنة أبحث عن دليل العقل العربي ، أتبع خارطة التاريخ ، فما وجدته إلا في تراجع ، كما جريان الماء يهوى الإنحدار ..
نص رائع ينم عن فكر نير وعقل مستنير .
تقبل مروري .
تحيتي وتقديري .
أحمد الرشيدي
10-07-2007, 02:35 AM
أستاذي الجليل ...
أوتعلم والله إن الألقاب التي سأزجيها لك إجلالا وحبا لن تنطق بكلمة مما أحمله لك في القلب والعقل والروح ...
أفتأذن لي أن أقول لك : يا صديقي كما ناديتني من قبل ..
شلال الشعر ، والنثر ، والمشاعر ، والفكر تالله لقد أحطتني بما أعجز لساني من قبل ، فما أقول لك الآن ..
كنت أول من استقبلني في هذه الواحة الغناء أتحسبني نسيت ، ثم كانت منك تلك اللفتة الكريمة التي لا يفعلها إلا من سما خلقه ، ورسخ علمه ، وتدفق أدبه ولن أنسى تلك اللفتة الكريمة ما حييت - صدق أستاذي وصديقي الدكتور حسان في كل ما أخبرني عنك - فقد أبصرته بأم عيني ...
أسألك بالله أن تترفق بي يا أيها الحريري
أحمد الرشيدي
10-07-2007, 03:57 AM
فيلسوف الواحة ودبلوماسيها الأول جوتيار
مررت أخي الكريم ، فسعدت بمرورك ، وكم كنت أود أستاذي الكريم لو أبديت ملاحظة ، أو نبهت إلى خطأ ، أو أشرت إلى سهو ، فلا غنى لي عن نصائحك ، وتوجيهاتك ، وملاحظاتك ...
ولك المودة دوما
احمد هادي الكنْدي
10-07-2007, 04:57 AM
أخي الكريم والأستاذ \ احمد الرشيدي
طرح ومقال رصين .. وقيّم ..
نعم كما تفضلت أنت فقد خلق الله سبحانه وتعالى
لجميع الكائنات الحية العقول .. ولكنه جل في علاه
ميّـز ابن آدم عن سائر المخلوقات بالإدراك والتمييز
وإن هو عطل هذه الخاصية .. أصبح لا فرق بينه
وبين سائر المخلوقات .. لا سمح الله
أما العقل العربي هذا .. فليتك تسلم لي عليه
فقد كان منذ أول التاريخ حين خلق الله الأرض
وما عليها من حياة .. لا يختلف عن ما سواه
من العقول البشرية .. ولكن عندما كرمه الله
عز وجل بنعمة الإسلام .. أصبح من أكثر
العقول إدراكا وتمييزا وتفكيرا .. بل أنه
ساد العالم كله بدينه أولا ثم بحكمته العربية
الأصيلة ..
ولكن واه أسفاه على العقل العربي في هذه
الأيام وفي هذا الزمان .. إلا ما رحم ربي
أشكرك أخي الفاضل على طرحك القيّم
وبارك الله فيك
ولك جـُل تقديري
محمود شاكر الجبوري
10-07-2007, 08:02 AM
الاخ الاديب والمفكر الكبير الرشيدي
بارك الله فيك وحفضك ورعاك وجعلك سدا منيعا في وجه الجهل والجاهلين
سيدي الفاضل
قد يكو ن العقل العربي مجمد منذ خلق لأني لحد الان لم اشهد واقرا لهذا العقل اي فعالية واقعية
سيدي الفاضل ارجو ان نأخذ الامور بواقعية فالشعارات اكهلتنا
تحياتي ............
حوراء آل بورنو
10-07-2007, 10:39 AM
الفاضل أحمد الرشيدي
أظنه قد فاتني الكثير في غيابي ؛ فما أنفع ما قرأت هنا من فكر جاد و بيان آخاذ و حرص كبير على تنظيم المقاطع و ترتيب الجمل ... و فوق هذا نموذج للاحتذاء و التقليد .
أعجبتني تلك الزاوية التي تناولت بها مسألة العقل و استخدامه ، و لعل الله يهدي بكلمتك إلى الرشاد و ينفع .
بقي أن أعتذر إليك أيها الفاضل أني إلى اضطرار نقل نصك الفكري هذا إلى منتداه الصحيح ، و أعتذر إليك أكثر أننا بعد ما تخصصنا علانية في مجال النثر ؛ فهذا منتدى يهتم حقيقة بالمقالة الصغيرة الذاتية و التأملية أكثر من اهتمامه بالمقالة الفكرية و الفلسفية .
بالغ تقديري و ترحيبي .
أحمد الرشيدي
10-07-2007, 01:48 PM
الأخت الفاضلة الأديبة وفاء شوكت خضر
شكرا لك على مرورك الكريم ، وشكرا لك على ذلك الإطراء الذي لا أستحق عشره
ودمت بخير
عبدالصمد حسن زيبار
10-07-2007, 02:06 PM
بوركت أستاذ أحمد
بورك حرفك النابض
و فكرك السامق
تحياتي
أحمد الرشيدي
10-07-2007, 03:39 PM
الأخ الأديب أحمد الكندي
كان مرورك الكريم نسمة أمل استنشقتها ، فملأت جوانحي سرورا وبهجة ...
دمت لأخيك دوما
أحمد الرشيدي
10-07-2007, 11:30 PM
الأستاذ الأديب محمود شاكر
أخي الكريم : " أنا أكون سدا منيعا " والله إني بحاجة إلى من ينتشلني من وحل الجهل والجهالة ..
أكرمك الله على حسن ظنك وبارك فيك أسعدني مرورك الكريم
أحمد الرشيدي
11-07-2007, 12:27 PM
الأخ الحبيب عبد الصمد
مرورك الكريم ، واطلالتك البيهة ، وكلماتك الرقيقة تعيد لي الثقة في أشياء تسربت من نفسي ...
ودمت لأخيك
أحمد الرشيدي
11-07-2007, 09:51 PM
الأخت الأديبة الموقرة حوراء
أسعدني مرورك الكريم ، وكلماتك التي جدتي بها على المقال .. ، ولا حاجة للاعتذار البتة ، بل أنا الذي أعتذر حين وضعت ما كتبت في غير محله ، وأنتم أدرى به ، ولك إن شئت أن تطرحيه - أيضا ، حسبي أني قلت ما لدي ..
ودمت بخير
خليل حلاوجي
12-07-2007, 02:33 PM
الراشد احمد الرشيدي
{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ }النمل79
لااجد اعز من كلام الله أهديه لقلبك النقي ايها التقي
بشارة خير والله وجودك هنا في الواحة
دولة الحكمة واهلها ... الفضلاء
اخي احمد
قبل ست سنوات وضعت مقالة اسمها ( العقلنة ) ترددت كثيرا في نشرها فلم انشرها ابداً في اي صحيفة
اليوم حان وقتها والله
فترقب هنا .... كيف نصنع لانفسنا العقل القرآني المجدي
بوركت عدد الحصى وعدد قطرات الندى
أحمد الرشيدي
13-07-2007, 02:27 AM
أخي الخليل
ملأ السرور جوانحي بإطلالتك البهية ...
وما جدت به على أخيك جاء كالغيث المنهمر على الأرض المجدبة ...
وأنا أترقب وأتوق إلى ما ستتحفنا به إن شاء الله ..
ولك المودة دوما ، وملأ أرضا أنبتتك سلما وسلاما وإسلاما
سمو الكعبي
17-07-2007, 02:58 AM
[الأستاذ ألأديب :
أحمد الرشيد------حفظه الله .
كُنا قد عرفناك أديبا صاحب مطية في الأدب.. ووجب علينا بعد هذه المقالة أن نضيف لك صفة الفكر والفلسفة , ,وإن لم يكونا حديثتا عهد بك , فمما لا شك به أن من حمل أدبا حمل فكرا وعقلا .
ونقلة للموضوع :
من أجلّ الأمور مخاطبة العقل الذي هو ميزة في ابن آدم عن بقية المخلوقات , وللأسف أن يذهب الكثيرون إلى العاطفة فقط دون العقل أما في هذه المقالة فكان العقل سلطانا وألأدب ظلا ورافا له .
ثانيا :
أعجبني هذا المقطع ومن طريف ما يذكر أن معرضا لبيع العقول البشرية عقد ، فكان الإقبال شديدا على العقل العربي بالرغم من ارتفاع سعره بينما كسد العقل الألماني والياباني ...، فقال أحد وزراء التعليم العرب لنظيره ـ في المسمى ـ الياباني:
أ رأيت قيمة العقل العربي ؟ فأجابه بقوله : إنما كان الطلب عليه لأنه ثروة لم تستغل قط ! "
حقا إن كان الجميع يطلب إجازة فالعقل العربي قد سئمها .
ثالثا:
"الثعلب يضرب به المثل في الدهاء والذكاء لكن عقله لا يعمل إلا لحفظ ذاته لذا تراه يتملق من هو أقوى منه ولا يستنكف في السير خلفه ليظفر بفتات صيد لا يستطيعه وحده وهذه حال من يتملقون السلطة ليحصلوا على مناصب تفوق قدراتهم"
لاشك أن بضرب المثال يتضح المقال, إن ما يميز الكاتب الحق أن يُسخر ماحوله لخدمة الفكرة التي يحملها , فيصطاد لها مايشبع جوع القارئ , أشدُّ على يديك .
أعجبني في هذه المقالة الأسلوب المباشر , الذي لم يضر بأدبية النص العالية , حيث ظن كثير من الظُنّان أن الغوص في الصور الأخلية هي السمة الوحيدة للمتعة الأدبية ,إذا فما فائدة تلك الغابات الأستوائية ذات المنظر الجميل الخلاب إلا إن رطوبة جوها وتعفُّن مستنقعتها تُعيفك المبيت فيها, وبينما تجد في الواحة الغناء البسيط من الراحة ما لاتجده في غيرها .
أخشى الإطالة , وكل ما أستطيع قوله في الختام أقول " حقا لقد كسبت الواحة أديبا جديرا بأن نقرأ له ونصفق :NJ: .
سلّمك الله ولا أسلمك/
أحمد الرشيدي
17-07-2007, 03:31 AM
أختي الموقرة سمو حرسها الله
قلت يوما : إن الذي يجهد فكره ، ويسرح خياله ، ويحفي قلمه يتوق إلى قارئ يفهم عنه ،
ووالله يا أختاه لقد أثلج صدري ما خط يراعك ...
فسلمت يداك لا عدمتك أديبة وموجهة وناقدة ، ومحفزة لي إلى ما يقر عين مثلك ...
والله يكلؤك بعينه التي لا تنام
بابيه أمال
18-07-2007, 03:24 PM
سلام الله عليكم..
العقل هو الميزان الصحيح الذي نزن به الإنسان الناجح، ولم نر إنسانا ناجحا في هذه الحياة دون أن يكون العقل مسيطرا على تصرفاته فلا يؤدي به إلى الفشل الذريع. ذلك أن العقل ينظر إلى واقع الأمور مجردا من الانفعالات النفسية التي كثيرا ما تؤدي إلى الخطأ، حيث أنه أساس للثبت في الأمور، أي التفكير فيها تفكيرا عميقا قبل الإقدام عليها..
وبجانب العقل هناك العاطفة التي بقدر ما تشتمل على المزايا الطيبة بقدر ما تخرج عن نطاق العقل وتدفع بصاحبها إلى التصرف والاندفاع بعيدا عن الروية والتفكير اللذان هما نتاج العقل..
بهذا فالسلوك والعاطفة الصادرين عن إنسان يستعمل عقله وتفكيره في أمور حياته الدنيوية والأخروية بشكل محمود يؤديان إلى نتائج حسنة وطيبة يراها في نفسه أولا وفي علاقاته الإنسانية أو العملية ثانيا.. أما إذا كانا صادرين عن إنسان لا يستعمل عقله وتفكيره في أموره، فإنهما بلا شك يؤديان إلى نتيجة سيئة وغير محمودة لا على نفسه ولا علاقاته بمحيطه أو مجتمعه..
وعندما نتكلم عن العقل العربي والعاطفة العربية، نشعر بالألم والأسى من جراء ما نسمع وما نرى هنا وهناك حولنا من عواطف منطلقة، ومشاعر مندفعة بدون اتجاه محدد بالعقل والحكمة، عواطف متعاكسة ومشاعر مختلفة كلها تذهب هباء، بل تترك آثارا سيئة على النشء وعلى الجيل الذي يتطلع إلى وضعه المضطرب وسط هذه السهام الطائشة التي تفقده الرؤية الصحيحة أمام ما تدعوه إليه الحياة من معترك يجب أن يدخله موحد الرأي وصافي الذهن، واضح الهدف وعارفا الغاية التي يندفع إليها والنتيجة التي يصل إليه بإذن الله..
لنخلص من كل هذا إلى أن عالمنا العربي عالم واحد لكن أغلب أفراده البسطاء يعيشون مضطربي الفكر والرأي، مهتزي العاطفة والشعور من كثرة هذا التراشق من حولهم والتشكيك في وحدتهم وتراثهم وحضارتهم وتاريخهم.. والسبب هو اختلال موازين العقل وموازين العاطفة لدى المتحكمين في مقدرات هذا العالم العربي، أوالقابضين على أزمته والمسيطرين على أموره الداخلية والخارجية يساعدونهم الأتباع الذين ينفذون ما يملى عليهم بتفكير وعاطفة لا يصبان إلا في التبعية ويد السوء لأمة طرحت كرامتها أرضا وأهينت بين كل الأمم على يد أفرادهـا.. فلها الله كفيـــلا.
سيد أحمد الرشيدي وكل الأعضاء المحترمين : شكرا لما قرأته هنا من أفــكار رشيــدة..
أحمد الرشيدي
26-07-2007, 10:13 PM
سلام الله عليكم..
العقل هو الميزان الصحيح الذي نزن به الإنسان الناجح، ولم نر إنسانا ناجحا في هذه الحياة دون أن يكون العقل مسيطرا على تصرفاته فلا يؤدي به إلى الفشل الذريع. ذلك أن العقل ينظر إلى واقع الأمور مجردا من الانفعالات النفسية التي كثيرا ما تؤدي إلى الخطأ، حيث أنه أساس للثبت في الأمور، أي التفكير فيها تفكيرا عميقا قبل الإقدام عليها..
وبجانب العقل هناك العاطفة التي بقدر ما تشتمل على المزايا الطيبة بقدر ما تخرج عن نطاق العقل وتدفع بصاحبها إلى التصرف والاندفاع بعيدا عن الروية والتفكير اللذان هما نتاج العقل..
بهذا فالسلوك والعاطفة الصادرين عن إنسان يستعمل عقله وتفكيره في أمور حياته الدنيوية والأخروية بشكل محمود يؤديان إلى نتائج حسنة وطيبة يراها في نفسه أولا وفي علاقاته الإنسانية أو العملية ثانيا.. أما إذا كانا صادرين عن إنسان لا يستعمل عقله وتفكيره في أموره، فإنهما بلا شك يؤديان إلى نتيجة سيئة وغير محمودة لا على نفسه ولا علاقاته بمحيطه أو مجتمعه..
وعندما نتكلم عن العقل العربي والعاطفة العربية، نشعر بالألم والأسى من جراء ما نسمع وما نرى هنا وهناك حولنا من عواطف منطلقة، ومشاعر مندفعة بدون اتجاه محدد بالعقل والحكمة، عواطف متعاكسة ومشاعر مختلفة كلها تذهب هباء، بل تترك آثارا سيئة على النشء وعلى الجيل الذي يتطلع إلى وضعه المضطرب وسط هذه السهام الطائشة التي تفقده الرؤية الصحيحة أمام ما تدعوه إليه الحياة من معترك يجب أن يدخله موحد الرأي وصافي الذهن، واضح الهدف وعارفا الغاية التي يندفع إليها والنتيجة التي يصل إليه بإذن الله..
لنخلص من كل هذا إلى أن عالمنا العربي عالم واحد لكن أغلب أفراده البسطاء يعيشون مضطربي الفكر والرأي، مهتزي العاطفة والشعور من كثرة هذا التراشق من حولهم والتشكيك في وحدتهم وتراثهم وحضارتهم وتاريخهم.. والسبب هو اختلال موازين العقل وموازين العاطفة لدى المتحكمين في مقدرات هذا العالم العربي، أوالقابضين على أزمته والمسيطرين على أموره الداخلية والخارجية يساعدونهم الأتباع الذين ينفذون ما يملى عليهم بتفكير وعاطفة لا يصبان إلا في التبعية ويد السوء لأمة طرحت كرامتها أرضا وأهينت بين كل الأمم على يد أفرادهـا.. فلها الله كفيـــلا.
سيد أحمد الرشيدي وكل الأعضاء المحترمين : شكرا لما قرأته هنا من أفــكار رشيــدة..
أختي الفاضلة بابيه أمال
إن ما سطره يراعك من فكر مستنير ، وأسلوب مشرق تعليقا على ما كتبت ليس بمستغرب منك أيتها الأديبة المثقفة ، فقد ألفيت في كتاباتك ما يقر العين ويشنف الأذن ويثلج الصدر ويشحذ الذهن .
ولك من أخيك الإكبار والتوقير
خليل حلاوجي
08-08-2007, 01:09 PM
احمد الرشيدي ... أرشدني وإياك رب راض عنا غير غضبان
إليك ماوعدتك...
البحث وقد إختصرته لك وستجده كاملا ً في كتابي المزمع طبعه ... ولا أوصيك إلا أن تجتهد في مخالفتي ما استطعت إلى ذلك عقلا ً ... ايها الحبيب النجيب
سلمك ربي لي عينا ً ثالثة ... وأذنا واعية ... وحرسك وأبقاك
\
ألف باء .. العقل المسلم
لماذا يهتم المواطن العربي بانجازات الممثل البارع عادل إمام أكثر من اهتمامه بفكر كاتب بارع مثل محمد عابد الجابري ؟
لماذا يستهلك المواطن العربي انجازات التقنية الغربية ولا يريد حتى مجرد التفكير في التقليل من الاستهلاك فضلا ً عن المساهمة في الانجاز ؟
لماذا يفشل الطالب العربي عندما يضع في أجوبته الإمتحانية رؤيته غير المشفوعة برؤية الآباء والأجداد ؟ بل و ربما طرد من الجامعة جراء فعلته
لماذا لا يقرأ أطباؤنا آخر منجزات الطب الحديث وتقنيته ؟ لماذا لا يفكر المهندسون العرب برسم أحلام مدننا – على الأقل - على الورق ؟
لكل ما سبق أقول :
نحن نعاني من أزمة ثقافية خانقة ، لا نمتلك ثروة فكرية تواكب التغالب الفكري الإنساني ، وثقافتنا التراثية أغلقت أبوابها أمام عقولنا فنسينا أبجديات العقل المسلم المنتج للمتون التجديدية وتشوشت الرؤية لكل ما هو جديد بالمقارنة مع رؤيتنا التي ألفناها ورافقتنا في الروضة والمدرسة والجامعة .
يقول المفكر (مالك بن نبي ) في لقطة تشخيصية هامة إذ يعتبر الأفكار منها الميت ومنها القاتل. )وكما أن لكل موتى مقابر للجثث فيجب دفن بعض تلك أفكارنا الميتة لئلا تؤذينا بنتنها ).
ولكن من يتجرأ فيقول إن هذه فكرة ميتة ؟
ومعلوم في الفلسفة ...أن من عرف هو أين؟ يمكن أن يتوجه إلى أين؟ولكن الواقع يؤكد حاجتنا لفقه جديد في النص وفي الحياة على حد سواء وأيضا ً إعادة تشكيل العقل بالثقافة فأول ما يعالج الداء بحسن التشخيص وأهم ما في التشخيص معرفة السبب وأهم ما في السبب تحديد (وحدته).
يقول خالص جلبي (إذا كانت الأمراض العضوية تنتقل بوحدات من الفيروسات أو الجراثيم فإن الأمراض الاجتماعية تنتقل بوحدات من الأفكار الموضوعية).
الحقيقة أني وقفت طويلا ً أمام حكمة الله تعالى في مسألة ختم الرسالات السماوية وتعجبت كيف أن الله تعالى وهو يرسل للناس وقد ازدادت معضلاتهم على رأس كل مئات من السنين رسولا ً يهديهم إلى صراط الفلاح فيضع عنهم الإصر والأغلال فيعيد هذا الرسول إلى الإنسان إنسانيته وينجح في طرد معيقات السمو الإنساني لتبدأ دورة جديدة من النجاح ، ترى بماذا استبدل الله تعالى إرسال رسله للبشر المتعطش للحق والنجاح في الحياة ؟
هل يعقل أن البشر تخلص من توالي وتراكب المعضلات ؟ أم أن في الأمر سرا ً خفيا ً ؟
لقد انتبه إلى جواب هذه التساؤلات المفكر الفيلسوف الباكستاني ( محمد إقبال) وذكر: إن البشرية بعد رسالة الحبيب محمد بحاجة إلى عقل جديد لا إلى نبي جديد على حد تعبير الدكتور خالص جلبي .
لقد ولد ( العقل السنني ) وهو العقل الذي أبطل الاتكاء على الخرافة والخوارقية قال تعالى :
{ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً }فاطر43
في كتابه (الإنسان ليس وحيدا ً ) يؤكد موريسون من جعل العقل أحد الأدلة أو الأسباب السبعة على وجود الله فقال:
( في الإنسان شيء أعظم من غريزة الحيوان وذلك هو وجود العقل وقدراته وإبداعاته وهذا من دلائل وجود الله )
ومن يرتضي منكم أحبتي القراء مرافقتي لنطوف فوق أرصفة مدننا وهي تحكي لنا قصة التيه ومعها قصة العقول الإسلامية وهي اليوم لا تلاحق آخر إنتاج المخابر العلمية في شأن العلوم والمعرفة
لقد أجريت اختبارا ً على شكل استفتاء لمئتين من صفوة مثقفي مدينتي ( الموصل ) وكان احد الأسئلة فيه ما هي عجائب الدنيا السبعة فأجمعت الإجابات على أنها .. سور الصين ومنارة الإسكندرية والجنائن المعلقة ... الخ ، عندها أدركت أن الصفوة عندنا لا تزال تعيش الألفية الأولى وقد تعجب الجميع عندما ذكرت لهم أن العجائب لهذا الشهر تحديدا ًهي : شفط الطاقة من القمر محاولة تصنيع دماغ آلي يحوي 100 مليار رقاقة وبناء مجمع سكني بألف طابق وبارتفاع 4000 متر في اليابان نعم 4000 متر وستنزل إلى الأسواق سيارة تعمل بالطاقة الهيدرجينية عام 2008 .
الحقيقة أن عقلي أنا بن العراق يختلف عن عقل صنوي ممن يقطن في الصومال ونحن الاثنين نختلف عن عقل الإنسان الذي ولد وعاش في كالفورنيا مثلا ً !!!
فطبيعة الغذاء الفكري لكل منا يختلف عن الآخر ولكن هذه العقول الثلاثة لا تختلف قيد شعرة في قدرتها على الاستجابة والتحليل والإنتاج الفكري بعد ذلك !!! .
ويذكر (مالك بن نبي) المفكر الجزائري (مرض الطفولة) وكيف أن تربية الطفل تبدأ منذ أيامه الأولى بل وربما في الرحم ، وعندما يصل الطفل إلى المدرسة تكون برمجته الثقافية قد انتهت وأخذ قولبته الفكرية ثم خلص الى أن هناك فرقا ً بين الثقافة والعلم .
العقل سماه عالم الاجتماع العراقي – العبقري – علي الوردي رحمة الله عليه مهزلة لأنه يشبه ناب الذئب و خرطوم الفيل وترس السلحفاة فهو بالنسبة للإنسان يؤدي وظيفة تشبه هذه الأدوات تساعد الإنسان على وظيفة ( البقاء ) فقط لا غير .
أما الفيلسوف الفرنسي ( هنري برجسون 1859 – 1941) فله وجهة نظر جديرة بالتوقف عندها والتأمل مليا ً ، يقول وحسب ما ورد في كتاب ( قصة الفلسفة ) لول ديورانت ما نصه : ( العقل ليس هو الأداة الصالحة لإدراك الحياة لأن هذا المطلب فوق مقدوره وأكثر مما يستطيع إذ أن العقل يميل إلى استعمال الوجود لصالحه وهذا يتطلب منه وقف تيار الحياة الذي يدب في الكون وتجزئة الوجود ليتمكن من دراسته جزءا ً جزءا ً ، فالعقل والحواس آلات للتجزئة والغاية منها تيسير الحياة لا تصوير الوجود ، أي إنها تتناول الوجود في ظاهرة ولكنها لا تنفذ إلى باطنه ولما كانت المعرفة الحقيقية هي التي تتمشى مع الوجود في تحوله وتتغلغل في بواطن الأشياء وتحسها إحساسا ً مباشرا ً كما يحس الحمل الوديع وجوب فراره من غائلة الذئاب فالبصيرة وحدها هي الإرادة الصالحة لذلك النوع من المعرفة ) انتهى كلامه.
وهنا أنبه إلى أن القرآن المجيد لم يمدح العقل ولم يصف المتميزين بالعقلاء لكنه استخدم مصطلح ( الحكمة ) وأولي النهى بل وأمر رسوله الرحيم محمد عليه الصلاة والسلام أن يستزيد من العلم : {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }طه114
بل أن القرآن قص لنا حكاية مدهشة عن عبد من عباد الله صالحا ً صار معلما ً لنبي من أنبياء الله فأخذ المعلم يفعل سلوكيات غير منطقية لم يستطع معه النبي جراءها صبرا ً فهو قد خرق سفينة لمساكين كانوا يسترزقون بها وقتل غلاما ً هو الولد لأسرة صالحة ثم أقام حائطا ً لبيت رفض أهله أن يضيفوهما ( النبي والرجل الصالح) وهنا شاهد آخر على أن عقل النبي لم يستوعب الحكمة من فعل الرجل الصالح حتى شرحها هو له فاستيقن بعد ذلك وأدرك فضل الحكمة وقصور العقل .
والفارق بين العلم والعقل هو كالفارق بين الصوت واللسان – بحسب ما أراه – وما يميز العلم أنه على الدوام يجلب المنافع للإنسان في حين قد يجلب العقل – أحيانا ً – الشرور للإنسان فكثير من الدهاة واللصوص والمجرمين هم من أصحاب العقول الجبارة وحين كتب الجاحظ كتابه ( حيل اللصوص) كان منتبها ً لهذه الجزئية .
استطيع أن أؤكد الآن أن العقل عقلان :
1\ عقل يسعى لتحويل الواقع ليطابق الرؤى التي يقترحها و
2\ عقل يسعى لتحويل الرؤى التي يؤمن بها لتتطابق مع الواقع .
الأول متحرر من أية قوالب فكرية ويدهش صاحبه بتسارع الانجاز الفكري تبعا ً لتعقيد وتطور معضلات الواقع .
الثاني مستمسك بما وجد نفسه عليه فهو حريص أشد الحرص على ( الآبائية الفكرية ) بل ويعتبر نفسه جنديا ً من حماة حصونها ، مصدقا ً أن فواجع واقعه هي نتيجة لعدم الاعتصام بقولبته الفكرية التي فطر عليها مذ ولادته .
لكل من هذين العقلين ... مقدس .. هو المرجع له
المقدس عند العقل الأول هو : التطورية والنسبية الزمنية والنفعية ، التطورية اقتبسها من شعار (دارون ) البقاء للأقوى ، والنسبية الزمنية اقتبسها من شعار ( تعظيم الكفاءة ) ، والنفعية اقتبسها من شعار ( الاكتفاء الذاتي للعلم) فالعلم عند هذا العقل هو الإله المنقذ النافع فلا يمكن التدخل في معاييره إلا بالسيطرة على قيم العلم ذاته .
فالعلم لا يسيطر على المجتمع وإدارته فحسب بل يفصل القيم الإنسانية والأخلاقية عن قيمه المادية .
أما المقدس عند العقل الثاني فهو الإيمان والاعتقاد والتصور والمنهج الذي يرفض النقد وبذلك لا يختلف من يؤمن بإلوهية البقرة في الهند عمن يؤمن بإلوهية الصخرة عند قريش عمن يعبد الحاكم الفرد ( هتلر مثلا ً) فالجميع لا يعترفون بأحقية وإلزام تواصل النقد لما تفرضه عقولهم من رؤى.
هنا يجب أن نذكر النوع الثالث وهو عقل المسلم المتشرب بمنهج الرسالة المحمدية
فالمسلم الحق : لا يمتلك أيا ً من هذين العقلين ، المسلم الحق يمتلك العقل الذي يسعى لإصلاح حال الإنسان - في أي زمان ومكان – بالطرق المادية من خلال التصدي والاستعانة لقضية الإيمان بالقبول أو الرفض .
فالوعي بالأسئلة الخالدة هي من تحصن المسلم من إنزلاقات وتشوشات عقله والمسلم الواعي هو الذي استطاع الإجابة عن تساؤلات هامة ، من هو ؟ وإلى أين يسير ؟ بل وينظر لنفسه ماذا تقدم لغد ٍ ؟
إن أول سؤال يتبادر إلى ذهننا هو كيف يتم ذلك ؟
الجواب : إن المسلم يؤمن أن المسلم هو اخو المسلم وأخو الإنسان أيضا ً في نفس الوقت ، كون الله هو رب العالمين لا رب المسلمين فحسب ورسول الرحمة المهداة هو رسول الله إلى الناس جميعاً وأن ليس بأماني المسلم ولا أماني سواه من خلق الله تتحقق هوية وجوده فوق الأرض بل هناك قانون قرآني هام جدا ً تميز بين البشر {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123
ولكن قد نغفل عن أن من المسلمين من هو من المنافقين أو الكاذبين أو المفترين ... الخ وهو أشد ضررا ً علينا ممن يخالفنا في تصور الإيمان والعقيدة وهنا علينا استخدام الإيمان لحرب من يدعي الإيمان ويضرنا باسمه .
وهكذا يكون الظالم وعدوانه أشد ضررا ً على المجتمع الإسلامي من الكافر المهادن والمسالم .
ثم أني عندما أقرأ قول الله تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }البقرة170 أتأمل جيدا ً الفريق بين ( ما أنزل الله ) وبين ( ما وجدت آبائي عليه )
التفريق بينهما يتم من خلال تجاوز الانحياز الذي قد يوقعني به عقلي ، معلوم أن كل إنسان يقع في فخ الانحياز لذاته ولأسرته ولمدينته وبلدته وعقيدته وعشيرته وطائفته وعرقه بل ولمصلحته الشخصية وأقل البشر تأثرا ًبانحيازه هو ذلك الإنسان الذي انتبه لقانون الانحياز هذا .
وهكذا هو مضمون عملية (التحرر) الفكري والثقافي عن مسلمات نسجتها الأعراف والتقاليد وهذا التحرر هو في ذات الوقت الاستنجاد بالنص المقدس ( القرآن وصحيح السنة) ليتم التفريق به عما نسجه الآباء .
وموقفي من ( الآباء ) لا يحكمه الهوى أو الإعجاب بل يتحدد بقاعدة قرآنية عظيمة قال تعالى "أن نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سياتهم". فهذا هو الانفكاك السليم من مسلمات زمنية ومكانية تضر بفهمي للنص المقدس ، وأنا عندما أشاهد الخلل في تطبيق قيم المنهج القرآني عند الناس الذين أنا أعيش بينهم فان من واجبي والأمر هذا أن أنبه من أعيش بينهم إلى الكف عن الاستمرار في إنتاج أفكار تروج أو تبرر أو تكرر لأوضاعنا المزرية
إذن : على المسلم أن يستوعب جيدا ً المضامين العملية للأصل الإسلامي الأمجد وهو التوحيد .
فالتوحيد يخلق لنا عقلا ً محررا ً من عبادة العباد والانصياع لرؤاهم إلى عبادة رب العباد والانصياع لمراده وحده جل في علاه ، وهذا العقل المحرر أمامه مهام جليلة ليكون متسقا ًمع الهدف الذي خلق من أجله الإنسان إلا وهو تمثل العبودية الحقة لله الحق تبارك وتعالى
ولا نعني هنا بالعبودية التقزيم الطقوسي كما يظن بعضنا بل العبودية هي الطاقة الكامنة التي تستقر في نبض قلوبنا فتسّير حياتنا بكل تفاصيلها خالصة لله وحده .
العقل المحرر نراه يدرك كيف يعيش مع الله ولله وبالله .. يغضب لله ، يفرح لله ، يتعلم لله ، يعلم لله ، يزرع لله ، يصنع لله ، ينجب الذرية لله ، يعمر الأرض لله ، يستثمر الكون وسماواته لله ، يحارب الظلم لله ، يثأر لله ، يصحح رؤى الشر وأهله لله ... وهكذا.
وهذه الطاقة الكامنة قد هدانا الله إلى منجمها الذي لا ينضب عن كثرة الأخذ منه ... انه القرآن .. كلام ربنا المجيد ( المجيد هنا المتجدد مع تسارع الزمن فهو لا يخلق كما ورد في الحديث) .
أن تمتلك عقلا ً قرآنيا ً فذاك يعني انك أصبحت إنسانا ً أولا ً وانك إنسانا متحررا ً ثانيا.
والآن : نظرة سريعة على درجات العقلانية في القرآن ...فأقول :
بعد أن قرأت آلاف الكتب التي خرجت من عقول رجال لازالوا يفكرون بما هو كائن لا بما هو يجب أن يكون خرجت بنتيجة واحدة : إن أمامي كمسلم اليوم مهمة جليلة هي إعادة صياغة هذا العقل الذي يسكن جمجمتي .
لقد وقفت طويلا ً مع كتاب (نقد العقل المسلم) لعبد الحليم أبو شقة...و(الحديث بين أهل الفقه والسنة) لمحمد الغزالي و (نقد الفكر الديني) لمحمد آركون و (تكوين) أو(بنية) العقل العربي) لمحمد عابد الجابري ...
فتأكدت من وجود نوعين من العقلاء
1\ عقلاء العقل النقلي
2\ عقلاء العقل النقدي
يختلف الصنف الأول عن الثاني انه منفصل عن التاريخ..بينما الثاني متصل باللحظة الراهنة يقر بكل فواجعها محاولا ً رسم الخارطة للنجاة معترفا ً بقصور الهمة لدى أبناء الأمة في حركة البعث الإسلامي.
إن العقل عند طرفي عقلاء الأمة ينمو من خلال آلية النقد الذاتي؛ لأن المراجعة تفرض التصحيح وبمعنى آخر فان الاعتراف هو المفتاح الذي ندخل به إلى مدينة المعرفة ، والمعرفة سادتي تنمو كأي كائن حي فقط في جو الممارسة والتصحيح، فيزداد التراكم المعرفي، لما لانهاية له والقرآن يضرب لنا مثلا ً بكلمة نافعة فيقول عنها إنها ستصبح شجرة نافعة قال تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء }إبراهيم24
والآن ..ما هي خصائص العقل النقلي ؟
1\ انه يكرر الأفكار التي يرثها عن طريق الأسلاف من بدون مناقشة فنرى بعد مرور زمن على هذه الأفكار تحولها إلى مسلمات وأعراف وتقاليد وليست الخطورة هنا إلا حينما يرفض الإنسان تخليص ما هو مقدس من أفكارنا التراثية ( أعني ما ورد في كلام ربنا جل في علاه وما ورد من كلام رسولنا عليه الصلاة والسلام ) تخليصها مما هو بشري غير مقدس ككلام الفقهاء والمفسرين والمصلحين .
2\العقل النقلي ينشر الأفكار والغاية عنده هو توارد هذه الأفكار جيلا ً بعد جيل ولا يهتم البتة بتجديد الوعي عند متلقي تلك الأفكار ...
المهم عنده هي الأفكار وليست طلب المنفعة من هذه الأفكار ..
3\ وبحجة أن الأفكار هي جزء من موروثنا يقوم العقل النقلي بتبرير متون تلك الأفكار بل وربما يتولى الدفاع عن تلك المتون بضراوة فيحارب الأفكار الأخرى وهو يظن انه وحده على الهدى وانه ما سواه أيا ً كان على الباطل المبين ومعلوم أن التلاقح الفكري هو السبيل الأجدى للتوصل إلى الأفكار التي نحتاجها في زمن التغالب الفكري الذي نعيشه وقد ضرب لنا الله تعالى مثلا ً في كتابه المجيد عمن يجادل مقتنعا ً بما لديه من أفكار بدون أن يطلع على علم غيره ولا هدى من حوله من الناس ولا أي كتاب منير يصحح له الرؤى الفكرية قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ }الحج8.
أما العقل النقدي فهو يمتاز بثلاث ميزات
1\ لا يمل من مراقبة الأفكار التي يملكها ويقارنها بالأفكار التي تأتيه طازجة ومتجددة من مختبرات العلوم فيأخذ ما يراه موافقا ً لأصول اعتقاده متماشيا ً مع منهجه في الانجاز المعرفي ثم يترك ما هو غير موافق ، ولقد نبه لذلك المفكر مالك بن نبي – رحمة الله عليه – إلى وجود نوعين من الأفكار
أ\ الأفكار الحية التي تساعدنا على الاستمرار في حياة مثمرة
ب \ الأفكار الميتة التي لم يعد لها دور نفعي في حياتنا
بل يدعونا مالك لدفن الأفكار الميتة وبسرعة حتى نتخلص من نتنها وضررها .
2\لا يتأخر العقل النقدي من متابعة التصحيح والتنقيح والمراجعة فهو يؤشر الخطأ والباطل ثم يورد ما يراه مناسبا ً ، وبمعنى ثان ٍ فانه يقدم لنا الحلول عند أي معضلة تواجهنا ولا يكتفي بالتشخيص وبلغة القرآن هو أن نأخذ بأحسن ما نستمع إليه من آراء قال تعالى {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ }الإسراء53وقال تعالى {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر18
ثم أن القرآن المجيد يشرح لنا موعظة سيدنا موسى عن التوراة قال تعالى{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ }الأعراف145
فالأخذ بأحسن ما في الكتاب المقدس ( التوراة ) يعني أن ندرك الحسن عن الأحسن مطابقة ً مع الواقع.
3\العقل النقدي يدرك تماما ً الحدود مابين النص السماوي ومابين النص البشري فيتحرر من قيد المعصومية عند من يدعيها ، ومعلوم أن الرسل وحدهم المعصومون فيما بلغونا عن ربهم من حكمة .
فليس عند العقل النقدي أحدا ً فوق الخطأ أو دون النقد حاشا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، والقرآن حدثنا عن (النفس اللوامة) التي لا تكف عن لوم صاحبها وكأن عملية النقد تستمر مع العقل النقدي إلى ما لانهاية .
ومن تعود نقد ولوم نفسه نراه قد حصن نفسه من خطر من حوله من أصحاب ( القولبة الفكرية ) الذين يظنون أنهم يحسنون صنعا وهم على الحقيقة وبوصف القرآن من الأخسرين أعمالاً قال تعالى :قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً{103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً{104}الكهف
وقول الله تعالى عنهم : {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً }فاطر8
والآن ...كيف يتسنى لأحدنا صناعة عقله النقدي ؟
1\لابد أولا ً من معرفة الحدود التي يمكن من خلالها إعمال العقل في النص السماوي المقدس ( الكتاب والسنة )
2\متى يتسنى للعقل النقدي استهلاك واستخدام (المصطلح الشرعي ) دون الاختلاط في الدلالة أو إبهامها أو تركيبها ؟
3\لابد من تحديد ( المرجعية ) لهذا العقل النقدي فمسألة المرجعية جوهرية لأنها تشكل على أساسها الخطاب الفكري من حيث جعلنا ( الله ) تعالى مركز ومحور عقلنا النقدي
والآن..ما هي الأبواب الثلاثة التي ندخل من خلالها إلى مدينة العقل النقدي ؟
1\الدرهم الحلال :لابد لأي عاقل من الاستقلال المادي وفي قول النبي لنا عبرة... أنه يريد الإصلاح ما استطاع أما التوفيق فهو من الله ولاحظ أن الأنبياء جميعا ً قالوا {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ }الشعراء109{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ }ص86
2\ تجنب الضجيج :عندما أمر الله تعالى نبيه زكريا بالصوم عن الكلام فانه أراده أن يخصص لسانه لله تعالى وهي إشارة خفية إلى تشكل عقلنا النقدي حينما نخصص جوارحنا فنغضب لله ونفرح لله ونتعلم لله ونعلم لله ... وهكذا
3\عبادة التأمل وتدبر قرآن الله المسطور ( القرآن العظيم ) وقرآن الله المنظور ( كون الله العظيم )
وعلينا أن نعرف ما هي الكتب التي تحدث يقظة عقلية ؟ فتربط القارئ بالواقع وتربط الاثنين بالقرآن و يمكن تسمية هذه الكتب بحيث تختصر الجهد لمن يريد خوض مغامرة إعادة تشكيل عقله المسلم ويمكن تسمية هذه الكتب على نحو محدد، فهي ستختصر رحلة تكوين العقل من عمر مديد إلى سنوات قليلة عند أي شاب عربي قرر أن يتحرر من قيود ضياع وتشوش عقليته .
أحمد الرشيدي
08-08-2007, 03:36 PM
الحبيب الخليل
الحمد لله الذي يسر لك إنجاز ما وعدت ، وسأحاول أن أذكر لك ما يعن لي من وحي ما كتبت ، ولا حاجة لتقول :
" ولا أوصيك إلا أن تجتهد في مخالفتي ما استطعت إلى ذلك عقلا ". حسبي أن اقرأ قراءة تليق بي وبك ، ويفعل الله بعدها ما يشاء .
ودمت بخير من الله
د. سمير العمري
08-08-2007, 07:44 PM
مرت هنا فوجدت طرحا مقتضبا لأمر كبير جدا ومهم في حياة الأمة وهو وإن لم يخل من عمق ورؤية إلا أنني أرى أن نجعله موضوع حوار نتناول فيه معنى العقل والفهم ووسائل العقل وأليات الفهم تأثير ذلك على واقع الأمة في مراحلها ثم دور هذا وذاك في سبر أغوار حال الأمة وقصورها وكيفية العودة بها إلى ذاتها.
إن العقل والإدراك والفهم والفطنة والحكمة والرؤية وغير ذلك مما يجدر بنا أن نتناوله بتفصيل كاف لنخرج منه بآليات وتوصيات نعتمدها منهجا للأمة نرسخه من خلال رابطة الواحة الثقافية.
أنا هنا لأشكر الطرح ولأتمنى على الأخوة التفاعل في حوار تفصيلي مثمر ، ولأعد بالعودة محاورا بإذن الله تعالى.
للتثبيت من أجل حوار هادف
لك التحية والتقدير أخي الفاضل.
أبوبكر سليمان الزوي
24-08-2007, 10:05 PM
الأستاذ الأديب .. أحمد الرشيدي - الأخوة الأفاضل جميعاً .. السلام عليكم
من أجل حوار هادف
هكذا تمت إعادة طـرح الموضوع وتثبيته ، بقصد التفاعل في حوار تفصيلي مثمر .. ومعالجة أمور العقل والفهم والحكمة والإدراك والفطنة والرؤية وكل ما في حكمها .. كما جاء في مداخلة وتوصية أخينا وأستاذنا الدكتور العزيز .. سمير العمري ..
من أجل ذلك يتحتّم علينا التحديد والتجديد وربط الفكر بالواقع والمنطق ، لا مجرد التنقّل بين مرافئ الأدب والفلسفة والشعر والتفكّـر بقصد النقد والتذكّـر ..!
أولاً .. أجدني أطمع في سعة صدرٍ لدى أخي الكريم .. أحمد الرشيدي .. لأُسجّـل تحفظي وعدم اتفاقي مع الأسطر التالية من مقالته القيّمة .. خاصة وأنها مُـهداة إلى كل عاقل .. ( فهل أنت ممن يكدح عقله في جنح الليل حتى ينبلج له نور الحق أم أنك ممن لا تعمل عقولهم إلا في الاحتيال لمصلحة العيال وتوفير العلف الوفير والخروج على الناس كل يوم ببردعة جديدة ! ) ..
وأقول .. إني أتفق مع الزملاء في المدح المستحق لبعض ما حوته المقالة من أدب ، ولا أرى بأساً مع ذلك في الاختلاف والتساؤل حول كل ما تحويه من فكـر ..
ثانياً .. الأخ الرشيدي وكل الزملاء الذين أيدتم فكرة المقالة دون تحفّـظ ..
هل لي بطرح تساؤلات إنسانية بديهية أجدها هائمةً تائهةً بين الأدبيات الإسلامية والفكـر العربي ..
هل نخاطب بأدبنا شريحة مُحـدّدة في بيئة ممهـدة لا ينقصها سوى التذكير ..!
أم ترانا نخاطب أنماطاً متعددة من أقوام مهـددة في لقمة عيشها إلى الحد الذي جعلهم يرون في الفكر والعقل والتفكّـر والأخلاق ضرباً من العبث وإضاعةً الوقت والجهد ..!
فكأني بالزميل العزيز يُخاطب أمةً من الفلاسفة المفكرين المثقفين الأغنياء الآمرين القادرين المُطاعين المالكين لأمرهم .. بعد أن طاف مُـدنهم وقُـراهم ولم يجد غير الكسل علة فيهم ..!
وكأني بكم ترون المواطنين العرب بخلاء بفقرهم ، جُهلاء بمحض إرادتهم المسلوبة ، أغبياء برغبتهم المفقودة ، حكماء يدّخرون حكمتهم في أوج محنتهم ، عُـقلاء يعبثون بعقولهم ، أو أنكم ترونهم أحياءاً يـدّعون الموت .. إنهم أمواتٌ يريدون الحياة ..!
كأني بالإخوة يطلبون من الضعيف إغاثة الملهوف ، ويلومون الفقير لعدم تصدقه على المسكين ، وينتظرون من العبيد تخليص المساجين ، ويرجون القراءة والكتابة من الأميين ..!
إننا أيها السادة إنما نخاطب جمعاً - مُفـرده هو ذاك المواطن العربي المسلم الذي لا يزال يُعوّل على قبيلة أو عشيرة تحمي وجوده في حده الأدنى- مقابل تعطيل عقله وتهميش دوره والتنازل عن كيانه إلى حدها الأقصى .. بسبب غياب البديل .. وهو دولة القانون ..!
أردت التذكير فقط بأن جُلّ من نخاطبهم هم أولئك الأفراد الذين تتملكهم الرهبة من قادم الساعات لا الأيام ، ويعبث بكرامتهم العَـوَز في حاضر السنين ، وتقودهم قناعات استقوها من واقع وجدوه قـدراً محتوماً أمامهم ، مُسلّطـاً على أعناقهم ، مُمسكاً بأقواتهم .!
إنه واقعنا الأليم المسيطر ذو السطوة الرهيبة - الذي ما اصطدمت به رؤية أو فطنة أو إدراك أو فهم أو حكمة – إلا وأفرغها من هِمّـتها وملأها بيأسه .!
إن العبد الذي يُفرض عليه النفاق لا يمكن أن يعيش إلا منافقاً .!
فعندما يجلده سيده الدنيوي (النظام القائم) على جنبه المادي ، ويُحرّم عليه سيده الديني الاتقاء بجنبه الفكري- فلن يكون أمامه سوى فلسفة الثعالب .!
أيها الزملاء الأعزاء .. إني أرى أن سلاح النقد وفضح التجاوزات وجلد الذات .. هو سلاح فاشل في عالمنا الثالث .. فهو سلاح فاعل- فقط- في عالمٍ تجاوزَ الأساسيات الإنسانية ، وقطع أشواطاً كبيرةً باتجاه الكمال وفق المعايير والقدرات البشرية ..!
فهل خطابنا موجه إلى شريحة بذاتها كالمثقفين أو الكتّاب أو الأدباء .. مثلاً ..! فإذا كان الأمر كذلك .. فتلك طامة كبرى - إذا كانت مثل هذه الشرائح لا تزال تنتظر منا تلك النصائح ..!
أما إذا كان الخطاب موجه إلى عموم الأمة .. فإني أرى أن الأمر يحتاج إلى ورش عمل مستمر لوضع آليات للنهوض بها .. فليس النقد والنصح هما علاجها ..!
علينا ألا ننسى أن الأمة لا تنتظر من مثقفيها سبّـاً .. إنما تعقد عليهم الآمال وتنتظر منهم فك الأغلال ..!
وأرجو ألا يغيب عن أذهاننا أن الواقع العلمي المستقر المزدهر - الغربي الأممي الذي نراه اليوم - هو نتيجة لثورة قادها أفراد مفكرون بالأمس ..!
أيها الأحباب .. إننا نجانب الصواب قليلاً ونظلم العقل العربي كثيراً عندما نعيّره ونقيسه بالعقل الغربي أو الياباني الحـر الطليق في دنياه .. بينما نطلب من العقل العربي تدبّـر القرآن وإتقان العبادات والتفكّـر في الحساب وانتظار الفتاوى وطاعة ولي الأمر وصلة الأرحام والصبر على البلاء والاعتماد على الدعاء واستحضار الجهاد وضرورة الزواج والإنجاب .. الخ .. ونتوعده ببئس المصير إذا بدا منه أدنى تقصير ..!
في الوقت الذي لا يحق له أن يسأل عن أمر ديني لم يستوعبه عقله .. وإذا سأل فإنه في أحسن الأحوال لا يحصل على جواب .. وغالباً ما يُرمى بالكفر والزندقة والعمالة والنفاق ..!
للحديث بقية .. طابت أوقاتكم ..
أحمد الرشيدي
25-08-2007, 12:32 AM
الأستاذ الأديب .. أحمد الرشيدي - الأخوة الأفاضل جميعاً .. السلام عليكم
الأخ المفكر أبو بكر سليمان الزوي حفظه الله
وعليك والسلام ورحمة الله وبركاته
من أجل حوار هادف
هكذا تمت إعادة طـرح الموضوع وتثبيته ، بقصد التفاعل في حوار تفصيلي مثمر .. ومعالجة أمور العقل والفهم والحكمة والإدراك والفطنة والرؤية وكل ما في حكمها .. كما جاء في مداخلة وتوصية أخينا وأستاذنا الدكتور العزيز .. سمير العمري ..
يا أخي الكريم أنا على سفر ، وقد قدر الله أن أطل على الواحة ، فكان ما جاد به فكركم وأدبكم هو أول ما وقعت عليه عيناي ، ثم إن والدتي - يا أخي الكريم في حالة صحية سيئة ، وأنا في حالة نفسية سيئة ، كما أني لم أكتب هذه المقالة لأقيم حوارا ، وإنما هي محاولة فكرية أولى نشرتها في جريدة الوطن الكويتية يقرأها المثقف والطبيب والمهندس والمعلم والطالب ، والمنافق والمؤمن ، والعالم ، والجاهل ، والأديب والمفكر ، والموسيقي ... أنا لم أقم حوارا ، وإنما حاولت أن أجتهد ، وأسأل الله ألا يحرمني الأجر ، وأود أن أنوه بأن الأستاذ العزيز خليل حلاوجي هو الذي أقام حوارا ، ولست أنا . وتوصية أخي الكريم أستاذك الدكتور سمير العمري موجهة للمفكرين أمثالك ، وأما أنا ، فكما ذكرتَ أنتَ فيما يلي :
من أجل ذلك يتحتّم علينا التحديد والتجديد وربط الفكر بالواقع والمنطق ، لا مجرد التنقّل بين مرافئ الأدب والفلسفة والشعر والتفكّـر بقصد النقد والتذكّـر ..!
ثم إني لم أقرأ في شروط الانتساب للواحة أنه يتحتم على من كتب مقالة فكرية - أقولها تسامحا - ألا يكتب في موضوع آخر ، ، ومعلوم أن الأدب يروح عن النفس بينما الفكر يجهد الذهن ، ومن الصعوبة بمكان إعمال الفكر والنفس في وادٍ آخر .
أولاً .. أجدني أطمع في سعة صدرٍ لدى أخي الكريم .. أحمد الرشيدي .. لأُسجّـل تحفظي وعدم اتفاقي مع الأسطر التالية من مقالته القيّمة .. خاصة وأنها مُـهداة إلى كل عاقل .. ( فهل أنت ممن يكدح عقله في جنح الليل حتى ينبلج له نور الحق أم أنك ممن لا تعمل عقولهم إلا في الاحتيال لمصلحة العيال وتوفير العلف الوفير والخروج على الناس كل يوم ببردعة جديدة ! ) ..
يا أخي الكريم هذا أسلوب إنشائي شائع ليس الغرض منه مجابهة المخاطب ، إلا إن كان المخاطب كما يقول الأخوة المصريون : ( اللي على راسه بطحه ) فماذا بوسعي أن أفعل له ، ثم إنها ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ، أليس إصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح النفس ومكاشفتها ؟
وأقول .. إني أتفق مع الزملاء في المدح المستحق لبعض ما حوته المقالة من أدب ، ولا أرى بأساً مع ذلك في الاختلاف والتساؤل حول كل ما تحويه من فكـر ..
ثانياً .. الأخ الرشيدي وكل الزملاء الذين أيدتم فكرة المقالة دون تحفّـظ ..
هل لي بطرح تساؤلات إنسانية بديهية أجدها هائمةً تائهةً بين الأدبيات الإسلامية والفكـر العربي ..
لقد ذكرتُ لكَ - أخي الفاضل - ما كان من أمري في هذه المقالة ، وأما الزملاء ، فلا أعلم لِمَ لم يتحفظوا .
هل نخاطب بأدبنا شريحة مُحـدّدة في بيئة ممهـدة لا ينقصها سوى التذكير ..!
أم ترانا نخاطب أنماطاً متعددة من أقوام مهـددة في لقمة عيشها إلى الحد الذي جعلهم يرون في الفكر والعقل والتفكّـر والأخلاق ضرباً من العبث وإضاعةً الوقت والجهد ..!
فكأني بالزميل العزيز يُخاطب أمةً من الفلاسفة المفكرين المثقفين الأغنياء الآمرين القادرين المُطاعين المالكين لأمرهم .. بعد أن طاف مُـدنهم وقُـراهم ولم يجد غير الكسل علة فيهم ..!
أجبتك - أخي الفاضل - فيما ذكرتُه في صدر كلامي ، لقد نشرت هذه المقالة في جريدة يومية ، ثم أشار عليَّ أخي الدكتور حسان الشناوي بنشرها هنا ، ففعلتُ ، وكنتُ حديث عهد بالواحة ، فوجدت أن أخي الفاضل خليل حلاوجي يُعنى بمسائل الفكر ، فأهديتُه إياه .
وكأني بكم ترون المواطنين العرب بخلاء بفقرهم ، جُهلاء بمحض إرادتهم المسلوبة ، أغبياء برغبتهم المفقودة ، حكماء يدّخرون حكمتهم في أوج محنتهم ، عُـقلاء يعبثون بعقولهم ، أو أنكم ترونهم أحياءاً يـدّعون الموت .. إنهم أمواتٌ يريدون الحياة ..!
كأني بالإخوة يطلبون من الضعيف إغاثة الملهوف ، ويلومون الفقير لعدم تصدقه على المسكين ، وينتظرون من العبيد تخليص المساجين ، ويرجون القراءة والكتابة من الأميين ..!
إننا أيها السادة إنما نخاطب جمعاً - مُفـرده هو ذاك المواطن العربي المسلم الذي لا يزال يُعوّل على قبيلة أو عشيرة تحمي وجوده في حده الأدنى- مقابل تعطيل عقله وتهميش دوره والتنازل عن كيانه إلى حدها الأقصى .. بسبب غياب البديل .. وهو دولة القانون ..!
أردت التذكير فقط بأن جُلّ من نخاطبهم هم أولئك الأفراد الذين تتملكهم الرهبة من قادم الساعات لا الأيام ، ويعبث بكرامتهم العَـوَز في حاضر السنين ، وتقودهم قناعات استقوها من واقع وجدوه قـدراً محتوماً أمامهم ، مُسلّطـاً على أعناقهم ، مُمسكاً بأقواتهم .!
إنه واقعنا الأليم المسيطر ذو السطوة الرهيبة - الذي ما اصطدمت به رؤية أو فطنة أو إدراك أو فهم أو حكمة – إلا وأفرغها من هِمّـتها وملأها بيأسه .!
إن العبد الذي يُفرض عليه النفاق لا يمكن أن يعيش إلا منافقاً .!
فعندما يجلده سيده الدنيوي (النظام القائم) على جنبه المادي ، ويُحرّم عليه سيده الديني الاتقاء بجنبه الفكري- فلن يكون أمامه سوى فلسفة الثعالب .!
أيها الزملاء الأعزاء .. إني أرى أن سلاح النقد وفضح التجاوزات وجلد الذات .. هو سلاح فاشل في عالمنا الثالث .. فهو سلاح فاعل- فقط- في عالمٍ تجاوزَ الأساسيات الإنسانية ، وقطع أشواطاً كبيرةً باتجاه الكمال وفق المعايير والقدرات البشرية ..!
فهل خطابنا موجه إلى شريحة بذاتها كالمثقفين أو الكتّاب أو الأدباء .. مثلاً ..! فإذا كان الأمر كذلك .. فتلك طامة كبرى - إذا كانت مثل هذه الشرائح لا تزال تنتظر منا تلك النصائح ..!
أما إذا كان الخطاب موجه إلى عموم الأمة .. فإني أرى أن الأمر يحتاج إلى ورش عمل مستمر لوضع آليات للنهوض بها .. فليس النقد والنصح هما علاجها ..!
أيها الأخ الكريم إذا أقمتَ ورش عمل ، فسأكون أول من يعمل معك .
علينا ألا ننسى أن الأمة لا تنتظر من مثقفيها سبّـاً .. إنما تعقد عليهم الآمال وتنتظر منهم فك الأغلال ..!
أما قولك ( سبا ) فلستُ بمعلق عليها ، وليغفر الله لك .
وأرجو ألا يغيب عن أذهاننا أن الواقع العلمي المستقر المزدهر - الغربي الأممي الذي نراه اليوم - هو نتيجة لثورة قادها أفراد مفكرون بالأمس ..!
أيها الأحباب .. إننا نجانب الصواب قليلاً ونظلم العقل العربي كثيراً عندما نعيّره ونقيسه بالعقل الغربي أو الياباني الحـر الطليق في دنياه .. بينما نطلب من العقل العربي تدبّـر القرآن وإتقان العبادات والتفكّـر في الحساب وانتظار الفتاوى وطاعة ولي الأمر وصلة الأرحام والصبر على البلاء والاعتماد على الدعاء واستحضار الجهاد وضرورة الزواج والإنجاب .. الخ .. ونتوعده ببئس المصير إذا بدا منه أدنى تقصير ..!
في الوقت الذي لا يحق له أن يسأل عن أمر ديني لم يستوعبه عقله .. وإذا سأل فإنه في أحسن الأحوال لا يحصل على جواب .. وغالباً ما يُرمى بالكفر والزندقة والعمالة والنفاق ..!
للحديث بقية .. طابت أوقاتكم ..
أخي الفاضل لم أكتب حرفا لأناقش ، فأنا عن هذا في شغل ، وإنما لأقول لك :
أخي الكريم لقد قرأت ثمَّ ما يجعلني لا أعود هنا إلا قارئا مستفيدا ، فبارك الله لكم في علمكم وفكركم وأدبكم ، والسلام .
أبوبكر سليمان الزوي
25-08-2007, 01:05 PM
الأخ الكريم والأديب الرقيق والزميل العزيز .. أحمد الرشيدي ..
من القلب .. أدعو الله لك الفَرَجَ والاستقرار وللوالدة الكريمة الشفاء العاجل ..
أخي .. أود القول بأنك لست أول من ينتقدني أدبياً بينما أتناول شأناً فكرياً .. وربما يرجع ذلك إلى الأسلوب الذي هو جزء مني والذي قد يشوبه شيء من القسوة ونبرة الهجوم والتحدي .. رغم أني لا أجد نفسي تحدثني أو تدفعني لذلك ، ولا أفخر ولا أسعى ولا أطمح أن أكون كذلك ..! بل إني أستحي وأخجل وأخشى أن أوصف بذلك .. ولكن يبدو أن في الواقع شيء من ذلك ، وربما لم أفلح في إخفائه عن الآخرين لأني أنا نفسي لا أراه ولا أعلم بوجوده ..!
وكل ما أستطيع أن أجزم به صادقاً – وأُشهِـدُ الله تعالى عليه – هو أني عندما أُناقش وأحاور وأنتقد فإنني أوجه خطابي للأفكار لا للأشخاص ..!
على كل حال .. فقد تم طرح الموضوع للحوار ، ودُعينا للمشاركة والتفاعل ولذلك قلت وجهة نظري ..
ومن خلال قراءتي لتفاعل الأخوة الذين سبقوني بالردود فقد وجدت أن جُلّهم يفوقونك قناعة بصواب فكرتك وسلامة رؤيتك ولذلك فقد كانت تساؤلاتي موجهة للجميع ..!
أرجو أخي العزيز أن تكون بخير وأرجو أن لا تجد في نفسك شيئاً تجاهي .. فأنا أخوك وعضدك وإن اختلفت الرؤى أو أُسيء فهم القصد عن غير قصد ..
تحياتي ..
خليل حلاوجي
25-08-2007, 03:45 PM
في فمي يا عراقُ.. مـاءٌ كـثيرٌ
كيفَ يشكو من كانَ في فيهِ ماءُ؟
كم أُعاني مما كتبـتُ عـذاباً
ويعاني في شـرقنا الفضلاءُ
كلُّ من قاتلوا بحرفٍ شجاعٍ
ثم ماتـوا.. فإنـهم شهداءُ
إن أكُن قد كويتُ لحمَ بلادي
فمن الكيِّ قد يجـيءُ الشفاءُ
أنا ما جئتُ كي أكونَ خطيباً
فبلادي أضاعَـها الخُـطباءُ
إنني رافضٌ زماني وعصـري
ومن الـرفضِ تولدُ الأشـياءُ
\
قد تختصر هذه القصيدة للمرحوم نزار قباني ... الكثير مما أردت أن ندركه هنا ونحن نحلل أخطر موضوع يمس الأسس التي تقوم عليها ثقافتنا ...
وددت لو أن الأحبة ناقشوا مثلث ( الإعتقاد \ العقل \ العلم ) وأنا قد فصلت فيه في ردي ...
أخوتي الكرام : لا بد من مصارحة أنفسنا بحقيقة عللنا ... لا بد
\
بالغ تقديري
وأنتظركم ... جميعا ً ... لنخرج بنتيجة مثمرة وفعل مجدي
أبوبكر سليمان الزوي
29-08-2007, 05:41 AM
الواحة تـُكـرّم أدباءها وكُتـّابها ومُفكريها ..
دعوة الأخوة في إدارة الواحة لنا .. إلى حوار حول مفاهيم بحجم الحكمة والرؤية والفطنة والإدراك والفهم والعقل والعلم والاعتقاد .. هـو شرفٌ عظيم وحلمٌ قد تحقق ..
ولا شك أن المغزى من هذه الدعوة للحوار حول هذه الموجودات المعنوية والمفاهيم الإنسانية – الأزلية أزل الإنسان .. هو سبر لأغوارنا نحن – الفكرية، وهو استشراف لمدى إحاطتنا بها واستيعابنا ورؤيتنا لها ، ومدى اتفاقنا حول مدلولاتها الوجدانية البنائية العميقة ...
أعِـدُ بعودة قريبة للحوار على ضوء ما تفضل به الأستاذ الفاضل والمحرك الفاعل .. أخي الأستاذ خليل حلاوجي في مشاركته المُفصّلة ... حال سماح الظروف ( عامل الوقت ) بذلك ..
خليل حلاوجي
29-08-2007, 02:12 PM
أشكر مرورك أخي ابو بكر ... وأنتظر من جميع جهابذة الواحة ... رأيهم
فهنا
سنؤسس لعقلانية إسلامية تواكب الألفية الثالثة ... بكم ومعكم أحبتي
أبوبكر سليمان الزوي
01-09-2007, 01:31 PM
مقدمة الحوار
... مفهوم البشر والآدمي والإنسان .. باختصار ..
لعلنا نتفق على أن البشر أو البشرية هي صفة مذمومة ومرحلة متدنية من مراحل كينونة الإنسان ؛ ولعلها كانت أولى مراحل ظهور هذا الكائن - المخلوق أساساً من طين .
ثم أن مشيئة الله اقتضت اصطفاء آدم من البشر ، فسوّاه الله في صورة تليق بنفخة روح الله فيه ، ثم جعل تناسله يتأتى من ماء مهين .
واكتسب بنو آدم اسم و صفة الإنسانية بما يحملون من روح الله التي تتمثل فيما يحوونه من قدرات معرفية ومسئوليات أخلاقية تجاه مخلوقات الله على الأرض ، الأمر الذي وصفه الله سبحانه وتعالى بخلافة الإنسان له في الأرض ..
فنفخة الروح لم يُعطـها الله لمخلوق مادي غير الإنسان ، مع أننا نقول أن لكل كائن حي روحاً ..
فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يسعى لاكتشاف ما حوله ويُعطي الأشياء أسماءها ويتملّـكها ويُسخـّرها لخدمته ويُعطي لنفسه الحق في صونها أو إيذائها .. إذاً فالإنسان مخلوق يختلف من حيث الجوهر والشكل عما حوله من مخلوقات ..
ولذلك يمكننا القول بأن الإنسان هو كائن اكتسب معرفة ، وهو بدونها يُدعى بشرٌ ..
فإذا فقد الإنسان المعرفة عاد بشراً لا يختلف عن باقي المخلوقات على الأرض إلا من حيث الشكل .
والعقل هو أساس المعرفة لدى الإنسان ، ولنا أن نتذكر ما يفعله الإنسان حين يُصاب في عقله .. حيث أنه يعمد مباشرة إلى فعل كل ما يُعيبه - كنزع ملابسه– بمعنى أنه لا يعد يُدرك ما يليق بالإنسان ، ولا يعد يهتم بمكانته بين المخلوقات ، أي أنه يعود بشراً ؛
فالبشر اسم مشتق بالأساس من البَشَرَةِ ، وهي التي يُحافظ الإنسان على حجبها عن الآخرين وكأنها عيب فيه – ربما لأنها تـُذكّـره بمرحلته البشرية المتدنية .. وهو عيب مشترك يحمله كل إنسان ولكنه محجوب بفعل المعرفة .
وتدني مدلول صفة البشرية مرده إلى سمو صفة الإنسانية التي استحقها البشر بالمعرفة والمسئولية - بمشيئة الله .
على كل حال .. فإن البحث في أمر نفخة الروح ومراحل خلق الإنسان يطول بنا ، وقد قرأت لغيري وحاورت وكتبت في هذا الباب سابقاً .. وهو ليس موضوع حوارنا الآن ، إلا أني وجدته مقدمة مناسبة وقاعدة أولى لانطلاقة الحوار ..
ملاحظة :
اقترح على الأخوة استبدال الموضوع أو تغيير عنوان المقال بآخر يدل على وجود حوار فيه ، سعياً لاستقطاب المحاورين والقـُرّاء ..
تحياتي للجميع ..
خليل حلاوجي
01-09-2007, 02:15 PM
وددت أخي الكريم الأستاذ ابو بكر أن ننطلق من بحث مثلث ( الإعتقاد \ العقل \ العلم ) الوارد في مقالاتي
لازلت أنتظر ... مروركم
عبدالصمد حسن زيبار
01-09-2007, 08:15 PM
تحياتي خليل
مثلث : الاعتقاد / العقل / العلم
هكذا يتفنن الحوار و يثمر
لي عودة مع الموضوع
أبوبكر سليمان الزوي
02-09-2007, 01:40 PM
الأخوة الأفاضل جميعاً .. السلام عليكم ..
العقل والاعتقاد والعلم ..
أخي العزيز خليل حلاوجي ..
ابتداءً لا بد لي من التذكير بأن سقف الحرية الفكرية المطلوب للتعمق في تناول مثل هذه الأفكار – مرتفع كثيراً ، وقد لا تسعه معظم الثقافات ذات المرجعية الإسلامية – السائدة اليوم .. فما هو تصور الزملاء للسقف المُتاح أمامنا – وأخص بالذكر أخي خليل ..!
في دراستك المستفيضة والزاخرة بالاستدلالات .. أجدك تقول ( فالتوحيد يخلق لنا عقلا ً محررا ً من عبادة العباد والانصياع لرؤاهم إلى عبادة رب العباد والانصياع لمراده وحده جل في علاه ، ) ..
.. اسمح لي بمخالفة مبدئية في شأن علاقة العقل بالتوحيد .. حيث أني أرى أن العقل هو المسئول أساساً عن بناء فكرة التوحيد ، وليس التوحيد هو الذي يخلق العقل .!
وإذا كان القصد هو تأثير التوحيد على ضبط سلوكيات الإنسان وتحديد مبادئه .. فذاك أمر آخـر ، وهو خاضع لقاعدة الضرورات والمحظورات التي تختلف من إنسان لآخر .
وعندما تقول يخلق لنا ..! فمن هم نحن هنا ..! .. إذا كان الحديث عن عدد محدود من الأفراد .. فهذا صواب وممكن ، وهو واقع موجود . أما إذا كان الحديث عن مجتمعات ، فذاك أمرٌ غير موجود ، وربما غير ممكن ..!
وإجمالاً فإن الحكم على مثل هذه الأمور (تأثير التوحيد على حياة الإنسان) لا يكون مطلقاً ، بل يجب أن يكون نسبياً ، سواء من حيث الوجوب أو من حيث إمكانية التحقق على أرض الواقع .. لأنها أمور تخضع لمؤثرات خارجية (البيئة المحيطة بالإنسان ) والتي لا بد له من التعاطي معها والتأثر بها سلباً وإيجاباً .. مثل حرية المعتقد ، والحرية الفكرية ، والناحية المادية - المالية ..الخ .
كذلك فإن استجابة العقل تتوقف على عوامل بنيوية في شخصية الإنسان ( عوامل وراثية ) كالشجاعة والكرم والبخل .. الخ ، وإرادة الإنسان لا تعدو أن تكون واحداً من مجموع تلك العوامل .
تحياتي .. وللحديث بقية ..
عبدالصمد حسن زيبار
04-09-2007, 01:28 PM
الأحبة سأعرض هنا مقالا لأحد الكتاب المفكرين المبدعين وهو البروفيسور طـه عبد الرحمن
ربما خصصت في القريب شيئا عنه وعن كتبه و أفكاره
وهي ضمن المثلث : الدين / العلم
/
كيف نفكر في الصلة بين العلم والدين؟
البروفيسور طـه عبد الرحمن
الملتقى الفكري للإبداع
لقد فكَّر غيرُنا طويلا في الصلة بين العلم والدين، حتى أضحى هذا التفكير سيبلهم إلى صنع تاريخ لهم جديد، تاريخ أضفوا عليه من جميل الأوصاف ما أضفوا؛ فهل فكَّرنا نحن من جانبنا في هذه الصلة كما فكَّروا، وطوّلنا في هذا التفكير كما طوّلوا، وخرجنا منه بما خرجوا؟ كان يصح الجواب بنعم لو أننا أبدعنا في تفكيرنا كما أبدعوا، إذ لا تفكير بحق إلا مع وجود الإبداع؛ والواقع أن تفكيرنا في هذه الصلة الخفية خلا من أسباب الإبداع، إذ اكتفينا بترديد ما قاله غيرنا في وجوه هذه الصلة، وقد انقسم هؤلاء بشأنها إلى فرق ثلاث.
فقد ادعت فرقة أولى منهم أن بين العلم والدين تناقضا صريجا ، وبالغت في التمسك بهذا التناقض، ولم تَرَ مخرجا منه لا بترجيح ولا بتفريق، بل جعلت العلم حربا على الدين وجعلت الدين حربا على العلم، ورأت أنه لا مخرج من هذه الحرب إلا بانتصار العلم وانهزام الدين، فانتصر العلم لديها وانهزم الدين
ووُجدت منا نحن كذلك طائفة تدَّعي ما ادعاه هؤلاء، لا حجة لها إلا أن سوانا تقدموا ونحن تأخرنا، فلْنحتذ حذوهم حتى نتقدم؛ وما درت هذه الطائفة منا أن أسباب النزاع بين العلم والدين عند غيرنا لا وجود لها ألبتة عندنا مهما تكلفت من أسباب المشابهة بينا وبينهم، ومهما لفَّقت من تُهم لتاريخنا حتى يكون بسوء تاريخ غيرنا، طامعة في أن يُقبل موقفها كما قُبِل موقف غيرها، وهيهات أن يُقبل! فالفجوة بيننا وبين سوانا في هذا الأمر لا هي حفرة تُردم ولا هي هوة تُعبر.
وادعت فرقة ثانية من غيرنا أن بين العلم والدين تمايزا ، لا تناقضا؛ فليس أحدهما يَثبُت حيث ينتفي الثاني، فيكون بينهما تناقض كما عند الفرقة الأولى، وإنما يختص بما لا يختص به هذا الثاني ؛ فما يشتغل به العلم لا يشتغل به الدين، وما يشتغل به الدين لا يشتغل به العلم؛ فالعلم عند أفراد هذه الفرقة الثانية موضوعه المعرفة والحقيقة، بينما الدين موضوعه الشعور والحدس؛ وضوابط المعرفة والحقيقة لا تنطبق على مجال الشعور والحدس، وقواعد الشعور والحدس لا تنطبق على مجال المعرفة والحقيقة؛ وعلى هذا، فلا النقد العلمي بمقدوره أن ينال من الدين، ولا السلطة الدينية بمقدورها أن تنال من العلم.
ووُجدت منا نحن أيضا طائفة أخرى ادعت ما ادعاه هؤلاء، حجتها في ذلك أن العلمَ مبني على التدليل العقلي والدينَ مبني على التسليم القلبي، ولا مطمع في التقدم والتحضر مثلما تقدَّم وتحضَّر سوانا إلا باعتماد طريق العقل على شرطهم؛ ولكَمْ كان فخرها كبيرا أن تجد بين أسلافنا من أشبهَ قولُه قول غيرنا، فراحت تشدد على اتباعه، وما ذاك إلا ابن رشد الذي قرَّر وجوب الفصل بين العلم والدين بدعوى أن العلم طريقُه البرهان الذي يناسب العلماء وأن الدينَ طريقُه الإيمان الذي يناسب العوام! وما دَرَت هذه الطائفة الثانية منا أن البرهان لا يستقل بنفسه ولا يغني عن الإيمان كما أن الإيمان لا يستقل بنفسه ولا يغني عن البرهان!
وادَّعت فرقة ثالثة من غيرنا أن بين العلم والدين تباينا ، لا تناقضا ولا تمايزا؛ فليس أحدهما يَثبت حيث ينتفي الثاني، فيكون بينهما تناقض كما عند الفرقة الأولى، ولا أنه يختص بما لا يختص به، فيكون بينهما تمايز كما عند الفرقة الثانية، وإنما الواحد منهما يتناول ما يتناوله الآخر، لكن بغير الوجه الذي يتناوله به، فمُتعلَّقهما واحد ووجه تعلُّقهما مختلف ؛ فالاعتقاد في العلم غير الاعتقاد في الدين والمعرفة في هذا غير المعرفة في ذاك والفعل هنا غير الفعل هناك،، فيكون العلم والدين بمنزلة شكلين متباينين من أشكال الحياة، بل بمنزلة عالمين اثنين لا مجال للمقارنة بينهما ولا لمقايسة أحدهما بالآخر؛ ومادام العلم والدين بهذا التباين البالغ، فلا يُعقل أن نصرف الدين بحجة أنه معرفة لا تقوى على النهوض بموجبات العلم، كما لا يُعقل أن نسعى إلى تقويته بأن نخلع عليه حلية العلم.
ووُجدت منا نحن كذلك طائفة ثالثة ادعت ما ادعاه هؤلاء، مسترجعة بهذا الصدد ما قاله بعض أسلافنا من كون الدين يُعبّر عن الأشياء بلغة المجاز والإشارة، في حين أن العلم يُعبّر عن هذه الأشياء بلغة الحقيقة والعبارة؛ لذا، لا يجوز أن نحكم على الإشارة بما يجب في حق العبارة، وإلا صارت قولا كاذبا، ولا أن نحكم على العبارة بما يجب في حق الإشارة، وإلا صارت قولا لا يقبل التحقيق ولا التدليل؛ فيتباين الدين والعلم عند أفراد هذه الطائفة منا كما تتباين لغة الشعر ولغة المنطق؛ وما دَرى هؤلاء أن الإشارة ليست درجة واحدة، وإنما درجات كثيرة، وأن العبارةَ، هي الأخرى، ليست درجة واحدة، وإنما درجات مختلفة! وحينئذ، لا مفر من أن يتعذر عليهم الفصل في الأقوال التي تنزل الدرجات الوسطى هل وردت على وجه الإشارة أم على وجه العبارة.
فهذه مواقف ثلاثة من الصلة بين العلم والدين وقفها غيرنا، فقلدناهم فيها على غير بصيرة من أسبابها الحقيقية في مجالها الأصلي؛ أولها التناقض، وهو يفضي إلى صرف الدين؛ والثاني التمايز، وهو يفضي إلى تقديم العلم على الدين؛ والثالث التباين، وهو يفضي إلى جعل العلم في رتبة الدين.
فإذن هل من سبيل إلى الخروج من هذا التقليد الذي لا يوضح ما استشكل علينا من أمر العلاقة بين العلم والدين ولا يرفع ما استغلق علينا بصددها، بل ينقل إلينا ما يزيد هذا الأمر استشكالا واستغلاقا، حتى صرنا لا نتعرف على هذه العلاقة في صورتها الأولى عندنا كما كنا قبل التعاطي لهذا التقليد؟ ولكي ينفتح لنا باب التجديد في النظر إلى الصلة بين العلم والدين، فلا بد من صرف الاستغلاق الزائد الذي دخل عليها بسبب التقليد.
يأتي هذا الاستغلاق من تَصوُّرين منقولين عن غيرنا كلاهما مردود، أحدهما "اختزال العلم في علوم الطبيعة"؛ والثاني "اختزال الدين في أحوال الإيمان.
فلا يمكن أن نختزل العلم في علوم الطبيعة لوجود مبدأين يمنعان هذا الاختزال: أولهما "مبدأ مراتب العقل"؛ وبيانه أن السؤال الذي يجيب عنه العلم هو بالذات: "ماذا أعقل؟"، فيكون الأصل في العلم هو العقل الصحيح ؛ غير أن العقل الصحيح ليس، كما شاع وذاع، رتبة واحدة، وإنما هو، على الحقيقة، رتب متعددة؛ وحيثما وُجدت رتبة من هذه الرتب العقلية، فثمة علم على قدرها؛ وعلى هذا، يكون العلم فوق العلم الطبيعي متى كانت رتبة العقل الذي يتعلق به تعلو على رتبة العقل الذي يتعلق بالعلم الطبيعي كما يكون العلم دون العلم الطبيعي متى كان العقل المتعلق به ينزل عن رتبة العقل المتعلق بالعلم الطبيعي؛ وهكذا، فالعلم أوسع من أن يستوعبه العلم الطبيعي وحده.
والمبدأ الثاني هو "مبدأ استكمال العلم"؛ وتوضيحه أن الأصل في كل علم من العلوم أن يطلب كمالَه، ولا يُحَصِّل هذا الكمال إلا بالالتجاء إلى العلم الذي يعلوه؛ ذلك أن كل علم تكون به آفات وله حدود، ولا يمكن أن يُزيل هذه الآفات ويَرفع هذه الحدود إلا علم أرقى منه، فلا بد إذن لكل علم من أن يظل موصولا بالعلم الذي فوقه، حتى تزول عنه آفاته وترتفع عنه حدوده؛ وهكذا، فالعلم الطبيعي لا تذهب عنه مناقصه ويكتمل حقا إلا بعلم غير طبيعي يسمو عليه.
كما أنه لا يمكن أن نختزل الدين في أحوال الإيمان لوجود مبدأين يمنعان هذا الاختزال، أولهما "مبدأ تعدد شعب الحياة"؛ وبيانه أن السؤال الذي يجيب عنه الدين هو بالذات: "كيف أحيا؟"؛ فيكون الأصل في الدين هو الحياة الطيبة ، غير أن الحياة الطيبة ليست شعبة واحدة، وإنما شعب متعددة؛ وقد نُجمل هذه الشعب في ثلاث كبرى، وهي "شعبة الإيمان"، وتدخل فيها كل الاعتقادات؛ ثم "شعبة العلم"، وتدخل فيها كل المعارف؛ فــ"شعبة العمل"، وتدخل فيها كل الأفعال؛ ولا حياة طيبة إلا بتكامل هذه الشعب الثلاث فيما بينها، فالفرد لا يحيا بشعبة واحدة منها، إن إيمانا وحده أو علما وحده أو عملا وحدها، ولا بشعبتين منها، إن إيمانا وعلما معا أو إيمانا وعملا معا أو علما وعملا معا، وإنما يحيا بها جميعا على قدر نصيبه من كل شعبة منها؛ وهكذا، فالدين أوسع من أن تستوعبه حال الإيمان وحدها.
والمبدأ الثاني هو "مبدأ استكمال الشعبة"؛ وتوضيحه أن الأصل في كل شعبة من شعب الحياة الطيبة أن تطلب كمالَها، ولا تُحَصِّل هذا الكمال إلا بالتداخل مع الشعبتين الأخريين، ذلك أن كل شعبة تكون بها حاجات ولها تعلُّقات، ولا يمكن أن تُلبي هذه الحاجات وتُرضي هذه التعلقات إلا هذه أو تلك من الشعبتين الأخريين أو هما معا؛ فلا بد إذن لكل شعبة من أن تظل موصولة بغيرها من شعب الحياة؛ وهكذا، فالشعبة الواحدة لا تبلغ غاياتها وتكتمل حقا إلا بباقي الشعب.
بناء على هذا الذي ذكرناه في سياق إبطالنا للاختزالين المنقولين، تتضح معالم الصلة بين العلم والدين التي قد نكون بها مجددين غير مقلدين ومنتجين غير مستهلكين؛ وهذه المعالم المبدعة هي:
أ*. أن مفهوم "العلم" يصبح ــ بمقتضى "مبدإ مراتب العقل" ــ أوسع من المفهوم المتداول "للعلم"، كما أن كل علم يصبح ــ بمقتضى "مبدإ استكمال العلم" ــ محتاجا إلى ما فوقه من العلوم؛ وفي هذا تجديد يخالف ما تقرر عند غيرنا.
ب*. ب ـ أن مفهوم "الدين" يغدو ــ بمقتضى "مبدإ تعدد شعب الحياة" ــ أوسع من المفهوم المتداول "للدين"، كما أن كل شعبة تغدو ــ بمقتضى "مبدإ استكمال الشعبة" ــ محتاجة إلى ما يناظرها من الشعب؛ وفي هذا تجديد يخالف ما تقرر عند غيرنا.
تترتب على هذا الاتساع في مفهوم "العلم" ومفهوم "الدين" نتائج أساسية:
أولاها، أن العلم لا يقابِل الدين مقابلة تناقض، ولا مقابلة تمايز، ولا مقابلة تباين، وإنما مقابلة تداخل ، إذ يكون العلم جزءا واحدا من أجزاء الدين كما يكون الإيمان جزءا ثانيا والعمل جزءا ثالثا من هذه الأجزاء.
والثانية، أن العلم، خلافا للقائلين بالتناقض، لا يمتنع أن يَرِد في ترتيب واحد مع الدين، وأنه، خلافا للقائلين بالتمايز، لا ينزل رتبة أعلى من الدين، وأخيرا أنه، خلافا للقائلين بالتباين، لا ينزل نفس الرتبة التي ينزلها الدين، وإنما ينزل رتبة أدنى منه كما يكون الجزء أدنى من الكل، إذ أن العلم يدخل في الدين دخول الإيمان والعمل فيه.
والثالثة، أن العلوم التي تكون جزءا من الدين لا تقتصر على ما اختص باسم "علوم الدين"، وإنما تشمل أيضا ما اختص باسم "علوم الدنيا"، سواء كانت علوم رياضة أو علوم طبيعة أو علوم حياة أو علوم إنسان؛ فكل علم منضبط بالمبدأين المذكورين: "مبدأ مراتب العقل" و"مبدأ استكمال العلم" يصح أن يُتعبد ويُتقرَّب به، أي يُتديَّن به؛ وقد ذكرنا أن المبدأ الأول يقضي بأن تتنوع العلوم بتنوع رتب العقل، أعلاها ما تعلق بما فوق الطبيعة؛ وأن المبدأ الثاني يقضي بأن يكون كل علم موصولا بما فوقه، حتى يتمكن من صرف النقص الذي يلحقه.
والرابعة، أن تطوُّر العلوم، على خلاف ما يَظُن غيرنا، لا يُضيّق من رقعة الدين، بل يزيدها توسعا، ولا يتقص من تأثيره، بل يزيده قوة، ذلك أن العلوم، لما كانت جزءا داخلا في بنية الدين نفسها، كانت الأطوار التي تتقلب فيها والتي يَفضُل لاحقُها سابقَها، تفتح في الدين آفاقا معرفية غير مسبوقة وترقى بفهمنا له درجات على قدر هذه الأطوار، بل إنها تتعدى ذلك إلى كونها تُجدِّد قدرتنا على التدين وتُنوِّع سُبلَ تحقُّقه لدينا.
والقول الجامع أن صلة العلم بالدين، من منظور الإسلام، هي صلة تداخل يكون فيها العلم جزءا من الدين، فيلزم بحسب هذا المنظور أن نُقدِّم الدين على العلم، لا تقديم الفاضل على المفضول، وإنما تقديم الكل على الجزء كما يلزم بحسبه أن نُدخل في الدين كل العلوم، لا دخول التابع في المتبوع، وإنما دخول العنصر في المجموع، ألا ترى كيف أن مكتشفات العلوم وحقائقها ــ وهي تشهد بصدقِ أخبار الدين وصحة أحكامه ــ نزداد بها افتكارا واعتبارا، حتى إنها تُقوِّي صلتنا بخالقنا كما يقويها دائم صلواتنا!
/
تحياتي
خليل حلاوجي
04-09-2007, 03:21 PM
والقول الجامع أن صلة العلم بالدين، من منظور الإسلام، هي صلة تداخل يكون فيها العلم جزءا من الدين، فيلزم بحسب هذا المنظور أن نُقدِّم الدين على العلم، لا تقديم الفاضل على المفضول، وإنما تقديم الكل على الجزء كما يلزم بحسبه أن نُدخل في الدين كل العلوم، لا دخول التابع في المتبوع، وإنما دخول العنصر في المجموع، ألا ترى كيف أن مكتشفات العلوم وحقائقها ــ وهي تشهد بصدقِ أخبار الدين وصحة أحكامه ــ نزداد بها افتكارا واعتبارا، حتى إنها تُقوِّي صلتنا بخالقنا كما يقويها دائم صلواتنا!
\
هذه الخلاصة مرتبكة جدا ً فكيف يكون الدين هو الكل والله تعالى أمرنا أن نيسر في الأرض فنتدبر قرآن كونه المنظور ولم يأمرنا بالسير في القرآن ...
الدين : نص ثابت
العلم : فوران وتغالب معرفي
ثم أن الباحث نسي نقطة جوهرية وهي تضاد طريقتي ( العلم والدين ) في اكتشاف الغيب
نحن قرآنيا نمتلك طريق الوحي الذي سهل علينا استقراء مضمون الوحي
في العلم ... لاتوجد مكان مخصصة للوحي
مما حدا بنا أن نفصل الطريقيتين ... عن بعضهما :
في الدين يكفينا اعتماد الرواية وصحة سندها ولكننا في العلم فلدينا طريق يعتمد على معقولية الحقائق وامتحانها إما عن طريق المنطق أو عن طريق التجربة عمليا ً.
\
تقبلوا بالغ تقديري
والأخ الحبيب الأستاذ : ابو بكر الزوي
سأخصص لك ردا ً يكافئ جليل تعقيبك أيها الهمام وأما تغيير عنوان الموضوع فالأمر متروك لأخينا احمد الرشيدي الهمام
أبوبكر سليمان الزوي
04-09-2007, 08:12 PM
متابعة ..3
يقول أخي خليل حلاوجي ..( الحقيقة أن عقلي أنا بن العراق يختلف عن عقل صنوي ممن يقطن في الصومال ونحن الاثنين نختلف عن عقل الإنسان الذي ولد وعاش في كالفورنيا مثلا ً !!!
فطبيعة الغذاء الفكري لكل منا يختلف عن الآخر ولكن هذه العقول الثلاثة لا تختلف قيد شعرة في قدرتها على الاستجابة والتحليل والإنتاج الفكري بعد ذلك !!! .) ..
وأنا أحببت أن أوضح أمراً هنا .. وهو أن اختلاف الغذاء الفكري للعقول لا بد وأن ينتج عنه اختلاف في منطلقات واتجاهات التحليل لدى تلك العقول وبالتالي اختلاف الرؤى لذات الأمر يكون أمراً وارداً. حيث أن خصائص المادة الأولية المكونة للفكر لا بد وأن تؤثر في المادة الفكرية المُنتَجة ، والعقل إنما يتلمس بدايات الطريق عند تحليله للأمور وأثناء إنتاجه الفكري - انطلاقاً من دلالات غذائه الفكري ..
فالعقل الذي ينمو في بيئة تتكون عناصرها الغذائية الفكرية من .. الإيمان بنظرية المؤامرة ، وعدم الثقة بما يقوله الآخـر ، والعمل بمبدأ الظنون والحذر ، والإيمان بحضور القضاء والقدر في صغير الأمور وكبيرها ، ووصف الزهد في الحياة على أنه فضيلة ، وعدم الاطمئنان النفسي والخوف (على المستوى الفردي ) من قادم الأيام وضرورة الاستعداد لها ، وضرورة المجاملة(النفاق) في بعض الأمور على حساب المبادئ – من أجل البقاء وتحسين الأوضاع .. الخ .. مثل هذا العقل لا يمكن أن يُضاهي عقلاً آخـر نما في بيئة تختلف من حيث عناصر غذائها الفكري .!
ويبقى الشذوذ عن القاعدة موجوداً ، ولكن لا يقاس عليه بطبيعة الحال ..!
تحياتي ..
أحمد الرشيدي
05-09-2007, 12:34 AM
وأما تغيير عنوان الموضوع فالأمر متروك لأخينا احمد الرشيدي الهمام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الأكارم أنتم أحق بهذه الصفحات مني ، فقد كانت مني أسطر لا تسمن ولا تغني من جوع ، فيسر الله لها من يحي مواتها ، ثم إني أهديتها لأخي الفاضل خليل حلاوجي - حفظه الله وإياكم - فليسمها ماشاء ، فهي ملكه .
وفقكم الله لكل خير ، وقرن بكم النجاح والفلاح ، وسدد خطاكم .
خليل حلاوجي
10-10-2007, 11:23 PM
الأخوة الأفاضل جميعاً .. السلام عليكم ..
العقل والاعتقاد والعلم ..
أخي العزيز خليل حلاوجي ..
ابتداءً لا بد لي من التذكير بأن سقف الحرية الفكرية المطلوب للتعمق في تناول مثل هذه الأفكار – مرتفع كثيراً ، وقد لا تسعه معظم الثقافات ذات المرجعية الإسلامية – السائدة اليوم .. فما هو تصور الزملاء للسقف المُتاح أمامنا – وأخص بالذكر أخي خليل ..!
في دراستك المستفيضة والزاخرة بالاستدلالات .. أجدك تقول ( فالتوحيد يخلق لنا عقلا ً محررا ً من عبادة العباد والانصياع لرؤاهم إلى عبادة رب العباد والانصياع لمراده وحده جل في علاه ، ) ..
.. اسمح لي بمخالفة مبدئية في شأن علاقة العقل بالتوحيد .. حيث أني أرى أن العقل هو المسئول أساساً عن بناء فكرة التوحيد ، وليس التوحيد هو الذي يخلق العقل .!
وإذا كان القصد هو تأثير التوحيد على ضبط سلوكيات الإنسان وتحديد مبادئه .. فذاك أمر آخـر ، وهو خاضع لقاعدة الضرورات والمحظورات التي تختلف من إنسان لآخر .
وعندما تقول يخلق لنا ..! فمن هم نحن هنا ..! .. إذا كان الحديث عن عدد محدود من الأفراد .. فهذا صواب وممكن ، وهو واقع موجود . أما إذا كان الحديث عن مجتمعات ، فذاك أمرٌ غير موجود ، وربما غير ممكن ..!
وإجمالاً فإن الحكم على مثل هذه الأمور (تأثير التوحيد على حياة الإنسان) لا يكون مطلقاً ، بل يجب أن يكون نسبياً ، سواء من حيث الوجوب أو من حيث إمكانية التحقق على أرض الواقع .. لأنها أمور تخضع لمؤثرات خارجية (البيئة المحيطة بالإنسان ) والتي لا بد له من التعاطي معها والتأثر بها سلباً وإيجاباً .. مثل حرية المعتقد ، والحرية الفكرية ، والناحية المادية - المالية ..الخ .
كذلك فإن استجابة العقل تتوقف على عوامل بنيوية في شخصية الإنسان ( عوامل وراثية ) كالشجاعة والكرم والبخل .. الخ ، وإرادة الإنسان لا تعدو أن تكون واحداً من مجموع تلك العوامل .
تحياتي .. وللحديث بقية ..
انتظر منك أستاذنا النبيل أن تجيبني عن تساؤل مفصلي في هذا الحوار وهو :
هل الدين للحياة أم الحياة للدين
وبعد جوابك سننطلق لتحديد ماهية التوحيد إجتماعيا ً من وجهة نظري
عوفيت أيها السامق
أبوبكر سليمان الزوي
14-10-2007, 05:12 PM
الأخوة الأفاضل السلام عليكم جميعاً وكل عام وأنتم بأفضل حال ..
أخي وأستاذي الفاضل .. خليل حلاوجي
بخصوص سؤالك .. هل الدين للحياة أم الحياة للدين ..!
أرجو أن أكون قد فهمت السؤال جيداً ..!
أنا أرى فارقاً بين أساس أو سر وجود الحياة على الأرض وحقيقة كينونة الإنسان - من ناحية ، .. وبين بعث الرسل بالأديان بعد ذلك ..!
لا شك أن الحياة للدين إذا كان المقصود بالدين هنا - عبادة الله .
فقد أوجد الله سبحانه وتعالى الحياة- بأن خلق الجن والإنس - لعبادته .. كما ورد ذلك صريحاً في القرآن الكريم .
وذلك يعني من وجهة نظري أن الإنسان مهيءٌ بالفطرة والعقل لعبادة الله الواحد الأحد - غيباً ، وهو مطالبٌ بالبحث عن الأدلة على وجود الله ، والتدبّـر في الكون من حوله ، وإقامة العدل وإعمار الأرض بما أودع الله فيه من عقل وعلم ومعرفة وإدراك فطري للأمانة (بنفخة الروح ) ، دون الحاجة لرؤية الحقيقة الكاملة وهي القدرة أو الذات الإلهية ..
ولذلك فإن أجيالاً وقروناً من البشر كانوا قد عاشوا وقضوا دون أن تأتيهم رُسلٌ بأديان وتعاليم محددة ، وقد حقّ القول على أكثرهم - كما ورد في القرآن الكريم ، مما يعني أن بعضهم قد أفلح في حمل الأمانة ومعرفة رسالته دونما رسول أو دين محدد في زمنه .
أما الأديان التي توالت بعد وجود الحياة واستتبابها واستقرارها ، وسيطرة الإنسان على الأرض ، وكشفه للعديد من أسرار كينونته والكون من حوله .. فإنها حُجّة على أقوامها بالدرجة الأولى ، وهي منة من الله سبحانه وتعالى - عليهم .
ونحن نعلم أن معظم الأنبياء قد أُرسلوا إلى أقوام معينين دون غيرهم ، في حين أن أقواماً آخرين في ذات الزمان والمكان لم تكن لهم أديان ولم تصلهم رسالات - وتلك مشيئة الله وحكمته في خلقه .!
وأنا أوافقك الرأي بدون أدنى شك فيما يخص الإسلام وخصوصيته كدين خاتم للأديان ورسوله خاتم الرسل ، وهو للناس كافة .
ومن حكمة الله ومنته على العرب ، ومما يزيد من حجم المسئولية عليهم .. أن تكون رسالة الإسلام خاتمة وعامة وبلغتهم ورسوله منهم ، وفي زمن يسهل فيه نشرها وإيصالها إلى كافة البشر ..
أخيراً .. أُحب التذكير في هذا الصدد بأننا نشهد اليوم بعض الأقوام والشعوب والأفراد - ممن ليسوا مسلمين وليسوا من أتباع الأديان السماوية المنصوص عليها والمعلومة لدينا - ولكنهم يتمتعون بالأخلاق ويدعون إلى الخير والمحبة وطلب العلم ، ويعبدون الله وفق رؤاهم وفطرتهم ؛ في حين أن مسلمين عرب - ليست لديهم أدنى حُجّـة أو سبباً للأنحراف - ولكنهم يرتكبون الجرائم ويفعلون المنكرات ، ومنهم من يضل السبيل باسم الدين وبدعوى الالتزام وتطبيق شرع الله ..
لذلك أقول أن الأساس في الاستقامة وإدراك الحقيقة والصواب يكمن في مدى تغلب العقل والحكمة لدى الإنسان - على الجهل الذي هو جزء من بنية البشر ..!
وبذلك يكون الإخفاق في حمل الأمانة هو بسبب قصور العقل البشري ، وليس لنقص في تشريعات الدين .
ولذلك تجد من يـدّعون الإسلام والإيمان والتوحيد .. ولكن يقتل بعضهم بعضاً .. وهم يعلمون حرمة دم المؤمن المسلم وفق إيمانهم .. ذلك بأن عقولهم هي التي تقودهم وهي التي تنتج الأفكار التي تـُحدد لهم استحقاقات ومقتضيات التوحيد ، وليس العكس ..!
أعتذر عن الإطالة .. وأرجو أن لا أكون قد ابتعدت عن القصد من سؤالك .
محبتي وسروري بالحوار معك
خليل حلاوجي
30-12-2007, 08:31 AM
أيهما أسبق النص أم العقل ؟
بانتظار مروركم العطر ...
خليل حلاوجي
27-03-2008, 03:29 PM
اعتبر الفيلسوف أبو حامد الغزالي : أن من أراد توليد المعاني من الألفاظ فقد ضاع وهلك وكان مثله كمن يريد التوجه الى المغرب فيوليه ظهره متجهاً الى المشرق ، ومن قرر المعاني أولاً ثم أتبع المعاني الألفاظ ، أي بعد أن تولدت الفكرة في ملكوت الذهن ، تعمد آلة التصويت والقلم في تشكيلها اللفظي والكتابي
\
أخي الحبيب
يجب أن نفرق بين الفكر وبين طريقة التفكير
جزيت الجنة
خليل حلاوجي
20-05-2008, 08:24 AM
أيهما أسبق النص أم العقل ؟
بانتظار مروركم العطر ...
لن أمل
ولن أيأس
فهل من مجيب ؟
عبدالصمد حسن زيبار
20-05-2008, 01:17 PM
خليل
عندي العقل اسبق من النص
لأن صدقية النص إنما تتأتى بإعمال العقل
و لنا في الواقع شواهد عديدة
في آسيا مثلا فصلوا الايمان و النصوص الروحية عن معيار التصفية العقلي فعبدوا البقر...........
الله عز في علاه إنما جعل مناط التكليف التمييز العقلي
....
لكن المسالة :
هل يمكن أن يتعارض صريح العقل مع صحيح وواضح النص
إذا تعارضا أيهما له الأولوية في المسألة
هنا يأتي التأويل
مع
الأصل في العبادات الوقف ما لم يرد النص الأسبقية للنص قطعا أقصد العبادات المحضة
الأصل في الاشياء و المعاملات وهي غالب حياة الناس الإباحة إلا أن يرد المنع بنص
عبدالله المحمدي
20-05-2008, 01:46 PM
عندما أمسك بقلمي واشعر بأن مخاضا لورقتي قد أزف ، أتستجلب ذاكرتي ملامحا ، أصواتا ، روائح ، تصب كلها على صدر الورقة ، ويبقى العقل إطارا يجمع شتات الذاكرة ويهب القصة أو الخاطرة بعدا آخر ..
ولعلي اضيف هنا مداخلتي في خاطرة للأستاذه سلطانه نايت داود (أكثر من اثنان):
يبقى العقل إطارا يجمع شتات الذاكرة ويهب(للقصة او الخاطرة )بعدا آخر ..
أحيانا يكون العقل في (القصة أو الخاطرة )مرفوضا من المتلقي ، وتكون النهايات خارج حدود المعادلة 1+1=2
هنا يكون العقل سقطة قد تفقد (القصة او الخاطرة )بريقها ،
لا نحتاج إليه في أغلب الأحيان لكن بعضه ضروري من غير إسهاب في تفاصيل نريد بها إغراق المتلقي فهما وتوصيفا ..
آمل ان قد أجبت على استفسار الدكتور خليل هذا من وجهة نظري
تحياتي للجميع
د. مصطفى عراقي
20-05-2008, 02:49 PM
الإخوة الكرام
استمتعت حقا بهذا الحوار المثمر المغدق
ولكنني رأيت هنا انتقاصا لـ (لعقل العربي) لا ينبغي السكوت عنه بحال
حتى إن بعض المشاركين الكرام بنى على ذلك - بسلامة نية - أنه :
[quote=محمود شاكر الجبوري;286321]ا
قد يكو ن العقل العربي مجمد منذ خلق لأني لحد الان لم اشهد واقرا لهذا العقل اي فعالية واقعية
Quote]
وهي رؤية للأسف الشديد تخدم العنصريين الذين يفرقون بين العقل العربي وغيره من العقول تفرقة عنصرية مقيتة مثل "رينان" وغيره من المجحفين المتعصبين من المستشرقين وأتباعهم.
لنكن على حذر!
وهنا ينبغي التذكير بان العقل العربي كان مشعل النور حين كان غيره يتخبط في دياجير الظلام والجهل .
كنت أتمنى توظيف هذه الطرفة الراهنة في الاعتراض على الانحطاط الراهن، والحث عاى النهوض
ولكن هل من نقد الذات احتقار "العقل العربي" منذ خلق!
والسكوت عن ذلك وإقراره تحت أية ذريعة
بل هذا ليس إلا جلدا للذات ، وهو مرض فتاك وانهزام روحي ، وإشاعة لليأس ، آن التخلص منه ، والتحرر من حبائله.
ودمتم بكل الخير والسعادة والنور
د. مصطفى عراقي
20-05-2008, 03:38 PM
أيهما أسبق النص أم العقل ؟
بانتظار مروركم العطر ...
خليلنا الجليل النبيل المتفجر إخلاصا وحبا
أحب أن أذكر هنا إجابة وافية شافية للإمام ابن تيمية رحمه الله في كتابه القيم:
(دَرْءُ تَعَارُضِ العَقْلِ وَالنَّقْلِ
أو
مُوَافَقَةُ صَحِيْحِ المَنْقُوْلِ لِصَرِيْحِ المَعْقُوْلِ)
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=861
وهو عنوان كاشف :
يقول فيه:
"إن إثبات التعارض بين الدليل العقلي والسمعي، والجزم بتقديم العقلي معلوم الفساد بالضرورة وهو خلاف ما اتفق عليه العقلاء ،
وحينئذ فنقول الجواب من وجوه :
أحدها ، إن قوله إذا تعارض النقل والعقل ، وإما أن يريد به القطعيين فلا نسلم إمكان التعارض حينئذ ،
وإما أن يريد به الظنيين فالمقدم هو الراجح مطلقا.
وإما أن يريد به ما أحدهما قطعي فالقطعي هو المقدم مطلقا .
وإذا قدر أن العقلي هو القطعي كان تقديمه لكونه قطعيا لا لكونه عقليا ،
فعلم أن: تقديم العقلي مطلقا خطأ كما أن جعل جهة الترجيح لكونه عقليا خطأ .
الوجه الثاني : أن يقال لا نسلم انحصار القسمة فيما ذكرته من الأقسام الأربعة
إذ من الممكن أن يقال ، يقدم العقلي تارة والسمعي أخرى فأيهما كان قطعيا قدم
وإن كانا جميعا قطعيين فيمتنع التعارض
وإن كانا ظنيين فالراجح هو المقدم ،
فدعوى المدعي :أنه لابد من تقديم العقلي مطلقا أو السمعي مطلقا أو الجمع بين النقيضين أو رفع النقيضين "
دعوى باطلة.
الوجه الثالث : قوله :"إن قدمنا النقل كان ذلك طعنا في أصله الذي هو العقل فيكون طعنا فيه"
غير مسلم ، وذلك لأن قوله إن العقل أصل للنقل إما أن يريد به :
أنه أصل في ثبوته في نفس الأمر ،
أو أصل في علمنا بصحته ،
والأول لا يقوله عاقل ؛فإن ما هو ثابت في نفس الأمر بالسمع وبغيره هو ثابت.
سواء علمنا بالعقل أو بغير العقل ثبوته أو لم نعلم ثبوته لا بعقل ولا بغيره؛ إذ عدم العلم ليس علما بالعدم وعدم علمنا بالحقائق لا ينفي ثبوتها في أنفسها
فما أخبر به الصادق المصدوق (صلى الله عليه وسلم) هو ثابت في نفس الأمر سواء علمنا صدقه أو لم نعلمه
ومن أرسله الله تعالى إلى الناس فهو رسوله سواء علم الناس أنه رسول أو لم يعلموا
وما أخبر به فهو حق وإن لم يصدقه الناس
وما أمر به عن الله فالله أمر به وإن لم يطعه الناس
فثبوت الرسالة في نفسها وثبوت صدق الرسول وثبوت ما أخبر به في نفس الأمر ليس موقوفا على وجودنا، فضلا على أن يكون موقوفا على عقولنا، أو على الأدلة التي نعلمها بعقولنا.
وهذا كما أن وجود الرب تعالى وما يستحقه من الأسماء والصفات ثابت في نفس الأمر سواء علمناه أو لم نعلمه ،
فتبين بذلك أن العقل ليس أصلا لثبوت الشرع في نفسه ولا معطيا له صفة لم تكن له ولا مفيدا له صفة كمال.
إذ العلم مطابق للمعلوم المستغني عن العلم تابع له ليس مؤثرا فيه ،
فإن العلم نوعان:
أحدهما: العملي : وهو ما كان شرطا في حصول المعلوم كتصور أحدنا لما يريد أن يفعله فالمعلوم هنا متوقف على العلم به محتاج إليه ،
والثاني: العلم الخبري النظري : وهو ما كان المعلوم غير مفتقر في وجوده إلى العلم به كعلمنا بوحدانية الله تعالى وأسمائه وصفاته وصدق رسله وبملائكته وكتبه وغير ذلك
فإن هذه المعلومات ثابتة سواء علمناها أو لم نعلمها فهي مستغنية عن علمنا بها والشرع مع العقل هو من هذا الباب
فإن الشرع المنزَّل من عند الله ثابت في نفسه سواء علمناه بعقولنا أو لم نعلمه فهو مستغن في نفسه عن علمنا وعقلنا .
ولكن نحن محتاجون إليه وإلى أن نعلمه بعقولنا
فإن العقل إذا علم ما هو عليه الشرع في نفسه صار عالما به وبما تضمنه من الأمور التي يحتاج إليها في دنياه وآخرته وانتفع بعلمه به وأعطاه ذلك صفة لم تكن له من قبل ذلك ولو لم يعلمه لكان جاهلا ناقصا ،
.
وأما إن أراد أن العقل أصل في معرفتنا بالسمع ودليل لنا على صحته وهذا هو الذي أراده فيقال له أتعني بالعقل هنا الغريزة التي فينا أم العلوم التي استفدناها بتلك الغريزة ، أما الأول فلم ترده ويمتنع أن تريده لأن تلك الغريزة ليست علما يتصور أن يعارض النقل وهي شرط في كل علم عقلي أو سمعي كالحياة وما كان شرطا في الشىء امتنع أن يكون منافيا له
فالحياة والغريزة شرط فى كل العلوم سمعيها وعقليها فامتنع ان تكون منافية لها
وهي أيضا شرط في الاعتقاد الحاصل بالاستدلال وإن لم تكن علما فيمتنع أن تكون منافية له معارضة له ،
.
وإن أردت بالعقل الذي هو دليل السمع وأصله المعرفة الحاصلة بالعقل، فيقال له:
من المعلوم أنه ليس كل ما يعرف بالعقل يكون أصلا لسمع ودليلا على صحته
فإن المعارف العقلية أكثر من أن تحصر والعلم بصحة السمع غايته أن يتوقف على ما به يعلم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وليس كل العلوم العقلية يُعلم بها صدق الرسول (صلى الله عليه وسلم) بل ذلك يعلم بما يعلم به أن الله تعالى أرسله ، مثل: إثبات الصانع وتصديقه للرسول بالآيات وأمثال ذلك
.
وإذا كان كذلك لم تكن جميع المعقولات أصلا للنقل
لا بمعنى توقف العلم بالسمع عليها ولا بمعنى الدلالة على صحته ولا بغير ذلك ...
فحينئذ ما يتوقف عليه العلم بصدق الرسول من العلم العقلي سهل يسير مع أن العلم بصدق الرسول له طرق كثيرة متنوعة كما قد بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع ،
وحينئذ فإذا كان المعارض للسمع من المعقولات ما لا يتوقف العلم بصحة السمع عليه لم يكن القدح فيه قدحا في أصل السمع وهذا بين واضح
وليس القدح في بعض العقليات قدحا في جميعها
كما أنه ليس القدح في بعض السمعيات قدحا في جميعها
ولا يلزم من صحة بعض العقليات صحة جميعها
كما لا يلزم من صحة بعض السمعيات صحة جميعها ،
.
وحينئذ فلا يلزم من صحة المعقولات التي تبنى عليها معرفتنا بالسمع صحة غيرها من المعقولات ولا من فساد هذه فساد تلك فضلا عن صحة العقليات المناقضة للسمع ،
فكيف يقال إنه يلزم من صحة المعقولات التي هي ملازمة للسمع صحة المعقولات المناقضة للسمع؟ّ
فإن ما به يعلم السمع ولا يعلم السمع إلا به لازم للعلم بالسمع لا يوجد العلم بالسمع بدونه وهو ملزوم له والعلم به يستلزم العلم بالسمع والمعارض للسمع مناقض له مناف له.
فهل يقول عاقل: إنه يلزم من ثبوت ملازم الشىء ثبوت مناقضه ومعارضه ؟!
ولكن صاحب هذا القول جعل العقليات كلها نوعا واحد متماثلا في الصحة أو الفساد
ومعلوم أن السمع إنما يستلزم صحة بعضها الملازم له لا صحة البعض المنافي له .
والناس متفقون على أن ما يسمى عقليات منه حق ومنه باطل
وما كان شرطا في العلم بالسمع وموجبا فهو لازم للعلم به بخلاف المنافي المناقض له فإنه يمتنع أن يكون هو بعينه شرطا في صحته ملازما لثبوته
فإن الملازم لا يكون مناقضا
فثبت أنه لا يلزم من تقديم السمع على ما يقال إنه معقول في الجملة القدح في أصله ".
وهي رؤية شديدة الإنصاف والتوازن، تصور العقل كأنه النور الذي منحنا اللهُ عز وجل لنرى به بعض الأمور ، ونكتشفها
هو فقط يجعلنا نراها ، ونستدل عليها ولكنه ليس هو الذي يوجدها ويُنشئها .
فليس له السبق المطلق في القضايا النقلية جميعا. بل منها ما هو قديم أزلي كوجود الله عز وجل وصفاته العليا وأسمائه الحسنى .
وكما أنه ليست كل النصوص (النقليات أو السمعيات ) صحيحة فمنها ما وصل بأسانيد واهية ، بل ومكذوبة أحيانا
فكذلك ليست كل العقليات صحيحة فمنها ما هو قائم على المغالطة والظن والهوى.
ولكن هذا لا يقدح فيما صح منهما عقلا أو نقلا.
ودمتم بكل الخير والسعادة والودّ
خليل حلاوجي
08-06-2008, 11:15 AM
أستاذنا الحبيب النجيب د. مصطفى عراقي
فقط
جئت مسلماً معتذراً لمشاغلي بالإمتحانات ...
وأعدك
العودة للثراء الذي وضعته هنا أستاذي.
بوركت.
د. مصطفى عراقي
08-06-2008, 12:57 PM
ولا يهمك أيها العزيز
فكلنا في هم الامتحانات شرق
خليل انشاصي
03-07-2008, 10:56 AM
الأستاذ القدير / أحمد الرشيدي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
هذا حال المبدعين في كل زمان ومكان
وقد أحسنت الاختيار حين لفت انتباهنا أنها دعوة مهداة
لأستاذنا الكبير / خليل حلاوجي
الذي نُكن له كبير الحب والتقدير ، ولا شك في أنها لفة كريمة لمن يستحق التقدير والتكريم .
وقد أحسن التعبير الأستاذ الفاضل محمد إبراهيم الحريري حين قال :
من ضفاف المقال أشرعت سفينة الرؤى
وكم لاقت كلمات الأستاذة الكريمة / وفاء شوكت خضر
في ردها الجميل والممتع حيث تقول :
وقفت على صفحتك ، أرفع سارية العقل فاردة شراع الفكر ، مبحرة في يم التفكر لأرسو على شواطئ الفطنة أبحث عن دليل العقل العربي ، أتبع خارطة التاريخ ، فما وجدته إلا في تراجع ، كما جريان الماء يهوى الإنحدار ..
وفنان الحروف المتمكن
الأستاذ القدير / أحمد هادي الكندي
حين قال بالفم (المليان ) الواثق :
طرح ومقال رصين .. وقيّم
يا لها من كلمات أشبه بكلمات البكر من حيث المعاني الجليلة
والصياغة الإبداعية .
فهذه مقالة تشحذ الهمم لاستخدم العقل فيما أمر الله به أن نفكر به لما فيه الخير في الدنيا والآخرة
تحياتي لك وكامل تقديري واحترامي أيها المبدع
وآمل أن يكون لي عودة لأُعمل عقلي في مقالتك كما تستحق يا أخي ،
ولا بد أن يجد العقل العربي مكانته التي يستحق في يومٍ من الأيام .
وليتني أتتبع تعليقات الأخوة والأخوات الأفاضل جييعها لأعلق أو أرد وأحيي كل منهم تحية اعترافاً بهذا التميز في الردود وانتقاء الألفاظ .
تحياتي وتقديري لكاتب المقال الفذ ولكل من ساهم في إثراء الموضوع بشكل نجدد فيه إعمال العقول فيما خلقت له العقول .
أبو عبد الله
خليل انشاصي
غزة / فلسطين .
خليل حلاوجي
03-07-2008, 05:40 PM
إن إثبات التعارض بين الدليل العقلي والسمعي، والجزم بتقديم العقلي معلوم الفساد بالضرورة وهو خلاف ما اتفق عليه العقلاء ،
وحينئذ فنقول الجواب من وجوه :
\
بالأمس ذهبت إلى بيت أستاذي الجليل والمفكر الموصلي الكبير ...
الاستاذ الدكتور عماد الدين خليل استاذ مادة التاريخ
أستكشف رؤاه فقال لي بالحرف الواحد
احذر ياخليل من خدعة تضارب العقل والنقل كما يزعم مروجوا هذه الفكرة في فكرنا الإسلامي ...!!!!
وأوصاني أن أكون جندياً يدافع لفك هذا التضارب المزعوم ...
فانشرح صدري ...
وأنا قادم إليكم أحبتي ... بالجديد ... فقط
انتظروني ...
ودعونا
نكدح إلى الله كدحاً .... سوية .... لنلاقيه
خليل حلاوجي
13-07-2008, 08:21 AM
العقل واحد والنص متعدد ..
بقلم خليل حلاوجي
لنترك العقل الآن جانباً ولنحدد ما هو النص ؟ هل النص هو مجموع كلمات الله تعالى في قرآنه العزيز وما صح أن نطق به الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم ؟ إن كان هذا التعريف للنص ما قصد به إمامنا بن تيمية ( رحمة الله عليه ) فأنا الآن أضيف للتعريف ملمحاً آخر :
النص في الإسلام نقرأه في قرآنين قرآن السطور وآياته الكلمات وقرآن الكون المنظور وآياته السنن ومصدر القرآنين هو الله جل في علاه والله مطلق لا يحده زمان ولا مكان بينما نحن المتلقين لهذين القرآنين مسجونون باللحظة وقوانيننا أرضية ليست كونية أي محددة ليست مطلقة وفيزياء الكم مؤخراً أثبتت أن كل قوانيينا الآن لا تصلح عند تطبيقها في غير أرضنا فالسرعة في الأرض لا يمكن أن تتعدى سرعة الضوء بينما في الكون لا يمكن أن نسير بسرعة الضوء بل أضعاف أضعافها وأنا على يقين لو أن إمامنا بن تيمية رحمه الله عاش اليوم معنا لبدل جميع أفكار كتابه وبدأ يحدثنا عن النقل بمعناه المرتبط بالتغيير
{وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }الذاريات47 ولحدثنا رحمة الله عليه عن فكرة اللايقين ( قانون الإرتياب) التي تقره هذه الآية الجليلة.
سيدي الحبيب د. مصطفى :
القمر آية من آيات الله موجودة في القرآنين :
كلمة القمر فهمها الصحابة على أنها رمز لمسمى هو هذه الكتلة الحجرية التي لا يمكن لأحد منهم الوصول إليها
وكلمة القمر أفهمها أنا وأنت معي على أنها تابع أرضي وصله الإنسان بعد أن توصل إلى صناعة مركبة فضائية توصلنا إلى القمر ...
الفرق بين قرآن الكلمات ما بيننا وما بين الصحابة لا يمكن أن نحدده ونعزوه إلى الكلمة الرمز بل علينا أن نحدد الفرق بين فهمنا الآن وفهم الإنسان قبل ألف عام عن طريق التفريق ( بطريقة التفكير ) فالعقل واحد لكلينا ولكنه عقل متجدد وقابل للنمو شأنه شأن أي كائن حي وهو عقل منفعل ومتفاعل مع ما نكتشفه من سنن الله في كونه العجيب.
ليس أدل على كلمة القمر من القمر نفسه لا شأن للكلمات هنا في التوصيف بل الشأن كله في الإفصاح عن حقيقة القمر ذاتها وهنا يكمن دور العقل في فهم النص.
وربما سيأتي بعد ألف عام من أحفادنا من يكتشف حقائق للقمر غفلنا عنها نحن اليوم فهل نلوم القمر لأنه لم يهدنا لتلك الحقائق أم نلوم عقلنا لأنه لم يستطع الوصول إلى الإنفعال مع تلك الحقائق ... هنا يتضح مضمون النص وكيف نسّخر العقل لفهمه.
أما حكاية العقل العربي ودوره الآن في لحظتنا الراهنة فتلك مسألة أخرى نفرد لها باباً آخر من الحوار .
\
سعادتي غامرة بوجودكم أستاذنا الحبيب
د. مصطفى عراقي
13-07-2008, 07:12 PM
العقل واحد والنص متعدد ..
بقلم خليل حلاوجي
لنترك العقل الآن جانباً ولنحدد ما هو النص ؟ هل النص هو مجموع كلمات الله تعالى في قرآنه العزيز وما صح أن نطق به الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم ؟ إن كان هذا التعريف للنص ما قصد به إمامنا بن تيمية ( رحمة الله عليه ) فأنا الآن أضيف للتعريف ملمحاً آخر :
النص في الإسلام نقرأه في قرآنين قرآن السطور وآياته الكلمات وقرآن الكون المنظور وآياته السنن
ومصدر القرآنين هو الله جل في علاه
=
مفكرنا الجليل الخليل
وهل تظن أيها الحبيب أن هذه الإضافة لم يعرفها المسلمون من قبل وهم يقرؤون قوله تعالى:
إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
وكذلك وهم يسمعون حديثه صلى الله عليه وسلم:"الشمس والقمر آيتان من آيات الله .
ثم من قال إنهم كانوا يرون القمر كما وصفت ، وهذا الرازي رحمه الله يقول:
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)
إشارة إلى أن كل شيء من الأشياء المذكورة خلق على وفق الحكمة ، فالشمس لم تكن تصلح لها سرعة الحركة بحيث تدرك القمر وإلا لكان في شهر واحد صيف وشتاء فلا تدرك الثمار وقوله : { وَلاَ اليل سَابِقُ النهار } قيل في تفسيره إن سلطان الليل وهو القمر ليس يسبق الشمس وهي سلطان النهار ، وقيل معناه ولا الليل سابق النهار أي الليل لا يدخل وقت النهار والثاني بعيد لأن ذلك يقع إيضاحاً للواضح والأول صحيح إن أريد به ما بينته وهو أن معنى قوله تعالى : { وَلاَ اليل سَابِقُ النهار } أن القمر إذا كان على أفق المشرق أيام الاستقبال تكون الشمس في مقابلته على أفق المغرب ، ثم إن عند غروب الشمس يطلع القمر وعند طلوعها يغرب القمر ، كأن لها حركة واحدة مع أن الشمس تتأخر عن القمر في ليلة مقداراً ظاهراً في الحس ، فلو كان للقمر حركة واحدة بها يسبق الشمس ولا تدركه الشمس؛ وللشمس حركة واحدة بها تتأخر عن القمر ولا تدرك القمر؛ لبقي القمر والشمس مدة مديدة في مكان واحد ، لأن حركة الشمس كل يوم درجة فخلق الله تعالى في جميع الكواكب حركة أخرى غير حركة الشهر والسنة ، وهي الدورة اليومية وبهذه الدورة لا يسبق كوكب كوكباً أصلاً ، لأن كل كوكب من الكواكب إذا طلع غرب مقابله وكلما تقدم كوكب إلى الموضع الذي فيه الكوكب الآخر بالنسبة إلينا تقدم ذلك الكوكب ، فبهذه الحركة لا يسبق الشمس ، فتبين أن سلطان الليل لا يسبق سلطان النهار فالمراد من الليل القمر ومن النهار الشمس فقوله : { لاَ الشمس يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ القمر } إشارة إلى حركتها البطيئة التي تتم الدورة في سنة وقوله : { وَلاَ اليل سَابِقُ النهار } إشارة إلى حركتها اليومية التي بها تعود من المشرق إلى المشرق مرة أخرى في يوم وليلة ،
=
علينا أيها الحبيب ألا نغالي في نفي العلم بكتاب الله المنظور في الكون عن الأوائل ، وكانوا السباقين إلى علم الفلك ، وما كشوف إخوان الصفا عنا ببعيد
ومتى نكف عن الافتنان بما وصلنا إليه الآن بان العلم بدأ من القرن العشرين من غير حلقات عظيمة أوصلتنا إليه.
لى أن ذلك كله لا يبرر أن آيات الله في الكون نصوص ، نعم هي آياته سبحانه التي علينا أن نتدبرها ونعيها ونسبر أغوارها ، ونكشف أسرارها
ولكنها ليست النص الذي كنت عنه تسأل يا مفكرنا الجليل مرارا وتكرارا
أيهما أسبق النص أم العقل ؟
بانتظار مروركم العطر ...
فهل كنت تعني بسؤالك : أيهما أسبق آيات الله الكونية أم العقل؟!
ودمت بكل الخير والسعادة والنور
خليل حلاوجي
17-07-2008, 03:31 PM
أستاذنا الحبيب الدكتور مصطفى عراقي :
السلام عليكم أيها الكريم يا من قلبي أحبه في الله ..
شرف كبير لطالب علم مثلي أن يحاور قامة فكرية مثل شخصك النبيل.
وكنت أود لو نحينا – العقل – جانباً لندرك التعريف الأمثل لــ(النص)هل هو كلام الله في قرآنه العزيز(من عزة الكتاب على قارئه) والمجيد(من المجد لمضمونه الفكري) ، أم هو كلام الله من قبل ذلك في إنجيله وتوراته وزبوره وأيضاً في صحف موسى وإبراهيم؟.
ولكن
لا يهم ونزولاً عند رغبتك ...
سأترك التعريف بالنص لوقت لاحق.
وها أنا أعود معك ومع أبي الفكري وشيخي الرازي رحمة الله عليه .
رغم أني أهتم كثيراً بزمن الآباء الصحابة الكرام الذين عاصروا وشهدوا الوحي والتنزيل ومرحلتهم الزمنية – عندي – هي مرحلة (تأسيس وبعث العقلانية الإسلامية).
هب أن رجلاً عاقلاً وعالماً وأسمه الرازي عاش قبل بعثة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بألف عام ماذا سيكتب عن ( القمر) وكم هو حجم التضارب في المعلومات المستنبطة عن حقيقة القمر بالقياس لما كتبه شيخنا الرازي الوارد كلامه في تعقيبك الكريم؟.
\
وحتى ننصف الرجلين .. نعود إلى مرحلة التأسيس .. الفترة الذهبية.
\
أختلف أسلوب تقديم المعجزة التي تثبت للناس أن الرسول مرسل من عند الله ولدينا صورتين:
الصورة الأولى :
(تحدي - إعجاز – تسليم)
يقف الرسول موسى وبيده العصا متحدياً سحرة فرعون فيضع أمامهم - وهم المتخصصون- قدرته على تقديم المعجزة .. يدرك السحرة بعقولهم نوع الإعجاز فيبدأ التسليم للرسول.
استخدام الرسول للحسي كان ملائماً .
وهكذا كان الرسول عيسى يحيي الموتى أيضاً
الصورة الثانية :
(حث على التفكر- استنهاض العقل - تسلمه المسوؤلية )
وهي طريقة لا تهتم بالحسي بقدر اهتمامها بالتفريق بين ( الفكر ) و ( طريقة التفكير).
المعاندين من قريش عندما سمعوا القرآن كانوا يتبعون نفس طريقة سحرة موسى إذ لم يدركوا أن هذا القرآن هو كلمات خالقنا وظنوا أنه كلام يشبه الشعر أو السحر أو سجع الكهان وعندما عقدوا المقارنة بين كلام البشر وكلام القرآن بالطريقة الحسية .. توقفوا وبهتوا.
عصا موسى لم تأمر السحرة ببرنامج تفعيلي عملي تطبيقي .. جل ما فعلته العصا أنها قالت لعقل السحر : لقد كشفت زيف حبائلكم وسحركم أعين الناس فالقضية كلها متعلقة بمن يشاهد الآيات وطريقة تفكير هذا الرائي.
أما عقلاء قريش فتابعوا السحرة يوم أن طالبوا الرسول بالمعجزات الحسية ولكن القرآن لم ينتبه لطلباتهم الصبيانية فهو لا يهتم لإنسان اللحظة الراهنة التي نزل فيها القرآن إنه يهتم بالإنسان – النوع – فهو قرآن آخر رجل قبل أن تقوم الساعة : قال تعالى على لسانهم
وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً{90} أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً{91} أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً{92}{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً }الإسراء93
وهنا وعند هذه النقطة بالذات ... أسأل :
أيهما أفضل لي أن أرى رسولاً يريني جنة من نخيل وعنب أم رسولاً يعطيني خارطة عمل لبناء هذه الجنة .. ؟
أيهما أفضل لي أن تنشغل عيني بمشاهد الجنة تلك أم ينشغل عقلي بإقامة وإنشاء وإعمار تلك الجنة ومن ثم آخذ مكاني المرسوم فيها كوني الخليفة المستخلف فوقها ؟
العصا خاطبت العيون.
القرآن خاطب العقول.
العصا اهتمت بالإنسان المخاطب المقيد زماناً ومكاناً من الذين شاهدوا العصا بأعينهم.
القرآن اهتم بالإنسان الذي يريد القرآن تحرره من قيد الزمان والمكان .. فكل آية من آياته تخاطب الذين شهدوا تنزيله وهو يبدأ معهم مرحلة التأسيس العقلي .. وهو أيضاً يخاطبني أنا وقد جئت من بعدهم وسيخاطب من يأتي بعدي بآلاف الأعوام .
الذين شاهدوا العصا توقف عقلهم عن التفاعل بعد المشاهدة تلك فأعلنوا على الفور تسليمهم وخضوعهم وانقيادهم لهذا الرسول الكريم.
مع القرآن لم نشاهد الذين انبهرت عقولهم من خطابه إلا بعد أن تحسسوا معجزته فالقرآن يتحدى العقل ليجعله يستمر في التحفيز والانفعال.. لقد أعاد القرآن تشكيل عقول قارئيه وجعلهم هم ( قرآن ) يمشي على الأرض.
وعليه .. فالقرآن ليس ألفاظ ننطقها بل هو قيم تقودنا في كل سلوكياتنا ..إنه دستور حياة متجددة .. يصلح كدستور لأي إنسان في أي زمان ومكان .
القرآن حول الإنسان من مجرد كونه عصا أو شجرة ممتنعة الانفعال في المعادلة الاجتماعية
إلى إنسان يجيد فن الرفض لكل ما يعيق نموه الإنساني كونه خليفة فوق الأرض.
الإنسان الجديد هي معجزة القرآن الذي هو معجزة الإسلام.
هذا الإنسان صنع المجتمع القريب من الملائكية كما شاهدناه في عصر النبوة.
وعندما أخفق في تطبيقات فن الرفض بدأ هذا الإنسان بمرحلة الانحطاط والنكوص.
هو ذات الإنسان – المعجزة – مرة أستنفر عقله ليتفاعل بها مع الوجود ومرة أهمل عقله فهان وخسر .
وكأن معجزة القرآن لها شكل واحد،عندما يدرك قارئ القرآن دوره الإعجازي .. فلا معجزة للورق اللهم إلا إذا تبناها إنسان من دم ولحم.
عصا موسى لم تلزم السحرة بتعليمهم فن الرفض.
والقرآن يلزم قارئه وعلى الدوام باستخدام آلية التساؤل والتفكر والتدبر والبحث الفكري والتنقيب الذهني والاستقراء والاستنباط.
القرآن يلزم قارئه عندما يتعرض لمعيق ما في حياته أن يسير هذا القارئ في الأرض فلينظر ويشاهد ويقارن باحثاً عن الحل لذلك المعيق .
والسير في الأرض يشبه إلى حد بعيد السير مع القرآن في القرآن ، ولكنها مسيرة لا تهدف إلى استخراج الحل من القرآن بل تهدف إلى الوثوقية في المطابقة.
الأصل إذن أن نسير في الأرض.
فمثلاً نجد في القرآن سورة كاملة تحدثنا عن الحديد ولكنها آية لم يتعلم منها الإنسان كيف يستثمر الحديد ويحوله إلى طائرة تحمل مئات الركاب وتنقلهم بغضون ساعات آلاف الكيلومترات ..
لقد سار الإنسان في الأرض وبدأ يجيد فن الرفض وتغلب على جاذبية الأرض للحديد فطوعه للطيران.
سورة الحديد القرآنية تحفز العقل الإنساني على استثمار الحديد.
وسورة الحديد الكونية تنتظر العقل الذي ينفذ هذا التحفيز.
ومابين السورتين نلمح مهمة العقل بوضوح .
ومثال آخر :
لقد سار الإنسان اليوم فلم يشاهد إنسان يعيش لأكثر من مئة عام بقليل ..
والسائر في آيات القرآن يشاهد رجلاً رسولاً عاش ألف عام إلا خمسين سنة ..
أليس من واجب العقل الإنساني التفكير بإمكانية مط العمر الزمني لنا وجعله يقترب من عمر الرسول القرآني .
هذه هي الطريقة القرآنية لفهم المعجزة وكما قلت آنفاً هي طريقة بثلاث مسارات
1\ حث على التفكر
2\ استنهاض العقل
3\ تسلمه المسوؤلية
عمر سيدنا نوح يحثني على التفكر ...وهذا أولاً.
ثم ..
يقول لي مارس دورك في فن الرفض .. وحاول أن تسأل نفسك ما هي المعيقات لجعل العمرألف عام ؟ ... وهذا ثانياً.
ثم ..
استنهاض العقل والبدء بالسير في الأرض والمحاولة للتخلص من المعيقات التي تحول دون تحقيق غايتي.
وعند هذه المرحلة يأتي سؤالنا الأهم :
أيهما أسبق النص أم العقل ؟
إذا فشل العقل في تسلم المسؤولية ، ولو توقف استنهاض العقل وأعلن عجزه سيكون هنا ... النص أسبق
ولو نجح العقل في تسلم مسؤولية التغيير وباشر حل المعضلات المتجددة وأعلن انتصاره سيكون هنا .. هو الأسبق
وهكذا تستمر الحياة والاستنهاض حتى أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أمرنا أن لا نتوقف عن الاستثمار في اللحظة الحرجة حين تعلن الملائكة قيام الساعة وبيد أحدنا فسيلة قال ازرعها ولا تكف عن الاستنهاض أيها المسلم وليسبق عقلك النص الواقع .
ريمة الخاني
20-07-2008, 03:25 PM
عندما يصطدم العقل بلقمة العيش ..
فتراه ثورا هائجا ينزع عنه ثوب السكينه والوقار..
ليصبح وحشا ضخما هائلا ينهش في قلوب الظلمة
د. مصطفى عراقي
20-07-2008, 05:39 PM
أيهما أسبق النص أم العقل ؟
إذا فشل العقل في تسلم المسؤولية ، ولو توقف استنهاض العقل وأعلن عجزه سيكون هنا ... النص أسبق
ولو نجح العقل في تسلم مسؤولية التغيير وباشر حل المعضلات المتجددة وأعلن انتصاره سيكون هنا .. هو الأسبق
وهكذا تستمر الحياة والاستنهاض حتى أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أمرنا أن لا نتوقف عن الاستثمار في اللحظة الحرجة حين تعلن الملائكة قيام الساعة وبيد أحدنا فسيلة قال ازرعها ولا تكف عن الاستنهاض أيها المسلم وليسبق عقلك النص الواقع .
أخي الحبيب
بل لو نجح العقل في تسلم مسؤوليته سيدرك أن النص الذي هو من لدن حكيم خبير إنما هو هادٍ له إلى الحق والخير والرشاد. في حياته كلها.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ "
وقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) الذي استشهدت به هنا بجمال وجلال ، حين قال : فليغرسها
هو في ذاته "نص" هادٍ مضيء لا يسبقه عقل
لم يقل : وليسبق عقلك النص الواقع
بل الأولى أن يهتدي به العقل السليم وينسجم معه ومع حكمته الجليلة
إن "النص" الذي نقصد هنا ، والذي هو جدير بأن يطلق عليه "النص"
إنما هو نورٌ صادر عن وحي الله الذي هو أعلم بمن خلق
"أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ".
شرفٌ للعقل السليم أيما شرف أن يتبعه ويتملى أنواره ، ويجلي أسراره ، ويسبر أغواره ، في تعميره للكون ، والحياة، والنفس.
لا أن يسبقه أو يتقدمه.
" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ "
جمع عالم جليل الحروف المقطعة التي بدأت بها بعض سور القرآن فوجدها تكون :
نص حكيم قاطع له سرّ
ودمت في الحوار والجوار يا خليلنا الجليل النبيل
محبك: مصطفى
خليل حلاوجي
23-07-2008, 05:26 PM
عندما يصطدم العقل بلقمة العيش ..
فتراه ثورا هائجا ينزع عنه ثوب السكينه والوقار..
ليصبح وحشا ضخما هائلا ينهش في قلوب الظلمة
علي الوردي رحمه الله
سمى العقل البشري ... مهزلة
\
سأعود لملاحظتك استاذة ريمة ... حتماً
مودتي
د. نجلاء طمان
28-08-2008, 12:53 AM
وها أنا هنا ثانية
أتابع
يرعاكم ربي
خليل حلاوجي
04-10-2008, 01:38 PM
يقول (أتيين دي لابواسيه) في كتابه (العبودية المختارة) وهو يدلنا على الدواء ضد الطغيان والاستبداد؛ فيقول في كلمات معبرة قليلة:
إياك أن تراهن على طيبة الإنسان، والشيء الوحيد الذي يفرمل الطغيان هو المقاومة فإن فشلت كان على الإنسان الهجرة؟
يتابع خالص جلبي قوله :أما العيش تحت ظروف الاستضعاف فهو لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.. ومنه أيضا شرع الإسلام القتال من أجل دفع الفتنة وهي قضية مكررة واضحة بأن الظلم والظلام يجب أن يحارب أحيانا بحد السنان..
هنا فقط سنفهم مضمون التوحيد ... بمعناه العملي
وهو النص المتجدد
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir