المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : :::( اختلال توازن ):::



فريد عبدالعزيز
14-07-2007, 08:32 PM
اختلال توازن

(1)

الولد ليس اسمه عنترة ولا يمتلك حصانا ولا يقرض الشعر أو من أصحاب المعلقات .... الولد اسمه ( فارس) والبنت ليست اسمها عبلة ....... البنت اسمها ( سعاد )..... لقد مر على زواجهم أكثر من عامان مع إيقاف التنفيذ .... ولا جديد.

(2)
وماذا بعد الانتظار يا فارس ......... الأعوام تمر ولا جديد تحت الشمس – قالت سعاد
مر الكثير ولم يبقى إلا القليل – قال فارس
في عرض النيل كانا يجلسان سويا وجها لوجه في مركب خشبي صغير ........ اطرق فارس برأسه وشرد بخياله ..... شعرت سعاد بأن كلامها لم يكن هذا وقته وأنها أثقلت كاهله بحديثها هذا و لم تستطع الموازنة بين القول والصمت .... في محاولة منها لإخراجه من همومه رفعت تنورتها البنيه قليلا حتى كشفت عن ساقيها ....... وعندما أطال النظر اليهما عادت إلى وضعها السابق قائلة : نحن هنا
رفع رأسه قائلا بصوت ممزوج برغبة ما : لقد كشفتي لي سرا من الأسرار فلم أحتمل .... فماذا عن يوم الكشف العظيم ؟؟؟


(3)

جلست سعاد بجواره وجلس هو بمواجهة حماته لا يتكلم..... يعلم جيدا أن كلامه ليس يجدي خاصة مع حماته ..... قالت له : أنرتنا يا فارس ..... هذه الجملة بالذات لا تقولها إلا عندما يعقبها واحدا من أحاديثها السوداء هكذا قال بينه وبين نفسه مؤكدا انه حالا سوف يسمع منها مالا يدعو إلى الراحة
- انتهيت من تجهيز فلوس العرس أم لا ؟
- لا
- ماذا تنتظر يا آخى ؟
- تسهيل ربنا
- وهل يرضى ربنا أن تربط ابتنى معك لسنوات ؟ لماذا تظلم معك بنات الناس طالما انك فقير ولا تملك حتى حق النشوق ؟
حاولت سعاد مقاطعتها فنظرت لها نظرة وكأنها تقول إخرسى.... فخرست

(4)

طلب من أمه مطالبة عمه بحقهم في ميراث أبيه حتى يستطيع الزواج من سعاد .... سكتت ولم تتكلم .... هو لا يعلم أنها طالبته بهذا الحق مرارا وتكرارا فأجابها انه قام بصرفه على مأكلهم ومشربهم وتعليم أبنائها بعد وفاة أخيه فداءا لهذا الوطن

قالت لها أمها أطلبى منه الطلاق فهو فقير ولن تكوني سعيدة معه ودعك من اسطوانات الأفلام العربية القديمة..... سعادتك مع من يمتلك ......... منير ابن خالتك العائد من بلاد النفط فاتحني في موضوع الزواج منك ...... فقط أعطى الكارت الأحمر لفارس

تركت سعاد يمناها لمنير في سيارته الفارهه يلهو بها كيفما يشاء وسمحت لعينيه بالسباحة في فضاء صدرها الرحب وخرجت من صمتهما قائلة :
تعرف ...أحبني كثيرين ..... ولكنني لم أحب سواك ولم أشعر بالراحة إلا تجاهك
سألها وماذا عن هذا الفارس ؟
ضحكت بصوت عال وهى تجيبه : كاد أن يعبدني وراحت تقص على مسامعه ما كان يفعله هذا العاشق المخبول – أنت – لأجلها .

(5)

أقسمت أمه أنها سوف تزوجه خيرا منها و ( ست ستها ) مهما كلفها الأمر .... في نفس الشارع كان تسكن جارته المطلقة الست جمالات.... تألمت لحاله وتعاطفت مع ظروفه .... كان فارس يعتبرها بمثابة الأخت الكبرى ودوما يبث إليها همومه وشكواه وكان يحلو لها الاستماع أليه وإسداء النصائح ومعرفة أخر أخباره معلله ذلك بقولها :
- أنا أعزك لله في الله ...... أنت مثل أخي الصغير بالضبط.
وعلى حين غرة تحولت المعزة إلى حب ... وتحول الأخ الصغير إلى زوج .... والأخت الكبيرة إلى زوجة.


(6)

قال له صديقه مواسيا : ألم أقل لك من قبل أن النساء أفاعي فقال له وماذا عن عمى الذي أكل حقنا وحرمني من الاقتران بها ؟ فكر قليلا ثم أردف قائلا : هو الأخر.. أفعى !!!!


(7)

قالت الست جمالات بلهجة لا تخلو من سخرية
- صباحية مباركة يا عريس
أطرق بوجهه خجلا.... حاول الهروب من نظراتها وهو ينفض الغطاء
أوعز ذلك إلى أم سعاد التي قامت بربطه وانه سوف يذهب إلى أحد المشايخ ليعمل له حجابا ويفك ربطه.

(8)

بعد تناوله الغداء وتدليك جسده بماء الورد طلبت منه الجلوس في بلكونة شقتها المطلة على الجيران ريثما تحضر إليه الشاي ويتناولاه سويا في جو رومانسي حالم ........... و فجأة ارتفع صوت أبواق السيارات في الشارع الضيق أمام منزل أم سعاد محملة بالحقائب والكراتين المطبوع عليها صور الأجهزة الكهربائية وعلى مقربة من السيارات وقف منير مرتديا جلبابا ابيض وعباءة سوداء يوزع الابتسامات على الحاضرين ويصافحهم .


(9)

أوف... هذه رابع مرة بلا فائدة
ظهرت الدموع في عين فارس وهو يقول لها
لا أستطيع أن افعل شيء ..... أي شيء ..... فماذا أفعل ؟؟
كفكفت الست جمالات دموعه قائله : ولا يهمك ...... لا تفعل شيء ولا تعر الموضوع أي انتباه ........ ظل رجل ولا ظل حيطة ..... وأنهت معه الحديث وهى تسحب المنشفة من دولاب غرفتها ذاهبة لأخذ حمام دافىء قائلة : أنا أعزك لله في الله ...... أنت مثل أخي الصغير بالضبط.

د. نجلاء طمان
14-07-2007, 09:35 PM
الأديب الأستاذ : فريد عبد العزيز

ألاحظ تمكنك القصى فى هذا النوع من الحكاء السردى المعتمد على الإطالة فى الحكى وتناول الأحداث الحياتية البيئية وخاصة البيئة الفقيرة. أعجبنى بعض الايحاءات التى ألحقتها بالسرد دليلا على تخلف فكرى مثل :ذكر المشايخ, والأحجبة وماء الورد المستخدم من وجهة نظرهم فى فك العمل. فبعض الناس تهرب بأفكارها الى إلقاء لومهم من كل حادث غريب على عمل المشايخ والعفاريت فى تفشى جهلى ما زال موجودا حتى الآن. وعلى الوجه الآخر تحفظت عن بعض الإيحاءات الأخرى. لكننى أجد هنا كاتبا مميزا تناولت واقعا أكيدا بجدارة لكن العمل سيدى يحتاج مزيد من التقنين والتركيز والتكثيف ليصبح عملا يليق بموهبتك التى ميزتها.

شذى الوردة يهمس هنا

د. نجلاء طمان

جوتيار تمر
15-07-2007, 03:43 AM
العزيز فريد..
وهل يبقى التوازن دون اختلال ...؟
نصك استفز في الكثير من الاسئلة التي يمكن ان نبيح بها فتح ابواب غير مرغوبة..لكنها استفزت وهذا ما يعني ان النص قد استطاع ان ياتى بمفعوله الذهني والدلالي والفكري معا ولعلنا لاننكر مفعوله الاجتماعي ،فمن خلال الرؤى التي انبعثت من النص كشفت الكثير من الاوجه العائمة فوق براكن المياه داخل الاجتماع..
تمخضت القصة بين الواقع والرؤا الجانبية والعميقة له من خلال سرد ربما لم يأخذ حقه في بعض الوقفات التأملية..ويمكنني أن أصنف هذه القصة ضمن القصة الوضعية ،و ان كانت تنتهي بحدث تراجيدي مفجع ،و ما يسوغ لي هذا الحكم ،هو اعتمادك على الوصف كتقنية للسرد ، وهو ما نسميه بعملية تسريد الوصف .

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

ريمة الخاني
23-07-2007, 10:55 AM
رائعه بحق..وفيها رائهة البيئة الصرفه....
ولو بحثنا اكثر لوجدنا حالات كثيرة من عدم توازن اجتماعي....
كل الامتنان
قلم متمكن

فريد عبدالعزيز
25-07-2007, 09:51 AM
الأديب الأستاذ : فريد عبد العزيز
ألاحظ تمكنك القصى فى هذا النوع من الحكاء السردى المعتمد على الإطالة فى الحكى وتناول الأحداث الحياتية البيئية وخاصة البيئة الفقيرة. أعجبنى بعض الايحاءات التى ألحقتها بالسرد دليلا على تخلف فكرى مثل :ذكر المشايخ, والأحجبة وماء الورد المستخدم من وجهة نظرهم فى فك العمل. فبعض الناس تهرب بأفكارها الى إلقاء لومهم من كل حادث غريب على عمل المشايخ والعفاريت فى تفشى جهلى ما زال موجودا حتى الآن. وعلى الوجه الآخر تحفظت عن بعض الإيحاءات الأخرى. لكننى أجد هنا كاتبا مميزا تناولت واقعا أكيدا بجدارة لكن العمل سيدى يحتاج مزيد من التقنين والتركيز والتكثيف ليصبح عملا يليق بموهبتك التى ميزتها.
شذى الوردة يهمس هنا
د. نجلاء طمان

الأديبة / د. نجلاء طمان

اعتقد ان البيئة الفقيرة ( ريفية أو شعبية ) هى بيئة مليئة باالاحداث والحكايا والعادات والتقاليد التى يمكن تناولها بالسلب او الايجاب .....ومرتع خصب لمن يريد تعلم ابجديات القصة مثلى
الغريب يا سيدتى ان كل القصص التى اكتبها تنسب احداثها بالكامل لى ....... ولا اعرف هل هذا يعتبر عيب فى كتاباتى ام ميزة ؟.

هذه القصة بالذات عندما نشرتها فى احدى المنتديات ....... طلب منى الكثرين تطليق الست جمالات واخرين طلبوا منى ان أتماسك وادعها على الله .... وأحدهم عرض على القيام بعملية طفل أنابيب

حتى ظننت انها مشكلة تخصنى قمت بإرسالها لبريد أهرام الجمعة

واتفق معك - دائما - يا استاذتى العزيزة فى عدم تركيزى فى الكتابة بشكل كبير ...... ولكنى احاول التجويد قدر المستطاع .... وليتك اوضحتى لى اماكن الخلل يا سيدتى فى النص حتى يمكننى تلافيها المرات القادمة

شذى الوردة يهمس هنا ..... بوجودك الطيب :001:

خالص تحياتى ودمت بكل الروعة

فريد عبدالعزيز
25-07-2007, 09:55 AM
العزيز فريد..
وهل يبقى التوازن دون اختلال ...؟
نصك استفز في الكثير من الاسئلة التي يمكن ان نبيح بها فتح ابواب غير مرغوبة..لكنها استفزت وهذا ما يعني ان النص قد استطاع ان ياتى بمفعوله الذهني والدلالي والفكري معا ولعلنا لاننكر مفعوله الاجتماعي ،فمن خلال الرؤى التي انبعثت من النص كشفت الكثير من الاوجه العائمة فوق براكن المياه داخل الاجتماع..
تمخضت القصة بين الواقع والرؤا الجانبية والعميقة له من خلال سرد ربما لم يأخذ حقه في بعض الوقفات التأملية..ويمكنني أن أصنف هذه القصة ضمن القصة الوضعية ،و ان كانت تنتهي بحدث تراجيدي مفجع ،و ما يسوغ لي هذا الحكم ،هو اعتمادك على الوصف كتقنية للسرد ، وهو ما نسميه بعملية تسريد الوصف .
دمت بخير
محبتي لك
جوتيار


المفكر والأديب الجميل / جوتيار

أستاذى الحبيب ..... أتعلم من مرورك على نصوصى الكثير والكثير

ودائما ... أبدا مرورك يسعدنى ويثلج صدرى

خالص تحياتى والف الف باقة ورد

:001::001::001::001::001::001::001::001::001:

فريد عبدالعزيز
25-07-2007, 10:00 AM
رائعه بحق..وفيها رائهة البيئة الصرفه....
ولو بحثنا اكثر لوجدنا حالات كثيرة من عدم توازن اجتماعي....
كل الامتنان
قلم متمكن



الأديبة / ريمة الخانى ( أم فراس )

أعتقد يا سيدتى انه عصر اختلال التوازان فى كل شىء

اختلال توازن مع سبق الاصرار والترصد

خالص تحياتى ودمت بكل الهناء

ابن الدين علي
27-07-2007, 04:32 PM
هذه القصة سلطت الضوء على واقع مر و مرارته تكمن في تكراره .لعل حالة الفقر هي التي جعلت من شخصية البطل شخصية باهتة و سطحية او لان الكاتب لم يتعمق في شخصيته

فريد عبدالعزيز
21-09-2007, 12:19 PM
هذه القصة سلطت الضوء على واقع مر و مرارته تكمن في تكراره .لعل حالة الفقر هي التي جعلت من شخصية البطل شخصية باهتة و سطحية او لان الكاتب لم يتعمق في شخصيته




استاذ / ابن الدين على

حالة الفقر والرضوخ لللامر الواقع وعدم محاولة التغيير هى التى جعلت من كل الابطال شخصيلت ياهتة وسطحية

شكرا لمرورك الكريم وتعليقك الرائع

و رمضان كريم

سعيد محمد الجندوبي
21-09-2007, 02:12 PM
العزيز فريد عبد العزيز

حكي رائع صوّرت فيه البؤس اليومي والروتينية الشعبية بأسلوب يعكس جمالية وقوة حبك

دمت قلما مبدعا

سعيد محمد الجندوبي

فريد عبدالعزيز
12-01-2008, 07:07 PM
العزيز فريد عبد العزيز
حكي رائع صوّرت فيه البؤس اليومي والروتينية الشعبية بأسلوب يعكس جمالية وقوة حبك
دمت قلما مبدعا
سعيد محمد الجندوبي


الاستاذ / سعيد الجندوبى

أسعدنى مرورك العطر وتعليقك على النص

محبتى اليك

ربيحة الرفاعي
29-07-2014, 03:32 AM
تمكن سردي وأداء جميل بتوظيف لعناصر المعطة المكاني والزماني تضع القارئ في جو النص وبيئته

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

ناديه محمد الجابي
22-11-2021, 07:27 PM
راقت لي القصة جدا ـ تحكي ظروف الشباب المعدم ومشاكله
في عمل متماسك محكم البناء
سرد متقن جذاب بلغة شيقة وواقعية في نص قوي التعبير، جميل التصوير.
بوركت واليراع.
:v1::nj::0014:

أسيل أحمد
24-11-2021, 07:33 PM
إنه حقا عصر تختل فيه الموازين في كل شيء
فقر وقلة حيلة واستسلام لواقع مر
قصة مؤلمة بثقل ما تحمل وصدق ما تصف.
دام إبداعك.