تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هما



محمد الحامدي
16-07-2007, 06:39 PM
هما
حرٌّ وعرق ، وسرابٌ يرقص في الأفق ، هناك على ضفة الدنيا اليسرى ، غيمة وبرق يصّعادان خيوط قوس قزح . وتعثر الأقدام في لجج القلق ، فيمضي بهما المسير على المنتهى في شوق تضج به الضلوع وتختنق ، ويختلط الحلم بالدمع والحنين، بذلك الوهم في ظلمات الصدر يأتلق ..
هي : قل .
هو : وهل من قول يقال .. ؟
هي : ألا نلقي العصا ؟
هو : لنفعل ،، والهوى عن الفعل محدود .
هي : إيه ، حرّ الشمس يغلي له دمي .
هو : ألا تكفين ؟! فقد جفّ من شكواك فمي .
هي : ألا يحق السؤال ، متى نصل ؟ ألا يلوح يمين الدنيا ؟؟
هو : لم تتعجلين النهاية ؟ في الوصول تبيض عيوننا الأربعة ، ويقع الشعر ، ويرتخي الجلد ، لا وصول إلا إلى قلب الأرض .
وتجلس إلى كاهله ، تعبث يداها بحبات التراب ، كثيرة هي ، إبر تغرز في الجلد تباريح العذاب ، سألته مرة : ألا نخصب فننجب ؟ فرد عليها ممتقع القول : جفَّفَ الحرُّ خصوبة الحياة في آدم ، وحواء تستجدي الجدب ماء . يا لك من حواء !
مدّ بصره فطال واستطال . لامس ملح البحر هناك ،، فانتفض يغوص في الرمل اللهيب :
هو : هيا ننهض ، هيا نواصل المسير .
هي : لماّ نستقر .
هو : احذري السكينة ، هل اشتقت إلى دود القبور ؟
هي : قد هدني المسير فارحم هزالي .
هو : المسير كالنَّفَس ، إذا توقف وقف .. هيا يا حواء .

شاهين أبوالفتوح
16-07-2007, 06:56 PM
الأديب الأستاذ / محمد الحامدي
قصة فريدة ، يكررها كل آدم وكل حواء أثناء كدحهما الأزلي نحو المحتوم ، فما أجمل البساطة التي كتبت بها وما أعمقها من فلسفة بين السطور.
تقبل مروري
محبتي واحترامي
شاهين

محمد الحامدي
16-07-2007, 07:01 PM
أخي شاهين : هو الإنسان بشقيه تعبث به الأوهام في ما أسميتَه " كدحه الأزلي " فيظن أنه يصنع الحياة بينما تفككه وتحلله ...
شكرا أخي على مرورك الكريم .....

جوتيار تمر
16-07-2007, 08:45 PM
الحامدي الرائع..
غلب على النص الطابع الوجودي في العمق الفكري..والتركيز المبرر على القلق الذي هو احد اركان الوجودية في جميع ازمانها..والنص بحد ذاته كأنه يبحث عن خشبة ليؤدي عليها الشخوص ادوارهم.. حيث رسمت بحنكة مسيرتهما في هذه الحياة واقمت على جدران الوجود منافذ الغوص فيه..وادرت دفة القيادة بقدرة فائقة من حيث انتقاء التعابير التي تتناسب والحدث الاساسي..وبلغة بسيطة سهلة الفهم دون تعقيد.. ومن ثم رسوت على بر الامان من خلال الديمومة الحياتية التي ربطتها بالنفس وكأني بها تريد القول بأن النفس رغم القلق الذي يحاصرها فأن عليها ان تبغي في الارض ما يمكن ان يديم عليها استمراريتها.. وهذا القلق الوجودي لايبعث اليأس ابداً..انما يكون دافعا على الاستمرارية...وقد لامست فيها هي تصوف غريب كأني تقوم بدور كاهنة من طائفة اليوغون التي تحاول الاتصال بالمطلق عن طريق الدحر الميتافيزيقي للموت والتمسك بالسكينة..وهو واقعي ملتزم يمنح قلبه وفكره وراءاه من اجل الاستمرارية.

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

محمد الحامدي
16-07-2007, 09:21 PM
أخي جوتيار لن أعلق على تحليلك حتى أترك للقراء الكرام حرية الاطلاع والتوجه في الفهم ..
فقط شكرا لك على هذا المرور الكريم

نوف السعيدي
18-07-2007, 12:04 PM
الأديب الاستاذ محمد الحامدي

في قصتك الراقية
تستخدم لغة راقية جدا قوية السبك والتعبير ... بسهولة ويسرلانعهد مثل هذا عند كتاب القصة
وطريقة البناء والتشويقية في تراكم الحدث رفيع المستوى
استخدمت المشاهد الحوارية مثل سيناريو مكثّف الملامح والأداء وزاد من جمال الحواريات هذه الصور والأفكار الفلسفية الهادفة .
وأتيت بنهاية هي قمة الفلسفة الايجابية , عندما تعتبر السكينة علامة الموت :
-هو : المسير كالنَّفَس ، إذا توقف وقف .. هيا يا حواء -
قصتك فيها الكثير من الروعة وملامح الابداع .

تحايا راقية تليق بك وبنصك الراقي

نوف

محمد الحامدي
18-07-2007, 06:56 PM
شكرا سيدتي ... عند أمثالكم يحيا الأدب ويزهر ويثمر ... قد أضاء قولك في النص فأبهرني أكثر من نصي نفسه ... وهو تاج أتوج به رأس آدم .. أما حواء فهي لك توجيها بما شئت فقد عجز آدم عن إرضائها والرضا عنها كما في القصة ...
شكرا سيدتي وإلى لقاء

أحمد الرشيدي
18-07-2007, 08:16 PM
أخي الأديب محمد الحامدي

أحسب أني رأيت الحلم واليأس مشخصين في هذه الحوارية الفلسفية النفسية الأدبية ، وأحسب أن الغلبة كانت لليأس أليس التراب هو النهاية ، وأنه يخادع نفسه ويمنيها بما هو متيقن أنه لن يتحقق .

كانت سياحة ممتعة أدبا عاليا ومقلقة فكرا وهواجس

د. محمد حسن السمان
18-07-2007, 08:50 PM
سلام الـلـه عليكم
الأخ الغالي الأديب الناقد الاستاذ محمد الحامدي

قصة " هما " عمل قصي ناجح بامتياز , دون شك , أرى نفسي متوافقا مع الأديبة نوف السعيدي , التي قدمت قراءة موفقة للقصة , في الاشادة باللغة الراقية , والمشاهد الحوارية المكثّفة , التي تضمنت فلسفة فكرية , أرى نفسي متوافقا مع الأخ الغالي الأديب والمفكر الاستاذ جوتيار تمر , بوصفها بالفلسفة الوجودية , ثم أتوافق معك في استعارة مفهوم السكينة , وعدم المتابعة في السير , للتعبير عن الموت , والتي مثلت نهاية لافتة تكرّس فلسفة ماوراء الحوار .
تقبل محبتي

أخوك
د. محمد حسن السمان

محمد الحامدي
18-07-2007, 08:53 PM
أخي أحمد الرشيدي
شكرا لمروركم الكريم .. قد أفعمت النص فهما معمقا .. وهذا منكم ليس بغريب
فألف شكر وإلى لقاء

محمد الحامدي
18-07-2007, 08:56 PM
ربان واحتنا العزيز ، د . السمان الفاضل يسعدني رأيكم كل السعادة
غير أني بعد إذنكم في هذا النص بالذات لا أريد أن أبدي أي رد أو رأي أو موقف وأترك للقارئ الكريم حرية الفهم والتفسير
فألف شكر على حنوكم الأدبي الذي يرفع هاماتنا جميعا ودمت لنا أديبا واعيا ترعى خطياتنا وتقيل عثراتها .
وإلى لقاء بإذن العزيز الحكيم ...

ابن الدين علي
18-07-2007, 09:13 PM
الاستاذ محمد الحامدي:
قصة حداثية رائعة تعبر عن المعاناة في وجودنا و النهاية كانت أروع. أنا لست ناقدا و لا متخصصا في هذا الميدان لكني بكل صراحة استمتعت بقراءتها

محمد الحامدي
18-07-2007, 09:35 PM
شكرا سيدي .. ودعني أخبرك أن الأدب لا يكتب للنقاد وأهل الاختصاص فقط بل هو أول ما يكتب يكتب للقراء جميعا ..
ورأي القارئ يهمني جدا فهو أول من يستهلك الأدب وفيه ننشره ..
دمت بخير وإلى لقاء

كنعان محمود قاسم
18-07-2007, 10:53 PM
نص جميل اتمنى لك التوفيق
تقبل تحيلتي
اتمنا ان تكون سفرتك ليست شاقة

محمد الحامدي
19-07-2007, 07:11 AM
شكرا أخي كنعان على مرورك الكريم
وإلى لقاء قريب إن شاء العزيز الحكيم

خليل حلاوجي
20-07-2007, 09:44 AM
هذه قصة القلق الانساني ...

وتفاصيل الدهشة في الرحلة .... واضحة

من نحن ؟

الى اين نسير ؟

ماذا نبغي ؟

النص اجاد اللعبة .... وادهشنا

تحية لقاص ثري

هبة الأغا
20-07-2007, 12:24 PM
قطعة أدبية راقية ، ورقيقة ...

كل الحب والتحية

محمد الحامدي
20-07-2007, 03:35 PM
الأخ خليل السلام عليكم ورحمة الله وبر كاته
مع هذا النص بالذات ، أحاول أن ألزم الصمت ، أريد لأعزائي القراء أن ينظروا في النص دون أي تدخل مني مهما كان بسيطا .. وسأجمع جميع الآراء لأرى وقع مثل هذا النص في النفوس
أما أنت فالشكر على المرور لا ينقطع ونلتقي بإذن الله حول نصوصو أخرى

محمد الحامدي
20-07-2007, 03:36 PM
شكرا أخية هبة ، لأنت الراقية ولردك هو الرقيق
مع تحياتي