تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإنقلاب ضد الجبهة الصديقة ....



محمد الأمين سعيدي
30-07-2007, 11:07 PM
استيقظ من نومه متؤخرا كعادته ،كان الصمت يعمّ أرجاء المنزل ، وضب غرفته واتجه إلى الطابق السفليّ، تفاجأ حين لم يجد أحدا في البيت كانت النوافذ مفتوحة،الزجاج محطّم ، وبعض الأشياء مبعثرة في المكان .
كان العجب يُسيطر على محمد تلك اللحظة ،والأسئلة تجتاح فكره ،هل تعرض البيت للسرقة ؟ أين اختفت العائلة ؟، كان من الصعب عليه الإجابة ،توجّه إلى بعض الغرف ليتفقدها ، كانت بعض الأغراض مفقودة ، ذهب مهرولا إلى المرآب ،وجد السيارة مفقودة كذلك ..
أدرك أن هناك سبب وجيه يُفسر كل هذه الفوضى ، ارتدى ملابسه وقرر أن يستكشف الحالة خارج البيت .
حمل معه بعض النقود وذهب مسرعا إلى بيت جيرانه لعله يجد تفسيرا ...اقترب من الباب فوجده مفتوحا ،دخل فوجد الفوضى تعم بيت الجيران ،ولا أحد في البيت كذلك .قرّر أن يتوجه إلى وسط المدينة ،كان يتقدم في المسير وشعور غريب يحس به يجري في أنحاء جسمه ،بدأ الخوف يُسيطر عليه ،كانت المدينة فارغة من الناس والسكون يغمر المكان ،كانت بعض علامات الدمار تُخيم على جدرانها ..عندها أدرك محمد خطورة الموقف .
أخذ يفكر في حل لما يراه من غرائب أمامه ، كانت قدماه تقوداه إلى مركز الشرطة أو إلى أي جهة يوجد فيها رجال الأمن ،وأثناء المسير سمع ضجة وصراخا يتعالى ،لم يكد يقترب من مصدر الصوت ،حتى أحاط به جماعة من المسلحين وساقوه إلى مقرّهم.
مر يومان وهو مكبل بالحبال في زنزانة مظلمة ،أخذ يسترجع الصور الماضية والرعب يحاصره من كل الجهات،فجأة فتح الباب ،دخل رجل ملثم عليه ،فكّ قيوده ،وساقه إلى غرفة مليئة بالرجال.
أ ُ جلس محمد في وسط المكان ، كان هناك رجل نحيف ملثم يحمل مسدسا ، العيون كلها متجهة إليه ،عرف محمد أنه قائد هذه الجماعة.
بعد فترة قصيرة وجّه القائد اهتمامه إلى محمد و قال في نبرة رقيقة مليئة بالعاطفة و الحنان و الرجولة :من أنت يارجل ؟ عرف محمد أنه يقصده فأجاب مذعورا أنا محمد أسكن في طرف المدينة .
واصل القائد حديثه إليه،سأله عن أخباره ،ماذا يطالع من كتب الغرام ،ما طبيعة تعامله مع النساء ،هل له حبيبة ،أم أنه مازال يبحث عمن يمكنه التفاهم معها ،بدأ محمد يشعر بالراحة شيئا فشيئا جرّاء هذا الإستجواب العاطفي الجميل،كان عند كل سؤال يتجنب الردّ ويُراوغ في الكلام ،حينها قال له القائد بعد أن أحس ببرائته: آسف على تقييدك لقد حسبناك من الجبهة الأخرى.
جمع محمد كل قواه ووجه سؤاله مترددا بنبرة كأنها طفل يرتجف من البرد قائلا : من أنتم يا سيّدي .
نظر إليه القائد والتفت إليه كل من كان في القاعة ، أجابه القائد بخطاب يقطر عذوبة و ألما : نحن الذين فهموا الحياة وخاضوافي غمارها الكثير من التجارب ،نحن الذين آمنوا بالحب و تعذبوا في سبيل إيجاد واقع حنون تربطه حبائل المحبة وتحفه الملائكة بالنور و الضياء..
تعجب محمد غاية العجب من هذا الرد ،ووجه سؤالا جديدا ،قال وقد بدأ يشعر بالأمان أكثر :يا سيّدي إذا كنتم كما قلت فما حاجتكم إلى السلاح ؟
تبسم القائد وقال : هل تعرف ما يطلقه علينا المسؤولون ؟ هم يقولون إننا المتمردون !
هل تعرف سبب خلو المدينة و ارتداءها جلباب الصمت ؟ لقد اعلن عن وجود جماعة إرهابية خطيرة تتسكع في البلاد ،لقد نعتونا بالإرهاب لا لشيئ إلا أننا كنا مخلصين لمن أحببنا ،لم نكن نتعامل بمنطق المصالح المادية بل كانت تحركنا المحبة الصادقة المطلقة ، أما السلاح فكيف في رأيك يُدافع المظلوم عن نفسه ؟هل يتنازل عن مبادئه و يقول : كنت مخطئا و هو الذي على صواب.
هذا هو الواقع المرير الذي طغت فيه المادة و سيطرت فيه الكراهية على قلوب البشر، هذا هو الواقع الذي جعل الحب بمثابة المعصية والخطيئة و الكبيرة ،و ما الحب إلاّ لغة النفس للنفس و لغة النفس مع الحياة ...
لم يكمل القائد حديثه حتى سُمع صوت الرصاص يُدوّي في أنحاء المكان ،أخذ كل عاشق جهته الخاصة به للدفاع ...قرّر محمد حينها أن ينخرط في صفوف هذه الجماعة الطاهرة ،أخذ بندقية واندفع يرسل رصاصات طائشة تجاه العدوّ الصديق ، لمح في الجبهة الأخرى افراد عائلته و جيرانه الذين اختفوا ،بهت من هذه التناقضات ، و إذا برصاصة تشق طريقها نحوه ، اخترقت كتفه فصرخ بصوت عميق وارتعدت فرائسه ،كان الموت يتسلل إليه من كل النواحي، فتح عينيه وهو ينزف عرقا،وجد أمه جالسة عند رأسه و هي تقول : لابد أنه كابوس مرعب ..حينها قرّر أن يحارب التصحر العاطفيّ الذي كان يسيطر على حياته.
30/07/2007 بالمشرية

جوتيار تمر
31-07-2007, 01:27 AM
السعيدي..
ربما اردت من العنوان الرنان هذا نقطة تحول وجذب المتلقي الى النص..وهذا ما شعرت به انا..حيث جاء معطيات الحدث في النص بصورة مسترسلة..وبسردية وظفت الحدث الداخلي الذاتي مع الحدث الخارجي.. بصورة درامية تبعث التساؤل احيانا..من حيث الفكرة الاساس في النص..التي تراوحت بين مصطلحات تتكرر بين اوساط المتلقي..واخرى تبعث الاحتمالات الذهنية في النتلقي نفسه..ربما لانها اصلا جاءت محملة بعبق الاحتمال من السارد نفسه...اعتمدت في اسلوب السرد هذه على جمل مكثفة موحية دالة تختزل واقعا مريرا يعيشه الفرد في مددنا الطاحنة .. في القصة أيضا مفارقة جميلة ساهمت بشكل قوي في نسج الحدث مفارقة بين الخيال و الواقع ..لكن الواقع ينتصر على الخيال.. و لكن هذا الأخير لا يتبخر تماما بل يترك علاماته قوية ترسمها يوميات الانسان في لمحة تراجيدية هي الأجمل لتشكل عنصرا إذانة لهذا الواقع الذي يصادر حتى الحب.

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

حسنية تدركيت
31-07-2007, 01:26 PM
جميل جدا وكانني امام مشهد سينمائي رائع
لم اظن للحظة انه حلم

ابن الدين علي
01-08-2007, 12:42 AM
أخي محمد الامين:
خيالك خصب. جعلتنا نعيشه و كأنه واقع...,و انا منكب على قراءة محاولتك القصصية كانت الاسئلة تتهاطل علي إلا أن جاءت النهاية التي حلت المشكلة . الصراع بين الجبهتين هو صراع بين الحب و الكراهية .... هو صراع بين الخير و الشر....... صراع أزلي.
محبتي لك

طارق الدغيم
01-08-2007, 10:09 AM
رائع
بورك فيك

نوف السعيدي
01-08-2007, 11:50 AM
الأديب محمد الأمين سعيدي

فانتازيا قصصية أخّاذة ... براعة ومهارة في عملية البناء ... وتوضيب الحدث ... وتحريض الترقب ... لتبدأ في تقديم جرعات فلسفية ... في الصراع بين الجبهتين ... توصل رسالة اختفاء الحب الصادق ... في هذا الزمن ... ثم تفتح عينيك عن حلم أو كابوس , بعد أن نجحت في توصيل ما أردت .
قصة ناجحة .
وتحايا قلبية
وهناك بعض الاخطاء , أثناء كتابة النص على الكومبيوتر ...( سامحني لتطفلي ) :
-
متؤخرا كعادته = متأخرا كعادته
تفاجأ = فوجئ
أدرك أن هناك سبب وجيه= أدرك أن هناك سببا وجيها
ببرائته=ببراءته
لشيئ=لشيء
-

نوف

مجذوب العيد المشراوي
01-08-2007, 01:00 PM
قصة ذات جمال أخاذ في مضمونها حيث تلقي بالقارىء في متاهات كثيرة وهو يتابع أحداثها ..
لكنه في الأخير يتنفس الصعداء حين يرى أن الأمر كله هو كابوس لا غير .
من ناحية الشكل أقصد الأسلوب لي بعض المآخذ على التقريرية وتكرار بعض الألفاظ ..
ربما سأرجع في المستقبل إلى ذلك إن أذنت طبعا .

محمد الأمين سعيدي
02-08-2007, 01:29 AM
السعيدي..
ربما اردت من العنوان الرنان هذا نقطة تحول وجذب المتلقي الى النص..وهذا ما شعرت به انا..حيث جاء معطيات الحدث في النص بصورة مسترسلة..وبسردية وظفت الحدث الداخلي الذاتي مع الحدث الخارجي.. بصورة درامية تبعث التساؤل احيانا..من حيث الفكرة الاساس في النص..التي تراوحت بين مصطلحات تتكرر بين اوساط المتلقي..واخرى تبعث الاحتمالات الذهنية في النتلقي نفسه..ربما لانها اصلا جاءت محملة بعبق الاحتمال من السارد نفسه...اعتمدت في اسلوب السرد هذه على جمل مكثفة موحية دالة تختزل واقعا مريرا يعيشه الفرد في مددنا الطاحنة .. في القصة أيضا مفارقة جميلة ساهمت بشكل قوي في نسج الحدث مفارقة بين الخيال و الواقع ..لكن الواقع ينتصر على الخيال.. و لكن هذا الأخير لا يتبخر تماما بل يترك علاماته قوية ترسمها يوميات الانسان في لمحة تراجيدية هي الأجمل لتشكل عنصرا إذانة لهذا الواقع الذي يصادر حتى الحب.
دمت بخير
محبتي لك
جوتيار


جو..

كانت ملاحظاتك أخي في مكانها ..بارك الله فيك ..

في يخص العنوان ..أنا لم أضعه من أجل جذب القارئ و إن كان دالك أحد مخططاتي...ههههههه

الإنقلاب ضد الجبهة الصديقة..

هذا لأن بطل القصة محمد انخرط في صفوف العشاق و غذا به يجد في الجبهة العدوة أفراد عائلته الذين اختفو و جيرانه..لذلك كان انقلابا عليهم ..

تقبل تحياتي أيها الجميل..

سمو الكعبي
04-08-2007, 04:25 AM
الاستاذ محمد:
قصة حوت عنصر الدهشة, المُبطن بعنصر الغموض الباعث للبحث بين زوايا الحرف , وأركان الكلم عن خيوط القصة, لا أي خيط ,بل عن الخيوط الملونة التي تُحاكي المراد من القصة .
كم هي رائعة البداية حيث طمست معالم القصة ثم بدأت برحلة تنقيب على مهل , تكشف وتُنقب رويدا رويدا حتى تتبين لنا معالم القصة , فجاء اسم بطل مثلا القصة تدريجا, كذلك الشخصيات الأخرى, التي لم تكثر منها لكي لا تشتت الصورة .
أما مغزى قصتك فبديع ورفيع حيث صورت المجاهدين في سبيل المحبة بطريقة عصرية وتهمة اُبتُلينا بها .
أما النهاية فعنصر المُفاجأة لم يتركها هي أيضا , فجأت مدهشة مُحركةة لعناصر وروح القصة .
بصراحة قصة محبوكة, ومعنى جديد تمرد على كثير من المعاني المكررة, وبصراحة أيضا الأُطر الفنية لعملك الفني وقواربه التشكيلة فيها رياح تجديد في طريقة كتابتك للنثر , أشُدّ على يديك .
وقفة احترام لقلمك .
تحياتي لك قمُرية.

محمد الأمين سعيدي
06-08-2007, 03:40 AM
جميل جدا وكانني امام مشهد سينمائي رائع
لم اظن للحظة انه حلم
شكرا حسنية على مرورك الرائع هنا ..
سعيد لأن نصي اعجبك
تقبلي تحياتي ..

خليل حلاوجي
08-08-2007, 03:18 PM
أما السلاح فكيف في رأيك يُدافع المظلوم عن نفسه ؟هل يتنازل عن مبادئه و يقول : كنت مخطئا و هو الذي على صواب.


\

إلى هنا وقررت أن لا أمكل القصة ... أخي الحبيب

فهنا أنت وقعت في فخ فكري جسيم

أقول لك وبكل صدق : خير لنا أن نتحمل الظلم من أن نمارسه

أرجوك تريث قبل أن تجيبني على رؤيتي .... وأعلم أني أحب الغرق في بحر حبرك الناضج

محمد الأمين سعيدي
12-08-2007, 12:34 AM
[quote=ابن الدين علي;293053]أخي محمد الامين:
خيالك خصب. جعلتنا نعيشه و كأنه واقع...,و انا منكب على قراءة محاولتك القصصية كانت الاسئلة تتهاطل علي إلا أن جاءت النهاية التي حلت المشكلة . الصراع بين الجبهتين هو صراع بين الحب و الكراهية .... هو صراع بين الخير و الشر....... صراع أزلي.
محبتي لك[/quo



بن الدين ..

جميل مرورك هنا و تعليقك على قصتي ..

هي المادة حين تطغى على العلاقات تنتشر الكراهية ..

ومن ثم يحاصر كل من لايزال على عهد المحبة

تقبل تحيتي

الطنطاوي الحسيني
15-08-2007, 07:36 AM
الاديب محمد السعيدي
التهمت القصة التهاما

طبعا بالهنا والشفا

ولكن ختامها كان رائع

اقصد الكابوس

وايضا الجمل بعده رائعة

وصلت رسالة الحب وحربه مع البغض والكره

دمت مبدعا متأنقا

قصة جميلة حقا

محمد الأمين سعيدي
15-08-2007, 10:30 PM
طارق شكرا على المرور
تقبل تحيتي

محمد الأمين سعيدي
17-12-2008, 11:29 AM
الأديب محمد الأمين سعيدي
فانتازيا قصصية أخّاذة ... براعة ومهارة في عملية البناء ... وتوضيب الحدث ... وتحريض الترقب ... لتبدأ في تقديم جرعات فلسفية ... في الصراع بين الجبهتين ... توصل رسالة اختفاء الحب الصادق ... في هذا الزمن ... ثم تفتح عينيك عن حلم أو كابوس , بعد أن نجحت في توصيل ما أردت .
قصة ناجحة .
وتحايا قلبية
وهناك بعض الاخطاء , أثناء كتابة النص على الكومبيوتر ...( سامحني لتطفلي ) :
-
متؤخرا كعادته = متأخرا كعادته
تفاجأ = فوجئ
أدرك أن هناك سبب وجيه= أدرك أن هناك سببا وجيها
ببرائته=ببراءته
لشيئ=لشيء
-
نوف
نوف
شكرا على المرور وعلى التفاعل مع النص..
شكرا مجددا

سعيدة الهاشمي
18-12-2008, 04:38 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

لقد لعبت بي التخيلات وخضت بحر الظنون وأنا أقرأ كلمات قصتك المسطرة بعناية ودقة

أخي أمين، تساءلت عن سر ذلك الاختفاء المفاجئ وخرجت مع محمد للشارع أجوبه،

دخلت معه بيت الجيران...

لكنني لم أتخيل قط أنا الأمر مجرد كابوس سببه التصحر العاطفي كما قلت.

كانت مشوقة ورائعة فعلا.

تحيتي ومودتي.

معروف محمد آل جلول
03-04-2009, 01:21 PM
// الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ؛فيمسك التي قضى عليها الوت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ؛إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون//مسورة الزمر .الآية 42..
ولعل الله تعالى أراد به خيرا فطهره بهذه الرؤيا لينقلب من قاسٍ متوحش ..إلى عطوف حنون..
الرقة والشفقة الإنسانية هي العاطفة التي تتناولهخا هذه القصة القصيرة ..
وقد صاحبها عنصر التشويق..والإثارة ..
خالص تحياتي..

ربيحة الرفاعي
17-06-2014, 12:30 AM
هو انقلاب ضد الواقع مجسدا بالشخصية موضوع النص باهتماماتها وقضاياها المستندة لمشاعر متصحرة
حبكة النص نسجت بمهارة عالية لتبدأ من انفتاح ستارة على فراغ يتم تأثيثه بالمكانية والحدث تدريجيا صحبة المتلقي باتجاه تحقيق البناء القصّي مكتمل العناصر، وعبر الحوار الذي اتكأ عليه الكاتب في غائية نصه كان توصيل رسالة الإنسانية السامية

القفلة جاءت مريحة لأعصاب المتلقي المتعالقة مع النص
واللغة شابها من العثرات ما استحق من الكاتب المراجعة

دمت بخير

تحاياي

ناديه محمد الجابي
18-10-2021, 06:38 PM
بأسلوب مثير استطعت أن تثير انتباه القارئ وحيرته ودهشته
في قصة هادفة جميلة المغزى، عميقة الطرح
وبحبكة احترافية أوصلتنا في النهاية إلى أن نتنفس الصعداء بأكتشافنا
بأن الأمر كله ليس إلا كابوس.
جذبني أسلوبك الشيق للمتابعة إلى النهاية.
سلمت يداك.
:v1::nj: