تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخادمة



سعيدة لاشكر
01-08-2007, 10:02 PM
الخادمة



مزجت مسحوق الغسيل مع الماء, تركته وانطلقت تستنشق الهواء الرطب وتتأمل المنازل المقابلة, هي الآن فوق سطح العمارة التي تتألف من شقق و عند سكان واحدة من هذه الشقق تشتغل كخادمة بأجر زهيد , تأملت حسنية الأفق الواسع وملأت رئتيها بهواء نقي صافي وما إن تناهى لسمعها بعض الضجيج, حتى اقتربت من الجدارأكثر, لتتفرج على الأولاد الصغار وهم يلعبون ألعابا حفظت تفاصيلها من كثرة تأملها لهم وبدأت الغبطة تجد الطريق لنفسها مجددا وهي تتتبع كل واحد منهم تشجعهم, تفرح مع الفائز, وتأسى للخاسر وما تلبت أن تتحسر على نفسها وتقول طوبى لهم على طفولتهم الممتلئة والمتدفقة بالبراءة واللعب والدراسة, في سنهم هذه كانت هي تتكبد العناء وتواجه الويلات داخل البيوت.


لضعف الحالة المادية لأسرتها في البادية اقتلعها والدها من محيطها, من بين أشقائها و أصدقائها, ومن حضن أمها وهي في أمس الحاجة إليه حينها ليرمي بها في بيوت الغرباء علها تساعد قليلا في المعيشة المضنية التي خلفها الجفاف وقلة الأمطار والغلاء المتزايد في المنتوجات.
وفي هذه البيوت قاست حسنية الأمرين, عانت من التعب وكثرة الأشغال والتأنيب حتى أنها ضربت كتيرا وأما إن كسرت أحد الأطباق أو الصحون فحسابها عسير جدا, تحرق فوق يديها الصغيرتين لكي تربى وتتعلم أن لا تستهين بالأواني غالية كانت أم رخيصة, عرفت البرد وهي صغيرة, عرفت معنى الحرمان وهي طفلة, وعرفت معنى الغربة وهي وحيدة بين أربعة جدران, رتت لحالها, تمردت مع نفسها, تألمت وحيدة, مرضت وحيدة, وخاضت مراحل حياتها وحيدة, وأحيانا تتساءل لماذا هي دونا عن كل الناس لماذا لم تكن مكان مشغلتها, أو ابنة مشغلتها التي تذهب للمدرسة كل صباح وتعود لتجد مائدة الغداء تنتظرها تأكل ما طاب لها تم تجلس أمام التلفاز تتفرج على ما تشتهيه نفسها وتأمرها أن تحضر لها كذا وكذا تتساءل كتيرا, وتتمرد كثيرا, لكنها تعود وتستغفر ربها لتواجه مصيرها بصبر.


ذهب الأطفال لحالهم أو أنهم انتقلو لشارع آخر ليكملو لعبهم, وتوجهت هي للماء الذي وضعت به المسحوق, جلست وبدأت تغسل في الملابس, كومة كبيرة من الملابس تنتضرها ربما ستستغرق ساعات, راحت تفرك بيديها الملابس وتجتر بقلبها وتلوك طفولتها الضائعة, ومراهقتها المتزعزعة وشبابها المنسي.

ابن الدين علي
01-08-2007, 10:15 PM
فلاش باك ناجح . القصة تشد القارئ حتى النهاية .اعانك الله

جوتيار تمر
02-08-2007, 12:30 AM
سعيدة العزيزة..
الخادمة..قصة استقطبت ثيماتها من تجارب المعيش اليومي في حالات التصدع النفسي والاجتماعي والاقتصادي.. لكن دون انفصال عن قصدية الكاتبة في رسم معالم الممكن في خضم الكائن.. بمعنى أن الساردة المهيمنة بحضور تيار وعيها.. لا يمكن أن تكتفي بالتعقب والتصوير.. و إنما عليها أن تمارس فعل التعرية بأقصى ما يمكن .. لكن بأقصى ما يمكن من التلميح الفني ..وهذا ما حدث بالفعل من خلال الاستحضار الطويل والعميق لمجريات الاحداث الطفولية في ذاكرة تفاعلت مع صور حية ومباشرة لاطفال يلعبون..امامها.
وهذا ما جعلني اقول ان القصة مالت للوصف.. والاعتناء بتفاصيل الصورة و مؤثثاتها ..على خلفية المشاعر والأحاسيس أكثر مما اهتمت بملامسة خلفية الأزمة التي لم تأخذ نصيبها من التصعيد كما أخذته النهاية التي بقيت تثير نفس التلميح.

محبتي لك
جوتيار

سعيدة لاشكر
15-08-2007, 09:29 PM
ابن الدين علي

مشكور أنت على حظورك المميز

دمت بخير

تحياتي لك

سعيدة لاشكر
15-08-2007, 09:31 PM
عزيزي جويتار

شكرا على مرورك المميز

وشكرا على تقييمك

وجد سعيدة أنا بحظورك البديع

تحياتي

عدنان أحمد البحيصي
16-08-2007, 09:56 AM
الأستاذة سعيدة

الخادمة ، قصة فصولها هي ألم ونسيان للطفولة أو يأس من الطفولة ، وكذلك قهر للنفس على كافة مستوياتها ، لقد أجدت في التصوير وبدت القصة كأنها مصورة

بوركت

سعيدة لاشكر
16-08-2007, 08:41 PM
شكرا لك سيدي عدنان

على مرورك الكريم

وتقييمك الجميل

تحياتي لك

حسنية تدركيت
16-08-2007, 08:49 PM
قصة جميلة وواقعية

سعيدة لاشكر
17-08-2007, 08:50 PM
عزيزتي حسنية

شكرا على مرورك الكريم

أسعدني إعجابك بالقصة

تحياتي لك

محمد الحامدي
18-08-2007, 01:34 AM
الأخت سعيدة ،، أسجل لك القدرة على التصوير الخارجي والداخلي ومع ذلك أقترح عليك السعي في القص إلى ذلك الإدهاش الذي يجب ألآّ يخلو منه القص للخروج عن الرتابة ، فمجرد الوصف - وهو عمل شاق يتطلب حرفية كبيرة - لا بد من أن يختفي فيه المؤلف ليترك للسرد العنان ... بعبارة أخرى هناك بذرة تزرع في بدء القص وتسقى من الكاتب ثم يجب أن يدعها تنمو بتلقائية مدهشة ، تماما كمن يشغل محركا ثم يتركه يشتغل لوحده ، فلو وجد هذا السرد المدهش ضمن أو مع هذا التصوير المتقن لكانت القصة أكثر روعة ...
إن هو إلا رأي لا ينقص من قيمة الأثر القيم بذاته ..
تحيتي وتقديري

سعيدة لاشكر
20-08-2007, 08:56 PM
عزيزي محمد الحامدي

شكرا على مرورك الكريم
وجد سعيدة برأيك الغالي
الدي حتما سأحاول التقيد به

مجددا شكرا لك

تحياتي العميقة

ربيحة الرفاعي
15-04-2014, 08:35 PM
مشهد مقتطع من قصة معاناة
شابت لغته عثرات أضعفته ملفتانصا، وبقي بحسه ومحمولا جميلا


دمت بخير

تحاياي

ناديه محمد الجابي
15-04-2014, 10:34 PM
في الوقت الذي يلهو فيه الأطفال بكل براءة ـ نجد أن هناك
أطفال تلوثت حياتهم بهموم الحياة، بعد أن أجبرهم ذووهم
على العمل والكد لتوفير بعض المال ، لتغتال بذلك طفولتهم
البريئة
ويعتبر هذا من أقسى ممارسات القسوة في حق الطفل.
قصة عرضت من خلال السرد قضية هامة فشكرا لك.

خلود محمد جمعة
18-04-2014, 12:46 AM
نسجت الحرف بأنامل الخادمة وصورت الصور بعينها
صورة مؤلمة بيراع صادق
اسجل اعجابي
دمت بخير
مودتي وتقديري

نداء غريب صبري
19-06-2014, 01:13 AM
قصة استرجاعية جميلة فيها تصوير رائع

أمتعتني قراءتها

شكرا لك أختي

بوركت

آمال المصري
29-03-2015, 10:54 PM
لحظة استعادة لذكريات طفولية بائسة عاشتها البطلة " الخادمة " ومازالت,
فكرة جميلة وسرد سلس لواحدة من المشكلات الاجتماعية نجحت في صياغتها أديبتنا الفاضلة
بوركت واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي