المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "نعود بعد قليل"



بنت القمر
05-08-2007, 11:56 PM
http://www.masarat.net/home/mambots/content/fboxbot/thumbs/31157034_111x126_489e58607b34de9d62cf80b3b23acc46. jpg
قبل أن ينام
كان يتدثر بصوتها
ويلف جسده البارد بصورتها
قبل أن ينام
كل ما كان يملك من بقاياها
ذكريات لفرح مؤجل لن يأتي
ومساحات شاسعة من حزن لا ينتهي
قبل أن ينام
كان يلقي بجسده الميت بين يديها
ينظر في عينيها بصمت ويطلب إليها
أن تعيد إليه بقايا روحه
لتنظر إليه ببرود
وتهمس في أذنه
ألم اقتلك من قبل؟!
ليستجمع حينها قوته ويخبرها
لكني نسيت مثلك أن أموت
قبل أن ينام
كان يحاول بصمت أن يبكي
أن يصرخ
أن يستغيث
أن يحاول لملمة حطام أوراقه على جسدها الخشبي
أن يجد لنفسه مساحة من الإنتماء
إلى كل شيء كان يعتقد أنه لن ينمو إلا بحضوره
كان يهرع إلى حضنها البارد
يرسم شمسا من ثلج ابيض
وسماء من شبح ازرق
ونورا من ظلام
يلقي بنفسه في سراديب روحها
يحاول الخروج منها بأقل كم من الخسائر
ليترك لافتة قبل رحيله
يوما ما سأعود
قبل أن ينام
كان يهديها بضعا من موسيقى روحه
ويترك لها حرية اختيار الكلام
ويهمس في أذنها
أنها يوما ما كانت له الأمان
وأن قلبها كان ذات يوم يهديه السلام
وأن مرافئ روحها
يوما ما كانت تعج بالأنام
لتغدو كما الموت
مكانا لا يعترف بالزوار
اكثر ما يملأ الفراغ فيه
جسد لا يجيد الكلام
وثورة انطفأت قبل ان تعلن للأنام
أنه ما زال هناك أرض لا تعترف بالسلام
أرض قد تموت
قد تبكي
لكنها أبدا لن تخضع
أرض لا تعرف الإنحناء
قبل أن ينام
كان يرسم صورته في مهدها
ويترك آثار دمه في روحها
ويصرخ في حضور صمتها
ويبتلع السمّ بانتظار ابتسامها
ويرتشف الحياة من كاس انحناءها
لم تكن تعلم
أن رجلا مثله لا يجيد الحياة
حينما يكون سرير البقاء هي
لم تكن تعلم
أن الموت في درب انتظارها
لروحه بقاء
وأن العيش في صحراء صمتها
انتصار
وأن صوت تحطمها
يعيد اليه صوته المبحوح في انتظارها
ويرمم بقايا سور قلبه المنهار
قبل ان ينام
كان يصور الفرح في عينيها باللون الأسود
ويقتل فيه كل ملامح الأبيض
كان يبتسم كلما قتلته أكثر
ويتساءل عن أي ذنب ستكفر
وأي خطيئة ستبكي عليها أكثر
في كل مرة تركت سكينها في قلبه
علمها كيف تنحني أكثر
علمها كيف أن القتيل لا ينحني
بل يسقط ليستيقظ في كل صباح أقوى
وأن القاتل يستيقيظ كل مرة أضعف
يقتل مرّة ويعيد الكرّة
فمثلها لن يتذوق نكهة النصر مرّة
وسينحني كل مرّة أكثر
يتلمس جرح الموت
علّه ذات يوم يحيى
قبل أن ينام
ينظر في عينيها
ليهديها ابتسام
ولافتة صغيرة
وبضعا من كلام
وبين قوسين عبارة
"نعود بعد قليل"...وينام

علي أسعد أسعد
06-08-2007, 12:27 AM
أدهلتني فكرة الخارطة

ومازلت من هذا الإبداع الغريب مستغربا


سأعود إلى هنا إن شاء الله

د. سلطان الحريري
06-08-2007, 02:49 AM
الأخت المبدعة بنت القمر:
يبدو لي أن امتزاج الذات بالموضوع يكشف رؤى المبدع ، وقد امتزجت ذاتك في نصك امتزاجا يحسب لك ،وإنني الأمح الذات الشعرة في هذا النص المتألق ، وفي نصك هذا من البراعة ما يفوق التعليل ، فالمبدعون وحدهم هم القادرون على القبض على نفوسهم الوالهة ليحلقوا بنا في عوالم لا تحد.
أهلا بك في واحتك في أول مرور لي على عالمك الجميل ، وإن كان لي بعض تحفظات على تسرعك في النشر الذي أدى إلى بعض الهنات الإملائية .
تعودنا في الواحة على النقد ، ولكن لك الآن فنجان قهوة عربية ، وبعدها ستكونين صاحبة بيت ، وعندها سيكون لقاؤنا على مائدة الذائقة والنقد الموضوعي.
ولكنني أكرر إعجابي بهذا النص الباذخ الجمال .
لك خالص الود والتقدير

جوتيار تمر
06-08-2007, 02:56 PM
بنت القمر..
النص جاء زاخراً بالمعاني ..والمغزى العام فيه دال على وضوحه ..والوضوح اتمه اصورة التي هي نص بحد ذاته..بل يمكن ان نعرف المغزى العام من خلاله..شعر يشبه المشادة بين الكائن ومكنونه لغة تتطلب دورها الحقيقي بان تكون ذاتا مسيطرة على مسخراتها التي تعتقد انها ملكا ازليا لها وهي بذلك معنية بكل ماهو موجود وكأنه يعيد مقولة الموجود هو لنا...الصوت والاخر.. الصورة والثيمة ..متلازمين يقي احدهما الاخر ..ويشير احدهما باتجاه الاخر في رحلة مراوية تتاثر فيها الصور وتنشطر على نفسها مرات ومرات.

محبتي لك
جوتيار