لطفي زغلول
07-08-2007, 04:20 PM
مؤتمر السلام .. والمبادرة العربية
لطفي زغلول
نابلس
حظي المشهد السياسي في الشرق الأوسط مؤخرا بدعوة من الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن لعقد مؤتمر دولي / إقليمي للسلام في الشرق الأوسط ، وذلك في الخريف القادم . وقد حدد في هذه الدعوة اللاعبين الأساسيين على مسرح هذه الدعوة ، وهم السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر والأردن والرباعية الدولية .
وغداة هذه الدعوة تحرك عنصران من الرباعية العربية ، وهما كل من وزير خارجية مصر ، ووزير خارجية الأردن اللذان قاما مؤخرا بزيارة إسرائيل ، والإجتماع مع المسؤولين الإسرائيليين بغية شرح المبادرة العربية التي أعيد إحياؤها في مؤتمر قمة الرياض آذار / مارس 2007 ، وتسويقها . وفي هذا الصدد نفى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن يكون الوزيران المصري والأردني يمثلان الجامعة .
بداية ثمة الكثير مما ينبغي قراءته واستقراؤه فيما يخص الدعوة لمؤتمر السلام الدولي الإقليمي الذي اقترحه الرئيس الأميركي ، وعلى الجانب الآخر ، هذا التحرك بغية شرح المبادرة العربية وتسويقها للإسرائيليين .
وتتمثل أولى الملاحظات حول المساحة التي يريد الرئيس الأميركي أن يغطيها بمؤتمره هذا ، والتي حددها بالشرق الأوسط . إن الشرق الأوسط يشمل أيضا سوريا ، وهي عنصر أساسي في أي سلام ، كونها هي الآخرى لها أراض محتلة . كما أن لبنان هي الأخرى عنصر أساسي في أي سلام محتمل ، وهي الأخرى لها أراض محتلة . إن استثناء هاتين الدولتين بكل المقاييس ، يجعل من أي مؤتمر سلام للشرق الأوسط مبتورا ، ويشكك في نواياه ومراميه ومصداقيته .
وثانية هذه الملاحظات على ما يسمى مؤتمر السلام الدولي الإقليمي تتمثل في اعتراض إسرائيل الفوري على مسماه من حيث الإطار والشكل . ولم يطل هذا الإعتراض الإسرائيلي ، حتى جاء التوضيح سريعا من المسؤولين الأميركيين بأن المقصود بالمؤتمر لقاء دولي إقليمي ، وليس مؤتمرا بمعنى الكلمة .
أما من حيث المضمون ، فقد سمع مسؤولون أميركيون يصرحون مطالبين عدم عقد آمال عريضة على هذا اللقاء . وقد اتضح لاحقا أن الأهداف الرئيسة لهذا اللقاء تتمثل في دعم السلطة الفلسطينية ماديا ومعنويا ، وتقوية أجهزتها ومؤسساتها ، إضافة إلى عملية إحياء رؤية الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن حول الدولة الفلسطينية المفترض أن تتعايش سلميا مع الدولة الإسرائيلية .
وهي رؤية مضى على التبشير بها ست سنوات ، وظلت نطفة في رحم الغيب السياسي ، وحتى لو كتب لها أن تطرح على مائدة البحث ، فثمة الكثير الكثير من التساؤلات حول كنهها وطبيعتها وشكلها ومساحتها ومدى سيادتها واستقلاليتها . أما فيما يخص ثوابت القضية الفلسطينية واستحقاقاتها ، وهي البنود التي تتبناها المبادرة العربية ، فعلى الأرجح لن يتم التطرق إلى غالبيتها .
والملاحظة الثالثة ، وهي تخص المبادرة العربية ، والتي يفترض أن تشكل المساحة الكبرى من أجندة هذا المؤتمر المزمع عقده في الخريف القادم . إلا أن هذه المبادرة لم تذكر البتة بكل حذافيرها وأبعادها ، وإن ذكرت عرضا ، سلطت الأضواء على ما تريده إسرائيل من العرب المتمثل بالسلام والإعتراف والتطبيع ، وليس على مايريده العرب بعامة ، والفلسطينيون بخاصة .
وثمة ما يؤكد هذا الطرح كون أدبيات المبادرة العربية تتحدث عن سلام مع إسرائيل مقابل بنود سبعة منها حق العودة ، وإنهاء الاحتلال ، والعودة إلى حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 ، وقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة ، طاهرة مطهرة من الإستيطان ، تكون عاصمتها القدس العربية .
والملاحظة الرابعة تخص التناقض الكبير القائم بين كل من المبادرة العربية ، واللاءات الإسرائيلية المعروفة ، والتي تصر إسرائيل على التمسك بها . ومما زاد عنادها وإصرارها ذلك الوعد الذي أعطاه الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن لإسرائيل ، وتحديدا إبان فترة رئاسة الجنرال شارون للحكومة الإسرائيلية ، والمتمثل بحذف حق العودة ، وعدم الرجوع إلى حدود العام 1967 ، مما يعني الإحتفاظ بالمستوطنات الإسرائيلية التي افترست المساحة الكبرى والأهم من الأراضي الفلسطينية ترابا وهواء وماء وطرق مواصلات ونقل . مضافا إلى كل هذا وذاك ما أحدثه جدار الفصل من قضم وعزل للأراضي الفلسطينية .
والشرق الأوسط قد شهد مؤخرا زيارة كل من وزير الدفاع ، ووزيرة الخارجية الأميركيين ، وإن زيارة بهذا الحجم والتوقيت لا بد وأن لها أجندة أوسع بكثير من أجندة أي لقاء دولي إقليمي لسلام الشرق الأوسط ، أو بمعنى آخر أن تكون هناك تهيئة ظروف لما هو أهم ، وفي اعتقادنا ليس هناك أهم من الوضع المتأزم مع إيران .
حتى الآن لم يعرف تاريخ انعقاد هذا اللقاء ، فيما لو كتب له أن يعقد ، ولا قائمة أسماء الدول المدعوة إلى حضوره كاملة ، ولا بنود أجندته . ثمة ما عرف كعنوان عريض له ، يتمثل في رؤية الدولة الفلسطينية ، والسلام العربي الإسرائيلي . وعلى الأرجح سوف يشكلان البنود الرئيسة له .
وهذا لا يعني بأية حال من الأحوال طرح القضية الفلسطينية على بساط البحث والتفاوض النهائي . إن القضية الفلسطينية أكبر بكثير من هذين البندين . ففيما يخص الدولة الفلسطينية ، ثمة الكثير الكثير من الأسئلة التي يمكن أن تسأل في هذا الصدد . ولعل أخطرها في هذه الأيام : كيف يمكن الحديث عن دولة فلسطينية في ظل انقسام الوطن الفلسطيني ؟ . أم هل هو تكريس لهذا الإنقسام ، والتفاف على أولوية إعادة توحيده ؟ .
وثمة أسئلة تدور حول كنه هذه الدولة وطبيعة مساحتها وحدودها . هل هي حدود الرابع من حزيران 1967 ، أم أنها تخضع لوقائع خارطة الإستيطان الإسرائيلي الذي افترس خيرة الأراضي الفلسطينية ، وجعل ما تبقى منها مقطع الأوصال ، محاصرا ومراقبا ومتحكما به جراء استيلائه على كل المرتفعات الفلسطينية التي تسرطن فيها ؟ .
أما فيما يخص السلام العربي الإسرائيلي ، فما تبقى من الدول العربية التي ما زالت لم تعترف بإسرائيل حتى الآن ، فإنه من المفترض أن لا تبدأ الإعتراف والسلام والتطبيع قبل أي حل مشرف وعادل للقضية الفلسطينية التي شكلت مادة الصراع العربي الإسرائيلي . والمفترض أن يكون سلاما يرضى عنه الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل وفي الشتات .
أما اشتراط الإعتراف والسلام والتطبيع مع الأنظمة العربية ، والحال على ما هي عليه ، فهذا لا يعني إلا إنزال الضربة القاضية بالقضية . ومن ناحية أخرى يعني فرض الإشتراطات واللاءات الإسرائيلية وتسويقها ، دون أن تكون هناك أية أوراق رابحة بأيدي الأنظمة العربية ، كونها فرطت بها قبل الأوان .
كلمة أخيرة ، إن الدعوة إلى هذا اللقاء ، تفرز تحفظات كثيرة . إن العالم العربي ضعيف ومشرذم ومنقسم على نفسه والوضع في الأراضي الفلسطينية صعب للغاية ، ويعاني ما يعانيه من انقسام وحالة من الصدمة والذهول . ويخشى والحال هذه أن تكون هذه الدعوة ، قد اختارت هذا الوقت بالذات بغية فرض تسوية من منظور غير عربي ولا عروبي ولا فلسطيني . وإن غدا لناظره قريب .
لطفي زغلول
نابلس
حظي المشهد السياسي في الشرق الأوسط مؤخرا بدعوة من الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن لعقد مؤتمر دولي / إقليمي للسلام في الشرق الأوسط ، وذلك في الخريف القادم . وقد حدد في هذه الدعوة اللاعبين الأساسيين على مسرح هذه الدعوة ، وهم السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر والأردن والرباعية الدولية .
وغداة هذه الدعوة تحرك عنصران من الرباعية العربية ، وهما كل من وزير خارجية مصر ، ووزير خارجية الأردن اللذان قاما مؤخرا بزيارة إسرائيل ، والإجتماع مع المسؤولين الإسرائيليين بغية شرح المبادرة العربية التي أعيد إحياؤها في مؤتمر قمة الرياض آذار / مارس 2007 ، وتسويقها . وفي هذا الصدد نفى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن يكون الوزيران المصري والأردني يمثلان الجامعة .
بداية ثمة الكثير مما ينبغي قراءته واستقراؤه فيما يخص الدعوة لمؤتمر السلام الدولي الإقليمي الذي اقترحه الرئيس الأميركي ، وعلى الجانب الآخر ، هذا التحرك بغية شرح المبادرة العربية وتسويقها للإسرائيليين .
وتتمثل أولى الملاحظات حول المساحة التي يريد الرئيس الأميركي أن يغطيها بمؤتمره هذا ، والتي حددها بالشرق الأوسط . إن الشرق الأوسط يشمل أيضا سوريا ، وهي عنصر أساسي في أي سلام ، كونها هي الآخرى لها أراض محتلة . كما أن لبنان هي الأخرى عنصر أساسي في أي سلام محتمل ، وهي الأخرى لها أراض محتلة . إن استثناء هاتين الدولتين بكل المقاييس ، يجعل من أي مؤتمر سلام للشرق الأوسط مبتورا ، ويشكك في نواياه ومراميه ومصداقيته .
وثانية هذه الملاحظات على ما يسمى مؤتمر السلام الدولي الإقليمي تتمثل في اعتراض إسرائيل الفوري على مسماه من حيث الإطار والشكل . ولم يطل هذا الإعتراض الإسرائيلي ، حتى جاء التوضيح سريعا من المسؤولين الأميركيين بأن المقصود بالمؤتمر لقاء دولي إقليمي ، وليس مؤتمرا بمعنى الكلمة .
أما من حيث المضمون ، فقد سمع مسؤولون أميركيون يصرحون مطالبين عدم عقد آمال عريضة على هذا اللقاء . وقد اتضح لاحقا أن الأهداف الرئيسة لهذا اللقاء تتمثل في دعم السلطة الفلسطينية ماديا ومعنويا ، وتقوية أجهزتها ومؤسساتها ، إضافة إلى عملية إحياء رؤية الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن حول الدولة الفلسطينية المفترض أن تتعايش سلميا مع الدولة الإسرائيلية .
وهي رؤية مضى على التبشير بها ست سنوات ، وظلت نطفة في رحم الغيب السياسي ، وحتى لو كتب لها أن تطرح على مائدة البحث ، فثمة الكثير الكثير من التساؤلات حول كنهها وطبيعتها وشكلها ومساحتها ومدى سيادتها واستقلاليتها . أما فيما يخص ثوابت القضية الفلسطينية واستحقاقاتها ، وهي البنود التي تتبناها المبادرة العربية ، فعلى الأرجح لن يتم التطرق إلى غالبيتها .
والملاحظة الثالثة ، وهي تخص المبادرة العربية ، والتي يفترض أن تشكل المساحة الكبرى من أجندة هذا المؤتمر المزمع عقده في الخريف القادم . إلا أن هذه المبادرة لم تذكر البتة بكل حذافيرها وأبعادها ، وإن ذكرت عرضا ، سلطت الأضواء على ما تريده إسرائيل من العرب المتمثل بالسلام والإعتراف والتطبيع ، وليس على مايريده العرب بعامة ، والفلسطينيون بخاصة .
وثمة ما يؤكد هذا الطرح كون أدبيات المبادرة العربية تتحدث عن سلام مع إسرائيل مقابل بنود سبعة منها حق العودة ، وإنهاء الاحتلال ، والعودة إلى حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 ، وقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة ، طاهرة مطهرة من الإستيطان ، تكون عاصمتها القدس العربية .
والملاحظة الرابعة تخص التناقض الكبير القائم بين كل من المبادرة العربية ، واللاءات الإسرائيلية المعروفة ، والتي تصر إسرائيل على التمسك بها . ومما زاد عنادها وإصرارها ذلك الوعد الذي أعطاه الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن لإسرائيل ، وتحديدا إبان فترة رئاسة الجنرال شارون للحكومة الإسرائيلية ، والمتمثل بحذف حق العودة ، وعدم الرجوع إلى حدود العام 1967 ، مما يعني الإحتفاظ بالمستوطنات الإسرائيلية التي افترست المساحة الكبرى والأهم من الأراضي الفلسطينية ترابا وهواء وماء وطرق مواصلات ونقل . مضافا إلى كل هذا وذاك ما أحدثه جدار الفصل من قضم وعزل للأراضي الفلسطينية .
والشرق الأوسط قد شهد مؤخرا زيارة كل من وزير الدفاع ، ووزيرة الخارجية الأميركيين ، وإن زيارة بهذا الحجم والتوقيت لا بد وأن لها أجندة أوسع بكثير من أجندة أي لقاء دولي إقليمي لسلام الشرق الأوسط ، أو بمعنى آخر أن تكون هناك تهيئة ظروف لما هو أهم ، وفي اعتقادنا ليس هناك أهم من الوضع المتأزم مع إيران .
حتى الآن لم يعرف تاريخ انعقاد هذا اللقاء ، فيما لو كتب له أن يعقد ، ولا قائمة أسماء الدول المدعوة إلى حضوره كاملة ، ولا بنود أجندته . ثمة ما عرف كعنوان عريض له ، يتمثل في رؤية الدولة الفلسطينية ، والسلام العربي الإسرائيلي . وعلى الأرجح سوف يشكلان البنود الرئيسة له .
وهذا لا يعني بأية حال من الأحوال طرح القضية الفلسطينية على بساط البحث والتفاوض النهائي . إن القضية الفلسطينية أكبر بكثير من هذين البندين . ففيما يخص الدولة الفلسطينية ، ثمة الكثير الكثير من الأسئلة التي يمكن أن تسأل في هذا الصدد . ولعل أخطرها في هذه الأيام : كيف يمكن الحديث عن دولة فلسطينية في ظل انقسام الوطن الفلسطيني ؟ . أم هل هو تكريس لهذا الإنقسام ، والتفاف على أولوية إعادة توحيده ؟ .
وثمة أسئلة تدور حول كنه هذه الدولة وطبيعة مساحتها وحدودها . هل هي حدود الرابع من حزيران 1967 ، أم أنها تخضع لوقائع خارطة الإستيطان الإسرائيلي الذي افترس خيرة الأراضي الفلسطينية ، وجعل ما تبقى منها مقطع الأوصال ، محاصرا ومراقبا ومتحكما به جراء استيلائه على كل المرتفعات الفلسطينية التي تسرطن فيها ؟ .
أما فيما يخص السلام العربي الإسرائيلي ، فما تبقى من الدول العربية التي ما زالت لم تعترف بإسرائيل حتى الآن ، فإنه من المفترض أن لا تبدأ الإعتراف والسلام والتطبيع قبل أي حل مشرف وعادل للقضية الفلسطينية التي شكلت مادة الصراع العربي الإسرائيلي . والمفترض أن يكون سلاما يرضى عنه الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل وفي الشتات .
أما اشتراط الإعتراف والسلام والتطبيع مع الأنظمة العربية ، والحال على ما هي عليه ، فهذا لا يعني إلا إنزال الضربة القاضية بالقضية . ومن ناحية أخرى يعني فرض الإشتراطات واللاءات الإسرائيلية وتسويقها ، دون أن تكون هناك أية أوراق رابحة بأيدي الأنظمة العربية ، كونها فرطت بها قبل الأوان .
كلمة أخيرة ، إن الدعوة إلى هذا اللقاء ، تفرز تحفظات كثيرة . إن العالم العربي ضعيف ومشرذم ومنقسم على نفسه والوضع في الأراضي الفلسطينية صعب للغاية ، ويعاني ما يعانيه من انقسام وحالة من الصدمة والذهول . ويخشى والحال هذه أن تكون هذه الدعوة ، قد اختارت هذا الوقت بالذات بغية فرض تسوية من منظور غير عربي ولا عروبي ولا فلسطيني . وإن غدا لناظره قريب .