تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الكوب الخزفيّ



حنان الاغا
14-08-2007, 10:25 AM
الكوب الخزفيّ

غمست فرشاة ألوانها للمرة الثالثة في كوب القهوة الخزفيّ ، وصاحت بنزق وبصوت متباك كأنها طفلة تحس بالذنب . ماذا أفعل الآن؟ هل أعد القهوة للمرة الرابعة؟؟ خلال أقل من ساعة؟؟ وفكرت.. لم لا تخطىء بالاتجاه الآخر؟ إن كانت تخطىء بوضع الفرشاة في القهوة بدلا من النفط فلماذا لا ( تخطىء ) وتضعها في الكوب الصحيح؟!!
حملت كوبها بيدها اليمنى وسارت باتجاه المطبخ الصغير الذي يفصله عن صومعتها ، عفوا ، مرسمها قاطع بخزائن خشبية صغيرة تستخدم سطحها لوضع الأطباق والفناجين والفاكهة ، وأحيانا ( لفرْش ) أدواتها وخاماتها اللونية ،وفي حالات خاصة تتربع فوقه وهي ترسم عندما تتعب من طول الوقوف.
ولكي تنفي عن الخزائن صفة المطبخ ها هي قد ثبتت عليها من جهة الصومعة لوحات قديمة من بقايا أيام الدراسة فأضافت بذلك لمسة عفوية جميلة للمكان .
تناولت علبة البن ، وأغمضت عينيها تشتمّ عبير البن الطازج الذي تقيم له طقسا يوميا قصيرا بشغف يضاهي رسم لوحة .. تحمص بنفسها حبات البن الخضراء بعناية وتحرقها قليلا ، ثم تنتقي مطحنة بن من العديد من المطاحن التي تحب اقتناءها ،بعضها خشبي والآخر نحاسي... بمتعة شديدة تفرغ البن في علبته وتعد قهوتها من بن وماء فقط. لا إضافات .
ها هي الآن تهز العلبة بيدها اليسرى ولا بن ! لا بن تعني لا قهوة لما تبقّى من ليل !!
اقتربت من النافذة التي تطل على الحديقة وكادت أغصان من شجرة الصنوبر السامقة تلامس وجهها ، ورائحتها المنعشة تتخلل رئتيها ولكنها لم تبتسم كعادتها.نظرت أمامها ، ثم ألقت علبة البن إلى الحديقة ، ونظرت إلى الكوب الخزفي الذي تراقصت فوق سطح القهوة فيه دوائر طافية شكلها النفط الآتي من الفرشاة ، وهمت بإلقائه من النافذة إلا أن يدها الأخرى استطاعت أن تتلقفه قبل أن يهبط على بلاط الأرضية ويتكسر ، فتناثرت قطرات القهوة الملوثة بالنفط على شعرها وجهها وثوبها ويديها وكل شيء .تنفست بعمق . الحمد لله أني لم أفعلها .. قالتها وهي تمسح عينيها بظاهر يدها .. لا بأس ، علبة البن معدنية وأحضرها في الصباح .أما أنت؟؟ لا لا وضمته كطفل إلى صدرها .. لقد صنعته بيدها منذ كان تربة جافة وحولته إلى طين شكلته وزخرفته و (خبزته) .زاغت عيناها عن المشهد كله وشردت بعيدا عن الزمان والمكان ، لقد انسحبت إلى لا زمان ولا مكان.. هي الآن غير موجودة . ربما هي كينونة أثيرية لا ملمس لها .. هي هناك فقط . لم يستطع جفناها حبس دفقة من الدمع انهمرت وامتزجت ببقايا القهوة ورائحة النفط على خديها ، وشرقت بضحكة لا تفسير لها . قلبت الكوب الخزفي بيد وتحسست قاعدته الخارجية بإصبعي يدها الأخرى السبابة والوسطى وتلمست الحرفين المحفورين عميقا هناك. وما زالت نظراتها خارج النافذة بعيدا في منطقة غير موجودة .هناك . هذه ال(هناك)تخلط كل الأمور ، ولكنها قبضت على الكوب بيديها وسارت به إلى حوض الأطباق فغسلته وجففته بعناية وهي تتحسس ملمسه الحي .. إنه طين ، والطين تراب ، وأنامن تراب .. وكلنا إليه..هناك رابط في التكوين الأولي وهذا يكفي.
هو عمر انفلت من عمرها !
هو عنصر مفقود في عناصر تكوينها !
هي أشبه ما تكون بحبة دواء تشفي ومصنوعة حسب الوصفة الأصلية ولكن ينقصها مادة ما غير متوفرة محليا ، هي ليست إذن مسألة حياة أو موت .. ذات الشكل وذات الفائدة ولكن التركيب مختلف بما هو غير ملحوظ.
هي كذلك الآن . ترسم ما زالت، تلون الأرض والسماء ولكن ألوانها ليست بدرجة التشبع ذاتها ، ولن يميز أحد هذا سواها .. الحمد لله .
مزيد من دموع غسلت ما تبقى من بقع القهوة إلا أنها تحس بلسع في وجهها من أثر النفط.حملت الكوب وصعدت فوق كرسي قريب ووسدته خزانة معلقة في أعلى مكان في صومعتها .. ثم نزلت وسارت باتجاه الماء ، غسلت وجهها واستدارت إلى النافذة
وأغمضت عينيها وهي تستنشق عبير الأغصان الحرجية وتخرج زفيرا متقطعا بحركة كأنها الصفير لتخرج ما تبقى مختزنا منذ دهور .. بينما قطرات الماء تقطر من وجهها ، ثم فتحت عينيها تستقطب ما قبل بزوغ الفجر من مسحات ضوء لا يبين ، وقالت للشجرة.. سأرسمك الآن .
__________________
حنــــــــان

ريمة الخاني
14-08-2007, 11:23 AM
رقيقه مثلك عزيزتي
حالة المبدع كحالة ولادة تحتاج الى دفقه للوصول...
هي معاناة المخاض للوصول للابداع الحقيقي....
توقعت اختصارا للمراحل تترك للقارئ مساحات لونيه يستشفها....
تلميحات تروي مساحات خياليه فينا..

تحية وتقدير

محمد سامي البوهي
14-08-2007, 11:31 AM
الكوب الخزفيّ
حالة ـــــــــ
النص هو كتابة حالة ، حالة نابضة بما لا يراه الآخرون ، هي عين مرهفة تسكن جسد يقدر معنى الجمال ، لكن هنا التذوق كان شاملاً
1- تذوق الألوان .
2- تذوق الروائح .
3- تذوق الأحجام .
4- تذوق ما وراء التذوق .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
كان لابد لي أن أقوم بتفنيد الحالة قبل الغوص فيها ... نحن أمام حالة مزاجيةغير عادية وهي حالة الزمن (صفر ) التي تسبق بزوغ الإبداع ، حالة من البحث عن شىء كامن ، يدفع المبدع إلى فعل أشياء أقرب إلى الجنون ، يستحضر فيها كل ما يحبه ، وكل ما يتذوقه ، وكل ما يرنو إليه ، حالة لتوثيق الثقة بالنفس ، لجعلها قاعدة الإنطلاق للقادم الجديد ..
كوب خزفي ... هو عمل يعكس براعتها ، ويستحضر ثقتها ، تتلمسه ، كأنها تعيد صنعه من جديد ، لكنها تسعى إلى الإنفصال عن العالم ، ولابد أن يكون الإنفصال بدون وعي مسبق وهنا كنت أتمنى ألا تذكر الكاتبة (هي الآن غير موجودة . ربما هي كينونة أثيرية لا ملمس لها .. هي هناك فقط . ) ، وذلك كنوع من مشاركة مرحلة الصعود للاوعي ، فكان من الأفضل ترك فراغاً للقارىء يسده بتداعي المعنى ..
وبهذا أستطيع تقسم النص إلى مرحلتين :
1- مرحلة الوعي (القلق الإبداعي الإيجابي).
2- مرحلة اللاوعي (مرحلة الوصول للهدف)

وكان القرار الأخير (الآن سأرسمك )

الأستاذة حنان الأغا

قلت ومازلت أقول أنني من هنا أتعلم الكثير والكثير .....
تحيتي .

جوتيار تمر
14-08-2007, 02:06 PM
حنان......

الكوب الخزفي.. نص سردي يتوسل في التعبير والتصوير بالواقع ..اعتمادا على ما يترسب في الذهن من انعكاسات ذلك الواقع العيني.. فيعمد إلى وصفه و متابعة صفاته كما هي الحس و الوجدان ..ولعلك هنا حنان.. في ذلك أكثر واقعية من الواقعيين حين يحترسون من الإبهام الذي يتجاوز عل المحسوس بالفهم والإدراك.. فكان في ذلك أقرب إلى التشكيل..والتصوير..اعتماد الخزف كمادة للنص..فتت ذهنية المتلقي الى جوانب عدة.. فمن حيث الصناعة...والزخرفة..وربما الاولان الممتزجة..والروائح المبعثة..ومن ثم الوضعية السائدة..والفراشاة.. وحتى الوقفة والعزيمة والرؤية..وتمازج الخيال بالواقع من اجل خلق المفموهم الواعي..كلها امور جلعتنا نقف امام رؤية ناضجة وملحمة تشكليلة..خزفية فائقة الجمال.. أما المقام السردي.. فقد أبدعت فيه من وحي التخيل حين توسل بالطبيعة على طريقة الرومانسيين يؤنسنها وينزاح بها عن الدلالة بالحقيقة إلى الدلالة بالمجاز ..ولعل ربط حركة الطبيعة بالاتجاه نحو الانفراج مؤشر على ما يمكن أن يحيلنا عليه من حاجة الواقع إلى غضب في الطبيعة يقوم مقام العجز والإحاط الذي غمر الناس وجعلهم لا يوون على اكتشاف حقيقة الذوات..ويتوغولن في ثناياها من اجل رصد الامور باتجاهاتها الصحيحة والقويمة.

دمت بخير

محبتي لك
جوتيار

ابن الدين علي
15-08-2007, 02:39 AM
أختي حنان الفنانة:
هذه قصة ذاتية تصور حالة المبدع في لحظة تأزم. عبارات صادقة في وصف الحالة البريئة للفنان الذي يريد إسعاد الغير .

حنان الاغا
16-08-2007, 01:21 PM
رقيقه مثلك عزيزتي
حالة المبدع كحالة ولادة تحتاج الى دفقه للوصول...
هي معاناة المخاض للوصول للابداع الحقيقي....
توقعت اختصارا للمراحل تترك للقارئ مساحات لونيه يستشفها....
تلميحات تروي مساحات خياليه فينا..
تحية وتقدير
__________________________
العزيزة ريمة
أحسنت قراءة الحالة وتوصيفها
هو ما قلت حقا
شكرا لك

حنان الاغا
16-08-2007, 01:25 PM
الأخ القاص البوهي
تحليل دقيق رقيق للقصة
وهي كما حالة يعرفها الفنان ويخوضها بطرق قد تبدو خيالية أحيانا لغرابتها الظاهرة للوهلة اللأولى ، ولكن ما أن يتفكر القارىء قليلا فيها سيكتشف براءة اللحظة وبساطتها.

شكرا لك

حنان الاغا
16-08-2007, 08:03 PM
الأخ جوتيار

قراءتك خاصة جدا ، وهنا مكمن الجمال
إحساسك بملامس الأشياء بل ورائحتها أيضا وما قد توجده من مشاعر في نفس المرء( الذي هو هنا شخصية المرأة في القصة ) تؤكد لي أنك جربت اللعب بالألوان أو بالطين
هي متعة خالصة
جوتيار شكرا لحضورك المنير

حسنية تدركيت
16-08-2007, 08:36 PM
حنان الرقيقة بشوق كبير تابعت حروفك السامية
دمت بود وسعادة

حنان الاغا
17-08-2007, 02:33 PM
أختي حنان الفنانة:
هذه قصة ذاتية تصور حالة المبدع في لحظة تأزم. عبارات صادقة في وصف الحالة البريئة للفنان الذي يريد إسعاد الغير .
_____________________________
الأخ الأديب ابن الدين عليّ

هي كما قلت حالة خاصة ، في لحظة خاصة .
وأحيانا تحدث أمور مضحكة حقا في مثل تلك اللحظات .
مودتي واحترامي

حنان الاغا
23-08-2007, 01:59 PM
حنان الرقيقة بشوق كبير تابعت حروفك السامية
دمت بود وسعادة

__________________________
الغالية حسنية

بسعادة أقرأ ردك دائما
شكرا للرقة والجمال

مودتي

رنده يوسف
25-08-2007, 08:39 PM
الاديبه حنان الاغا
اسمحي لي ان اكون من المعجبين
وان اقول لك انها اكثر من رائعه ايتها الاديبه الرائعه
تقبلي ودي واعجابي ودمت بخير

د. مصطفى عراقي
01-05-2008, 05:51 PM
الكوب الخزفيّ
غمست فرشاة ألوانها للمرة الثالثة في كوب القهوة الخزفيّ ، وصاحت بنزق وبصوت متباك كأنها طفلة تحس بالذنب . ماذا أفعل الآن؟ هل أعد القهوة للمرة الرابعة؟؟ خلال أقل من ساعة؟؟ وفكرت.. لم لا تخطىء بالاتجاه الآخر؟ إن كانت تخطىء بوضع الفرشاة في القهوة بدلا من النفط فلماذا لا ( تخطىء ) وتضعها في الكوب الصحيح؟!!
حملت كوبها بيدها اليمنى وسارت باتجاه المطبخ الصغير الذي يفصله عن صومعتها ، عفوا ، مرسمها قاطع بخزائن خشبية صغيرة تستخدم سطحها لوضع الأطباق والفناجين والفاكهة ، وأحيانا ( لفرْش ) أدواتها وخاماتها اللونية ،وفي حالات خاصة تتربع فوقه وهي ترسم عندما تتعب من طول الوقوف.
ولكي تنفي عن الخزائن صفة المطبخ ها هي قد ثبتت عليها من جهة الصومعة لوحات قديمة من بقايا أيام الدراسة فأضافت بذلك لمسة عفوية جميلة للمكان .
تناولت علبة البن ، وأغمضت عينيها تشتمّ عبير البن الطازج الذي تقيم له طقسا يوميا قصيرا بشغف يضاهي رسم لوحة .. تحمص بنفسها حبات البن الخضراء بعناية وتحرقها قليلا ، ثم تنتقي مطحنة بن من العديد من المطاحن التي تحب اقتناءها ،بعضها خشبي والآخر نحاسي... بمتعة شديدة تفرغ البن في علبته وتعد قهوتها من بن وماء فقط. لا إضافات .
ها هي الآن تهز العلبة بيدها اليسرى ولا بن ! لا بن تعني لا قهوة لما تبقّى من ليل !!
اقتربت من النافذة التي تطل على الحديقة وكادت أغصان من شجرة الصنوبر السامقة تلامس وجهها ، ورائحتها المنعشة تتخلل رئتيها ولكنها لم تبتسم كعادتها.نظرت أمامها ، ثم ألقت علبة البن إلى الحديقة ، ونظرت إلى الكوب الخزفي الذي تراقصت فوق سطح القهوة فيه دوائر طافية شكلها النفط الآتي من الفرشاة ، وهمت بإلقائه من النافذة إلا أن يدها الأخرى استطاعت أن تتلقفه قبل أن يهبط على بلاط الأرضية ويتكسر ، فتناثرت قطرات القهوة الملوثة بالنفط على شعرها وجهها وثوبها ويديها وكل شيء .تنفست بعمق . الحمد لله أني لم أفعلها .. قالتها وهي تمسح عينيها بظاهر يدها .. لا بأس ، علبة البن معدنية وأحضرها في الصباح .أما أنت؟؟ لا لا وضمته كطفل إلى صدرها .. لقد صنعته بيدها منذ كان تربة جافة وحولته إلى طين شكلته وزخرفته و (خبزته) .زاغت عيناها عن المشهد كله وشردت بعيدا عن الزمان والمكان ، لقد انسحبت إلى لا زمان ولا مكان.. هي الآن غير موجودة . ربما هي كينونة أثيرية لا ملمس لها .. هي هناك فقط . لم يستطع جفناها حبس دفقة من الدمع انهمرت وامتزجت ببقايا القهوة ورائحة النفط على خديها ، وشرقت بضحكة لا تفسير لها . قلبت الكوب الخزفي بيد وتحسست قاعدته الخارجية بإصبعي يدها الأخرى السبابة والوسطى وتلمست الحرفين المحفورين عميقا هناك. وما زالت نظراتها خارج النافذة بعيدا في منطقة غير موجودة .هناك . هذه ال(هناك)تخلط كل الأمور ، ولكنها قبضت على الكوب بيديها وسارت به إلى حوض الأطباق فغسلته وجففته بعناية وهي تتحسس ملمسه الحي .. إنه طين ، والطين تراب ، وأنامن تراب .. وكلنا إليه..هناك رابط في التكوين الأولي وهذا يكفي.
هو عمر انفلت من عمرها !
هو عنصر مفقود في عناصر تكوينها !
هي أشبه ما تكون بحبة دواء تشفي ومصنوعة حسب الوصفة الأصلية ولكن ينقصها مادة ما غير متوفرة محليا ، هي ليست إذن مسألة حياة أو موت .. ذات الشكل وذات الفائدة ولكن التركيب مختلف بما هو غير ملحوظ.
هي كذلك الآن . ترسم ما زالت، تلون الأرض والسماء ولكن ألوانها ليست بدرجة التشبع ذاتها ، ولن يميز أحد هذا سواها .. الحمد لله .
مزيد من دموع غسلت ما تبقى من بقع القهوة إلا أنها تحس بلسع في وجهها من أثر النفط.حملت الكوب وصعدت فوق كرسي قريب ووسدته خزانة معلقة في أعلى مكان في صومعتها .. ثم نزلت وسارت باتجاه الماء ، غسلت وجهها واستدارت إلى النافذة
وأغمضت عينيها وهي تستنشق عبير الأغصان الحرجية وتخرج زفيرا متقطعا بحركة كأنها الصفير لتخرج ما تبقى مختزنا منذ دهور .. بينما قطرات الماء تقطر من وجهها ، ثم فتحت عينيها تستقطب ما قبل بزوغ الفجر من مسحات ضوء لا يبين ، وقالت للشجرة.. سأرسمك الآن .
__________________
حنــــــــان



=========




كاتبتنا التي تكتب بريشة الفنانة ، وفنانتنا التي تصور بقلم الأديبة

شكرا للكوب الخزفي الذي جسد رؤيتك للفن وللأشياء بوحي شفيف ورمزٍ موحٍ

لقد باح هذا الكوب بأسرارٍ طالما أحسست بها غائمة من قبل حتى أماط عنها اللثام بعفوية بريئة كعفوية صاحبته!
التي تكتب وترسم " كأنها طفلة تحس بالذنب"

لتضيف إلى الفن والأدب وإلينا " لمسة عفوية جميلة "

جامعة بين العفوية النابعة من النقاء والجمال المتفرد المتجدد أشعارا وقصصا وخواطر ولوحات

حتى في صراعها مع أدواتها في لحظة مخاض التجربة الفنية تتعامل معها ومع ما يحيط بها بإحساس راقٍ وحميمية رائعة

لتدرك الأبعاد كلها من صوت ورائحة ولون
حتى وهي تغمض عينيها لترى ببصيرة الفنانة " تشتمّ عبير البن الطازج الذي تقيم له طقسا يوميا قصيرا بشغف يضاهي رسم لوحة "


ويبدو أن لهذا الكوب الخزفي مكانة متميزة من هذا العالم الساحر في الصومعة العجيبة الحبيبة حتى ليحق لفنانتنا أن تضمه " كطفل إلى صدرها .. "

ورغم كل هذه الحميمية مع الأشياء وجمال الإحساس بها وعفوية التعامل معها لعبا وعتابا وحبا وحنانا ، تبقى النظرة المتجاوزة الشاردة المستشرفة للآفاق ، كأنما تريد أن تصطاد الخيالات المستحيلة: "وما زالت نظراتها خارج النافذة بعيدا في منطقة غير موجودة "


وهاهي الكاتبة الفنانة تظل في لحظة ما قبل الإبداع بين كر وفر حتى يأتي في لحظة انكشاف نادرة ساحرة وميض العزم الخاطف كالبرق :" سأرسمك الان"


لنكتشف أن كل هذا الهروب واللعب والصراع لم يضع سدى وإنما كان هو الاستدعاء لهذه اللحظة، والتحضير الإنساني لها.

فشكرا لك
ولكوبك الخزفي الذي عرف كيف يبوح بعفوية وجمال وفي الوقت ذاته برمزية واقتدار



مصطفى

وفاء شوكت خضر
22-04-2010, 05:05 PM
ذاك الكوب الخزفي الذي عجن طينه بماء القلب وشكلته أنامل الحنان ، حين قرأت القصة ولامس شفتاي وأنا أخوض معها تجربة الامتزاج بالحس الملوس والحرف المكتوب ..
ذاك الكوب لم يترك لي فرصة الرد على هذا النص الذي كان له قصة في لحظات حياة حنان الأخيرة ..
شربت القهوة بذات الكوب الذي حدثني الكثير عن حنان مع كل رشفة ..

رحم الله الغالية والحبيبة والأخت والأم حنان ..
أتمنى أن ننساها من دعائنا كلما لاح لنا حرفها ..


اللهم ارحمها وارحم موتى المسلمين وارحما إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه .

د. نجلاء طمان
24-12-2011, 07:26 AM
مازال كوبكِ الخزفي يا حنان يشرب من ذكرياتنا بقسوة!

لكِ وحشة ودعاء بالرحمة لا ينقطعان

نادية بوغرارة
15-02-2012, 04:22 PM
نص لا يكتبه إلا فنان ـ يدرك حجم المعاناة و يقدّر مخاض الريشة و القلم حق التقدير .

كوبك الخزفي أيتها الفقيدة ، مازال يعكس صورتك في أعماق الذاكرة .

رحمك الله و جعل الجنة دارك .