مشاهدة النسخة كاملة : قتله السؤال
محمد الحامدي
14-08-2007, 10:01 PM
قتله السؤال ُ
اسمه " بو بصلة " ، و لا أحد ممن أعرف يريد أن يفسر لي سبب هذا الاسم . ينام حيث يتثاءب ، ويأكل حيث يجد ما يسد الرمق ، و يصرخ متى وجد في حلقه بعض قوة خلال نزلات البرد ، يضحك ويبكي فلا يشاركه أحد الضحك ولا يخفف عنه في بكائه أحد . فهو " أبو بصلة " يخافه الصغار أكثر مما يخافون الغول ويتجنبه الكبار خوفا من قوله ما لا يقال .
ناديته لأعطيه ما قسم الله له ، فهزّ كتفيه مستهينا ، فكررت ملحا فرد : عيب ، لست من يقوم لك . قلتُ : خذ . فصاح : لم أفعل شيئا ، لست أنا لم ...
فترجلت وهدأته وهو مشيح عني : خذ ما كتب الله لك . ثم ّ ممّ ترتعد ؟
قال : لم أسمع " خذ " إلاّ وتلتها العصا ..
قلت : فيك بعض عقل .. قلْ
قال : لن أقول حتى تجيبني عن ثلاثة .
قلت : هات
قال : يقال إن الإنسان يذبح إذا ذبح من قفاه . فلم ؟
قلت : هات الثاني حتى أفكر في الأول .
قال : عجزت إذن ! فأجب عن هذا : أتعرف الوردة .
قلت : أما هذه فأعرفها فهي زهـ..
فقاطعني : أو تظن هذا سؤالي .. غبي أيها العاقل . إني أسألك ما يلي : الناس مذ وجدوا ووجدت الوردة وفي كل مكان يجمعون على جمالها . ولكنهم يشترون الثوب أو السيارة وبعد فترة يقررون أن جمالها قد ذهب ؟ فلم يذهب جمال صنع البشر ولا يذهب جمال خلق الله ؟
قلت مكابرا : دعني أعد الجواب بما يناسب جنونك .. وهات الثالث :
قال : هو الجهل يا أخ العقل ، أما الثالث ، فلن أقول حتى تضع في كفي عن كل عجز دينارا
قلت : خذ ... عذرا عذرا أقصد لك ما طلبت ، فـ فـ فـ فاستلم .
قال : " أبو كرش " ينفق على كرشه ما يعيد لي عقلي ، ولم يعطني عمره عشر عشر ثمن قارورة مما يشرب . فلم ؟
قلت ُ : هل أنت مجنون ؟
قال : سألت في زمن التعقل سؤالا فلم أر الشمس ولم تفارقني العصا حتى سلّمتُ بأني " مجنون " .
قلت : وما ذاك ؟
قال : وهل أنا عاقل مثلك حتى أكرره ؟ !!
تركته ورأسي تغلي ، وعندما أبتُ إلى نفسي تذكرت أنه قد طرح أسئلة ثلاثة تستوجب سجنه في الجنون ، وعدتُ أبحث عنه فقيل لي قد مات ليلتها فقلت في نفسي : ................
جوتيار تمر
15-08-2007, 03:52 AM
الحامدي...
قرأت النص مرة...لكني عدت اليه مرة اخرى..وكاني لم اشبع منه.. لرغبتي في الاستزادة من طعم السرد الرصين.. بعد ما اتضحت لي ملامح الخيط الرفيع الذي ينتظم ومضات عقلية..في غاية الروعة من حيث التصوير الفني بدقيق العبارة و عميق الدلالة.. حيث وجدت النص يشتغل على تيمة الجنون ..من خلال الصراع الذي يعيشه المجنون... والسارد..في خضم السؤالات..عن حقائق غابت عند اهل العقل..بل يتهرب منها اهل العقل..لكونها بلاشك تفضح مكنونات الذوات وتبيح اسرارها الدفينة..حيث مما لاشك فيه ان من الاسئلة تنطلق الافاق مفتوحة..ومنها تستباح الافاق ذاتها..من اجل سطر لوحات وومضات انسانية خالدة في عمق الكون والوجود..ومن دون هذه الاسئلة تبقى الانسانية رهينة الماضي التليد..والبقاء ضمن دوائر ضيقة لاتتسع الا لمن يستغل الافق..وهنا جاءت لمحات وومضات المجنون(العاقل) نبراساً عقلانيا.. تستفيض ألقاً..وروعة..وحقائق..من هذا المنطلق .. تصبح القصة برمتها حالة إنسانية تتجاذبها تساؤلات وانفعالات لا يطفو على سطحها غير المسموح بالإعلان عنها.. بينما تبقى الأسئلة الحقيقية حول الأصل في الجنون العقلاني هذا معلقة أو مسكوتا عنها .. والنتيجة كما تجسدها ردود الفعل المعبر عنها .. يتداخل فيها المدرك وغير المدرك.. لدرجة الانتهاء إلى الإقرار بالجنون الحتمي والسجن.. ، باعتبارهما الحقيقة المعادلة للوهم . ..قصة قصيرة محسوبة على الكتابة الجادة التي تراهن على الاشتغال الفني للدلالة على الانشغال الذهني..والعمق الفكري..والتكثيف الدلالي..والرؤية العميقة للواقع الانساني..والمدركة بالذات الانسانية الواعية.
محبتي لك
جوتيار
محمد الحامدي
15-08-2007, 07:56 AM
هو ذاك أيها الألمعي جوتيار ، هو ذاك . ألا ترى معي أننا في زمن صار فيه طلب الحقيقة ضربا من الجنون ؟ ويلطف بعضهم ذلك فيقول فيقول ضربا من " العبث " ؟ أو يقول السجان " صيد في الماء العكر " ....؟ وأنت تعرف بقية التسميات . وربّ سؤال قتل رغبة الحياة في صاحبه !!!!
دمت أخي مفهما لنا ما نكتب ،، حقا إني أستعين بك لأفهم ما أقول . وهذا حق . فالناس ممن أصيبوا بلوثة الأدب والانشغال به يبحثون عمّن يفهمونهم من القراء ، أما أخوك الحامدي فمازلت أبحث عمّن يفهمني ما أكتب وأنت أحدهم . جزاك الله خيرا . ( أرجو أن تقرأ هذا الرد ) .
ريمة الخاني
15-08-2007, 08:10 AM
هناك اناس يرون مالانرى...
يكشفون وينبشون الحقيقة بايدي ذهبيه..
ولتخاذلنا وانانيتنا....
نقول انهم مجانين...
ربما هم العقلاء الوحيدون على وجه الارض ..لكنهم يموتون مع الحقيقة...
لان احدا ما لايريدها لامعه كالشمس فتظهر عيبهم
دمت طيبا ايها الملك
محمد الحامدي
15-08-2007, 09:37 AM
أخية ريمة شكرا على مرورك الكريم :
من الأسئلة المحيرة جدا أسئلة من نسميهم " مجانين " وأسئلة الأطفال ، كنت مرة مارا أمام مبنى وزارة الداخلية عندنا وإذا بابنتي التي كانت بصحبتي تسألني ( عمرها حوالى خمس سنوات )
- بابا ، هذه السيارات والبنايات والناس كلهم ملك ( ..... ) وذكرت اسم رئيس البلاد ، أليس كذلك ؟
لم أجد الجواب وأسقط في يدي وخلفي وأمامي المكان مدجج بأجهزة علنية وسرية . فلما لم أجبها قالت :
- أنت لا تعرف سأسأل ( آنستي ) تقصد معلمتها . فارتحتُ . لكنها سرعان ما سألت :
- بابا كل البنيات بيضاء أو ملونة أو نظيييييييفة على الأقل إلا هذه البناية ( تقصد بناية وزارة الداخلية ) فهي سوداء مخيفة . فسكت . ولما عدت إلى بلدي طلبني مسؤول قال لي في جملة ما قال : عليك أن تحسن تربية ابنتك ....
فما رأيك ؟ أرجو أخيتي أن تمري من هنا لأجد رأيك هههههههههه تلك حياتنا !!!!!!!!
ريمة الخاني
15-08-2007, 10:30 AM
أخية ريمة شكرا على مرورك الكريم :
من الأسئلة المحيرة جدا أسئلة من نسميهم " مجانين " وأسئلة الأطفال ، كنت مرة مارا أمام مبنى وزارة الداخلية عندنا وإذا بابنتي التي كانت بصحبتي تسألني ( عمرها حوالى خمس سنوات )
- بابا ، هذه السيارات والبنايات والناس كلهم ملك ( ..... ) وذكرت اسم رئيس البلاد ، أليس كذلك ؟
لم أجد الجواب وأسقط في يدي وخلفي وأمامي المكان مدجج بأجهزة علنية وسرية . فلما لم أجبها قالت :
- أنت لا تعرف سأسأل ( آنستي ) تقصد معلمتها . فارتحتُ . لكنها سرعان ما سألت :
- بابا كل البنيات بيضاء أو ملونة أو نظيييييييفة على الأقل إلا هذه البناية ( تقصد بناية وزارة الداخلية ) فهي سوداء مخيفة . فسكت . ولما عدت إلى بلدي طلبني مسؤول قال لي في جملة ما قال : عليك أن تحسن تربية ابنتك ....
فما رأيك ؟ أرجو أخيتي أن تمري من هنا لأجد رأيك هههههههههه تلك حياتنا !!!!!!!!
غالبا ارد مرة واحدة لكنك اثرت فضولي فعلا هذه المرة
جميعنا نقع في اسئله محيرة نحاول التخلص منها بذكاء الخبير..
لكن سوف يكبرون ويقولون لنا...
كنتم كذابين..او جاهلين..
سوف نرد مدرسة الحياة اكثر جدارة ان نعيشها لنفهمها ونستطع العيش فيها بقوة اكثر
اشكر رحابة صدرك
نوف السعيدي
15-08-2007, 11:04 AM
الأديب الاستاذ محمد الحامدي
هذا عمل قصي له نكهة مختلفة , فهو يحمل أبعادا فلسفية وفكرية , ضمن إطار تقنيات القص الناجحة , والتي تعتمد فيها السرد الحواري غير المغرق , تعطي جرعات فكرية خفيفة , ثم تكتمل اللوحة لديك , بقفلة لافتة حقا , تاركا الأمر مفتوحا لمزيد من التفكير والخيال والتوقع لدى القارئ .
تحايا قلبية
نوف
محمد الحامدي
15-08-2007, 11:18 AM
أخية نوف ، تحية عطرة ، هي محاولات في التنويع أسعى من خلالها إلى تجريب ما يتاح من أشكال القص ، عساني يوما أصل إلى توضيح رؤيتي لقرائي الأعزاء وإخواني الأحباء في هذه الواحة المراح ...
دمت بخير
زاهية
16-08-2007, 06:11 PM
قالوا خذوا الحكمة من أفواه المجانين ،والحكمة هي عمل العقل بما يناسب الحياة في كل زمان ومكان كما أرى ،ولو فكرنا مليًا بما قاله أبو بصلة لوجدنا أنه العاقل الحقيقي في وسط جنَّ فيه الناس ليس مرضًا ،وإنما إهمالا لنعمة العقل التي هي أعظم نعمة حباها الله للإنسان وبها عرف الله وكل الأشياء والحقائق ،ومن أهملها فقد فقدَ العقلَ وإن كان يبدو أمام الناس عاقلا..
لك شكري على هذا النص الجميل أخي المكرم محمد الحامدي
أختك
بنت البحر
زياد موسى العمار
16-08-2007, 06:45 PM
أما هذه يا حامدي فهي من ستودي بي إلى الجنون فعلاً.
ولكن ليس الآن فمثل هذا الإبداع يستدعي العودة والعود أحمد
أترك لك بعض النبض يوشي بمحبتي لقلبك
محمد الحامدي
16-08-2007, 06:48 PM
الأخت زاهية تحية طيبة أيتها المبدعة نثرا وشعرا وردودا ....على الأقل هذا ما عرفته من خلال الواحة ..
يقال عندنا في البلد " خذ العلم من رؤوس السلاحف " لا أدري لماذا " السلاحف " بالذات ولكن هكذا يقال .
الأمر من كل هذا أن يجن العقل حتى الموت ولا يجد إجابة عن سؤاله ...
شكرا سيدتي على مرورك الكريم ...
منى الخالدي
16-08-2007, 06:52 PM
لفت نظري هذا العاقل المجنون..!
وجعلني أسأل نفسي
لما نتجنب على فرض أننا عاقلون دوماً أسئلة الأطفال والمجانين ؟
رحمه الله ذلك المجنون
لم يجد رداً شافياً لإجاباته..!
ولك أقول أيها الحامدي
أنك مميز دوماً في الطرح وأسلوبك السدري الرائع
تحيتي وكلّ الاحترام..
منى الخالدي
16-08-2007, 06:56 PM
يقال عندنا في البلد " خذ العلم من رؤوس السلاحف " لا أدري لماذا " السلاحف " بالذات ولكن هكذا يقال .
الأمر من كل هذا أن يجن العقل حتى الموت ولا يجد إجابة عن سؤاله ...
لفت نظري هذا الرد فأحببت أن أرد عليه
فالسلاحف ايها الحامدي معروف عنها أنها حيوانات معمرة وقد تعمر مائة سنة فأكثر على حسب الروايات التي نقرأها أو نسمع عنها..
إذن فالفكرة جائت على أنها من المخلوقات الحكيمة ، وكل معمر له حكمة من كثرة التجارب التي مرّ بها
والله أعلم D:
تحيتي مجددة..
محمد الحامدي
16-08-2007, 06:57 PM
مرورك سيدتي منى يسعدني حقا ... وهي الأسئلة التي تريد جوابا وأثناء البحث عن إسكاتها بجواب مقنع فإما جنون وإما موت وإما كلاهما ... ندعو الله ألاّ ينتهي بنا الأمر إلى ما انتهى بأبي بصلة .
دمت بخير
محمد الحامدي
16-08-2007, 07:00 PM
لفت نظري هذا الرد فأحببت أن أرد عليه
فالسلاحف ايها الحامدي معروف عنها أنها حيوانات معمرة وقد تعمر مائة سنة فأكثر على حسب الروايات التي نقرأها أو نسمع عنها..
إذن فالفكرة جائت على أنها من المخلوقات الحكيمة ، وكل معمر له حكمة من كثرة التجارب التي مرّ بها
والله أعلم D:
تحيتي مجددة..
قد أصبت وحق الخالق وهذا سؤال ارتحت من نباحه في رأسي وقد زدت بذاك في عمري أوأجلت جنوني إلى حين فألف شكر
محمد الحامدي
16-08-2007, 07:06 PM
إلا هذه يا " زياد " إلا هذه ... لا تعد لها ولا تقرأها فنحن في حاجة إليك يا رجل ... خالك يفتتني على الشوارع وأنت أعلم به وبوقع شعره إذا هجا ...
دمت بخير أخي وسلمك الله وأدام رقتك وأطال عمرك ...
أحمد الرشيدي
16-08-2007, 07:36 PM
قتله السؤال ُ
اسمه " بو بصلة " ، و لا أحد ممن أعرف يريد أن يفسر لي سبب هذا الاسم . ينام حيث يتثاءب ، ويأكل حيث يجد ما يسد الرمق ، و يصرخ متى وجد في حلقه بعض قوة خلال نزلات البرد ، يضحك ويبكي فلا يشاركه أحد الضحك ولا يخفف عنه في بكائه أحد . فهو " أبو بصلة " يخافه الصغار أكثر مما يخافون الغول ويتجنبه الكبار خوفا من قوله ما لا يقال .
ناديته لأعطيه ما قسم الله له ، فهزّ كتفيه مستهينا ، فكررت ملحا فرد : عيب ، لست من يقوم لك . قلتُ : خذ . فصاح : لم أفعل شيئا ، لست أنا لم ...
فترجلت وهدأته وهو مشيح عني : خذ ما كتب الله لك . ثم ّ ممّ ترتعد ؟
قال : لم أسمع " خذ " إلاّ وتلتها العصا ..
قلت : فيك بعض عقل .. قلْ
قال : لن أقول حتى تجيبني عن ثلاثة .
قلت : هات
قال : يقال إن الإنسان يذبح إذا ذبح من قفاه . فلم ؟
قلت : هات الثاني حتى أفكر في الأول .
قال : عجزت إذن ! فأجب عن هذا : أتعرف الوردة .
قلت : أما هذه فأعرفها فهي زهـ..
فقاطعني : أو تظن هذا سؤالي .. غبي أيها العاقل . إني أسألك ما يلي : الناس مذ وجدوا ووجدت الوردة وفي كل مكان يجمعون على جمالها . ولكنهم يشترون الثوب أو السيارة وبعد فترة يقررون أن جمالها قد ذهب ؟ فلم يذهب جمال صنع البشر ولا يذهب جمال خلق الله ؟
قلت مكابرا : دعني أعد الجواب بما يناسب جنونك .. وهات الثالث :
قال : هو الجهل يا أخ العقل ، أما الثالث ، فلن أقول حتى تضع في كفي عن كل عجز دينارا
قلت : خذ ... عذرا عذرا أقصد لك ما طلبت ، فـ فـ فـ فاستلم .
قال : " أبو كرش " ينفق على كرشه ما يعيد لي عقلي ، ولم يعطني عمره عشر عشر ثمن قارورة مما يشرب . فلم ؟
قلت ُ : هل أنت مجنون ؟
قال : سألت في زمن التعقل سؤالا فلم أر الشمس ولم تفارقني العصا حتى سلّمتُ بأني " مجنون " .
قلت : وما ذاك ؟
قال : وهل أنا عاقل مثلك حتى أكرره ؟ !!
تركته ورأسي تغلي ، وعندما أبتُ إلى نفسي تذكرت أنه قد طرح أسئلة ثلاثة تستوجب سجنه في الجنون ، وعدتُ أبحث عنه فقيل لي قد مات ليلتها فقلت في نفسي : ................
أخي المبدع محمد الحامدي
قرأت أيها الأديب نصك المحبوك أدبا رفيعا ، وفطنة نافذة ، وطرافة حلوة مرات ومرات متلذذا متفكرا مستمتعا بهذا السرد السلس الرشيق عبارة العميق معنى ، وقد استدعت قراءة نصك الرائع مقامات بديع الزمان إلى الذاكرة .
ثمة عبارات في نصك يا أخي هي درر لا تخرج إلا من يد صائغ أدب من طراز متفرد من مثل قولك : " ينام حيث يتثاءب ".
وتقبل تحياتي ، واغفري لي تقصيري في حقك أيها المبدع
محمد الحامدي
16-08-2007, 07:46 PM
أخي أحمد .. لست أجد ما أشفي به الغليل من شخصي فأفي بحق عبارتك الراقية ودينك في عنقي وتاج تضعه بيراعك على رأسي .. أبقاك الله وأدام عليك نعما أنت أهل لها ..
شكرا سيدي وإلى لقاء
زياد موسى العمار
16-08-2007, 10:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين
الأديب الحامدي، تحيتي لقلبك
قبل كل شيء، هي مجرّد محاولة اجتهاد فحسب، فادعو لي بالتوفيق.
لن أختلف مع زملائي على جمال القصة وأسلوبها الحواري الناجح الذي أضفى عليها جمالاً فوق جمالها.
ولن أتطرق إلى الأهداف التي رمى إليها الكاتب في شارته لبعض الأحداث (تلميحاً) التي تدور خلف الكواليس.
ولكن سأحاول أن أجتهد وأبحث في الهدف وراء تلك الأسئلة التي صاغها الكاتب لعرض أهداف مادته. وقبل ذلك أود الوقوف على عبارة لفتت انتباهي وهي:
(يخافه الصغار أكثر مما يخافون الغول ويتجنبه الكبار خوفا من قوله ما لا يقال).أتصوّر أنّ الخوف عند الصغار هو نتيجة الجهل للحقائق وعدم القدرة على إدراك كنه الأشياء ومفاهيمها الحقيقية، هذا بالإضافة إلى جهلهم بالواقع المحيط، لذلك عولج الخوف بالابتعاد. أما الخوف عند الكبار، فقد عولج (بالتجنّب) والتجنّب هو عمل مدروس وواعي، والتجنّب يستوجب عدم المحاولة، وعدم استدعاء حتّى دافع الفضول، (هذا لأن النتائج معروفه بالنسبة لهم، لذلك فهم يبتعدون عن الشبهة أمام .....(الكل يعرف). بينما الخوف بذاته (عند الصغار)، فقد عولج كما أسلفت ب (الابتعاد)، وهذا الخوف قد يستدعي الفضول والعودة لاكتشاف كنه المجهول أو سر تلك الحقيقة الماثلة التي تستدعي الخوف عند الصغار والمتمثلة بشخصية "أبي بصلة".
1- أما السؤال الأول والذي هو: يقال إن الإنسان يذبح إذا ذبح من قفاه . فلم ؟لا أعلم تماماً، ولكن أتصوّر أن للسؤال هنا أبعاد معقّدة، كأن نعتبره سؤال رمزي يشار به إلى الوشاية التي ربما تودي بالمرء إلى المصاعب، فالجزاء الذي لاقاه أبو بصلة لمجرد السؤال بتعقـّل، ما هو إلا وخزة في خاصرة الحقيقة ولكنّه تحوّل إلى كلم تفاحل فبلغ القيح، فكانت النتيجة (........) التي أودت إلى الجنون.
2- أما السؤال الثاني: الناس مذ وجدوا ووجدت الوردة وفي كل مكان يجمعون على جمالها. ولكنهم يشترون الثوب أو السيارة وبعد فترة يقررون أن جمالها قد ذهب ؟ فلم يذهب جمال صنع البشر ولا يذهب جمال خلق الله ؟ لنعتبر أن الوردة هي الحقيقة، والثوب ظل الحقيقة. الوردة تنمو وتزهر وتعبق وهكذا إلى أن تيبس وتموت دون تدخل حقيقي للخلق في حياتها، بينما الثوب لا يمكن أن يكون إلا بتدخل يد المخلوق فيه. فالحقيقة كما هي ظاهرة عجيبة لها ما يجددها ويحافظ على نموها دوماً، بينما ظل الحقيقة فهو صنعي وزائف، ولن يكون إن لم توجد الحقيقة ذاتها، ولهذا لن يدوم جماله. وهذا السؤال بتصوري هو استنكار لتصرف الخلق الزائف وسلوكهم المقيت.
3- سألت في زمن التعقل سؤالا فلم أر الشمس ولم تفارقني العصا حتى سلّمتُ بأني " مجنون " .
قلت : وما ذاك ؟
قال : وهل أنا عاقل مثلك حتى أكرره ؟ !!من الأولى أن يتحدث المجنون أو يتصرف بلا مبالاة، وذلك لعدم إدراكه النتائج. ولكن شخصية أبو بصلة شخصية واعية لما تقوم به من تصرف أو حديث، وهذا ما لم يدفعه لتكرار السؤال مرة أخرى لما لاقاه نتيجة سؤاله الأول. ولكن في حديث أبو بصلة بالإجمال، تجد أنّه لا زال ينكش ويحترف التعبير عن رفضه وانتقاده لما رآه أو عاناه في الواقع. وهنا أتصوّر أن الحامدي لجأ إلى التخفّي وراء شخصية أبو بصلة للتنفيس بما في ذاته من خلجات وانتقادات.
الصديق الأديب أم الشاعر الحامدي..؟؟
كلاهما معاً، فمثلك يستحق ما هو أكثر وأعظم من ذلك.
قصة رائعة بحق، وذات أبعاد وأهداف مترامية، تركت في نفسي الكثير من الجدل والاهتمام.
لست بالناقد ولا الأديب حتى أقوم بدراسة لأي عمل، ولكن استهوتني القصة جدّاً فشططت إلى التنفيس مثلك يا صاح.أترك لك من النبض ما يشي بإعجابي وتقديري ومحبّتي لقلبك وفكرك.
محمد الحامدي
16-08-2007, 10:35 PM
الأخ الفاضل " زياد عمار " سلام من الله وتحية وإكرام .
شرف لي والله أن أجد من يعمل الفكر في بنات فكري ... هكذا أعتبر نفسي قد قطعت خطوة على درب إبلاغ رأيي لمن يقرأ ويبحث في عصر اللاثقافة عن الثقافة ...
ولكن ليس من الحق ولا من الذكاء أن يعلق صاحب الإنتاج الأدبي على رأي قرائه ولا أن يوجههم ولا أن يتدخل مجرد التدخل في أفهامهم .. والنص بمجرد أن يضعه صاحبه بين أيدي الناس يخرج من طاعته ومن ملكه ومن إرادته .. لذلك كل ما أقوله لك : أحمد الله أولا وأحمد له قراءتك ثانيا .. أما صاحبي " أبو بصلة " فرحمه الله بجنونه وعقله .
دعني أهمس في أذنك بذا : الحقيقة وحدها من تفتخر بعرائها ولا تستحي منه بل قد يستحي من يراها .
تحياتي أخي : أخوك الحامدي
جوتيار تمر
17-08-2007, 11:07 AM
هو ذاك أيها الألمعي جوتيار ، هو ذاك . ألا ترى معي أننا في زمن صار فيه طلب الحقيقة ضربا من الجنون ؟ ويلطف بعضهم ذلك فيقول فيقول ضربا من " العبث " ؟ أو يقول السجان " صيد في الماء العكر " ....؟ وأنت تعرف بقية التسميات . وربّ سؤال قتل رغبة الحياة في صاحبه !!!!
دمت أخي مفهما لنا ما نكتب ،، حقا إني أستعين بك لأفهم ما أقول . وهذا حق . فالناس ممن أصيبوا بلوثة الأدب والانشغال به يبحثون عمّن يفهمونهم من القراء ، أما أخوك الحامدي فمازلت أبحث عمّن يفهمني ما أكتب وأنت أحدهم . جزاك الله خيرا . ( أرجو أن تقرأ هذا الرد ) .
لايكفي لطالب الحقيقة ان يكون مخلصا في قصده بل عليه ان يترصد اخلاصه ويقف موقف المتشكك فيه لان عاشق الحقيقة انما يحبها لا لنفسه مجاراة لاهوائه بل يهيم بها لذاتها ولو كان ذلك مخالفا لعقيدته، فاذا اعترضته فكرة ناقضت مبدأه وجب عليه ان يقف عندها فلا يتردد ان ياخذ بها، اياك ان تقف حائلا بين فكرتك وبين ما ينافيها، فلا يبلغ اول درجة من الحكمة من لايعمل بهذه الوصية من المفكرين، عليك ان تصلي نفسك كل يوم حربا، وليس لك ان تبالي بما تجنيه من نصر او تجني عليك من اندحار، فان ذلك من شأن الحقيقة لا من شأنك.
هكذا تكلم زرادشت/ نيتشه
محمد الحامدي
17-08-2007, 08:53 PM
أخي جوتيار ... لا قول لي سوى : " صدقت وصدق نيتشه "
ربيحة الرفاعي
31-07-2014, 11:48 PM
قص اتكأ في سرديته على الحوار لتمرير رسائل فكرية ذات أبعاد فلسفية مائزة، بأسلوب ماتع قفلة مفتوحة تماما، تترك القارئ على مفترق تأويلات تتفق ورؤاه
دمت بخير
تحاياي
ناديه محمد الجابي
07-12-2021, 12:42 PM
صدق المثل القائل: خذوا الحكمة من أفواه المجانين ـ والذي يستخدم للتعبير عن
أن الحكمة والحلول قد تأتي من أشخاص غير متوقعين.
فنجده ينطق بالحكمة والموعظة الحسنة ـ لا يخاف قول الحق والجهر بالصدق
متكأ على أن جنونه سينقذه، ولكنه هنا قتله.
قصة قوية ومعالجة ذكية ـ جميلة السرد والحوار .
قرأت واستمتعت هنا فشكرا لك.
:v1::nj::0014:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir