المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فراق



سعيدة لاشكر
20-08-2007, 09:43 PM
فراق



نهض عن كرسي الحديقة متتاقلا منهكا وكأنه لا يريد النهوض وكأنه يجر جرا ليتحرك فربما هذه آخر مرة سيعاود فيها الجلوس على هذا الكرسي, هذا الكرسي الذي درف فيه خمس سنين من حياته وتوهجت فيه شعلة حبه وعاهد نفسه فيه على الإخلاص والوفاء لحبيبة عمره, صفاء التي ما إن دخلت حياته حتى فاضت بالسرور واغرورقت بالحنان والحب والصدق وتنفس لأول مرة حلاوة الحب وروعة الحب, هنا في هذه البقعة كان أول موعده مع الحب, هذه البقعة هي مكان التقائه كل يوم مع حبيبته.

قبل خمس سنين بالتحديد وخلف أسوار الكلية أحب سميرصفاء, الفتاة الجميلة الغنية التي ما إن تعرفت عليه حتى أحبته هي الأخرى متجاهلة أختلاف مستواه المادي المتواضع أمام غناها المطلق تناسوا كل هذة الفرقات وسبحو في جمال الحب كل واحد منهما يغدق على الأخر يحلمان بالزواج و باليوم الذي سيجمعهما بيت واحد.

وهكذا مرت فترة الدراسة سريعا ليتخرجا وينشغل كل منهما بأعماله, هي في انهاء مشوارها لتصبح صحافية كما حلمت دوما وهو في عمله الذي به ينفق على عائلته والتي هو أكبر أفرادها, ورغم كل هذا بقي موعد التقائهما قائما في ركن الحديقة على كرسي محدد موعد لا يخلفه أحد, توالت الأيام وأحس سمير أن وضعه لم يتغير ولن يتغير وهي الأخرى تعبت من رفض الخطاب وتعبت من الحب , خمس سنوات وهي تحته على أن يتقدم لخطبتها أن يطلب يدها من والدها لكنه دائما يرفض ويتعدر بعائلته التي ينفق عليها ويؤكد بأن والدها لو درس حالته المادية فلن يرضى بأن يزوجها له أبدا فتقتنع بالمنطق الواضح لكن قلبها لا يقتنع, فحياتها تمر وأحلى سنين حياتها تكاد تودعها فماذا أنجزت فيها وعلى ماذا حصلت, هي بالتأكيد تحبه أعمق حب, لكن أسرتها ومجتمعها يصران عليها أن تقبل أحد الشبان الكثر الذين يطرقون بابها وعقلها أيضا ذهب مذهب قلبها وأحس أن لا طائل من انتظار شخص غارق هو أول واحد يعترف بذلك, نعم اعترف لها كثيرا واعترف لنفسه أنه لن يجهز أبدا ليكون الزوج المتالي الدي حلمت به وفي أحيان كثيرة عندما تخبره أن شابا تقدم لخطبتها تنتابه غيرة لادعة وحزن لا يوصف لكنه يقول لها من وراء قلبه بأن تقبله.

وتوالت هذه الواقعة مرارا في الفترة الأخيرة إلى أن جاءت يوما متجهمة وعيونها منتفخة من كثرة البكاء وقالت له من خلال دموعها المنهمرة أنها قبلت الزواج أخيرا من أحد المتقدمين لها, فصعق وكأن قلبه تحول لقطعة تلج باردة لم يعد يحس بشيء فجاء سؤاله الذي اخرجه رغما عنه عن من هو هذا الشخص فأجابته أنه شاب من أحد أقربائها وأخبرته أنها ستسافراليوم في القطار ليقام العرس في العاصمة تم بعده يسافران للخارج حيت يسكن.

دار بخلده كل هذا وهو يودع الكرسي الذي بصم حبهما إلى الأبد ويودع معه أجمل الأوقات وأمتعها على الإطلاق, تم راح يجر أقدامه, نظر لساعته فوجد انها بقيت دقائق على انطلاق القطار الذي يؤدي للعاصمة تراخت قدماه وبدأ يخطو خطوات واسعة إلى أن وصل إلى المحطة التي باتت خاوية, شاهد القطار يتحرك لا يريد شيئا يريد فقط أن تلمحها عيناه لآخر مرة, اختلجت مشاعر شتى في قلبه, حزن, عذاب, اشتياق, وألم الفراق الذي لا يمكن وصفه تمادى في جريه تمادى في تعذيب نفسه وكلما أسرع القطار إلا ويسرع أكثر وتتغلغل الآلام لقلبه أعمق تم بكى, أخرج كل ما يمسه ليعبر عنه بالدموع وفجر سوء حظه في شكل دموع أخيرا اختفى القطار ووقف وهو يلهت, يشيع القطار المختفي, ليختفي معه كل الحب وكل الحنين وكل الأحلام وكل الأماني وكل أمل بالغد والمستقبل ليبقى صدره أجوف هش لا يحمل إلا الألم والحزن وقساوة ألم الفراق ليصير بقايا إنسان في عالم مليء بأشلاء الإنسان.

جوتيار تمر
20-08-2007, 10:53 PM
العزيزة سعيدة......
ايحاء مفرط يستفز ذهن المتلقي قبل الولوج في النص(فراق)..السرد جاء وفق مقتضيات الحدث القصصي..ولازمه الترابط بشكل عفوي جميل..لم الاحظ التصنع في السردية الا من خلال جمل بسيطة لم تؤثر سلبا على مجريات النص..والحدث..الفكرة..المادة القصية نهلت من الواقع اليومي للفرد..للانسان..حيث ان الصورة المشهدية هنا مكررة..والموقف المشهدي مكرر..لكن الصياغة تبقى قائمة على قدرة السارد في تنويع المسهد التصويري والتعبيري لدى المتلقي..لذا اجد القاصة هنا ابرزت خزينها اللغوي والصوري..حيث اعطت انطباعا ذاتيا نفسيا وبعدا اجتماعيا للحدث..سواء من خلال المعايشة اليومية للحدث.. ام من خلال الوصف الدقيق للتفاصيل الداخلية التي لازمن النفس من خلال سير الحدث..لذا كان التوافق بارزا بين الفكرة اللقطة..واللغة التعبيرية التصوير..وهذا ما يجلعنا ان نرى في القاصة االقدرة الواعدة على التحكم في البناء السردي..حيث استغلت ادواتها في مجمل مكوناته وبشكل مكثف زضفاف.. رغم ما يمكن تجاوزه من اختزال بدا لي عائقا في وجه اكتمال تنامي السرد..والنهاية جاءت توحي باستمرارية الحدث في ذهن المتلقي..لانه يبقى متساؤلا على مصير تلك المشاعر التي اوجدتها الايام السابقة لموقف المحطة.

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

ابن الدين علي
20-08-2007, 11:07 PM
وألم الفراق الذي لا يمكن وصفه تمادى في جريه تمادى في تعذيب نفسه . لم أفهم هذه الجملة.
القصة أختي سعيدة اعتمدت على السردية. فيها بعض التكرار في الكلمات و بعض الجمل كانت بدون جدوى . سمير أظهرتيه في مظهر لا يكسبه تعاطف المتلقي بل سيزدريه لأنه أكتفى بوضعيته و لم يحاول التغيير . لأن الحب يصنع المعجزات "الحب الحقيقي" طبعا هذا الحب يحفز المُحب على عدم التفريط في المحبوب مهما كانت الظروف .أما صفاء فقد قامت بما يجب و أكثر

سعيدة لاشكر
21-08-2007, 08:25 PM
العزيز جوتيار

شكرا على تقييمك الشامل

وتأكد عزيزي أني جد مسرورة بكل كلمة لا بل بكل حرف تجود به على مشاركتي التي هي في أمس الحاجة إلى رأي خبير متلك
سعيدة دوما بحظورك المميز
دامت لي ردودك
ودمت بألف خير

تحياتي العميقة لك

سعيدة لاشكر
21-08-2007, 08:38 PM
مرحبا عزيزي ابن الدين

شكرا على مرورك الجميل
وعلى كلماتك اللطيفة
أما الجملة التي لم تستوعبها في النص فمدلولها بسيط جدا وتشير إلى أن البطل كلما تمادى في جريه كلما ابتعد القطار عنه أكثر وبالتالي طبيعي أن يحس أن آماله ابتعدت مع ابتعاد القطار وهكدا سيجد العداب طريقه إليه,
وأشرت عزيزي إلى أن البطل بان بمظهر غير مناسب ولم يحاول التغير فهل سنراه أفضل إن هو تخلى عن أسرته الدي هو معيلها الوحيد وسعى للإحتفاظ بحب حياته لا أظن

صديقي وصلتني رسالتك وهدا رأيك الدي أحترمه أشد احترام وأحيي فيك صراحتك

مجددا شكرا على مرورك الكريم الدي أسعدتني به

تحياتي العميقة لك

ابن الدين علي
22-08-2007, 10:27 PM
أختي سعيدة : لعلك فهمتيني خطأ أنا لم أقل سنراه افضل إن هو تخلى عن أسرته التي هو معيلها الوحيد .بل كان عليه البحث عن الحلول المناسبة حيث لا يفرط في أسرته و لا في حبه

سعيدة لاشكر
24-08-2007, 08:30 PM
أخي ابن الدين لو كانت هناك حلول وسط لما رضخ العديد من الناس لأصعب حل ألا وهو الفراق بمعنى آخر لما عرضو أنفسهم لخيار لن يحمل معه سوى الألم والعداب ربما وجود حلول سيفيد حكايات وقصص أخرى لكن هده لا أظن فهي ليست تلك الضرامية التي بلمسة تتغير الأحدات بل هي اجتماعية جدا وتختبرها الأيام على مر السنين

عزيزي ابن الدين شكرا على مرورك الدي أسعدتني به

تحياتي العميقة لك

ربيحة الرفاعي
26-02-2014, 12:29 AM
قصة ذات عمق شعوري، في سرد عدَت فيه الكاتبة وراء الصورة والتعبير وإن لم يكن على حساب النص تماما

دمت بخير

تحاياي

نداء غريب صبري
04-06-2014, 12:47 AM
قصة جميلة ومؤثرة
نسأل الله أن يحمي الأسر من نزغ الشياطين

شكرا لك أختي

بوركت

ناديه محمد الجابي
26-08-2022, 06:34 PM
قصة تحكي مشاكل الشباب وضيق ذات اليد بمحمول موجع من صميم الواقع
بلغة أنيقة وسرد ماتع كتبت هذه القصة بمفردات عالية وسبكت بنسيج حرفي متلاحم
قصة انسانية بإمتياز أجدت رسمها.
دمت بروعتك.
:v1::001: