تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : - تساقط زمن -



عبدالله بيلا
28-08-2007, 01:32 PM
( تساقـط زمـن..)
يتشرّدُ الغيمُ المحـيطُ بأُفقنا ..
تتبعثرُ الذكرى الغريبةُ في محاجرنا ..
وتنفصلُ الفصـولُ.
صار الزمانُ مشـرّداً كالغيمِ
رحّالاً ..
كأرصفةِ الموانىءِ .. والمنـافي .
لا النهايةُ فيه مُطفأةٌ..ولا ضوءُ البدايةِ
لا الطريقُ تمُـدُّ أرجـلَها لِـنعبرَهـا !
ولا أيدي الهـواءِ تُصافحُ الأيدي التي
عبرَتْ سديمَ الوقتِ ..
والتَـحَـفَـتْ سرابا .
لا الوقتُ يمنحنا البقاءَ ..
وليس يبغتـُنا الرحيلُ .
كانت عقاربُ ساعةِ الماضي
تحاولُ أنْ تُسابقَ عُمـرَها الفَـرَضيَّ ..
تـدخلَ آلةَ الزمـنِ السعـيدِ ..
لعلَّ صـورتَـها القديمةَ ..
تستحـيـلُ كصورةِ الآلـيِّ !!
جِـلدٌ من حديـدٍ غارقٍ في الرمـلِ
أو في الوحلِ ..
فـوق دمٍ مِـن الفـولاذِ .. تنصهرُ الدماءُ به
وتنفطرُ القـلوبُ .
زمــنـــــانِ
بينهما توقّف .. تائهاً ..
كالطفل في صـخَـبِ الزِحـامِ
زمـنٌ تبـخّر في سماءِ الغيبِ أُحجيةً
وأُغنـيةً تدُقُّ طـبولَـها الفـوضى
علـى وتـرِ الغمـامِ .
كانَ الزمانُ .. علـى سـذاجـتهِ ..
يعُـدُّ حـصى الشـواطيءِ ..
يبتني قصراً من الأوهـامِ .. يهدمُـهُ ..
يُـعفِّـرُ وجهـهُ الفضـيَّ في رمـلِ الشواطـيءِ ..
لا تكِتلُّ نوارسُ المعنى ..
تحُـلُّ علـى شـواطئـهِ ..
تُـطوِّقـهُ الكـواكـبُ .. والنجـومُ.
ويـلُـوحُ في مِـرآته زمنٌ خُـرافيُّ التموُّجِ ..
يبتني قبراً .. ليَـسكُـنهُ ..
لِـيُـسكِنهُ الأُلـى مرُّوا عـلى عجـلٍ
علـى الزمـنِ ـ المـقابرِ ـ
حين تـدخـلُ في سـراديبِ السماءِ الأمنيـاتُ
ويستحيلُ القمحُ مِشـنقةً
وتنتحـرُ الحقـولُ !!
خرجَ الزمـانُ مُجرّداً مِن ثوبه الأزلـيِّ ..
عـــــــــاريْ ..
حتى من الألوانِ .. والأوقاتِ .. و(الروتينِ) ..
حتـى من طبيعته التي انطبَعَتْ
على الدهرِ الجِـدارِ .
عـارٍ هو الزمنُ الذي يترصّدُ اللاشيءَ
يخرُجُ صـوبَ غـابتهِ الطـريدةِ
في فضـاءِ اللهِ ..
حينَ تصُـدُّ كفُّ الشمسِ عن تأريخها
زبـــدَ الغُـبـــارِ .
لا شيءَ يُقـنِعُ بالتـقـنُّعِ مـرّةً ..!
كُلُّ العناصرِ في مـدارِ الله ..
تلبسُ كلّ يومٍ صـورةً أُولى ..
وتخـلعُ كلّ يـومٍ صـورةً أُخـرى ..
يُـطاردُ ظبيةً ليـثٌ ..
تُطـاردُ ظبيةٌ ليـثاً !!
فــقــطْ ..
تـتـغيّرُ الأدوارُ ..
إذ تتغيّـرُ الصـورُ العـتيـقةُ في البـراري .
مـاذا سيلبسُ عـاريُ الأزمـانِ
في حـفـلِ اقتـسامِ الضـوءِ ؟
أو حفلِ التـعارفِ بين ليـلٍ مُشـرقٍ كالصـحـوِ !
صُـبحٍ كـالغـدائـرِ لا تبِـينُ له العـيونُ ؟!
يُـقـعي الزمـانُ العُـريُ بين الحيـرتـينِ ..
رُجـوعُهُ كُـفرٌ ..
ويُعـجِزُهُ الـوُصـولُ .
يتوكّـأُ الزمنُ العجـوزُ عليَّ
أحمِـلُه إذا ضاقتْ أزقّـتُهُ ..
أطوفُ به .. عـليـهِ !
أقـولُ : هذا الصاعدُ العُـلويُّ أنتَ
وأنتَ هـذا النـازلُ السُـفليُّ ..
أنت حقيبةُ السفرِ التي نَـسِـيَـتْ بضائعَها !
وأنت الشوكُ يقـتعِـدُ الطريقَ..
وأنتَ حقـلُ الياسـمينِ
وأنتَ طُـبشُـورُ الجمالِ
وأنتَ مِمحـاةُ الجمـالِ!!
وأنت ما ستراهُ عينُكَ في الطريقِ
ولـــن تــراهُ !
حـدِّق بِقلبِكَ أيـها الزمـنُ العجـوزُ ..
فـهل رأيتَكَ في طـريقكَ ..؟
هـل تعثّـرتِ الدروبُ إلـيكَ ..؟
هل آن الأوانُ لنـختلي يوماً ..
تُـسِـرُّ إليَّ فيه بسرِّكَ الأسمـى ؟
وهـل سأظلُّ أحملُ همَّـكَ الأعمـى ؟
متى تصِـلُ الحروفُ إلـى قصيدتها ..
وتبتسمُ السُــدوفُ ؟ .
يتوقّفُ الزمنُ العجـوزُ ..
يقولُ : دعني هاهنا .. فـرداً ..
طـريقُك في مهبِّ الضوءِ قاتـمةٌ ..
فـدَعْ عنكَ التشـاغُلَ بي .
أنا الــزمنُ الـمؤقّـتُ ..
والــمـؤبّــدُ .. والرحـيــلُ !!.
يتساقطُ الزمــنُ الخـريفُ علـى يديْ .. ورَقاً
تكسَّـرَ أصفراً كالوهــمِ ..
أجـمـعُـهُ .. وتجمـعُهُ الريـاحُ.
وحــدي عـلى الكُـرسيِّ
أجلِسُ في خـريفِ حديقتي زمـناً ..
وأُشـرقُ مِـن جهاتي السِـتِّ مُضطرِباً ..
يُحاصِـرني الأُفــولُ .
وسُــدىً ..
أُحـاولُ أنْ أُجـمِّعَ ما تشرَّدَ
مِن غـيومِ سمـاءنا ..
وأُوحِّــدَ الذكرى بكُــلِّ محاجـر المـاضي ..
لِــتـتـحِــدّ الفُـصـولُ 0

عبدالملك الخديدي
28-08-2007, 09:15 PM
عبد الله بيلا
وأنا أتنقل بين الصفحات
أبحث عن رواء لقلبي في هذا المساء
وجدت هذه القطعة الأدبية الرائعة
فكانت لي فنجان شعرٍ احتسيته بنهم
برغم مسافتها الطويلة إلا أنني قرأتها في الوقت المحدد
بورك فيك وتقبل التحية

عمر زيادة
28-08-2007, 09:22 PM
جميلة ...ليلكية الحروف تأخذك معها......

لا فض فوك و لا حرمنا الله حرفك البهيّ....

مودتي و تقديري

وفاء شوكت خضر
28-08-2007, 10:54 PM
جرجرتني حروفك زمن لم أكن أعي ما مدته .. علقت بين حروفك ولم أعرف سبيل للخروج ..
رهينة هذه الصفحة أنا ..
لله درك ما أجمل هذا النغم الزمني ..

مرحبا بك أخي الفاضل ..
تحيتي وتقديري ..

د. عمر جلال الدين هزاع
28-08-2007, 11:48 PM
نص باذخ
لغةً
وحسًّا
و نضوجَ فكر
صافحت نصوصك
أكثر من مرة
وفي كل مرة
أحييك
وأصفق بإعجاب
مع ودي

محمد إبراهيم الحريري
29-08-2007, 01:07 AM
الأخ الشاعر عبد الله
تحية طيبة
قليل من الشعراء من يستطيعون أخذ القارئ إلى ملكوت حروفهم ، ويطوفون بهم في آفاق معانيهم ، وأنت ممن استطعت فك عقدة الخيال ، ونثر عسجد الصور على مدى الروح لتنتظم قلائد من أدب ، فلك تحية طيبة

عبدالله بيلا
29-08-2007, 01:40 PM
الشاعر / عبد الملك الخديدي

بوركَ قلمُك الزاخرُ .. والنابضُ بالجمـال ..

أسعدتـني قراءتُك الجميلة .. وتعليقك البهي ..

ولك تحياتي .

عبدالله بيلا
29-08-2007, 01:42 PM
الشاعر الرائع / عمر زيادة ..

كم هو جميلٌ وعـزيزٌ لي .. هذا الحضور الجميل منك ..

فلا حُرمتُ آراءَ شاعرٍ جميلٍ مثلك ..

ولك تحياتي .

عبدالله بيلا
29-08-2007, 01:46 PM
الأديبة / وفاء شوكت خضر ..

أشكرُ لك هذه الإطلالة البديعة .. وهذا الثناء المُغدِق ..

وأتشرّفُ بمرور غمامِكَ الزاخر على أرضِ قصيدتي ..

ولك تحياتي .

عبدالله بيلا
29-08-2007, 01:50 PM
الشاعر . د./عمر جلال الدين هزاع

فخرٌ لي ولنصوصي .. أنْ تصافحَ فيها الحرفَ والمعنى ..

وإطراءُكَ لي .. شدٌّ من أزري وإشعالٌ لنار عزيمتي ..

فلك تحياتي .

عبدالله بيلا
29-08-2007, 01:54 PM
الأديب الشاعر الكبير /محمد إبراهيم الحريري

واللهِ .. إنَّ مرورك هذا .. وثناءكَ المُفعّمِ بروحك الطيبة ..

لشرفٌ لي .. ولقصيدتي ..

وأتمنى أن تكونَ قصائدي دائماً محلَ إعجابك وتقديرك ..


ولك تحياتي .

مجذوب العيد المشراوي
18-09-2007, 05:11 PM
أيها الشاعر جمالك هنا آخاذ وأنا أقرأ ..

الدلالات جد ممتدة أمامي وشاسعة

أحاول ُ أن أجمع أكثر ما يمكن لكن لكن .. هيهات

رمضان كريم

د. سمير العمري
18-09-2007, 05:11 PM
أقرأ لك للمرة الأولى فأجدها مصافحة دافئة الحس عالية الحرف تقدم لن شاعرا جميلا.

كان الحرف المخملي رسول فكر استعمل الرمز باعتدال أو كاد وأوصل لنا المراد بعض اجتهاد. وكان المبنى موافقا في تقديري للمعنى لولا بعض ري في تدوير بعض الأسطر.

ولعلني وأنا أرحب بك بحرارة في أفياء واحة الخير أستأذنك في أن أشير إلى بعض ما استوقفني في هذا النص الجميل مما شاب بعض جماله الباهر وحرفه الفاخر.

كأرصفةِ الموانىءِ .. والمنـافي .
بل الموانئ

يعُـدُّ حـصى الشـواطيءِ ..
يبتني قصراً من الأوهـامِ .. يهدمُـهُ ..
يُـعفِّـرُ وجهـهُ الفضـيَّ في رمـلِ الشواطـيءِ ..
بل الشواطئ

خرجَ الزمـانُ مُجرّداً مِن ثوبه الأزلـيِّ ..
عـــــــــاريْ ..
عاريا هنا حقها النصب بتنوين ، والوقف على المنصوب لة يكون بحذف التنوين وإطلاق الألف هكذا "عاريا"

مـاذا سيلبسُ عـاريُ الأزمـانِ
لا يستقيم الوزن هنا إلا بتحريك ياء عاري المرفوعة بالضم وهذا مما لا يستقيم لغة.

هل آن الأوانُ لنـختلي يوماً
هنا توجب نصب الفعل المضارع المنقوص بالفتحة الظاهرة ، ولا أجد في غير ذلك ضرورة شعرية لوجود البديل المناسب بقولك مثلا فنختلي أو غيره.

مِن غـيومِ سمـاءنا
بل من غيوم سمائنا

أهلابك في أفياء واحة الخير.


تحياتي

عبدالله بيلا
18-09-2007, 11:38 PM
الأستاذ القدير / مجذوب العيد المشراوي

شكـراً لمرورك الزاخر بالبهـاء ..

وتعليقك البديع ..

وكل عام وأنت بخير .

عبدالله بيلا
18-09-2007, 11:46 PM
الشاعر القدير . د / سمير العمري .

شـكراً لتواضعِ يراعك الذي أشعلَ شمعاتِ الفـرحِ في القصيدة ..

مررتَ هنا غيثاً نافعاً غير ضار ..

ورحَّبتَ بي في هذه الواحةِ الغنَّـاء .. فشكراً لك ..

أستاذي الكبير .. إنه لمن دواعي السرور والشرف

أن تتفضَّل عليَّ بهذه الملاحظاتِ المهمة ..

سواءً كانت إملائيةً .. أو نحويةً .. أو عَروضية ..

وسأبدأُ الآن بتعديل الأخطاء في النسخة الأصليةِ للقصيدة .

ولك شكري وامتناني .. أيها الهرمُ الشامخُ في تواضعه .


وكل عام وأنتَ بخير .