المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟



عطاف سالم
14-09-2007, 01:02 AM
من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟

سؤال قد يجيب عليه المبدع الكاتب بأنه هو الأحق به !
وقد يجيب الناقد أنه هو الآخر الأحق به من وجهة نظره الشخصية !
ولكن لننظر بشكل موضوعي ومحايد ونطرح في المقابل هذا السؤال :
هل من حق الناقد ممارسة وصايته على الكاتب أو نصه بحيث يوجهه إلى حيث مايراه هو مناسبا أو أفضل من وجهة نظره الانطباعية التأثريه البحتة , واسقاطاته الخاصة والتي لايخلو أي ناقد من فرضها وسيطرتها على النص ؟
أقول ليس من حق أي انسان كائنا من كان أن يمارس وصايته على آخر كائن من كان أيضا..
فكيف بناقد يمارس وصايته على مبدع كأن يقول له : قل ولا تقل , واختر ولا تختر , وتجنب ولا تتجنب ...الخ هذه الصور السلطوية التي يمارسها الناقد وإن اختلفت الصياغات والضروب ؟!
فالنص حقيقة هو ملك لكاتبه , وهو الوحيد الذي يعلم أبعاده النفسية والتاريخية واللغوية , وهو الأمين الوحيد على أسراره التي هي خلف السياقات والتراكيب والنظم , وهو ما يعرف بماوراء المعاني أي العلاقات التي تكون بين الجمل والتراكيب من حيث التأقلم والإنسجام والتآلف , أو من حيث التنافر والتباعد وعدم الانسجام .
والمبدع أو كاتب النص هو الوحيد الذي يحسن الإجابة عن سبب اختياره لمفردات المنهج في نصه بدءا من العنوان , والمطلع , ولغة النص , وسياقه , وصوره , وبسطه , وانتهاءا بختامه.
وهو الوحيد القادر على فك أسرار النص , وفهم رموزه , وتفتيق معانيه بصوره لايدرك أبعادها أي ناقد مهما أوتي من أدوات .. لذلك يقال أن كل شاعر هو ناقد وليس كل ناقد هو شاعر سواء أكان المقصود شاعرا بالمعنى القريب إلى الذهن أو المعنى البعيد ..
وبالتالي فإن المبدع هو الوحيد القادر على تحليل ونقد نصه , وتقويمه والأخذ بالأجود من مفردات منهجه في النص كأن يكون بيده مفاتيح التخير والترك , وأصول المقارنة والمفاضلة بين جيد وأجود ورديء وأقل رداءة بحيث بإمكانه حينئذ التعديل أو الحذف والإضافة بحسب مايراه هو مناسبا لشعوره واحساسه الذي يريد التعبير عنه .
فتجربة الكاتب أو المبدع الشعورية لايعيش معها الناقد , وتجربة الكاتب أو المبدع التعبيرية لايحسن أن يمليها الناقد عليه , فكلها ملك للمبدع نفسه لأنه هو المحيط لكل أبعاد النص وظروفه , وهو المحيط لكل أبعاده هو وظروفه .
فهل بعد أحقية النص وملكيته لكاتبه يمكن أن يحق لأي ناقد أن يفرض سلطويته ويمارس وصايته على النص وكاتبه ؟؟
إنما يمكن القول أن الناقد له حق هذه الوصاية في حالة واحدة فقط - إن تقبلنا هذا المصطلح أصلا - وهي إذا كان هناك خطأ تاريخي كبير وقع فيه المبدع سواء أكان خطأ تاريخي سياسي أو ديني أو اجتماعي أو اقتصادي أو غيره من القضايا التي يرتبط بها التاريخ بصورة هامة جدا ..
ومن ثم فمن حق الناقد أن يبين هذا الخطأ في قالب موضوعي بعيدا حتى عن تحكم الذات والهوى ,أو الإنسياق وراء التعالي والعنصرية إنما في أدب حواري راق وسام وبالحجج والبراهين وليس مجرد سرد نقدي أجوف أو غير مقنع لأن الهدف حينئذ يكون هو بيان الحق للكاتب ليس إلا .
أما فيما يتعلق باختيارات الكاتب المتعددة والمتباينة في نصه فليس له الحق فيها أبدا , إنما من حقه فقط أن يحلل ويفسر ويتساءل ويبدي رأيه حول لغة الكاتب وتراكيبه وصوره ..
وإذا كان له من رأي أو تعقيب حول النص فعليه أن يتبع الأسلوب الأمثل في النقد وهو إبداء الرأي مع ترك الحرية للمبدع أو الكاتب كأن يقول له مثلا : هذه اللفظة أو هذا التركيب أو هذه الصورة لو استبدلتها بكذا يكون أفضل ثم لايكتفي بهذا فقط إنما يفصل في وجهة نظره هذه ويقدم أسبابه في تفضيلها فإن اقتنع الكاتب فله ذلك , وإن رفض فمن حقه ولاسلطان عليه .
ومن ثم يعد من نافلة القول أن يعتبر الناقد المتجرد من أي موضوعية أو المتجرد من ملكات النقد وأدواته بكل مناهجه التاريخية والنفسية واللغوية فضلا عن المنهج المتكامل هو ناقد فاشل , لأنه لايملك الأسس الأولية للنقد بحيث يجعله يتخلص من فرض وصايته والتي قد تكون منطلقة من عناصرعدة أهمها الانطباعية البحته فضلا عن فرضية الذات والأخطر من ذلك فيما لو كان الناقد على خلاف مع المبدع فإنه عندئذ لايحكم على النص إلا من خلال نفسه المجردة وأهوائها المتحكمة والمسيطرة .
وهنا يسقط الناقد من حساب الأدب بالكلية .

مأمون المغازي
14-09-2007, 02:03 AM
الأديبة والشاعرة : عطاف سالم ، أهلاً بكِ ، وأهلاً بموضوعك الذي يفتح آفاقًا عدة للنقاش ابتداءً بالعنوان .

إن أي نص هو ملك لصاحبه بالكلية ما دام قد خرج للجمهور ، ليأتي النقد والنقد يكون أول ما يكون خادمًا للنص انطلاقًا من خدمته للأدب على عدة مستويات :

ـ مستوى القراء .
مستوى الكتاب .
ـ مستوى التنظير .
وإن كان المستويان الأول والثاني واضحا المعالم ‘ فإن المستوى التنظيري أمر دراسي بحت ليس على المستوى الأكاديمي وإنما على المستوى النقدي والكتابي ، حيث إن النظرية النقدية تبنى على أساس العديد من الأعمال الإبداعية التي تشترك في سمات تميزها عن غيرها مما يفتح الآفاق أمام النقاد للارتكاز عليها في بناء النظرية النقدية التي تتحول بدورها إلى قواعد يرتكز عليها البعض في بناء أعنمالهم الأدبية على اختلاف أنواعها وفنونها ، وهذا الأمر قد يقبله البعض وقد يرفضه فالمبدع المفطور يكتب بطريقته وأسلوبه ، لكن هذا الإبداع الفردي لا يأتي من فراغ وإنما هو ناتج عن ممارسة الأدب قراءة وكتابة ، ومن القراءة يستمد الكاتب والشاعر العديد من العناصر الفنية واللغوية والنقدية أيضًا التي يقوم عليها البناء ، لذلك كان من أهم الأسس في النقد القديم : المراس والدربة والرواية والحفظ وأخص هنا الشعر كما قدم له ابن رشيق وقدامة ابن جعفر ، وكذلك فعل أبو بكر الصولي ، وقد اتفق الكثيرون في أن هذه المقومات تلزم الناقد والشاعر والكاتب ، بيد أنها للشعر أهم حيث النغم والنسق ، أما الموهبة فقد أشاروا إليها وأسموها الطبع وأنا أميل لهذا الاسم لأنه أبلغ وأدق من الموهبة ، وإن صح القول استنادًا إلى رأيك فهذا نقد للمصطاح الذي يقبل النقد بدوره باختلاف البيئة والثقافة والاتساع المعرفي ، ومن ذلك هذا المصطلح ( التناص ) وهو مصطلح حديث يقابله عند الأقدمين ( السرقات ) .
أعود لأقول : النص ملك لصاحبه لا يملك أحد نسبته إلى نفسه ، ولا الناقد ، أما الناقد فهو المقدم للنص الفاتح لبعض مغاليقه خدمة للقراء ، لذلك نجد من النقاد من يقدم أكثر من رؤية معتمدًا في ذلك على التفكييك والبناء ، ولا يمكن لناقد أن يقدم رؤية في عمل إلا إذا عاش العمل ، ولا أقول عاش التجربة لأن التجربة ملك للأديب سواء كانت حقيقية أم ابتكارية ، أما الناقد فيقف على روح النص أولاً ثم يتوغل في مساحاته ويرتقي مدارجه ، مفندًا ومفصلاً ، وبالتالي تظهر علينا عدة أنواع من النصوص يلمحها الناقد من حيث انغلاق الموضوع أو انفتاحه وبالتالي يقع البعض من النقاد في المغالطة التاريخية بحيث يقدم الناقد قراءة نقدية مفتوحة في نص مغلق ، أو قراءة نقدية مغلقة في نص مفتوح ، أما الأوجب فهو مطابقة القراءة لحالة النص ، وقد ظهر ذلك أكثر مع ظهور الحداثة القائمة على ما يسمى تجاوزًا العقلية التي يعتقد كاتب النص أن القارئ له من الملكات العقلية ما يتيح له فك طلاسمه ، ولست مع أن الكاتب هو الوحيد القادر على نقد عمله وفك رموزه ، وإلا توجب على كل كاتب شرح عمله وتقديم مفاتيحه ، لكن يبقى النص القوي بيئة صالحة للإثمار كلما عرض النص على القاعدة النقدية التي هي بدورها تقدم التحليل وفق إطار ضيق وفقًا لتعدد الاتجاهات النقدية التي نعاني من تنوعها وانشطارها ، وننتظر نضوجها في بلادها لنتلقفها مبهورين بها ، ونحن نملك الموازين النقدية فعلاً لأننا نملك الإبداع الأدبي .
إن قضية المبدع والناقد هي من أهم القضايا التي تشغل الباحثين ، لكنني مطمئن غلى كون المبدع سابق للناقد ، ومؤمن بأن الناقد يقدم خدمة للقارئ أولاً وللكاتب ثانيًا والناقد عندما يقول كان يجب أو لا يجب ؛ يقولها منطلقًا من الأسس التي بنى عليها قراءته وفي الغالب تكون قريبة من الصواب لدى النقاد الموضوعيين ، وأخص هنا اللغة والبناء النسقي للعمل ، فالأديب يقدم دفقة شعورية بناها وفق حالة فكرية ونفسية أي أنه كالنهر المندفع أو كالبناء المسكون بعائلات عدة ويأتي الناقد ليرى العمل من زوايا عدة ومن كل زاوية يقدم رؤية ويرى أن التركيب الأقوى أو اللفظ الأقوى ربما يكون كذا أو كذا لأنه مفيد للصورة أو كاشف للرمز أو كذا أو أن هذا التركيب الخيالي يطور الصورة لأنه ربما كان مستهلكًا وأتى على نسق مستهلك ، لكن لا يمكن أن نبخس الكاتب حقه في ملكية هذا البناء ، وهذا وفق نفس الأسس من حيث الخبرة والرؤية والمستوى الثقافي والمخزون الأدبي والفني ، وعلى سبيل المثال : أرى أن الكتاب المحبين للفن التشكيلي أو الذين يمارسونه بالفعل أبرع في عرض الصورة أو بالأحرى في عمل مونتاج فوري لأعمالهم مما يجعل القصة مثلاً أكثر حركية وأظهر مساحات معتمدين في ذلك على قدرتهم في إدراك المساحات اللونية والضوئية ومساحة الظل وعلاقات الحركة والسكون ، وفهم يعرضون العمل قريبًا من نفس المتلقي ومحفزًا لملكاته الإدراكية . وغي ذلك أمثلة كثيرة مثل الإدراك لأهمية علم النفس في نقد العمل الأدبي ، والإلمام ببعض قواعد الموسيا في نقد العمل الشعري علاوة على إدراك بنائيته وبحره وتطور الصور وتنوعها وخدمتها للتجربة أو تأثيرها في المتلقي ، حيث إن عملاً لا يؤثر بالسلب أو الإيجاب في المتلقي لهو عمل أقرب للفشل من النجاح فما زالت التأثرية أحد أهم الركائز النقدية للأعمال الأدبية وخصوصًا عالية الفنية .

أديبتنا : عطاف سالم ،

هذه مقدمة واجبة ( سريعة ) لنناقش هذا الطرح الذي تطرحينه ولنا معه وقفة نقدم فيه ما يجب كي لا يمل القراء .

محبتي واحترامي

عطاف سالم
14-09-2007, 04:24 AM
حياك الله أستاذي الفاضل الراقي / مأمون المغازي
سعدت بتشريفك جدا ..
وراق لي جدا ما سطرته خاصة قولك في أوله :
ليأتي النقد والنقد يكون أول ما يكون خادمًا للنص انطلاقًا من خدمته للأدب على عدة مستويات :

ـ مستوى القراء .
مستوى الكتاب .
ـ مستوى التنظير .

تحية تقدير وإعجاب لك ولي عودة للنقاش معك في بعض محاور النصين ( نصي ونصك )
كن بخير ورمضان كريم وكل سنة وإنت بألف خير

عطاف سالم
14-09-2007, 01:09 PM
ها أنذا عدت إليك أستاذي الفاضل ..
وما أروح التناقش حول الأدب والإبداع في الأدب في مقابل الأدب والإبداع في النقد وأصول وفنون كل منهما !!
بداية أحب أن انوه إلى أن العنوان في نصي هو خارج عن معنى الاستفهام الحقيقي إلى غرض آخر وهو الاستنكار والإقرار في نفس الوقت ..
في قولك : إن أي نص هو ملك لصاحبه بالكلية ما دام قد خرج للجمهور
أظنك تقصد ب ( مادام ) (وإن خرج )إلى الجمهور يظل المبدع هو الأحق والأولى بنصه .
أتفق مع قولك :
حيث إن النظرية النقدية تبنى على أساس العديد من الأعمال الإبداعية التي تشترك في سمات تميزها عن غيرها مما يفتح الآفاق أمام النقاد للارتكاز عليها في بناء النظرية النقدية التي تتحول بدورها إلى قواعد يرتكز عليها البعض في بناء أعنمالهم الأدبية على اختلاف أنواعها وفنونها ...
وأجدني أرى أيضا أن النظرية النقدية بصرف النظر عن الدربة والممارسة على النصوص ثم الانتهاء ارتكازا إلى قواعد نقدية متبعة ومعمول بها هي مبنية على أسس أخرى منها التشبع بمناهج النقد القديمة وحتى الحديثة الغربية إنما بشيء من الموازنة والاخذ بأطراف كل منهج ومحاولة الجمع بينهم لاحتواء النص بكامل عناصره ومابعد عناصره , وما النصوص الإبداعية التي يمارس عليها الناقد تعليمه الأولي للنقد إلا محضن لتقويته وإحكام صنعته النقدية مع كل نص يعمل فيه مقصه ومقراضه بحيث تبدو النصوص الإبداعية مدرسة أوليه يتلقى فيها الناقد بعد درس التذوق والتأمل يتلقى درس التحليل والاستقصاء بين محاولات عدة تتراوح بين الإخفاق والنجاح ...
أضف إلى أن الناقد مالم يكن يملك موهبة النقد التي تعتمد تقليديا على الذائقة الحسنة ومحاولة تلمس وتحسس مواطن الضعف والقوة في النص والتفريق بينها ..
فإنه من العبث أن يلقي بنفسه داخل أجواء النص ثم نقول أن هذا الإلقاء قد يبني نظرية نقدية ..
فالذي لايحسن التفريق بين شعر وشعر أو نثر ونثر لا يحسن التفريق أبدا بين نص القرآن ونص الشعر فالطبع عنده رديء وفاسد .
ثم دعني اتساءل هنا عند قولك من بعد :
، وإن صح القول استنادًا إلى رأيك فهذا نقد للمصطاح الذي يقبل النقد بدوره باختلاف البيئة والثقافة والاتساع المعرفي ، ومن ذلك هذا المصطلح ( التناص ) وهو مصطلح حديث يقابله عند الأقدمين ( السرقات ) ....
فمالذي تقصده بقولك نقد للمصطلح ؟
أهي المصطلحات النقدية الحديثة كما تفضلت من التناص أو موت المؤلف مثلا ...؟
فانا لم أقل بها .. لأن التناص في رأيي هو موت للمؤلف وقتل لإبداعه ولو تأمل القاريء عبارة رولان بارت ( 1915 ـ 1980 ): ((كل نص هو تناص مصنوع من نصوص اخرى موجودة فيه ..))
فإن في هذا الغاء تام لابداع المنشئ كونه صانع النص ....
فأنا ذهبت إلى أن الأديب نعم يقبل النقد المنصف دون فرض سلطنة باختلاف البيئة والثقافة والاتساع .. لكن الحق هو ما أشار إليه ابن رشيق في كتابه العمده إذ يقول : (( وأهل صناعة الشعر أبصر به من العلماء بآلته من نحو وغريب ومثل وخبر وما اشبه ذلك , ولو كانوا دونهم بدرجات , فكيف إن قاربوهم أو كانوا منهم بسبب ؟؟ )) انتهى كلامه ..
ولعل في هذه النقطة بالذات سوء فهم ...
أرجو إن أسأءت فهمه إفهامي ..
ولي عودة لمناقشة بعض مقاطع تعليقك الشيق القيم
كن بخير

د. عمر جلال الدين هزاع
14-09-2007, 03:32 PM
الرائعة : عطاف
لك تحية بحجم الشمس ومجموعتها على فكرة أدرجتها نصًّا إبداعيًّا هنا للنقاش
فدعيني أقدم تحاياي أولًا
لك ولأخي الناقد الكبير و الأديب الرائع : المغازي
ثم أعود لطويل حوار
و كثير نقاط
مع وافر ودي

انتصار صبري
14-09-2007, 03:37 PM
الأستاذة عطاف السماوي
يا عزيزتي إن من سمَاتنا الثَقافية أن يكون هناك نقد جِـذري، نقد يَنظر في ذاته ويعمل عَلى وعي ذاته، فينتـج معـرفة وقيمـا ومناهج نقدية.
فأنا عندما أكتب قصيدة من حق أي ناقد أن يناقش رؤيته الخاصة بها, فإذا منعت ناقد من نقدي هذا سيكون دليل فشلي , وهناك شعراء كبار مع مرور الزمن اثبت لهم النقاد بعض الأخطاء فهل أثرت في مكانتهم الشعرية؟
ماذا لو كان في وقتها ناقد يوجه الشاعر للصواب ؟!!
يا عزيزتي قد نقد المتنبي وجرير ونزار وعنترة وأحمد شوقي
فلا تقولي النص ملك صاحبه هذا خطأ سيحسب عليكِ , وبمناسبة هذا الموضوع الذي طرق عليكِ فجأة
أحب أن أقول لكِ عزيزتي أن المجاملات تقتلنا والنقد له الحق في كشف رؤية العمل الأدبي
وأحق بالنص ناقده ثم قارئه ثم صاحبه أعتقد إجابتي واااااااااضحة
لأني النص يظل باسم صاحبه فلا يمنع رأي النقد ولا القارئ المثقف.
:
وسوف أعطي لكِ أمثلة بسيط على أهمية النقد
على سبيل المثال كان اليونانيون بحاجة ا إلى نقد أدبي بسبب اهتمامهم بالفلسفة وبلوغها
وكان الثابت تاريخياً أن هناك مَرحلة نَقدية بَسيطة سَبقت عَصر النَقد اليوناني القـار؛ وهذه المَرحلة تَجلو لنا النَقد بَهيئة تَقنية يَعرفها الشعراء الذين أخَضعوا قَصائدهم للحَذف والتَعديل ويمتحنون إيِقاعاتها وُفق المَقامات الشَفاهية المُتوارثة لديهم، وإلا كيف نُفسر نُضج أَعمال هـوميروس الأَدبية من نَحو الإليـاذة والأوديسـة لو لم يكن هَذان العَملان مثلاً مسبـوقين بتجارب نقـــدية مُهمة تَعتمد الخَطأ والصَواب وذائقة الجمهور،فماكانت نتيجة!!
:
وهناك أيضاً أهمية للنقد العربي القديم
لو تحدثت عنها سأحتاج إلى مئة صفحة ويا ليتها تكفي ولكنها موجودة في هذه الكتب
1. من مجموعة أعمال جابر عصفور/ كتاب النقد الأدبي بجزأيه 1-2 من دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني.
2. الدرس النقدي القديم بن النظرية والمصطلح د. وليد محمود خالص/ دار الوراق-الأردن.
يدرس المؤلف فيه خمس قضايا في النقد القديم:
النقد التطبيقي/ منزلة الشعر في النقد العربي القديم/ أثر موازنة الآمدي في المنهج النقدي/ أدوات الشاعر في النقد القديم/دراسة لمعجمين بلاغيين مشهورين، أحدهما لـ د. بدوي طبانة، والآخرلـ د. أحمد مطلوب.
3. إشكالية الحداثة: قراءة في نقد القرن الرابع، د. محمد أبو شوارب.
خصّص المؤلف كتابه في دراسة مآخذ النقد في ذلك القرن على الشعر المحدث، إضافة إلى قضايا القرن الثاني والثالث المتصلة بقضية الحداثة..
4. الأصمعي والنقد الأدبي، د. إياد إبراهيم.. دار الوراق- الأردن
يقع الكتاب في فصلين.. الأول عن حياة الأصمعي، وثقافته، والآخر عن جهوده النقدية.. وآراءه، ومواقفه من قضايا النقد في ذلك العصر، ومنها:
اللفظ والمعنى/ الصدق الفني/ السرقات الشعرية/ القديم والحديث/ وغير ذلك..
ومن الكتب البارزة في مجال النقد القديم من بدايته :
5. كتاب د. إحسان عباس: تاريخ النقد الأدبي عند العرب من القرن الثاني حتى الثامن/ من دار الشروق- الأردن.. وأعتقد أن هناك طبعات من دور نشر أخرى..
والكتاب ضخم في حجمه.. إلا أنه بحر في تأريخ النقد الأدبي القديم..
6. و كتاب للدكتور أحمد أحمد بدوي (أسس النقد الأدبي عند العرب)، نهضة مصر -القاهرة .
تحدث عن قضايا النقد الأدبي قديما، وموضوعاته،ومقاييسه، إضافة إلى نماذج من نقدهم للشعر والنثر.. مختتماً الكتاب بملحق لشرح بعض العبارات النقدية في ذلك الوقت..
7_كتاب الأستاذ الدكتور مجدي أحمد توفيق (المعرفة التاريخية للنقد العربي القديم)وهو من الكتب المهمة في بابه , شبه تاريخ النقد بعمر الإنسان ,كما أفرد بابا للبلاغة ونشأتها وفلسفة البلاغة من خلال الكتب العربية مثل نقد الشعر لقدامة ,ومنهاج البلغاء وسراج الأدباء لحازم القرطاجني. وعموما
8. نظرية الجاحظ في النقد الأدبي لمحمد عبد الغني المصري / دار مجدلاوي-الأردن.
تحدث فيه المؤلف عن القضايا التي تناولها الجاحظ في كتبه، مثل القديم والجديد، والسرقات الشعرية، واللفظ والمعنى، والطبع والصنعة، وغيرها.
9. النقد الأدبي، د. محمد السيوفي/ دار البيان- مصر.
تناول المؤلف فيه النقد العربي القديم من العصر الجاهلي حتى القرن الخامس، وقد ذيّل الكتاب بقضايا بارزة في النقد القديم.
10. دراسات في النقد العربي القديم ،د. عبد الفتاح عثمان/ من دار القلم-دبي.
تحدث عن النقد القديم منذ الجاهلية وحتى القرن الخامس، مختتماً الكتاب بعرض لقضايا النقد القديم، وتأثير النقد اليوناني فيه، وقضية الإعجاز القرآني، وارتباطها بالنقد في ذلك العصر.
11. ابن طباطبا العلوي والتصور التداولي في الشعر، د. عبد الجليل هنوش.
وهذه دورية علمية من حوليات الآداب من جامعة الكويت..
عبارة عن بحث تحدث فيه المؤلف عن الفهم للشعر عند ابن طباطبا من ناحية الجمال والمقام.. إضافة إلى بناء النص ، وتقنيات التعبير فيه، وكذلك الشروط التي على الشاعر مراعاتها في شعره.. ويختم بصور التأثير في النمتلقي.
12. وكذلك كتاب صغير للأستاذ طه إبراهيم.. موسوم بـ: تاريخ النقد الأدبي عند العرب من العصر الجاهلي إلى القرن الرابع..
:
أستاذة عطاف أعتقد قراءة كتاب واحد فقط من هذه الكتب
ستجعلكِ تجيبي عن سؤالكِ
من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟
وفقكِ الله أختي وكل عام وأنتِ بخير
:

د. عمر جلال الدين هزاع
14-09-2007, 04:38 PM
وهذه عودة أولى
ولي زيارات أخريات هنا بحول الله
ولتسمحي لي أديبتنا المكرمة عطاف أن أتحدث في أكثر من نقطة :

أولًا ـ
ــــــ
انطلاقًا من عنوان نصك هذا ومن تجوالي في أفيائه
وجدت أنك ترسمين حدودًا أو على الأقل تحددين مساحات لكل من الأديب المبدع صاحب النص
والأدب الناقد ضمن مفهوم الملكية وحق التصرف وحق التغيير
وإنني لأجدني أتفق معك في كل ما ذهبت إليه
بل وأزيد :
أن من حق الناقد التدخل لتصويب فكرة أو شرح علة وقع بها الكاتب سهوًا , وليس فقط من منطلق تاريخي ووثائقي
بل من مبحث عقدي و منطلق فقهي طالما أن هذه الأمور ثوابت لا يمكن المساس بها
ولا يمكن أن يدعي فيها أي كان فتح آفاق إبداعية جديدة , ربما قد تكون على النقيض من أسس و فحوى الدين و الاعتقاد
وطالما أن الحديث ووسيلة نقل المعلومة أدبًا و فكرًا هي اللغة و اللفظة و طريقة الكتابة ( الأسلوب )
فإن من حق الناقد أيضًا أن يناقش سلامة كل ذلك لدى الكاتب صاحب النص الأصلي
ولكن شريطة أن يتمتع بالفهم و يتسلح بالوعي الأدبي و الثقافي و الطريقة النقدية المناسبة لإبداء الرأي
لا أن ينصرف في ردوده إلى التهكم و السخرية و إلى تقليل مكانة الكاتب ونصه
أو أن يدعي القدرة على ولوج باب النقد الذي يحتاج داخله أن يمتلك من المهارات الأدبية و الإلمام بعلوم اللغة المختلفة إلمامًا تاماً
كي يستطيع إثبات إدعاءاته , لا منطلقًا من مجرد خيالات و أوهام و تأويلات نفسية لا تصح لأن تكون قاعدة لقياس الجيد و الأجود أو المناسب و الأنسب
لأن اللغة وعلومها هي منابع فكر يردها الواردون ليتعلموا منه وينطلقوا عبرها لفضاءات واسعة في فك ما يرتج من نصوص أمام القراء
و فتح آفاق الرؤى لكي يزيدوا من قدرة القراء على التمعن و استخلاص النتائج بطرق و أساليب أكثر نضجاً
أما أن يأتينا كل من هب ودب بدعوى قدرته النقدية
وأن يكتب لنا ما يتصوره خياله المريض ويرغمنا على السير معه في طريق قتل الإبداع لصاحب النص أو تشكيل الائتلافات المعارضة له لنيل من أدبه وشخصه
فهذا ما لن يشغل به شاغل
فأهل الأدب أذكى و أكبر من أن يغرر بهم الأقل , و الأسمى أعلى من أن يزله الأدنى
و المرجعية في ذلك إلى العارفين باللغة وعلومها و كتب اللغة التي حددت ولا زالت تحدد طرائق و أساليب الفكر النقدي
التي تمكن الأديب من أن يضع قدمه على الطريق الصحيح في علم النقد
لا الأنتقاد

....

أما ثانيًا , وما يليلها , وما سيكون لي من أمثلة فيها , ففي زيارة قادمة بحول الله
مع وافر الاعتزاز

عطاف سالم
14-09-2007, 04:54 PM
الرائعة : عطاف
لك تحية بحجم الشمس ومجموعتها على فكرة أدرجتها نصًّا إبداعيًّا هنا للنقاش
فدعيني أقدم تحاياي أولًا
لك ولأخي الناقد الكبير و الأديب الرائع : المغازي
ثم أعود لطويل حوار
و كثير نقاط
مع وافر ودي


مرحبا بك أخي الفاضل / عمر
أشكرك على إطرائك ..
ويسعدني أنا والأستاذ مأمون أن تشترك معنا في هذا الحوار الجاد بعيدا عن كل عنصرية أو تحيز أو تحكم هوي وفرض سلطنة..
تحيتي وكل تقديري .

عطاف سالم
14-09-2007, 04:56 PM
الشاعرة والناقدة / انتصار صبري
أولا دعيني أرحب بك هنا على متصفحي ... وسقا الله ثورة جرفتك إليه لم أجد لها تفسيرا اتضحت لي من حدة الخطاب في تعليقك ..
إنما ياأختي الحبيبة أقول لك هوني عليك ولاتحملي هذا المقال مالايحتمل أو تقوليه مالايقوله !!
ماكنت أولا كما أدعيت أني مجاملة أبدا في نقدي كما تلوحين بأكثر من صورة وعلى أكثر من صعيد إنما كنت محللة ومعبرة .. وإن ظهر لي إعجاب بنص من النصوص فهذا من حق كل متذوق أن يبدي رأيه وهي حرية لايصادرها عليه أو يقلل من قيمتها أي انسان كان ولو كان جاهلا فكيف بمثقفة مثلك ؟؟
وهو على كل حال منهج في النقد أتبعه أحيانا يسمى منهج التأثرية معترف به عالميا .
على كل حال لن أطيل في الدفاع عن نفسي فهذا ليس ديدني ...
إنما كان بودي قبل أن تهرقي حبرك هذا كله أن تتأملي المقال جيدا وتنظري هل نفيت فيه أحقية النقد عن النصوص ؟؟
أم هل رميت الناقد بالحجارة وقللت من قيمته ؟؟
فليس هناك من عاقل يقول بهذا أبدا !
كل ما احتوى عليه المقال عزيزتي باعتباري كاتبة وناقدة أيضا أن الكاتب هو ألصق بنصه من غيره وأفهم له من غيره وهو الوحيد الذي يستطيع فهم رموزه وتحليلها وكشفها , وكذا هو القادر وحده على تفسير جميع الأسئلة الحائرة التي تدور حول منهج نصه ابتداء بالعنوان واللغة والتراكيب والصور الشعرية التعبيرية .....وغيرها من لوازم النص .
وليس معنى ذلك انتفاء الحوار والنقاش حوله إنما كما تفضل أستاذي الكبير مأمون المغازي الناقد الذي يعيش العمل لا التجربة الشعورية هو ناقد جيد ..
والناقد الذي يقترب من روح النص ويضيف إليه ويخرجه بصورة مشرقه ويكشف نواحيه الجمالية ونواحي قصوره ثم يعطي مسوغات لمواطن الضعف أو القصور بما يملك من لباقة وثقافة وذكاء هو ناقد جيد ..
الناقد الذي يتناول النص من الداخل والخارج معا هو ناقد جيد
الناقد الذي لايفكك النص بمعزل عن كاتبه ولا يهتم بجانب لغوي بحت على جوانب أخر هو ناقد جيد
ولن أطيل عليك في تعريفك بأدوات الناقد مادامت كل هذه المؤلفات التي سردتها علي هي لديك أيضا .
أما كون الناقد يفرض الوصاية على النص وكاتبه فليس من حقه أبدا إماتة المبدع وأخراجه خارج نصه والتعامل مع لغة النص وحدها وهومنهج التفكيكية التي هي أسوء أوجه النقد بعد البنيوية والتي لايبقى بعدها سوى التناص أو السرقات التي هي أسوء الجميع ...
فتقويض النص والتشكيك في أفكاره الموروثة عن العلاقة واللغة والسياق ومن ثم فرض صياغة النص صياغة جديدة وفق ما انتهجناه في النص فهذا مطل للنص وصاحبه بلا منازع ..
بقي لي أن أقول لك أن تحسني الظن بالمقال وصاحبته يارعاك الله ..
ويكفيني من كل مؤلفاتك أن تكتفي أنت بقراءة ثلاثة كتب فقط
من القديم أدلك على منهج عبدالقاهر الجرجاني يرحمه الله تعالى في النقد وكيفية تناول النصوص في كتابيه ( دلائل الإعجاز ) و( أسرار البلاغة ) ..
ومن الحديث اقرئي إن شئت ( النقد الأدبي أصوله وقواعده ) لسيد قطب ففيه كلام مسهب عن التجربة الشعورية والتصويرية للمبدع , وأسس وقواعد النقد الأدبي وأصوله في تناول النصوص وهو مذيل بمناهج النقد الأصيلة بعيدا عن المناهج الغربية الحديثة التي تدمر النص ولا تضيف إليه .
والكتاب الأخر لعله يفيدك في منهجك النقدي ويفسر لك طرقه ومحاسنه ومثالبه وهو كتاب ( المرايا المحدبة ) لعبدالعزيز حمودة ففيه نماذج من النقد الذي وجه للتفكيكية التقويضية والتي انتقدها أشهر النقاد الغربيين أنفسهم
تأملي إن شئت قول جون إليس : ((هناك وسيلة يلجأ إليها التفكيك/ التقويض للحفاظ على صلاحيته: تتم صياغة الموضوعات في مصطلح جديد وغريب وهو ما يجعل المواقف المألوفة تبدو غير مألوفة، ومن ثم تبدو الدراسات المتصلة غير متصلة ))
واجابتك أن النص من حق ناقده أولا ثم قرائه ثم صاحبه فهي أجابة واضحة لك أنت فقط , إنما الذي حيرني أنك صاحبة نص أولا قبل أن تكوني ناقده !!
واختلاف الرأي لايفسد للود قضية .. والحوار الهاديء هو الذي يثمر فقط .
شكرا لك أختي الفاضلة على مرورك السامي ورقي أسلوبك وروحك النقية
ووفقك الله تعالى .......وكل عام وأنت كذلك بألف خير

انتصار صبري
14-09-2007, 05:38 PM
عزيزتي عطاف السماوي
أنا أحترم قلمكِ وشخصكِ
ولكن لا تتهميني بكلمات أظن أنها لا تنطبق عليكِ
ولا وجهتها إليكِ وحديثي بمنتهى الهدوء ليس كما ذكرتِ
وأظن ردي واضح
كل ما ذكرته
أحب أن أقول لكِ عزيزتي أن المجاملات تقتلنا والنقد له الحق في كشف رؤية العمل الأدبي
هل هذا الكلام موجه لكِ أم أنه عام
وفي أي شيء جاملتِ؟
لا أراكِ جاملتِ في أي موضوع حتى أوجه لكِ هذا
يا عزيزتي أعتقد ردي واضح
أنا لا اتهمك بالمجاملة ولا وجهت شيء ضدك
بل لكل منا وجهة نظره
ولا أحد ينكر إبداعكِ أبداً ولكن كان لي نقطة خاصة تناولتها هنا
واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
دُمتِ بخير وكل عام وأنتِ بخير
:

عطاف سالم
14-09-2007, 05:50 PM
عزيزتي عطاف السماوي
أنا أحترم قلمكِ وشخصكِ
ولكن لا تتهميني بكلمات أظن أنها لا تنطبق عليكِ
ولا وجهتها إليكِ وحديثي بمنتهى الهدوء ليس كما ذكرتِ
وأظن ردي واضح
كل ما ذكرته
أحب أن أقول لكِ عزيزتي أن المجاملات تقتلنا والنقد له الحق في كشف رؤية العمل الأدبي
هل هذا الكلام موجه لكِ أم أنه عام
وفي أي شيء جاملتِ؟
لا أراكِ جاملتِ في أي موضوع حتى أوجه لكِ هذا
يا عزيزتي أعتقد ردي واضح
أنا لا اتهمك بالمجاملة ولا وجهت شيء ضدك
بل لكل منا وجهة نظره
ولا أحد ينكر إبداعكِ أبداً ولكن كان لي نقطة خاصة تناولتها هنا
واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
دُمتِ بخير وكل عام وأنتِ بخير
:


مرحبا بعودتك من جديد ...
أعود أقول عزيزتي بماهو لصيق بالموضوع أنه ليس من حقي تناول تعليقك البديع هذا بالنقد والتأويل أو التحايل عليه ولي عنقه طوع ارادتي أو حتى التقويض والتشكيك فيه فأنت أدرى بخباياه ورحم الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال نحن نحكم بالظواهر ونوكل أمر السرائر إلى الله سبحانه وتعالى ...
أقدر لك ثقافتك النقدية البديعة
وأقدر لك اتفاقك الأخير معي
وأشكر لك إطرائك وثنائك.... بارك الله فيك
دمت بخير..

مأمون المغازي
14-09-2007, 05:58 PM
السادة والسيدات النقاد والأدباء ممن يرد هذا المتصفح ،

كم ـنا سعيد بهذا الطرح الذي يمكن أن نصل من خلاله إلى تشكيل رؤية نافحة تحسب لنا جميعًا أهل الواحة ، لكن أيها الأحبة في نفس الوقت ليس هذا المتصفح للاستعراض أو الإغضاب والمغاضبة ، لذا أهيب بكم الموضوعية ، والهدوء في الطرح والنقاش ، ولأنكم جميعًا أهل علم وذوق وذائقة أتمنى أن نتحاور بهدوء ، فربما أتم الرأي رأيًا ، وأتم الفكر بادئة فكر ، وأعطى الطرح رؤية . والأساس في كل هذا هو اتفاق الهدف ، وهدفنا هنا التميز لتكون رؤاكم محج كل باحث عن علم ، وفن ، وجمال .
الموضوع ليس شخصيًا بالمرة ، والنقد علم ذو شجون ، والحديث فيه قد يجلب الثورة التي اسنا في حاجة لها ، ربما نختلف ، لكن علينا أن نختلف ونبقى أصدقاءً لا يشن أحدنا حربًا لا طائل منها ، والمكتبة العربية ذاخرة بالمؤلفات قديمها وحديثها ، أصيلها ومترجمها ، ومنحولها ، ومغرضها أيضًا وللنقد أجنحة من أخذ بها حلق ، وأخرى من أخذ بها دقت عنقه ساقطًا ، والنص منسوب لصاحبه ، ملك له كما أسلفت ، وللنقاد والقراء أن يتناولوه تفصيلاً وتشريحًا ونقدًا وإبداء رأي ، وصاحب النص يكتبه ، فإن كان من أصحاب الملكة النقدية فهو الحابس له الممتحن خصاله ، وإن كان من أهل الكتابة فقط فهو الوالد المنتسب له ابنه نجح أم فشل الابن وفي كلا الأمرين النص ليس منزهًا عن النقد بل النقد رافع النص إلى الدرجة التي يستحقها ، أو موقفه عند حده وهو الغث الضعيف ،والناقد على أية حال مرشد وليس قيمًا ، فإن كان من أهلا الطبع والعلم فهو الملبس النص حلية يزدهي بها ، وإن كان من أهل المزاج والهوى ـ وإن كان ذا علم ـ فهو المفتري على النص وصاحبه ؛ يرفعه حين الرضا ويسقطه حين الغضب .

ايها الكرام ، لتكن الموضوعية والرأي المبرر ديدننا ، وليكن الاستشهاد نصًا يخدم الرأي ، وزيادة تعليمية قبل أن تكون تعليلية ، وقوائم الكتب مفيدة لمن أراد القراءة ، وليست وسيلة تعجيز وتسفيه ، والعقل سيد كل المواقف ، والذائقة عمود النقد ، ولم يحتل المنزلة من أهل النقد إلا أصحاب الذوق والرأي العالمين كيف يكون القول ، وكيف يكون التتبع للحالة والتجربة ، والنص تجربة ذاتية ، يعيشها صاحب النص أو يبتدعها ، والناقد لا يمكنه قتل الأديب ليكون سيد الموقف ، والتقنين في النقد على اختلاف مشاربه لم ينضب نبعه ما فاضت القرائع بالنصوص ، أما تطوير النظرية النقدية على أساس نظرية نقدية فمنتهاها إلى النصوص وإلا باتت جافة سقيمة يدب بها المرض فلا تنمو ، وإذا كان الناقد يتخذ النصوص متدربًا عليها لإبداع رأي نقدي ، فلا خير في علم بذغ لخدمة صاحبه وشهرته فقط ، وإنما العلم هو ما انتفع به السواد الأعظم ، والكتابة والنقد توأمان لأب وأم ، أما الأب فهو العقل ، وأما الأم فهي النص بذوقه وفنيته وجدته وتجربته .

هذا قول أرجو به أن نسلك المسلك الأخوي بعلمية ورأي لا بالشجار والعنت .

محبتي واحترامي

مأمون

عطاف سالم
14-09-2007, 06:17 PM
وصاحب النص يكتبه ، فإن كان من أصحاب الملكة النقدية فهو الحابس له الممتحن خصاله ، وإن كان من أهل الكتابة فقط فهو الوالد المنتسب له ابنه نجح أم فشل الابن وفي كلا الأمرين النص ليس منزهًا عن النقد بل النقد رافع النص إلى الدرجة التي يستحقها ، أو موقفه عند حده وهو الغث الضعيف ،والناقد على أية حال مرشد وليس قيمًا ، فإن كان من أهلا الطبع والعلم فهو الملبس النص حلية يزدهي بها ، وإن كان من أهل المزاج والهوى ـ وإن كان ذا علم ـ فهو المفتري على النص وصاحبه ؛ يرفعه حين الرضا ويسقطه حين الغضب .......

ما أبلغ ماكتبت هنا !
أضم صوتي إلى صوتك أيها الأديب الناقد فنحن فعلا في حاجة إلى إفاقة وإثارة وتثوير للفكر وانعاش حقيقي للعقل وتحفيزه في حوار أخوي لطيف الغرض منه جني فائده أو نشرها
والنص الذي لايثور لايؤثر ..
لكن لايفوتني أن أذكرك أنت أيضا أستاذ مأمون بانتهاج الهدوء وتوخي الإنصاف والموضوعية ... بارك الله في قلبك وقلمك
تحية لك خاصة وللدكتور عمرهزاع وللأخت انتصار
ولي عودة لاستكمال ماوعدتك به
كن بخير ..

د. عمر جلال الدين هزاع
14-09-2007, 06:55 PM
بورك فيك أخي المغازي الحبيب
وبرأيك المفيد
ولتسمح لي بوضع أمثلة وشواهد عن قدرة الناقد الحق
في سبر أغوار نص الأديب
أو العكس تماماً في عجزه وعدم اتقانه لأساليبه
بل وجهله بما يظن نفسه قادرًا عليه
وفي ردي التالي
ما سيوضح ما أعنيه
مع ودي

د. عمر جلال الدين هزاع
14-09-2007, 06:56 PM
وهذه ثاني الزيارات مع ثاني النقاط فاسمحوا لي بها , وها انذا أقول :
ـ ثانيًا :
ـــــــ
يحتاج كل نص أدبي إلى ناقد أو دراسة نقدية لفتح منافذ الجمال أمام النظارة أو إظهار دقائق البلاغة و الأعجاز البياني أو الفرادة في التأليف و التي تستعصي على قارىء عادي أن يلم بها لولا جهد النقد و يده الطولى في الوصول بالقراء إلى مكامن الجمال و علل الضعف في آن معًا
فلا النقد بوسيلة من وسائل التملق ولا هو بمعول من معاول الهدم
وإنما هو أداة بين هذا وذاك لها فضل زيادة الحسن حسنًا وفق نهج و أصول , ومنع الزلل من أن يمتد باعًا بعد باع , وذراعًا بعد ذراع في نص أدبي عرض على القراء
وكل هذا
وفق منهج النصح و حسن تخير اللفظ و القول بما ينفع بعيدًا عما يصدع
مع سابق علم وسعة ثقافة واطلاع
وليس مجرد هوى وظنون
فلو تحدثنا مثلًا عن الاستعارة في الأدب , لعرفنا أنها قسمت لنوعين أحدهما مفيد و الآخر دونه ( غير مفيد )
ولو قلنا أن وضع صفات المستعار منه في مواضعها في الموصوف تتسق وفق أحدهما فهنا سينتج لدينا ضربان أحدهما مقبول و الآخر مرفوض
وهذا عمل النقد
ولننظر فيما يقوله الجرجاني في هذا البيت :
( فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره )
وهذا كله , لأن الشاعر قد استعار الحافر في وصف قدم ضيفه
فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة
وعلى العكس منها يقع هذا :
مدَّتْ يدي أشواقها مدَا ـــــــــ فازَّاورَ الإلحاحُ و اشتدّا
وهو مطلع قصيدتي ( مولاة قلبي )
فعلى الرغم من أن الأشواق ليس لها يد لكي تمدها معبرة عن لواعج النفس التي تعتمل في حنايا المحبوبة
إلا أنها استعارة فريدة مفيدة
وليس لناقد أن يمر ببيتي هذا فيثلبه
من منطلق أن المستعار له قد اختص باستعارة غير جائزة
لأن الفارق شاسع هنا
ويحتاج لعين بصيرة و ذائقة خبيرة و فهم وعلم واسع بأساليب البلاغة وصنوفها
وكي أوضح الفارق بين هذا وذاك
سأتم المثال الذي قدم له الجرجاني في أساليب البلاغة صفحة 12 - 13 وهو مثال لما قدمت في بيتي السابق :
وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِـرَّةٍ إذ أصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمَامها
( هذا بيت للبيد نلاحظ فيه : والكلام للجرجاني )
( أنه جعل للشمال يداً، ومعلوم أنه ليس هناك مُشار إليه يمكن أن تُجْرَى اليد عليه، كإجراء الأسد و السيف على الرجل في قولك انْبَرَى لي أسدٌ يَزْئِرُ و سللتُ سيفاً على العدوّ لا يُفَلُّ، و الظباء على النساء في قوله "الظباء الغِيدِ" و النور على الهُدَى والبيان في قولك أبديتُ نوراً ساطعاً وكإجراء اليد نفسها على من يعزُّ مكانه كقولك أتنازعني في يدٍ بها أبطِشُ، وعين بها أبصرُ تريد إنساناً له حُكْم اليد وفعلها، وغناؤها ودَفْعُها، وخاصّةُ العين وفائدتُها، وعزّة موقعها، ولطف موضعها لأنّ معك في هذا كله ذاتاً يُنَصُّ عليها، تَرَى مكانَها في النفس، إذَا لم تجد ذكرها في اللفظ، وليس لك شيءٌ من ذلك في بيت لبيد، بل ليس أكثر من أن تُخَيّل إلى نفسك أن الشَّمال في تصريف الغَداة على حكم طبيعتها، كالمدبّر المصرِّفِ لما زمامُه بيده، ومَقادتُهُ في كفّه، وذلك كلُّه لا يتعدَّى التخيُّلُ والوَهْم والتقدير في النفس، من غير أن يكون هناك شيء يُحَسُّ، وذاتٌ تتحصَّل، ولا سبيل لك أن تقول: كَنَى باليد عن كذا، وأراد باليد هذا الشيء، أو جَعَل الشيءَ الفُلاَنيَّ يداً كما تقول: كَنَى بالأسد عن زيد، وعَنَى به زَيداً، وجعل زيداً أسداً، وإنما غايتُك التي لا مُطَّلعَ وراءها أن تقول: أراد أن يُثبت للشمال في الغداة تصرُّفاً كتصرُّف الإنسان في الشيء يقلّبهُ، فاستعار لها اليد حتى يبالغ في تحقيق الشبَهِ، وحُكْمُ الزمام في استعاراته للغداة حكم اليد في استعارتها للشمال، إذ ليس هناك مشارٌ إليه يكون الزمامُ كنايةً عنه، ولكنه وفَّى المبالغةَ شَرْطها من الطرفين، فجعل على الغداة زماماً، ليكون أتمَّ في إثباتها مصرَّفةً، كاجعل للشمال يداً، ليكون أبلغ في تصييرها مُصَرِّفة )
,,,,
ومن هذا المنطلق
لابد للناقد أن يلم بما هو مقبول و جيد وما هو أجود , وما دون ذلك ..
لا أن يحكم هواه في نصوص الآخرين فيفرض سلطة ظنونه على إبداعهم فيقول عن كلمة أنها حشو , في حين أن الجملة لا تتم بغيرها ولا تجمل بسواها
وفي هذا يقول شيخنا الجرجاني معللًا :
( حتى إنّ فَضْلَ تلك الحسنة يبقى لتلك اللفظة لو ذُكرتْ على الانفراد، وأزيلت عن موقعها من نظم الشاعر ونسجه وتأليفه وترصيفه، وحتى تكون في ذلك كالجوهرة التي هي، وإن ازدادت حُسناً بمصاحبة أخواتها، واكتست بهاءً بمُضَامَّة أترابها، فإنها إذا جُلِيتْ للعين فَرْدةً، وتُركت في الخيط فَذَّة، لم تعدم الفضيلة الذاتية، والبهجة التي في نفسها مَطويَّة والشَّذْرةِ من الذهب تراها بصُحْبة الجواهر لها في القلادة، واكتنافها لها في عنق الغَادة، ووَصْلها بريقَ جَمرتها والتهاب جَوْهَرها، بأنوار تلك الدُّرَر التي تجاورها، ولألاء اللآلئ التي تُناظرها تزداد جمالاً في العين، ولُطْف موقِع من حقيقة الزين، ثم هي إن حُرِمت صُحبة تلك العقائل، وفَرَّقَ الدهرُ الخؤُون بينها وبين هاتيك النفائس، لم تَعْرَ من بَهْجتها الأصيلة، ولم تذهب عنها فضيلة الذَّهبية )
,,,,
يتبع ( ثالثًا و ما بعدها .. )
مع ودي

د. عمر جلال الدين هزاع
14-09-2007, 08:03 PM
وهذه ثالث الزيارات مع ثالث نقطة من ردي ..
ومع جزيل تقديري لرأيك أخي المغازي الحبيب
دعني أقتبس منه بضع كلمات لكي تكون مدخلًا لما أنوي تقديمه كأنموذجًا لهذه الحالة ..
فكما أسلفت في حديثي السابق عن عدم جواز فرض سلطة النقد على إبداع الكاتب عسفًا وقهرًا وانتقامًا
إلا أن العمل الأدبي يظل عرضة للنقد طالما أنه انفتح على العالم الخارجي وخرج من أدراج صاحبه إلى عيون قرائه
وكما قلتَ أخي المغازي :
( النص ليس منزهًا عن النقد )
فإن الشق الثاني من حوارنا في هذا المجلس
هو حول هذا
فكما أن للكاتب حق ملكية النص والدفاع عنه ضد قصيري النظر و عديمي الإدراك , إلا أنه عليه واجب الاستماع إلى وجهة نظر النقد
طالما أن هذا النقد له أسلوبه الواضح و أداته في تقويم العمل والرقي به
وهنا مثال عما سبق :

ــــــــــــ

لو أننا طلبنا شاعرًا كالفرزدق في زماننا , فهل سنجده ؟؟
ومع هذا فإن لنا حق نقد شعره طالما أننا نتبع الحق في ذلك بغير بغي و لا قهر
فالحق أحق أن يتبع
ولنأخذ بيته هذا :
ومَا مِثْلُهُ في الناسِ إلا مُمَلَّكَاً أبُو أمِّهِ حيٌّ أبوه يُقـاربـه
ولعل الكثير قد علموا قبلًا
أنه بيت يضرب به المثل في التعسف اللفظي
لا لأنه قد جاء بوحشي الكلام أو غريبه أو انتقى هجين الحرف و شاذه
بل لأنه جنح فيه إلى فوضى الرصف في الكلمات بعكس ترتيب معانيه المراد لها
فهو قد كدّ و كدَّر , ومنع السامع من الفهم إلا بعد جهد شاق في إعادة ترتيب الألفاظ في البيت لفهم محتواه
كما أنه أبطل النظام وأبعد المرام ظنًّا منه أنه القارىء يتمتع بما في نفسه ( نفس الفرزدق ) من غوص في إعادة الهندسة البنائية للبيت الشعري
وهذا ما لا يتمتع به جل القراء
وهاك مثالاً معاكسًا عن حالة أخرى من جمال اللفظ وحسن تراتبيته ووقوعه في المواقع المناسبة :
ولَمَّا قَضَيْنَا مِنْ مِنًى كُلَّ حَـاجةٍ ومَسَّح بالأركان مَنْ هو ماسـحُ
وشُدَّت على دُهْم المهَارَى رِحَالُنا ولم يَنْظُر الغادي الَّذِي هو رائحُ
أخذْنا بأطراف الأحاديث بَيْنَـنـا وسَالَتْ بأعناق المطيِّ الأباطحُ
وانظر كم هو الفارق شاسع بين هذه الأبيات وبين بيت الفرزدق الذي تعمد فيه فوضى الرصف فأنتج فيه فوضى فهم لدى المتلقي
وإحقاقاً للحق نقول :
لم تقع هذه الأبيات في النفس موقعًا حسنًا إلا لأنها جرت كالماء جرياناً وكالهواء لطفًا و كالروض حسنًا ووصلت لأذهان المتلقين ففهمومها وأحسنوا تصويرها في نفوسهم
بل وعرفوا أبعادها من خلال بساطة ألفاظها والتي حملت معها جزالة وحسن نفاد بشكل رائع
ويسعدني أن أكتب هنا ما وصفت به تلك الأبيات في كتاب أساليب البلاغة :
( إن أوّل ما يتلقَّاك من محاسن هذا الشعر أنه قال: "ولمَّا قضينا من مِنًى كلَّ حاجة" فعبّر عن قضاء المناسك بأجمعها والخروج من فُروضِها وسُنَنِها، من طريقٍ أمكنه أن يُقصِّر معه اللفظ، وهو طريقة العموم، ثم نبّه بقوله: "ومسّح بالأركان من هو ماسحُ" على طواف الوداع الذي هو آخر الأمر، ودليل المسيرِ الذي هو مقصوده من الشعر، ثم قال: "أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا" فوصل بذكر مسح الأركان، ما وليه من زَمِّ الركاب وركوب الرُّكبان، ثم دلّ بلفظة الأطراف على الصّفة التي يختصّ بها الرِّفاق في السَّفر، من التصرف في فنون القولِ وشجون الحديث، أو ما هو عادة المتظرِّفين، من الإشارة والتلويح والرَّمْز والإيماء، وأنبأ بذلك عن طِيب النفوس، وقُوَّة النشاط، وفَضْلِ الاغتباط، كما تُوجبُه ألفة الأصحاب وأُنسةُ الأحباب، وكما يليق بحال من وُفَّق لقضاء العبادة الشريفة ورجا حُسن الإياب، وتنسَّمَ روائح الأحبّة والأوطان، واستماع التهاني والتَّحايا من الخُلاَّن والإخوان، ثم زانَ ذلك كلَّه باستعارة لطيفةٍ طَبَّق فيها مَفْصِل التشبيه، وأفاد كثيراً من الفوائد بلُطْف الوَحْي والتنبيه، فصرحّ أوّلاً بما أومأ إليه في الأخذ بأطراف الأحاديث، من أنهم تَنَازعوا أحاديثهم على ظهور الرَّواحل، وفي حال التوجُّه إلى المنازل، وأخبر بعدُ بسرعة السير، ووَطَاءة الظَّهر، إذ جَعَل سلاسة سَيْرها بهم كالماء تسيل به الأباطح، وكان في ذلك ما يؤكّد ما قبْله، لأن الظُّهور إذا كانت وَطِيئةً وكان سيرها السَّيْرَ السهلَ السريع، زاد ذلك في نشاط الرُّكبان، ومع ازدياد النشاط يزداد الحديث طِيباً، ثم قال: بأعناق المطيّ، ولم يقل بالمطيّ، لأن السرعة والبُطءَ يظهران غالباًفي أعناقها، ويَبِين أمرهما من هَواديها وصدورِها، وسائِرُ أجزائها تستند إليها في الحركة، وتَتبعها في الثِّقَل والخفَّة، ويُعبِّر عن المَرَح والنشاط، إذا كانا في أنفسها، بأفاعيلَ لها خاصّة في العنق والرأس، وتَدُلّ عليهما بشمائل مخصوصةٍ في المقاديم )

,,,,,

وتفضلوا بقبول الاحترام
ــــــ

و يتبع ..

د. عمر جلال الدين هزاع
14-09-2007, 11:43 PM
السلام عليكم
ـــــــ

وهنا رابع النقاط التي أنوي إثارتها في هذا الموضوع
وهي :

- رابعًا :
ـــــــ

المعرفة و الثراء اللغوي و الفطنة الثقافية و المخزون اللفظي و المعجمي و الإلمام بقواعد النحو و الصرف وعلم العروض ( لمن يريد أن ينقد الشعر )
فمن لا يمتلك كل هذه الأمور
بل ومن لا يحسنها ويوسع مواردها دائمًا
فهو بكل الأحوال لا يصلح لعملية النقد الأدبي , فكيف لفاقد الشيء أن يعطيه
وأنى لمن قيل له أيها الناقد وهو ليس على شيء من هذا , فصدق و عاند و استكبر ثم عندما انتقد سقط سقطات مريعة
فكما يقال :
عماها من حيث أراد تكحيلها
فترنح بين الزلل اللغوي والنحوي , وتمادى في العنت بما تخيله من أسلوب بلاغي يختص به لوحده
فلا هو يرتد عن زلاته ويتراجع عنها كبرًا وعنادًا
ولا هو بالعارف الذي يستفاد من علمه وثقافته
ومثل هذا
لو ترك دون رد - من باب عدم محاورة الجاهل - يخشى على المبتدئين في اللغة وعلومها أن يصدقوا ما قاله
فلابد من التصدي له إلى أن تنصع الحقيقة
ثم بعدها يترك سدى ( هملًا )
وهنا سأورد بعض أمثلة عن معنى السعة اللغوية والمخزون اللفظي و البلاغي وأن هذا لايتبع لعلم أكاديمي بحت ولا لدراسة أدبية معينة فحسب , بل يحتاج إلى متابعة مستمرة واطلاع دائم وبحث دؤوب في لغتنا الجميلة وبحرها الماتع

1 - من كتاب الكامل في اللغة والأدب ( المبرد ) :
ويروى عن رجل من قريش لم يسمّ لنا قال: كنت أجالس سعيد بن المسيّب، فقال لي يوماً: من أخوالك? فقلت: أمي فتاةٌ، فكأنّي نقصت في عينه، فأمهلت حتى دخل عليه سالم بن عبد الله بن عمر الخطّاب رضي الله عنه، فلما خرج من عنده قلت: ياعمّ! من هذا? فقال:يا سبحان الله!أتجهل مثل هذا من قومك! هذا سالم بن عبد الله بن عمر، قلت: فمن أمّه? قال: فتاةٌ، قال : ثم أتاه لقاسم بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنده، فجلس عنده ثم نهض، فقلت: ياعمّ من هذا? فقال: أتجهل من أهلك مثله! ما أعجب هذا! هذا القاسم بن محمد بن أبي بكر الصّديق، قلت: فمن أمه? قال: فتاةٌ، فأمهلت شيئاً حتى جاءه عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فسلّم عليه ثم نهض، فقلت: ياعمّ، من هذا? قال: هذا الذي لا يسع مسلماً أن يجهله! هذا عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قلت: فمن أمه? قال: فتاةٌ، قال، قلت يا عم! رأيتني نقصت في عينك لمّا علمت أني لأم ولد، أفما لي في هؤلاء إسوةٌ! قال: فجللت في عينه جداً.

2 - يروى عن وفد خليفة المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه طلب الإذن بالحديث فأذن لهم فقام فيهم فتى صغير فتحدث وشكى بفصاحة تامة حال أهله وقومه
فنهاه الخليفة قائلاً :
أوليس فيهم أكبر منك فيتحدث
فقال الغلام : لو أن الأمر بالسن لكان هنا من هو أحق منك بالخلافة
فأكرمه الخليفة ولبى حاجته

,,,,

- خامسًا :
ــــــــــ

الرجوع للحق عندما يظهر جليًّا كنتيجة جوار نقدي وعدم المغالاة في العناد لأن الرجوع للحق خير من التمادي في الباطل ولأن حظ النفس عند صاحبها كبير ولا يقوى على شكمها ولجمها إلا من أوتي الحكمة وحسن التصرف

وللأمانة فإن هناك من الأمثلة مئات وألوف تنفع أكثر من هذين في هذا الموضوع
إنما تعمدت ذكر مثل هذين المثالين ( في الفقرة السابقة ) لكي يعلم المرء أن الحق أحق أن يتبع
فعندما كانت الإجابة مسكتة في كلا المثالين
قبلها السامع بكل سرور وأثنى على صاحبها وأكرمه , ولم يتنعت في وجهه وتمادى في الاستنكار أمام جلاء الحق ونصعته
وإنما تعمدت مثل هذا كي أوجز في عملية نقل المعلومة من فقرة إلى أخرى
وإلا فإن هناك الكثير مما يمكن قوله في هذا المجال
ولعل من أجمل مايقال في هذا المقام :
ما عرف عن علي كرم الله وجهه من علم غزير في كل العلوم مع التزامه التام بواجباته نحو ربه ودينه
فيروى أن يهوديًّا أراد تأخيره عن الإمامة في إحدى الصلوات فسأله :
يا أمير المؤمنين , أي البهائم تلد وأيها تبيض , ظاننًا أنه إنما سيؤخر أمير المؤمنين فتفوت الصلاة بينما علي يعدد له أنواع الحيوانات والطيور والأسماك
فما كان له من إجابة عند علي كرم الله وجهه إلا أن قال له :
( كل ما له أذنان يلد )
وقام إلى صلاته
فهل امتنع اليهودي وهو ذلك القاصد أصلًا النيل من علم علي وتأخيره عن صلاته , هل امتنع عن الأخذ بعلم أمير المؤمنين وظل يجادله شهورًا ؟؟
بل ومن نافلة القول أن مثل هذه الإجابة لهي ضرب من ضروب الإعجاز اللغوي والعلمي في آن معًا , ولايزال العلم إلى يومنا يفسر هذه المقولة حيث ثبت منذ فترة ليست ببعيدة أن الحوت الأبيض الذي يتكاثر بالولادة له أذنان ومجرى سمع يختفيان داخل تجويفه السمعي
ومن الجدير بالذكر أن السائل قد اكتفى بما وصله من الرد فأنصت وأطاع ولم يتعنت
أم ترانا نفتقد إلى مثل هذا في الرجوع عن زللنا وأننا نفتقد للأسوة الحسنة في السمع والقناعة

,,,,,,,

وافر ودي
ولي عودة للمتابعة

مأمون المغازي
15-09-2007, 02:03 PM
الأحبة الكرام ،

الدكتور : عمر جلال هزاع ،
كل الشكر لك على هذه الاستفاضة الماتعة التي أتيت فيها بالأمثلة والنقول بما يفيد ويمتع ، وأشكرك لاقتباسك من كلامي الذي استشهدت عليه بما أوردت ، ولكننا نفتق في القضايا الجزئية التي ربما كان استحضارها لحاجات في النفوس سعينا لإثبات بعضها ، ونفي البعض عن أنفسنا ولا حاجة لنا بها أن تكون في الأساس في هذا الباب فلها بابها الذي تطرح فيه ، فكون الموضوع المثار حول أحقية الكاتب بنصه وأحقية الناقد ، فهذا أمر دفعنا إلى التحدث عن طاقة الناقد التي يمكن له بها أن يتعامل مع نص غيره ، وأعود فأكرر قولاً قلته ، فإن كان الكاتب ممن لهم ملكة النقد فهو الحابس لنصه الممتحن خصاله ، قلت هذا على اختلاف الصياغة وهذا أمر لا يحتاج إلى كثير استشهاد حوله فالشواهد لا تنتهي ، فإن أتينا بها هنا فلأحد أمرين ، الاستعراض ، أو التعليم ، أما الاستعراض فأمره مرفوض ، وأما التعليم فليس لشاعر أو أديب أن يقدم قوله على أقوال غيره ويمدح نفسه بأنه أتى بما لم يأت به غيره وأنه المقدم وأن من لا يفهم تراكيبه فهو الجاهل الجاحد ، وأن من يفهمها ويلم بذخائرها فهو المقدم المطبوع صاحب العلم والذوق ، وهذا إذا كان القول في حد ذاته يملك طاقات التفرد ، والثراء اللغوي والبلاغي ، أرى أن صاحب الحق في تقديم هذا المديح هو صاحب الرأي فإن فعلها صاحب البيت أو العبارة فهو الظالم لقوله ، الظالم للناقد ، الشاتم بغير داعٍ ، وأنت مبرأ عندنا من كل هذا .
نعود للنقد وما نحن إلا متعلمين في مدارس الكبار ، وعلم النقد لم يأتِ أحد على مشاربه ، ولم يحط به علمًا من قضى العمر ناهلاً ، وهيهات أن يعطي الذوق كل مخزونه ، وأن تعقر العبارة عن الدلالات . فإذا كان النص لصاحبه وهو فوق قبره فما بال النص وصاحبه مقبورًا ؟!
النص بمعزل عن صاحبه حالة إبداء الرأي فيه تحت أي مستوى من النقد والرأي ، والنص الذي يحتاج لصاحبه هو النص الأخرس الضال لأن النص يسافر دون تأشيرات وله أن يعرف عن نفسه مفصحًا عما لديه مبلغًا رسالته ممتعًا بها ، فإن أعجم النص عن البيان محتاجًا لصاحبه يفسره فهو المرذول الذي يشي بصنعة صانع غير مجيد ، أما النص الذي يكشف عن ذخائره ويخفي بالحلية جمالاً فهو الحامل جمالاً فوق جمال يغريك تفقده ، وهذا رائع القول تكشف لك الصورة عن دلالاتها ، وتنبي اللفظة في التركيب بأروع من ذاتها الفردية ، ويبقى قول الله العلي المتفرد فاللفظة فيه ذات ومتممة ، فإن كان اللفظ في التركيب القرآني من النوادر القرآنية فكيف بنا نوازيه بأقوالنا ، ولست أرى غير قول الله قد تمت صياغته ، ووفي كل زمن تمت معانيه ، أما ما نقوله نحن فمحمول على القبول والرد ولا ريب في ذلك .
أما أدوات الناقد فلا ريب أن أستاذنا الدكتور حسان قد أتى لنا بأغلبها ، بيد أن الانصياع بالطاعة وإعلان التوبة ممن خالف رأيه رأي من اعتقد أنه أتى على العلم مالكًا فنحن نختلف بعض الشيء مع أستاذنا ، فليس الرأي الفرد بحجة ، وعلى من استشهد أن يطابق الاستشهاد ما استشهد به عليه ، لكن على من سلك دربًا وأجمعت الآراء على قصور غايته وسوء مراده ، فالانسحاب الجميل خير من التمادي ، فإن كان ذا رأي وجيه فليدم النقاش عامًا ولا ضير بل الفائدة أعم وأشمل .
أيها الأحبة ، لصدورنا أن تتسع للنقاش ، واختلاف الرأي لا يفسد ودنا ، فرب قول بات لفظًا ليصبح درسًا وعلمًا ، ومن ارتجى بقوله وجه الله ما بارت تجارته .
الود والمحبة

عطاف سالم
15-09-2007, 03:00 PM
النص ملك لصاحبه لا يملك أحد نسبته إلى نفسه ، ولا الناقد ، أما الناقد فهو المقدم للنص الفاتح لبعض مغاليقه خدمة للقراء ، لذلك نجد من النقاد من يقدم أكثر من رؤية معتمدًا في ذلك على التفكييك والبناء ، ولا يمكن لناقد أن يقدم رؤية في عمل إلا إذا عاش العمل ، ولا أقول عاش التجربة لأن التجربة ملك للأديب سواء كانت حقيقية أم ابتكارية ، أما الناقد فيقف على روح النص أولاً ثم يتوغل في مساحاته ويرتقي مدارجه ، مفندًا ومفصلاً ، وبالتالي تظهر علينا عدة أنواع من النصوص يلمحها الناقد من حيث انغلاق الموضوع أو انفتاحه وبالتالي يقع البعض من النقاد في المغالطة التاريخية بحيث يقدم الناقد قراءة نقدية مفتوحة في نص مغلق ، أو قراءة نقدية مغلقة في نص مفتوح ، أما الأوجب فهو مطابقة القراءة لحالة النص

لا شك - أستاذ / مأمون - أن الناقد الجيد الذي يملك مفاتيح النقد ويحسن ادارتها لفتح مغاليق النص هو يقصد من وراء ذلك خدمة القراء والنص وكذا خدمة صاحب النص .
والناقد المثقف نقديا , الملم بكل المناهج النقدية وقبل ذلك كما أشرت سلامة الطبعة وقوة الموهبة هو المؤهل والمصدر لتولي النصوص وتناولها ..
إنما ما هو النص الذي يستحق منا النقد هناك نصوص غارقة في الرمزية التي ينحو نحوها الحداثيون ظنا منهم أنها غاية في الإبداع , وهي في رأيي نصوص مغلقة ومغرقة في الإيغال وبالتالي أي ناقد يتصدى لها هو حارث في البحر مالم تكن لديه رغبة أصيلة أو مصلحة تجمعه من وراء هذا النقد .
وهذا نوع من النصوص !!
نوع آخر على الضد تماما تجده فقير اللغة .. فقير الصور .. مستجلب .. متكلف فهو إما تعبير تقليدي أو مجرد نظم علمي بحت خلا من الخيال وصوره ..
لكن مع هذا يمكن القول أنه متى ماشعر الناقد بانسجام بينه وبين النص ووجد فيه مايمكن أن يقال حوله بحيث يبرز سماته الدفينة ويفسر بعض رموزه ولو كان غارقا في الرمزية أو كان تقليديا لاجديد فيه فيمكن القول حينئذ أن هذا الناقد استطاع أن يصنع من اللاشيء شيئا بما يملك من رؤى مختلفة ينظر بها في النص فيبدع في اخراجه للنور , ويبدع في كشفه بصورة جلية جدا ربما تتفوق على النص نفسه وترفعه عاليا .
لكن يقفز للذهن سؤال حينئذ ترى مافائدة خدمة نصوص غير خادمة , أو لاقيمة لها فنيا أو أدبيا أو حتى اجتماعيا ؟؟؟
ويمكن القول أيضا أن النقد وإن كان بعيدا عن روح النص إنما تظل هذه وجهة نظر نقدية أيضا قد يأخذ بها أحد الدارسين ويبني عليه دراسته في تحليله واستنطاقه للنصوص المدروسه لديه .
إنما لايمكن اعتبارهذا النوع من النقد هو نقد جيد , أو هو نقد يمكن القول عنه أنه لصيق بالنص حتى كأنه هو نفسه لكن بصورة أوسع وأشمل وأجلى وأظهر.
وبالكلية يظل النقد كما تفضلت في ظل تشرذم وتعدد مناهجه واختلاف الآراء حولها يظل يحمل مدلول النقد مادام الغرض منه هو التعرض للنص بأي صورة وبأي منهج أو نظرية
أما بالنسبة لقولك :
ولست مع أن الكاتب هو الوحيد القادر على نقد عمله وفك رموزه ، وإلا توجب على كل كاتب شرح عمله وتقديم مفاتيحه ، لكن يبقى النص القوي بيئة صالحة للإثمار كلما عرض النص على القاعدة النقدية التي هي بدورها تقدم التحليل وفق إطار ضيق وفقًا لتعدد الاتجاهات النقدية

فأنا لم أخالفك الرأي في النص إنما قلت أن المبدع هو أدرى بنصه وبما يعتلجه من معاني تكتنهه , وهو من يملك الحل لفك الرموز وإعطاء أجوبه شافيه تحليلية تعليلية توضح سبب تخيره لبعض المفردات أو التراكيب أو القوالب دون غيرها خاصة إذا كان يملك من أدوات النقد ماتؤهله ومن الثقافة مايصدره .
عندئذ يكون كاتب ناقد بصير أحق بنصه من ناقد غير بصير لكن هل ياترى يقبل الناس نقدا تحليليا لنص أدبي كتبه صاحب النص نفسه ؟
لا أظن أن الناس تقبل هذا حتى لو كان الكاتب الناقد على جانب كبير من الخبرة والقدرة والملكة والثقافة .
وهذه سنة يلحظ العمل بها والإقبال عليها مع الأسف الشديد !
ومع ذلك لايستغني الكاتب ولا الناقد عن بعضهما البعض فكلاهما يقدم للآخر مايرفع من عمله ومن شهرته واسمه .
وكما تفضلت أيضا أن النص القوي بيئة صالحة للإثمار وسبق لي أن أشرت كذلك أن النص المثور .. النص الغني هو من يتطلب النقد ويستحقه من ناقد جيد يملك من البراعة والبيان مايملكه الكاتب نفسه وزيادة من جهة علمه بالنقد .
وفي المقابل فإن الناقد الجيد هو الأحق بالنص مادام كاتبه لايفهم أسرار أو أبعاد نصه اللغوية أو الصورية بل يحسن عليه أحيانا الاسترشاد بناقد ينتقي له من الصور والمفردات والأساليب من يستطيع بها إخراج تعابيره وأفكاره في صورة أصدق وأكثر تعبيرا وفي منتهى العفوية والسلاسة والطلاقة .
فإذن هي مسالة نسبية
ولي عودة

عطاف سالم
15-09-2007, 03:44 PM
فإن الشق الثاني من حوارنا في هذا المجلس
هو حول هذا
فكما أن للكاتب حق ملكية النص والدفاع عنه ضد قصيري النظر و عديمي الإدراك , إلا أنه عليه واجب الاستماع إلى وجهة نظر النقد
طالما أن هذا النقد له أسلوبه الواضح و أداته في تقويم العمل والرقي به
حياك الله أخي الفاضل د/ عمر
نعم أتفق معك تماما في أن الكاتب له حق وعليه واجب فحقه الدفاع عن نصه مادام هو الأقدر على فهمه والأقدر على تعليل ماجاء فيه من صور وأساليب بحيث انه يملك القدرة من بعد على اقناع القاريء والناقد معا بالحجج والبراهين حتى أنه لتبرز ثقافته الأدبية والعلمية فعندئذ يمكن للناقد أن يصدق معه ويقترب من روح نصه ويكون هو وإياه على خط سواء وفي المقابل عليه مسؤولية عظيمة مادامت نصوصه تخرج للناس فله أن ينتقي مادة نصه بحيث تكون غنية وقيمة وثرية .
وبالنسبة للناقد فله أيضا حق الدفاع عن نقده مادام يقدم الحجج والبراهين لماتوصل إليه في محاولة منه لإقناع الكاتب ... لكن على الناقد أن يتقبل وجهة نظر الكاتب حول نصه إذا خالف النقد مايقصده ..
ومن جهة أخرى هناك أيضا مسؤولية على الناقد بما سبق الإلماع إليه منك ومني ومن الأديب مأمون المغازي والتي على رأسها العلم بأصول النقد والإلمام بمناهجه ومعرفة طرائقه وعلومه وزواياه فضلا عن الموهبة وسلامة الطبع ...
وهذا شق في محاور المقال هنا ..
يبقى لدينا أي النصوص جديرة بالنقد وأي النقاد جديرون بتلك النصوص ؟؟
ومن أحق بالنص من الآخر أم هي عملية مشتركة ؟؟
ولا يفوتني في النهاية هنا أن أشكرك جزيل الشكر على ما أمتعتنا من شواهد بيانية رائقة جدا كان بودي احضارها لكن كنت قد كفيتني إياها خاصة تلك المتعلقة بتحليل الإمام عبدالقاهر الجرجاني الذي هو رأس المدرسة التحليلية في البلاغة والنقد ..لنتعلم منه نحن النقاد الصغار كيف يتم التعامل مع النص ومن أي الزوايا يتناول ويبدأ فيحلل وكيف تنقل وجهة النظر النقدية من مرحلة التأمل والإختمار أو الاعتمال إلى مرحلة الإبانة والكشف في منتهى البراعة والبيان وفي صورة تحليلية مقنعة تتناول جميع جهات النص بمحاسنه ومثالبه وهي دروس في النقد التحليلي جد عالية الجودة تلفت الانتباه وتملك الوجدان لشدة سيطرتها وتأثيرها.
لقد أمتعتنا كثيرا بسردها وتعلمنا منها وبعثت فينا من جديد روح عبدالقاهر يرحمه الله الذي أعتبرنصوصه مقدسة بالنسبة لي .
تحيتي وكل تقديري
ولي عودة

د. عمر جلال الدين هزاع
15-09-2007, 06:50 PM
بورك فيك أديبتنا المكرمة عطاف
كنت أنوي المتابعة معك هنا في هذا الموضوع لمزيد من تفصيل في مقومات الناقد الحق
و الكاتب الحق
ومن هو الأحق بالنص
ولكن يبدو أن التفاصيل و الأمثلة قد سببت الملل
ولذا فإنني أستأذن منك بالمتابعة فقط
لأنني قد خيل إلي لقلة فهمي أنني قرأت مثل هذا :


وليكن الاستشهاد نصًا يخدم الرأي


في رد سابق فامتثلت له وقدمت ما يفيد
ولكن يبدو أن هذا يعني غير الذي فهمته
فلك ودي
وتقديري

عطاف سالم
15-09-2007, 07:15 PM
بورك فيك أديبتنا المكرمة عطاف
كنت أنوي المتابعة معك هنا في هذا الموضوع لمزيد من تفصيل في مقومات الناقد الحق
و الكاتب الحق
ومن هو الأحق بالنص
ولكن يبدو أن التفاصيل و الأمثلة قد سببت الملل
ولذا فإنني أستأذن منك بالمتابعة فقط
لأنني قد خيل إلي لقلة فهمي أنني قرأت مثل هذا :


وليكن الاستشهاد نصًا يخدم الرأي


في رد سابق فامتثلت له وقدمت ما يفيد
ولكن يبدو أن هذا يعني غير الذي فهمته
فلك ودي
وتقديري


أخي العزيز / عمر هزاع
يبدو أنك قد فهمت خطأ فمازال الحوار مفتوحا فليدل كل بدلوه فيما يتعلق بأحقية النص في ظل تمكن الكاتب من عدمه أو تمكن الناقد من عدمه أيضا ..
في مقالي هذا أخي الفاضل كان سؤالي خارجا عن معناه الحقيقي إلى غرضين أولهما : الإقرار بأحقية النص لكاتبه في ظل انعدام ناقد جيد وثانيهما : الاستنكار على الكاتب احتكار نصه في ظل وجود ناقد أجود .
ويبقى النص هو مدار السؤال من هو الأحق به ؟؟
ومن هو الأجدر بكشفه وإخراجه للناس ؟؟
أم هي عملية مشتركة في ظل تحاور جاد وتفهم واقتناع بين كاتب النص وناقده ؟؟؟
فمازلت الحوار ومازالت القضية مفتوحة ...مع ترجيح أن الكاتب المبدع الذي يملك أدوات النقد ويملك من الثقافة والموهبة وسلامة الطبع وقادر على تحليل نصه وفك أسباره وتعليل غوامضه وتفسيرها يظل هو الأولى بنصه من ناقد لايفقه في النقد شيئا ..
بانتظار عودتك الماتعة وآرائك القيمة ..
مع كل تحيتي وتقديري

محمد إبراهيم الحريري
15-09-2007, 07:56 PM
من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟

سؤال قد يجيب عليه المبدع الكاتب بأنه هو الأحق به !
وقد يجيب الناقد أنه هو الآخر الأحق به من وجهة نظره الشخصية !
ولكن لننظر بشكل موضوعي ومحايد ونطرح في المقابل هذا السؤال :
هل من حق الناقد ممارسة وصايته على الكاتب أو نصه بحيث يوجهه إلى حيث مايراه هو مناسبا أو أفضل من وجهة نظره الانطباعية التأثريه البحتة , واسقاطاته الخاصة والتي لايخلو أي ناقد من فرضها وسيطرتها على النص ؟
أقول ليس من حق أي انسان كائنا من كان أن يمارس وصايته على آخر كائن من كان أيضا..
فكيف بناقد يمارس وصايته على مبدع كأن يقول له : قل ولا تقل , واختر ولا تختر , وتجنب ولا تتجنب ...الخ هذه الصور السلطوية التي يمارسها الناقد وإن اختلفت الصياغات والضروب ؟!
فالنص حقيقة هو ملك لكاتبه , وهو الوحيد الذي يعلم أبعاده النفسية والتاريخية واللغوية , وهو الأمين الوحيد على أسراره التي هي خلف السياقات والتراكيب والنظم , وهو ما يعرف بماوراء المعاني أي العلاقات التي تكون بين الجمل والتراكيب من حيث التأقلم والإنسجام والتآلف , أو من حيث التنافر والتباعد وعدم الانسجام .
والمبدع أو كاتب النص هو الوحيد الذي يحسن الإجابة عن سبب اختياره لمفردات المنهج في نصه بدءا من العنوان , والمطلع , ولغة النص , وسياقه , وصوره , وبسطه , وانتهاءا بختامه.
وهو الوحيد القادر على فك أسرار النص , وفهم رموزه , وتفتيق معانيه بصوره لايدرك أبعادها أي ناقد مهما أوتي من أدوات .. لذلك يقال أن كل شاعر هو ناقد وليس كل ناقد هو شاعر سواء أكان المقصود شاعرا بالمعنى القريب إلى الذهن أو المعنى البعيد ..
وبالتالي فإن المبدع هو الوحيد القادر على تحليل ونقد نصه , وتقويمه والأخذ بالأجود من مفردات منهجه في النص كأن يكون بيده مفاتيح التخير والترك , وأصول المقارنة والمفاضلة بين جيد وأجود ورديء وأقل رداءة بحيث بإمكانه حينئذ التعديل أو الحذف والإضافة بحسب مايراه هو مناسبا لشعوره واحساسه الذي يريد التعبير عنه .
فتجربة الكاتب أو المبدع الشعورية لايعيش معها الناقد , وتجربة الكاتب أو المبدع التعبيرية لايحسن أن يمليها الناقد عليه , فكلها ملك للمبدع نفسه لأنه هو المحيط لكل أبعاد النص وظروفه , وهو المحيط لكل أبعاده هو وظروفه .
فهل بعد أحقية النص وملكيته لكاتبه يمكن أن يحق لأي ناقد أن يفرض سلطويته ويمارس وصايته على النص وكاتبه ؟؟
إنما يمكن القول أن الناقد له حق هذه الوصاية في حالة واحدة فقط - إن تقبلنا هذا المصطلح أصلا - وهي إذا كان هناك خطأ تاريخي كبير وقع فيه المبدع سواء أكان خطأ تاريخي سياسي أو ديني أو اجتماعي أو اقتصادي أو غيره من القضايا التي يرتبط بها التاريخ بصورة هامة جدا ..
ومن ثم فمن حق الناقد أن يبين هذا الخطأ في قالب موضوعي بعيدا حتى عن تحكم الذات والهوى ,أو الإنسياق وراء التعالي والعنصرية إنما في أدب حواري راق وسام وبالحجج والبراهين وليس مجرد سرد نقدي أجوف أو غير مقنع لأن الهدف حينئذ يكون هو بيان الحق للكاتب ليس إلا .
أما فيما يتعلق باختيارات الكاتب المتعددة والمتباينة في نصه فليس له الحق فيها أبدا , إنما من حقه فقط أن يحلل ويفسر ويتساءل ويبدي رأيه حول لغة الكاتب وتراكيبه وصوره ..
وإذا كان له من رأي أو تعقيب حول النص فعليه أن يتبع الأسلوب الأمثل في النقد وهو إبداء الرأي مع ترك الحرية للمبدع أو الكاتب كأن يقول له مثلا : هذه اللفظة أو هذا التركيب أو هذه الصورة لو استبدلتها بكذا يكون أفضل ثم لايكتفي بهذا فقط إنما يفصل في وجهة نظره هذه ويقدم أسبابه في تفضيلها فإن اقتنع الكاتب فله ذلك , وإن رفض فمن حقه ولاسلطان عليه .
ومن ثم يعد من نافلة القول أن يعتبر الناقد المتجرد من أي موضوعية أو المتجرد من ملكات النقد وأدواته بكل مناهجه التاريخية والنفسية واللغوية فضلا عن المنهج المتكامل هو ناقد فاشل , لأنه لايملك الأسس الأولية للنقد بحيث يجعله يتخلص من فرض وصايته والتي قد تكون منطلقة من عناصرعدة أهمها الانطباعية البحته فضلا عن فرضية الذات والأخطر من ذلك فيما لو كان الناقد على خلاف مع المبدع فإنه عندئذ لايحكم على النص إلا من خلال نفسه المجردة وأهوائها المتحكمة والمسيطرة .
وهنا يسقط الناقد من حساب الأدب بالكلية .
الأخت الأديبة الناقدة عطاف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما قبل : فقد سهرنا مع أدبك الناصع حروفا امتدت من أفق البيان حتى فلق الرؤية ، فكنا معه على طرفي تقدير وإعجاب ، فما نثرت لحظة إلا أدبا ، وما قلت إلا ما ينجد الذائقة بجيش معان تشرفت بها النصوص جلالا .
وأما بعد :
وهو رأي شخصي لا يقال فيه إلا ما بينت سابقا من وجهة نظر ربما تخالف أو توافق رؤى الآخرين ، وهو أن النص يكون ملكا لصاحبه مثل الكلمة بالجوف حتى تخرج للسمع ، وهنا للمتلقي أن يبدي إعجابا ، أو يفنده حيث ذهب به الخيال ، ولا أرى حرجا من أي ناقد لطرح رأيه بموضوعية خالصة تجاه أي موضوع ،
ولكن ألا يصادر الرأي باي مسمى يطرح ، فللناقد حرية التعبير بلا مصادرة للراي الآخر ، وهذا ما يجعل الرؤى تتجاذب حروفا ، وتصبح النصوص ملكا للآخرين رؤية قلم ، بل أرى أن السير في النقد بحسب الذائقة المميزة لصاحبها تشيع بالنص روح الحركة ، وتبعث الطمأنينة في الأقلام .
بعيدا عن التعسف الفكري ، ونبذا للذاتية وتصفية مواقف هي بظن القلوب موجودة .
وأما إن كانت الموضوعية سبيلا للنقد فهي المطلب لكل من أجرى القلم على صحيفة خياله .
لأن الناقد ربما يرى بالمعنى ما لا يراه الكاتب وهنا تتفتح آفاقا بعيدة للنص ، ومهما كانت رؤيته إن أخطأ فله الشكر ، وإن اصاب فله التحية على تجشمه وعثاء الصبر على القراءة للنص .
أمنيتي ألا يفهم كلامي إلا من خلال رأيي شخصي يحب النقد حتى لو كان شظاياه تلوكها الأقلام على مر البيان .
ولنا تجربة بذلك نحن أعضاء رابطة الكويت بذلك ، وليلة الأمس كنا بجلسة نقدية لنصوص ثلاثة ، اولاها قصيدة للشاعر وائل ابو حمزة ، والثانية لقصيدة لي ، وثالث الوقفات النقدية كانت مع الأديب مأمون المغازي ، وكل رأى ما يراه الكاتب بنصه ، حتى استمرت الجلسة لساعة طاولت السحور ظمأ لنخب إضافي من الأدب الجاد .
أحييك أيتها الأديبة ، وليكن النقد طريقا لتفتح رؤى جديدة .

عطاف سالم
16-09-2007, 04:50 AM
الأخت الأديبة الناقدة عطاف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما قبل : فقد سهرنا مع أدبك الناصع حروفا امتدت من أفق البيان حتى فلق الرؤية ، فكنا معه على طرفي تقدير وإعجاب ، فما نثرت لحظة إلا أدبا ، وما قلت إلا ما ينجد الذائقة بجيش معان تشرفت بها النصوص جلالا .
وأما بعد :
وهو رأي شخصي لا يقال فيه إلا ما بينت سابقا من وجهة نظر ربما تخالف أو توافق رؤى الآخرين ، وهو أن النص يكون ملكا لصاحبه مثل الكلمة بالجوف حتى تخرج للسمع ، وهنا للمتلقي أن يبدي إعجابا ، أو يفنده حيث ذهب به الخيال ، ولا أرى حرجا من أي ناقد لطرح رأيه بموضوعية خالصة تجاه أي موضوع ،
ولكن ألا يصادر الرأي باي مسمى يطرح ، فللناقد حرية التعبير بلا مصادرة للراي الآخر ، وهذا ما يجعل الرؤى تتجاذب حروفا ، وتصبح النصوص ملكا للآخرين رؤية قلم ، بل أرى أن السير في النقد بحسب الذائقة المميزة لصاحبها تشيع بالنص روح الحركة ، وتبعث الطمأنينة في الأقلام .
بعيدا عن التعسف الفكري ، ونبذا للذاتية وتصفية مواقف هي بظن القلوب موجودة .
وأما إن كانت الموضوعية سبيلا للنقد فهي المطلب لكل من أجرى القلم على صحيفة خياله .
لأن الناقد ربما يرى بالمعنى ما لا يراه الكاتب وهنا تتفتح آفاقا بعيدة للنص ، ومهما كانت رؤيته إن أخطأ فله الشكر ، وإن اصاب فله التحية على تجشمه وعثاء الصبر على القراءة للنص .
أمنيتي ألا يفهم كلامي إلا من خلال رأيي شخصي يحب النقد حتى لو كان شظاياه تلوكها الأقلام على مر البيان .
ولنا تجربة بذلك نحن أعضاء رابطة الكويت بذلك ، وليلة الأمس كنا بجلسة نقدية لنصوص ثلاثة ، اولاها قصيدة للشاعر وائل ابو حمزة ، والثانية لقصيدة لي ، وثالث الوقفات النقدية كانت مع الأديب مأمون المغازي ، وكل رأى ما يراه الكاتب بنصه ، حتى استمرت الجلسة لساعة طاولت السحور ظمأ لنخب إضافي من الأدب الجاد .
أحييك أيتها الأديبة ، وليكن النقد طريقا لتفتح رؤى جديدة .


لقد ازدهى المتصفح بمرورك أيها الشاعر الأديب الراقي والأخ العزيز الغالي / محمد الحريري
فبارك الله في ريح صبا ساقتك إلى هنا
ويالسعد مقالي وقد تفلت انفعالي
تمعنت في أسطرك كثيرا وجيدا جدا ..
لكن يبدو أن كل المارين من هنا يظنون أنني ضد النقد ..
فأي عاقل يمج فكرة انتقاد نصوصه ؟؟
بل أي نوع من المجانين هذا الذي يمنع نصه من حقة النقد ويصادر آراء الآخرين حوله ؟؟
محور المقال هو :
من الناقد الجدير ؟! ومن أحق بالنص في ظل افتقاد ناقد جيد يسيء إليه أكثر مما يبقيه على الأقل على حاله دون تحريف أو تشويه ؟!
سأناقشك في نقطتين فقط :
أولهما قولك :
فللناقد حرية التعبير بلا مصادرة للراي الآخر
نعم ... بلامصادرة للرأي الآخر
وأقول في مقابله : وللكاتب حرية التعبير بلا مصادرة لرأيه خاصة فيما يتعلق بمصداقيته في نصه المكتوب
ثانيهما قولك :
لأن الناقد ربما يرى بالمعنى ما لا يراه الكاتب وهنا تتفتح آفاقا بعيدة للنص ، ومهما كانت رؤيته إن أخطأ فله الشكر ، وإن اصاب فله التحية على تجشمه وعثاء الصبر على القراءة للنص .


نعم جهد الناقد محمود على كل الأوجه لكن بشرط ألا تاخذه العصبية لرأيه خاصة عندما يخطأ خطأ فادح في حق النص فيخرجه عن معناه الحقيقي ومايرمي إليه إلى معنى آخر مخالف ومغاير.. بل ومحرف بالكلية مالم يكن مشوها !!
بل عليه أن يتوخي الدقة والإنصاف والموضوعية في تجرد من الهوى والذاتية مع الإذعان للصواب في حال بروزه شمسا واضحة ..


أحييك أيتها الأديبة ، وليكن النقد طريقا لتفتح رؤى جديدة


وأحييك أديبا فاخرا يعتز به كل عضو ووارد وزائر على هذه الواحة بل وحتى كل شارد عنها ...
إنما مازلت أؤكد من جديد أنني لست ضد النقد أبدا .... ولكن مع تصحيحه وتقويمه وتوجيهه ونقده أيضا وليس مع تقبل غثه وغثيثه وخبطه وعشوائه
أسعدني جدا مرورك الرائع مثل روعة بيانك أيها الشامخ هنا
حييت أهلا ونزلت هنا سهلا

محمد إبراهيم الحريري
16-09-2007, 06:18 PM
الأخت الأديبة عطاف
تحية طيبة
ما أردت بقولي المقتبس إلا تأكيدا على رؤيتك الموضوعية للنص نقدا ومن قبله شعرا ، فللقارئ أن يرى من خلال بصيرته ماشاء بلا مصادرة لرأي ، أو تخشب بنظرته لما هو من القشور أقرب ، وللكاتب أن يقول ما يراه عبر ذائقة خياله ضمن أطر الأدب والخلق .
ما ابتعدت أبدا عما قلت أيتها الفاضلة .
شكرا على كل حرف ظهر للملأ طاهرا جلي القصد .
أحييك من جديد

عطاف سالم
16-09-2007, 06:41 PM
الأخت الأديبة عطاف
تحية طيبة
ما أردت بقولي المقتبس إلا تأكيدا على رؤيتك الموضوعية للنص نقدا ومن قبله شعرا ، فللقارئ أن يرى من خلال بصيرته ماشاء بلا مصادرة لرأي ، أو تخشب بنظرته لما هو من القشور أقرب ، وللكاتب أن يقول ما يراه عبر ذائقة خياله ضمن أطر الأدب والخلق .
ما ابتعدت أبدا عما قلت أيتها الفاضلة .
شكرا على كل حرف ظهر للملأ طاهرا جلي القصد .
أحييك من جديد

أسعد الله مساءك أيها الأديب الراقي ...
فللقارئ أن يرى من خلال بصيرته ماشاء بلا مصادرة لرأي ، أو تخشب بنظرته لما هو من القشور أقرب وللكاتب أن يقول ما يراه عبر ذائقة خياله ضمن أطر الأدب والخلق
أنت تعبر الآن بلسان حالي ومقالي ..
حييت أيها النبيل الفاضل ..
نعم الرأي رأيك
نعم مع الناقد دون فرض وصاية منه على الكاتب ودون تعصب ولا تخشب ولا مصادرة لرأي
بينما القاريء العادي أصلا لم يكن مقصودا في مقالي .
ونعم مع الكاتب ومع أحقية الدفاع عن نفسه في حال وجود ناقد يفتقد ماسبق الإلماح إليه بحيث يظهر وصايته في تبطر وعن جهل
ويبقى القول الحق المقارب لروح النص والذي يظهره بأجل صورة وبأبهى بيان هو المأخوذ والمعمول به سواء أكان لناقد أو لكاتب ...
تحيتي أغزلها لك من وهج الشمس ..
أحييك أديبا أريبا وشاعرا فحلا
والشكر لك قلبا وقلما

أحمد الرشيدي
16-09-2007, 07:00 PM
الفاضلة الموقرة الأستاذة عطاف حرسها الله

سبق أن مررت هنا ، ولكني لم أمعن النظر ، ووالله إني لأضن على وقتي وعرضي على أي شيء ، فليس كل أحد يُحاور ، ويُناقش اللهم من تَثق بعقله ، وتَأمن لسانه ، ولولا أني أراكِ كذلك لَمَا خططتُ حرفا هنا ، فيا أستاذتي لو كان غيرُكِ لاكتفيتُ بهذا الرد ( لا تعليق ) على تساؤلكَ الأول الذي فتح هذه الصفحات ، وهو قولكِ :

" من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟ ". فقد وجدتُكِ بدأتِ بسؤال ، ثم انتهيتِ بمسلمة ، وهو قولك :

" والمبدع هو الوحيد ... وهو الوحيد .. وهو الوحيد ، ثم استثنيتِ حالة واحدة " إنما يمكن القول أن الناقد له حق هذه الوصاية في حالة واحدة فقط - إن تقبلنا هذا المصطلح أصلا - وهي إذا كان هناك خطأ تاريخي كبير وقع فيه المبدع سواء أكان خطأ تاريخي سياسي أو ديني أو اجتماعي أو اقتصادي أو غيره من القضايا التي يرتبط بها التاريخ بصورة هامة جدا .." .

ألستِ صاحبة النص ، وهو ملككِ ، فلماذا أدلي برأي أنا ؟! وعلى أي شيء كان يقام سوق عكاظ ، وماذا كان يفعل النابغة ، وماذا كان يفعل الجاحظ ...............

يا أختاه صححي السؤال لتحظي بالجواب ، فسؤالكِ في غير محله ، ولو أنه عُرِض على طلاب النقد ناهيك عن الأساتذة ، وهم يعلمون من كتبه لعجبوا كيف طرحتِ هذا السؤال بهذه الصيغة .

ولكِ من أخيكِ الإكبار والتوقير

عطاف سالم
16-09-2007, 07:32 PM
الفاضلة الموقرة الأستاذة عطاف حرسها الله

سبق أن مررت هنا ، ولكني لم أمعن النظر ، ووالله إني لأضن على وقتي وعرضي على أي شيء ، فليس كل أحد يحاور ، ويناقش اللهم من تَثق بعقله ، وتأمن لسانه ، ولولا أني أراكِ كذلك لَمَا خططتُ حرفا هنا ، فيا أستاذتي لو كان غيرُكِ لاكتفيتُ بهذا الرد ( لا تعليق ) على تساؤلكَ الأول الذي فتح هذه الصفحات ، وهو قولكِ :
" من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟ ". فقد وجدتُكِ بدأتِ بسؤال ، ثم انتهيتِ بمسلمة ، وهو قولك : " والمبدع هو الوحيد ... وهو الوحيد .. وهو الوحيد ، ثم استثنيتِ حالة واحدة " إنما يمكن القول أن الناقد له حق هذه الوصاية في حالة واحدة فقط - إن تقبلنا هذا المصطلح أصلا - وهي إذا كان هناك خطأ تاريخي كبير وقع فيه المبدع سواء أكان خطأ تاريخي سياسي أو ديني أو اجتماعي أو اقتصادي أو غيره من القضايا التي يرتبط بها التاريخ بصورة هامة جدا .." .

ألستِ صاحبة النص ، وهو ملككِ ، فلماذا أدلي برأي أنا ؟! وعلى أي شيء كان يقام سوق عكاض ، وماذا كان يفعل النابغة ، وماذا كان يفعل الجاحظ ...............

يا أختاه صححي السؤال لتحظي بالجواب ، فسؤالكِ في غير محله ، ولو أنه عُرِض على طلاب النقد ناهيك عن الأساتذة ، وهم يعلمون من كتبه لعجبوا كيف طرحتِ هذا السؤال بهذه الصيغة .

ولكِ من أخيكِ الإكبار والتوقير


مرحبا برفيق التخصص ورفيق المعلم الواحد / أحمد الرشيدي
أهلا بك ..
ليتك أيها الأديب القدير قرأت كل ردودي لتعلم أن سؤالي وأكرره مره أخرى هو خارج عن معنى الاستفهام الحقيقي وأنت الأدرى بالأسرار البلاغية التي تخرج فيها الأساليب الإنشائية ومنها الإستفهام عن معانيها الحقيقية ...فليس الغرض منه السؤال كما فهمت أنت لأصححه .
ومن ثم لم انتهي مسلمة إنما ألمحت إلى أن الكاتب الجيد الذي يملك ثقافة النقد وأدواته هو فعلا الوحيد الأقدر في ظل ناقد فاشل ..
فماذا بربك قل لي يقدم لي هذا الناقد أو يضيف ؟؟
أفليس الكاتب في هذه الحالة هو الأحق بنصه ؟؟
ومع ذلك فحقه نشر ( تهاويمه ) النقدية على الملأ فلا مصادره لرأيه .. إنما يظل نقدا هشا ويظل ممتهنه مجانبا للصواب مادام لم يستطع اخراج النص بصورة جليه ولاحتى فك غوامضه وتحليلها ..
ويظل كلامه على هامش النص ..
ثم يارعاك الله أين النابغة وأين الجاحظ منا ؟؟
ليتهم يطلعون على ما آل إليه النقد وتحليل النصوص في وقتنا الحاضر ..
أحمد الرشيدي
لقد سعدت بمرورك وتساؤلاتك أيما سعادة ..
دمت بخير
ولعلك تطرح وجهتك النقدية أيضا على د/ محمد الحارثي لتعرف منه أيضا رأيه في الوصاية على النص وكاتبه أهي محمودة أم مذمومة ؟؟
فلربما يقنعك لأنه أستاذك أيضا
تقبل أخي العزيز الفاضل جل تقديري واحترامي
ولك مني تحية خالصة
ورمضان كريم وكل عام وأنت بألف خير

أحمد الرشيدي
16-09-2007, 07:58 PM
الموقرة الفاضلة زميلتي عطاف حرسها الله

تعلمينَ أني أكبرك وأجلك ، ولولا ذلكَ ما دخلتُ معكِ في حوار ، فأنتِ بحق قارئة من طرازٍ رفيع ، وأديبة لبقة تعرف كيف تحاور وتناقش عن علمٍ وأدب وفهم ... ، ولكن آمل منكِ أن تعودي لما كتبتِ أول الأمر ، وتقارنيه بما كتبتِ فيما بعد حينئذ - أزعم - أنَّا في غنى عن سؤال أستاذنا الدكتور محمد الحارثي - حفظه الله وإياكِ - ثم هنالك أمر أيتها الناقدة اللوذعية ، ما لي أراك قد جعلتِ المبدع في منأى عن كل مأخذ إلا أن يكون خطأ تاريخيا كبيرا ... هل هو أحاط باللغة نحوا وصرفا وبيانا وعروضا إن كان مثل أبي العلاء ، فنعم وأما إن كان مثل من نراهم اليوم ، فيا رعاك الله أين من يحسن مثلما كان يحسن المبدعون من قبل ؟! فإننا في هذه الأيام نقرأ نصوصا - أقولها تسامحا - يندى لها الجبين ، ثم نجد من يعلق عليها من أهل الإبداع بما تقشعر له جلود الذين يعون ويفهمون ويتذوقون ...

لستُ مناقشا ، فالنقاش يقتضي تتبع العبارات ، وما تفضي إليه من عموم وتخصيص وإلى ما هنالك ، ولكني أبديتُ رأيا من قبلُ ، فوجدتكِ قد نقضتِ فيه ما كان منكِ في أول كلامكِ إذ إنكِ تكلمتِ هنا عن الشروط التي يجب أن تتوفر في الناقد ، وليس هذا ما كنا نبحث عنه ، وإنما نبحث عن سؤالكِ الأول : " من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟! " هذا هو السؤال الذي طرحتِه ، وجوابكِ عنه ما زال مثبتا بعد أسطر من تساؤالكِ في الصفحة الأولى .

( ما وجهتي النقدية التي استنبطتِها من كلامي لأسأل عنها أستاذنا الحارثي ؟ ) أنا لم أقل شيئا حتى الآن .

أيتها الأخت التي أكن لها كل توقير وتقدير واحترام ألف سلام من الله عليكِ

أحمد الرشيدي
16-09-2007, 08:14 PM
الأخ الفاضل د. عمر هزاع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تحية طيبة وبعد :

فقد قرأتُ نقلكَ عن الإمام عبد القاهر الجرجاني - رحمه الله - وهو ما يلي :
( ولننظر فيما يقوله الجرجاني في هذا البيت :
( فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره )
وهذا كله , لأن الشاعر قد استعار الحافر في وصف قدم ضيفه
فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة
وعلى العكس منها يقع هذا :
مدَّتْ يدي أشواقها مدَا ـــــــــ فازَّاورَ الإلحاحُ و اشتدّا
وهو مطلع قصيدتي ( مولاة قلبي )
فعلى الرغم من أن الأشواق ليس لها يد لكي تمدها معبرة عن لواعج النفس التي تعتمل في حنايا المحبوبة
إلا أنها استعارة فريدة مفيدة
وليس لناقد أن يمر ببيتي هذا فيثلبه
من منطلق أن المستعار له قد اختص باستعارة غير جائزة
لأن الفارق شاسع هنا ) .

ثم وجدتُكَ تقول : ( فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة ) ، فلستُ أدري هل هذا الحكم استنبطتَه من كلام الإمام ، أو هو صريح قول الإمام ، أو أنكَ قلتَ به من عندكَ اجتهادا ؟

تحياتي وتقديري

د. عمر جلال الدين هزاع
16-09-2007, 11:21 PM
الأخ الكريم الرشيدي
تحية محبة وإكبار لروحك النقية الباحثة عن كل خير
ولولا أنك وجهت السؤال إلي
لبقيت عند وعدي مكتفيًا بالقراءة والمتابعة فقط
ولكنني أعود للرد كرمى لحضورك الحبيب , فأقول :

وأما قبل :

فلي معك وقفة أعيد فيها ما جاء بالحرف الواحد مما نقلته من كلام الإمام الجرجاني والذي حددته - قبلًا بالنص و الصفحة - حول ما ذكرت من مثال
وهذا ما جاء في النص بحرفيته ( والكلام للجرجاني ) :
ـــــــــــ

وأما قولٌُ مُزَرِّد:
فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره،

,,,,

ثم إنني من بعد أردت الدخول في المثال المعاكس الذي يشيد به الإمام في سلامة الاستعارة
فذكرت هذا :
( والكلام للجرجاني ) :

ـــــــــــــ

قول لبيد:
وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِـرَّةٍ إذ أصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمَامها
وذلك أنه جعل للشمال يداً، ومعلوم أنه ليس هناك مُشار إليه يمكن أن تُجْرَى اليد عليه، كإجراء الأسد و السيف على الرجل في قولك انْبَرَى لي أسدٌ يَزْئِرُ و سللتُ سيفاً على العدوّ لا يُفَلُّ، و الظباء على النساء في قوله "الظباء الغِيدِ" و النور على الهُدَى والبيان في قولك أبديتُ نوراً ساطعاً وكإجراء اليد نفسها على من يعزُّ مكانه كقولك أتنازعني في يدٍ بها أبطِشُ، وعين بها أبصرُ تريد إنساناً له حُكْم اليد وفعلها، وغناؤها ودَفْعُها، وخاصّةُ العين وفائدتُها، وعزّة موقعها، ولطف موضعها لأنّ معك في هذا كله ذاتاً يُنَصُّ عليها، تَرَى مكانَها في النفس، إذَا لم تجد ذكرها في اللفظ، وليس لك شيءٌ من ذلك في بيت لبيد، بل ليس أكثر من أن تُخَيّل إلى نفسك أن الشَّمال في تصريف الغَداة على حكم طبيعتها، كالمدبّر المصرِّفِ لما زمامُه بيده، ومَقادتُهُ في كفّه، وذلك كلُّه لا يتعدَّى التخيُّلُ والوَهْم والتقدير في النفس، من غير أن يكون هناك شيء يُحَسُّ، وذاتٌ تتحصَّل، ولا سبيل لك أن تقول: كَنَى باليد عن كذا، وأراد باليد هذا الشيء، أو جَعَل الشيءَ الفُلاَنيَّ يداً كما تقول: كَنَى بالأسد عن زيد، وعَنَى به زَيداً، وجعل زيداً أسداً، وإنما غايتُك التي لا مُطَّلعَ وراءها أن تقول: أراد أن يُثبت للشمال في الغداة تصرُّفاً كتصرُّف الإنسان في الشيء يقلّبهُ، فاستعار لها اليد حتى يبالغ في تحقيق الشبَهِ، وحُكْمُ الزمام في استعاراته للغداة حكم اليد في استعارتها للشمال، إذ ليس هناك مشارٌ إليه يكون الزمامُ كنايةً عنه، ولكنه وفَّى المبالغةَ شَرْطها من الطرفين، فجعل على الغداة زماماً، ليكون أتمَّ في إثباتها مصرَّفةً، كاجعل للشمال يداً، ليكون أبلغ في تصييرها مُصَرِّفة، ويفصل بين القسمين أنك إذا رجعت في القسم الأول إلى التشبيه الذي هو المغزَى من كل استعارة تُفيد، وجدتَه يأتيك عفواً، كقولك في رأيت أسداً رأيت رجلاً كالأسد أو رأيت مثل الأسد أو شبيهاً بالأسد وإن رُمْتَهُ في القسم الثاني وجدته لا يؤاتيك تلك المؤاتاة، إذ لا وجه لأن تقول: إذا أصبح شيء مثل اليد للشمال أو حصل شبيه باليد للشَّمال، وإنما يتراءى لك التشبيه بعد أن تَخْرِق إليه ستراً، وتُعمل تأمّلاً وفكرْاً، وبعد أن تُغيِّر الطريقةَ، وتخرج على الحذْوِ الأول، كقولك: إذ أصبحت الشَّمال ولها في قوة تأثيرها في الغداة شَبَهُ المالكِ تصريف الشيء بيده، وإجراءَه على موافقته، وجَذْبَه نحو الجهة التي تقتضيها طبيعته، وتنحوها إرادته، فأنت كما ترى تجدُ الشَّبه المنتَزع ها هنا إذا رجعتَ إلى الحقيقة، ووضعت الاسم المستعارَ في موضعه الأصلي لا يلقاكَ من المستعار نَفْسه، بل مما يضاف إليه، ألا ترى أنك لم تُرِدْ أن تجعلَ الشَّمال كاليد ومشبهةً باليد، كما جعلت الرجلَ كالأسد ومشبَّهاً بالأسد، ولكنك أردت أن تجعل الشمال كذي اليد من الأحياء، فأنت تجعل في هذا الضرب المستعارَ له وهو نحو الشمال ذا شيءٍ، وغرضُك أن تُثبت له حكم من يكون له ذلك الشيء في فعل أو غيره، لا نفسَ ذلك الشيء فاعرفه. وهكذا قول زهير: "وَعُرّيَ أفْراسُ الصّبا ورَوَاحِلُه"
لا تستطيع أن تُثبت ذواتاً أو شِبهَ الذوات تتناولُها الأفراسُ والرَّواحل في البيت، على حدّ تناوُل الأسدِ الرجلَ الموصوفَ بالشجاعة، والبدرِ الموصوفَ بالحسن أو البهاء، والسحاب المذكورَ بالسخاء والسماحة، والنورِ العلمَ، والهُدَى والبيان، وليس إلاّ أنك أردت أن الصِّبا قد تُرك وأهمل، وفُقِد نِزاعُ النفس إليه وبَطَل، فصار كالأمر يُنْصَرفُ عنه فتُعطَّل آلاته، وتُطرح أداته كالجهة من جهات المسير نحو الحج أو الغزو أو التجارة يُقضى منها الوطَرُ، فتُحَطُّ عن الخيل التي كانت تُركب إليها لبُودُها، وتُلقَى عن الإبل التي كانت تُحمَّل لها قتودُها، وقد يجيء وإن كان كالتكلّف أن تقول إن الأفراس عبارة عن دواعي النفوس وشهواتها، وقواها في لذَّاتها، أو الأسبَابِ التي تَفْتِل في حَبْل الصِبا، وتنصر جانبَ الهوى، وتُلهِب أريحيّة النشاط، وتُحرّك مَرَح الشَّباب، كما قال "ونعم مَطيّةُ الجهلِ الشبابُ" وقال "كان الشبابُ مَطِيّةَ الجَهْل" وليس من حقّك أن تتكلّف هذا في كل موضع، فإنه ربّما خرجَ بك إلى ما يضُرُّ المعنى وينْبو عنه طَبْعُ الشعر، وقد يتعاطاه من يخالطه شيء من طباع التعمُّق، فتجدُ ما يُفسد أكثر مما يُصلح

,,,

وجئت بينهما باعتراضية كمثال عن بيت شعر ( خاص بي ) سؤلت عنه أثناء كتابتي لهذا الرد فوضعته هنا من باب مقارنة - ولعلها تجوز - وطلبًا للدعم من رأي وحكم الجرجاني فيما سبق من بيت لبيد ( نظرًا لتشابه وجود استعارة بذات الأداة في كلا البيتين )
أم لعلني ذهبت بعيدًا بأن اللغة وصور الشعر حكر على من سبق وعلينا أن نقتات على فتات ما بقي منها بعد أن غمط أهل هذا العصر الأدب حقه ومنعوه من الوصول لمراتب أعلى مما سمح له بها من قبل متفيقهي النقد ومدعي الفهم ؟؟

ــــــــــــ

و أما بعد :

فلي عتب محب أبثه لك من قلب أخيك فأقول :
إنها المرة الثانية التي تدخل فيها موضوعًا نقديًا يا أخي
وتقتبس من كلامي قطعة وتترك قطعة أخرى
ومع شديد تقديري لك ولجهدك , فإن الاقتباس النصي للمناقشة يجب أن يحظى بالأمانة العلمية والأدبية لكي تكتمل الصورة
ولست أتهمك مبطنًا أو معلنًا أخي الكريم
ولكنني أدافع عن حق من حقوق الكاتب , وهو أن يقتبس فحوى محور النقاش بالكلية كي لا يقع القارىء في سوء فهم أو سوء ظن
فيطلق حكمًا على الكاتب في غير وجه حق معتمدًا على اقتباس منقوص
فقد كان لي معك من قبل أنك اقتبست من ردي في موضوع ( حول طيف ) قطعة من كلامي وعقبت عليها مشكورًا بهذا الرد :

ــــــــــــ

( فأزيدك وضوحًا بمثال من الآي الحكيم , لكي نرى ما فيه من تشابه معنوي مع جملتي )
فيا أخي الكريم مَنْ يشبه مَنْ ؟ الآية تشبه جملتك ؟! أنا لا شك بأنك حسن النية ، ولكن العبارة ما كان ينبغي أن تورد هكذا

ـــــــــــ

ولكنك لم تقتبس كلامي كلية فيما يخص هذا وانتزعت منه قطعة وتركت هذه البقية :

ـــــــــــ

فأزيدك وضوحًا بمثال من الآي الحكيم , لكي نرى ما فيه من تشابه معنوي مع جملتي
( وحاشى لله أن تدرك كلماتي الهزيلة معاني قرآنه )

ـــــــــــ

مما اضطرني للرد مرة أخرى للقول :

ـــــــــــ

وقد قلت منذ أول رد وكررت حتى عجز التكرار أن القرآن كلام الله ولا يجوز بأي حال أن يعتقد المرء بموازاة نصوصه الخاصة بهذا الآي الحكيم
وإنما كان استخدام الآية المذكورة لأنها حجة أنصع وأقوى من كل قول

,,,,

وها أنت مرة أخرى تقتبس من كلامي قطعة تنتزعها بعيدًا عن النص بمجمله فكيف للقارىء أن يفهمها منفردة وكيف لمثلك وأنت العارف أن يرى ما رأيت ويغمض عينًا عما تبعها وهو هذا :

ـــــــــــ

لأن الفارق شاسع هنا
ويحتاج لعين بصيرة و ذائقة خبيرة و فهم وعلم واسع بأساليب البلاغة وصنوفها
وكي أوضح الفارق بين هذا وذاك
سأتم المثال الذي قدم له الجرجاني في أساليب البلاغة صفحة 12 - 13 وهو مثال لما قدمت في بيتي السابق :
وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِـرَّةٍ إذ أصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمَامها
( هذا بيت للبيد نلاحظ فيه : والكلام للجرجاني )

ــــــــــــ

؟؟؟؟؟؟؟؟

,,,,

أيها المكرم
هذا ما يسمى بالاقتناص وليس بالاقتباس
أن تقتطع مزعة من كلام وتنسج حولها الأسئلة بعيدًا عن تتمة ذلك الكلام ثم تستهجنها وتسنكرها , حتى لتبدو أمام النظارة بأنها الكفر المبين أو أنها عورة القول فلا ستر يسرتها بعدما تركتها مكشوفة من لباس الدرء المعنوي واللفظي لها في بقية النص

فتعالى يا أخي لنرى هذا معًا

ـ لو أنك قلت لشخص ما :
أحبك في الله أيها المملوء حقدًا على أعداء الأمة و المملوء بغضًا على علمائها الذين باعوا أماناتهم للعدو

ثم جئتك ناقدًا فاقتطعت من قولك :

أحبك في الله أيها المملوء حقدًا
أو المملوء غضبًا
أو المملوء بغضاً على علمائها

فهل أكون قد أنصفتك فيما اقتبست من كلامك ؟؟
وهل يحق لي بعدها أن أسألك باستنكار:
لم تحب الحقد و تكره العلماء ؟؟



ثم إنه لمن العجب حقًّا أن تدرك ما أدركت من ردي في كلا الحالتين و تجعل منه زللأ بيننًا ولا أجدك قد أدركت ما وقعت فيه محاورتي آنذاك من أخطاء بالجملة نقدًا ونحوًا و شكلًا و مضمونًا
فوقفت على زلتي ( إن كانت من الزلل في شيء , والتي عللتها بنفسي واستغفرت لها قبل أن يلمح لي بها أحد )
وامتنعت عن رؤية أخطائها ..
ومن حق النقد عليك أن تنصف كلا النصين ..

,,,,


مع وافر تقديري واحترامي
وهذا ما كنت أنوي الاستطراد به في أحقية الكاتب بنصه
إن قوبل بنقد غير منصف ..
أو أحقية الناقد بالنص
إن كان كاتبه قد ذهب به مذهبًا بعيدًا عن الصواب ..
مع ضرورة التصويب بالحسنى وبطيب النصح وجميل القول في كلتا الحالتين بلا همز أو لمز أو شر مبطن أو انتقاص من ذات الشخوص
فالمنقود هو النص
وليس صاحبه

,,,

ولكنني توقفت عنه بعد إشارة إلى أنني قد تجاوزت إلى جزئيات بعيدة المدى عن هدف الموضوع الأساسي
وللحق :
مازال هناك الكثير مما يمكن قوله ..
ولكنني أكتفي بالرد على تساؤلك , وأزجي لك مودة على جناح البيان بعيدًا عن أي تعصب لأي نص أو رد مبهم أو غيره
ورمضان مبارك للجميع ..

عطاف سالم
16-09-2007, 11:44 PM
الموقرة الفاضلة زميلتي عطاف حرسها الله

تعلمينَ أني أكبرك وأجلك ، ولولا ذلكَ ما دخلتُ معكِ في حوار ، فأنتِ بحق قارئة من طرازٍ رفيع ، وأديبة لبقة تعرف كيف تحاور وتناقش عن علمٍ وأدب وفهم ... ، ولكن آمل منكِ أن تعودي لما كتبتِ أول الأمر ، وتقارنيه بما كتبتِ فيما بعد حينئذ - أزعم - أنَّا في غنى عن سؤال أستاذنا الدكتور محمد الحارثي - حفظه الله وإياكِ - ثم هنالك أمر أيتها الناقدة اللوذعية ، ما لي أراك قد جعلتِ المبدع في منأى عن كل مأخذ إلا أن يكون خطأ تاريخيا كبيرا ... هل هو أحاط باللغة نحوا وصرفا وبيانا وعروضا إن كان مثل أبي العلاء ، فنعم وأما إن كان مثل من نراهم اليوم ، فيا رعاك الله أين من يحسن مثلما كان يحسن المبدعون من قبل ؟! فإننا في هذه الأيام نقرأ نصوصا - أقولها تسامحا - يندى لها الجبين ، ثم نجد من يعلق عليها من أهل الإبداع بما تقشعر له جلود الذين يعون ويفهمون ويتذوقون ...

لستُ مناقشا ، فالنقاش يقتضي تتبع العبارات ، وما تفضي إليه من عموم وتخصيص وإلى ما هنالك ، ولكني أبديتُ رأيا من قبلُ ، فوجدتكِ قد نقضتِ فيه ما كان منكِ في أول كلامكِ إذ إنكِ تكلمتِ هنا عن الشروط التي يجب أن تتوفر في الناقد ، وليس هذا ما كنا نبحث عنه ، وإنما نبحث عن سؤالكِ الأول : " من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟! " هذا هو السؤال الذي طرحتِه ، وجوابكِ عنه ما زال مثبتا بعد أسطر من تساؤالكِ في الصفحة الأولى .

( ما وجهتي النقدية التي استنبطتِها من كلامي لأسأل عنها أستاذنا الحارثي ؟ ) أنا لم أقل شيئا حتى الآن .

أيتها الأخت التي أكن لها كل توقير وتقدير واحترام ألف سلام من الله عليكِ


أما بالنسبة للدكتور الحارثي فلأنه من أرباب النقد وله فيه باع طويلة ومؤلفات عديدة على الساحة العربية وليس المحلية فقط وألمحت إليه لمزيد اقتناع فقط ليس إلا ..
وأما بالنسبة لقولك :
ما لي أراك قد جعلتِ المبدع في منأى عن كل مأخذ إلا أن يكون خطأ تاريخيا كبيرا ...
فليس بيدي سوى أن أحيلك إلى قراءة المقال مرة أخرى
لأن الخطأ التاريخي ورد في سياقه فقط المتعلق بالوصاية على كاتب النص ..ولم يكن معمما !
يعني :
أن يكون الناقد وصيا على المبدع ومحتكرا لنصه يعبث فيه كيفما يريد وفي منأى عن المصداقية وأصول النقد فهذا مرفوض جملة وتفصيلا إلا في تلك الحالة التي استثنيتها في مقالي وهي أن يكون المبدع أو الكاتب وقع في خطأ تاريخي هنا الوصاية مطلوبة مالم تكن ضرورة من ضرورات النقد الموضوعي حقيقة..
وإلا فإن المبدع ليس في منأى عن كل مأخذ كما تفضلت بارك الله فيك..
وأما بالنسبة لقولك :
فوجدتكِ قد نقضتِ فيه ما كان منكِ في أول كلامكِ إذ إنكِ تكلمتِ هنا عن الشروط التي يجب أن تتوفر في الناقد ، وليس هذا ما كنا نبحث عنه ، وإنما نبحث عن سؤالكِ الأول : " من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟! " هذا هو السؤال الذي طرحتِه ، وجوابكِ عنه ما زال مثبتا بعد أسطر من تساؤالكِ في الصفحة الأولى
فيا أخي العزيز أما زلت مصرا على أنه سؤال !
فليكن إذن !!
لكن المقال يتطلب التعرض لكل مايتعلق بالنقد وبالكاتب وشروط الأدب والنقد وما ينبغي أن يكون عليه كلا الإثنين لأن الحوار يجر بعضه بعضا وأنت تعرف أن للحديث مشارب وشجون وتلافيف ..
ولم يكن المقال سوى بذرة كبرت وتشعبت ..
أما عن قولك :
( ما وجهتي النقدية التي استنبطتِها من كلامي لأسأل عنها أستاذنا الحارثي ؟ ) أنا لم أقل شيئا حتى الآن


فقد اتضح لي هذا من قولك
ألستِ صاحبة النص ، وهو ملككِ ، فلماذا أدلي برأي أنا ؟! وعلى أي شيء كان يقام سوق عكاض ، وماذا كان يفعل النابغة ، وماذا كان يفعل الجاحظ ...............


يا أختاه صححي السؤال لتحظي بالجواب ، فسؤالكِ في غير محله .


فألا ترى في قولك هذا وجهة نظر ؟؟؟
ومع ذلك فأنا بانتظار عودتك التي تشرفت بها كثيرا..
ولك مني كل تقدير واحترام
وسلام من الله عليك أينما كنت
يحفظك ربي ويرعاك

أحمد الرشيدي
17-09-2007, 12:14 AM
الأخ الكريم د. عمر هزاع

رد السلام واجب ، وها أنا ألقي عليكِ بتحية الإسلام مرة أخرى بين يدي كلامي :

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

يا أخي الكريم سألتُك عن شيء ، فأجبتني بأشياء من هنا ، ومن هناك ، وما زال سؤالي يبحث عن جوابٍ منكَ ، فهل أعيده هنا ؟ والله لا أعلم يا أخي ما الذي جعلك تطيل هذه الإطالة مستحضرا تحفظا مني سبق ، ومعرجا على إعطائي دروسا في كيفية نقل النصوص :

(( هذا ما يسمى بالاقتناص وليس بالاقتباس
أن تقتطع مزعة من كلام وتنسج حولها الأسئلة بعيدًا عن تتمة ذلك الكلام ثم تستهجنها وتسنكرها , حتى لتبدو أمام النظارة بأنها الكفر المبين أو أنها عورة القول فلا ستر يسرتها بعدما تركتها مكشوفة من لباس الدرء المعنوي واللفظي لها في بقية النص
فتعالى يا أخي لنرى هذا معًا
ـ لو أنك قلت لشخص ما :
أحبك في الله أيها المملوء حقدًا على أعداء الأمة و المملوء بغضًا على علمائها الذين باعوا أماناتهم للعدو
ثم جئتك ناقدًا فاقتطعت من قولك :
أحبك في الله أيها المملوء حقدًا
أو المملوء غضبًا
أو المملوء بغضاً على علمائها
فهل أكون قد أنصفتك فيما اقتبست من كلامك ؟؟
وهل يحق لي بعدها أن أسألك باستنكار:
لم تحب الحقد و تكره العلماء ؟؟
ثم إنه لمن العجب حقًّا أن تدرك ما أدركت من ردي في كلا الحالتين و تجعل منه زللأ بيننًا ولا أجدك قد أدركت ما وقعت فيه محاورتي آنذاك من أخطاء بالجملة نقدًا ونحوًا و شكلًا و مضمونًا
فوقفت على زلتي ( إن كانت من الزلل في شيء , والتي عللتها بنفسي واستغفرت لها قبل أن يلمح لي بها أحد )
وامتنعت عن رؤية أخطائها ..
ومن حق النقد عليك أن تنصف كلا النصين .. )) أليس هذا نصك ، آمل أني لم اقتطع سياقه ، ثم إننا لا ننقل من كتب ، كلامك وكلامي ليسا ببعيد من ها هنا ، فما أيسر العودة إليهما لمن أراد تثبتا .

أيها المكرم ما حاجتي بما نقلتَ من كلام الإمام عبد القاهر على قول لبيد ؟ أنا سألتُك عن حكم ورد في كلامكَ ألستَ القائل :

( ( ولننظر فيما يقوله الجرجاني في هذا البيت :
( فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره )
وهذا كله , لأن الشاعر قد استعار الحافر في وصف قدم ضيفه
فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة

أنا يا أخي سألتُكَ عن هذه العبارة ، والآن أسألكَ هل لهذه العبارة تعلق بما قاله الإمام عبد القاهر فيما بعد ؟ حتى أكونُ كما وصفتني برائع بيانك ، وأدبك الرفيع :

" أن تقتطع مزعة من كلام وتنسج حولها الأسئلة بعيدًا عن تتمة ذلك الكلام ثم تستهجنها وتسنكرها , حتى لتبدو أمام النظارة بأنها الكفر المبين أو أنها عورة القول فلا ستر يسرتها بعدما تركتها مكشوفة من لباس الدرء المعنوي واللفظي لها في بقية النص ... ".

أيها الأخ الكريم إذا حظيتُ بجوابٍ منكَ على ما سألتُكَ عنه - للعلم والفائدة لا لشيء آخر - سأرد على ما جاء في كلامكَ من حسن ظن بأخيك .

والسلام لك من قبل ومن بعد .

د. عمر جلال الدين هزاع
17-09-2007, 12:27 AM
السلام عليكم ورحمة الله
أما عن الردود التي قلت أنها لا زالت قائمة في مواضيعها
فهي كذلك لا زالت قائمة وليرجع إليها ..
وأما عن الرد للفائدة :
فإن لم تكن قد نظرت في هذا - الذي كررته للمرة الثالثة ولا زلت أكرره من كلام الجرجاني - فها أنذا - وللفائدة - ألونه بالأحمر :
وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره،
أم يا ترى كيف يفسر القارىء ما يقرأ هنا ؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله

أحمد الرشيدي
17-09-2007, 12:36 AM
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

يا أخي الكريم ، وهل كنتُ أسألكَ عن هذا ؟ أحسب أني سألتُك عن هذه العبارة من قبل :

( فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة ) ولو أني أعرف كيف ألونها لجعلتها لك بالأحمر ، هذا سؤالي أعيده للمرة الثالثة :

فلستُ أدري هل هذا الحكم استنبطتَه من كلام الإمام ، أو هو صريح قول الإمام ، أو أنكَ قلتَ به من عندكَ اجتهادا ؟

أنا لم أسألكَ عن استنباط القارئ ، وإنما سألتكَ عن حكم نقدي خطه يراعك .

ولك التوقير والشكر

مازن سلام
17-09-2007, 01:31 AM
الأديبة الشاعرة السيدة عطاف سالم المحترمة

لو أردت الإجابة بكلمة واحدة لقلت : الكاتب
و انتهى الأمر...
لن أعود إلى كلامك فلقد دافعت بما فيه الكفاية و بكل وضوح عن الفكرة و عن أحقية الكاتب.
إذن لماذا أنا هنا الآن ؟
لتأييد كلامك !! لستِ بحاجة لذلك .
أنا هنا لأتحدث و باختصار عن تجربتي مع صحفيَّيْن ناقدَيْن
ـ الأولى مع سيدة تكلـّمت عن كتابي الأول بجملتين ثم انتقلت لتسألني أسئلة شخصية تطال أسرتي و تطالني
مثل : هل تكتب عن الحب لأنك لا تجده في أسرتك؟ أو , هل لأسرتك تأثير على كتاباتك الحزينة؟ أو , ما رأي أسرتك عندما تتكلـّم عن الحب و النساء ؟
بعد انتهاء المقابلة التي كانت تبث مباشرة على الهواء, سألتها لماذا خرجت عن موضوع المقابلة؟
فكان ردّها : مهمـّتي إحراج الكاتب أو الشاعر حتى أخرج بسبق صحفي .
ـ الثانية مع سيد أصرّ طوال فترة المقابلة الاذاعية أني هارب من العدالة أو من السلطات في بلدي و اخترت فرنسا كمنفى , و أدلّته كانت " مضحكة " و كلها إشارات و شيفرة مرمّزة في الكتاب...
ناقدان عالمان عالميان أصرّا على أني هارب من أسرتي و من العدالة
هذا لأصل و أقول إن كان النقد للنص الأدبي و لماذا استخدم الكاتب هذه العبارة أو تلك . و ماذا أراد بقوله في هذه القصيدة , فلا إشكال مطلقاُ , بل على العكس هنا قد يفتح المحلل ـ و أحبذ هذه الصفة ـ أبواباً للقارئ ربما لم يلحظها أو قرأها من زاوية ثانية...
أمـّا أن يصبح الناقد محللاً نفسياً و طبيباً عالماً بأسرار الكاتب من خلال كلمة هنا أو هناك فهذا فعلاً إبداع بحدّ ذاته. و لست أعني هنا كل أهل النقد الأمناء الأذكياء, فالنقد علم قائم بحد ذاته.
ـ نزار قباني في ردّه على أحد الصحافيين الذي سأله:
هل ترون أنّ النقد أنصف نزار قباني؟
ـ لأنني و الكلام لقباني , خلال أربعين عاماً من كتابة الشعر , لم أقرأ كلام النقـّاد عن شعري, و لم أعمل بنصائحهم , بقيتُ شاعراً...
و يقول : من أجمل ما قرأته عن النقد الأدبي, ما قاله الروائي الفرنسي " فرنسوا نوريسييه " : الناقد رجل شرطة يطارد الكاتب داخل كتبه ...
أرجو من أهل النقد أن لا أكون قد خرجت عن النص ...
كل التحية
مازن سلام

مازن سلام
17-09-2007, 11:08 AM
تحية ثانية
عدتُ لأقول أنّ ما يبعدني أيضاً عن طريق النقد و النقاد شيء مهم ألا و هو تعقيدهم للنص لا تبسيطه و تقديمه للقارئ بمفردات سهلة الهضم
و كأنّ بعض النقاد ينتقم ... من إبداع الكاتب باستخدام عبارات و تشابيه أقرب إلى طبيب منها إلى ناقد أدبي... و برأيي أنّ مثل هذا الأسلوب يضرّ بالناقد و بالكاتب على حد سواء, فالقارئ الذي أعجبه نصّ ما أو قصيدة أو كتاب , فلا يهمه النقد إلا من باب " ماذا يقول صاحبنا " .
أمّا الضرر الذي قد يلحق بالكاتب هو أن يكون الناقد استعمل أسلوب الهجوم الصاعق على أي نص , فيدخل القارئ إلى الحلبة ليكون طرفاً و شاهداً معه , ليس هذا فحسب , فإن وسائل الاعلام إن كانت في خدمة بعض النقاد الثوريين و الثائرين , فإنّ الدعاية السلبية قد تنحر كتاباً و تقتله في مهده.
و أعود معكم إلى واحتنا , فلقد قرأت أكثر من مرة لأشخاص يوقـّعون باسم / الناقد الفلاني أو الناقدة الفلانية/ و لم أقع إلا على مواضيع تكسر جمالية اللوحة المفترض نقدها...
و الأسوأ و المضحك هو الانسحاب من جبهة المعارضة و الالتحاق بجبهة الموالاة عندما يتدخل إمّا صاحب النص و إمّا شخص من ذوي الاختصاص , فيصبح الناقد مستفسراً عمّا قاله و يمسي الحارس الأمين لقلم الكاتب الذي كان ريشه يـُنتف قبل ساعات.
أخيراً , ليس لأنني أملك علماً و قلماً أو أدباً , يعني بالقطع أني أتقن استخدام هذه الأسلحة...
كل التحية
مازن سلام

عطاف سالم
17-09-2007, 12:19 PM
الأديبة الشاعرة السيدة عطاف سالم المحترمة





لو أردت الإجابة بكلمة واحدة لقلت : الكاتب
و انتهى الأمر...
لن أعود إلى كلامك فلقد دافعت بما فيه الكفاية و بكل وضوح عن الفكرة و عن أحقية الكاتب.
إذن لماذا أنا هنا الآن ؟
لتأييد كلامك !! لستِ بحاجة لذلك .
أنا هنا لأتحدث و باختصار عن تجربتي مع صحفيَّيْن ناقدَيْن
ـ الأولى مع سيدة تكلـّمت عن كتابي الأول بجملتين ثم انتقلت لتسألني أسئلة شخصية تطال أسرتي و تطالني
مثل : هل تكتب عن الحب لأنك لا تجده في أسرتك؟ أو , هل لأسرتك تأثير على كتاباتك الحزينة؟ أو , ما رأي أسرتك عندما تتكلـّم عن الحب و النساء ؟
بعد انتهاء المقابلة التي كانت تبث مباشرة على الهواء, سألتها لماذا خرجت عن موضوع المقابلة؟
فكان ردّها : مهمـّتي إحراج الكاتب أو الشاعر حتى أخرج بسبق صحفي .
ـ الثانية مع سيد أصرّ طوال فترة المقابلة الاذاعية أني هارب من العدالة أو من السلطات في بلدي و اخترت فرنسا كمنفى , و أدلّته كانت " مضحكة " و كلها إشارات و شيفرة مرمّزة في الكتاب...
ناقدان عالمان عالميان أصرّا على أني هارب من أسرتي و من العدالة
هذا لأصل و أقول إن كان النقد للنص الأدبي و لماذا استخدم الكاتب هذه العبارة أو تلك . و ماذا أراد بقوله في هذه القصيدة , فلا إشكال مطلقاُ , بل على العكس هنا قد يفتح المحلل ـ و أحبذ هذه الصفة ـ أبواباً للقارئ ربما لم يلحظها أو قرأها من زاوية ثانية...
أمـّا أن يصبح الناقد محللاً نفسياً و طبيباً عالماً بأسرار الكاتب من خلال كلمة هنا أو هناك فهذا فعلاً إبداع بحدّ ذاته. و لست أعني هنا كل أهل النقد الأمناء الأذكياء, فالنقد علم قائم بحد ذاته.
ـ نزار قباني في ردّه على أحد الصحافيين الذي سأله:
هل ترون أنّ النقد أنصف نزار قباني؟
ـ لأنني و الكلام لقباني , خلال أربعين عاماً من كتابة الشعر , لم أقرأ كلام النقـّاد عن شعري, و لم أعمل بنصائحهم , بقيتُ شاعراً...
و يقول : من أجمل ما قرأته عن النقد الأدبي, ما قاله الروائي الفرنسي " فرنسوا نوريسييه " : الناقد رجل شرطة يطارد الكاتب داخل كتبه ...
أرجو من أهل النقد أن لا أكون قد خرجت عن النص ...
كل التحية


مازن سلام



مرحبا بك أهلا رفيق الحرف والأدب والتدوين أخي العزيز وحضرة الأديب القدير / مازن سلام
أولا أشكرك حقيقة على التشارك معنا في هذا الحوار ..
والناقد أو المحلل كما أسميته - وما أبلغها أيضا من تسمية ! - له الحرية في كيفية الوصول إلى النص شرط أن يقاربه ويكون لصيقا به .
لقد سعدت بضربك لنا المثالين السابقين .. ورغم أن الشخصيتين فيهما ليسا ناقدين لكن بعضا من الناقد يتشابهون معهم كثيرا وذلك أن يكون للنقد غاية في نفوسهم هم فقط بعيدا جدا عن النص وكاتبه.
وليغفر الله لنزار لقد قال ماهو جديرا وشافيا .
فالناقد يبقى ناقدا والكاتب يبقى كاتبا ويختار التاريخ من منهما أجود ويخلد عمله .
تحيتي لك بحجم السماء أيها الأديب الراقي ..
ولي عودة للوقوف معك عند أبرز ماجاء في حضورك الألق الثاني
كن بخير

مازن سلام
17-09-2007, 12:39 PM
الأديبة الشاعرة السيدة عطاف سالم المحترمة
تحية ثالثة
بل هما ناقدان أدبيان و صحافيان , و لكل واحد منهما برنامجه الاذاعي ( في فرنسا )
سامحيني لأني لم أكن واضحاً في التعبير
يسعدني و يشرّفني دائماً أن أقرأ حرفك و أرتوي من بحر علمك و فكرك
كل التحية و الاحترام
مازن سلام

د. عمر جلال الدين هزاع
17-09-2007, 02:33 PM
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
يا أخي الكريم ، وهل كنتُ أسألكَ عن هذا ؟ أحسب أني سألتُك عن هذه العبارة من قبل :
( فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة ) ولو أني أعرف كيف ألونها لجعلتها لك بالأحمر ، هذا سؤالي أعيده للمرة الثالثة :
فلستُ أدري هل هذا الحكم استنبطتَه من كلام الإمام ، أو هو صريح قول الإمام ، أو أنكَ قلتَ به من عندكَ اجتهادا ؟
أنا لم أسألكَ عن استنباط القارئ ، وإنما سألتكَ عن حكم نقدي خطه يراعك .
ولك التوقير والشكر

وعليكم السلام
ولعلي أجنح لذات الأسلوب الذي ترد به فأسألك مع سابق علم ترى هل حقًّا لم تصلك الإجابة أم أنت تريد من ورائها
ما أشم رائحته من تهكم مبطن ؟؟
فإن لم يكن كل إفصاحي قد أفادك
فأنتظر إفصاحك حول ما سألتك عنه
كي أتيك برد لم تر مثله قبلًا
فأشفي به غليلك
فلا تعود لسؤالي بعدها عن هذا ؟؟
,,,,,
والسلام عليكم

أحمد الرشيدي
17-09-2007, 06:24 PM
وعليكم السلام
ولعلي أجنح لذات الأسلوب الذي ترد به فأسألك مع سابق علم ترى هل حقًّا لم تصلك الإجابة أم أنت تريد من ورائها
ما أشم رائحته من تهكم مبطن ؟؟
فإن لم يكن كل إفصاحي قد أفادك
فأنتظر إفصاحك حول ما سألتك عنه
كي أتيك برد لم تر مثله قبلًا
فأشفي به غليلك
فلا تعود لسؤالي بعدها عن هذا ؟؟
,,,,,
والسلام عليكم

وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

يا أخي سآتيك بجوابٍ يريحني ويريحك - أحسبه كذلك - فترقبه ، ورحم الله الإمام عبد القاهر حين نبَّه بأن إلقاء الخبر بعد التوطئة له أوقع في النفس ، وأعلق بالذهن .

والسلام

محمد الحامدي
17-09-2007, 07:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وثبت اجر صيامكم وقيامكم بإذن العزيز الحكيم .
بالرغم من أني وضعت مقالا بعنوان : بين " شعرية " الشعر و " قرائية " القراءة حاولت فيها أن أميز بين نقد المحاكم والقراءة الباحثة عن شروط الجمالية ، فإني أعود هنا بمداخلة بسيطة :
1 - سبب المداخلة : هذا التطارح النقدي الدقيق السامي الراقي من جميع المتدخلين والنقاد ، وبالرغم مما أجد فيه أحيانا مما يشبه التوتر ، فإني أجده بحثا مفيدا للغاية وما أحوجنا إلى " نقد " يلقي عباءة المجاملة ويجهد أدواته في إماطة الغموض عن بعض نصوصنا النقدية اليوم .
2 - محاولة الإجابة عن سؤال المقال الأساسي في المقالة المنطق لهذه المحاورة وهو من الأحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟ والحق أقول - في نظري المتواضع - إن السؤال في حد ذاته فيه كثير من الدلالات الهامة ، فهو يحول العلاقة بين الباث والمتقبل ( المبدع والقارئ ) إلى صراع حول الأحقية بالنص . وهذا أمر توارثناه منذ عهد الموازنات ( الآمدي ) مثلا بل منذ عهد الروايات ... فكأن المبدع بنصه يريد إفحام القارئ / الناقد ، وكأن الناقد يجرد سيوف النقد لمحاكمة المبدع . بينما في نظري العلاقة بين النقد بما هو قراءة والنص بما هو إبداع هي علاقة قوامه الإثراء ، فكما يثري الأبداع النقد بما هو مادته على الأقل ، فإن النقد يثري الإبداع بما هو معين على إظهار جماليته بما هو فهم له وقراءة لإبداعه . لذلك وبالرغم من أن الكلام على الكلام صعب فإن أحقية النص رهينة من ينقده ومن يبدعه ، بل أول ناقد للنص هو مبدعه ، على هذا الأساس يكون النقد إبداعا على إبداع وإفهام لكلام ...
2 - ألاحظ فيما يدور في هذه الصفحة من حوار نقدي أنه صراع كبار في الأدب / الإبداع والنقد / القراءة .
لن أعود إلى أسماء من كتبوا هنا ولا إلى آرائهم التفصيلية ولا إلى الفائدة الكبرى التي أفدتها شخصيا من كل سؤال طرح أو رأي أو رد ، وكم أود دفع هذا الحوار إلى ذلك الحد الذي تزداد معه الفائدة والمتعة ، ولكني أجد أحيانا الآراء وقد غادرت بعض هدوئها فتحولت من بحث نقدي رصين إلى محاكمة لصاحب الرأي مهما كان ، هنا أجد ارتدادا في العملية النقدية ، نعم هي الردة إلى ذلك الصراع بين النقد والإبداع ، بين عزة المبدع وجبروت الناقد ... وهذا الأمر قد يخرج تبادل الرأي عن المسار القويم ويصبح الحوار الشخصي ضربا من الهجوم الشخصي والدفاع الأكثر شخصانية ... أقول هنا وبحب وود ، دعونا نستفيد من آرائكم وعلمكم الغزير بعيدا عن الأحكام المنفعلة التي قد لا تجدي .. فما أجمل هذا الحوار بين عظيمين حول رأي الجرجاني في الاستعارة وما أروع هذه الدقة في السؤال والرد والبحث ، ذاك ما يخدم أدبنا ويرقى به وما عداه من محاكمات وتوتر و" مجاملات " لا يفيد ... نعم لا يفيد ... فالقارئ هنا متسع ومتسع جدا ..
3 - أريد أن أقول كلمة حق هنا في رجل أرى النقد قد حاطه من كل جانب . فالدكتور عمر جلال الدين هزاع شاعر مجتهد ، مجدد ، مبدع في تجديده ، يحاول أن يقدم لنا ثمرة اجتهاد أدبي أكاد أغبطه عليه ، والرجل ما أثار هذه الموجة النقدية حول أدبه وآرائه إلا لأنه مجتهد ، ملم بشرائط اللغة والأدب .. فلننصف الرجل على الأقل في اجتهاده ولنشد على يده فيما يشرع من شارع الشعر والإبداع ... هذا لا يعني أن نبارك خطأه إن أخطأ ولا أن نغض الطرف عن زلاته إن زلّ به الاجتهاد ... ولكن لنفعل ذلك ملتزمين بشروط القراءة الرصينة التي تبحث في جمالية ما يبدع وما يقدم لنا .... وقد عهدت الرجل يقبل رأي قارئه ولي معه تجربة إذ طلبت منه يوما تغيير لفظتين وردتا في إحدى روائعه الشعرية فاستجاب والأدب يقطر من حروفه ..
5 - أعود إلى الأخت عطاف لأقول لها : في رأيي المتواضع إن الأحق بالنص هو التاريخ ، فهو مالكه النهائي وهو الذي سيضمه إلى أعطافه فإن كان ذا قيمة أبانها وأظهرها وإن كان غير ذلك لفه في طي النسيان وجعله من خبر " كان " أو " قيل ذات يوم " .
أرجو المعذرة عن تدخلي وأرجو من عباقرة الواحة وعلمائها مزيدا من هذا النقد المفيد لا حرمنا الله علمهم وأدبهم وإبداعهم ... فقط انظروا إلى الأدب ، إلى النص ومرحى بما تجودون به علينا .

أحمد الرشيدي
17-09-2007, 09:32 PM
الأخ الكريم د. عمر هزاع

السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته ، وبعد :

فيقول الحق - تبارك وتعالى : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) . وأنا والله ابتغي مرضاة الله ، ويقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - : " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ".

يا أخي الكريم أذكرُ أن أول لقاء لي بكَ في واحتنا التي نرجوا أن تملأ صفحاتها بالإبداع والعلم والفكر بدلا من التعسف في القول والانتقاص ، ولذلك على القارئ المتتبع أن ينظر ما كان بيني وبينك بادئ الأمر ، وقد كان في قصيدة للشاعر محمد أبو الفتوح بعنوان ( من الليل أشواق أضرت جوانحي ) في منتدى الشعر ، وجدتُك فيها تقول له - ولو أني أعرف كيف يوضع الرابط لوضعته - :

أخي الحبيب
ومع كل تقديري وبالغ إعجابي لعلك تسمح لي بهذه العودة :
ـــــــــــ

تُباهي إِذا قامَت مَهاةً عَرِفتُها
بِبَطنِ شُعَيبٍ بَينَ تِلكَ الأَباطِحِ

ماسر نصب مهاة وهي فاعل ؟؟

,,,,

فَإِن كانَ في حُزني سَعادَتُها فَقَد
تَجَنّى عَلى قَلبي حِسانُ المَلامِحِ

لو أعدنا ترتيب الشطر الأول , سنقول :
فإن كان سعادتها في حزني
ولذا فإن سعادة ( مؤنث ) وتحتاج لفعل مؤنث ولذا وجب تأنيث الفعل كان

,,,,

أعدت كلمة الملامح في بيتين لم يفصل بينهما سوى بيت واحد
وهذا من علل القوافي ويسمى :
الإيطاء
وهو تكرار اللفظة بشكلها ومعناها فيما دون 7 أبيات

ــــــــ

لك خالص المودة و التقدير

فكان هذا ردي عليكَ :
12 / 7 / 2007
أستاذي الدكتور عمر
تجلة تلميذ وتحية أخ
هذه أول مرة اتلقى فيها نورك الوضاء ، وكم كنت أود أن أرى قلبك النابض بالحب والأدب والعلم والخلق في الكلمات التي كتبتها ، وآمل أن أراه قريبا تفضلا وتكرما ...
أما أنا ، فكنت أتهيب أن أعلق على مشاركات الكبار أمثالك ، وذلك أن أدواتي تتقاصر دون ابداعاتكم ، هذا إن كنت أملك أدوات أصلا ...
هل تأذن لي أستاذي الكريم إن حاولت أن أجيب عن أسئلتكم الوجيهة ، ونقدكم الموضوعي البناء الذي يسمو بالأدب ، ويحلق به في سماوات الإبداع ، وليتكم تفعلون ذلك فيما أحاول أن أشارك به ، فما أحوجني إلى التوجيه والتقويم ...
- فيما يتعلق بنصب ( مهاة ) ألا يمكن حمل النصب على الحال ، وكون مهاة جامدة لا يعكر على هذا الوجه ، يقول ابن مالك :
وكونه - أي الحال - منتقلا مشتقا = يكثر ولكن ليس مستحقا
وشرح ابن عقيل البيت بقوله : "... أو على التشبيه ، نحو ( كر زيد أسدا ) أي مشبها الأسد ". فيكون التقدير : قامت هي مهاةً ، وهو أنسب فيما أحسب ، وثمة وجه آخر للنصب أقرب ، وهو أن تكون مفعول به لـ ( تباهي ) وحينئذ تكون جملة ( إذا قامت ) معترضة .
- وأما التأنيث ؛ فإنه لا يلزم ، وليس هو من المواضع التي يجب فيها التأنيث ، يقول ابن مالك :
وإنما تلزم - أي تاء التأنيث - فعل مضمر = متصل أو مفهم ذات حر
و( كان ) لم تسند إلى ضمير مؤنث متصل ، وكذلك الفاعل ( سعادتها ) ليست بذات حر
كما أن الشاعر فصل بين الفعل ( كان ) والمبتدأ المؤخر ( سعادتها ) بمتعلق الخبر ( مني ) وهذا مسوغ لعدم التأنيث الذي ليس هو بلازم أصلا ، يقول ابن مالك :
وقد يبيح الفصل ترك التاء في = نحو " أتى القاضي بنت الواقف
وثمة مسوغ رابع لعدم التأنيث ، حكى سيبويه : " قال فلانة " وذكر ابن عقيل أنه مخصوص بالشعر ، وإلى هذا أشار ابن مالك في قوله :
والحذف قد يأتي بلا فصل ومع = ضمير ذي مجاز في الشعر وقع
وعليه ، فلست أدري ، ما هو وجه الوجوب في قولك : " ولذا وجب تأنيث الفعل كان".
- وأما ( الإيطاء ) فأتركه لحين عودة الشاعر .
ولك من تلميذك الإكبار والتوقير

وقد علقت على نصين آخرين لك بما يليق بي وبكَ ، فبالله عليك انظر كيف أخاطبُكَ وكيف تخاطبني فيما بعد .

وكان هذا رد الشاعر :
أستاذي الفاضل / عمر جلال الدين هزاع

أعتذر عن تأخري لانشغالي في بعض الأمور ،

أما نصب مهاةً : فاشطر معناه تباهي إذا قامت هي مهاةً أي تباهي هي المهاة فالمهاة مفعول به

أما الثانية فلا أدري لما كتبتها مذكره تحديداً فأنا لست متقننا لننحو و إنما أنا أكتب بما أتعلمه و اعتقد أنني إذ كتبتها قد قرأتها يوما ما بنفس الطريقة و قد شفى صدري تعقيب الأستاذ أحمد الرشيدي ، و أنتظر تعقيب حضرتكم عليه

أما الإيطاء فأهتقد أنه يذهب بتعيير البيت الأول إلى

فَإِن كانَ في حُزني سَعادَتُها فَقَد = تَمادَيتُ في حُزني إِلى نَوحِ نائِحِ

في انتظارك استاذي

ثم إني وجدتُ لك عبارة أبديتُ عليها تحفظا ، ووالله سأبدي هذا التحفظ كائنا من كان قائله ، وهو ما يلي :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة الشاعرة انتصار
الأخ الفاضل الشاعر د. عمر هزاع

قرأتُ ما كان من نقاش موضوعي جاد ، فأفدتُ منه ، وقد لفتني بعض العبارات التي أوردها الدكتور الشاعر عمر - حفظه الله - وهي قوله :

( فأزيدك وضوحًا بمثال من الآي الحكيم , لكي نرى ما فيه من تشابه معنوي مع جملتي ) فيا أخي الكريم مَنْ يشبه مَنْ ؟ الآية تشبه جملتك ؟! أنا لا شك بأنك حسن النية ، ولكن العبارة ما كان ينبغي أن تورد هكذا ... ثم من أعجب ما رأيتُ لكَ يا أخي الكريم قولك :

- فما أجمل ( لَيْلَى , وَ لَيْلُ البُعْدِ أَرَّقَنِـي)، وما أفدح ما ألحقه بهذا الجمال إلصاق كلمة (سُـدَى)
" حاشى لله أن نقول : ما أفدح إلحاق ( سدى ) بالجملة : ( أيحسب الإنسان أن يترك ) ". سبحان الله ! وهل ما قلتَه والآية سواء ، فما يُوجه إليكَ من نقد يصدق على كلام الله ؟! ألا يوجد فرق ؟!
هذا ما أردتُ قوله لله ، وأما الشعر وفقهه ، فأنا أتركه لأساتذتي ليقولوا فيه ما لا أحسنُه ، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه .

تحيتي ومودتي

فأنت جعلتَ الآية الكريمة مشابهةً لجملتك معنويا ، أليس هذا نص كلامكَ ؟ ثم جعلتَ النقد المتوجه إلى ( سدى ) متجها إلى الآية ؟! ألم يكن منكَ ذالك هذا كلامكَ بحروفه معجما :
( " حاشى لله أن نقول : ما أفدح إلحاق ( سدى ) بالجملة : ( أيحسب الإنسان أن يترك ) ". ) ومن المعلوم من البلاغة ضرورة أن الكلمة لا قيمة لها إلا في سياقها ، وهذا أمر جلاه الإمام عبد القاهر ، فهل السياق والمعنى المراد في الآية الكريمة وشطر بيتك سواء ؟! وأنا أحسنتُ بكَ الظن ، ولولا ذلك لأسمعتُكَ غير َ ما سمعتَ ، فلستُ ممن يغضي عن زلل في كتاب الله ، وأما قولك : حاشى لله ... فأنا لم أتهمك بشيء ، وإنما نبهتك لأمر كان لي فيه رأي ، ثم إنكَ أول الأمر لم يكن تشابه في صيغة الفعل ، ولستُ أدري أي فعل تريد ، وإنما كان قولكَ :
( فأزيدك وضوحًا بمثال من الآي الحكيم , لكي نرى ما فيه من تشابه معنوي مع جملتي ) على الإطلاق .

ثم رددتَ عليَّ بقولكَ :

( بوركت أخي
وهذا قد رددت عليه
وحاشى لله أن أشبه كلماتي الهزيلة الضعيفة بقرآنه الكريم
وإنما عنيت الصيغة الفعلية في الآية وتشابهها مع الصيغة الفعلية في شطري المذكور
ولكن
يبدو انك لم تر ردي الأخير
والذي عدت فيه مرارًا لهذه النقطة
فلست أنا من يتطاول على ذكر ربي
واحمده على نعمة الخضوع له
وعلى منته علي بعبوديتي لوجهه الكريم
فهي أعظم نعمة ينعم بها على المرء
,,,,,,,,,,
خالص ودي ) هذا كلامُكَ غير ممزوعٍ ولا منقوص ، أنا أيها الأخ الكريم لا أخاطب شخصكَ ، وإنما أبدي رأيا بكلامٍ تخطه على الملأ يقرأه من يعي ، ومن لا يعي ، وها أنا أسألكَ هل هكذا يورد العلماء ما يستشهدون به من كلام الله على الشعر والنثر ؟! أليس هذا كلامكَ بحروفه معجما :

( وإنما عنيت الصيغة الفعلية في الآية وتشابهها مع الصيغة الفعلية في شطري المذكور ) الصيغة الفعلية في الآية تشابه الصيغة الفعلية في شطرك المذكور ، ما هكذا تورد العبارة يا أخي كيف تُلحِق الأعلى بالأدنى ؟! فقد عهدنا العلماء يعبرون عما أردتَ بغير ما كان منكَ ، هذا تحفظي لا أكثر ، أي شيء جعل حاسة الشم تبلغ بك ما بلغتَ ؟!

علما بأن الحوار الذي دار بينكَ وبينَ تُحاور في ذلكَ الموضوع لا ناقة لي فيه ولا جمل ، فلم أُعلق على نص لمن كَتَبتْه ولا هي فَعَلتْ ، ولا أعرفها من قريب ، ولا من بعيد ناهيك أن تمدحني بقصيدة أو أرسل لها رسالة شكر ... ، ولذا أنا في حيرةٍ من أمري فيما تفضلتَ به من وعيدٍ لا أخشى منه إلا شيئا واحدا .

ثم إن الأستاذة عطاف طرحت موضوعا نقديا ، ولما كنتُ أنا زميلا لها أدليتُ بدلوي ، ووجدتُ في ردكَ حكما نقديا هذا نصه :

( فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة ) فسألتُكَ بما يلي :

الأخ الفاضل د. عمر هزاع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تحية طيبة وبعد :

فقد قرأتُ نقلكَ عن الإمام عبد القاهر الجرجاني - رحمه الله - وهو ما يلي :
( ولننظر فيما يقوله الجرجاني في هذا البيت :
( فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره )
وهذا كله , لأن الشاعر قد استعار الحافر في وصف قدم ضيفه
فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة
وعلى العكس منها يقع هذا :
مدَّتْ يدي أشواقها مدَا ـــــــــ فازَّاورَ الإلحاحُ و اشتدّا
وهو مطلع قصيدتي ( مولاة قلبي )
فعلى الرغم من أن الأشواق ليس لها يد لكي تمدها معبرة عن لواعج النفس التي تعتمل في حنايا المحبوبة
إلا أنها استعارة فريدة مفيدة
وليس لناقد أن يمر ببيتي هذا فيثلبه
من منطلق أن المستعار له قد اختص باستعارة غير جائزة
لأن الفارق شاسع هنا ) .

ثم وجدتُكَ تقول : ( فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة ) ، فلستُ أدري هل هذا الحكم استنبطتَه من كلام الإمام ، أو هو صريح قول الإمام ، أو أنكَ قلتَ به من عندكَ اجتهادا ؟

تحياتي وتقديري

عن هذا الحكم النقدي كنتُ أسأل ، فأجبتني بقولكَ بما قبل وما بعد وما بينهما ، وأنا كنتُ أسأل عما تقدم ليس غير ، وهذا نص كلامك من أول حرفٍ إلى آخر حرفٍ :

( الأخ الكريم الرشيدي
تحية محبة وإكبار لروحك النقية الباحثة عن كل خير
ولولا أنك وجهت السؤال إلي
لبقيت عند وعدي مكتفيًا بالقراءة والمتابعة فقط
ولكنني أعود للرد كرمى لحضورك الحبيب , فأقول :

وأما قبل :

فلي معك وقفة أعيد فيها ما جاء بالحرف الواحد مما نقلته من كلام الإمام الجرجاني والذي حددته - قبلًا بالنص و الصفحة - حول ما ذكرت من مثال
وهذا ما جاء في النص بحرفيته ( والكلام للجرجاني ) :
ـــــــــــ

وأما قولٌُ مُزَرِّد:
فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره،

,,,,

ثم إنني من بعد أردت الدخول في المثال المعاكس الذي يشيد به الإمام في سلامة الاستعارة
فذكرت هذا :
( والكلام للجرجاني ) :

ـــــــــــــ

قول لبيد:
وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِـرَّةٍ إذ أصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمَامها
وذلك أنه جعل للشمال يداً، ومعلوم أنه ليس هناك مُشار إليه يمكن أن تُجْرَى اليد عليه، كإجراء الأسد و السيف على الرجل في قولك انْبَرَى لي أسدٌ يَزْئِرُ و سللتُ سيفاً على العدوّ لا يُفَلُّ، و الظباء على النساء في قوله "الظباء الغِيدِ" و النور على الهُدَى والبيان في قولك أبديتُ نوراً ساطعاً وكإجراء اليد نفسها على من يعزُّ مكانه كقولك أتنازعني في يدٍ بها أبطِشُ، وعين بها أبصرُ تريد إنساناً له حُكْم اليد وفعلها، وغناؤها ودَفْعُها، وخاصّةُ العين وفائدتُها، وعزّة موقعها، ولطف موضعها لأنّ معك في هذا كله ذاتاً يُنَصُّ عليها، تَرَى مكانَها في النفس، إذَا لم تجد ذكرها في اللفظ، وليس لك شيءٌ من ذلك في بيت لبيد، بل ليس أكثر من أن تُخَيّل إلى نفسك أن الشَّمال في تصريف الغَداة على حكم طبيعتها، كالمدبّر المصرِّفِ لما زمامُه بيده، ومَقادتُهُ في كفّه، وذلك كلُّه لا يتعدَّى التخيُّلُ والوَهْم والتقدير في النفس، من غير أن يكون هناك شيء يُحَسُّ، وذاتٌ تتحصَّل، ولا سبيل لك أن تقول: كَنَى باليد عن كذا، وأراد باليد هذا الشيء، أو جَعَل الشيءَ الفُلاَنيَّ يداً كما تقول: كَنَى بالأسد عن زيد، وعَنَى به زَيداً، وجعل زيداً أسداً، وإنما غايتُك التي لا مُطَّلعَ وراءها أن تقول: أراد أن يُثبت للشمال في الغداة تصرُّفاً كتصرُّف الإنسان في الشيء يقلّبهُ، فاستعار لها اليد حتى يبالغ في تحقيق الشبَهِ، وحُكْمُ الزمام في استعاراته للغداة حكم اليد في استعارتها للشمال، إذ ليس هناك مشارٌ إليه يكون الزمامُ كنايةً عنه، ولكنه وفَّى المبالغةَ شَرْطها من الطرفين، فجعل على الغداة زماماً، ليكون أتمَّ في إثباتها مصرَّفةً، كاجعل للشمال يداً، ليكون أبلغ في تصييرها مُصَرِّفة، ويفصل بين القسمين أنك إذا رجعت في القسم الأول إلى التشبيه الذي هو المغزَى من كل استعارة تُفيد، وجدتَه يأتيك عفواً، كقولك في رأيت أسداً رأيت رجلاً كالأسد أو رأيت مثل الأسد أو شبيهاً بالأسد وإن رُمْتَهُ في القسم الثاني وجدته لا يؤاتيك تلك المؤاتاة، إذ لا وجه لأن تقول: إذا أصبح شيء مثل اليد للشمال أو حصل شبيه باليد للشَّمال، وإنما يتراءى لك التشبيه بعد أن تَخْرِق إليه ستراً، وتُعمل تأمّلاً وفكرْاً، وبعد أن تُغيِّر الطريقةَ، وتخرج على الحذْوِ الأول، كقولك: إذ أصبحت الشَّمال ولها في قوة تأثيرها في الغداة شَبَهُ المالكِ تصريف الشيء بيده، وإجراءَه على موافقته، وجَذْبَه نحو الجهة التي تقتضيها طبيعته، وتنحوها إرادته، فأنت كما ترى تجدُ الشَّبه المنتَزع ها هنا إذا رجعتَ إلى الحقيقة، ووضعت الاسم المستعارَ في موضعه الأصلي لا يلقاكَ من المستعار نَفْسه، بل مما يضاف إليه، ألا ترى أنك لم تُرِدْ أن تجعلَ الشَّمال كاليد ومشبهةً باليد، كما جعلت الرجلَ كالأسد ومشبَّهاً بالأسد، ولكنك أردت أن تجعل الشمال كذي اليد من الأحياء، فأنت تجعل في هذا الضرب المستعارَ له وهو نحو الشمال ذا شيءٍ، وغرضُك أن تُثبت له حكم من يكون له ذلك الشيء في فعل أو غيره، لا نفسَ ذلك الشيء فاعرفه. وهكذا قول زهير: "وَعُرّيَ أفْراسُ الصّبا ورَوَاحِلُه"
لا تستطيع أن تُثبت ذواتاً أو شِبهَ الذوات تتناولُها الأفراسُ والرَّواحل في البيت، على حدّ تناوُل الأسدِ الرجلَ الموصوفَ بالشجاعة، والبدرِ الموصوفَ بالحسن أو البهاء، والسحاب المذكورَ بالسخاء والسماحة، والنورِ العلمَ، والهُدَى والبيان، وليس إلاّ أنك أردت أن الصِّبا قد تُرك وأهمل، وفُقِد نِزاعُ النفس إليه وبَطَل، فصار كالأمر يُنْصَرفُ عنه فتُعطَّل آلاته، وتُطرح أداته كالجهة من جهات المسير نحو الحج أو الغزو أو التجارة يُقضى منها الوطَرُ، فتُحَطُّ عن الخيل التي كانت تُركب إليها لبُودُها، وتُلقَى عن الإبل التي كانت تُحمَّل لها قتودُها، وقد يجيء وإن كان كالتكلّف أن تقول إن الأفراس عبارة عن دواعي النفوس وشهواتها، وقواها في لذَّاتها، أو الأسبَابِ التي تَفْتِل في حَبْل الصِبا، وتنصر جانبَ الهوى، وتُلهِب أريحيّة النشاط، وتُحرّك مَرَح الشَّباب، كما قال "ونعم مَطيّةُ الجهلِ الشبابُ" وقال "كان الشبابُ مَطِيّةَ الجَهْل" وليس من حقّك أن تتكلّف هذا في كل موضع، فإنه ربّما خرجَ بك إلى ما يضُرُّ المعنى وينْبو عنه طَبْعُ الشعر، وقد يتعاطاه من يخالطه شيء من طباع التعمُّق، فتجدُ ما يُفسد أكثر مما يُصلح

,,,

وجئت بينهما باعتراضية كمثال عن بيت شعر ( خاص بي ) سؤلت عنه أثناء كتابتي لهذا الرد فوضعته هنا من باب مقارنة - ولعلها تجوز - وطلبًا للدعم من رأي وحكم الجرجاني فيما سبق من بيت لبيد ( نظرًا لتشابه وجود استعارة بذات الأداة في كلا البيتين )
أم لعلني ذهبت بعيدًا بأن اللغة وصور الشعر حكر على من سبق وعلينا أن نقتات على فتات ما بقي منها بعد أن غمط أهل هذا العصر الأدب حقه ومنعوه من الوصول لمراتب أعلى مما سمح له بها من قبل متفيقهي النقد ومدعي الفهم ؟؟

ــــــــــــ

و أما بعد :

فلي عتب محب أبثه لك من قلب أخيك فأقول :
إنها المرة الثانية التي تدخل فيها موضوعًا نقديًا يا أخي
وتقتبس من كلامي قطعة وتترك قطعة أخرى
ومع شديد تقديري لك ولجهدك , فإن الاقتباس النصي للمناقشة يجب أن يحظى بالأمانة العلمية والأدبية لكي تكتمل الصورة
ولست أتهمك مبطنًا أو معلنًا أخي الكريم
ولكنني أدافع عن حق من حقوق الكاتب , وهو أن يقتبس فحوى محور النقاش بالكلية كي لا يقع القارىء في سوء فهم أو سوء ظن
فيطلق حكمًا على الكاتب في غير وجه حق معتمدًا على اقتباس منقوص
فقد كان لي معك من قبل أنك اقتبست من ردي في موضوع ( حول طيف ) قطعة من كلامي وعقبت عليها مشكورًا بهذا الرد :

ــــــــــــ

( فأزيدك وضوحًا بمثال من الآي الحكيم , لكي نرى ما فيه من تشابه معنوي مع جملتي )
فيا أخي الكريم مَنْ يشبه مَنْ ؟ الآية تشبه جملتك ؟! أنا لا شك بأنك حسن النية ، ولكن العبارة ما كان ينبغي أن تورد هكذا

ـــــــــــ

ولكنك لم تقتبس كلامي كلية فيما يخص هذا وانتزعت منه قطعة وتركت هذه البقية :

ـــــــــــ

فأزيدك وضوحًا بمثال من الآي الحكيم , لكي نرى ما فيه من تشابه معنوي مع جملتي
( وحاشى لله أن تدرك كلماتي الهزيلة معاني قرآنه )

ـــــــــــ

مما اضطرني للرد مرة أخرى للقول :

ـــــــــــ

وقد قلت منذ أول رد وكررت حتى عجز التكرار أن القرآن كلام الله ولا يجوز بأي حال أن يعتقد المرء بموازاة نصوصه الخاصة بهذا الآي الحكيم
وإنما كان استخدام الآية المذكورة لأنها حجة أنصع وأقوى من كل قول

,,,,

وها أنت مرة أخرى تقتبس من كلامي قطعة تنتزعها بعيدًا عن النص بمجمله فكيف للقارىء أن يفهمها منفردة وكيف لمثلك وأنت العارف أن يرى ما رأيت ويغمض عينًا عما تبعها وهو هذا :

ـــــــــــ

لأن الفارق شاسع هنا
ويحتاج لعين بصيرة و ذائقة خبيرة و فهم وعلم واسع بأساليب البلاغة وصنوفها
وكي أوضح الفارق بين هذا وذاك
سأتم المثال الذي قدم له الجرجاني في أساليب البلاغة صفحة 12 - 13 وهو مثال لما قدمت في بيتي السابق :
وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِـرَّةٍ إذ أصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمَامها
( هذا بيت للبيد نلاحظ فيه : والكلام للجرجاني )

ــــــــــــ

؟؟؟؟؟؟؟؟

,,,,

أيها المكرم
هذا ما يسمى بالاقتناص وليس بالاقتباس
أن تقتطع مزعة من كلام وتنسج حولها الأسئلة بعيدًا عن تتمة ذلك الكلام ثم تستهجنها وتسنكرها , حتى لتبدو أمام النظارة بأنها الكفر المبين أو أنها عورة القول فلا ستر يسرتها بعدما تركتها مكشوفة من لباس الدرء المعنوي واللفظي لها في بقية النص

فتعالى يا أخي لنرى هذا معًا

ـ لو أنك قلت لشخص ما :
أحبك في الله أيها المملوء حقدًا على أعداء الأمة و المملوء بغضًا على علمائها الذين باعوا أماناتهم للعدو

ثم جئتك ناقدًا فاقتطعت من قولك :

أحبك في الله أيها المملوء حقدًا
أو المملوء غضبًا
أو المملوء بغضاً على علمائها

فهل أكون قد أنصفتك فيما اقتبست من كلامك ؟؟
وهل يحق لي بعدها أن أسألك باستنكار:
لم تحب الحقد و تكره العلماء ؟؟



ثم إنه لمن العجب حقًّا أن تدرك ما أدركت من ردي في كلا الحالتين و تجعل منه زللأ بيننًا ولا أجدك قد أدركت ما وقعت فيه محاورتي آنذاك من أخطاء بالجملة نقدًا ونحوًا و شكلًا و مضمونًا
فوقفت على زلتي ( إن كانت من الزلل في شيء , والتي عللتها بنفسي واستغفرت لها قبل أن يلمح لي بها أحد )
وامتنعت عن رؤية أخطائها ..
ومن حق النقد عليك أن تنصف كلا النصين ..

,,,,


مع وافر تقديري واحترامي
وهذا ما كنت أنوي الاستطراد به في أحقية الكاتب بنصه
إن قوبل بنقد غير منصف ..
أو أحقية الناقد بالنص
إن كان كاتبه قد ذهب به مذهبًا بعيدًا عن الصواب ..
مع ضرورة التصويب بالحسنى وبطيب النصح وجميل القول في كلتا الحالتين بلا همز أو لمز أو شر مبطن أو انتقاص من ذات الشخوص
فالمنقود هو النص
وليس صاحبه

,,,

ولكنني توقفت عنه بعد إشارة إلى أنني قد تجاوزت إلى جزئيات بعيدة المدى عن هدف الموضوع الأساسي
وللحق :
مازال هناك الكثير مما يمكن قوله ..
ولكنني أكتفي بالرد على تساؤلك , وأزجي لك مودة على جناح البيان بعيدًا عن أي تعصب لأي نص أو رد مبهم أو غيره
ورمضان مبارك للجميع ..)

فيا أخي الكريم ما علاقتي أنا بكل ما نقلتَ لي ، وأما قولكَ أني دخلتُ للمرة الثانية ، فيا أخي هذا موضوع مفتوح للحوار ، وليس الحدود الإسرائيلية ، ثم ما الكلام الذي اقتطعتُه هل هو قولك حاشى لله ... وهل اتهمتُكَ بأنكَ تتجرأ على كلام الله ، لم يكن مني ذلك يا أخي ، ما كان مني لا تُخِطئه بصيرة من يقرأ ، ولذلك أعدتُ ما كان مني بقولي :

( الأخ الكريم د. عمر هزاع

رد السلام واجب ، وها أنا ألقي عليكِ بتحية الإسلام مرة أخرى بين يدي كلامي :

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

يا أخي الكريم سألتُك عن شيء ، فأجبتني بأشياء من هنا ، ومن هناك ، وما زال سؤالي يبحث عن جوابٍ منكَ ، فهل أعيده هنا ؟ والله لا أعلم يا أخي ما الذي جعلك تطيل هذه الإطالة مستحضرا تحفظا مني سبق ، ومعرجا على إعطائي دروسا في كيفية نقل النصوص :

(( هذا ما يسمى بالاقتناص وليس بالاقتباس
أن تقتطع مزعة من كلام وتنسج حولها الأسئلة بعيدًا عن تتمة ذلك الكلام ثم تستهجنها وتسنكرها , حتى لتبدو أمام النظارة بأنها الكفر المبين أو أنها عورة القول فلا ستر يسرتها بعدما تركتها مكشوفة من لباس الدرء المعنوي واللفظي لها في بقية النص
فتعالى يا أخي لنرى هذا معًا
ـ لو أنك قلت لشخص ما :
أحبك في الله أيها المملوء حقدًا على أعداء الأمة و المملوء بغضًا على علمائها الذين باعوا أماناتهم للعدو
ثم جئتك ناقدًا فاقتطعت من قولك :
أحبك في الله أيها المملوء حقدًا
أو المملوء غضبًا
أو المملوء بغضاً على علمائها
فهل أكون قد أنصفتك فيما اقتبست من كلامك ؟؟
وهل يحق لي بعدها أن أسألك باستنكار:
لم تحب الحقد و تكره العلماء ؟؟
ثم إنه لمن العجب حقًّا أن تدرك ما أدركت من ردي في كلا الحالتين و تجعل منه زللأ بيننًا ولا أجدك قد أدركت ما وقعت فيه محاورتي آنذاك من أخطاء بالجملة نقدًا ونحوًا و شكلًا و مضمونًا
فوقفت على زلتي ( إن كانت من الزلل في شيء , والتي عللتها بنفسي واستغفرت لها قبل أن يلمح لي بها أحد )
وامتنعت عن رؤية أخطائها ..
ومن حق النقد عليك أن تنصف كلا النصين .. )) أليس هذا نصك ، آمل أني لم اقتطع سياقه ، ثم إننا لا ننقل من كتب ، كلامك وكلامي ليسا ببعيد من ها هنا ، فما أيسر العودة إليهما لمن أراد تثبتا .

أيها المكرم ما حاجتي بما نقلتَ من كلام الإمام عبد القاهر على قول لبيد ؟ أنا سألتُك عن حكم ورد في كلامكَ ألستَ القائل :

( ( ولننظر فيما يقوله الجرجاني في هذا البيت :
( فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره )
وهذا كله , لأن الشاعر قد استعار الحافر في وصف قدم ضيفه
فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة

أنا يا أخي سألتُكَ عن هذه العبارة ، والآن أسألكَ هل لهذه العبارة تعلق بما قاله الإمام عبد القاهر فيما بعد ؟ حتى أكونُ كما وصفتني برائع بيانك ، وأدبك الرفيع :

" أن تقتطع مزعة من كلام وتنسج حولها الأسئلة بعيدًا عن تتمة ذلك الكلام ثم تستهجنها وتسنكرها , حتى لتبدو أمام النظارة بأنها الكفر المبين أو أنها عورة القول فلا ستر يسرتها بعدما تركتها مكشوفة من لباس الدرء المعنوي واللفظي لها في بقية النص ... ".

أيها الأخ الكريم إذا حظيتُ بجوابٍ منكَ على ما سألتُكَ عنه - للعلم والفائدة لا لشيء آخر - سأرد على ما جاء في كلامكَ من حسن ظن بأخيك .

والسلام لك من قبل ومن بعد .)

فأجبتني بقولكَ :

( السلام عليكم ورحمة الله
أما عن الردود التي قلت أنها لا زالت قائمة في مواضيعها
فهي كذلك لا زالت قائمة وليرجع إليها ..
وأما عن الرد للفائدة :
فإن لم تكن قد نظرت في هذا - الذي كررته للمرة الثالثة ولا زلت أكرره من كلام الجرجاني - فها أنذا - وللفائدة - ألونه بالأحمر :
وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره،
أم يا ترى كيف يفسر القارىء ما يقرأ هنا ؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله )

هل فيما تفضلتَ به من جوابٍ على سؤالي الذي وجهتُه لكَ في أول مداخلة لي ؟ ولذلك رددتُ عليك بما يلي :

وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

يا أخي الكريم ، وهل كنتُ أسألكَ عن هذا ؟ أحسب أني سألتُك عن هذه العبارة من قبل :

( فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة ) ولو أني أعرف كيف ألونها لجعلتها لك بالأحمر ، هذا سؤالي أعيده للمرة الثالثة :

فلستُ أدري هل هذا الحكم استنبطتَه من كلام الإمام ، أو هو صريح قول الإمام ، أو أنكَ قلتَ به من عندكَ اجتهادا ؟

أنا لم أسألكَ عن استنباط القارئ ، وإنما سألتكَ عن حكم نقدي خطه يراعك .

ولك التوقير والشكر

فإذا أنت بدلا من أن تمن عليَّ بالجواب تزجي لي وعيدا مضمخا بحسن ظنك :

وعليكم السلام
ولعلي أجنح لذات الأسلوب الذي ترد به فأسألك مع سابق علم ترى هل حقًّا لم تصلك الإجابة أم أنت تريد من ورائها
ما أشم رائحته من تهكم مبطن ؟؟
فإن لم يكن كل إفصاحي قد أفادك
فأنتظر إفصاحك حول ما سألتك عنه
كي أتيك برد لم تر مثله قبلًا
فأشفي به غليلك
فلا تعود لسؤالي بعدها عن هذا ؟؟
,,,,,
والسلام عليكم

ورحم الله من قال :


إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه = وصدق ما يعتاده من توهم

ووالله لا أخشى مما ستتحفني به إلا شيئا واحدا ، هو ما يجعلني لا أعود إليكَ في شيء ، وقد تركتُ كثيرا مما أود قوله لاحترام ما زلت احفظه لكَ ، ولحرمة هذا الشهر ، ولما يَجْمُل بي ، وما أنا بعائد إليك لأن الحقيقة والعلم والفائدة في واد ، وما أنت فيه في واد آخر ، ولن أجاريك في الطريقة التي سلكتها فما هي لي بطريق ، ولا أرب لي بتعسف المتاهات ، واتباع سوء الظن ، ولولا أن يظن العجول من القراء أن وراء الأكمة ما وراءها لما خططت حرفا من كلمتي هذه ، يقول ابن عبد البر - رحمه الله - : " المراء والملاحاة غير جائز منهما شيء ، وهما مذمومان بكل لسان ".
وبعد ، فليس عندي لأخي الدكتور هزاع على وعيده ، وحسن ظنه فيَّ غير السلام وقد كان لي سلف .

محمد إبراهيم الحريري
17-09-2007, 11:28 PM
الأحبة كرام الكلم ، طيبو اللغة
تحية صدق لكم
أما قبل : فلا قبل لي بما دار هنا إلا حيث وضعت المعاني رحلها أدبا ، قيـِّم عليه أهل الحرف لغة وبلاغة ، وكلكم أهل له ،
وأما بعد : فإني أرى عجاجة قلم ، تثير المعاني زوابع نفور ، وهي التي ألفت الأقلام ، وزمت حبال الإخاء سابق عهد ،
لذا أرجوكم أخذ قسط من وافر الرؤى ، وإدراك ما قيل على محمل النقد الموضوعي .
أرجوكم قبول توقف الكلم عند هذه المحطة .
ولكم جزيل الشكر

عطاف سالم
17-09-2007, 11:33 PM
الأخوة الأعزاء الفضلاء د/ عمر هزاع والأستاذ / أحمد الرشيدي
لقد تتبعت أول قطر الخلاف بينكما حول نص للجرجاني أورده د/ عمر وذكر أن فيه من الاستعارة اللفظية غير مفيدة وهذا وارد في كتاب أسرار البلاغة ص : 37 إنما بداية الكلام عن الاستعارة غير المفيدة عند عبد القاهر هو في ص 30
والبيت المذكور تتمة لعدة أمثلة ذكرها عبد القاهر عن الاستعارة غير المفيدة وهو يفهم من غير أن يصرح عبد القاهر أنه من ذلك النوع من الاستعارة ....
ولما كان الحديث قد خرج عن النقد إلى البلاغة وضاعت خصوصية الموضوع الأصلي المعقود لأجله هذا الحوار أحب أن أنهي الكلام عن الاستعارة غير المفيدة بالحديث عنها والتأكيد على أن المثال المختلف عليه هو فعلا من الاستعارة غير المفيدة ..
يقول عبد القاهر (( اعلم أن الاستعارة في الجملة أن يكون للفظ أصل في الوضع اللغوي معروف تدل الشواهد على أنه اختص به حين وضع ثم يستعمله الشاعر أو غير الشاعر في غير ذلك الأصل وينقله إليه نقلا غير لازم فيكون هناك كالعارية ))
ثم قسمها إلى قسمين مفيدة وغير مفيدة
ولن أتحدث عن المفيدة إنما سأتطرق إلى الأخرى لأنه موضع الخلاف
عرف عبد القاهر الاستعارة غير المفيدة بقوله : (( وموضع هذا الذي لايفيد نقله – ويقصد اللفظ , لأنه يتحدث عن الاستعارة اللفظية – حيث يكون اختصاص الاسم بما وضع له من طريق أريد به التوسع في أوضاع اللغة , والتنوق في مراعاة دقائق في المعاني المدلول عليها ,كوضعهم للعضو الواحد أسامي كثيرة بحسب اختلاف أجناس الحيوان , نحو وضع (( الشفة )) للإنسان و(( المشفر)) للبعير و(( الجحفلة )) للفرس , وماشاكل ذلك من فروق ربما وجدت في غير لغة العرب وربما لم توجد , فإذا استعمل الشاعر شيئا منها في غير الجنس الذي وضع له , فقد استعار منه ونقله عن أصله وجاز به موضعه )) انتهى كلامه
ويقصد عبد القاهر يرحمه الله تعالى من ذلك أن الشاعر إذا أراد التوسع في اللغة ومن باب التأنق فاستخدم شفة الإنسان ونقلها استعارة للحيوان أو العكس أو حتى نقل للفظ واستعارته بين حيوان وحيوان فهذا نقل للفظ واستعارة له من أصله الذي وضع له إلى مكان لغرض تانق وتوسع لكنه يظل نقل غير مفيد أو استعارة غير مفيدة ..
وقد ضرب لذلك بالعديد من الأمثلة
منها قول العجاج :
*وفاحما , ومرسنا مسرجا *
يعني أنفا يبرق كالسراج , و(( المرسن )) في الأصل للحيوان , لأنه الموضع الذي يقع عليه (( الرسن )) وهذا استعارة للمرسن الذي هو للحيوان ونقله إلى الإنسان وهذه استعارة غير مفيدة ... بقية الأمثلة ص : 31 - 39 تحقيق / محمود شاكر ط الأولى 1991 م 1412 هـ - مطبعة المدني بالقاهرة - دار المدني بجده
ومنها المثال الذي ذكره د/ هزاع وهو قول مزرد :
فمارقد الولدان حتى رأيته = على البكر يمريه بساق وحافر
فاستعارة لفظة (حافر) ونقلها من أصلها الذي وضع لها إلى الإنسان بدل أن يستخدم الشاعر القدم تعد هذه استعارة غير مفيدة فعلا إلا أن الشاعر قد اضطرته القافية لاستعارتها ..
ومن ثم فسؤال أخي أحمد حول هذا المثال أهو اجتهاد من أخي عمر أم لا ؟
أقول هو ليس اجتهاد بل هو ما أشار إليه عبد القاهر فعلا .
هذا من جهة ومن جهة ثانية إذا كان هناك أمثلة مشابهة لهذا النوع من الاستعارات غير المفيدة المتعلقة بنقل ألفاظ من أصل وضعها إلى موطن آخر غير مناسب لها من باب التوسع يمكن اعتبارها داخلة في هذا الباب إذا القياس عليه جائز والاجتهاد كذلك فالنصوص البشرية قابلة للنقاش والرد والقبول والرفض وليس هناك من نصوص معصومة سوى النصوص المقدسة من الكتاب والسنة .. ويظل العلماء بشر لهم مالهم وعليهم ماعليهم رغم اعتزازي الكبير بعبد القاهر الجرجاني يرحمه الله تعالى ولا أدل على ذلك غير ماعقده ابن جني في كتابه الخصائص من باب سماه ( من سقطات العلماء )
وللمارين من هنا أحب أن أنوه أن سوق الحديث عن الاستعارة وامتداده راجع إلى حديث د/ هزاع عن تحليل عبدالقاهر للأبيات الآتية والواردة ص 21 في كتابه ( أسرار البلاغة ) إذا تحدث فيها الإمام الجرجاني عن الاستعارة التي أثنوا عليها من جهة اللفظ :
ولما قضينا من منى كل حاجة = ومسح بالأركان من هو ماسح
وشدت على دهم المهارى رحالنا = ولم ينظر الغادي الذي هو رائح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا = وسالت بأعناق المطي الأباطح
فتحليل عبدالقاهر النقدي لهذه الأبيات يعد درسا بليغا في كيفية النقد والتحليل وكيفية تناول النصوص .
أخوتي الأعزاء أرجو أن يكون الخلاف قد زال بينكما بهذا البيان والتوضيح
ولنعد إلى أصل المقال إن أذنتم المتعلق بالنقد بعيدا عن دروس البلاغة وإن كان ولابد من ذلك فليكن فيما يخدم الحوار
مع خالص تقديري واحترامي لكما جميعا .

مازن سلام
17-09-2007, 11:42 PM
الأديبة المبدعة السيدة عطاف سالم المحترمة
اسمحي لي أن أضم صوتي لصوتك
و للصوت الجميل و الخلق النبيل
الذي تجلـّى في كلمة الشاعر العزيز
الأستاذ محمد ابراهيم الحريري
و لن أزيد على كلامكما حرفاً
كل التحية
مازن سلام

د. عمر جلال الدين هزاع
18-09-2007, 12:22 AM
السلام عليكم
ــــــــ
مالي أراك أيها الأخ الكريم تستنكر كل ما أكتب ؟؟
هل أزعجتك إذ قلت :
فأنتظر إفصاحك حول ما سألتك عنه
كي أتيك برد لم تر مثله قبلًا
فأشفي به غليلك
فلا تعود لسؤالي بعدها عن هذا ؟؟
يعلم الله أيها المكرم أنني ما عنيت ما خيل لك
ولو أنني عنيت ما تراءى لك
لقلتُ : آتيك برد يشفي غليلي ( أنا ) ولكنني قلتُ : يشفي غليلك ( أنت ) , فهل في هذا إساءة لك ووعيد ؟؟
أخي الحبيب :
يعلم الله أنني عنيت أن أفهم مقصدك , فهل أنت تظن بأنني أستنبط حكمًا من مقالة الجرجاني فتمنعني من مثل هذا ؟
أم أنك تريد بحق أن تعرف الأصل في الحكم ؟
و قد أدهشني سؤالك ..
لأنني أعي تمامًا أنك من أهل الأدب والفكر الذين أعتز بهم وبحوارهم وبأنك تعلم تمامًا أن الكلام للجرجاني وأن الحكم له وأنني ما استنبطت الحكم إلا بموجب نص مقتضب لما نقلته
وأما الجرجاني فقد أعلنها صراحة في نصه منذ البدء
ولكنني لم أضع كامل النقول لأنها تطول
وما رددت عليك متوعداً أخي الحبيب , وإنما عنيت أنني سآتيك برد نهائي قاطع لن تسألني بعده عن هذه النقطة
وما كنت لأتوعدك
لأن الحوار حوار الفكر للفكر والأدب للأدب والنفس للنفس
وأعيذك وأعيذ نفسي من الوقوع في زلل القول فيما لا ينفع
فهاك الرد - أولًا - كإجابة لما سألت عنه :
ــــــــــــ
يقول الجرجاني في صدر فصل الاستعارة في كتابه أسليب البلاغة ( صفحة : 8 )
( كل الكلمات باللون الأخضر للجرجاني )
تنقسم أوّلاً قسمين، أحدهُما: أن يكون لنقله فائدة، والثاني: أن لا يكون له فائدة، وأنا أبداً بذكر غير المفيد، فإنه قصيرُ الباع، قليل الاتساع
,,,,
ثم يعرج في تفصيل هذه الاستعارة غير المفيدة على الأمثلة التالية تراتبيًّا :
,,,,
كوضعهم للعضو الواحد أساميَ كثيرةً بحسب اختلاف أجناس الحيوان، نحوَ وضع الشفة للإنسان و المشْفَر للبعير و الجحفلة للفرس، وما شاكل ذلك من فروقٍ ربما وجُدت في غير لغة العرب وربما لم توجد، فإذا استعمل الشاعر شيئاً منها في غير الجنس الذي وُضِع له، فقد استعاره منه ونقله عن أصله وجَازَ به موضعَه، كقول العجّاج "وفَاحماً، ومَرْسِناً مُسَرَّجَا" يعني أنْفاً يَبْرُق كالسِّراج، و المَرْسِنُ في الأصل للحيوان، لأنه الموضع الذي يقع عليه الرسن وقال آخر: يصف إبلاً:
تسمعُ للماءِ كصوتِ المِسْحَلِ بين وَريدَيها وبَين الجَحْفَـلِ
فجعل للإبل جحافل، وهي لذوات الحوافر، وقال آخر: "وَالحَشْوُ من حَفَّانها كالحَنظلِ" فأجرَى الحَفَّان على صغار الإبل، وهو موضوع لصغار النعام، وقال الآخر:
فبِتْنَا جُلوساً لَدَى مُهرِنَـا نُنَزِّعُ من شَفَتيه الصَّفَارَا
فاستعمل الشفة في الفرس، وهي موضوعة للإنسان، فهذا ونَحْوه لا يفيدك شيئاً، لو لزمتَ الأصليّ لم يحصل لك، فلا فرق من جهة المعنى بين قوله من شفتَيه وقوله من جَحْفلتيه لو قاله، إنما يُعْطِيك كِلا الاسمين العضوَ المعلومَ فحسب، بل الاستعارة ها هنا بأن تنقصك جزءاً من الفائدة أشبهُ
,,,,
ثم أتبع أمثلته وصولًا إلى هذا :
,,,,,
فاعلم أنك قد تجد الشيء يُخلَط بالضَّرب الأول الذي استعارة من طريق اللفظ ويُعدُّ في قبيله، وهو إذا حقَّقت ناظِرٌ إلى الضرب الآخَر الذي هو مستعار من جهة المعنى وجارٍ في سبيله، فمن ذلك قولهم: إنه لغليظ الجَحافل، وغليظُ المشافر، وذلك أنه كلام يصدر عنهم في مواضع الذّمّ، فصار بمنزلة أن يقال: كأنَّ شفته في الغِلَظ مِشفَر البعير وجَحْفَلة الفرس، وعلى ذلك قول الفرزدق:
فلو كنتَ ضَبّيّاً عرفتَ قَرابتي ولكنَّ زنجيّاً غليظَ المشافِـر
فهذا يتضمّن معنى قولك: ولكن زنجياً كأنه جمل لا يعرفُني ولا يهتدي لَشَرفي، وهكذا ينبغي أن يكون القول في قولهم: أنْشبَ فيه مخالبه، لأنَّ المعنى على أن يجعل له التعلُّق بالشيء والاستيلاء عليه، حالةً كحالة الأسد مع فريسته، والبازي مع صيده، وكذا قول الحُطَيئة:
قَرَوْا جارَك العَيمْانَ لمَّا جَفَوْتَـهُ وقَلَّصَ عن بَرْدِ الشَّرابِ مَشَافرهُ
حَقُّه، إذا حقّقت، أن يكون في القبيل المعنويّ، وذلك أنه وإن كان عَنَى نفسَهُ بالجار، فقد يجوزُ أن يقصد إلى وصْفِ نفسه بنوع من سُوء الحال، ويعطيها صفةً من صفات النقص، ليزيد بذلك في التهكم بالزِّبرقان، ويؤكّد ما قصده من رميه بإضاعة الضيف واطراحه وإسلامه للضُرّ والبؤس، وليس ببعيد من هذه الطريقة من ابتدأ شعراً في ذمِّ نفسه، ولم يرضَ في وصف وجهه بالتقبيح والتشويه إلا بالتصريح الصريح دون الإشارة والتنبيه.
وأما قولٌُ مُزَرِّد:
فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره
,,,,,
وهنا ينتهي حديث الجراجني عن الاستعارة غير المفيدة
وبعدها يلج إلى الاستعارة المفيدة في فصل جديد من كتابه
في الصفحة 9 تحديدًا
,,,,,
وهذا يعني أن كل ما سبق من أمثلة كانت تندرج في باب الاستعارة غير المفيدة كما صنفها الجرجاني
ــــــــ
وأخيرًا
دعني أعتذر منك إن كنتُ قد أسأت فهم
أو إن فعلت أنت بالمثل
فمثلك تشد إليه الرحال
وإنني لجد فخور بمعرفتك وحوارك
ولو أنك حاورتني من قبل لعرفت أيها الأخ الحبيب
أنني لست ممن يحقدون أو يتعنتون , بل أنا أقبل النصح والتصويب من أقل الناس علمًا , فما بالك بمن هم مثلك من أكابر الأدباء ؟؟
لعلني أندم كثيرًا إن بقي في نفسك شيء ضدي , وإن لم تصفح عني ..
و أعدك ألا ترى اسمي هنا في الواحة إن كنت قد أخطأت بحقك ..
فما أصعب على قلبي ونفسي من رؤية كريم مثلك ( وحبيب إلى قلبي ) يسيء الظن بي ويتكدر خاطره من كلامي في مثل هذه الايام الفضيلة
بانتظار عفوك وصفحك أخي الحبيب
أو ..
فليرحمني الله من بعدك
خالص التقدير لعلمك وأدبك
وموفور الاحترام لفكرك وعقلك وحرفك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحمد الرشيدي
18-09-2007, 12:37 AM
أختي الموقرة الأستاذة عطاف

أستاذتي الفاضلة أما ما تفضلتِ به ، فهو من المواضع التي ضمنها أستاذنا الدكتور محمد أبو موسى - حفظه الله وإياكِ - سؤالا في اختبار البلاغة ، وأنتِ تعرفين من محمد أبو موسى ، فقد كاد يجعلنا نحفظ كتابي عبد القاهر عن ظهر قلب .

هذا كلام عبد القاهر عن بيت مزرد - ومحمود شاكر في التحقيق نسبه لجبيهاء الأشجعي - :
" وأما قول مزرد ، وذكر البيت ...
فقد قالوا : إنه أراد أن يقول : ( بساق وقدم ) ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافر موضع القدم . وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ( انظري حفظك الله كيف ينظر عبد القاهر لدلالة السياق ) ما يدل على قصده أن يُحسن القولَ في الضيف ، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه ، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له ، وذلك قوله :
فقلتُ له أهلا وسهلا ومرحبا = بهذا المحيا من مُحَىً وزائرِ

فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى ( هل تعرفين أي أي شيء يحيل الإمام إنها الاستعارة المفيدة ) وأن يكون الذي ُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره ، وتقاذف نواحي الأرض به ، وأن يُبالغ في ذكره بشدة الحرص على تحريك بَكْره ، واستفراغ مجهوده في سيره ، ويُؤنس بذلك أن تنظر إلى قوله قبل :

وأشعث مُسترخي العلابي طوَّحت = به الأرضُ من بادٍ عريضٍ وحاضرِ
فأبصَرَ ناري وهي شقراءُ أوقدت = بعلياء نَشْزٍ للعيون النواضر

وبعده ( فما رقد الولدان ) ، فإذا جعله ( أشعث مسترخي العلابي ) فقد قرُبت المسافة بينه وبين أن يجعل قدمَه حافرا ليعطيَه من الصلابة وشدة الوقع على جنب البكر حظا وافرا )) انتهى كلامه - رحمه الله - فهل هذا لا قيمة له أو أنها معانٍ جليلة دقيقة فَطن لها الإمام مما جعله يتوقف عن القول بأنها استعارة غير مفيدة ، ولذلك قال رحمه الله حين عرج على هذه الشواهد بقوله :
" فاعلم أنك قد تجد الشيء يُخلط بالضرب الأول الذي هو استعارة من طريق اللفظ ويُعد في قبيله ( كقول العجاج .. ومرسنا ) وهو إذا حقَّقتَ ناظر إلى الضرب الآخر الذي مستعار من جهة المعنى وجارٍ في سبيله ... ( ص 36 ) ولذلك أورد بعد بيت مزرد ( سأمنعها أو سوف ... إلى ملك أظلافه لم تشقق ) قائلا :
( هو في حد التشبيه والاستعارة .... فإذا كان من شرط هذه الاستعارة أن يُؤتى بها في موضع العيب والنقص ، فلا شك في أنها معنوية .)ص 39 ، وظاهر من تحليل الإمام لقول مزرد أن الاستعرة جيء بها لأمر معنوي ، فتكون استعارة مفيدة ، ولذلك عنون العلامة شاكر بقوله عند بدء هذه الشواهد بـ( الاستعارة اللفظية الناظرة إلى المعنوية ) فكيف تقولين - يا أستاذتي - أنها غير مفيدة وكلام عبد القاهر وتحليله الدقيق بين يديك ، هذا أمر ، ثم كيف تطلقين هذا الحكم النقدي على صاحب النص ، فتكونين شرطية كما يقول أخي الحبيب مازن سلام ، مع اعتبار تقادم العهد بهؤلاء الشعراء الذين يحتج بكلامهم ، وهم أحق بالتماس الأوجه التي يستقيم معها كلامهم يقول ابن طبا طبا في عيار الشعر ( تحقيق د. الحاجري د. محمد زغلول المكتبة التجارية ص 11 ):
" إذا اتفق لك في أشعار العرب التي يحتج بها تشبيه لا تتلقاه بالقبول ، أو حكاية تستغربها ، فابحث عنه ( وهذا ما كان من الإمام عبد القاهر الناقد البلاغي ) ونقر عن معناه ، فإنك لا تعدم أن تجد تحته خبيئة إذا أثرتها عرفتَ فضل القوم بها ، وعلمتَ أنهم أدق طبعا من أن يلفظوا بكلام لا معنى تحته ، وربما خفي عليك مذهبهم في سنن يستعملونها بينهم في حالات يصفونها في أشعارهم ... ، فإذا وقفتَ على ما أرادوا لطف موقع ما تسمعه من ذلك عند فهمك ." هل رأيتِ النقاد كيف يتعاملون مع النص الذي هو ملك لصاحبه ، تُرى لو بعث الله مزردا صاحب النص ، وقال لكِ : أنا صاحب النص ، وهو ملكي ، فلم حكمتِ على بيتٍ لي ضمنته استعارة بأنها غير مفيدة ، وبين يديك كلام ناقد فذ أمعن النظر فيما قلتَ ، ثم تأتين أنتِ لتقولي بعد ذلكَ أنها استعارة غير مفيدة ، هل النقد هكذا ؟ أو هذه وصاية النقاد على شعر من يحتج بهم .

أراكِ يا أستاذتي نقضتِ ما جاء في كلامكِ الذي بدأتِ به في مفتتح هذا الموضوع . من الذي أنصف المبدع هنا ؟

تحياتي وتقديري وسلامي

أحمد الرشيدي
18-09-2007, 12:58 AM
السلام عليكم
ــــــــ
مالي أراك أيها الأخ الكريم تستنكر كل ما أكتب ؟؟
هل أزعجتك إذ قلت :
فأنتظر إفصاحك حول ما سألتك عنه
كي أتيك برد لم تر مثله قبلًا
فأشفي به غليلك
فلا تعود لسؤالي بعدها عن هذا ؟؟
يعلم الله أيها المكرم أنني ما عنيت ما خيل لك
ولو أنني عنيت ما تراءى لك
لقلتُ : آتيك برد يشفي غليلي ( أنا ) ولكنني قلتُ : يشفي غليلك ( أنت ) , فهل في هذا إساءة لك ووعيد ؟؟
أخي الحبيب :
يعلم الله أنني عنيت أن أفهم مقصدك , فهل أنت تظن بأنني أستنبط حكمًا من مقالة الجرجاني فتمنعني من مثل هذا ؟
أم أنك تريد بحق أن تعرف الأصل في الحكم ؟
و قد أدهشني سؤالك ..
لأنني أعي تمامًا أنك من أهل الأدب والفكر الذين أعتز بهم وبحوارهم وبأنك تعلم تمامًا أن الكلام للجرجاني وأن الحكم له وأنني ما استنبطت الحكم إلا بموجب نص مقتضب لما نقلته
وأما الجرجاني فقد أعلنها صراحة في نصه منذ البدء
ولكنني لم أضع كامل النقول لأنها تطول
وما رددت عليك متوعداً أخي الحبيب , وإنما عنيت أنني سآتيك برد نهائي قاطع لن تسألني بعده عن هذه النقطة
وما كنت لأتوعدك
لأن الحوار حوار الفكر للفكر والأدب للأدب والنفس للنفس
وأعيذك وأعيذ نفسي من الوقوع في زلل القول فيما لا ينفع
فهاك الرد - أولًا - كإجابة لما سألت عنه :
ــــــــــــ
يقول الجرجاني في صدر فصل الاستعارة في كتابه أسليب البلاغة ( صفحة : 8 )
( كل الكلمات باللون الأخضر للجرجاني )
تنقسم أوّلاً قسمين، أحدهُما: أن يكون لنقله فائدة، والثاني: أن لا يكون له فائدة، وأنا أبداً بذكر غير المفيد، فإنه قصيرُ الباع، قليل الاتساع
,,,,
ثم يعرج في تفصيل هذه الاستعارة غير المفيدة على الأمثلة التالية تراتبيًّا :
,,,,
كوضعهم للعضو الواحد أساميَ كثيرةً بحسب اختلاف أجناس الحيوان، نحوَ وضع الشفة للإنسان و المشْفَر للبعير و الجحفلة للفرس، وما شاكل ذلك من فروقٍ ربما وجُدت في غير لغة العرب وربما لم توجد، فإذا استعمل الشاعر شيئاً منها في غير الجنس الذي وُضِع له، فقد استعاره منه ونقله عن أصله وجَازَ به موضعَه، كقول العجّاج "وفَاحماً، ومَرْسِناً مُسَرَّجَا" يعني أنْفاً يَبْرُق كالسِّراج، و المَرْسِنُ في الأصل للحيوان، لأنه الموضع الذي يقع عليه الرسن وقال آخر: يصف إبلاً:
تسمعُ للماءِ كصوتِ المِسْحَلِ بين وَريدَيها وبَين الجَحْفَـلِ
فجعل للإبل جحافل، وهي لذوات الحوافر، وقال آخر: "وَالحَشْوُ من حَفَّانها كالحَنظلِ" فأجرَى الحَفَّان على صغار الإبل، وهو موضوع لصغار النعام، وقال الآخر:
فبِتْنَا جُلوساً لَدَى مُهرِنَـا نُنَزِّعُ من شَفَتيه الصَّفَارَا
فاستعمل الشفة في الفرس، وهي موضوعة للإنسان، فهذا ونَحْوه لا يفيدك شيئاً، لو لزمتَ الأصليّ لم يحصل لك، فلا فرق من جهة المعنى بين قوله من شفتَيه وقوله من جَحْفلتيه لو قاله، إنما يُعْطِيك كِلا الاسمين العضوَ المعلومَ فحسب، بل الاستعارة ها هنا بأن تنقصك جزءاً من الفائدة أشبهُ
,,,,
ثم أتبع أمثلته وصولًا إلى هذا :
,,,,,
فاعلم أنك قد تجد الشيء يُخلَط بالضَّرب الأول الذي استعارة من طريق اللفظ ويُعدُّ في قبيله، وهو إذا حقَّقت ناظِرٌ إلى الضرب الآخَر الذي هو مستعار من جهة المعنى وجارٍ في سبيله، فمن ذلك قولهم: إنه لغليظ الجَحافل، وغليظُ المشافر، وذلك أنه كلام يصدر عنهم في مواضع الذّمّ، فصار بمنزلة أن يقال: كأنَّ شفته في الغِلَظ مِشفَر البعير وجَحْفَلة الفرس، وعلى ذلك قول الفرزدق:
فلو كنتَ ضَبّيّاً عرفتَ قَرابتي ولكنَّ زنجيّاً غليظَ المشافِـر
فهذا يتضمّن معنى قولك: ولكن زنجياً كأنه جمل لا يعرفُني ولا يهتدي لَشَرفي، وهكذا ينبغي أن يكون القول في قولهم: أنْشبَ فيه مخالبه، لأنَّ المعنى على أن يجعل له التعلُّق بالشيء والاستيلاء عليه، حالةً كحالة الأسد مع فريسته، والبازي مع صيده، وكذا قول الحُطَيئة:
قَرَوْا جارَك العَيمْانَ لمَّا جَفَوْتَـهُ وقَلَّصَ عن بَرْدِ الشَّرابِ مَشَافرهُ
حَقُّه، إذا حقّقت، أن يكون في القبيل المعنويّ، وذلك أنه وإن كان عَنَى نفسَهُ بالجار، فقد يجوزُ أن يقصد إلى وصْفِ نفسه بنوع من سُوء الحال، ويعطيها صفةً من صفات النقص، ليزيد بذلك في التهكم بالزِّبرقان، ويؤكّد ما قصده من رميه بإضاعة الضيف واطراحه وإسلامه للضُرّ والبؤس، وليس ببعيد من هذه الطريقة من ابتدأ شعراً في ذمِّ نفسه، ولم يرضَ في وصف وجهه بالتقبيح والتشويه إلا بالتصريح الصريح دون الإشارة والتنبيه.
وأما قولٌُ مُزَرِّد:
فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره
,,,,,
وهنا ينتهي حديث الجراجني عن الاستعارة غير المفيدة
وبعدها يلج إلى الاستعارة المفيدة في فصل جديد من كتابه
في الصفحة 9 تحديدًا
,,,,,
وهذا يعني أن كل ما سبق من أمثلة كانت تندرج في باب الاستعارة غير المفيدة كما صنفها الجرجاني
ــــــــ
وأخيرًا
دعني أعتذر منك إن كنتُ قد أسأت فهم
أو إن فعلت أنت بالمثل
فمثلك تشد إليه الرحال
وإنني لجد فخور بمعرفتك وحوارك
ولو أنك حاورتني من قبل لعرفت أيها الأخ الحبيب
أنني لست ممن يحقدون أو يتعنتون , بل أنا أقبل النصح والتصويب من أقل الناس علمًا , فما بالك بمن هم مثلك من أكابر الأدباء ؟؟
لعلني أندم كثيرًا إن بقي في نفسك شيء ضدي , وإن لم تصفح عني ..
و أعدك ألا ترى اسمي هنا في الواحة إن كنت قد أخطأت بحقك ..
فما أصعب على قلبي ونفسي من رؤية كريم مثلك ( وحبيب إلى قلبي ) يسيء الظن بي ويتكدر خاطره من كلامي في مثل هذه الايام الفضيلة
بانتظار عفوك وصفحك أخي الحبيب
أو ..
فليرحمني الله من بعدك
خالص التقدير لعلمك وأدبك
وموفور الاحترام لفكرك وعقلك وحرفك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أخي الكريم د. عمر هزاع

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

عفا الله عنكَ يا أخي على أي شيء آل الأمر إلى ما آل إليه أعلى ( سدى ) و ( استعارة غير مفيدة ) ؟! نحن أكبر من هذا ، وهل العلم والأدب إلا أخذ وعطاء سؤالٌ متأدبٌ يُقابل بجواب شافٍ وينتهي الأمر برمته .

لا عليكَ يا أخي ، فلستُ ممن تظن ، والحمد لله أنك أسمعتني ما هو خليق بكَ ، فشكر الله لكَ وجزاكَ عني خيرا .

والسلام عليكَ ورحمة الله وبركاته

د. عمر جلال الدين هزاع
18-09-2007, 01:08 AM
السلام عليكم

بارك الله قلبك وفكرك
أيها المكرم
وكم سيشرفني جوارك وحوارك في شتى المواضيع
ولعلك تزروني في نصوصي لكي تكرمها بردودك ونقدك ونصحك
ولك مني وافر التقدير
والسلام عليكم ورحمة الله

مأمون المغازي
18-09-2007, 01:14 AM
شكر الله لكل من خط هنا بيانًا وعلمًا ، والحمد لله الذي وسع باب النقاش لنصل إلى هذا المستوى الراقي من حوار الأدباء قبل العلماء ، كنت أدلي بدلوي فلما صار الأمر إلى ما صار ، توجست ريبة فآثرت دور المراقب ، فاستحثني النقاش فاتخذت مقعد المتعلم .

الأستاذة :عطاف سالم .
الأستاذ : عمر هزاع .
الأستاذ : أحمد الرشيدي .
الأستاذ : محمد الحامدي .
الأستاذة انتصار صبري .
الأستاذ : مازن سلام .

كل الشكر لكم لما بذلتم هنا من إبداء رأي واجتلاب علم ، وفوق ذلك سعة صدر ستكون الأساس في المتابعة .

الأستاذة : عطاف سالم ، لك شكر خاص .

لنستكمل الحوار أيها الأكارم

محبتي واحترامي ،

مأمون

د. عمر جلال الدين هزاع
18-09-2007, 02:21 PM
تحية تقدير إلى أخي الحبيب أبي القاسم لحضور كريم
ولأخي الحامدي الذي شرفني برأيه
وأعتز بشهادته
وبمتابعته واهتمامه
وللأخت عطاف لجهدها الواضح والمشكور في البحث عن الحقيقية وللوصول إلى نقطة حاسمة وهامة في مسيرة أي نص أدبي
بين سندان الإبداع ومطرقة النقد
,,,

خالص تقديري للجميع

د. عمر جلال الدين هزاع
18-09-2007, 02:22 PM
أخي المغازي الحبيب
بارك الله بك
ونتظر البدء منك فتفضل مع خالص اعتزازنا وتقديرنا

عطاف سالم
18-09-2007, 02:22 PM
أخي الفاضل , الأديب / أحمد الرشيدي
أنا وقفت عند موضع الشاهد فقط للضرورة وهو البيت الذي كان حوله الخلاف في محاولة مني لتخفيف التوتر بينكما أنت والدكتور عمر أما بالنسبة لبقية الأبيات وهي :
فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا = بهذا المحيا من محي وزائر
وأشعث مسترخي العلابي طوحت = به الأرض من باد عريض وحاضر
فأبصر ناري وهي شقراء أوقدت = بعلياء نشز للعيون النواظر
فأنا لم أشك أبدا في روعتها وتحليل عبدالقاهر الجميل لها فضلا عن أنها من أرسخ الشواهد في ذهني بتحليل استاذنا القدير لها تحليلا لايختلف عن تلك الروعة وأنت تعرفه صدقني أثر جمالها مازال خالدا في روحي ومتعلقا في ذهني وكأنه الوريد منه .
إلا أن عبدالقاهر وإن وجد للشاعر في التعبير (بالحافر) عن (القدم ) مخرجا رائعا وهو أن يصفه بسوء الحال في سيره , وتتقاذف نواحي الأرض به .... الخ ماقاله تخريجا .. لكنه قال كلاما حول الشاهد نفسه من قبل وأريد منك أن تتأمله وهو قوله :
(( فليس بالبعيد أن يكون فيه شوب ممامضى )) ؟؟
أليس في هذا إلماع إلى أن الشاهد ينزع إلى الاستعارة غير المفيدة بهذا التعبير أو هذه اللفظة ( حافر) لكنه وجد له مخرجا وكان بيتا من أبدع مايكون بهذا المخرج !
ثم أجبني أنت بصرف النظر عن سياق اللفظة في الشاهد مع بقية الأبيات البديعة ..
ألا ترى في نقل لفظة الحافر من الأصل الذي وضعت له - وهو الحيوان - إلى الإنسان هو نقل غير مفيد وبالتالي تكون استعارته استعارة غير مفيدة ؟؟
ومن ثم فلم أكن لأظلم صاحب النص - الشاعر مزرد بن ضرار - كما تفضلت وتلصق بي صفة الشرطية لأني نظرت إلى نصه من وجهتين كلها صحيحة :
* النظر إلى المفردة والحكم على نقلها واستعارتها .
* ثم النظر على حكم عبدالقاهر لها
ثم أي شاعر يحتج بكلامه؟
قد لايحتج بالفصاحة والبلاغة والبيان إلا بأرباب البيان الأول الذين نزل القرآن متحديا لهم يعني العصر الجاهلي بينما هذا الشاعر وإن أحسن إلا أنه بعد ذلك العصر بقرون إذ نشأ وتوفي في أيام بني أمية .
ولو بعث هذا الشاعر على حد قولك وقال لي بمثل ماتخيلت أنت فعندئذ يكون هناك قرع للحجة بالحجة فإما أن أقنعه وإما أن يقنعني ولامصادرة لرأي أبدا وليس في هذا أي وصاية كما تفضلت إنما هو تبين وتحليل ومحاولة تقريب النص إلى القاريء ولقد سبق لي في مقالي إيضاح مفهوم الوصاية ماهو !
أما كونك تعيد لي قولك : ((نقضتِ ما جاء في كلامكِ الذي بدأتِ به في مفتتح هذا الموضوع)) مرة خبرا ومرة انشاءا فأجدني عفوا أخي العزيز لست في حاجة للإجابة عليه مرة أخرى فلقد أجبتك عليه من قبل ولا أحب التكرار..
ولاتغضب لعبد القاهر فأنا كما تعلم لست حداثية ولست في المقابل تقليدية صرفه أنا أجمع بين المدرستين وأينما كانت مواطن القطر تتبعتها وقد سبق وإن ألمحت إليك أن طريقته في التحليل والنقد تعد مدرسة فلو وجد اليوم ناقد مثله لكان حال النقد بخير وكذلك الأدب
أرجو أن أكون قد وفقت في الإجابة عن أسألتك وتحليل تعليقاتك ..
أشكرك لك جل تقديري وجل احترامي

عطاف سالم
18-09-2007, 02:39 PM
الحمد لله رب العالمين أن الخلاف قد حل بين أخوين كريمين ..
وأرجو أيها الأديب الرشيدي ألا تدير دفة الخلاف حولي هذه المرة وبانتظار الحوار البناء
فكل يؤخذ من كلامه ويرد عليه فكلامنا صواب يحتمل الخطأ وكلام غيرنا قد يكون خطأ لكنه يحتمل الصواب
تشرفت بانضمام الأستاذ الفاضل / الحامدي إلينا مع الأديب العزيز / مازن سلام
وبعودة الأستاذ الفاضل / مأمون المغازي ....
تحياتي وتقديري لكم جميعا
بارك الله فيكم

عطاف سالم
18-09-2007, 02:53 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وثبت اجر صيامكم وقيامكم بإذن العزيز الحكيم .
بالرغم من أني وضعت مقالا بعنوان : بين " شعرية " الشعر و " قرائية " القراءة حاولت فيها أن أميز بين نقد المحاكم والقراءة الباحثة عن شروط الجمالية ، فإني أعود هنا بمداخلة بسيطة :
1 - سبب المداخلة : هذا التطارح النقدي الدقيق السامي الراقي من جميع المتدخلين والنقاد ، وبالرغم مما أجد فيه أحيانا مما يشبه التوتر ، فإني أجده بحثا مفيدا للغاية وما أحوجنا إلى " نقد " يلقي عباءة المجاملة ويجهد أدواته في إماطة الغموض عن بعض نصوصنا النقدية اليوم .
2 - محاولة الإجابة عن سؤال المقال الأساسي في المقالة المنطق لهذه المحاورة وهو من الأحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟ والحق أقول - في نظري المتواضع - إن السؤال في حد ذاته فيه كثير من الدلالات الهامة ، فهو يحول العلاقة بين الباث والمتقبل ( المبدع والقارئ ) إلى صراع حول الأحقية بالنص . وهذا أمر توارثناه منذ عهد الموازنات ( الآمدي ) مثلا بل منذ عهد الروايات ... فكأن المبدع بنصه يريد إفحام القارئ / الناقد ، وكأن الناقد يجرد سيوف النقد لمحاكمة المبدع . بينما في نظري العلاقة بين النقد بما هو قراءة والنص بما هو إبداع هي علاقة قوامه الإثراء ، فكما يثري الأبداع النقد بما هو مادته على الأقل ، فإن النقد يثري الإبداع بما هو معين على إظهار جماليته بما هو فهم له وقراءة لإبداعه . لذلك وبالرغم من أن الكلام على الكلام صعب فإن أحقية النص رهينة من ينقده ومن يبدعه ، بل أول ناقد للنص هو مبدعه ، على هذا الأساس يكون النقد إبداعا على إبداع وإفهام لكلام ...
2 - ألاحظ فيما يدور في هذه الصفحة من حوار نقدي أنه صراع كبار في الأدب / الإبداع والنقد / القراءة .
لن أعود إلى أسماء من كتبوا هنا ولا إلى آرائهم التفصيلية ولا إلى الفائدة الكبرى التي أفدتها شخصيا من كل سؤال طرح أو رأي أو رد ، وكم أود دفع هذا الحوار إلى ذلك الحد الذي تزداد معه الفائدة والمتعة ، ولكني أجد أحيانا الآراء وقد غادرت بعض هدوئها فتحولت من بحث نقدي رصين إلى محاكمة لصاحب الرأي مهما كان ، هنا أجد ارتدادا في العملية النقدية ، نعم هي الردة إلى ذلك الصراع بين النقد والإبداع ، بين عزة المبدع وجبروت الناقد ... وهذا الأمر قد يخرج تبادل الرأي عن المسار القويم ويصبح الحوار الشخصي ضربا من الهجوم الشخصي والدفاع الأكثر شخصانية ... أقول هنا وبحب وود ، دعونا نستفيد من آرائكم وعلمكم الغزير بعيدا عن الأحكام المنفعلة التي قد لا تجدي .. فما أجمل هذا الحوار بين عظيمين حول رأي الجرجاني في الاستعارة وما أروع هذه الدقة في السؤال والرد والبحث ، ذاك ما يخدم أدبنا ويرقى به وما عداه من محاكمات وتوتر و" مجاملات " لا يفيد ... نعم لا يفيد ... فالقارئ هنا متسع ومتسع جدا ..
3 - أريد أن أقول كلمة حق هنا في رجل أرى النقد قد حاطه من كل جانب . فالدكتور عمر جلال الدين هزاع شاعر مجتهد ، مجدد ، مبدع في تجديده ، يحاول أن يقدم لنا ثمرة اجتهاد أدبي أكاد أغبطه عليه ، والرجل ما أثار هذه الموجة النقدية حول أدبه وآرائه إلا لأنه مجتهد ، ملم بشرائط اللغة والأدب .. فلننصف الرجل على الأقل في اجتهاده ولنشد على يده فيما يشرع من شارع الشعر والإبداع ... هذا لا يعني أن نبارك خطأه إن أخطأ ولا أن نغض الطرف عن زلاته إن زلّ به الاجتهاد ... ولكن لنفعل ذلك ملتزمين بشروط القراءة الرصينة التي تبحث في جمالية ما يبدع وما يقدم لنا .... وقد عهدت الرجل يقبل رأي قارئه ولي معه تجربة إذ طلبت منه يوما تغيير لفظتين وردتا في إحدى روائعه الشعرية فاستجاب والأدب يقطر من حروفه ..
5 - أعود إلى الأخت عطاف لأقول لها : في رأيي المتواضع إن الأحق بالنص هو التاريخ ، فهو مالكه النهائي وهو الذي سيضمه إلى أعطافه فإن كان ذا قيمة أبانها وأظهرها وإن كان غير ذلك لفه في طي النسيان وجعله من خبر " كان " أو " قيل ذات يوم " .
أرجو المعذرة عن تدخلي وأرجو من عباقرة الواحة وعلمائها مزيدا من هذا النقد المفيد لا حرمنا الله علمهم وأدبهم وإبداعهم ... فقط انظروا إلى الأدب ، إلى النص ومرحى بما تجودون به علينا .


أخي الفاضل , الأديب القدير / محمد الحامدي
أولا أحييك وأرحب حقيقة بمداخلتك القيمة هذه ..
إنما لتسمح لي ببعض التعليق والرد
فجميل الحقيقة التحاور العلمي أما أن يخرجنا عن أصله ويدخلنا في دورس عن الاستعارة وكلام كثير عن علماء البلاغة فأنه في رأيي من الأفضل أن يكون الحديث مركز ومخصص دون أن ينفرط عقده أو يتشعب مالم يكن لذلك صلة شديدة وضرورة ملحة وأمر يتطلبه فألف أهلا به ..
أماقولك الذي وجهته لي وهو (( : في رأيي المتواضع إن الأحق بالنص هو التاريخ ، فهو مالكه النهائي وهو الذي سيضمه إلى أعطافه فإن كان ذا قيمة أبانها وأظهرها وإن كان غير ذلك لفه في طي النسيان وجعله من خبر " كان " أو " قيل ذات يوم " ))
فلعلك قد قرأت لي ردا مثل هذا
نعم التاريخ هو الذي يخلد العمل الأجود سواء لكاتب أو لناقد حول النص ذاته .
أقدر لك مرورك وحضورك النبيل بارك الله فيك أبدا
تقبل تحيتي وكل تقديري
ولعلي أعود إلى مقالك الرائع فاستفد منه علما

عطاف سالم
18-09-2007, 03:09 PM
تحية ثانية



عدتُ لأقول أنّ ما يبعدني أيضاً عن طريق النقد و النقاد شيء مهم ألا و هو تعقيدهم للنص لا تبسيطه و تقديمه للقارئ بمفردات سهلة الهضم
و كأنّ بعض النقاد ينتقم ... من إبداع الكاتب باستخدام عبارات و تشابيه أقرب إلى طبيب منها إلى ناقد أدبي... و برأيي أنّ مثل هذا الأسلوب يضرّ بالناقد و بالكاتب على حد سواء, فالقارئ الذي أعجبه نصّ ما أو قصيدة أو كتاب , فلا يهمه النقد إلا من باب " ماذا يقول صاحبنا " .
أمّا الضرر الذي قد يلحق بالكاتب هو أن يكون الناقد استعمل أسلوب الهجوم الصاعق على أي نص , فيدخل القارئ إلى الحلبة ليكون طرفاً و شاهداً معه , ليس هذا فحسب , فإن وسائل الاعلام إن كانت في خدمة بعض النقاد الثوريين و الثائرين , فإنّ الدعاية السلبية قد تنحر كتاباً و تقتله في مهده.
و أعود معكم إلى واحتنا , فلقد قرأت أكثر من مرة لأشخاص يوقـّعون باسم / الناقد الفلاني أو الناقدة الفلانية/ و لم أقع إلا على مواضيع تكسر جمالية اللوحة المفترض نقدها...
و الأسوأ و المضحك هو الانسحاب من جبهة المعارضة و الالتحاق بجبهة الموالاة عندما يتدخل إمّا صاحب النص و إمّا شخص من ذوي الاختصاص , فيصبح الناقد مستفسراً عمّا قاله و يمسي الحارس الأمين لقلم الكاتب الذي كان ريشه يـُنتف قبل ساعات.
أخيراً , ليس لأنني أملك علماً و قلماً أو أدباً , يعني بالقطع أني أتقن استخدام هذه الأسلحة...
كل التحية


مازن سلام


سعيدة جدا بانضمامك إلينا أيها الأديب الراقي وأخي العزيز / مازن سلام
أحب أن أضيف إلى كلامك القيم هذا أن بعض تعقيدات النقاد للنصوص كما أشرت قد تقبل وتستساغ إذا كانت خادمة وفي نفس مستوى تعقيد النص ..
أما أن يتشدق الناقد ويلف ويدور ويعقد ويؤل في نص سهل سلس عفوي المعاني والألفاظ والصور طلق اللغة والتراكيب فهذا اساءة له قبل أن تكون اساءة للنص لأنه لايفرق بين كيفية التعامل بين نص ونص ولايحسن التفريق بينهما ..
والحرب حول النص دائما في رأيي يثيرها ناقد لايحسن القراءة التذوقية أولا له فضلا عن ملكته وأدواته.
وأخيرا أقول لك رب تواقيع كما تفضلت تبدو لامعة ... لكن ليس كل مايلمع ذهبا وعادة مايكون التبر مدفونا ومغمورا ..
تحياتي أخي مازن وكل تقديري

يسرى علي آل فنه
18-09-2007, 04:04 PM
أخيتي الكريمة عطاف المودة

هنا شدني عنوان النص وتبادر لذهني جواب أشكو إليكِ بساطته وربما سذاجته

في مكان تواجد فيه كتاب مرموقين يشرق بهم الوعي

ومنطق جوابي يقول بأن النص الأدبي كالجسد أحق به صاحبه أكان معتلاً أو صحيحاً

وأقصى حق للناقد هو كحق الطبيب بجسد المريض في غرفة العمليات

ولا طبيب يقوم بعلاج مريض دون استشارة وموافقة منه أو من ذويه

وأضيف ..الكتاب أنواع والنقاد أنواع

والداخلين على الأطباء أنواع كما أن الأطباء أنواع

فهناك من يذهب للطبيب وبنيته الفحص لا غير ظاناً أنه بخير
فيخبره الطبيب بأنه مصاب ب 99 علة -ولايزال حي-
فيتهم الطبيب في طبه
وأخر يذهب وهو يظن انه معتل فيخبره الطبيب بأنه معافى تماماً
فيسعد ويثق بحسن اهتمامه بصحته
وآخر يذهب يشكو العلة الموجودة فعلاً والعارف بها ويطلب العلاج ويمتثل له
وهناك من يشكو العلة ويقتني وربما يشتري العلاج لكنه يهمله ويبقى على علاته

بكل حال لا غنى للنص عن ناقد لبق
كما لا غنى للجسد عن طبيب حذق

غاليتي عطاف :-

هذا رد صائمة أتمنى أن تثبت عليه بعد الإفطار ثبتنا الله على كلمة الحق ..

رمضان كريم بكرم الله

تقديري العميق لكِ ولكل الإخوة الكرام هنا.

محمد الحامدي
18-09-2007, 08:15 PM
أخي الفاضل , الأديب القدير / محمد الحامدي
أولا أحييك وأرحب حقيقة بمداخلتك القيمة هذه ..
إنما لتسمح لي ببعض التعليق والرد
فجميل الحقيقة التحاور العلمي أما أن يخرجنا عن أصله ويدخلنا في دورس عن الاستعارة وكلام كثير عن علماء البلاغة فأنه في رأيي من الأفضل أن يكون الحديث مركز ومخصص دون أن ينفرط عقده أو يتشعب مالم يكن لذلك صلة شديدة وضرورة ملحة وأمر يتطلبه فألف أهلا به ..
أماقولك الذي وجهته لي وهو (( : في رأيي المتواضع إن الأحق بالنص هو التاريخ ، فهو مالكه النهائي وهو الذي سيضمه إلى أعطافه فإن كان ذا قيمة أبانها وأظهرها وإن كان غير ذلك لفه في طي النسيان وجعله من خبر " كان " أو " قيل ذات يوم " ))
فلعلك قد قرأت لي ردا مثل هذا
نعم التاريخ هو الذي يخلد العمل الأجود سواء لكاتب أو لناقد حول النص ذاته .
أقدر لك مرورك وحضورك النبيل بارك الله فيك أبدا
تقبل تحيتي وكل تقديري
ولعلي أعود إلى مقالك الرائع فاستفد منه علما

الأخت " عطاف " نعم قد قرأت الرد الذي أشرت إليه هنا من أن التاريخ هو الأحق بملكية النص ، ولعلني قد تعلمت ذلك منك وكان عليّ أن أشير إلى أني إنما آخذ الراي عنك وأوافقك عليه فعذرا سيدتي ...
وأما ما ذهبت إليه من ضرورة ترك التفرع والتشعب في ملاحقة البحوث البلاغية الدقيقة وغيرها وما في ذلك من ترك للموضوع الأساس ، نعم أنا هنا أيضا أوافقك ، ولكن في ذلك أيضا فائدة لمن يريد أن يشهد حوار الكبار ودقة بحثهم وكم استفاد المتعلمون - أمثال حالي - من صراعات الكبار . فبالرغم من أن ذلك قد وصل إلى بعد عن الموضوع الأساس فإني شخصيا استفدت بعض المعلومات من هذا النقاش الثرّ ...
شكرا سيدتي وأكرر اعتذاري لما فعلت بأن لم أسند الرأي لأصحابه ...

عبدالملك الخديدي
18-09-2007, 09:49 PM
الآديبة والناقدة : عطاف سالم
الإخوة الأدباء والنقاد المتحاورين في هذا الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا لا يكون الناقد مالك للموضوع في وقت معين هو الوقت الذي يكون النص تحت سيطرة الناقد الأدبية بحيث تبدأ ملكيته للنص ابتداء من قراءته للنص وحتى الإنتهاء من العملية النقدية والتحليلية له.
أما الكاتب فهو يمتلك النص بشكل كلي ونهائي ..
من هنا نرى أن ملكية الناقد هي جزئية اما الكاتب فملكيته كلية ..
تحيتي وتقديري

عطاف سالم
18-09-2007, 10:45 PM
الأحبة كرام الكلم ، طيبو اللغة
تحية صدق لكم
أما قبل : فلا قبل لي بما دار هنا إلا حيث وضعت المعاني رحلها أدبا ، قيـِّم عليه أهل الحرف لغة وبلاغة ، وكلكم أهل له ،
وأما بعد : فإني أرى عجاجة قلم ، تثير المعاني زوابع نفور ، وهي التي ألفت الأقلام ، وزمت حبال الإخاء سابق عهد ،
لذا أرجوكم أخذ قسط من وافر الرؤى ، وإدراك ما قيل على محمل النقد الموضوعي .
أرجوكم قبول توقف الكلم عند هذه المحطة .
ولكم جزيل الشكر


دوما بانتظار رأيك السديد ... ولقد توقفت زوابع النفور وعجاج القلم تحول نفحا بحمد الله
تحيتي لحضورك الالق دوما ..
أنت أب لهذا الحوار فأنت شاعر وأديب كبير ننتظر منك تكرار العودة
تقبل خالص شكري وتقديري

وائل أبو حمزة
18-09-2007, 11:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

الحمد لله ,, والصلاة والسلام على رسول الله محمد ذلك الرحمة المهداة ,, وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم بإحسان وعنا معهم بإذن الله تعالى ..
الحمد لله الذي أحياني وأعانني فوصلت إلى نهاية هذه المشاركات وأتيت على قراءتها - بعد مديد عناء وطويل وقت - لأقدم بين يدي الكرام الأفاضل وجهة النظر الشخصية والتي ليست مبنية على هوى ذاتي بل هي أقرب ما تكون نتيجة لقراءة سابقة وفطرة مطبوعة ورؤية موضوعية ..
أما قبل وأما الآن وأما بعد :
إخواني الأحبة في الله ... رأيت في الموضوع المطروح شدا وجذبا ارتفعت مستويات الحوار فيه أحيانا إلى أوج التخصص ,, وتحكمت فيها النفوس أحيانا أخرى - على قلتها - ولكن لله الحمد رأيت التوافق والتسامح والمحبة وجودا مع كل ما جرى ...

عودا على بدء ,, ووقوفا عند السؤال المحوري الرااااائع من الأخت عطاف ( من أحق بالنص ؟ كاتبه أم ناقده ؟ ) والذي بينت فيه - مشكورة ومؤيَّدة مني - بأنه سؤال غير حقيقي خرج إلى غرض بلاغي معين قد يكون الاستنكار ..

لقد أدلى نقاد كبار وأدباء عمالقة بدلوهم في التعليق على هذا الطرح ... بدءا بالكاتبة الأصيلة الأصلية عطاف ,, ومرورا بكل من - مع حفظ الألقاب للجميع - : عمر هزاع , مأمون المغازي , انتصار صبري , أحمد الرشيدي , محمد إبراهيم الحريري , مازن سلام , عبد الملك الخديدي , محمد الحامدي , يسرى علي آل فنه , وليعذرني العاذرون إن نسيت أحدا .

وانتقل الحوار فيه بين مؤيد لاحتفاظ الكاتب بحقه الأصيل بنصه لأنه أبوه وصاحب مضغته المخلقة ,, وبين مائل إلى أحقية الناقد بتناول ما بين يديه في هذا الإبداع الأدبي ووضعه تحت المجهر ..

ولا أدعي الآن - لا سمح الله - أني أقول القول الفصل فلا نقاش بعد هذا ,, ولكن هي كما أسلفت وجهة نظر أرى فيها أن كلا الطرفين - المبدع والناقد - صاحب حق ولكن بمستويين متفاوتين ...

فللمبدع الحق ذو المستوى الأكبر والمساحة الممتدة ,, ولا يجب أن ينازعه عليه الناقد فيها ... لماذا ؟

أليس المبدع صاحب التجربة ؟
أليس المبدع صاحب الانفعال الأول والترجمة الأخيرة له ؟
أليس المبدع صاحب المشاعر التي انبثق منها النص ؟
أليس المبدع صاحب الاختيار لنوعية النص وكميته ؟ وأقصد النثر والشعر والطول والقصر وغير ذلك ..
أليس المبدع صاحب اللغة والأسلوب ؟
أليس المبدع صاحب ( الطابو ) في نصه الذي يختار الأرض التي تناسبه لبنائه عليها ؟
أليس المبدع صاحب سبق على الناقد ؟ وعند العرب : الفضل للسابق ( لصاحب الأولة ) ..

أعتقد أنكم ستجيبون : بلى بلى ...

ولكن ,,
أليس من حق المتلقي بصورتيه ( المثقف والعادي ) أن يتيسر له من يفتح عينيه على كوامن البهاء ومواطن الجمال في النص ؟
أليس من حق الناقد أن ينظر إلى مواطن الهفوات ومواضع الهنات على المستوى اللغوي والفكري ( دون الحسي الوجداني , والمعنوي المقصود >>> فهذا تجاوز وتماد ) ويقيّم ثم يقوّم ذلك مع قابلية خطئه ؟

أعتقد أيضا أنكم ستقولون : بلى ... ولكن بشرط ألا يتجاوز النقد - كما سبق - حدوده في تقويل النص ما لم يقل ,, أو في تأويل العبارات ما لا تحتمل ,, أو في إرغام المعاني للسير على طريق لم يرسم في خارطة النص أصلا ... ولا داعي هنا للتمثيل والاستشهاد فأنتم بغنى عن ذلك لمكانتكم السامقة ولوضوح الفكرة ..

ختاما حتى لا أطيل ( فالبلاغة إيجاز كما يقول الإمام الجرجاني رحمه الله ) : إذا تجاوز النقد حدوده المفترضة أصبح انتقادا لا نقدا ...

بورك في الجميع علمهم وعملهم وكل عام أنتم بخير ورضا من الله جل جلاله ...

أحمد الرشيدي
19-09-2007, 02:47 AM
أخي الفاضل , الأديب / أحمد الرشيدي
أنا وقفت عند موضع الشاهد فقط للضرورة وهو البيت الذي كان حوله الخلاف في محاولة مني لتخفيف التوتر بينكما أنت والدكتور عمر أما بالنسبة لبقية الأبيات وهي :
فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا = بهذا المحيا من محي وزائر
وأشعث مسترخي العلابي طوحت = به الأرض من باد عريض وحاضر
فأبصر ناري وهي شقراء أوقدت = بعلياء نشز للعيون النواظر
فأنا لم أشك أبدا في روعتها وتحليل عبدالقاهر الجميل لها فضلا عن أنها من أرسخ الشواهد في ذهني بتحليل استاذنا القدير لها تحليلا لايختلف عن تلك الروعة وأنت تعرفه صدقني أثر جمالها مازال خالدا في روحي ومتعلقا في ذهني وكأنه الوريد منه .
إلا أن عبدالقاهر وإن وجد للشاعر في التعبير (بالحافر) عن (القدم ) مخرجا رائعا وهو أن يصفه بسوء الحال في سيره , وتتقاذف نواحي الأرض به .... الخ ماقاله تخريجا .. لكنه قال كلاما حول الشاهد نفسه من قبل وأريد منك أن تتأمله وهو قوله :
(( فليس بالبعيد أن يكون فيه شوب ممامضى )) ؟؟
أليس في هذا إلماع إلى أن الشاهد ينزع إلى الاستعارة غير المفيدة بهذا التعبير أو هذه اللفظة ( حافر) لكنه وجد له مخرجا وكان بيتا من أبدع مايكون بهذا المخرج !
ثم أجبني أنت بصرف النظر عن سياق اللفظة في الشاهد مع بقية الأبيات البديعة ..
ألا ترى في نقل لفظة الحافر من الأصل الذي وضعت له - وهو الحيوان - إلى الإنسان هو نقل غير مفيد وبالتالي تكون استعارته استعارة غير مفيدة ؟؟
ومن ثم فلم أكن لأظلم صاحب النص - الشاعر مزرد بن ضرار - كما تفضلت وتلصق بي صفة الشرطية لأني نظرت إلى نصه من وجهتين كلها صحيحة :
* النظر إلى المفردة والحكم على نقلها واستعارتها .
* ثم النظر على حكم عبدالقاهر لها
ثم أي شاعر يحتج بكلامه؟
قد لايحتج بالفصاحة والبلاغة والبيان إلا بأرباب البيان الأول الذين نزل القرآن متحديا لهم يعني العصر الجاهلي بينما هذا الشاعر وإن أحسن إلا أنه بعد ذلك العصر بقرون إذ نشأ وتوفي في أيام بني أمية .
ولو بعث هذا الشاعر على حد قولك وقال لي بمثل ماتخيلت أنت فعندئذ يكون هناك قرع للحجة بالحجة فإما أن أقنعه وإما أن يقنعني ولامصادرة لرأي أبدا وليس في هذا أي وصاية كما تفضلت إنما هو تبين وتحليل ومحاولة تقريب النص إلى القاريء ولقد سبق لي في مقالي إيضاح مفهوم الوصاية ماهو !
أما كونك تعيد لي قولك : ((نقضتِ ما جاء في كلامكِ الذي بدأتِ به في مفتتح هذا الموضوع)) مرة خبرا ومرة انشاءا فأجدني عفوا أخي العزيز لست في حاجة للإجابة عليه مرة أخرى فلقد أجبتك عليه من قبل ولا أحب التكرار..
ولاتغضب لعبد القاهر فأنا كما تعلم لست حداثية ولست في المقابل تقليدية صرفه أنا أجمع بين المدرستين وأينما كانت مواطن القطر تتبعتها وقد سبق وإن ألمحت إليك أن طريقته في التحليل والنقد تعد مدرسة فلو وجد اليوم ناقد مثله لكان حال النقد بخير وكذلك الأدب
أرجو أن أكون قد وفقت في الإجابة عن أسألتك وتحليل تعليقاتك ..
أشكرك لك جل تقديري وجل احترامي
الأخت الموقرة الأستاذة عطاف سالم حرسها الله

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

بارك الله في علمكِ وجزاكِ الله في فجر هذه الليلة المباركة من هذا الشهر الفضيل كل خير ، سأحيلكِ -أيتها الأخت الكريمة - على كتاب أستاذي الدكتور محمد إبراهيم شادي - حفظه الله وإياكِ - ( أساليب البيان والصورة القرآنية ص 280 ) ففيه - إن شاء الله - ما يغني عن كثير من القول .

بارك الله بكِ وبعلمكِ وأدبكِ

أحمد الرشيدي
19-09-2007, 02:58 AM
[QUOTE=عطاف سالم;311288][CENTER][FONT=Simplified Arabic]وأرجو أيها الأديب الرشيدي ألا تدير دفة الخلاف حولي هذه المرة وبانتظار الحوار البناء
[B][FONT=Simplified Arabic]فكل يؤخذ من كلامه ويرد عليه فكلامنا صواب يحتمل الخطأ وكلام غيرنا قد يكون خطأ لكنه يحتمل الصواب

الأخت الموقرة الأستاذة عطاف حفظها الله

السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته

أيتها الأخت الفاضلة أبشري لن أدير دفة الخلاف حولكِ ، وأود أن أشكركِ على ما تفضلتِ به من إثراء أدبي ونقدي أفدتُ منه شخصيا .

حفظكِ الله ورعاكِ ، ونفع بكِ .

الصباح الخالدي
19-09-2007, 11:22 AM
رائع جدا اديبتنا الكبيرة

عطاف سالم
19-09-2007, 04:56 PM
الأخت الموقرة الأستاذة عطاف سالم حرسها الله

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

بارك الله في علمكِ وجزاكِ الله في فجر هذه الليلة المباركة من هذا الشهر الفضيل كل خير ، سأحيلكِ -أيتها الأخت الكريمة - على كتاب أستاذي الدكتور محمد إبراهيم شادي - حفظه الله وإياكِ - ( أساليب البيان والصورة القرآنية ص 280 ) ففيه - إن شاء الله - ما يغني عن كثير من القول .

بارك الله بكِ وبعلمكِ وأدبكِ


وعليكم السلام أخي الكريم والأديب القدير / أحمد الرشيدي
تقبل الله منك دعوتك وبارك الله فيك ..
سأعيد قراءة هذا الكتاب الرائع مرة أخرى الذي أهداني إياه مؤلفه أستاذي العزيز / محمد شادي فأنا لا أستغني عنه ..
أشكرك جزيل الشكر على اطرائك فمازلت وربك طالبة علم , ومازال ينقصني الكثير مماظننته لدي .
وليحفظ الله عليك علمك وخلقك
تقبل تحيتي وجل تقديري
بانتظار استمرارك في الحوار معنا

عطاف سالم
19-09-2007, 04:58 PM
رائع جدا اديبتنا الكبيرة


أخي الكريم الفاضل , المبدع القدير/ الصباح الخالدي
يسعدني جدا مرورك ومشاركتك
بارك الله فيك
تقبل تحيتي وشكري وتقديري

عطاف سالم
19-09-2007, 05:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

الحمد لله ,, والصلاة والسلام على رسول الله محمد ذلك الرحمة المهداة ,, وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم بإحسان وعنا معهم بإذن الله تعالى ..
الحمد لله الذي أحياني وأعانني فوصلت إلى نهاية هذه المشاركات وأتيت على قراءتها - بعد مديد عناء وطويل وقت - لأقدم بين يدي الكرام الأفاضل وجهة النظر الشخصية والتي ليست مبنية على هوى ذاتي بل هي أقرب ما تكون نتيجة لقراءة سابقة وفطرة مطبوعة ورؤية موضوعية ..
أما قبل وأما الآن وأما بعد :
إخواني الأحبة في الله ... رأيت في الموضوع المطروح شدا وجذبا ارتفعت مستويات الحوار فيه أحيانا إلى أوج التخصص ,, وتحكمت فيها النفوس أحيانا أخرى - على قلتها - ولكن لله الحمد رأيت التوافق والتسامح والمحبة وجودا مع كل ما جرى ...

عودا على بدء ,, ووقوفا عند السؤال المحوري الرااااائع من الأخت عطاف ( من أحق بالنص ؟ كاتبه أم ناقده ؟ ) والذي بينت فيه - مشكورة ومؤيَّدة مني - بأنه سؤال غير حقيقي خرج إلى غرض بلاغي معين قد يكون الاستنكار ..

لقد أدلى نقاد كبار وأدباء عمالقة بدلوهم في التعليق على هذا الطرح ... بدءا بالكاتبة الأصيلة الأصلية عطاف ,, ومرورا بكل من - مع حفظ الألقاب للجميع - : عمر هزاع , مأمون المغازي , انتصار صبري , أحمد الرشيدي , محمد إبراهيم الحريري , مازن سلام , عبد الملك الخديدي , محمد الحامدي , يسرى علي آل فنه , وليعذرني العاذرون إن نسيت أحدا .

وانتقل الحوار فيه بين مؤيد لاحتفاظ الكاتب بحقه الأصيل بنصه لأنه أبوه وصاحب مضغته المخلقة ,, وبين مائل إلى أحقية الناقد بتناول ما بين يديه في هذا الإبداع الأدبي ووضعه تحت المجهر ..

ولا أدعي الآن - لا سمح الله - أني أقول القول الفصل فلا نقاش بعد هذا ,, ولكن هي كما أسلفت وجهة نظر أرى فيها أن كلا الطرفين - المبدع والناقد - صاحب حق ولكن بمستويين متفاوتين ...

فللمبدع الحق ذو المستوى الأكبر والمساحة الممتدة ,, ولا يجب أن ينازعه عليه الناقد فيها ... لماذا ؟

أليس المبدع صاحب التجربة ؟
أليس المبدع صاحب الانفعال الأول والترجمة الأخيرة له ؟
أليس المبدع صاحب المشاعر التي انبثق منها النص ؟
أليس المبدع صاحب الاختيار لنوعية النص وكميته ؟ وأقصد النثر والشعر والطول والقصر وغير ذلك ..
أليس المبدع صاحب اللغة والأسلوب ؟
أليس المبدع صاحب ( الطابو ) في نصه الذي يختار الأرض التي تناسبه لبنائه عليها ؟
أليس المبدع صاحب سبق على الناقد ؟ وعند العرب : الفضل للسابق ( لصاحب الأولة ) ..

أعتقد أنكم ستجيبون : بلى بلى ...

ولكن ,,
أليس من حق المتلقي بصورتيه ( المثقف والعادي ) أن يتيسر له من يفتح عينيه على كوامن البهاء ومواطن الجمال في النص ؟
أليس من حق الناقد أن ينظر إلى مواطن الهفوات ومواضع الهنات على المستوى اللغوي والفكري ( دون الحسي الوجداني , والمعنوي المقصود >>> فهذا تجاوز وتماد ) ويقيّم ثم يقوّم ذلك مع قابلية خطئه ؟

أعتقد أيضا أنكم ستقولون : بلى ... ولكن بشرط ألا يتجاوز النقد - كما سبق - حدوده في تقويل النص ما لم يقل ,, أو في تأويل العبارات ما لا تحتمل ,, أو في إرغام المعاني للسير على طريق لم يرسم في خارطة النص أصلا ... ولا داعي هنا للتمثيل والاستشهاد فأنتم بغنى عن ذلك لمكانتكم السامقة ولوضوح الفكرة ..

ختاما حتى لا أطيل ( فالبلاغة إيجاز كما يقول الإمام الجرجاني رحمه الله ) : إذا تجاوز النقد حدوده المفترضة أصبح انتقادا لا نقدا ...

بورك في الجميع علمهم وعملهم وكل عام أنتم بخير ورضا من الله جل جلاله ...


مرحبا بك أيها الفاضل النبيل والمبدع القدير / وائل أبوحمزة
بداية دعني أرحب بك عضوا جديدا على الواحة .. تمنياتي لك بإقامة طيبة ..
أحمد الله أنه أعانك فعلا على قراءة كل ماسبق فلله المن والفضل أولا ولك بعده وافر التقدير وجزيل الشكر والإمتنان على تفضلك بقراءة كل ماسطر..
راق لي جميل عرضك لوجهتك النقدية المنصفة حق الإنصاف وراق لي من بعد تحليلك لهذه الوجهة وطريقة سردها بأسلوب انشائي مهذب وبديع ..
وأجدني متفقة معك تماما حقيقة في كل ماذهبت إليه
وما أصدق قولك :
أليس من حق المتلقي بصورتيه ( المثقف والعادي ) أن يتيسر له من يفتح عينيه على كوامن البهاء ومواطن الجمال في النص ؟
إنما توقفت عند قولك :
أليس من حق الناقد أن ينظر إلى مواطن الهفوات ومواضع الهنات على المستوى اللغوي والفكري ( دون الحسي الوجداني , والمعنوي المقصود >>> فهذا تجاوز وتماد ) ويقيّم ثم يقوّم ذلك مع قابلية خطئه ؟
فانا أتفق معك في أنه من حقه نعم .. لكن
أليس من حق المبدع أيضا ومن حق النص أن ينظر ذلك الكاتب إلى مواطن الجمال أيضا ومكامن الإبداع وروعة البيان لدى الكاتب من خلال نصه ؟؟
أليس من الحق أن يتكيء عليها الناقد ويحللها ويبرزها ويفسرها ويحمد للكاتب صنيعه ؟؟؟
سعدت بمرورك أيها الأديب الراقي البديع ..
ولقد طربت لوجهتك النظرية جدا فهي منصفة بحق كما سبق أن ألمحت إلى ذلك ..
تقبل تحيتي وكل تقديري واحترامي
وبارك الله في قلبك وقلمك شاكرة لك هذا الجهد المبذول الملموس الذي بذلته هنا واتضح لي منه رشح جبينك
كن بخير
ورمضان كريم
وكل عام وأنت بخير

وائل أبو حمزة
19-09-2007, 05:27 PM
أيتها الأخت المكرمة عطاف سالم ... أحسن الله إليك لقد أنزلتني منزلا لا أستحقه ...

فبارك الله لك وعليك وأعطاك بمثل ما دعوت لي وأكثر ...

بالنسبة للنقطة التي توقفتِ عندها هي كما ذكرتِ تماما ولا أراك إلا قلتِ ما أردتُه أنا وما أراني إلا عبرتُ عما جال بخاطرك ... وهو أن للناقد الحق في إبراز ذلك الجمال ولكن ليس من حقه أن يصادر مراد الكاتب المعنوي ومجاله الوجداني الذي أراد أن يسكبهما في نصه ...

واعلمي أيتها الأخت الكريمة أن هذه النقاشات التي دارت هنا إنما هي مرجع مناسب في النقد يستطيع العودة طلاب النقد والباحثون عن مبادئه الأولى وأصوله الفنية ...

تحية وإجلال ...

عطاف سالم
19-09-2007, 05:40 PM
الآديبة والناقدة : عطاف سالم
الإخوة الأدباء والنقاد المتحاورين في هذا الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا لا يكون الناقد مالك للموضوع في وقت معين هو الوقت الذي يكون النص تحت سيطرة الناقد الأدبية بحيث تبدأ ملكيته للنص ابتداء من قراءته للنص وحتى الإنتهاء من العملية النقدية والتحليلية له.
أما الكاتب فهو يمتلك النص بشكل كلي ونهائي ..
من هنا نرى أن ملكية الناقد هي جزئية اما الكاتب فملكيته كلية ..
تحيتي وتقديري


أخي الأديب القدير / عبدالملك الخديدي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أسعدني حضورك ومشاركتك معنا في هذا الحوار الراقي الهاديء ..ولعلنا يفد بعضنا من بعض
بالنسبى لرأي حول ماطرحته من وجهة نظر قيمة وأعتز بها فأقول :
ملكية الناقد جزئية كما تفضلت نعم إنما تحت سمع وبصر الكاتب دون اخراجه وعزله عن نصه المكتوب ودون مصادرة رأيه أوالحجر عليه وفرض الوصاية على خياراته إنما ينبغي الإنصات لوجهة نظره التحليلية مفسرا ومعللا ومن ثم التناقش مع الناقد فيها بكل موضوعية وإنصاف دون جبر ولا إلزام .
وأترك للبقية تناول هذه الوجهة والقول فيها ..
تقبل تحيتي أخي الفاضل وجل تقديري واحترامي

عطاف سالم
19-09-2007, 05:51 PM
الأخت " عطاف " نعم قد قرأت الرد الذي أشرت إليه هنا من أن التاريخ هو الأحق بملكية النص ، ولعلني قد تعلمت ذلك منك وكان عليّ أن أشير إلى أني إنما آخذ الراي عنك وأوافقك عليه فعذرا سيدتي ...
وأما ما ذهبت إليه من ضرورة ترك التفرع والتشعب في ملاحقة البحوث البلاغية الدقيقة وغيرها وما في ذلك من ترك للموضوع الأساس ، نعم أنا هنا أيضا أوافقك ، ولكن في ذلك أيضا فائدة لمن يريد أن يشهد حوار الكبار ودقة بحثهم وكم استفاد المتعلمون - أمثال حالي - من صراعات الكبار . فبالرغم من أن ذلك قد وصل إلى بعد عن الموضوع الأساس فإني شخصيا استفدت بعض المعلومات من هذا النقاش الثرّ ...
شكرا سيدتي وأكرر اعتذاري لما فعلت بأن لم أسند الرأي لأصحابه ...


لاعليك أيها الأديب الفاضل السامي ولا داعي للإعتذار ..
لعل بعض الأفكار والمقولات تكون ذات ملكية مشتركة في أغلب الأحوال لتقارب الأهداف والغايات
يسعدني مرورك وأقدر قلمك وفكرك ووعيك بارك الله فيك
تحيتي وجل تقديري لك ولحرفك

عطاف سالم
19-09-2007, 06:01 PM
أيتها الأخت المكرمة عطاف سالم ... أحسن الله إليك لقد أنزلتني منزلا لا أستحقه ...

فبارك الله لك وعليك وأعطاك بمثل ما دعوت لي وأكثر ...

بالنسبة للنقطة التي توقفتِ عندها هي كما ذكرتِ تماما ولا أراك إلا قلتِ ما أردتُه أنا وما أراني إلا عبرتُ عما جال بخاطرك ... وهو أن للناقد الحق في إبراز ذلك الجمال ولكن ليس من حقه أن يصادر مراد الكاتب المعنوي ومجاله الوجداني الذي أراد أن يسكبهما في نصه ...

واعلمي أيتها الأخت الكريمة أن هذه النقاشات التي دارت هنا إنما هي مرجع مناسب في النقد يستطيع العودة طلاب النقد والباحثون عن مبادئه الأولى وأصوله الفنية ...

تحية وإجلال ...


أحييك من جديد أخي الفاضل والشاعر البديع / وائل أبو حمزة
نعم نعم هو كما تفضلت يظهر أنني قد غفلت وإلا فالذي يقول :
أليس من حق المتلقي بصورتيه ( المثقف والعادي ) أن يتيسر له من يفتح عينيه على كوامن البهاء ومواطن الجمال في النص ؟
لا شك أنه قد عبر حقا عما جال في خاطري وزيادة ...
أثني على ماتفضلت به وأؤكد على قولك :
ولكن ليس من حقه أن يصادر مراد الكاتب المعنوي ومجاله الوجداني الذي أراد أن يسكبهما في نصه ...
أشكرك أخي على كرم خلقك وحبرك ..
وأسأل الله فعلا أن تكون هذه المناقشات هنا مرجعا مناسبا وموجزا يعود إليه من يطلبه .
تقبل الله منك دعوتك الطيبة , وجعلني الله عند حسن ظنك بي ..
تقبل تحيتي وكل تقديري

عطاف سالم
19-09-2007, 06:22 PM
أخيتي الكريمة عطاف المودة


هنا شدني عنوان النص وتبادر لذهني جواب أشكو إليكِ بساطته وربما سذاجته


في مكان تواجد فيه كتاب مرموقين يشرق بهم الوعي


ومنطق جوابي يقول بأن النص الأدبي كالجسد أحق به صاحبه أكان معتلاً أو صحيحاً


وأقصى حق للناقد هو كحق الطبيب بجسد المريض في غرفة العمليات


ولا طبيب يقوم بعلاج مريض دون استشارة وموافقة منه أو من ذويه


وأضيف ..الكتاب أنواع والنقاد أنواع


والداخلين على الأطباء أنواع كما أن الأطباء أنواع


فهناك من يذهب للطبيب وبنيته الفحص لا غير ظاناً أنه بخير
فيخبره الطبيب بأنه مصاب ب 99 علة -ولايزال حي-
فيتهم الطبيب في طبه
وأخر يذهب وهو يظن انه معتل فيخبره الطبيب بأنه معافى تماماً
فيسعد ويثق بحسن اهتمامه بصحته
وآخر يذهب يشكو العلة الموجودة فعلاً والعارف بها ويطلب العلاج ويمتثل له
وهناك من يشكو العلة ويقتني وربما يشتري العلاج لكنه يهمله ويبقى على علاته


بكل حال لا غنى للنص عن ناقد لبق
كما لا غنى للجسد عن طبيب حذق


غاليتي عطاف :-


هذا رد صائمة أتمنى أن تثبت عليه بعد الإفطار ثبتنا الله على كلمة الحق ..


رمضان كريم بكرم الله



تقديري العميق لكِ ولكل الإخوة الكرام هنا.



جواب أشكو إليكِ بساطته وربما سذاجته في مكان تواجد فيه كتاب مرموقين يشرق بهم الوعي
أتقولين هذا يايمنى القلب وقد أتيت بجواب بديعي تصويري جميل يتعلم منه كل ناقد كيف يعرض وجهة نظره في أسلوب مقنع للكاتب ينحو فيه التمثيل والتقريب والتشويق والإبداع في تحليل ذكي مهذب وراقي إن كان له عليه مآخذ أو كان له رأي يرغب في فرضه رغما عن أنف الكاتب .. فليأت بحجته الدامغة ..
أحييك يسرى على هذا الرأي البديع الذي ينم عن فكر سامق ووعي متسع ..
بارك الله فيك أخيتي الحبيبة إلى قلبي جدا
سعدت جدا بمرورك الزهري
دومي بالجوار
أخيرا أحب أن أؤكد على قولك البديع البليغ :
بكل حال لا غنى للنص عن ناقد لبق
كما لا غنى للجسد عن طبيب حذق

عبارة نقدية أدبية راقية ..
تقبلي محبتي الصافية وجل تقديري لك واحترامي أيتها الحبيبة :0014:

عطاف سالم
20-09-2007, 10:15 PM
أما تطوير النظرية النقدية على أساس نظرية نقدية فمنتهاها إلى النصوص وإلا باتت جافة سقيمة يدب بها المرض فلا تنمو ، وإذا كان الناقد يتخذ النصوص متدربًا عليها لإبداع رأي نقدي ، فلا خير في علم بذغ لخدمة صاحبه وشهرته فقط ، وإنما العلم هو ما انتفع به السواد الأعظم ، والكتابة والنقد توأمان لأب وأم ، أما الأب فهو العقل ، وأما الأم فهي النص بذوقه وفنيته وجدته وتجربته .

مأمون


أخي الفاضل , الأديب القدير / مأمون المغازي
أعود إلى مناقشة بعض ماجاء في نصوصك هنا ..
لعل قولك أعلاه المقتبس تلمح به إلى قولي في مكان آخر وهو :
, وما النصوص الإبداعية التي يمارس عليها الناقد تعليمه الأولي للنقد إلا محضن لتقويته وإحكام صنعته النقدية مع كل نص يعمل فيه مقصه ومقراضه بحيث تبدو النصوص الإبداعية مدرسة أوليه يتلقى فيها الناقد بعد درس التذوق والتأمل يتلقى درس التحليل والاستقصاء بين محاولات عدة تتراوح بين الإخفاق والنجاح

فإنني أود سؤالك :
هل في اتخاذ الناقد نصوصا لتدريب قلمه عليها والتوصل إلى مايفيد في تقوية ملكته النقدية والخروج من ذلك كله ببعض الإفتراضات والسبل لمعالجة كل نص بطريقة معينة يعد منقصة ؟
إذا كان الناقد لايعمل قلمه في النصوص الإبداعية فكيف سيتعلم مهارة النقد ؟؟
تحيتي أيها الفاضل وجل تقديري واحترامي