المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين " شعرية " الشعر و" قرائية " القراءة



محمد الحامدي
15-09-2007, 12:48 AM
بين "شعرية " الشعر و " قرائية " القراءة
منذ زمن غير قصير والمهتمون بأمر الشعر يحتارون أو يختلفون أو يجتهدون في وضع تعريف جامع شاف للشعر . لست هنا في معرض الإحصاء والاستعراض ، ولكن يكفي في نظري أن أذكر بما جاء في تعريف الشعر عند الأصمعي والآمدي والثعالبي والمعري ....... كلهم تقريبا اتفقوا على ضرورة الوزن والتخييل ... ويجب أن ننتظر ظهور المدارس النقدية الحديثة حتى تعرف لنا الشعر بأنه درجة من الكتابة هي فوق الكلام العادي ، أو بعد الدرجة الصفر للكتابة . ولعل أنجح تنظير في ذلك ما جاء عند الإنشائيين والبنيويين أمثال تودوروف وبارط . وقد حاول " أدونيس" في شعريته أن يلم بهذه الظاهرة الإبداعية ولعه في بعض ما قال لاذ بالإبهام أكثر مما أبان وأوضح .
لا أريد هنا أن أبحث في " الشعرية " وما به يكون القول شعرا ، بل غاية الغاية في هذه السطور أن أبحث في " قرائية " القراءة وما به يكون القول " قراءة " . فإذا كنا نريد للشعر " شعرية " حتى نسميه شعرا فالأجدر بنا أن نضع ضوابط لـ " القراءة " حتى تكون " قراءة " .
فمنذ زمن غير قصير وقع إعادة تعريف النقد على أنه قراءة ولكن هذه القراءة – في نظري – يجب أن تتسلح بجملة من الضوابط والمهارات وإن لم تفعل فقد تنحدر إلى ما دون النقد من أحكام " تذوقية " انطباعية اعطباطية لا تنفع " الشعر " بل تضر القراءة وتضر الأدب عموما وتعيدنا إلى البحث في قدرات الشاعر لا في قدرات نصه ... وتلك كارثة إذ تحيل القراءة إلى محاكمة وتخرجها عن طورها وهدفها الأساسي .
1 - من أولى شروط القراءة أن يكون هدفها قراءة النص لا قراءة صاحبه والبحث عن درجات جمالية الكيان الأدبي وبراعته و إمكاناته الدلالية ، لا البحث عن جمال قائله وبراعته وقدراته ومن هنا يجب أن تكون القراءة واعية بالمبحوث عنه في النص وهو الجمالية لا الجمال والفرق بينهما واضح كما يعلم فلا جمال في رسم صورة قبيحة والإبداع في رسمها مثلا ولكن في ذلك جمالية يتقنها الهجاؤون مثلا ...
2 – امتلاك أدوات الحفر في النص الإبداعي بحيث توصل هذه الأدوات القارئ إلى خيوط هذه الجمالية . ومن هنا كان الوعي بالهدف – البحث في الجمالية – ضروريا جدا فالسير على غير منهج والتراوح بين أهداف معلنة أو مخفية يضر بالقراءة كما يضر بالمقروء . وانظر في ذلك عيوب قراءة تراثنا مثلا إذ سعى كل ذي غاية للبحث فيه عن غايته فأنطقه بما يريد لا بما قال ومن ثمة تم تغييب أجزاء كاملة من التراث مازلنا نجهلها والسبب هو عجز القراءة عن تحقيق أهدافها لقصور في أدواتها . ما أسهل البحث عن الأخطاء وتوهم " الشطارة " في إظهارها و ما أصعب البحث عن الجمالية وإظهار نسجها لغة ووزنا ونحوا وصورا ... إن قصور القراءة أو فلول الأدوات وعدم سنّها وحدّها توقع القارئ في وهم المحاكمة وتبعده كثيرا عن إدراك جمالية النص ، لذلك فقارئ الشعر ليس مدعيا عاما يبحث عن السقطات فيقيس المقروء على توقعاته أو على ما يريد هو وتطيب به نفسه ، بل قارئ الشعر باحث عن الجمال كما يراه في النص وكما يوجد في ثنايا الأثر الأدبي . والحق أنه لن يجد في النص ما يريد بل سيجد ما هو موجود فيه
3 – النص الأدبي ولا سيما الشعري نص مكتمل بذاته ، ومعنى الاكتمال هو الحرية ، حرية الصياغة وحرية الشعور وحرية الفكرة . ولعل تربيتنا النفسية على العيش تحت ضغط القيود وغياب الحرية هو ما يجعلنا لا نتعامل مع النص الشعري على أنه نص حر ، كائن مستقل عن كل ما نريد نحن . بل إننا كثيرا ما نلجأ إلى قيود اللغة والعروض في محاكمة الشعر ، وحتى الذين أرادوا التجديد في الشعر قوبلوا ويقابلون بعجز القراءة عن " هضم" تحررهم وتمردهم وانعتاقهم من الثوابت الرواسخ لأنهم بذلك يفلتون من سيوف الضوابط الجاهزة وتوقعات القراءة المعدة سلفا ... إذن على القراءة ألاّ تتوقع سلفا ما تريد ، بل عليها أن تدخل النص لبحث فيما يوجد فيه باحترام لحريته واستقلاليته ...
3 – مازلنا نلح على أن الشعر شرف لصاحبه ، فلمَ لا نمقرّ بأن القراءة شرف للقارئ .؟ أقصد لماذا نجعل القراءة رهينة البحث عن الضوابط ؟ في " فلسفة الأدب " يتراجع " رولان بارط " عن علمنة الأدب تراجعا واضحا . فكأن علمنة الأدب في نظري محاكمة طفل صغير على حبه لألعابه . والطفل حينما يلعب يشغل خياله بنسبة مائة بالمائة . والأدب حينما ينتج وتشتغل محركاته يشتغل التخييل بالنسبة تفسها . إذن والحال كذلك هل يمكن علمنة الشعر وقول إن هذه اللفظة كان يجب أن تكون كذا بدل كذا . الأسلم في نظري أن نبحث في مدلول اللفظة في موضعها وأن نجتهد ونجهد أدواتنا في ذلك . حتى الذين أرادوا أن يقولبوا الأوزان الشعرية فوضعوا البحور الطويلة للأغراض الجادة والبحور السريعة للأغراض غير الجادة سرعان ما تراجعوا أمام قصيدة بحرها طويل وغرضها هزلي .... أقصد هنا الأجدى والأكثر نفعا في نظري أن نجهد النفس في البحث عن مردود الكلمة في موضعها من القصيدة بالرغم من أنّ الأسهل أن نقترح كلمة أخرى تكون دلالتها جاهزة عندنا ومعدة سلفا وتناسب ذوق القارئ وتوجهاته وربما حتى درجة فهمة . إن الهروب من البحث عن جمالية القصيدة أو جزء منها هو في الحقيقة هروب من فهم النص وعرض فهم الذات ، وبذلك نشد إلى وثاق القصيد إلى قصور أفهامنا ونعتدي على حريته .
5 – الشعر – النص الشعري – كيان جمالي ، لذلك يجب أن يتحلى القول فيه بدرجة من الجمالية . فمن شروط القراءة أو من خصائص قرائية القراءة جماليتها . لا يكفي أن تقول في شعر تقرأ جماليته قولا يظهر هذه الجمالية بل يجب أن تفعل ذلك بجمالية . إن الجمال هالة غير متفق حول بدايتها ونهايتها وما بينهما ، وهذا صحيح ن ولكن الجمالية لها شروط وخصائص إذا عدنا إلى الزخم النقدي والقرائي الذي اكتسبته من عصور من الفعل وردة الفعل نجد لها بعض الضوابط . منها ما ذكرتُ آنفا ومنها ما لا تتسع هذه السطور القصار له .
بقي أن أذكر بأن من يشترط للشعر شعرية يجب عليه أن يكون منصفا فيشترط للقراءة قرائية .
دمتم بخير ..........

د. عمر جلال الدين هزاع
15-09-2007, 01:14 AM
هل لي إلى تحية أولى ومعانقة لنبضك الرائع
قبل عودتي ؟؟
لله أنت في كل يوم لديك روائع و روائع
شعرًا و نقدًا و نثرًا
فأين تمضي بنا أيها الأديب القدير ؟؟؟
سأتمعن بهذا الضياء وأقتبس منه شعاعًا لحلك ليلي هذا
ثم أعود
تحيتي

محمد الحامدي
15-09-2007, 12:28 PM
هل لي إلى تحية أولى ومعانقة لنبضك الرائع
قبل عودتي ؟؟
لله أنت في كل يوم لديك روائع و روائع
شعرًا و نقدًا و نثرًا
فأين تمضي بنا أيها الأديب القدير ؟؟؟
سأتمعن بهذا الضياء وأقتبس منه شعاعًا لحلك ليلي هذا
ثم أعود
تحيتي

الحبيب د . هزاع ، في نظري المتواضع جدا تحتاج ردودنا في الواحة الغراء إلى شيء من البحث الجدي والتجديد إبداعا ونقدا ، لا يعني هذا أني من سيفعل ذلك ، فقط هي دعوة إلى تأسيس قراءة " مفيدة " للنصوص تثري البحث والإخوة جميعا في الواحة قادرون حقا وفعلا على ذلك ..

عطاف سالم
18-09-2007, 10:30 PM
بين "شعرية " الشعر و " قرائية " القراءة
منذ زمن غير قصير والمهتمون بأمر الشعر يحتارون أو يختلفون أو يجتهدون في وضع تعريف جامع شاف للشعر . لست هنا في معرض الإحصاء والاستعراض ، ولكن يكفي في نظري أن أذكر بما جاء في تعريف الشعر عند الأصمعي والآمدي والثعالبي والمعري ....... كلهم تقريبا اتفقوا على ضرورة الوزن والتخييل ... ويجب أن ننتظر ظهور المدارس النقدية الحديثة حتى تعرف لنا الشعر بأنه درجة من الكتابة هي فوق الكلام العادي ، أو بعد الدرجة الصفر للكتابة . ولعل أنجح تنظير في ذلك ما جاء عند الإنشائيين والبنيويين أمثال تودوروف وبارط . وقد حاول " أدونيس" في شعريته أن يلم بهذه الظاهرة الإبداعية ولعه في بعض ما قال لاذ بالإبهام أكثر مما أبان وأوضح .
لا أريد هنا أن أبحث في " الشعرية " وما به يكون القول شعرا ، بل غاية الغاية في هذه السطور أن أبحث في " قرائية " القراءة وما به يكون القول " قراءة " . فإذا كنا نريد للشعر " شعرية " حتى نسميه شعرا فالأجدر بنا أن نضع ضوابط لـ " القراءة " حتى تكون " قراءة " .
فمنذ زمن غير قصير وقع إعادة تعريف النقد على أنه قراءة ولكن هذه القراءة – في نظري – يجب أن تتسلح بجملة من الضوابط والمهارات وإن لم تفعل فقد تنحدر إلى ما دون النقد من أحكام " تذوقية " انطباعية اعطباطية لا تنفع " الشعر " بل تضر القراءة وتضر الأدب عموما وتعيدنا إلى البحث في قدرات الشاعر لا في قدرات نصه ... وتلك كارثة إذ تحيل القراءة إلى محاكمة وتخرجها عن طورها وهدفها الأساسي .
1 - من أولى شروط القراءة أن يكون هدفها قراءة النص لا قراءة صاحبه والبحث عن درجات جمالية الكيان الأدبي وبراعته و إمكاناته الدلالية ، لا البحث عن جمال قائله وبراعته وقدراته ومن هنا يجب أن تكون القراءة واعية بالمبحوث عنه في النص وهو الجمالية لا الجمال والفرق بينهما واضح كما يعلم فلا جمال في رسم صورة قبيحة والإبداع في رسمها مثلا ولكن في ذلك جمالية يتقنها الهجاؤون مثلا ...
2 – امتلاك أدوات الحفر في النص الإبداعي بحيث توصل هذه الأدوات القارئ إلى خيوط هذه الجمالية . ومن هنا كان الوعي بالهدف – البحث في الجمالية – ضروريا جدا فالسير على غير منهج والتراوح بين أهداف معلنة أو مخفية يضر بالقراءة كما يضر بالمقروء . وانظر في ذلك عيوب قراءة تراثنا مثلا إذ سعى كل ذي غاية للبحث فيه عن غايته فأنطقه بما يريد لا بما قال ومن ثمة تم تغييب أجزاء كاملة من التراث مازلنا نجهلها والسبب هو عجز القراءة عن تحقيق أهدافها لقصور في أدواتها . ما أسهل البحث عن الأخطاء وتوهم " الشطارة " في إظهارها و ما أصعب البحث عن الجمالية وإظهار نسجها لغة ووزنا ونحوا وصورا ... إن قصور القراءة أو فلول الأدوات وعدم سنّها وحدّها توقع القارئ في وهم المحاكمة وتبعده كثيرا عن إدراك جمالية النص ، لذلك فقارئ الشعر ليس مدعيا عاما يبحث عن السقطات فيقيس المقروء على توقعاته أو على ما يريد هو وتطيب به نفسه ، بل قارئ الشعر باحث عن الجمال كما يراه في النص وكما يوجد في ثنايا الأثر الأدبي . والحق أنه لن يجد في النص ما يريد بل سيجد ما هو موجود فيه
3 – النص الأدبي ولا سيما الشعري نص مكتمل بذاته ، ومعنى الاكتمال هو الحرية ، حرية الصياغة وحرية الشعور وحرية الفكرة . ولعل تربيتنا النفسية على العيش تحت ضغط القيود وغياب الحرية هو ما يجعلنا لا نتعامل مع النص الشعري على أنه نص حر ، كائن مستقل عن كل ما نريد نحن . بل إننا كثيرا ما نلجأ إلى قيود اللغة والعروض في محاكمة الشعر ، وحتى الذين أرادوا التجديد في الشعر قوبلوا ويقابلون بعجز القراءة عن " هضم" تحررهم وتمردهم وانعتاقهم من الثوابت الرواسخ لأنهم بذلك يفلتون من سيوف الضوابط الجاهزة وتوقعات القراءة المعدة سلفا ... إذن على القراءة ألاّ تتوقع سلفا ما تريد ، بل عليها أن تدخل النص لبحث فيما يوجد فيه باحترام لحريته واستقلاليته ...
3 – مازلنا نلح على أن الشعر شرف لصاحبه ، فلمَ لا نمقرّ بأن القراءة شرف للقارئ .؟ أقصد لماذا نجعل القراءة رهينة البحث عن الضوابط ؟ في " فلسفة الأدب " يتراجع " رولان بارط " عن علمنة الأدب تراجعا واضحا . فكأن علمنة الأدب في نظري محاكمة طفل صغير على حبه لألعابه . والطفل حينما يلعب يشغل خياله بنسبة مائة بالمائة . والأدب حينما ينتج وتشتغل محركاته يشتغل التخييل بالنسبة تفسها . إذن والحال كذلك هل يمكن علمنة الشعر وقول إن هذه اللفظة كان يجب أن تكون كذا بدل كذا . الأسلم في نظري أن نبحث في مدلول اللفظة في موضعها وأن نجتهد ونجهد أدواتنا في ذلك . حتى الذين أرادوا أن يقولبوا الأوزان الشعرية فوضعوا البحور الطويلة للأغراض الجادة والبحور السريعة للأغراض غير الجادة سرعان ما تراجعوا أمام قصيدة بحرها طويل وغرضها هزلي .... أقصد هنا الأجدى والأكثر نفعا في نظري أن نجهد النفس في البحث عن مردود الكلمة في موضعها من القصيدة بالرغم من أنّ الأسهل أن نقترح كلمة أخرى تكون دلالتها جاهزة عندنا ومعدة سلفا وتناسب ذوق القارئ وتوجهاته وربما حتى درجة فهمة . إن الهروب من البحث عن جمالية القصيدة أو جزء منها هو في الحقيقة هروب من فهم النص وعرض فهم الذات ، وبذلك نشد إلى وثاق القصيد إلى قصور أفهامنا ونعتدي على حريته .
5 – الشعر – النص الشعري – كيان جمالي ، لذلك يجب أن يتحلى القول فيه بدرجة من الجمالية . فمن شروط القراءة أو من خصائص قرائية القراءة جماليتها . لا يكفي أن تقول في شعر تقرأ جماليته قولا يظهر هذه الجمالية بل يجب أن تفعل ذلك بجمالية . إن الجمال هالة غير متفق حول بدايتها ونهايتها وما بينهما ، وهذا صحيح ن ولكن الجمالية لها شروط وخصائص إذا عدنا إلى الزخم النقدي والقرائي الذي اكتسبته من عصور من الفعل وردة الفعل نجد لها بعض الضوابط . منها ما ذكرتُ آنفا ومنها ما لا تتسع هذه السطور القصار له .
بقي أن أذكر بأن من يشترط للشعر شعرية يجب عليه أن يكون منصفا فيشترط للقراءة قرائية .
دمتم بخير ..........


أخي الفاضل والأديب القدير / محمد الحامدي
لقد قرأت هنا مايسد الرمق بعد عطش شديد لمثل هذا الكلام المنصف بحق الإبداع وبحق القراءة الحقة للإبداع ,,,
اما الشعر فمازال عندي هو إيقاع وموسيقى وشاعرية وعاطفة وسليقة وعفوية وصور ولغة وتلاحم سواء أكان عموديا أم تفعيليا ( حرا )
إنما مايسمى بالشعر المنثور أو النثر المشعور أو قصيدة النثر فظني أنها غير داخلة في معنى الشعر وإلا اعتبرنا مؤلفات المنفلوطي وسيد قطب والرافعي وكبار كتاب النثر هي قصائد ..
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الضوابط تختلط عندئذ والخصوصية تفتقد بين جنسي الأدب إذ لكل فن خصوصية وتفرد فالشعر له ضوابطه وأصوله والنثر كذلك والجامع بينهما هو اعطاء كل فن حقه من الإبداع والتفنن في الآداء بحيث أنك عندما تقرأ القصيد من الشعر تقول عنه هذا هو الشعر الفاخر حقا .. وفي المقابل عندما تقرأ النثر تقول هذا هو النثر الفاخر حقا ..
وذكرني قولك : ((حتى الذين أرادوا أن يقولبوا الأوزان الشعرية فوضعوا البحور الطويلة للأغراض الجادة والبحور السريعة للأغراض غير الجادة سرعان ما تراجعوا أمام قصيدة بحرها طويل وغرضها هزلي ...)) بإدراج لي أسميته المثل العربي هل هو من الثوابت ؟
حيث إن كلام القدماء حول فنون الأدب المختلفة ليس بالضرورة أن يكون حاملا للمصداقية والموضوعية في كل أحواله فنصوصهم وأقوالهم ليست مقدسة بل هي قابلة لإعادة النظر فيها وبالتالي هي قابلة أيضا للتغيير والتبديل ..
أما فيما يتعلق بالمدلولات اللغوية فعلى الناقد والكاتب على حد سواء أن يلم ببعض المصادر التي تتعلق بالفروق اللغوية بين المفردات وبجديدها وبيان مدلولاتها إلى جانب حدسه وذوقه ومنها :
الفروق اللغوية للعسكري - الأشباه والنظائر - الإتقان - معجم بقية الأشياء - فقه اللغة - الصاحبي - وغيرها من المؤلفات المتعلقة باللغة فضلا عن القواميس والمعاجم على اختلاف ضروبها ومناهجها .
وأختم ردي هذا باتفاقي معك في كل ماذهبت إليه خاصة تلك المقولة التي ختمت بها نصك وهي :
((بقي أن أذكر بأن من يشترط للشعر شعرية يجب عليه أن يكون منصفا فيشترط للقراءة قرائية))
ولعلنا ننتظر منك مفهوما للقرائية مقننا بضوابط ( مطاطية ) قابلة للمط والزيادة أو التعديل والتبديل والأخذ والرد
إنما أحب أن أضيف أن الناقد إلم يملك سلامة الطبع وموهبة النقد ودقة الحس ورفاهية الذوق فإن الأدوات النقدية قد لاتسعفه في أغلب الأحوال ..
وأحب أن أضيف كذلك أنه ليست كل النصوص تحتاج إلى إظهار جمالياتها لأن بعضها يندرج تحت أحد النوعين الأتيين :
* أما الخلو من الجمال ويكون مجرد نظم لا اكثر مع الاحتفاظ بسمو الفكرة .
أو * امتلاؤه بالغث التافه البارد من الصور والمعاني فيحتاج الناقد معه إلى نفضه وتخليصه من هذه السموم الكتابية المنحرفة عن معنى الإبداع المؤثر والمسيطر.
أخيرا
لقد سعدت الحقيقة جدا بقراءة هذا المقال القيم جدا
تقبل أخي الكريم الفاضل جل تقديري واحترامي
وتحيتي لك صادقة خالصة

محمد الحامدي
19-09-2007, 11:00 PM
أخي الفاضل والأديب القدير / محمد الحامدي
لقد قرأت هنا مايسد الرمق بعد عطش شديد لمثل هذا الكلام المنصف بحق الإبداع وبحق القراءة الحقة للإبداع ,,,
اما الشعر فمازال عندي هو إيقاع وموسيقى وشاعرية وعاطفة وسليقة وعفوية وصور ولغة وتلاحم سواء أكان عموديا أم تفعيليا ( حرا )
إنما مايسمى بالشعر المنثور أو النثر المشعور أو قصيدة النثر فظني أنها غير داخلة في معنى الشعر وإلا اعتبرنا مؤلفات المنفلوطي وسيد قطب والرافعي وكبار كتاب النثر هي قصائد ..
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الضوابط تختلط عندئذ والخصوصية تفتقد بين جنسي الأدب إذ لكل فن خصوصية وتفرد فالشعر له ضوابطه وأصوله والنثر كذلك والجامع بينهما هو اعطاء كل فن حقه من الإبداع والتفنن في الآداء بحيث أنك عندما تقرأ القصيد من الشعر تقول عنه هذا هو الشعر الفاخر حقا .. وفي المقابل عندما تقرأ النثر تقول هذا هو النثر الفاخر حقا ..
وذكرني قولك : ((حتى الذين أرادوا أن يقولبوا الأوزان الشعرية فوضعوا البحور الطويلة للأغراض الجادة والبحور السريعة للأغراض غير الجادة سرعان ما تراجعوا أمام قصيدة بحرها طويل وغرضها هزلي ...)) بإدراج لي أسميته المثل العربي هل هو من الثوابت ؟
حيث إن كلام القدماء حول فنون الأدب المختلفة ليس بالضرورة أن يكون حاملا للمصداقية والموضوعية في كل أحواله فنصوصهم وأقوالهم ليست مقدسة بل هي قابلة لإعادة النظر فيها وبالتالي هي قابلة أيضا للتغيير والتبديل ..
أما فيما يتعلق بالمدلولات اللغوية فعلى الناقد والكاتب على حد سواء أن يلم ببعض المصادر التي تتعلق بالفروق اللغوية بين المفردات وبجديدها وبيان مدلولاتها إلى جانب حدسه وذوقه ومنها :
الفروق اللغوية للعسكري - الأشباه والنظائر - الإتقان - معجم بقية الأشياء - فقه اللغة - الصاحبي - وغيرها من المؤلفات المتعلقة باللغة فضلا عن القواميس والمعاجم على اختلاف ضروبها ومناهجها .
وأختم ردي هذا باتفاقي معك في كل ماذهبت إليه خاصة تلك المقولة التي ختمت بها نصك وهي :
((بقي أن أذكر بأن من يشترط للشعر شعرية يجب عليه أن يكون منصفا فيشترط للقراءة قرائية))
ولعلنا ننتظر منك مفهوما للقرائية مقننا بضوابط ( مطاطية ) قابلة للمط والزيادة أو التعديل والتبديل والأخذ والرد
إنما أحب أن أضيف أن الناقد إلم يملك سلامة الطبع وموهبة النقد ودقة الحس ورفاهية الذوق فإن الأدوات النقدية قد لاتسعفه في أغلب الأحوال ..
وأحب أن أضيف كذلك أنه ليست كل النصوص تحتاج إلى إظهار جمالياتها لأن بعضها يندرج تحت أحد النوعين الأتيين :
* أما الخلو من الجمال ويكون مجرد نظم لا اكثر مع الاحتفاظ بسمو الفكرة .
أو * امتلاؤه بالغث التافه البارد من الصور والمعاني فيحتاج الناقد معه إلى نفضه وتخليصه من هذه السموم الكتابية المنحرفة عن معنى الإبداع المؤثر والمسيطر.
أخيرا
لقد سعدت الحقيقة جدا بقراءة هذا المقال القيم جدا
تقبل أخي الكريم الفاضل جل تقديري واحترامي
وتحيتي لك صادقة خالصة
نعمٌ نعم سيدتي ، لا بدّ من إعادة النظر - بوعي وإدراك - فيما عشنا نعتقد أنه " مقدس " في تراثنا الأدبي بوجهيه إبداعا ونقدا . نعم يجب أن نعيد تعريف الأدب وتعريف النقد ، وأن نطور أدواتنا في الكتابة وفي النقد بما يجعلنا نحدث ذلك الدوي الشخصي لكل عصر وكل ظرف ... لذلك وبعد أن يمتلك الناقد / القارئ ثقافة اللغة وثقافة النقد وذلك الحس الأدبي الفني وكل ما ذكرته من شرائط عليه أن يمتلك أيضا القدرة على رصد التجديد ودفعه في طريق قويم يجعل النص الأدبي نصنا نحن - بني هذا العصر - لا نص الماضي المعتق ولا نص من يحيط بنا من غالب كأننا مضطرون إلى الاقتداء به من شعر منثور وأدب أبيض وغيرهما ،، وأظن أن ذلك لا يتم إلا بمثل هذا الحوار الذي تدشنه الواحة وأمثالها لنصل إلى زخم تنظيري ينفع أدبنا ونقدنا .
نعم يتجاذب ذائقتنا نموذجان ونحن الأشقياء بهما : نموذج ماضوي يفرض نفسه علينا على أنه كالكمال والمقدس ولكنه يختل توازنه أحيانا كثيرة في ملاحقة شخصية عصرنا ونسقه ، ونموذجي " آخروي " يفرض نفسه علينا لما له من غلبة حضارية ولكنه لا ينسجم مع صحراوية ذوقنا وسمرة لغتنا وتجعد شعر ثقافتنا . نحن بين هذا وذاك تتجاذب ذاقتنا رغبتان استعادة أدب الماضي ومجده واستيعاب إبهار الآخر وغلبته . ولكن وإن كنا نعي ذلك فوعينا شقي يتيم تتوه هوية ذائقتنا أحيانا كثيرة إلا من رحم الله . لذلك أرى أنه حان الوقت ان تفضي مثل هذه الحوارات إلى تشكيل أدبنا الخاص وثقافتنا الخاصة في عصرنا الذي يجب أن نقوده ولا ندعه يقودنا . هنا بالذات على النقد أن يوفق ولو كلفه ذلك السهر والجهد بين حداثة الذائقة وأصالة الصياغة . لا بد من تأسيس معجم نقدي تاريخي ومعجم إبداعي تاريخي بعيدا عن الإسفاف والسطحية ولكن بعيدا أيضا على الإيهام بالتطور في ظل تقديس كل ما ينتجه الآخر دون وعي وفهم وإفهام ...
للحوار بقية وشكرا سيدتي على هذا الحوار الراقي

أحمد الرشيدي
19-09-2007, 11:14 PM
الأخ الكريم الأستاذ محمد الحامدي

ما زال العلم والفكر والأدب بخير ما دامت هناك عقول حصيفة تتلاقح ، وأذواق سليمة يعضدها تحصيل علمي جاد تستساغ وتستعذب ...

سأنظر في أمري إذا ما كان عندي شيء يثري الموضوع الذي تناولتَه ، فسأحاول أن أقدمه بين يدي أساتذة أجلاء ، أو أكتفيتُ بالقراءة دون أن أسطر حرفا يثقل الصفحة دون جدوى .

تحياتي وتقديري

د. عمر جلال الدين هزاع
19-09-2007, 11:38 PM
السلام عليكم ورحمة الله
ما أحوجنا أخي الحبيب الحامدي إلى مثل هذا الموضوع
فننظر فيه ونناقش فيه أدوات الشعر وأدوات القراءة
وأي سبل هي الأفضل كي نتبعها
قراء و كتاب
أو بالمفهوم الدارج منتجين ومستهلكين
وباعتقادي أن جودة الانتاج لابد وأن يتلوها جودة قراءة
وأن جودة القراءة لابد أن تضع النصوص في مواضعها الصحيحة نقدًا و دراسة وتحليلًا
ولعلني أنتظر آراء الأحبة هنا
كي ألتمس لنفسي موضع قدم هنا
فبجوار الأحبة يحلو الكلام
وتنجلي الحقائق
بوركتم جميعًا

محمد الحامدي
19-09-2007, 11:52 PM
أخي أحمد الرشيدي ، تحية عطرة وألف شكر على هذا المرور الكريم .
نعم إن الموضع شائك في تشعبه ، مازلت ألح وفي كل ما أكتب وأرى على ضرورة النظر من جديد في أدواتنا الثقافية جميعا . لا يعني ذلك التشكيك ولا السعي بالهدم ، وإنما يعني ذلك السؤال الملح : هل نحن نمضي بثقافتنا في الطريق السليم ؟ أعرف جيدا أنه سؤال قد لا يقبله بعضهم ويعتبره طرحا مغلوطا لما قد يحمله من بذرة تشكيك في أصولنا الثقافية . ولكني مع ذلك وفي مجال الأدب بالذات أرى أن نقد الذات أفضل بكثير من الهيام بها ، لذلك مازلت أعيش على حلم مفاده غريب بعض الشيء : نظرية نقدية عربية إسلامية حديثة ... نعم حديثة . عجيب هذا الحلم ؟ نعم ولكن عساه يتحقق في منهج علمي قويم يعيد للحركة الأدبية بريقها . قد يقول لي قائل : وهل ينقص أدبنا الحديث البريق ؟ وأترك الإجابة إلى المتدخلين هنا .
دمت بخير

محمد الحامدي
19-09-2007, 11:56 PM
أخي الهزاع الحبيب ، نعم هو ذاك : جودة المنتج وجودة المستهلك : جودة الأدب وجودة القراءة .
لذلك أتأخر أحيانا في الرد على بعض النصوص وأقراها كثيرا وأقلبها على كل وجه وأبحث فيها في كل جزئية . نعم أتمنى أن نؤسس في واحتنا أدبا حديثا ونقدا حديثا أسمر الأصالة منفتح العينين على هذا العصر بعيدا عن " تقيئ " الماضي في أشكال نصف " مهضومة " أو لوك الآخر والهيام به على أنه عنوان الحداثة ... هي أمنية أسعى أن أحركها في النفوس وفي نفسي أولا ...
ودمت مبدعا أخي

عطاف سالم
20-09-2007, 10:27 PM
مازلت ألح وفي كل ما أكتب وأرى على ضرورة النظر من جديد في أدواتنا الثقافية جميعا . لا يعني ذلك التشكيك ولا السعي بالهدم ، وإنما يعني ذلك السؤال الملح : هل نحن نمضي بثقافتنا في الطريق السليم ؟ أعرف جيدا أنه سؤال قد لا يقبله بعضهم ويعتبره طرحا مغلوطا لما قد يحمله من بذرة تشكيك في أصولنا الثقافية . ولكني مع ذلك وفي مجال الأدب بالذات أرى أن نقد الذات أفضل بكثير من الهيام بها ، لذلك مازلت أعيش على حلم مفاده غريب بعض الشيء : نظرية نقدية عربية إسلامية حديثة ... نعم حديثة . عجيب هذا الحلم ؟ نعم ولكن عساه يتحقق في منهج علمي قويم يعيد للحركة الأدبية بريقها . قد يقول لي قائل : وهل ينقص أدبنا الحديث البريق ؟ وأترك الإجابة إلى المتدخلين هنا .
دمت بخير


لعل النظرية النقدية العربية الحديثة الإسلامية التي تطمح لها أستاذ الحامدي هي مانطمح لها أيضا ..
ففي رأيي أنه ينبغي حقيقة ألا ننفصل أولا عن جذورنا وتاريخنا النقدي القديم بشرط التواصل مع الحديث والأخذ من كل نظرية بطرف ..
فنكون نجمع إلى هذه النظرية الحديثة جميع مناهج النقد وطرقه واستخدامها وتسخيرها لخدمة النص ..
فأي نظرية قديمة أو حديثة سواء عربية أو غربية ينبغي عدم اهمالها وإنما ينبغي توظيفها بما يتفق ووجهتنا القويمة لنقد النص دون اجحاف به أو اجحاف بكاتبه ..
تحيتي وتقديري

أحمد الرشيدي
24-09-2007, 09:30 PM
أخي أحمد الرشيدي ، تحية عطرة وألف شكر على هذا المرور الكريم .
نعم إن الموضع شائك في تشعبه ، مازلت ألح وفي كل ما أكتب وأرى على ضرورة النظر من جديد في أدواتنا الثقافية جميعا . لا يعني ذلك التشكيك ولا السعي بالهدم ، وإنما يعني ذلك السؤال الملح : هل نحن نمضي بثقافتنا في الطريق السليم ؟ أعرف جيدا أنه سؤال قد لا يقبله بعضهم ويعتبره طرحا مغلوطا لما قد يحمله من بذرة تشكيك في أصولنا الثقافية . ولكني مع ذلك وفي مجال الأدب بالذات أرى أن نقد الذات أفضل بكثير من الهيام بها ، لذلك مازلت أعيش على حلم مفاده غريب بعض الشيء : نظرية نقدية عربية إسلامية حديثة ... نعم حديثة . عجيب هذا الحلم ؟ نعم ولكن عساه يتحقق في منهج علمي قويم يعيد للحركة الأدبية بريقها . قد يقول لي قائل : وهل ينقص أدبنا الحديث البريق ؟ وأترك الإجابة إلى المتدخلين هنا .
دمت بخير

أخي محمد الحامدي

تحية عاطرة وسلاما جميلا

أذكر أني قرأت لـ آ. أ. ريتشاردز كتابا عنوانه ( فلسفة البلاغة ) وإذا كل آرائه وأفكاره مسبوق بها من علماء البلاغة العربية ، في ثراثنا كنوز تستجدي من ينبشها ويستخرجها ، ويطورها ...

نافع ما تطرحه ، وحلمك جميل جميل ...

( جعله الله في ميزان أعمالك ) .

د. عمر جلال الدين هزاع
25-09-2007, 08:03 PM
أخي الحبيب
يسعدني العود إلى هذه الزاوية الطيبة
لبعض أمر
وهو كثيرًا ما نجده في نقد النصوص الشعرية الحديثة
من مجها من قبل البعض
و استنكارها وقياسها على ما سبق
وبهذا فهم - النقاد ( القراء ) - يلبسون عصرًا بعصر
وأدبًا بأدب
ولكل دولة رجال
فدعني أقتبس لك مما قاله ابن طباطبا في عيار الشعر حول هذا :
ـــــــــــ
وستعثر في أشعار المولدين بعجائب استفادوها ممن تقدمهم، ولطفوا في تناول أصولها منهم، ولبسوها على
من بعدهم، وتكثروا بأبداعها فسلمت لهم عند إدعائها، للطيف سحرهم فيها، وزخرفتهم لمعانيها .
والمحنة على شعراء زماننا في أشعارهم أشد منها على من كان قبلهم لأ..م قد سبقوا إلى كل معنى بديع
ولفظ فصيح، وحيلة لطيفة، وخلابة ساحرة .
فإن أتوا بما يقصر عن معاني أولئك، ولا يربى عليها لم يتلق
بالقبول وكان كالمطرح المملول .
ومع هذا فإن من كان قبلنا في الجاهلية الجهلاء، وفي صدر الإسلام، من
الشعراء كانوا يؤسسون أشعارهم في المعاني التي ركبوها على القصد للصدق فيها ً مديحا وهجاء، وافتخارًا
ووصفا، ً وترغيبا وترهيبا ً، إلا ما قد احتمل الكذب فيه في حكم الشعر :من الإغراق في الوصف والإفراط
في التشبيه .وكان مجرى ما يوردونه مجرى القصص الحق، والمخاطبات بالصدق، فيحابون بما يثابون
ويثابون بما يحابون .
ـــــــــــ
وهذا يؤسس لقول :
أن أدباء هذا الزمان مكلفون و معنيون أكثر من غيرهم
بالوصول للقارىء إلى بر أمان من اللغة و الأدب
يجمع أصالة القديم و عراقته
ونضارة الحديث و أشكال تطوره المقبولة و الحسنة
ولعلنا نستطيع هنا أن ننظر في مثل هذا
فنتحاور في بعض ما يمكن أن يتسلح به الأديب ( الشاعر ) من أدوات لكي يستطيع أن يدخل بها إلى معترك الأدب الذي سيكون له القراء والنقاد بالانتظار
ثم لعلنا نستنبط من خلال أدوات الشاعر
ما على القارىء أن يلتزم به من وسائل لكي يستطيع القراءة بشكل صحيح
خالص ودي
وتقديري

د. عبدالله حسين كراز
28-09-2007, 02:01 PM
الأخ الحبيب محمد الحامدي

سعيد بقراءة ما جادت به قريحتك الرؤيوية والصادقة في طرحها لموضوعة ليست منتهية بعد تتمثل في دور الشعر وأدواته الأدائية والـتأثيرية ومزاياه الأدبية والجمالية الرائقة لذائقة المتلقي وفي درو القارئ المتلقي للنص الشعري - أو النثري تحت أي مسمى - في التمتع باستيعاب النص/الشعر وتحليل ما جاء به النص من تعبيرات رمزية وشيفرات لفظية بما تحمله من إيحاءات وإحالات واجترارات ودلالات، وفي المقدرة على فهم فكرة النصوص تحت عدسة الذائقة بتوظيف خلفية ثقافية ومعرفية وتذوقية تَمَكَّن منها القارئ عبر تاريخ تكوينه لشخصيته الثقافية والمعرفية وتجريته في مجال العلوم والأدب... الشعر - والأدب بشكل عام - لايقدم قوالب جاهزة لفهم النصوص ولا يمنح القارئ رخصة مرور دون دفع الثمن المتثمل في الشراكة في الاستيعاب وبذل الجهد المعرفي والجمالي من أجل هضم النص وفهمه وسبر أغوار فكرته وأغراضه وتفاصيل أخرى ينطوي عليها ويأتي بها.. إذ أن الكتابة لها ضوابطها وخصائصها الاسلوبية والبلاغية والجمالية والتأثيريةن والتي بدونها يخرج النص عن سكة الإبداع والجمال النصي واللغوي والتعبيري ويقترب من حالة التغريب والتخريب للغة والأدب والتراث والثقافة بقدر ترك هذه الكتابات لمثل هذه الضوابط التي تشكل هرمونات مهمة في النصوص الشعرية - والنثرية أيضاً.
نعم ، لنبحث ونؤسس لمنظمة معرفية أدبية تتصالح مع تراثنا وتاريخ آدابنا ولا تنقطع عنها بل تتوحد معها هذا من ناحية، ومن الأخرى أن نواكب كل محطات التطور والتجديد والتجريب دون انتقاص من لغتنا وجمالياتها وخصائص قوتها البليغية والبديعية والفصيحة، وبالتالي نزاوج بين القديم والحديث دون قطيعة ودون إثارة أي اشتباك بينهما.

أ. محمد :
أتفق معك في ضرورة العمل على تأسيس "نظرية نقدية عربية إسلامية حديثة" تواكب كل مظاهر التجديد والتحديث والتطوير المعرفي والتقني والأسلوبي في كل حقول الأدب ومجالات إبداعه من شعر ونثر ونقد.
ولكن أين نحن من البداية؟ هل فعلاً لدينا النية في ذلك أم أننا لسنا مهيئين بعد امثل هذه الظاهرة والحدث؟ ايضاً، أين دور الأكاديميين والنخبويين في حل كل إشكاليات الإبداع والنقد والتنظير والتطوير والتجريب. نحس أننا بحاجة لفتوى شرعية لمثل هذه الأمور!!! رغم أننا عرفنا منذ القدم أن الشعر وتعبيراته هي للتعبير عن الشعور والأحاسيس والوجدانيات وما يعتمل في القلب والعقل والخيال والواقع قبل أن يكون الشعر قوالب جاهزة جاء بها الفراهيدي بعد اجتهادات محمودة ورائدة من التجريب والتصنيع العروضي والصياغة الموسيقية. وأرى أننا من حقنا أن نحاول التجريب وليس التغريب أو التخريب ونحاول التطوير وليس التبرير، حينها يمكن أن نسمع صوت العربية الملزم بعزيمة ابنائها ومبدعيها والحريصين على سلامتها وسلامة فنونها وطقوسها الجمالية....

شكراً أخي محمد

د. عبدالله حسين كراز

محمد الحامدي
28-09-2007, 11:41 PM
الأخ الحبيب محمد الحامدي
سعيد بقراءة ما جادت به قريحتك الرؤيوية والصادقة في طرحها لموضوعة ليست منتهية بعد تتمثل في دور الشعر وأدواته الأدائية والـتأثيرية ومزاياه الأدبية والجمالية الرائقة لذائقة المتلقي وفي درو القارئ المتلقي للنص الشعري - أو النثري تحت أي مسمى - في التمتع باستيعاب النص/الشعر وتحليل ما جاء به النص من تعبيرات رمزية وشيفرات لفظية بما تحمله من إيحاءات وإحالات واجترارات ودلالات، وفي المقدرة على فهم فكرة النصوص تحت عدسة الذائقة بتوظيف خلفية ثقافية ومعرفية وتذوقية تَمَكَّن منها القارئ عبر تاريخ تكوينه لشخصيته الثقافية والمعرفية وتجريته في مجال العلوم والأدب... الشعر - والأدب بشكل عام - لايقدم قوالب جاهزة لفهم النصوص ولا يمنح القارئ رخصة مرور دون دفع الثمن المتثمل في الشراكة في الاستيعاب وبذل الجهد المعرفي والجمالي من أجل هضم النص وفهمه وسبر أغوار فكرته وأغراضه وتفاصيل أخرى ينطوي عليها ويأتي بها.. إذ أن الكتابة لها ضوابطها وخصائصها الاسلوبية والبلاغية والجمالية والتأثيريةن والتي بدونها يخرج النص عن سكة الإبداع والجمال النصي واللغوي والتعبيري ويقترب من حالة التغريب والتخريب للغة والأدب والتراث والثقافة بقدر ترك هذه الكتابات لمثل هذه الضوابط التي تشكل هرمونات مهمة في النصوص الشعرية - والنثرية أيضاً.
نعم ، لنبحث ونؤسس لمنظمة معرفية أدبية تتصالح مع تراثنا وتاريخ آدابنا ولا تنقطع عنها بل تتوحد معها هذا من ناحية، ومن الأخرى أن نواكب كل محطات التطور والتجديد والتجريب دون انتقاص من لغتنا وجمالياتها وخصائص قوتها البليغية والبديعية والفصيحة، وبالتالي نزاوج بين القديم والحديث دون قطيعة ودون إثارة أي اشتباك بينهما.
أ. محمد :
أتفق معك في ضرورة العمل على تأسيس "نظرية نقدية عربية إسلامية حديثة" تواكب كل مظاهر التجديد والتحديث والتطوير المعرفي والتقني والأسلوبي في كل حقول الأدب ومجالات إبداعه من شعر ونثر ونقد.
ولكن أين نحن من البداية؟ هل فعلاً لدينا النية في ذلك أم أننا لسنا مهيئين بعد امثل هذه الظاهرة والحدث؟ ايضاً، أين دور الأكاديميين والنخبويين في حل كل إشكاليات الإبداع والنقد والتنظير والتطوير والتجريب. نحس أننا بحاجة لفتوى شرعية لمثل هذه الأمور!!! رغم أننا عرفنا منذ القدم أن الشعر وتعبيراته هي للتعبير عن الشعور والأحاسيس والوجدانيات وما يعتمل في القلب والعقل والخيال والواقع قبل أن يكون الشعر قوالب جاهزة جاء بها الفراهيدي بعد اجتهادات محمودة ورائدة من التجريب والتصنيع العروضي والصياغة الموسيقية. وأرى أننا من حقنا أن نحاول التجريب وليس التغريب أو التخريب ونحاول التطوير وليس التبرير، حينها يمكن أن نسمع صوت العربية الملزم بعزيمة ابنائها ومبدعيها والحريصين على سلامتها وسلامة فنونها وطقوسها الجمالية....
شكراً أخي محمد
د. عبدالله حسين كراز

سيدي الدكتور عبد الله سعيد أنا بهذا المرور الكريم وبكل آراكم فيما أثرت من شجون النقد وواقعه وطموحاته . وأشير إلى قولكم في حاجتنا إلى جهود الأكادميين في هذا المجال ، ولكني أراهم يلهثون وراء " واجب " الوظيفة أكثر من واجب البحث والتأسيس .. وأما عن سؤالكم " أين البداية " ؟ فلا جواب عندي ، وأحيل الاستفهام إلى غرضه البلاغي " الاستبطاء " .. وبمثل الحوار مع أمثالكم تتضح الطريق وزتلمع في الأفق نجمة البدايات ...
شكرا سيدي ولعل للحوار بقية