مشاهدة النسخة كاملة : ....سراويل.....
سمير الشريف
27-09-2007, 09:51 AM
مر وقت طويل يستجمع تفاصيل ما حدث..سعل بحشرجة..انتفخت عروق رقبته..أحسّ بموجة باردة تغسله..لملم بطانية مهترئة فوق جسده.....حاول أن ينهض..اشتعل في ركبته ألم حارق..اكتشف أن جسده مهدود..جرّ قدميه..اقترب من النافذة..انتشى بهدوء آخر الليل..سمع صوت أنفاسه تموج في صدره..تقدم منه باسما..سأله عن رفاقه..قدّم له سيجارة..ألحّ لمعرفة من حرضوه..باغته السؤال..ابتسم ببلاهة..يباس ينبت في حلقه..انعقد لسانه .... حملق بغباء..سأله غاضبا:" من....تكلم"
صياح الديكة يخلخل الهدوء الجاثم..صفحة وجهه تتكسر عليها انفعالات شتى.. عبّ من نسمات الليل بعمق.. سرح إلى البعيد..... يا رجل ..قل شيئا..حرّك ساكنا..الناس في قيامة وأنت لاهمّ لك غير حرق السجائر والالتصاق بهذا المذياع ! اصح يا رجل وانظر إلى من تغير حالهم..زوجة "شاهد" التي لبست المطرز وزوجها الذي يتبختر كالطاووس..لم تسجل الأسماء ولم تشارك في احتفال.. اعمل كزوج "دلال" الذي ملأ البيت قماشا يكفي لعشرات السراويل.............
وأنت فوق السلّم.. لم يخطر ببالك أن أحدا يراقبك ... كل خوفك انحصر في سلك الكهرباء الذي يقولون عنه ضغطا عاليا وخفت أن تطالك صاعقته.... كانت اليافطة العاشرة..................
هوت على صدغه كف ثقيلة..لفّه دوار شامل..سقط ....كدمات تكوي عظامه... ألم يتجذر في أمعائه..نزف دافئ ينزّ من أنفه وفمه ...يسحب جسده...برودة لاذعة تتكوم في خلاياه...سمع انسكاب الماء فوق رأسه.... الأشياء تستعيد أحجامها من جديد... الكرسي.. الطاولة ... الغرفة ..الوجوه... الكدمات...........
ابتسم له ...اقترب منه...ألقى بيانه: - كلمة تجعلنا أصدقاء ونختصر الكثير.... َمنْ الذي حرّضك .. كم دفعوا لك؟؟...........
أين أنت يا إمرأة الشؤم؟...... لماذا لا تأتين وترين المصير الذي انتهيت إليه.... كل سراويل العالم لا تساوي جلسة فوق كرسي الكهرباء...
ظللت (تنقين ) على رأسي..شوف أبو خالد ..انظر إلى صالح ... فكر كيف انقلب الحال بإبراهيم!! ماذا يفعلون غير أن يحركوا رؤوسهم ويقولوا نعم!!!! صحيح أنهم جعلوا بيوتهم مضافات………………..
وكل منهم وزّع زوجته وأولاده ليخدموا أطرافا متناقضة....لكن منظر الدولارات التي ما حلموا بها، يغفر لهم،فلماذا لا نغتنم الفرصة!!
مال محروق ،
إن لم تلطشه أنت لهفه غيرك..لماذا لا تكسبه وتسير مع التيار!!
أم ما زلتَ تُصرّ على أن مسايرة التيار غير الخوض فيه؟؟
لحظة دخولك الغرفة..كانت بالانتظار.. زغرد في عيونها الفرح وأنت تحمل الكيس.. قالت ووجهها يتلون بالبشر:
_ هذا ما كان عليك أن تفعله.. لو ختمت الدفتر....!!؟؟
هذا القماش ما عيبه؟؟ غلوة واحدة ويعود ناصعا بلا ألوان..هل تعرف ثمن المتر منه؟؟ أليس حراما أن تمزقه الريح وأجساد أولادنا عارية؟؟
حتى أنت فصّلت ثلاثة سراويل..كنت تخجل من الجلوس بها أمام الرجال حتى لا يكتشفوا سرك……
خطا للأمام...ألم حارق يمزق ظهره....
إستدار لصوت زوجته.........
_ ألم يقل الطبيب أن الحركة خطر عليك؟.. إلى متى تعاكس الواقع..؟؟
باغته السعال..ضيق يثقب الروح..يكتم الأنفاس.......
تذكّر الجيران الذين لم يكلّف أحدهم نفسه بالسؤال....
معذورون......أتريد أن تجلب الشبهة لهم؟؟ يكفيك أنك خبرت الناس
ولقنتك السراويل درسا لن تنساه......
ما هذا الطرق الغاضب على بوابة الحوش والدماغ؟؟
من يأت في مثل هذه الساعة……!!
جوتيار تمر
27-09-2007, 04:12 PM
الشريف..
نص سردي/حكائي/ قصة جميلة/ رؤية عميقة/ استحضار جميل لمكونات حياتية يومية/ غرس لصور ومشاهد ذهنية في المتلقي/ بناء جميل/ تحكم بادوات القص/ تناسق وترابط بين الصورة واللغة/ والحركة الداخلية للنص/وحركة الاشياء ذاتها.
دمت بخير
جوتيار
سمير الشريف
01-10-2007, 12:31 PM
أخي جوتيار تمر,,,,,,,,,,,,,,,,,
سعيد بمرورك وتواصلك مع نصوصي.
ما تفضلت به شهادة اعتز بها,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ريمة الخاني
08-10-2007, 10:37 AM
نقسو عندنا نصف حالا حقيقة غارقه في الالم
ولكن ان نقدمه بشكل نتواصل شعوريا ونجعل المتلقي يتحسس النص هذا مااستطعت توصيله
استاذي
تحيتي وتقديري لنص باذح
خليل حلاوجي
10-10-2007, 11:27 PM
السرد هنا عند القاص وجدته غامضا ً في آلياته ... ولربما ابتدع لنا القاص لغته المتجددة وهو جدير بذلك مما أكد قناعاتي أني أمام فن قصصي مثير للدهشة ...
أحييك على هذا الثراء الأدبي ... أخي سمير
احمد القزلي
11-10-2007, 12:21 AM
مر وقت طويل يستجمع تفاصيل ما حدث..سعل بحشرجة..انتفخت عروق رقبته..أحسّ بموجة باردة تغسله..لملم بطانية مهترئة فوق جسده.....حاول أن ينهض..اشتعل في ركبته ألم حارق..اكتشف أن جسده مهدود..جرّ قدميه..اقترب من النافذة..انتشى بهدوء آخر الليل..سمع صوت أنفاسه تموج في صدره..تقدم منه باسما..سأله عن رفاقه..قدّم له سيجارة..ألحّ لمعرفة من حرضوه..باغته السؤال..ابتسم ببلاهة..يباس ينبت في حلقه..انعقد لسانه .... حملق بغباء..سأله غاضبا:" من....تكلم"
صياح الديكة يخلخل الهدوء الجاثم..صفحة وجهه تتكسر عليها انفعالات شتى.. عبّ من نسمات الليل بعمق.. سرح إلى البعيد..... يا رجل ..قل شيئا..حرّك ساكنا..الناس في قيامة وأنت لاهمّ لك غير حرق السجائر والالتصاق بهذا المذياع ! اصح يا رجل وانظر إلى من تغير حالهم..زوجة "شاهد" التي لبست المطرز وزوجها الذي يتبختر كالطاووس..لم تسجل الأسماء ولم تشارك في احتفال.. اعمل كزوج "دلال" الذي ملأ البيت قماشا يكفي لعشرات السراويل.............
وأنت فوق السلّم.. لم يخطر ببالك أن أحدا يراقبك ... كل خوفك انحصر في سلك الكهرباء الذي يقولون عنه ضغطا عاليا وخفت أن تطالك صاعقته.... كانت اليافطة العاشرة..................
هوت على صدغه كف ثقيلة..لفّه دوار شامل..سقط ....كدمات تكوي عظامه... ألم يتجذر في أمعائه..نزف دافئ ينزّ من أنفه وفمه ...يسحب جسده...برودة لاذعة تتكوم في خلاياه...سمع انسكاب الماء فوق رأسه.... الأشياء تستعيد أحجامها من جديد... الكرسي.. الطاولة ... الغرفة ..الوجوه... الكدمات...........
ابتسم له ...اقترب منه...ألقى بيانه: - كلمة تجعلنا أصدقاء ونختصر الكثير.... َمنْ الذي حرّضك .. كم دفعوا لك؟؟...........
أين أنت يا إمرأة الشؤم؟...... لماذا لا تأتين وترين المصير الذي انتهيت إليه.... كل سراويل العالم لا تساوي جلسة فوق كرسي الكهرباء...
ظللت (تنقين ) على رأسي..شوف أبو خالد ..انظر إلى صالح ... فكر كيف انقلب الحال بإبراهيم!! ماذا يفعلون غير أن يحركوا رؤوسهم ويقولوا نعم!!!! صحيح أنهم جعلوا بيوتهم مضافات………………..
وكل منهم وزّع زوجته وأولاده ليخدموا أطرافا متناقضة....لكن منظر الدولارات التي ما حلموا بها، يغفر لهم،فلماذا لا نغتنم الفرصة!!
مال محروق ،
إن لم تلطشه أنت لهفه غيرك..لماذا لا تكسبه وتسير مع التيار!!
أم ما زلتَ تُصرّ على أن مسايرة التيار غير الخوض فيه؟؟
لحظة دخولك الغرفة..كانت بالانتظار.. زغرد في عيونها الفرح وأنت تحمل الكيس.. قالت ووجهها يتلون بالبشر:
_ هذا ما كان عليك أن تفعله.. لو ختمت الدفتر....!!؟؟
هذا القماش ما عيبه؟؟ غلوة واحدة ويعود ناصعا بلا ألوان..هل تعرف ثمن المتر منه؟؟ أليس حراما أن تمزقه الريح وأجساد أولادنا عارية؟؟
حتى أنت فصّلت ثلاثة سراويل..كنت تخجل من الجلوس بها أمام الرجال حتى لا يكتشفوا سرك……
خطا للأمام...ألم حارق يمزق ظهره....
إستدار لصوت زوجته.........
_ ألم يقل الطبيب أن الحركة خطر عليك؟.. إلى متى تعاكس الواقع..؟؟
باغته السعال..ضيق يثقب الروح..يكتم الأنفاس.......
تذكّر الجيران الذين لم يكلّف أحدهم نفسه بالسؤال....
معذورون......أتريد أن تجلب الشبهة لهم؟؟ يكفيك أنك خبرت الناس
ولقنتك السراويل درسا لن تنساه......
ما هذا الطرق الغاضب على بوابة الحوش والدماغ؟؟
من يأت في مثل هذه الساعة……!!
..اخي سمير التقيتك ذات صالون...و لم تلقي ..و لكن طريقة تلقيك و نقدك كانيدل على ثراء فاحش (عفوا ) في اللغة و مستلزماتها ..و خيال يعرف كيف يضخ السرد ..بالقالب..الاخ جو ..كان اكثر من رائع في تحليله ..
..ما بقي معي لك ..كل عيد ..و انت قاص نحب
سمير الشريف
23-11-2007, 08:56 AM
شكر
للمرور
والتعليق
أستاذة
ريمه,,,,,,,,,,,,,,,,
تحيتي,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
سمير الشريف
23-11-2007, 09:04 AM
أخي خليل..............
شرفني تعليقك ومرورك الكريم
تحيتي,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
سمير الشريف
23-11-2007, 09:07 AM
أخي أحمد,,,,,,,,,,,
مرور كريم
وحضور فاعل
أشكرك
هلا ذكرتني باللقاء أخي؟
يسعدني تواصلك
مودة غامرة,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
حسام القاضي
23-11-2007, 01:57 PM
أخي الفاضل الأديب / سمير الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سراويل ..عنوان لافت
وقصة لا تعطي أسرارها من أول وهلة ، وإنما على مراحل متتالية
بدأت القصة بإنسان يعذب ليجبر على إعتراف ما لنتسائل ماذا فعل ؟
بدأت باللحظة الحاضرة ثم مارست عمليات ارتجاعات زمنية (فلاش باك )
ثم عودة للحاضر ثم رجوع مرة أخرى فعودة ، وهكذا لنعرف التفاصيل
ليس بشكل مباشر ، وإنما على شكل إضاءات ، وقد فعلت هذا بحرفية عالية
للغاية وإقتدار ؛فإستمر عنصر التشويق من بداية القصة وحتى نهايتها
التي جاءت قوية ومفسرة ومتوجة لهذا العمل الناجح.
نشترك جميعاً (نحن بلدان العالم الثالث ) في هذه التفاصيل..
المواطن الشريف الذي لا يعرف إلا طريق واحد بعيداً عن الغش
والخداع والخضوع أحياناً (لمن يطلقون على انفسهم اولي الأمر )
والمعادلة الصعبة ما هو الأولى ؟ ستر العورة؟ أم الدعايات الانتخابية؟
اللصوص الكبار يمرحون على الملأ ولا يحاسبهم أحد ، وعندما حاول هو
ستر عورته وعورة عياله بأخذ قماش اليافطات الانتخابية او الدعائية
للحزب الواحد ( أو النظام عموماً) لا لشيء إلا لعمل سروايل له ولأبنائه
العراة .. ماذا حدث؟ هل يحاسبونه على السرقة ؟ لا بل يحاسبونه على معاداته للنظام
ويسألونه عن شركائه في تلك الفعلةالشتعاء !!!!
وهنا قمة المفارقة .
عمل أحسبه انموذجاً للقصة القصيرة كما يجب أن تكون ، لذا فاسمح لي بتثبيه كي تعم الفائدة .
للتثبيت
سمير الشريف
23-11-2007, 04:53 PM
أستاذنا حسام القاضي...
السلام عليكم
شرفتني بهذا الحضور وتتبعك لفنيات القص هناك
قراءة عميقة واعية
شكرا للمرور والتثبيت
جزاك الله خيرا,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وفاء شوكت خضر
01-12-2007, 02:50 AM
الأديب / سمير الشريف ..
أسجل إعجابي بقصة استفزت مني الفكر والمشاعر بشكل قوي ..
قصة ذات ابعاد سياسية ، صورت واقع المواطن العربي في اكثر من مكان ، من الناحية السياسية والقومية والوطنية ..
مرور أول ولي عودة بإذن الله ، فهذا النص يحتاج لقراءة عميقة ، وتمعن أكثر .. للغوص فيه واستخراج مكنوناته ..
تحيتي وتقديري ..
سمير الشريف
22-12-2007, 08:17 AM
المبدعة العزيزة وفاااء............
ليس أعذب من المرور الا التعمق في النص ومعاودة المراجعة في تقليب مضامينه وإستكشاف أسراره.
مللنا المجاملات ألتي لا تفيدولا تترك اثرا، لا في النص ولا لدي مبدعه..
أنتظر تحليقك وأنت التي لا يشق لك غبار في معالجة فن القصة إبداعا ونقدا
أهلا بك.
حمدا لله على سلامة الوصول
وفاء شوكت خضر
24-12-2007, 01:36 AM
مر وقت طويل يستجمع تفاصيل ما حدث..سعل بحشرجة..انتفخت عروق رقبته..أحسّ بموجة باردة تغسله..لملم بطانية مهترئة فوق جسده.....حاول أن ينهض..اشتعل في ركبته ألم حارق..اكتشف أن جسده مهدود..جرّ قدميه..اقترب من النافذة..انتشى بهدوء آخر الليل..سمع صوت أنفاسه تموج في صدره..تقدم منه باسما..سأله عن رفاقه..قدّم له سيجارة..ألحّ لمعرفة من حرضوه..باغته السؤال..ابتسم ببلاهة..يباس ينبت في حلقه..انعقد لسانه .... حملق بغباء..سأله غاضبا:" من....تكلم"
دخول مباشر لوصف حال ، أو وضعية محددة .. يظهر للقارئ فيها أن الشخصية الرئيسية في القصة تخضع لتحقيق من نوع قاسي ، وغالبا قضية سياسية ، فالصورة معروفة وراسخة في أذهان الجميع في كل مكان حيث أنه الأسلوب التقليدي السائد في دولنا ..
صياح الديكة يخلخل الهدوء الجاثم..صفحة وجهه تتكسر عليها انفعالات شتى.. عبّ من نسمات الليل بعمق.. سرح إلى البعيد..... يا رجل ..قل شيئا..حرّك ساكنا..الناس في قيامة وأنت لاهمّ لك غير حرق السجائر والالتصاق بهذا المذياع ! اصح يا رجل وانظر إلى من تغير حالهم..زوجة "شاهد" التي لبست المطرز وزوجها الذي يتبختر كالطاووس..لم تسجل الأسماء ولم تشارك في احتفال.. اعمل كزوج "دلال" الذي ملأ البيت قماشا يكفي لعشرات السراويل.............
ومضة .. ارتداد للماضي .. وبداية الحكاية ..
هو يحمل هم الوطن والأحداث العالمية ، يتابع الأخبار بحرقة وانفعال ، يسمع ولا يرى ما حوله ، وزوجة تريد الحياة تنظر للتغير الذي يحدث على الناس من حولها .. لا تفتأ تتذمر وتشكو وتالبه بالتغير كالباقين ..
تضرب له الأمثال وتلح عليه بأن يتصرف ..
وأنت فوق السلّم.. لم يخطر ببالك أن أحدا يراقبك ... كل خوفك انحصر في سلك الكهرباء الذي يقولون عنه ضغطا عاليا وخفت أن تطالك صاعقته.... كانت اليافطة العاشرة..................
هوت على صدغه كف ثقيلة..لفّه دوار شامل..سقط ....كدمات تكوي عظامه... ألم يتجذر في أمعائه..نزف دافئ ينزّ من أنفه وفمه ...يسحب جسده...برودة لاذعة تتكوم في خلاياه...سمع انسكاب الماء فوق رأسه.... الأشياء تستعيد أحجامها من جديد... الكرسي.. الطاولة ... الغرفة ..الوجوه... الكدمات...........
ابتسم له ...اقترب منه...ألقى بيانه: - كلمة تجعلنا أصدقاء ونختصر الكثير.... َمنْ الذي حرّضك .. كم دفعوا لك؟؟...........
عودة للحاضر .. ويقظة مفاجئة بعودة المحقق لممارسة عمله ..
إنسان لا يعرف عن عيون الرقباء شيء ، نافذته على العالم المذياع ، هنا وكأني به تلميح وتشكيك بمصداقية ما يأتينا عبر المضياع من أنباء .. حيث تتحول الهزيمة إلى نصر والظلم إلى ديمقراطية ، وتعتيم كامل على ما يجري في الساحة السياسية ..
لم يخشى إلا تلك الأسلاك ذات التردد العالي خوفا من أن تصعقه ، ولم يدر بخلده أن هناك عيون دقيقة ترصد بقوة كل حركة وكل سكنة ..
وعليه أن يقر ويعترف من حرضه ومن معه ..
أين أنت يا إمرأة الشؤم؟...... لماذا لا تأتين وترين المصير الذي انتهيت إليه.... كل سراويل العالم لا تساوي جلسة فوق كرسي الكهرباء...
ظللت (تنقين ) على رأسي..شوف أبو خالد ..انظر إلى صالح ... فكر كيف انقلب الحال بإبراهيم!! ماذا يفعلون غير أن يحركوا رؤوسهم ويقولوا نعم!!!! صحيح أنهم جعلوا بيوتهم مضافات………………..
وكل منهم وزّع زوجته وأولاده ليخدموا أطرافا متناقضة....لكن منظر الدولارات التي ما حلموا بها، يغفر لهم،فلماذا لا نغتنم الفرصة!!
مال محروق ،
إن لم تلطشه أنت لهفه غيرك..لماذا لا تكسبه وتسير مع التيار!!
أم ما زلتَ تُصرّ على أن مسايرة التيار غير الخوض فيه؟؟
لحظة دخولك الغرفة..كانت بالانتظار.. زغرد في عيونها الفرح وأنت تحمل الكيس.. قالت ووجهها يتلون بالبشر:
_ هذا ما كان عليك أن تفعله.. لو ختمت الدفتر....!!؟؟
هذا القماش ما عيبه؟؟ غلوة واحدة ويعود ناصعا بلا ألوان..هل تعرف ثمن المتر منه؟؟ أليس حراما أن تمزقه الريح وأجساد أولادنا عارية؟؟
حتى أنت فصّلت ثلاثة سراويل..كنت تخجل من الجلوس بها أمام الرجال حتى لا يكتشفوا سرك……
خطا للأمام...ألم حارق يمزق ظهره....
إستدار لصوت زوجته.........
_ ألم يقل الطبيب أن الحركة خطر عليك؟.. إلى متى تعاكس الواقع..؟؟
باغته السعال..ضيق يثقب الروح..يكتم الأنفاس.......
تذكّر الجيران الذين لم يكلّف أحدهم نفسه بالسؤال....
معذورون......أتريد أن تجلب الشبهة لهم؟؟ يكفيك أنك خبرت الناس
ولقنتك السراويل درسا لن تنساه......
ما هذا الطرق الغاضب على بوابة الحوش والدماغ؟؟
من يأت في مثل هذه الساعة……!!
هنا كما يقولون مربط الفرس ..
القضية قضية يافطات .. أقمشة أعدت كإعلانات دعئاية لحزب ما أو مرشح ما ، أو سلطة ما ..
ينفق عليها الكثير ، تتأرجه في الهواء بخيلاء أصحابها ..
يافطات حملت أسماء وأعلام ووعود تتأرجح بتأرجحها ..
يافطات لو منحت للفقراء لسترت عورتهم ، وحمت أجسادهم العارية من لسع الشمس وزمهرير الصقيع ،
أو لمدت على أرض خشنة لتكون مرقدا ..
يافطات تمنح الفرصة للمنافقين والمخاتلين أن يكسبوا الكثير ، ساترا أجسادهم كاشفا عورة ضمائرهم ..
( مال محروق ،إن لم تلطشه أنت لهفه غيرك..لماذا لا تكسبه وتسير مع التيار!! )
لكن التيارات كثيرة ، ومن أين لنا أن نعرف أيها أقوى لنسير معه ..
اختلفت التيارات والأخزاب وكثرت وما عدنا ندري من مع من ، ومن ضد من ..
فالكل مع والكل ضد إن جد الجد ..
قصة أبرز مافيها العنوان اللافت للنظر ، والذي يدفع للتساؤل لما للسروال من قيمة بخسة ..
لكنه هنا في القصة ساوى حياة إنسان ..
قصة سياسية اجتماعية هادفة ..
واعذر قدراتي إن لم أفي هذا النص حقه ..
تحيتي أيها الأديب / سمير الشريف ..
د. سمير العمري
24-12-2007, 10:15 PM
نص ذو إسقاطات عميقة وكبيرة ، وتماهي واضح بين الحالة والحالة، واتساق البناء بهذا التأرجح بين الحاضر والماضي وبين الواقع والخيال في محصلة تبدو مشوشة لترسم الحالة النفسية التي يمر بها بطل القصة.
أحسنت جدا أخي الأديب سمير الشريف.
أهلا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
ربيحة الرفاعي
13-08-2013, 01:47 AM
معاناة إنسان شريف في زمن لا يفقه الشرف
وقصة بحبكة استرجاعية بنيت بحرفية واقتدار وسرد سائق ومهارة في تأثيث المشهد بالتفاصيل التي تستدرج القارئ لولوج عالم النص ومعايشة أحداثه الصغيرة كجزء من عناصرها
جميل ما قرأت هنا اديبنا
تحاياي
ناديه محمد الجابي
13-08-2013, 11:26 AM
قصة قصيرة عميقة الطرح رائعة الحرف والتصوير
أستخدمت فيها أدوات القص بمهارة ما بين اللحظة الراهنة
والأسترجاع بشكل مميز وموفق بما يخدم النص ويوصل
الفكرة بجمال تشكيلها في لغة شيقة
بحق لوحة بارعة .. بوركت وسلم مداد القلم.
آمال المصري
31-01-2015, 09:48 AM
نص مثالي كنموذج للقصة القصيرة بإسقاطاته ولغته الأنيقة وفكرته
راق لي بقراءاته المثمرة وما تفضل به أدباءنا مما أزاح الغموض وكشف النقاب عن مكنونات النص
أبدعت وأجدت أديبنا الفاضل
تحاياي
خلود محمد جمعة
03-02-2015, 12:39 PM
إمساك بتلابيب القارئ من العنوان الى اخر نقطة بسرد ماتع و أسلوب استدراجي للدخول عمق القصة بحرفية برمزية واسقاط سياسي يرسم مشهد المواطن المطحون بين براثن التناقضات
وما بين استرجاع ومعايشة للحدث عشنا القصة بتفاصيلها بجمال
فكر جاد ويراع متألق
اسجل اعجابي
بوركت وكل التقدير
نداء غريب صبري
05-05-2015, 01:39 AM
تقنية الإسترجاع جعلت القصة مشوقة والإسقاطات زادتها عمقا وقيمة
إنها باختصار قصة رائعة
أمتعتني قراءتها
شكرا لك أخي
بوركت
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir