المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : براعة التصوير ، واتساق البناء في قصة: "حرص" بين الرؤية والرؤيا



د. مصطفى عراقي
23-10-2007, 08:51 PM
براعة التصوير ، واتساق البناء
في قصة: "حرص" للأديب القدير الدكتور: السمير العمري
بين رؤية الكاميرا ورؤيا الإنسان

أولا : القصة:




تَمَطَّى عَلَى الأَرِيكَةِ الوَثِيرَةِ يَفْركُ يَدَيهِ بِسَعَادَةٍ وَرِضَا. الدِّفْءُ المُنبَعِثُ مِنَ الموقَدِ المُقَابِلِ يَتَخَلَّلُ جَسَدَهُ لِيَزِيدَهُ اسْتِرْخَاء وَسَكِينةَ وَهُوَ يَتَأَمَّلُ مِنَ النَّافِذَةِ الكَبِيرَةِ رِقَّةَ هُطُولِ الثُّلُوجِ فِي دَعَةٍ وَهُدُوءٍ كَقطْنٍ نَدِيفٍ مِنْ يَدِ صَانِعٍ مَاهِرٍ. بَيْتُهُ الخَشَبِيِّ الصَّغِيرِ المُحَاطِ بِأَشْجَارٍ بَاسِقَةٍ أَصَرَّتْ عَلَى الاحْتِفَاظِ بِأوْرَاقِهَا الخَضْرَاء وَإِنْ خَالَطَهَا البَيَاضُ كَانَ كُلَّ عَالَمِهِ الصَّامِتِ إِلا مِنْ بَعْضِ مَرَّاتٍ يَشْتَاقُ فِيهَا لِلصَّخَبِ وَالحَرَكةِ.
عَادَ لِيَتَفَحَّصَ الكَامِيرَا التِّي ابْتَاعَهَا مُنْذُ يَومَين مُتَأَمِّلاً تَارَةً شَكْلَهَا الأَنِيقِ ، وَمُسْتكْشِفَاً تَارَةً الجَدِيدَ مِنْ مِيزَاتِهَا العَدِيدَةِ مِمَّا لَمِّا يَصِلْ إِلَيهِ. ابْتَسَمَ مِنْ جَدِيدٍ سَعَادَةً بِهَذِهِ الكَامِيرَا التِي طَالَمَا حَلِمَ بِهَا لِيُسَجِّلَ لَقَطَاتٍ مِنْ لَحَظَاتِ حَيَاتِهِ السَّعِيدَةِ ذِكْرَى يَحْتَفِظُ بِهَا سَبَبَ أُنْسٍ لِشَيخُوخَتِهِ التِي يَعْلَمُ أَنَّهُ سيَكُونُ فِيهَا وَحِيدَا. لَمْ يَهْتَمَّ لِلمَبْلَغِ البَاهِظِ الذَي دَفَعَهُ ثَمَنَاً فَهِيَ تَسْتَحِقُ كَمَا أَقْنَعَ نَفْسَهُ بِمَا فِيهَا مِنْ خَصَائِصَ وَإِمْكَانِيَات مُذْهِلَةٍ هِيَ أَحْدَثُ مَا تَوَصَّلَتْ إِلَيهَا التقْنِيَةُ الرَّقمِيَّةُ.
أَعَادَ نَظَرَهُ إِلَى حَيثُ النَافِذَةِ يَتَأَمَّلُ مَا تَحِيكُ يَدُ السَّمَاءِ مِنْ نَسِيجٍ مُهَفَهَفٍ تَكْسُو بِهِ الأَرْضَ ثَوبَاً أَبْيَضَ مِنَ النَّقَاءِ يُخْفِي تَحْتَهُ كُلَّ أَدْرَانِهَا وَعَورَاتِهَا. شَعَرَ بِرَغْبَةٍ عَارِمَةٍ فِي أَنْ يَحْتَفِلَ بِهَذَا الجَّوِ الثَّلْجِيِّ الفَاتِنِ ، وَأَنْ يَحْتَفِيَ بِكَامِيرَتِهِ الجَدِيدَةِ ؛ فَيَبْدَأَ الاسْتِخْدَامَ الفِعْلِيَّ لِخَصَائِصِهَا الكَثِيرَةِ وَالكَبِيرَةِ خُصُوصَاً مِنْهَا مِيزَة ثَبَاتِ الصُّورَةِ فِي كُلِّ الظُرُوفِ. قَرَّرَ بِالفِعلِ أَنْ يَخْتَبِرَهَا في مثل هذا الطَّقْسِ البَارِدَ ، وَأَنْ يُسْعِدَ نَفْسَهُ بِرِيَاضَتِهِ المُفَضَّلَةِ يُفْرِغُ بِهَا دَفقَاتِ السُّرُورِ التِي تَنْتَابُهُ وَتَستَعْمِرَ مَشَاعِرَهُ.
رِيَاحُ الشَّمَالِ تَتَدَفَّقُ بِرِفْقٍ تَحْمَلُ الهَوَاءَ النَّقِيَّ البَارِدَ لِتَلْفَحَ بِهِ وَجْهَهُ المُتَلَفِّعَ بِلِثَامٍ صُوفِيٍّ سَمِيكٍ وَهُوَ يَنْسَابُ بِتَؤُدَةٍ عَلَى زَلاجَتِهِ نَحْوَ تِلْكَ المَسَاحَاتِ البَيْضَاء حَيْثُ لا شَجَرَ يَزْجُرُ وَلا حَجَرَ يَحْظرُ وَلا بَشَرَ يَنْظُرُ. وَعَلَى سُفُوحِهَا هُنَاكَ أَطْلَقَ لِسَاقَيهِ العنَانَ يُسَابِقُ الرِّيحَ تَارَةً وَيُسَابِقُ الحُلُمَ تَارَةً أُخْرَى ؛ كَأَنَّهُ فَارِسٌ امْتَطَى مَتْنَ الرِّيحِ مُنْطَلقَاً نَحْوَ الحُلُمِ الجَمِيلِ الذِي رَاوَدَهُ عَدَدَ سِنِين. مَهَارَتُهُ فِي التَّزَلُّجِ مَدَّتْ يَدَاً لِكَفِّ نَشْوَتِهِ الجَارِفَةِ تَدْفَعَانهُ لِلتَّمَايُلِ تَبَخْتُرَاً بِرَغْمِ هَذِهِ السُّرْعَةِ العَالِيَةِ وَقَدْ أَمْسَكَ بِيَدِهِ الكَامِيرَا يُدِيرُهَا إِلَى وَجْهِهِ المُتَهَلِّلِ سَعَادَةً حِينَاً ، وَحِينَاً إِلَى الأُفُقِ المُمْتَدِّ أَمَامَهُ أَبْيَضَ مِنْ غَيرِ سُورٍ مُتْعَةً كُبْرَى.
وَفَجْأَةً ؛ شَعَرَ بِأَنَّ الأَرْضَ لَمْ تَعُدْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحْمِلَهُ. لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُلُمَاً تَوَهَّمَهُ. كَانَتِ الأَرْضُ تَتَشَقَّقُ تَحْتَهُ حَقَّاً لِيَجِدَ نَفْسَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ التَّوَقُّفِ قَدْ بَدَأَ يَغُوصُ فِي الجَلِيدِ. اضْطَرَبَ جِدَاً وَهُوَ يَرَى كَأَنَّ الأَرْضَ تَبْتَلِعُهُ وَكَأَنَّ صَقِيعُهَا يُكَبِّلُهُ. لَمْ يَتَوَانَ الأَلَمُ أَنْ يَغْرسَ فِي أَطْرَافِهِ أَنْيَابَهُ يَعضُّهُ سَغْبَانَ مَسْعُورَاً. يَتَأَوَّهُ بِشِدَّةٍ وَلَكِنْ كَانَ كُلُّ هَمِّهِ وَقْتَئِذٍ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الكَامِيرَا مِنَ البَلَلِ فَتَتَعَطَّلَ ، أَوِ السُّقُوطِ مِنْ يَدِهِ فَتَنْكَسِرَ. رَفَعَ يَدَهُ بِهَا أَكْثَر كُلَّمَا غَاصَ أَكْثَر مُشْفِقَاً عَلَيهَا يَنْظُرُ إِلَيهَا بِحِرْصٍ وَانْتِبَاهٍ.
وَعَلَى أَحَدِ الأَسِرَّةِ البَيْضَاء كَانَتْ عَيْنَاهُ تَتَقَلَّبَانِ بَينَ قَدَمَينِ قَدْ شَلَّ الجَلِيدُ قُدْرَتَهَا وَدَامَا ، وكَامِيرَا قَدْ كَسَرَ البَرْدُ عَدَسَتَهَا خِتَامَا ، وَكَشْفُ حِسَابٍ جَاوَزَ ثَمَنَهَا بِعَشْرَةِ أَضْعَافٍ تَمَامَا.

******
============
ثانيا: القراءة
ما أجملها من قصة حرضتني على المعايشة والتأمل استمتاعا بجمالها ، وتقديرا لها رؤيةً عميقةً، وأداةً موفقة.
مقدما أطيب التحيات لكل من سبقني إليها ولا سيما إشارة أخي الفاضل الأديب المرهف الأستاذ خليل
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=245182#post245182
التي كشفت عن سرٍّ من أهم الأسرار الكامنة في قلب القصة. ألا وهو "الحلم".
وقد استوقفني في قصة "حرص" تلك المقدرة الفنية البارعة تصويرا وبناءً في سياق هذه القصة المصوغةٍ بأسلوبٍ سردي متميز ، حيث نهض السرد بتصوير المشهد مشهد الطبيعة بين سكونٍ صامتٍ، وحركةٍ صاخبة ، وألوان متداخلة ، ينسج القاص هنا علاقة إنسانية فريدة بين الإنسان والطبيعة من جهة
ثم بين الإنسان والأداة من جهة أخرى أكثر عمقا وتطورا
تتجلى العلاقة الأولى منذ البداية :
"تَمَطَّى عَلَى الأَرِيكَةِ الوَثِيرَةِ يَفْركُ يَدَيهِ بِسَعَادَةٍ وَرِضَا. الدِّفْءُ المُنبَعِثُ مِنَ الموقَدِ المُقَابِلِ يَتَخَلَّلُ جَسَدَهُ لِيَزِيدَهُ اسْتِرْخَاء وَسَكِينةَ وَهُوَ يَتَأَمَّلُ مِنَ النَّافِذَةِ الكَبِيرَةِ رِقَّةَ هُطُولِ الثُّلُوجِ فِي دَعَةٍ وَهُدُوءٍ كَقطْنٍ نَدِيفٍ مِنْ يَدِ صَانِعٍ مَاهِرٍ".
حيث تتلاقى حالة استرخاء الإنسان وسكينته ، مع دعة هطول الثلوج في دعةٍ وهدوء، من خلال هذا السناريو المصور المعبر داخليا وخارجيا.
أما العلاقة الثانية فنطالعها حيث نطالع هذه الرؤية الحميمية بين الرجل والكاميرا التي تمو نموا دراميا بدءا من مرحلة التأمل والاكتشاف وما حاطهما من شعور بالسعادة تجلى في الابتسام.
"عَادَ لِيَتَفَحَّصَ الكَامِيرَا التِّي ابْتَاعَهَا مُنْذُ يَومَين مُتَأَمِّلاً تَارَةً شَكْلَهَا الأَنِيقِ ، وَمُسْتكْشِفَاً تَارَةً الجَدِيدَ مِنْ مِيزَاتِهَا العَدِيدَةِ مِمَّا لَمِّا يَصِلْ إِلَيهِ. ابْتَسَمَ مِنْ جَدِيدٍ سَعَادَةً بِهَذِهِ الكَامِيرَا".
ثم تنتقل إلى مرحلة من مراحل النمو الدرامي هي مرحلة الاحتفال الذي يطلعنا السرد على أن الطبيعة قد تضامنت مع صاحبنا حتى صارت تشاركه هذا الاحتفال العجيب المعبر عن احتفاله وعنايته بهذه الكاميرا بسبب مزاياها ، "خُصُوصَاً مِنْهَا مِيزَة ثَبَاتِ الصُّورَةِ فِي كُلِّ الظُرُوفِ. "
هذه الميزة التي تعبر عن إحساس إنساني راق هو الثقة التي أشار إليها القاص بالفعل"تستحق"، من دون ان يصرح بها تصريحا مباشرا. بل من خلال جملة شديدة الإيحاء
. لَمْ يَهْتَمَّ لِلمَبْلَغِ البَاهِظِ الذَي دَفَعَهُ ثَمَنَاً فَهِيَ تَسْتَحِقُ كَمَا أَقْنَعَ نَفْسَهُ بِمَا فِيهَا مِنْ خَصَائِصَ وَإِمْكَانِيَات مُذْهِلَةٍ هِيَ أَحْدَثُ مَا تَوَصَّلَتْ إِلَيهَا التقْنِيَةُ الرَّقمِيَّةُ.
في إشارة فنية ذكية إلى الحبكة القصصية هنا .
من دون إغفال البعد الإنساني الشعوري للعلاقة متجسدةً في الحلم بها قبل العثور عليها في امتداد زمني ماضٍ ،
"التِي طَالَمَا حَلِمَ بِهَا"
واستحضارا لدواعي شعورية تمتد امتدادا في الجهة الزمنية المقابلة فيما يُستقبل من الزمان، حيث ما يدخره لهذا المستقبل المَخُوف من ذكريات مؤنسة
" ذِكْرَى يَحْتَفِظُ بِهَا سَبَبَ أُنْسٍ لِشَيخُوخَتِهِ التِي يَعْلَمُ أَنَّهُ سيَكُونُ فِيهَا وَحِيدَا".
وهكذا يقوم الزمن بدوره في تصوير الجانب النفسي لهذه الصلة الحية، التي جسدت رهافة إحساس البطل، ومدى إدراكه للبعد الزمني .
كما يوفق القاص في اختيار المكان ، متسقا مع المشهد الكلي للقصة:
" بَيْتُهُ الخَشَبِيِّ الصَّغِيرِ المُحَاطِ بِأَشْجَارٍ بَاسِقَةٍ أَصَرَّتْ عَلَى الاحْتِفَاظِ بِأوْرَاقِهَا الخَضْرَاء وَإِنْ خَالَطَهَا البَيَاضُ كَانَ كُلَّ عَالَمِهِ الصَّامِتِ إِلا مِنْ بَعْضِ مَرَّاتٍ يَشْتَاقُ فِيهَا لِلصَّخَبِ وَالحَرَكةِ."
حيث التقاء المكان الخاص بالبيئة العامة في تناسب جلي بين وصف البيت بأنه خشبي ، وصورة الأشجار تحيط به .
وتأمل معي وصف هذه الأشجار بأنها باسقة ربما في إشارة إلى شخصية البطل الذي نلمح من ملامحه الضمنية هنا من سياق السرد القصصي ما يتمتع به من سمو ،
ثم تأمل معي إصرار الأشجار " عَلَى الاحْتِفَاظِ بِأوْرَاقِهَا الخَضْرَاء وَإِنْ خَالَطَهَا البَيَاضُ"
وكأنه يصور مدى ما تتميز به من وفاء كأنه المعادل الموضوعي لوفاء آخر هو وفاء صاحبنا مع كاميراه .
ولكن هذا الوفاء يقابل في الطبيعة بخداع انتبه إليه حين:
" أَعَادَ نَظَرَهُ إِلَى حَيثُ النَافِذَةِ يَتَأَمَّلُ مَا تَحِيكُ ( : تحوك) يَدُ السَّمَاءِ مِنْ نَسِيجٍ مُهَفَهَفٍ تَكْسُو بِهِ الأَرْضَ ثَوبَاً أَبْيَضَ مِنَ النَّقَاءِ يُخْفِي تَحْتَهُ كُلَّ أَدْرَانِهَا وَعَورَاتِهَا.
بما يبين أن بطلنا على إدراكٍ بما تحت هذه الماهر الخلابة الخادعة لكنه على الرغم من ذلك نراه وقد:
"شَعَرَ بِرَغْبَةٍ عَارِمَةٍ فِي أَنْ يَحْتَفِلَ بِهَذَا الجَّوِ الثَّلْجِيِّ الفَاتِنِ"
حتى لا يحرم نفسه من جمال الظاهر (نقاء البياض الخادع) رغم معرفته بما تحته من عوار.
كأنه يستجيب لنداء أبي تمامٍ الحكيم:

فَأَتَوا كَريمَ الخيمِ مِثلَكَ صافِحًا = عَن ذِكرِ أَحقادٍ مَضَت وَضِبابِ
فَاِضمُم أَقاصِيَهُم إِلَيكَ فَإِنَّهُ = لا يَزخَرُ الوادي بِغَيرِ شِعابِ
وفي هذا الجو تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة الاختبار اختبار الثقة والكفاءة لكنه ليس مجرد اختبارٍ رسمي بل هو اختبار ود غير منبت الصلة عن المشاعر المتدفقة سرورا
". قَرَّرَ بِالفِعلِ أَنْ يَخْتَبِرَهَا في مثل هذا الطَّقْسِ البَارِدَ ، وَأَنْ يُسْعِدَ نَفْسَهُ بِرِيَاضَتِهِ المُفَضَّلَةِ يُفْرِغُ بِهَا دَفقَاتِ السُّرُورِ التِي تَنْتَابُهُ وَتَستَعْمِرَ مَشَاعِرَهُ."
وقد أجاد أديبنا في توظيف أدواته الفنية توظيفا دراميا راقيا ،
فاستخدم المفارقة بين الحركة والسكون على مستوى الصوت ، والصورة
وصراع الدفء والبرودة على مستوى الإحساس الخارجي والشعور الداخلي.
و حوار الخضرة والبياض على مستوى اللون
وتأمل معي كيف أن قاصنا المبدع لم يقف عند حدود إيحاءات اللون القياسية المعهودة بل نراه هنا يتلاعب بدلالة البياض فيربطه بالخداع كما سنرى في سياق القصة، ثم يقرنه بالمرض كما سنكتشف في ختامها.
ولاختيار الكاميرا هنا رمزا في القصة دلالة ثرية شجية ، بما تدل عليه من عينٍ مساعدة للرجل يحتاجه رغم ما وهبه الله سبحانه من عين مبصرة بصيرة ، ومستودعٍ للأسرار والذكريات لبطلنا الفارس الحالم الوفي الذي
" كَانَ كُلُّ هَمِّهِ وَقْتَئِذٍ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الكَامِيرَا مِنَ البَلَلِ فَتَتَعَطَّلَ ، أَوِ السُّقُوطِ مِنْ يَدِهِ فَتَنْكَسِرَ. رَفَعَ يَدَهُ بِهَا أَكْثَر كُلَّمَا غَاصَ أَكْثَر مُشْفِقَاً عَلَيهَا يَنْظُرُ إِلَيهَا بِحِرْصٍ وَانْتِبَاهٍ.
وما أجمله وأجله من حرص
هو ليس حرص البخل على مادية الكاميرا الرمز
بل هو حرص النبل ، وإشفاق الإخلاص ، وانتباه الوفاء ***
فإن لم تكن تستحق في ذاتها ، فلما وراءها في قلب صاحبنا من معانٍ ودلالات. و قيمٍ جميلة نبيلة ، ما زال يحرص ألا تضيع في جليد الحياة ، وضباب الغربة ، ومكائد النفوس : مثل معاني :
الحلم
الرؤية
الذكرى
الأمل
ومن هنا يتبين كم كان حرص صاحبنا جميلا ونبيلا وفي مثل هذا الحرص الكريم قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لصاحبه :"يا أبا بكرة، زادك الله حرصا" [ حين أدرك الإمامَ راكعا، فتحرم وركع قبل أن يصل إلى الصف ثم مشى إلى الصف، خوفا من فوت الركوع] رواه أحمد في مسنده وصحيح البخاري وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة رضي الله عنه.

==
وتبقى بعض الملحوظات اليسيرة:
*إِمْكَانِيَات = إمكانات
*مَا تَحِيكُ يَدُ السَّمَاءِ مِنْ نَسِيجٍ : لعلها: "تحوك"
لأنها من "حاكَ الثوب يَحوكُهُ حَوْكاً وحِيَاكَةً: نسجَه فهو حائِكٌ"( كما في : الصحاح مادة (ح و ك)
*وَأَنْ يَحْتَفِيَ بِكَامِيرَتِهِ الجَدِيدَةِ : الأنسب كاميراه ؛ لأنها كما وردت في القصة "كاميرا" بالألف.
.
أخانا السامق وأديبنا الشاهق
ما أجمل ما صورت هنا وعبرت لنا
ومددت لأعيننا من آفاق فنية
ومنحت قلوبنا من مساحات إنسانية للتأمل والاعتبار
ودمت وواحتنا الظليلة بكل الخير والسعادة والوفاء
أخوك المحب:
مصطفى

وفاء شوكت خضر
23-10-2007, 09:43 PM
أستاذي السامق الأديب الناقد الشاعر / د. مصطفى عراقي ..

مرحبا بك بيننا بعد طول غياب ..

قراءة عميقة ، القت الضوء على قصة حملت معاني كبيرة .. ( الحرص ) ..
ويكفي أن لهذه الكلمة دلالات ذات معاني كثيرة واتجاهات عدة ..
في قراءتك هذه ، فتحت الباب مشرعا للفكر بأن يغوص في النص أكثر ، وتظهر الصور بشكل أوضع ..
فالعين كاميرا لاقطة لكل موقف وبتركيز عال ، وتحفظ الصورة كما هي دون تغييرأو تزوير ، ليستقبلها العقل ويترجمها إلى لغة الحس البصري الذي ينفعل معه الفكر ، وهي عكس الصوت الذي يوحي لنا بالكثير من المعاني التي تخفي خلفها معان أخرى ، كما يخفي الثلج ببياضة الجميل الكثير من الأدران ..
أستاذنا الأديب الشاعر / د. سمير العمري ، اختار الرموز في هذه القصة بذكاء حاد ، ليكون كل رمز شبيه بما يرمز إليه ، حتى لا تضيع الغية من القصة ..

بعد مروري على هذه القراءة العميقة الرائعة ، علي أن أعود للنص مرة أخرى ، حيث فتحت لي الأفق كي أغوص بأفكارها القيمة التي تحمل الحكمة والفكر ..

دمتما أديبين سامقين علمين في عالم الأدب ..

تحيتي وباقة ورد ..

د. مصطفى عراقي
25-10-2007, 10:32 PM
أستاذي السامق الأديب الناقد الشاعر / د. مصطفى عراقي ..
مرحبا بك بيننا بعد طول غياب ..
قراءة عميقة ، القت الضوء على قصة حملت معاني كبيرة .. ( الحرص ) ..
ويكفي أن لهذه الكلمة دلالات ذات معاني كثيرة واتجاهات عدة ..
في قراءتك هذه ، فتحت الباب مشرعا للفكر بأن يغوص في النص أكثر ، وتظهر الصور بشكل أوضع ..
فالعين كاميرا لاقطة لكل موقف وبتركيز عال ، وتحفظ الصورة كما هي دون تغييرأو تزوير ، ليستقبلها العقل ويترجمها إلى لغة الحس البصري الذي ينفعل معه الفكر ، وهي عكس الصوت الذي يوحي لنا بالكثير من المعاني التي تخفي خلفها معان أخرى ، كما يخفي الثلج ببياضة الجميل الكثير من الأدران ..
أستاذنا الأديب الشاعر / د. سمير العمري ، اختار الرموز في هذه القصة بذكاء حاد ، ليكون كل رمز شبيه بما يرمز إليه ، حتى لا تضيع الغية من القصة ..
بعد مروري على هذه القراءة العميقة الرائعة ، علي أن أعود للنص مرة أخرى ، حيث فتحت لي الأفق كي أغوص بأفكارها القيمة التي تحمل الحكمة والفكر ..
دمتما أديبين سامقين علمين في عالم الأدب ..
تحيتي وباقة ورد ..

رحب الله بك يا أختنا الفُضلى وأديبتنا الصادقة الأستاذة وفاء

وبارك في كلمتك الطيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وفي حضورك السمح الكريم

وفي ارتقاب عودتك المباركة بكل الشوق إلى نظراتك الثاقبة وتأملاتك السديدة

ولك مني جزيل الشكر
وأسأل الله لك عظيم الأجر


مصطفى

د. سمير العمري
30-10-2007, 09:16 PM
أخي الحبيب والأديب الكبير د. مصطفى عراقي:

وقفت على قراءتك النقدية الكريمة فأسعدني ما رأيت من انعكاس روحك الشفافة على معان تضمنتها القصة ، وإشاراتك الذكية جدا في أمر الرؤية والرؤيا بتمام التفريق بينهما ثم الربط بينهما في علاقة طردية تحدد ملامح واعدة لقراءة بعض مضامين القصة برؤية حينا وبرؤيا حينا آخر

ثم إني أسعدني منك فتح آفاق المفاهيم لقراءات أكثر شمولية واتساعا وهي بحق تستحق التقدير والإكبار ، ولولا أنني كاتب القصةلكنت أبرزت قيمة كل ما أشرت إليه وأضفت إليه إبعادا أخرى برؤى وقراءات ومضامين أخرى. ولكني بحق سعدت بهذه القراءة التي نحتاج أمثالها دائما بأن نتوقف عند حدود الحروف الظاهر أو ملامح الصور البارزة بل أن نتعمق إلى الغايات والكنايات والإسقاطات الي تعطي القصة هدفها وقدرها.

ولعلني أستأذنك أخي الأديب في أن أشير إلى ما أشرت إليه من مفردات رأيتها غير صائبة لأقول:
إِمْكَانِيَات = إمكانات
ورد في المحيط وفي الغني أن الإمكان هو الدخول المحتمل في حدود الاستطاعة وأما الإمكانية فهي الاستطاعة المحققة من الأمر ، وهذا يحدد الفرق بينهما ، وحيث أن السياق هنا يفرض القدرة المحققة فهي إمكانية تجمع على إمكانات ، ناهيك المعنى الذي يفرضه فقه السياق اللغوي من وصف لحالة شخص منبهر بكاميراه مقتنعا تماما بقدرتها وإمكانياتها بعد أن جرب إمكاناتها ، وبهذا فلا أجد أن توظيف هذه المفردة كان خطأ وإن كنت أتفهم رأيك الكريم.

*مَا تَحِيكُ يَدُ السَّمَاءِ مِنْ نَسِيجٍ : لعلها: "تحوك"
لأنها من "حاكَ الثوب يَحوكُهُ حَوْكاً وحِيَاكَةً: نسجَه فهو حائِكٌ"( كما في : الصحاح مادة (ح و ك)
وورد أخي الغالي في عدة معاجم أرى كالمحيط والغني والقاموس المحيط والوسيط حاك يحيك بمعنى نسج الثوب أيضا وفي القاموس المحيط ورد أيضا القول بكونها واوية ويائية (الثَّوبَ حَوْكاً وحِياكاً وحِياكَةً واوِيَّةٌ يائِيَةٌ نَسَجَهُ فهو حائِكٌ) فهما سواء حين يتعلق الأمر بمعنى النسج. ولكن يبقى السؤال في استخدامي لها بالياء لأقول بأنني وجدت بالياء معان أمل وأثر تناسب ما أردت من معنى لأحمل هذه اللفظة بالذات أحمالا ثقيلة لكل منها مأرب يذهب بالمعنى مذهبا مختلفا ولكنه يوصل في النهاية المعنى المراد.

أما كاميراه وكاميرته فأرى الأمر سواء ذلك أن اللفظة مترجمة ، ولكني أرى لو أنني كنت استعملت ما تراه أنت أخي الغالي.


تحياتي

عمار الخطيب
31-10-2007, 03:53 PM
يسعدني أن أرحب مرة أخرى بالدكتور الكريم مصطفى عراقي ، ويشرفني أن أكون ثالث المعانقين لهذه القراءة النقدية الجميلة...بارك الله في الكاتب والناقد.
أعجبني الحوار الجميل حول صحة الفعل " يَحِيك" ، وأرى أن كليكما مُحْسِنٌ إن شاء الله....
فالذي يظهر لي أنّ الدكتور الكريم مصطفى يأخذ برأي المانعين من علماء اللغة كالأزهري وابن فارس وغيرهما...
قال الأزهري في "تهذيب اللغة" 5/ 127 :
" وقال الليث: الشاعر يحوك الشِّعر حَوْكا ، والحائك يحيك الثوب حَيْكًا والحياكة حرفته.
قلتُ : (أي : الأزهري) هذا غلط. الحائك يحوك الثوب..." اهـ
وقال ابن فارس في "مقاييس اللغة" 2/121 :
" (حوك) الحاء والواو والكاف ، ضمّ الشيء إلى الشيء. ومن ذلك حَوْك الثَّوبِ والشِّعر." اهـ
وأجد أخي سمير متعصبا (مزحة) لرأي المجيزين كالخليل وابن سيده وغيرهما...
قال الخليل في "العين" 1/374 :
"والحائك يحيك حيكا "
والأمر فيه سَعَةٌ ، ولعل كلا الوجهين جائز كما أشار إلى ذلك أخي سمير.
والله أعلم.

د. مصطفى عراقي
01-11-2007, 03:50 PM
أخي الحبيب والأديب الكبير د. مصطفى عراقي:
وقفت على قراءتك النقدية الكريمة فأسعدني ما رأيت من انعكاس روحك الشفافة على معان تضمنتها القصة ، وإشاراتك الذكية جدا في أمر الرؤية والرؤيا بتمام التفريق بينهما ثم الربط بينهما في علاقة طردية تحدد ملامح واعدة لقراءة بعض مضامين القصة برؤية حينا وبرؤيا حينا آخر
ثم إني أسعدني منك فتح آفاق المفاهيم لقراءات أكثر شمولية واتساعا وهي بحق تستحق التقدير والإكبار ، ولولا أنني كاتب القصةلكنت أبرزت قيمة كل ما أشرت إليه وأضفت إليه إبعادا أخرى برؤى وقراءات ومضامين أخرى. ولكني بحق سعدت بهذه القراءة التي نحتاج أمثالها دائما بأن نتوقف عند حدود الحروف الظاهر أو ملامح الصور البارزة بل أن نتعمق إلى الغايات والكنايات والإسقاطات الي تعطي القصة هدفها وقدرها.
ولعلني أستأذنك أخي الأديب في أن أشير إلى ما أشرت إليه من مفردات رأيتها غير صائبة لأقول:
إِمْكَانِيَات = إمكانات
ورد في المحيط وفي الغني أن الإمكان هو الدخول المحتمل في حدود الاستطاعة وأما الإمكانية فهي الاستطاعة المحققة من الأمر ، وهذا يحدد الفرق بينهما ، وحيث أن السياق هنا يفرض القدرة المحققة فهي إمكانية تجمع على إمكانات ، ناهيك المعنى الذي يفرضه فقه السياق اللغوي من وصف لحالة شخص منبهر بكاميراه مقتنعا تماما بقدرتها وإمكانياتها بعد أن جرب إمكاناتها ، وبهذا فلا أجد أن توظيف هذه المفردة كان خطأ وإن كنت أتفهم رأيك الكريم.
*مَا تَحِيكُ يَدُ السَّمَاءِ مِنْ نَسِيجٍ : لعلها: "تحوك"
لأنها من "حاكَ الثوب يَحوكُهُ حَوْكاً وحِيَاكَةً: نسجَه فهو حائِكٌ"( كما في : الصحاح مادة (ح و ك)
وورد أخي الغالي في عدة معاجم أرى كالمحيط والغني والقاموس المحيط والوسيط حاك يحيك بمعنى نسج الثوب أيضا وفي القاموس المحيط ورد أيضا القول بكونها واوية ويائية (الثَّوبَ حَوْكاً وحِياكاً وحِياكَةً واوِيَّةٌ يائِيَةٌ نَسَجَهُ فهو حائِكٌ) فهما سواء حين يتعلق الأمر بمعنى النسج. ولكن يبقى السؤال في استخدامي لها بالياء لأقول بأنني وجدت بالياء معان أمل وأثر تناسب ما أردت من معنى لأحمل هذه اللفظة بالذات أحمالا ثقيلة لكل منها مأرب يذهب بالمعنى مذهبا مختلفا ولكنه يوصل في النهاية المعنى المراد.
أما كاميراه وكاميرته فأرى الأمر سواء ذلك أن اللفظة مترجمة ، ولكني أرى لو أنني كنت استعملت ما تراه أنت أخي الغالي.
تحياتي

==========


أخانا الجليل وأديبنا القدير الدكتور سمير

كم سعدت بهذا القبول الحسن ، وهذا الحوار الراقي المشرق المغدق الذي أفادني

وبارك الله لنا فيك وفي حلمك النضير وأدبك الصادق

أخوك: مصطفى

د. مصطفى عراقي
01-11-2007, 03:54 PM
يسعدني أن أرحب مرة أخرى بالدكتور الكريم مصطفى عراقي ، ويشرفني أن أكون ثالث المعانقين لهذه القراءة النقدية الجميلة...بارك الله في الكاتب والناقد.
أعجبني الحوار الجميل حول صحة الفعل " يَحِيك" ، وأرى أن كليكما مُحْسِنٌ إن شاء الله....
فالذي يظهر لي أنّ الدكتور الكريم مصطفى يأخذ برأي المانعين من علماء اللغة كالأزهري وابن فارس وغيرهما...
قال الأزهري في "تهذيب اللغة" 5/ 127 :
" وقال الليث: الشاعر يحوك الشِّعر حَوْكا ، والحائك يحيك الثوب حَيْكًا والحياكة حرفته.
قلتُ : (أي : الأزهري) هذا غلط. الحائك يحوك الثوب..." اهـ
وقال ابن فارس في "مقاييس اللغة" 2/121 :
" (حوك) الحاء والواو والكاف ، ضمّ الشيء إلى الشيء. ومن ذلك حَوْك الثَّوبِ والشِّعر." اهـ
وأجد أخي سمير متعصبا (مزحة) لرأي المجيزين كالخليل وابن سيده وغيرهما...
قال الخليل في "العين" 1/374 :
"والحائك يحيك حيكا "
والأمر فيه سَعَةٌ ، ولعل كلا الوجهين جائز كما أشار إلى ذلك أخي سمير.
والله أعلم.

أخي المكرّم الأديب العالم الأستاذ عمار الخطيب


الله وحده يعلم مدى سعادتي بإشراقك السني البهي أيها الحبيب الغالي

فلك أسمى آيات الشكر يا من أراك قد وهبك الله سبحانه النصيب الوافر من الحكمة وفصل الخطاب
نحسبك كذلك ولا نزكيك على الله

وحفظك المولى لنا مشكاة علم وفضل وود


أخوك : مصطفى

عمار الخطيب
03-11-2007, 05:08 AM
أستاذنا الكريم / د.مصطفى عراقي - حفظه الله - :
جزاكَ الله خيرا على كلماتك الحانية الصادقة ، وحفظك من كل مكروه.
يسعدني رؤيتكم في الواحة أستاذا كريما ، ومعلما حكيما...
أدام الله عليكم نعمه ، وزادكم من فضله.
تحياتي وشكري...

د. نجلاء طمان
14-12-2007, 09:27 AM
وكنت قد قرأت القصة , وقمت بتعليق متواضع عليها. ورأيت تعليقكم الثري. وأعجبني هذا الحوار الراقي اللغوي الثري بينك وبين د. العمري, وبحق استفدت منه.

تقبلا مني مرور فقير يتضاءل بجوار إبداعكما.

دمتما متألقين, القاص والناقد


د. نجلاء طمان

الوردة السوداء

حسام القاضي
24-12-2007, 08:33 PM
أخي الأديب والعالم / د. مصطفى عراقي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قراءة عميقة تقترب من الدراسة النقدية
في عمل مميز للقدير / د. سمير العمري
قراءة أبانت الكثير وأضاءت .....
هكذا الحال عندما يلتقي كبيران .
دمتما بكل الخير

أبوبكر سليمان الزوي
25-12-2007, 06:19 PM
[quote=د. مصطفى عراقي;319637
وما أجمله وأجله من حرص [/quote]

هو ليس حرص البخل على مادية الكاميرا الرمز
بل هو حرص النبل ، وإشفاق الإخلاص ، وانتباه الوفاء لأشياء يا ليتها تستحق
فإن لم تكن تستحق في ذاتها ، فلما وراءها في قلب صاحبنا من معانٍ ودلالات. و قيمٍ جميلة نبيلة ، ما زال يحرص ألا تضيع في جليد الحياة ، وضباب الغربة ، ومكائد النفوس
ومن هنا يتبين كم كان حرص صاحبنا جميلا ونبيلا وفي مثل هذا الحرص الكريم قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لصاحبه :"يا أبا بكرة، زادك الله حرصا" [ حين أدرك الإمامَ راكعا، فتحرم وركع قبل أن يصل إلى الصف ثم مشى إلى الصف، خوفا من فوت الركوع] رواه أحمد في مسنده وصحيح البخاري وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة رضي الله عنه.



كم هو جميل وممتع ومفيد أن يحظى الإنسان - وبهذا اليسر - بقراءة لقراءات وإبداعات وأفكار وتحاور الأساتذة ( مجاناً ) .

عذراً ، أخي وأستاذي د. مصطفى عراقي : قرأت قراءتك للقصة ، ولم أقرأ القصة بعد ، وأتمنى أن تُسلط الضوء قليلاً على دلالة هذه الجملة في تحليلاتك :
( وانتباه الوفاء لأشياء يا ليتها تستحق ) وذلك في سياق ما سبقها وما تلاها من تحليلات وقراءة لرؤيا القاص ، وتناغماً مع المثال الذي أوردته عن الحرص .!
لعل يا ليتها هنا بمعنى - مؤكدٌ أنها تستحق .!

دمتم لنا معيناً نتوق له ، وننهل منه ، ولا نجد في أنفسنا حرجاً من طلب المدد منه ، وندعو له .

أشكر سعة صدوركم التي اعتدتها فيكم وأحببتها لكم .

د. مصطفى عراقي
25-12-2007, 09:08 PM
[SIZE=5]كم هو جميل وممتع ومفيد أن يحظى الإنسان - وبهذا اليسر - بقراءة لقراءات وإبداعات وأفكار وتحاور الأساتذة ( مجاناً ) .
عذراً ، أخي وأستاذي د. مصطفى عراقي : قرأت قراءتك للقصة ، ولم أقرأ القصة بعد ، وأتمنى أن تُسلط الضوء قليلاً على دلالة هذه الجملة في تحليلاتك :
( وانتباه الوفاء لأشياء يا ليتها تستحق ) وذلك في سياق ما سبقها وما تلاها من تحليلات وقراءة لرؤيا القاص ، وتناغماً مع المثال الذي أوردته عن الحرص .!
لعل يا ليتها هنا بمعنى - مؤكدٌ أنها تستحق .!

دمتم لنا معيناً نتوق له ، وننهل منه ، ولا نجد في أنفسنا حرجاً من طلب المدد منه ، وندعو له .

أشكر سعة صدوركم التي اعتدتها فيكم وأحببتها لكم .
======
أخي الكريم أديبنا الصادق الأستاذ : أبوبكر سليمان الزوي
أشكر لك حرصك الجميل على دقة المعنى وسلامته.
ولكنني أيها الحبيب لم أذكر الحديث للتمثيل بين ما يُحرص عليه في القصة من جهة وفي الحديث من جهة أخرى، حاشا لله عز وجل، ولكن لبيان أن من الحرص ما هو نبيل وجميل في ذاته. لما غلب على الناس من استعمال الحرص في البخل والشحّ.
ويؤكد ذلك انقضاء الكلام عن الأشياء ، والتركيز على معنى "الحرص" على أشياء جميلة جليلة:
===========
"بل هو حرص النبل ، وإشفاق الإخلاص ، وانتباه الوفاء لأشياء يا ليتها تستحق
فإن لم تكن تستحق في ذاتها ، فلما وراءها في قلب صاحبنا من معانٍ ودلالات. و قيمٍ جميلة نبيلة ، ما زال يحرص ألا تضيع في جليد الحياة ، وضباب الغربة ، ومكائد النفوس : مثل معاني :
الحلم
الرؤية
الذكرى
الأمل
ومن هنا يتبين كم كان حرص صاحبنا جميلا ونبيلا وفي مثل هذا الحرص الكريم قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لصاحبه :"يا أبا بكرة، زادك الله حرصا".
=
أرأيت يا اخي الحبيب ، إنه تمثيل لحرص كريم على معانٍ ودلالات وقيم جميلة (لا على الأشياء التي لا تستحق
والتي سبق ذكرها وانقضى لاستئناف معنى جديد ) ، بحرصٍ أعظم وأجل هو حرصٌ على إدراك الجماعة لركن من أركان الإسلام الخمسة (لا الأربعة كما قال وزير ثقافة في بلد عربي ! ولا حول ولاقوة إلا بالله".


وأنت تعلم أيها الحبيب أن المثال لا يطابق الممثل له من كل وجهٍ. ولكنه يكون للتقريب والتوضيح. فعندما نمثل للجندي بالأسد فإنما يكون في وجهٍ واحدٍ هو الشجاعة

أخي الفاضل:
ورغم هذا بكل الصدق أقول لو كنت ماتزال ترى في العبارة لبسًا فيشرفني أن أغيرها بما تقترح حُبًّا وكرامة.

وجزاك الله خير الجزاء لنصحك الجميل
وحفظك لنا ناصحا أمينا.
أخوك: مصطفى

أبوبكر سليمان الزوي
26-12-2007, 12:33 AM
أخي الحبيب \ الأستاذ د. مصطفى عراقي

أشكر تواضعك ، وممتنٌ أنا كل الإمتنان لهذا الشرح المستفيض ، وهذه الروح الأخوية العالية - التي نحتاجها للتواصل .

أخي الفاضل ، دائماً وأبداً كانت مشكلتي هي الفهم الخاطئ لوجهة نظري من قِبل الطرف الآخـر .
حيث أني أنطلق في حواري وتساؤلاتي معتمداً على صفاء النية من جهتي ، ومتوقعاً الشيء ذاته من الطرف الآخـر ؛ وغالباً ما كانت تُفاجئني وتُسيئني كثيراً ردة الفعل التي لا أتوقعها .!

والحمد لله أني لم أُخطئ هذه المرة ، فقد وجدت منك تجاوباً وتفهّماً وصراحة ووضوحاً وسعة صدر ، وثقة كبيرة في النفس - تحتاجها مجتمعاتنا لتنهض ... ،
وقد كنتُ على ثقة تامة بأنك تحظى بكل هذه الصفات الحميدة النبيلة الكبيرة ؛ ولذلك لم أتردد في طرح تساؤلاتي .

أخي الكريم ، كل ما في الأمر أن الأسلوب الذي استخدمته في شرحك(وصفك أو تشبيهك) لعملية الحرص كان بلاغياً ، أو غير مباشر إلى حدٍ ما .
وكان بمقدوري أن أكتفي بحسن نيتك الذي أثق به تماماً ، وكان عليّ أن أنتبه إلى اللبس الذي يُصاحب عادة - القراءة الأولى ، لا سيما وأنا أقرأ داخل قراءة أدبية تحليلية - أشبه بالنقدية .!
ولكني آثرت السؤال ، والحمد لله أني لم أندم على ذلك .!

بقي أن أشكر لك صبرك علي ، وأن أشكر للواحة أن مكنتني من التواصل مع أناسٍ أحببتهم وحملتُ لهم كل مودة واحترام .

أخوك المخلص \ أبو بكر .

ربيحة الرفاعي
09-09-2015, 12:39 AM
قراءة متعمقة غطت مضامين القصة وشرحت محاميل الجمل القصية كاشفة عن دلالاتها في رسم المشهد وتصوير دخيلة البطل ومحركات انفعاله
وحوار راق يحكي سمو النهج الواحي الهادف

للرفع إبرازا لإبداعات الفقيد

رحمكم الله فقيدنا العزيز د. مصطفى عراقي

عدنان الشبول
09-09-2015, 08:34 AM
رحم الله د مصطفى العراقي وغفر له وجعل الفردوس نزلا له



قرأت واستمتعت واستفدت

نداء غريب صبري
24-09-2015, 04:03 PM
قراءة تحليلية جميلة في قصة رائعة سبق لي قراءتها والاستمتاع بروعة فكرته وأسلوبها ولغتها العمريّة الراقية

رحمك الله أخونا الدكتور مصطفى عراقي

ناديه محمد الجابي
14-09-2017, 07:35 PM
هذا هو ما يسمونه لقاء العمالقة .. القصة .. د. سمير العمري ، والرؤية.. د. مصطفى العراقي
وبين قصة صافحت كف الإبداع وبين رؤية نقدية بارعة وقراءة عميقة فتحت آفاق المفاهيم
لقراءات تتعمق إلى الغايات التي تعطي القصة هدفها وقدرها
بين هذين العملاقين لا يحق لمثلي إلا أن أصمت و أصفق
فالصمت في حرم الجمال جمال.
بارك الله فيك د. سمير كاتبا وشاعرا وناثرا
ورحمك الله برحمته الواسعة د. مصطفى العراقي
ولكما كل تقدير وإعجاب.
:os::nj::os: