تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رقـــصـــة المـــــــــوت .... بقلــــم هشـــــام



هشام عزاس
01-11-2007, 09:22 PM
رقصة الموت
" أي قدر هذا الذي أوجدنا بهذا العالم المملوء بالتناقضات , و أي حماقة رمت بنا إلى المجهول .
.... المجهول , الضياع , الذات ... هذه الثلاثية التي تستقطب وجودنا , تستحضر أنفاسنا , و تستقطر إحساسنا , تجعلنا ننضد قصيدة , نتوهم أسطورة , نجعل من العدم معركة مصير .. ننأى بذواتنا فوق معطيات الواقع , نؤثر و نتأثر , نحترق كالشمع كي ننير دربا للآخرين . "
كان هذا آخر ما عثرت عليه من كتابات أحمد و أنا أفتش في أوراقه المبعثرة هنا و هناك بغرفته العلوية بذاك الفندق الحقير - فندق روز – الذي لا يقصده سوى الباحثين عن الرذيلة و اللذات الخبيثة .
هذا الفندق الذي شاع صيته و أصبح مضرب الأمثال هو و صاحبته ذات الأصل التركي مدام روز , و الذي ينشط للأسف بترخيص من طرف الجهات الإدارية للمدينة السابحة في الضباب .
كل المدينة استفاقت يومها على الخبر المشئوم , الذي تناقلته الألسنة تباعا على مختلف لهجاتها المتنوعة ... لقد وجدوا أحمد العربي الشاعر مشنوقا بإحدى غرف نزل مدام روز , و قد صرح محافظ الشرطة لبعض الصحفيين بأن كل الدلائل و القرائن تدل على أنه انتحر .
أحمد الشاعر هو صديق لي من أيام الدراسة , كان دائما يحلم بالعيش بباريس أو لندن , كان مولعا بالشعر و الأدب . و كنت عندما لا أجده بساحة الجامعة , أبحث عنه بالمكتبة العامة فقد كان شديد المطالعة و القراءة و لطالما كنت أجلس إليه يحدثني عن قصيدة النثر و عن الحداثة فقد كان مولعا بكل ما هو جديد , كنت دائما أنصت إليه و عيوني تفضح إعجابي بشخصيته و ثقافته و كذا طريقته الفريدة في الكلام , فقد كان يملك قدرة كبيرة في جلب انتباه و اهتمام أي كان , كانت ملامحه توحي بشيء غريب
و تجذبك في انسياب و سلاسة رهيبة . كنت أعتبره أفضل صديق منحته لي الحياة , و كان يبادلني نفس الشعور , و لطالما كان يأتمنني على أسراره و يسرد لي حتى تفاصيل أسرار حياته الخاصة , و مشاكله مع أسرته و خاصة أعمامه حول الميراث . فقد كان من عائلة ثرية و تملك أراضي واسعة و عقارات متعددة .
كان متذمرا من هذا التناحر بينه و بين أعمامه حول التركة , فمنذ وفاة والده و جده بحادث السيارة الملعون , وجد نفسه ملزما بالتصدي لأطماع أعمامه الأربعة الذين ما انفكوا محاولين هضم حقوق عائلته الصغيرة .
كان أحمد يعيش مع والدته و أخته الوحيدة "كامليا", و التي كان يناديها دوما ب " كامي " فقد كنت أشهد روعة علاقتهما أثناء زياراتي المتعددة له بالفيلا التي يقطنها برفقتهما , و قد كانت " كامي " مدللة جدا و كان أحمد لا يرفض لها طلبا , كان يحس بمسؤوليته اتجاهها وحاول قدر الإمكان أن يعوضها عن فقدانها لحنان الأب و خصوصا و أنها لم تتجاوز الثالثة عشر بعد .
أما والدته فقد كانت في منتهى الطيبة , و كانت دوما تصر عليً أن أتناول معهم وجبة العشاء كلما حللت ضيفا عليهم , و كانت دوما تشكو لي أحمد لأنه لا يتابع دروسه بالشكل المطلوب و أن الشعر قد لحس مخه .
و أنها قد ملت من أشرطة الشعر التي يستمع لها كل ليلة , و من كومة الأوراق التي تجدها مبعثرة كل صباح بغرفته و لفائف التبغ المحترقة .
كنت دوما أبتسم في وجهها , و أخبرها بأن أحمد أصبح رجلا و يمكن الاعتماد عليه , و أنًه بلا شك يعرف كيف يوفق بين دراسته و جنونه .
لم أتصور يوما أن نهايته ستكون بشعة و بحبل معلق بسقف إحدى الغرف الحقيرة بفندق من فنادق الدرجة الثالثة بلندن .
كانت السيدة " روز " واقفة عند عتبة باب الغرفة ترمقني بعينيها, و أنا أفتش هنا و هناك علني أعثر على دليل ما, يقودني إلى معرفة السبب الحقيقي وراء انتحار صديقي , كان هناك إحساس قوي بداخلي يخبرني بأن انتحار أحمد وراءه سر كبير , فأنا أعرفه جيدا – ايمانه بالله قوي _ و لا يمكن أن يُقْدِمَ على جريمة كهذه و هو بكامل قواه العقلية , لا بد أن هناك شيء خارج عن إرادته دفعه إلى هذا الفعل الشنيع , و ربما لم ينتحر , لعلها جريمة قتل نُسِجَت خُيوطها بدقة لِتوحي بأنه أقدم على الانتحار , كانت هذه التساؤلات لا تفارق خَلَدِي و أنا أجتهد في البحث بين أشياءه و مستلزماته عن أي خيط يُؤكّد لي شكوكي التي بدأت تنمو بداخلي بسرعة رهيبة .
خطوات نظرات السيدة " روز " تتبعني أينما وضعت يداي , أحس بنظراتها تترقب كل حركة أقوم بها , حاولت أن أتجاهل تلك النظرات و لكنني لم أستطع , طلبتُ من رجل عون الشرطة الذي رافقني أن يغلق باب الغرفة , اعتذر من السيدة بلطف و أغلق الباب , ثم بادرني بالسؤال : هل هناك ما يزعجك سيدي ؟؟ أجبت بالنفي و اصطنعت بسمة خفيفة , مع أنني كنت أشعر باختناق كبير فلم أحب ذاك المكان مطلقا , كان جوه كئيبا يوحي بالوحشة و الغرابة , و كنت أشعر بنوع من الكره تجاه هذا المكان و أصحابه , لعل هذا الكره ما جعلني لا أحتمل نظرات تلك " الروز" و هي تحدق بي و ترقب حركاتي .
فتحت الخزانة و رحت أُقلّب جيوب ملابس صديقي , هذه قطعة نقدية و هذه علبة سجائر أمريكية ... لم يدخن منها الكثير فقط سيجارتين ...
أخيرا عثرتُ على شيء له معنى .. إنها صورة فوتوغرافية لفتاة جميلة , يبدو من ملامحها أنها ليست عربية , و قد كُتِبَ على ظهر الصورة كلمة " أحبك أحمد " بالإنكليزية .
وضعت الصورة مع باقي الأشياء بوسط كيس ورقي , و طلبت من عون الشرطة أن نغادر المكان , أغلق الباب بالمفتاح الذي كانت تحتفظ به الشرطة
من يوم الحادث و هممنا بالانصراف , و إذ بصاحبة الصورة تظهر أمامي فجأة بنهاية الرواق و هي ترتدي سترة سوداء , بدت لي شاحبة الوجه , مرتجفة من الوهن , تقدمت نحوها بخطى وئيدة و ألقيت عليها التحية , فأومَأت برأسها و ردت التحية بصوتٍ خافت كِدتُ لا أسمعه , و لكن هدوء المكان جعله يصل إلى مسمعي بنقاء , تأملتها جيدا... تبدو عليها علامات التعب و الإرهاق الشديد , و كأنها لم تنم من فترة طويلة , بادرتها بالسؤال : أنا كريم صديق أحمد فمن تكونين ؟؟ و هَمَمْتُ بإخراج صورتها من الكيس و لكنّ صوتها عاد ليخفق بأذني من جديد ... أهلا كريم أنا " كاترين " عشيقة أحمد لقد حدثني عنك كثيرا ... أحْسَسْتُ من صوتها أنها ستنهار قريبا , لم تعد لها القدرة حتى على الكلام , تقدمتُ منها أكثر و طلبت منها أن ننزلَ لبهو الفندق و نتحدث هناك , و لكنها تهاوت بين ذراعي , لقد خارت كل قواها و قدماها لن يحملاها أكثر من هذا , هَرَعَ عون الشرطة الذي كان يقف بعيدا منّا بعض الشيء لمساعدتي في حملها , لم يكن وزنها ثقيلا , بل كانت رشيقة , ممشوقة القامة , و رغم الْنَصَب الشديد إلاّ أنّ وجهها بقى محتفظا بملامحه الجميلة .
لم ننتظر كثيرا حتى وصلت سيارة الإسعاف , و لحسْنِ حظي أن عون الشرطة كان برفقتي و شهد ما حدث , فقد تولّى مهمة شرح ما حدث للآخرين و للممرضة التي قامت بالإسعاف السريع " لكاترين " , تَمَّ حمَلُها و وَضْعِها بالسيارة و طلب مني عون الشرطة أن أرافقها للمستشفى , فقد كان مرتبطا بمهام أخرى .
طلبت من السيدة " روز " أن تعيد لي التصريح الذي حصلت عليه من محافظة شرطة المنطقة بعد عناء طويل , و رافقتُ " كاترين " إلى المستشفى .
جلستُ بجانبها أرقُبُها عن كَثب , أتأمل ملامحها الطفولية و أتساءل في قرارة نفسي , ترى من تكون ؟؟ و ما وظيفتها بالحياة , و ما سر علاقتها بأحمد , هل حقا كانت عشيقته أم هناك شيء آخر يجمع بينهما ؟؟ هل حقا أَحبّت أحمد ؟؟ و لما أحمد لم يخبرني عنها في رسائله ؟؟ و لم يكن يخفي عنيّ شيئا
أبدا يتعلق بحياته الخاصة , لما أخفى عني هذه العلاقة بالذات ؟؟؟
سيل جارف من الأسئلة التي لا أجد لها جوابا مقنعا تعصف بعقلي الذي لم يعد يحتمل كل هذا الغموض , فجأة لمحت حركةً بجفنيها , يبدو أنها ستستفيق
من غيبوبتها , مددت يدي نحو أصابعها التي بدأت تتحرك في بطء شديد و ضغطت عليها برفق .. ها هي تفتح عينيها و تعيد إغلاقهما مجددا , و بعد برهة فتحت عيونها و نظرت إليّ ثم جالت بهما محاولة أن تكتشف المكان .
عرفتُ أنها تود معرفة ما حدث لها و أين هي الآن , ابتسمتُ في وجهها و قلت لها في رفق : لا تكترثي , فقد أُغميّ عليك فجأة , يبدو أنكِ أجهدت نفسك كثيرا خلال الأيام الماضية , ستكونين بخير إن شاء الله , لم تنبس ببنت شفة , و عادت لتغرق في نومها من جديد .
يتبع ....
بقلم هشام

نور سمحان
02-11-2007, 09:00 AM
الفاضل هشام
قصتك رائعة شائقة ماتعة متماسكة مبنى ومعنى رغم أنك استخدمت الاسلوب المباشر في طرحها لكن ذلك لم يؤثر على جمالية القصة لا سيما أن عنصر الإثارة كان بارزا بشكل واضح جليّ
جعلتنا نلج إلى عالم شخصيات القصة بذكاء وهذا يتضح من خلال المدخل الذي عبرناه إليها
كانت بدايتك جدا موفقة
تستقطب انتباه القارئ
وطريقة العرض كانت صدقا شائقة تجعل المتابع لا يغمض عينيه رغبة في الوصول إلى النهاية
لكنه يصفع بكلمة يتبع فالإنسان بطبعه عجول
صدقا أنتظر البقية بشوق
تقديري لحرفك الجميل


أن هناك شيء = شيئا
وضعت يداي = يديّ
لما أحمد لم يخبرني = لمَ
هذه بعض الهنات اللغوية التي لفتت انتباهي اعذرني فقد كانت قصتك رائعة وأردت لروعتها أن تكتمل

جوتيار تمر
02-11-2007, 09:06 AM
العزاس الجميل.....
رقصة الموت / عمل روائي رائع/ يلجأ في إلى أسلوب التداعي الذاتي / و من خلاله يكتشف مكنوات الواقع العياني / حيث الفكرة / والبناء المحكم / والترابط الزمكاني / والحدثي / واللغة المكينة /و الأسلوب بصورة عامة جذاب / و لا يخلو من حين لآخر / من طرح مسائل هي تمس الواقع اليومي والمعيش اليومي / وكذلك بعض الوقفات الوجدانية التي تتادخل بصورة عفوية في النص / مما جعل الرواية موغلة في الواقعية /بأسلوب جميل / حيث التمازج بين الواقع و الخيال وهذا ما منح النص بعدا جماليا / ولاننا نؤمن بأن الرواية من الفنون السردية على تمثل الوجدان الجماعي في لحظات تاريخية متعمقة ومتجذرة / فاننا بذلك يمكننا ان نسقط الافكار والاحداث حسب متواليات زمنية / ومعطيات التواتر الحدثي المتكرر في الاجتماعات البشرية / لما يمكن أن يتفرع عنها من أشكال تتناسب مع حاجات التطور في التعبير / وحاجات الانسان نفسها.

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

ريمة الخاني
02-11-2007, 11:07 AM
كنت اخشى ان تقع في مطب الحكايه لكنك خرجت منها بحنكه وتركتنا للشوق اراها روايه تجعلنا نتابع بشغف
دمت مبدعا
( ولكن سؤال هامشي: لماذا معظم مانقرامن روايات تحوم احداث مايسرد حول الخطيئه؟ دمت بود)

هشام عزاس
02-11-2007, 08:36 PM
الفاضل هشام
قصتك رائعة شائقة ماتعة متماسكة مبنى ومعنى رغم أنك استخدمت الاسلوب المباشر في طرحها لكن ذلك لم يؤثر على جمالية القصة لا سيما أن عنصر الإثارة كان بارزا بشكل واضح جليّ
جعلتنا نلج إلى عالم شخصيات القصة بذكاء وهذا يتضح من خلال المدخل الذي عبرناه إليها
كانت بدايتك جدا موفقة
تستقطب انتباه القارئ
وطريقة العرض كانت صدقا شائقة تجعل المتابع لا يغمض عينيه رغبة في الوصول إلى النهاية
لكنه يصفع بكلمة يتبع فالإنسان بطبعه عجول
صدقا أنتظر البقية بشوق
تقديري لحرفك الجميل
أن هناك شيء = شيئا
وضعت يداي = يديّ
لما أحمد لم يخبرني = لمَ
هذه بعض الهنات اللغوية التي لفتت انتباهي اعذرني فقد كانت قصتك رائعة وأردت لروعتها أن تكتمل

يسعدني رأيك سيدتي بروايتي و خصوصا و أنها ارتجالية يعني أنني حتى الآن لم أتصور نهاية لها و لا كيف ستدور أحداثها ... أعتمد على الخيال مباشرة في كتابتها و كذلك من الكيبورد مباشرة على الصفحة لذلك قد تكون هناك هنات كيبوردية قد لا أنتبه إليها و ربما ظننت أنها تكتب كذلك
سرني بالفعل هذا التواجد العطر لمتألقة مثلك و شــــــــكــــــــــرا جزيـــــــــــــــــلا على تصحيحاتك اللغوية
أتمنى أن أرى تواجدك دوما بصفحتي ... دمت بألف خير أيتها الكريمة
اكليل يغلف مساحات قلبك
تلميذ الواحة هشام

وفاء شوكت خضر
02-11-2007, 10:09 PM
أيها العزاس المبدع ..

استوقفني ردك على أديبتنا نور سمحان بأنك كتبت هذا الجزء من الرواية مباشرة على الصفحة في الواحة ، ودون اللجوءإلى مسودة ، وهذا أمر وإن لم أكن احبذه ، لكنك بحق جريء في القايم به .
لقد كان أسلوبك رائعا بحق وشيق ، والسرد أتى بتسلسل وترابط ، وفقا للحدث والزمان والمكان .

سأختصر كل الكلمات بكلمة واحدة .
بحق شوقتنا للبقية التي أثارت فضولي ..

سأنتظر بشوق .

سحر الليالي
03-11-2007, 10:12 PM
الفاضل "هشام"

اني قابع ــة هنا ...!!!!
فلا تطيل علينا ...!!

انتظر بــ فارغ الصبر....

سلمت ودام ألقك

راضي الضميري
05-11-2007, 09:15 PM
الأديب الرائع هشام

سوف انتظرك هنا فلا تطل الغياب .

لقد أبدعت .

تقبل تحياتي وتقديري

هشام عزاس
10-11-2007, 01:35 PM
جلست بأريكة أمام الغرفة التي خصصت لـ" كاترين " و استسلمت للذكريات البعيدة , تذكرت " أحمد" و هو يحمل جواز السفر مبتهجا بالتأشيرة التي حصل عليها من القنصلية ...
أخيرا أخيرا يا "كريم" سيتحقق حلم حياتي ... باريس يا "كريم" باريس .. كان يقول ذلك و ثغره يغرد باسما و عيناه ترقصان من الفرحة .
كم كانت تلك اللحظات صعبة و مؤلمة بالنسبة لي عندما شاهدت الطائرة و هي تبتعد بأحمد بعيدا عني ... أحسست حينها بوحدة رهيبة , فتلك كانت أول مرة نفترق فيها منذ ما يزيد عن ثمانية سنوات , تذكرت تلك الدمعة الحارقة التي خطت على خدي طريقها, و نظرة والدته و هي تتمتم بعبارات لم أفهمها حينها , و لكنني أيقنت أنها دعوات أم صادقة و عتاب ما , ما استطاعت أن تمنع نفسها منه , بينما " كامي " فلم تمنع صوتها الباكي من أن يخترق أرجاء المكان .
وقفت " سوسن " بعيدا هناك و قد ارتدت فستانا أسودا .. جاءت لتودّع " أحمد " الذي اختار حلمه و فضله على علاقتهما العاطفية التي دامت سنوات , ما زلت أرى ملامح وجهها الذي اكتسحه الحزن و اكتنفه الجمود
كانت تحبه بصدق , كيف لا , و " أحمد " حلم أي فتاة , شاب وسيم , ذو ثقافة واسعة , ذكي و صاحب ثروة لا بأس بها .
تذكرت قول " أحمد " مرةً عندما قال لي : أنه لا يوجد شيء في الدنيا سيمنعه من تحقيق حلمه الذي كان يراوده مذ صغره , و أنه سيصبح شاعرا و صحفيا معروفا , و سيجوب كل الدنيا و يحتك بكل الثقافات ... و .. و ...
كان طموحا جدا , و كم كنت أخاف عليه من هذا الطموح و أفكاره المتقدمة جدا , و قراءاته المختلفة لأدباء الغرب , و تأثره البالغ بنمط معيشتهم , و أفكارهم المتحررة من كل القيود ... كان يرسم نفسه بعالم يراه فقط بمخيلته, و لا يعرف من واقعه سوى تلك الأسطر التي يجدها في الكتب
......
عفوا سيدي .. لقد استفاقت المريضة و يمكنك رؤيتها الآن ...
كان هذا صوت الممرضة التي أيقظتني من ذكرياتي التي تمنيت لو لم أستفق منها أبدا , فعالم لا يوجد فيه " أحمد" هو عالم بدون صداقة , عالم بدون روح
تقدمت من " كاترين " , هنأتها على سلامتها و طلبت منها أن تزودني برقم عائلتها لأقوم بالاتصال بهم و إخبارهم بما حدث , و لكنها رفضت , قالت أنها تعيش رفقة صديقة لها منذ نزلت لندن , و أنّ أصلها من فرنسا و قد رافقت أحمد إلى لندن بسبب اشتغالها في الصحافة , كنت أستمع لها باهتمام كبير , و لم أفكر في أن أقاطعها لحظة واحدة , أخبرتني أنها تعرفت على أحمد بإحدى المطاعم في" لودَيف " و قد نشأت بينهما علاقة صداقة قوية , و أنها وجدت فيه رجل حياتها , و أنّ طريقة تفكيرهما متقاربة جدا , كانت تتحدث عنه بحرارة أحسستها تلفح خدي و توهجت بعينيها اشراقة غريبة .
و في لحظة واحدة لزمت الصمت , و ساد المكان هدوء مباغت , بقيت أرمق عيونها التي أشاحت بهما بعيدا عني محاولة إخفاء عبراتها التي انسكبت على وجنتيها الرقيقتين . و كأنها تجتر ذكرياتها بداخلها و تستعيد أحداثا و مواقفا حدثت مع أحمد .
ناولتها منديلي . و قلت لها : حاولي أن ترتاحي الآن , و سنتكلم لاحقا
أخذت تجفف دمعها, و أنا أرقب ذلك الخاتم الذي تلألأ بأصبع يدها , لا أدري ما الذي شد ّ انتباهي له . يبدو غريبا و مميزا . شكرتني و هي تعيد لي المنديل ثم قالت : أنا آسفة جدا " كريم " لقد أتعبتك معي .
ابتسمت في وجهها بلطف , و قلت لها : لا عليك " كاترين " يبدو أنني أنا من سيتعبك هذه الأيام .
استلقيت على ظهري بسرير الغرفة التي استأجرتها بإحدى فنادق المدينة , و حاولت أن أنام و لكنني ما استطعت . شريط الأحداث المتتالية بهذا اليوم الطويل يعيد دورانه بفكري المجهد و التساؤلات المبهمة لا تفارقني لحظة واحدة , مددت يدي نحو الكيس الورقي و استخرجت علبة السجائر و أخذت أتأملها . عادت بي ذاكرتي إلى أيام الدراسة , بالتحديد إلى اليوم الذي
وجد فيه أستاذ الفلسفة "أحمد " و هو يدخن داخل الفصل . و قام بطرده من حصته و أراد أن يحيله إلى مجلس التأديب , أتذكر محاولاتي الحثيثة يومها في إقناع الأستاذ أن يصفح عنه و اختلاق الأعذار له , ابتسمت فجأة .. فأستاذ الفلسفة كان صعب المراس و حولني مع " أحمد " على مجلس التأديب .
رنّ هاتفي ... يا ترى من يتصل بي في هذه اللحظة ؟؟؟ آلو .. كريم
نعم من معي ؟؟؟ أنا " أندريا " صديقة " كاترين " .
يتبع ......

صبيحة شبر
10-11-2007, 11:27 PM
الأخ العزيز هشام عزاس
رواية واقعية تتكون من اجزاء متعددة ، أبدع الكاتب في انتقاء
الألفاظ بعناية والفكرة كانت جريمة قتل غامضة يبدو ان أحمد قد انتحر
ولكن قوة شخصيته وايمانه الكبير ، وثقته بوجوب النضال في الحياة
تدفع عن ذهن صديقه فكرة الانتحار ، يحاول ان يجد الأسباب التي دعت الى القيام
بتلك الجريمة ومعرفة القاتل بعد ذلك
لجأ الكاتب الى طريقة التداعي ليبين لنا تفوق أحمد واعتداده بنفسه ، ورغبته في بناء مستقبله
وتحقيق طموحاته
جعلنا الكاتب وبأسلوب ذكي جدا ان نشك بعد شخصيات ، اولاهن مدام روزا
انتظر بقية الرواية بشوق أيها الكاتب المجيد

هشام عزاس
18-11-2007, 05:00 PM
العزاس الجميل.....
رقصة الموت / عمل روائي رائع/ يلجأ في إلى أسلوب التداعي الذاتي / و من خلاله يكتشف مكنوات الواقع العياني / حيث الفكرة / والبناء المحكم / والترابط الزمكاني / والحدثي / واللغة المكينة /و الأسلوب بصورة عامة جذاب / و لا يخلو من حين لآخر / من طرح مسائل هي تمس الواقع اليومي والمعيش اليومي / وكذلك بعض الوقفات الوجدانية التي تتادخل بصورة عفوية في النص / مما جعل الرواية موغلة في الواقعية /بأسلوب جميل / حيث التمازج بين الواقع و الخيال وهذا ما منح النص بعدا جماليا / ولاننا نؤمن بأن الرواية من الفنون السردية على تمثل الوجدان الجماعي في لحظات تاريخية متعمقة ومتجذرة / فاننا بذلك يمكننا ان نسقط الافكار والاحداث حسب متواليات زمنية / ومعطيات التواتر الحدثي المتكرر في الاجتماعات البشرية / لما يمكن أن يتفرع عنها من أشكال تتناسب مع حاجات التطور في التعبير / وحاجات الانسان نفسها.
دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

كم لبذخك جاذبية أيها السامق جوتيار
أتمنى فعلا أن أكون قد وفقت إلى حد ما في كتابة عمل قد يرقى لمسمى رواية فأنا أحاول جاهدا أن أتعلم
منكم و أستفيد من نصائحكم و لكم هو فخر لي أن أقرأ ردا يبعث روح التحفيز و يحثني على الإستمرار
كن بالجوار دائما أيها الأديب فكم يسعدني حضورك العطر
اكليل يغلف قلبك

هشام عزاس
19-11-2007, 07:12 PM
استغربت الأمر و هالني صوتها المفجوع , يبدو أن مكروها ما أصاب " كاترين " , هذا ما فكرت به و أنا في حالة الدهشة تلك , و لكنها لم تترك لي الفرصة لأفهمَ كلماتها التي أتت مبهمة تارة و متقطعة تارة أخرى , كل ما فهمته أنها تود رؤيتي حالا ببهو فندق السيدة " روز " .
كان الجو باردا جدا , و الضباب الكثيف يحجب عني الرؤية بشكل رهيب . أضواء المنازل و المحلات تبدو باهتة , و الطريق قد خلا تماما من المارة .
طلبتُ من سائق سيارة الأجرة أن يسرع قليلا , و لكنه اعتذر قائلا :
الضباب كثيف جدا هذه الليلة سيدي , و لا يمكنني أن أسرع أكثر
أسندتُ رأسي لزجاج نافذة السيارة و رأيتُ خيالات أفكاري تتراقص أمام عيوني . ما حلّ بـ "كاترين" يا ترى ؟؟؟ تركتها مع " أندريا " بالمستشفى على ما يرام , و لما " أندريا " تريد أن تراني بذاك الفندق الحقير ؟
أخرجتُ آخر رسالة وصلتني من " أحمد " من جيب معطفي الرمادي و أخذتُ أقرأها بتمعن لعلني أستشف شيئا من وراء السطور ...
صديقي العزيز " كريم " أبشرك بأنه تمّ دعوتي للمشاركة في مهرجان الشعر العالمي بـ " روتردام " و أنا العربي الوحيد الذي سيمثل شعراء العرب فيه , و لا أخفي عليك مدى فرحتي و قلقي بنفس الوقت , إني أحس بمسؤولية رهيبة تثقل كاهلي , لن أكتب عن الحب هذه المرة , سأكون مختلفا ...
صديقي العزيز أتمنى أن أراك هناك بهولندا . فثمّةَ أشياء كثيرة أودّ أن أحدثك عنها ...
طويتُ الرسالة و أعدتُها إلى مخبئها , لا شك أنّ " أحمد " كان ينوي إخباري عن علاقته بـ " كاترين " , يبدو أنه أحبها فعلا ,لذلك لم يخبرني عنها في رسائله, و لا ذكرها في مكالماتنا الهاتفية , هكذا هو عندما يعشق حقيقةً , لا يحدثني عن " أحمد العاشق " إلاّ عندما نكون وجهًا لوجه .
ما زال السؤال ينخر في عظم مخي , يا ترى ما الذي حدث بالضبط ؟؟؟
أيُعقلُ أنّ شخصا في مثل شخصية " أحمد " يُقدم على الانتحار ؟؟؟
لم تكن المسافة بين الفندق الذي أنزل فيه , و فندق السيدة " روز " بعيدة جدا , بل كانت لا تتجاوز عشرة من الكيلومترات , و لكنني أحسست بأنّ الطريق كان طويلا , ربما لهفتي حينها لمعرفة ما حدث جعلتني
أشعر بذلك , و ربما هي لحظات الصمت الرهيبة التي خيمت أرجاء المكان
فقد اعتدت على ثرثرة سائقي الأجرة في بلدي و حديثهم الممل .
أخيرا توقفت السيارة عند باب فندق السيدة " روز " , نزلتُ مهرولاً ,
وجدتُ " أندريا " متمددة على أريكة في البهو , هرعت إلي ّ و ملامح الخوف بادية على وجهها , صاحت في رعب ...
" كريم " " كريم " لقد اختفت " كاترين " لم أجد لها أثرا , يبدو أنهم اختطفوها من جديد ...
كانت تقول ذلك و يداها تمسكان بمعطفي في شدّة , و رعشةً أحسستها تجري في كامل جسدها , كانت عيونها تعيش لحظات من الذهول ...
هَوّني عليك " أندريا " و تعالي بنا نجلس هناك و لتشرحي لي كل شيء ..
أجلستها على الأريكة , و رحتُ أحاول في تهدئتها , و امتصاصِ ذلك الفزع الذي استولى على جوانحها , لم أكن بارعا بما يكفي في جعلها تسيطر على مخاوفها , فقد كانت تتحدث و قد شُدّت عضلات وجهها الخمسة و الثمانين , ملامحها تلك جعلتني أشعر بهول ما يحدث , أحسستُ ببعض الخوف يسري بداخلي , و لكنني تمالكتُ نفسي و حاولتُ أن أبدو عادياً فليسَ من المعقول أن أفتح للخوف طريقا بنفسي , قالت " أندريا " بأنّ هناك
عصابة خطفت " كاترين " قبل انتحار " أحمد " بحوالي شهر بسبب مقال نشرته بالصحيفة التي تشتغل بها , و بعدها تم ّ إطلاق سراحها فجأة , لم تتمكن شرطة المدينة من معرفة العصابة , لأنّ " كاترين " عاشت بعدها مرحلة نفسية صعبة , و لولا وقوف " أحمد " بجانبها لما تمكنت من أن تتجاوز أزمتها النفسية تلك , ثم انتكست ثانية بعد انتحاره , و انزوت بغرفتها و لم تغادرها سوى اليوم , لا أحد يعلم ما حدث معها فعلا , و رغم استجوابات الشرطة المتكررة لها , لم تتمكن من الحصول على دليل واحد قد يمكنّها من معرفة أو تحديد هوية المختطفين . تحدثت عن الأيام الصعبة التي قضتها رفقة
" كاترين " , فلم تتمكن المسكينة أبدا من تصديق ما حدث , و كادت تفقد عقلها من أثر الصدمة .
كانت أوقاتا رهيبة بالفعل " كريم " يا ترى ما الذي يحدث معها الآن ؟؟؟
قالت " أندريا " هذا و هي تشدُ على يدي بكلتا يديها المرتعشتين و كأنها تتوسلُ مساعدتي , أطرقتُ رأسي نحو الأرض برهة ثم رفعته محدّقا في عينيها
أخبريني بكل صراحة لما تكذبين عليّ ّّّ ؟؟؟
يتبع ..............

هشام عزاس
22-11-2007, 10:51 PM
كنت اخشى ان تقع في مطب الحكايه لكنك خرجت منها بحنكه وتركتنا للشوق اراها روايه تجعلنا نتابع بشغف
دمت مبدعا
( ولكن سؤال هامشي: لماذا معظم مانقرامن روايات تحوم احداث مايسرد حول الخطيئه؟ دمت بود)

جميل هو مرورك سيدتي و سعيد برأيك في روايتي المتواضعة
أما عن سؤالك فأعتقد أننا للوصول للفضيلة لا بد لنا من معرفة الخطيئة
ربما تكون مرجعية ننطلق من خلالها للوصول إلى هدف أنبل
و ربما لأن بداية قصة وجودنا كآدميين على وجه الأرض بدأت بخطيئة
تحيتي لك و دمت بود

ابراهيم عبد المعطى
25-11-2007, 06:03 PM
الأخ الفاضل / هشام
رواية تكتمل فيها المعانى والخطوط العريضة للبناء الدرامى شيئا فشيئا ,
احداث تنطوى على انتحار أو جريمة ,
هذا ما نشاهده فى السطور التالية
تحياتى واحترامى
ابراهيم عبد المعطى

هشام عزاس
27-11-2007, 06:44 PM
أيها العزاس المبدع ..
استوقفني ردك على أديبتنا نور سمحان بأنك كتبت هذا الجزء من الرواية مباشرة على الصفحة في الواحة ، ودون اللجوءإلى مسودة ، وهذا أمر وإن لم أكن احبذه ، لكنك بحق جريء في القايم به .
لقد كان أسلوبك رائعا بحق وشيق ، والسرد أتى بتسلسل وترابط ، وفقا للحدث والزمان والمكان .
سأختصر كل الكلمات بكلمة واحدة .
بحق شوقتنا للبقية التي أثارت فضولي ..
سأنتظر بشوق .

أديبتنا الغالية و أماه الرقيقة وفاء كم هو فخر لي أن يروق لك ما خطته أناملي هنا
بالفعل أنا لا أستعمل المسودة فأنا أكتب فقرة أراجعها ثم أنتقل إلى الأخرى مباشرة و دواليك
كي أحافظ على الفكرة بداخل مخيلتي .
أتمنى أن تعجبك الأجزاء القادمة من الرواية و التي لم تتشكل بعد ملامحها بفكري
لك مني كل الود و الاحترام
اكليل من الورد يغلف قلبك

هشام عزاس
28-11-2007, 01:35 PM
الفاضل "هشام"
اني قابع ــة هنا ...!!!!
فلا تطيل علينا ...!!
انتظر بــ فارغ الصبر....
سلمت ودام ألقك

أسعدني مرورك أيتها الكريمة
كوني دوما بالجوار
اكليل من الورد يغلف قلبك

هشام عزاس
09-12-2007, 05:31 PM
الأديب الرائع هشام
سوف انتظرك هنا فلا تطل الغياب .
لقد أبدعت .
تقبل تحياتي وتقديري

شكرا أخي راضي على المرور الطيب
و أتمنى أن تكون روايتي قد راقت لك
اكليل من الزهر هو لك ...

هشام عزاس
10-12-2007, 07:36 PM
" أندريا " هي فتاة بريطانية , شقراء , ذات قامة طويلة . أول ما يلفتُ انتباهك لها زرقة عينيها و أسنانها الناصعة البياض , عندما دخلت علينا أنا
و " كاترين " الغرفة بالمستشفى , كنا قد التزمنا الصمت , و كنتُ أنا حينها غارقا في تأملي لذلك الخاتم العجيب الذي يتلألأ بأصبع " كاترين " في ألق .
هوت بجسدها محتضنة ً " كاترين " و تمتمت بكلماتٍ لم أسمعها , بعدها استدارت نحوي و مدّت يدها للتحية , أول ما رأيتها بدت لي كنجمة سينمائية أو كعارضة أزياء شهيرة , ملامحها قريبة جدا من مخيلتي , فلطالما كنتُ مولعا أيام مراهقتي باقتناء المجلات التي تنشر صور الجميلات من الممثلات و عارضات الأزياء , و كنتُ أتفنن في إخفائها كي لا تطالها يد والدتي – رحمها الله – و هي تعيد ترتيب غرفتي و سريري كل صباح .
ابتسمت ُ في وجهها و قد فضحت نظرات عيوني إعجابي الشديد بها , تبسمتْ بدورها ابتسامةً أحسستها غير بريئة , فأوجستها بنفسي و نسيت الأمر , بعد حديث التعارف عرفتُ أنها تعمل كسكرتيرة بإحدى دور النشر البريطانية و أخبرتني أن صديقي " أحمد " كان ينوي نشر ديوان شعري له باللغة الفرنسية بتلك الدار التي تشتغل فيها , و قد ساعدته في التعرف على مديرها , و هي تحتفظ بنسخة من الديوان بدرج مكتبها .
طلبت مني مرافقتها خارج المستشفى , فودّعنا " كاترين " و طلبت ُ منها أن ترتاح و لا تفكر في شيء أبدا , و بأني سأزورها صبيحة الغد .
رافقت " أندريا " إلى خارج المستشفى و تبادلنا الحديث في أمور كثيرة , بعدها قامت بدعوتي لشرب فنجان قهوة . قبلت ُ على الفور و اتجهنا نحو محل في الشارع المقابل للمستشفى . خلعت معطفي و جلستُ بعد أن جلست , كنت أشعر بإحساس غريب و كأنني في حلم جميل و لا أود أبدا الاستيقاظ منه , لا أصدق أنني برفقة هذه الحسناء التي تبدو كقطعة قمرية سُرقتْ من البدر عند اكتماله , لم أفتن يوما بجمال امرأة كما فتنت بسحر " أندريا " و ما زاد دهشتي فعلا عفويتها و بساطتها . كانت تحدثني و كأنها تعرفني من سنوات و أنا و هي لم نلتقي إلا من لحظات بسيطة , طلبتُ منها أن تحضر لي النسخة التي تحتفظ بها من ديوان " أحمد" الشعري , فأخرجت بطاقة من حقيبة يدها و ناولتها إياي , و طلبت مني أن أوافيها بمكتبها صباح الغد .
خرجنا بعدها إلى الشارع فاستقلتْ سيارة أجرة , و بقيت أنا واقفا ألحظ أصابعها و هي تودعني ......
كررتُ سؤالي .. " أندريا " لما تكذبين عليّ ؟؟؟
شعرتُ و كأنّ دمها تجمد بعروقها . و شخصتْ ببصرها نحوي و كأنها تتساءلُ في قرارة نفسها ( ألم تنطوي عليه تمثيليتي ؟؟؟ )
حاولت أن تُفند شكي و راحت في محاولة يائسة تنسج مشهدا تمثيليا جديدا , و لكنني أمسكتُ بيدها و أفردتُ أصابعها و أمسكتُ بالخاتم الذي كانت تلبسه " كاترين" , و قلتُ لها بكل هدوء : من أين لك هذا ؟؟؟
كان سؤالي كصاعقة حطت فوق رأسها , و شعرت أنها تقف أمام انسان يهتمُ لأدّق التفاصيل , و لكنني وقتها كنتُ ما زلتُ أنتظرُ جوابها الذي يؤكد لي شكي , و فعلا فقد أخبرتني أنها استعارت الخاتم من " كاترين " عندما كنا في المستشفى و هذا الذي لم يحدث أبدا , لم أحس إلاّ و يدي تضغط بقوة و عنف على أصابعها الرقيقة , صرخت فجأة .. آه كريم إنّك تؤلمني ...
أحسستُ بثورة غضب عارم تجتاحني كطوفان مدمر , كدتُ أختنق من هول الأكاذيب التي تُنسج حولي , يا الهي ... كيف لملاكٍ كأندريا يتقن رسم الزيف بهذه الطريقة , كان غضبي ممتزجا بعدّة مشاعر لم أستطع تحديدها و معرفة حقيقتها إلاّ بعد زمن ...
كانت شدّة إعجابي بتلك البريطانية الشريرة قد سيطرت على مشاعري حينها ,و وجدتُني أتصرفُ عكس عادتي , و لم أدرك هول المصائب القادمة و ما فعلته سذاجتي و ضعفي أمام حسنها و أنوثتها الشيطانية ...
يتبع ......

ضحى بوترعة
10-12-2007, 07:58 PM
أخي العزيز

قصة شيقة استمتعت بقراءتها ..............

دمت رائع أخي العزيز

نزار ب. الزين
12-12-2007, 04:56 AM
الأخ المكرم الأستاذ هشام
لا شك أنك روائي من الدرجة الأولى ، و أمل أن أتمكن من متابعة بقية الفصول
أشد على يدك مهنئا راجيا لك دوام التألق
نزار

هشام عزاس
17-12-2007, 02:29 PM
الأخ العزيز هشام عزاس
رواية واقعية تتكون من اجزاء متعددة ، أبدع الكاتب في انتقاء
الألفاظ بعناية والفكرة كانت جريمة قتل غامضة يبدو ان أحمد قد انتحر
ولكن قوة شخصيته وايمانه الكبير ، وثقته بوجوب النضال في الحياة
تدفع عن ذهن صديقه فكرة الانتحار ، يحاول ان يجد الأسباب التي دعت الى القيام
بتلك الجريمة ومعرفة القاتل بعد ذلك
لجأ الكاتب الى طريقة التداعي ليبين لنا تفوق أحمد واعتداده بنفسه ، ورغبته في بناء مستقبله
وتحقيق طموحاته
جعلنا الكاتب وبأسلوب ذكي جدا ان نشك بعد شخصيات ، اولاهن مدام روزا
انتظر بقية الرواية بشوق أيها الكاتب المجيد

أسعدني كثيرا مرورك أيتها الأديبة و قرائتك للنص
أظن أن الشك بدأ يتزايد بظهور أندريا كذلك
انتظري الأجزاء القادمة لمعرفة إذا ما كان أحمد انتحر فعلا أو تم قتله
شكرا جزيلا على تفاعلك الطيب
اكليل من الزهر يغلف قلبك

هشام عزاس
20-12-2007, 11:27 PM
الأخ الفاضل / هشام
رواية تكتمل فيها المعانى والخطوط العريضة للبناء الدرامى شيئا فشيئا ,
احداث تنطوى على انتحار أو جريمة ,
هذا ما نشاهده فى السطور التالية
تحياتى واحترامى
ابراهيم عبد المعطى

شكرا لك أستاذ ابراهيم على هذا المرور الطيب و العطر
كل عام و أنت بألف خير سيدي
اكليل من الزهر يغلف قلبك

هشام عزاس
21-02-2008, 12:32 AM
أخي العزيز
قصة شيقة استمتعت بقراءتها ..............
دمت رائع أخي العزيز


أشكر مرورك أيتها الرقيقة
مسرور لأنها نالت اعجابك
و لا شك ستعجبك البقية منها بإذن الله
دمت بألف خير

هشام عزاس
30-06-2008, 11:12 PM
أتمنى من المسؤول أن ينقل هذا العمل إلى ملتقى الرواية و المسرحية و شكرا ...

شهد ماجد
26-07-2008, 10:55 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...

أخيرا وصلت إلى هنا ...

لأشكرك ...

و لأجلس هنا فأتابع بشغف فصول روايتك الرائعة ...

دمت متألقا

هشام عزاس
27-07-2008, 08:32 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
أخيرا وصلت إلى هنا ...
لأشكرك ...
و لأجلس هنا فأتابع بشغف فصول روايتك الرائعة ...
دمت متألقا

مرحبا بك أختي الصغيرة المشاكسة d:

نزلت أهلا و وطئتِ سهلا ...

أتمنى لك مقاما طيبا و ممتعا و مفيدا بأفياء الواحة الجميلة .

تحيتي لك أيتها العزيزة

اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـــام

سعيدة الهاشمي
13-10-2008, 02:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أيها المشاكس هشام، التشويق تنبعث رائحته من روايتك لينتشر في كل الأرجاء
أتدري بحث عنها كثيرا هناك ولم أجدها، سأعود لإعادة قراءتها والانتشاء بحروفها
والتمتع بأحداثها، هذه بصمة أولى لحين عودتي.
تحياتي الهاربة من معتقل الصمت أتركها لك.

سعيدة الهاشمي
14-10-2008, 05:45 PM
السلام عليكم مجددا.

لم أعرف كيف أعدل الرد السابق، لذلك وضعت ردا آخر، أخي هشام المشاكس

أعدت القراءة، أسلوبك مدهش، وقدرتك على المحافظة على عنصر التشويق في كل أجزاء

الرواية رائعة للغاية، لكنها زادت من نهمي لمعرفة ما سيجري، أحس بدوار في رأسي من جراء كثرة

الأسئلة التي تدور فيها، وأحب أن أجد إجابة عنها في أقرب فرصة، سأبقى وفية لهذا المكان حتى

نهاية فصول روايتك، تحياتي لك أيها المبدع.

هشام عزاس
17-10-2008, 10:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أيها المشاكس هشام، التشويق تنبعث رائحته من روايتك لينتشر في كل الأرجاء
أتدري بحث عنها كثيرا هناك ولم أجدها، سأعود لإعادة قراءتها والانتشاء بحروفها
والتمتع بأحداثها، هذه بصمة أولى لحين عودتي.
تحياتي الهاربة من معتقل الصمت أتركها لك.

المورقة سعيدة يسعدني أنك هنا و أتمنى أن تجدي ضالتك دوما و أبدا ...
أتمنى أن تكون محاولتي عند حسن الظن و تكون بمستوى ذائقتك الأدبية
دمت بخير و سعادة
محبتي

هشام عزاس
07-11-2008, 08:44 PM
السلام عليكم مجددا.
لم أعرف كيف أعدل الرد السابق، لذلك وضعت ردا آخر، أخي هشام المشاكس
أعدت القراءة، أسلوبك مدهش، وقدرتك على المحافظة على عنصر التشويق في كل أجزاء
الرواية رائعة للغاية، لكنها زادت من نهمي لمعرفة ما سيجري، أحس بدوار في رأسي من جراء كثرة
الأسئلة التي تدور فيها، وأحب أن أجد إجابة عنها في أقرب فرصة، سأبقى وفية لهذا المكان حتى
نهاية فصول روايتك، تحياتي لك أيها المبدع.

المورقة الصديقة سعيدة حقا أنا مقصر بعض الشيء في اتمام هذه الرواية و لكنني قريبا إن شاء الله سأواصل سرد هذه الحكاية .
أعرف أنك متشوقة جدا لمعرفة النهاية و لكن ما زالت للرواية أحداث كثيرة متنوعة في مخيلتي لذلك لا أعدك بأن تجدي إجابة شافية لأسئلتك بل أعدك بتشويق أكبر بإذن الله .
انتظري عن قريب جزءا آخر ...
شكرا لمتابعتك القيمة .
محبتي

سعيدة الهاشمي
10-11-2008, 11:41 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مهما تعددت فصولها وطالت أجزاؤها سأنتظرها بفارغ صبر.

تحيتي لك ومودتي أخي هشام.

هشام عزاس
10-11-2008, 08:20 PM
شـكرا جزيلا أيتها المورقة أتمنى أن تستمتعي بالأجزاء القادمة و أن تكون بمستوى ترقبكِ و انتظارك

دمت بخير و سعادة
محبتي

هشام عزاس
10-11-2008, 08:32 PM
في تلك اللحظة بالذات أحسستُ بشيء بارد يلمس رقبتي , استدرتُ نحوه فإذ برجل طويل عريض و قد وضعَ مسدسهُ بقفاي , فجأةً أحسستُ بضربةٍ قوية على رأسي .. لم أشعر بعدها سوى بأصابعِ " أندريا " تتملصُ من بين يدي و رغبةً شديدة في الاستسلام للنوم .


استيقظتُ على وقع ألم فظيع برأسي ... فوجدتني مُقيدًا في سرير غرفة من غرف ذلك النزل الحقير ... حاولتُ أن أتملصَ من ذلك الحبل الذي لُفَّ حول جسدي, و لكن عبثاً كنتُ أحاول, فقد كان الخلاص منه أشبه بأعجوبة.


استسلمتُ للأمر... و رغمَ شدّة الألم الذي كنتُ أشعر به في رأسي إلاّ أن الألم الأكبر كان بداخل نفسي... أخذتُ أفكـرُ في ما حدث لي وتساؤل لماذا ؟؟ يكاد يَقتلُني... فجأةً فُتِح باب الغرفة و دخلت " أندريا " ...


رمقتُها بعينِ المستفسر المعاتب, و لكنها لم تنبس ببنت شفة ... فتحتْ دُرج خزانة كانت على يمين سريري, و أخرجت علبةً من السجائر الأمريكية بذات النوع الذي كان يُدخنه صديقي " أحمد " , أشعلتهَا و قامت بوضعها في فمي و هي تبتسمُ بمكر أفعى ... لفظتُ السيجارة من بين شفتيّ و رمقتها بعينٍ لو تحولت نظراتها إلى قبضةٍ لأطبقت على جيدها فورا... و لكن ما يفعله المقيّد المسلوبة إرادته سوى أن يذعنَ صاغرا لحتمية الظرف و جبروته.


صرختُ في وجهها .. ما الذي يحدثُ أيتها اللعينة ؟؟؟
أشارت بيدها إلى صورة كانت معلقة على الجدار مرسومة بألوان زيتية تتداخل فيها خيوط مختلفة الألوان و الأحجام , ثم خرجت من الغرفة لتتركني في حيرة أكبر و قلق مريب , يا الهي ما حقيقة الذي يحدث معي. و كيف لي أن أخرج من دائرة هذه الألغاز المغلقة .
أتقصدُ بإشارتها تلك أنني وقعتُ في شبكة عنكبوت لعينة أم ماذا ؟؟؟


أحسستُ بأن جميع الأسئلة التي لم أجد لها إجابة واضحة تراكمت فجأة لتصيَر شبحا مُرعبا يطوف أمامي منتظرا اللحظة المناسبة لينقض عليّ و يُحيلني إلى معتوه أو مجنون ... هاجس مخيف يضربُ أعماقي بمعولهِ و طيف ابتسامة الانهيار من هناكَ يرقبني بمكر و ينتظر تفتحها بداخلي.


لن أنهار .. لا بد أن أستجمع قواي.. لن يتمكنوا مني ... صوت تردد صداه بأعماقي ليحول بيني و بين الانهيار اللعين.


بقيتُ على حالتي تلك أصارعُني , حتى سمعتُ وقع أقدامٍ تقتربُ من باب الغرفة فصرختُ بأعلى صوتي ... النجدة هل هناك من يُخلصني ؟ أنقذوني...


قهقهةُ رجل لعين تقطعُ صراخي , و تسبقُ وجهه الكريه الذي أطلّ به عليّ من خلف الباب وبصوت قبيح متهكم... أتنتظرُ ملاكا يُخلصُكَ من بين أيدينا أيها القذر... و تقدّم مني و بيدهِ زجاجة غريبة راح يرُشّ بها جسدي و سريري و عيناه تومضُ شررا...إن كان صاحبكَ مات مشنوقا فستموت أنتَ محروقا...


يتبع ...

شهد ماجد
10-11-2008, 09:37 PM
السلام على مبدعنا
*********
في كل جزء تتشابك الخيوط اكثر فأكثر
شخصيات جديدة تظهر و لا زالت النهاية غامضة بالنسبة لي على الأقل
*******
سأبقى هنا هشوم لأتابع
لا تتأخر فلقد سرقت أنفاسنا

سعيدة الهاشمي
11-11-2008, 03:12 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أحسستُ بأن جميع الأسئلة التي لم أجد لها إجابة واضحة تراكمت فجأة لتصيَر شبحا مُرعبا يطوف أمامي منتظرا اللحظة المناسبة لينقض عليّ و يُحيلني إلى معتوه أو مجنون ...

لا أجدني أحسن من بطل الرواية، جزء آخر يزيد الخيوط تشابكا والأحداث تعقيدا

شخصيات كثيرة ظهرت بتأثير قوي على مجريات الأحداث، كلمات مبهمة،....

كان مشوقا للغاية هذا الجزء سأنتظر بفارغ صبر بقية الأجزاء لعلني أجد فيها الخلاص والجواب.

هشام المشاكس، تحيتي لك ومودتي، كن بخير.

هشام عزاس
20-11-2008, 12:10 AM
السلام على مبدعنا
*********
في كل جزء تتشابك الخيوط اكثر فأكثر
شخصيات جديدة تظهر و لا زالت النهاية غامضة بالنسبة لي على الأقل
*******
سأبقى هنا هشوم لأتابع
لا تتأخر فلقد سرقت أنفاسنا

المورقة شهد يسعدني متابعتك لروايتي المتواضعة .
بالنسبة للشخصيات لم يظهر منها سوى القليل عزيزتي فما زالت الأحداث تحمل بين طياتها الكثير الكثير
كوني بالجوار أيتها الندية .
دمت بخير و سعادة
محبتي

يسرى علي آل فنه
05-05-2009, 01:12 AM
أخي الكريم هشام عزاس:-

من قتل أحمد ؟ ولماذا؟

أتمنى أن تصل بنا للنهاية قريباً.

أسلوبك مشوق.

أحمد حاتم
05-05-2009, 03:51 AM
ستة أشهر كتير ياهشام بك
مش معقول كريم يبقى مقيد المدة الطويله هذه
لابد من إنقاذه .. لابد من حل
فى إنتظار عودتك للأحداث بكل شوق

متعك الله بكل خير أيها الرائع

هشام عزاس
05-05-2009, 04:10 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أحسستُ بأن جميع الأسئلة التي لم أجد لها إجابة واضحة تراكمت فجأة لتصيَر شبحا مُرعبا يطوف أمامي منتظرا اللحظة المناسبة لينقض عليّ و يُحيلني إلى معتوه أو مجنون ...

لا أجدني أحسن من بطل الرواية، جزء آخر يزيد الخيوط تشابكا والأحداث تعقيدا

شخصيات كثيرة ظهرت بتأثير قوي على مجريات الأحداث، كلمات مبهمة،....

كان مشوقا للغاية هذا الجزء سأنتظر بفارغ صبر بقية الأجزاء لعلني أجد فيها الخلاص والجواب.

هشام المشاكس، تحيتي لك ومودتي، كن بخير.

صديقتي العزيزة الزهراء يسعدني أن الرواية قد راقت لك حتى الآن , و أنّ التشويق لم يفتر بعد , و هذا ما يجعلني حريصا على إتمام الرواية بنفس الأسلوب .
أتمنى عودتكِ قريبا لتتابعي بقية الأحداث و الأجزاء إن شاء الله , و لكنني لا أعدكِ بالخلاص قريبا , لأنني أنا نفسي مازلتُ أبحثُ عن الخلاص نفسه . ( يبدو أنني في ورطة )

d:

محبتي يا غالية

هشام عزاس
10-05-2009, 09:00 PM
أخي الكريم هشام عزاس:-

من قتل أحمد ؟ ولماذا؟

أتمنى أن تصل بنا للنهاية قريباً.

أسلوبك مشوق.

المورقــة يسرى بإذن الله سأعملُ على إتمام الرواية قدر المستطاع , و أعتذرُ حقا عن تأخري , و أتمنى أن تنال استحسان جميع المتابعين إن شاء الله .

بإذن الله سأضع جزءا جديدا بعد هذا الرد , أما النهاية فأعتقدُ أنها ما زالت بعيدة بعض الشيء أختاه .

وافر احترامي

هشام عزاس
10-05-2009, 09:14 PM
في هذه الأثناء دخلا رجلان و هُما يمسكان ب " كاترين " , كانت معصوبة العينين , خائرة القوى , و بدا لي أنها تعرضت لتعذيبٍ شديد .


ألقياها أرضا , دون شفقة أو رحمة , ثمّ همسَ أحدهما في أذن اللعين الذي كان على وشكِ أن يحرقني , فابتسمَ بمكر , ثم ركلَ " كاترين " ركلة قوّية , جعلتها تصرخُ في وجوههم بعنف " أوغاد " " ما أنتم سوى أوغاد منحرفون " .


ضحك الثلاثة بطريقة مستفزة, أثارت غضبا شديدا بداخل نفسي, جعلَ جسدي ينتفضُ و يثور , لكنّ الحبلَ كان لي بالمرصاد , حاولتُ جاهدًا التخلص منه , لكنني ما آذيتُ غير نفسي في الأخير .

نظرَ إليّ اللعين بحقد و كراهية , و وضع يدهُ على رقبتي و قال : " لو لم يكن " مستر جاك " يريدُكَ حيًا , لتفننتُ في تعذيبكَ و قتلكَ أيها الوغد العربي الكريه"
ثمّ أمرَ أحد الرجلين بتقييد " كاترين" إلى حافة سريري , و نزعَ الرباط من على عينيها , و تفقدَ سلامة الحبل الذي كان ملتفا حول جسدي , و خرج من الغرفة و كلباه يتبعاه .


" كاترين " ما الذي حلّ بكِ يا " كاترين " و من هم هؤلاء الأوغاد ؟؟؟
و لمَ أنا هنا ؟؟؟ و ما الذي يريدونهُ مني ؟؟؟
انفجرت المسكينة بالبكاء, و قالت: آسفة جدا يا كريم, فكل هذا يحصلُ بسببي, ليتهم يقتلونني و أرتاح .
و لكن" أندريا " معهم , صديقتكِ الحميمة , أنا لا أفهمُ شيئا .
الحكاية معقدة جدا يا " كريم " و أظنكَ ستصعقُ لو عرفتَ الحقيقة.
حقيقةَ ماذا ؟؟؟ أوّدُ أن أعرفَ كل شيء بالتفصيل.


في إحدى الليالي " اللوديفية" اتصل بي صديق مُقرب يعملُ في إحدى المكتبات القديمة بباريس , و طلب مني أن نتقابلَ في إحدى المطاعم , لأنه سيُحضرُ لي شيئا مهما جدا سيساعدني في إتمام مجموعة مقالاتي التي بدأتُ في نشرها عن طبيعة الجرائم التي تورط فيها عدد من الساسة و العسكر في حرب الجزائر .


في ذلك المطعم تعرفتُ على " أحمد " من باب الصدفة, فقد كان يطالعُ إحدى الجرائد, و يدّخن بطريقة غريبة جدا, جعلت الفضول يرمي بي إلى طاولته, استأذنتهُ فَسمح لي , و تبادلنا أطراف الحديث .


عرفتُ أنه جزائري , و أنه يقيم في باريس , و قد قَدِمَ إلى " لوديف " من أجل حضور مهرجان الشعر المتوسطي الذي يُقام كل سنة , و أنه سيشارك فيه بقصائد عن دول الحوض المتوسط , بطريقة جديدة تماما و مبتكرة .


كنتُ أحسُ بدفء صوته يتغلغلُ إلى أعماقي, و كانت نظراتهُ مميزةً جدا, فقد كان يملكُ سحرا خاصا, و تعبيرا مدهشا, جعلني أتمنى لو أن الزمن يتوقف فجأة كي لا أخسرَ هذه الرفقة الرائعة, فرجلٌ مثل هذا الرجل قليل الوجود.


فجأةً رأيتهُ يلوّحُ بيدهِ لأحدهم , استدرتُ فإذا بهِ " لورانس " صديقي الذي أنتظره , فاستغربتُ الأمر , و لكن بعدها عرفتُ أنهما يقيمان في نفس الحيّ بباريس , و أن " أحمد " من أحد أهم زبائن المكتبة , و قد كان يعشقُ البحث في الكتب القديمة النادرة .


أخذَ " لورانس " حقيبة يدي , فتحها و دسّ بداخلها ملفا ما , ابتسمَ ثمّ رحل ...


يتبع ...

عمر العزاوي
20-05-2009, 05:20 PM
سيدي الفاضل ..
سأتعلم منك ....

مساء الحب

هشام عزاس
29-05-2009, 11:14 PM
ستة أشهر كتير ياهشام بك
مش معقول كريم يبقى مقيد المدة الطويله هذه
لابد من إنقاذه .. لابد من حل
فى إنتظار عودتك للأحداث بكل شوق

متعك الله بكل خير أيها الرائع

الجميل أحمد و لا أخفيك أنني نفسي ما زلتُ مترددا في إتمام الرواية لتعدد الرؤى داخل مخيلتي ففي كل مرة أرى النهاية بأسلوب مختلف عن غيره , و لكنني حقيقة لا أريدها أن تتسم بالمتعة و التشويق فقط , بل أن تحمل رسالة كذلك في طياتها و فائدة تضاف إلى المتعة .
أتمنى أن تشهد معي النهاية إن شاء الله في أقرب الآجال
شكرا جزيلا على مرورك العذب
محبتي

سعيدة الهاشمي
20-06-2009, 01:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يا هشام،

ماذا تفعل بنا، لما كل هذا التأخير حتى بدأنا ننسى الشخصيات وبدأت خيوط الرواية تنفلت من أيدينا

وتسقط تباعا من ذاكرتنا، حرام عليك يا صديقي، والأخطر أنك أضفت جزءا جديدا ختمته ختمة مشوقة كالعادة

وتركتنا نبحر في بحر من التخيلات لعلنا نصل إلى لغز هذه الجريمة.

أتمنى ألا تطيل علينا هذه المرة أيضا.

دمت بإبداع، السعادة أتمناها لك.

هشام عزاس
19-12-2009, 06:50 PM
سيدي الفاضل ..
سأتعلم منك ....

مساء الحب

الجميل عمر أشكرك على مرورك العذب أخي و أتمنى أن تكون بخير و عافية

محبتي

هشام عزاس
19-12-2009, 06:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يا هشام،

ماذا تفعل بنا، لما كل هذا التأخير حتى بدأنا ننسى الشخصيات وبدأت خيوط الرواية تنفلت من أيدينا

وتسقط تباعا من ذاكرتنا، حرام عليك يا صديقي، والأخطر أنك أضفت جزءا جديدا ختمته ختمة مشوقة كالعادة

وتركتنا نبحر في بحر من التخيلات لعلنا نصل إلى لغز هذه الجريمة.

أتمنى ألا تطيل علينا هذه المرة أيضا.

دمت بإبداع، السعادة أتمناها لك.
محقة أنتِ يا سعيدة الخير و أنا مقصر جدا في إتمام هذه المحاولة الروائية , و لكن أتمنى أن تتواجدي أيتها الصديقة لتتمكني من متابعة بقية الأجزاء إن شاء الله تعالى , فنحن نفتقد وجودكِ بيننا و اشراقتك على حروفنا .

أتمنى أن تكوني بخير و عافية و سلام
محبتي

هشام عزاس
19-12-2009, 07:31 PM
افترقنا أنا و " أحمد " بعد ذلك , و اتفقنا أن نلتقي صبيحة الغد , فقد عزمتُ حينها أن أرافقه إلى المهرجان , و أن أقوم بتغطية صحفية حول نشاطاتهِ , رغم أنني كنتُ لا أكتب مقالاتي إلا عن السياسة و التاريخ .


فتحتُ الحقيبة فور دخولي الغرفة و أخرجتُ الملف , فإذا به يحتوي على وثائق قديمة تعود تواريخها إلى الفترة الاستعمارية الفرنسية للجزائر , و اعترافات خطية لجنرال عسكري فرنسي تروي بشاعة ما حدث خلال سنوات الحرب بالتفصيل .


أدهشني ما قرأت حقا و خصوصا أن هناك وثائق تؤكد صحة هذه الاعترافات أو المذكرات , و سررتُ كثيرا لأنها ستساعدني في موضوع مقالاتي القادمة .
لم أكن أعلم أن هذه الوثائق ستجلب لي من المتاعب و الأهوال ما لا يطيقهُ بشر.


أذكرُ أنني اتصلتُ ليلتها برئيس تحرير الجريدة التي كنتُ أعمل بها و أعلمتهُ بكل ما بحوزتي من معلومات دامغة تجعلني أستمرُ في عرض مقالاتي و خصوصا أنها تعرضت لانتقادات شديدة من الجهاز العسكري , فقد كنتُ أعتمدُ وقتها على شهادات حية لبعض الأشخاص الذين عايشوا تلك الفترة و من خلال بحوث و كتابات تناولت هذا الموضوع سابقا .


لم أتمكن من النوم ليلتها , و بقيتُ أفكر في طريقة مناسبة لنشر سلسلة مقالاتي الجديدة المدعمة بهذه الوثائق و بنشوة السبق الصحفي الذي سيجعل من اسمي اسما لامعا في عالم الصحافة و لكن كل الأحلام تمّ وأدها قبل حتى أن تتفتح براعم تحقيقها بعد ذلك .



كنتُ جالسا على نفس الطاولة أنتظرُ قدوم " كاترين " و أراجع قصائدي التي نظمتها خصيصا لهذا المهرجان و كلي أمل في أنني سأوفقُ إلى درجة كبيرة و أنني سأقتربُ من وضع قدمي على أول سلم حلمي الكبير .
قاطعت " كاترين " مخيلتي التي كادت أن تسافر إلى روتردام بتحيتها و ابتسامتها الرقيقة , فأشرتُ لها بالجلوس " تفضلي أيتها الرقيقة "


في لحظتها أحاط بنا عدد من الرجال و طلبوا منها أن ترافقهم في هدوء و صمت, لكنها صرخت في وجوههم من أنتم و ماذا تريدون مني ؟؟؟ أنا صحفية و أعرف جيدا كيف أدافع عن نفسي.
تقدم منها أحدهم و كان يرتدي بدلة سوداء و نظارات سميكة و قال لها : أنا " جاك " سيدتي الكريمة و بحوزتي أمر باعتقالك , فتفضلي معنا دون جلبة أو ضوضاء و هناك ستعرفين كل شيء بالتفصيل . و همسَ في أذنها بكلام غير مسموع .


أردتُ التدخل لفهم ما يدور و لكن السيد " جاك " التفتَ إلي قائلا : نرجو المعذرة منك سيدي و نحن آسفون على الإزعاج , قلتُ له : ما الذي يحدث من فضلك ؟؟؟ رمقني منصتا و طلب من الفور وثائق هويتي و ما كان ليطلبها لو أنني لزمتُ الصمت .
قدمتُ له جواز السفر , رمقني ثانية بنظرة متفحصة و هو يتمتم " جزائري إذن " , و قال أنه بإمكاني مرافقتهم فالأمر لن يستغرق سوى بعض الدقائق .


ركبنا سيارة سوداء انطلقت بنا نحو المجهول.


يتبع ...

ناديه محمد الجابي
09-08-2021, 12:28 PM
سامحك الله سيدي العزيز ـ اأبعد كل هذا التشويق والإثارة تقف دون أن تكمل
أو كما يقول المثل الليبي ( ترخيني رخية زجاجة) لأتناثر أشلاء..
أين بقية قصتك الرائعة الفكرة والسرد ـ والمثيرة بأحداثها وتفاصيلها
والمحبوكة بقلم متمكن وقدير.
كيف استطعت أن تتوقف فجأة ـ اتمنى أن لا تكون تعرضت لتهديد أنت أيضا
حتى لا تكمل هذه القصة ـــــ أتمنى أن أجد عندك الأجابة.
ولك كل التحية والتقدير.
:002::003::004::002: