تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دعــاءُ القَمَــر



أسماء حرمة الله
05-11-2007, 07:39 PM
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم


نصّ قديـم لي، لكنّـه قريبٌ إلى قلبي كثيراً. أُطِلّ معـهُ وبـِهِ على الأوبَـة والتوبـَة إلى ربّي. ـحببتُ أنْ أهديـه إلى كلّ أحبّتي، وإلى كلّ روحٍ تشتاقُ إلى الأوبـة إلى اللـه .
أسألـهُ سبحانَـه أنْ يغفرَ لي كلَّ حرفٍ كتبتُه في غير رضَاه، وأن يقبلَني ويثبّتني على طاعتـه .


أحبّـكَ ربّـي



دخل الليلُ ديارَ الأحبــة، يجرّ ثوبه الموشّى بنجيمات هاربة من ضوئها، كانَ الشّارعُ كلُّـه يرقُد بين جفون الحلم,. وكنتُ وحدي، جالسةً بشُرفتي أَرقبُ إطلالةَ الَقمَـر، كنْتُ أنتظره والشَّوْق يهزُّني إلَى حبيبي.
السّاعةُ قد تجاوزَت الواحدةَ بعدً ُمنتصف القلْب، والصّمتُ قدْ وقَفَ بمنصَّة الذاكرَةِ يقرَأُ قصيدَه الذي بدأَ كتابتَه منذ ألف حزن تقريبا.. ودقاتُ قلبي تكاد تطير إلى محطّةِ اللقاء، لتستقبلَ نسيمَ الهوى القادمِ مِن هناك، مِن أقْصَى مدارِجِ الكَوْن..
أين غابَ القمَـرُ؟ لقد تعوّدتُ أن يُهديني كلّما أطلّ طاقاتٍ من الثُريّا ومِن رحيقِ الضّوء، وتعوّدتُ أن أُسمِعه - وهو يَقرأ عَليّ من كتابِ الرُّوح كلَّ ماأرسلتْـهُ إليه النجْماتُ في طوْق الحَمامة، مِن هدايا عِيدِ الأمَّهات، وعَطَايا أعْيَادِ المَحَبّة.

ومرّت الدّقَائق والسّاعاتُ، وأنا أنتظر إطلالتَـه، فحانت مني التفاتةٌ إلى ساعَةِ البْيت المعلّقة على الجِدَار، ماصدّقتُ نفسي حينَ كانت عقاربها تتثاءبُ هي الأخرى، وهي تشير بأصابعِها إلى الثانيةِ بعد مُنتصَف القَلب.!
واستسلمْتُ لأحاديثِ شُجيْرةِ الرمّان التي كانتْ تنثُرُ بينَ يديَّ ماءَ شؤونهَا، وهديلَ أسرارِها، حتّى سقَطَ في قلبِي ضوءٌ، كحباّت الرمان تلك، ضوءٌ حملنِي إلى هُناك : إلى حيثُ الأحلام ترتدي ثوبَ الورد، وتكتحل بقطيْراتِ النّدى، إلى حيث البسمات تشتعلُ، والقلوبُ تحلّـق، وهي تقشّر الأحزانَ، وتقبسُ من وجهِ الحُبّ المُضاء حفنةً من الرّحِيق ..إلى حيث حبيبي، إلى حيث مناجاتهُ لاتحلو إلا ليـْلاً..
جلستُ أتأمل القمَرَ الذي جاء أخيرًا بإطلالَة عَنبر، وقدْ مضَى يقرَأُ عليّ تفاصيلَ رحلةِ رُوحَينا الجًديدة، فَحملني كالرّيشَةِ بعد أن طرّزَني بالخزامى . ومضيتُ، وقلبي يكاد يرقصُ طرَبًا وخوفًا في الوقتِ ذاتِه، وتاهتِ الكلماتُ منّي إلا كلمةً واحدةً، اشتعلتْ على لساني، وخرجتْ بها نبضاتُ الرّوح منَ الجَهْر إلى الهَمْس، ومنَ الهمْسِ إلى الجهْر، وكأنها تعلنُها ثورةً حُبلى على الجِراح كلها: ياحبيبي.. ياحبيبي.. ياحبيبي ! ضجّت الرُّوح بعطرِ الحُب، وبشوق الّلقاء، كما ضجَّ صمتُ الليلِ بصوْتي، وقد غطّى بُرودةَ الجفْنِ والقلْبِ..!

وظلتْ شُجيرة الرّمّان ترقبني، وقد اغرورقَتْ بعيونها حبّاتُ المَطَر، تكبُرُ وتترعرعُ، حتى سقتْ ذاكرتَيْنا معًا، ومضتْ يمامتي البيْضاءُ تتطّلعُ برأسِهَا الصّغِير نحوَ السّماء، وكأنّها تنتظرُ هي الأخْرَى شيئاً قادِماً من هنَاك. أمّا أنا، فقدِ احتَبسَت الكلماتُ في حلْقِي وغصّت الرّوحُ ببكاءِ السّحاب، وتعلّقَت عينايَ بضوءِ القمَر، كما تعلقت مناجاتي بضوء القلب.
بقيتُ كاليَمامة البْيضَاء، أُحدّقُ مثلَها بالسّماء وأصرخ ملءَ فيّ: ياحبيبي، ياحبيبي، ياحبيبي، يامَن أحنّ شوقا إلى لُقياه، وأذوب شوقًا لرضاه، وأفيضُ شوقا لعفوه ورحمتـه. ياحبيبي، يامن أحبُّـه حبّين، طمعا بجنانِه، وخوفا من عذابه، وأحبه لأنه أهلٌ لهذا الحبّ.

ياحبيبي، قد سكَنَ يَـراعُ الأكوَان، واشتعلَت ثورَةُ الأحزان، وتفتّق نَوْرُ الزّهر الرّاحل عن شجَره، وذبلَ الصّباحُ وتساقطت بتلاته من عنقود الرّوح، فهلاّ تلقّيتَني ياحبيبي ؟ هلاّ فتحتَ لي قصرَ حُبّـكَ، وأمطرَتني بقطْـر رُحماك، وسقَيتَني من فيْض حنانك ؟ ياحبيبي، يارجائي حين ينقطع الرّجَاء، وياقِبلتي حين ترتحل الأفياء،وياملاذي حين يسكنني الشّتاء . هذي دُمُوعُ الحُبّ تُسْقِطُني من أفنانِـي، وهذه رعشةُ الخوفِ تحفرنِي بدفاتر الرّجَاء، وهذه بسمَةُ الرّجاء تُهرِقُنـي بكتبِ الرّحمـة.
قد فارقتُ صيفًا تعتّق علًى كتِفِي ، وخريفًا تسلّقَ ذاكرتِي ، وشتاءً علّقني بشجر الرّحيل. فارقتُني لألقاك، وأهرقتُني لأكونَ وإيّاك، وأبعَدتُني لتهجرَني سحائبُ الجِراح كلها، ولتنفيني ديارُ النّوى كلها ولاتلقاني، لأنني ألقــاكَ .!
بقلبِي مفتاحٌ وحيدٌ لأبواب مناجاتكَ، لاأملك إلاّه، قد اختزلتْ روحي فيه كلَّ أشيائها وحكايَاها وقصيدَ آلامها، قد جمعتْ لك فيه طاقاتِ الشّوق والُمنَى، وضمّختْه بلغاتِ القلب والوردِ معاً..":
" حبيبــي !"...

راضي الضميري
05-11-2007, 08:03 PM
قال أهل العلم : للعبادة ثلاثة أركان : الحب والخوف والرجاء وزاد بعضهم فقال والتعظيم.
وقد أثنى الله على أهل الخوف والرجاء من النبيين والمرسلين فقال : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) [الأنبياء: 90].
ومدح القائمين بذلك من سائر عباده، فقال : ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ) [الزمر: 9]، وقال : ( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) [الإسراء: 57]، وقال : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) [السجدة: 16].
كما أمر - عز وجل - باستحضار ذلك وقصْدِه فقال : ( وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً ) [الأعراف: 56].
هذا الكلام قرأته ونقلته هنا بعد أن قرأت ما كتبته أيتها الأخت الفاضلة ، ولقد رأيت " ولا نزكي على الله أحد" أن هذا الكلام لا يخرج إلا من محب وراجٍ وخائف ومعظم لله ، كلام مؤمن يناجي ربًَا غفورًا ورحيمًا ، كلام وقد نثر بحروف من ذهب ، وصيغ بأناقة أديب وفكر عالم ، وروح مؤمن.
إن أوثق عرى الإيمان...الحب في الله والبغض في الله، ونحن نحبك أختنا الفاضلة ونحب أهل الواحة نحبكم جميعًا في الله .
الأديبة الفاضلة أسماء حرمة الله لك كل الشكر على هذا الجمال الذي أتحفتنا به.
تقبلي احترامي وتقديري

وفاء شوكت خضر
05-11-2007, 08:15 PM
الأديبة الشفيفة الرقيقة أسماء ..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ..

تحية من القلب ، أقلدها أطواق ورد تزين جبينك الوضاء ..

غفر الله لك ولنا أيتها الأخت الحبيبة في الله ، وهدانا وإياك سبل الرشاد ..
مناجاة روحانيةرائعة ، وهل مثل الليل يكون للمناجاة ، حين تصفو النفس ويهدأ الكون في سباته ..
حين تحلق الروح في ملكوت الله ، تتأمل هذا الكون البديع ، وتتأمل السماء بحلكتها ، والنجوم المعلقة في فضاء رحب ، تتلألأ لتنير سبيل الضالين ..
يشدني الشوق للحظة كلحظتك هذه ، كم أشتاق للسكينة والهدوء ، والتحليق في هذا الفضاء الرحب ، حيث الحرية المطلقة ، أناجي حبيبا كم أرجو رضاه ، وعفوه وصفحه ، ومفرته ..
حبيب لا مثله حبيب ..
حلقت معك ، وسمعت مناجاة قلبك ، و .. وشوشت القمر كلمتين سيبلغهما لك حين تلقيه ..

الكلمة تطيع فيض مشاعرك أنا اتجهت ..
لله درك أيتها الأديبة الراقية السامقة ..

بارك الله بك ولك ..
حفظك الله من كل شر وحفظ لك والدك ..

سحر الليالي
05-11-2007, 09:19 PM
الحبيبة "أسماء"

ولــك تنحني جباه الأقلام ويراق مدد المحابر " كما يقولون" ،تبجيلا لــمثل هكذا حرف...!!!!

أيتها الحبيبة الغارقة بــ البياض:
جودي علىّ بــ مزنك ،فأنا في شوق لــ غـيمات طهركـ التي تروي الروح والقلب...!!
نص باذخ وأكثر...!!

اشتقتـ لك كثيرا ولفيضك :0014:
سلمت ولك حبي وتراتيل ورد :0014:وفل

جوتيار تمر
06-11-2007, 07:22 AM
العزيزة اسماء......
استحضرتني بضع كلمات للرافعي هنا / دعيني اخطها هنا : اذا كانت الحياة هنا فلاتكن انت هناك..اي الحياة في ذاتك الداخلية وقانون كمالها فاذا استطعت ان تخرج للارض معنى سماويا من ذاتك فهذا هو الجديد دائما في الانسانية،وانت بذلك عائش في القريب من الروح وانت به شيء الهي،واذا لم تستطع وعشت في دمك واعصابك فهذا القديم في الحيوانية،وانت بذلك عائش في البعيد البعيد من النفس وانت به شيء ارضي كالحجر والتراب...وووو.

رائع نصك / رائع بحق ...........

محبتي لك
جوتيار

مروة عبدالله
06-11-2007, 08:16 AM
أسماء حرمة الله الغالية


مناجاه أفقدتني الكلام


وأرغمتني علي الإبتسام


والنظر إلي هذا الجمال


سيدتي القديرة ... أسماء

الصمت في حرم الجمال جمال


المحبة لكِ كلها

عتيق بن راشد الفلاسي
06-11-2007, 08:45 AM
الدخول إلى أجواء هذا النص بحاجة إلى قوة روحية جبارة ،وعدة من أدوات الطيران والتحليق ،فهو -ومع علو سقفه- حزام الروح الواقي من التمرغ في أوحال الدنيا ،الصاعد بالذات إلى مشارف العلو الأبدي ..لله درك أيتها الأديبة الكبيرة حينما تصممين كلماتك على قدر سحر القلوب بها وبمقصودها ،وعلى مقياس ما أنتِ تضعينه من هدف ،وإي وربي إنه لأغلى هدف في الحياة ،كيف لا وهو سبيل التحرر الحقيقي للإنسان المستعبد من غير خالقه ،المعتز بعبودية مولاه .
اعذريني يا أخية القلم والفكر فما أجدني أمام نصوصك إلا مقصرا وهي التي لا مكان لها إلا فوق السحاب .
وإن كان الأمر كذلك فلا أقل من تثبيت هذا النص ليتسنى لكل عين تمليه والتحليق معه.

مينا عبد الله
06-11-2007, 05:46 PM
اسماء حرمة الله ..

أديبة بارعة .. وكلمة سامقة

نصك يحتاج الى تركيز .. وقدرة عالية على استنباط المعاني

كم من الرقي وعذب المناجاة .. وشفافية روح .. قد جمعتِ هنا لنعيش معك جو المناجاة البليغة ؟!

الغالية اسماء .. رائع دوما في كل ما تكتبين

حفظكِ ربي وزادكِ بهاءا

ميــنا

زاهد الراشد
06-11-2007, 07:02 PM
للإيمـــان حلاوه لها نكهةٌ واضحه بهذا النص الروحاني ....

حينما نضع نصب أعيننا أننا راحلون لامحاله ويجب أن نعمل للآخره نستدعي الإيمــان ونخلص بالدعاء ..
ولكن كثيراً ماتغيرنا هذه الحياة بزخرفها الساحر فيسحبنا تيّار اللامبالاة ، وحينها لاينفع الندم.

أسماء حرمة الله/
جزاك الله خيراً على هذا النص الإيماني .
دمتِ بسعاده وأمان

بابيه أمال
07-11-2007, 12:22 AM
سلام الله عليكم..

تحضرني الآن كلمات نشيد إسلامي بنبرات فرنسية لأولئك الشباب المعتنقون الإسلام والمغتربون وهم في بلادهم.. من يسعون إلى نيل رضا الله من خلال تجميع الناس، وإلقاء الخطب عليهم صافية العطاء بأصوات أقرب إلى حفيف الحمام في ليل القمر والنجوم ساطعة تشهد هي أيضا جمال صنع الخالق في كونه المحتضن جميع عباده المؤمنون منهم والمسلمون وحتى من هم غير معترفين له بحق الألوهية سبحانه..

مطلع نشيدهم يقول :
سأنظر في أعماق أمنياتي.. فيها أريد أن أعرفك، متمنيا أن أستطيع يوما تذوق جميع أفضالك تجاه ألوهيتك واتجاه مسكني الحقيقي.. يا رب أعطني القوة لأحبك حتى موتي..
يأتيني غالبا التفكير بأن كل شيء سيتوقف بالنسبة لي.. بأن كل الأشياء التي أحببتها لن تكون لها قيمة من جراء ما أقوم به من أفعال.. هل تغفر لي يا الله؟ أنت فقط من سيعطيني إشارة النظر إلى آفاقك الملئى بالسكون والجمال حيث راحة كل روح..

أسمـــاء.. أيا غالية.. جزاك الله خير الدارين على خاطرتك القمرية هذه.. والتي أخذتنا فيها معك إلى رحاب المناجاة والتبتل إلى الله..
تقبل الله منكِ أخيتي كل حرف وكل كلمة وكل معنى جاعلا موازينهم في كفة حسناتك تجدينها مستقبلة إياك في مكان صدق بين يدي رب كريــــم.
دمت للخير في رضا الله دوما يدا صافية العطاء أسمــاء..

سمو الكعبي
07-11-2007, 03:53 AM
الأديبة الكبيرة :أسماء
لله درك أي نص نُسج من روح إيمانية ربطت وشائج النص بروح عالية ,ما أجمل حين ينادي العبد أعلى حب في الوجود ويتخلص من أي عاطفة إنسانية هو السمو هناك والرفعة والروحانية , اللهم اجعلنا ممن تحبهم ويحبونه فلا نطلب حبا دونه.

أسأل الله العلي القدير أن يُنلكِ شفاعة بهذا النص , وينل قُراءه شفاعة أيضا

يسرى علي آل فنه
08-11-2007, 05:19 AM
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم

نصّ قديـم لي، لكنّـه قريبٌ إلى قلبي كثيراً. أُطِلّ معـهُ وبـِهِ على الأوبَـة والتوبـَة إلى ربّي. ـحببتُ أنْ أهديـه إلى كلّ أحبّتي، وإلى كلّ روحٍ تشتاقُ إلى الأوبـة إلى اللـه .
أسألـهُ سبحانَـه أنْ يغفرَ لي كلَّ حرفٍ كتبتُه في غير رضَاه، وأن يقبلَني ويثبّتني على طاعتـه .


أحبّـكَ ربّـي

دخل الليلُ ديارَ الأحبــة، يجرّ ثوبه الموشّى بنجيمات هاربة من ضوئها، كانَ الشّارعُ كلُّـه يرقُد بين جفون الحلم,. وكنتُ وحدي، جالسةً بشُرفتي أَرقبُ إطلالةَ الَقمَـر، كنْتُ أنتظره والشَّوْق يهزُّني إلَى حبيبي.
السّاعةُ قد تجاوزَت الواحدةَ بعدً ُمنتصف القلْب، والصّمتُ قدْ وقَفَ بمنصَّة الذاكرَةِ يقرَأُ قصيدَه الذي بدأَ كتابتَه منذ ألف حزن تقريبا.. ودقاتُ قلبي تكاد تطير إلى محطّةِ اللقاء، لتستقبلَ نسيمَ الهوى القادمِ مِن هناك، مِن أقْصَى مدارِجِ الكَوْن..
أين غابَ القمَـرُ؟ لقد تعوّدتُ أن يُهديني كلّما أطلّ طاقاتٍ من الثُريّا ومِن رحيقِ الضّوء، وتعوّدتُ أن أُسمِعه - وهو يَقرأ عَليّ من كتابِ الرُّوح كلَّ ماأرسلتْـهُ إليه النجْماتُ في طوْق الحَمامة، مِن هدايا عِيدِ الأمَّهات، وعَطَايا أعْيَادِ المَحَبّة.
ومرّت الدّقَائق والسّاعاتُ، وأنا أنتظر إطلالتَـه، فحانت مني التفاتةٌ إلى ساعَةِ البْيت المعلّقة على الجِدَار، ماصدّقتُ نفسي حينَ كانت عقاربها تتثاءبُ هي الأخرى، وهي تشير بأصابعِها إلى الثانيةِ بعد مُنتصَف القَلب.!
واستسلمْتُ لأحاديثِ شُجيْرةِ الرمّان التي كانتْ تنثُرُ بينَ يديَّ ماءَ شؤونهَا، وهديلَ أسرارِها، حتّى سقَطَ في قلبِي ضوءٌ، كحباّت الرمان تلك، ضوءٌ حملنِي إلى هُناك : إلى حيثُ الأحلام ترتدي ثوبَ الورد، وتكتحل بقطيْراتِ النّدى، إلى حيث البسمات تشتعلُ، والقلوبُ تحلّـق، وهي تقشّر الأحزانَ، وتقبسُ من وجهِ الحُبّ المُضاء حفنةً من الرّحِيق ..إلى حيث حبيبي، إلى حيث مناجاتهُ لاتحلو إلا ليـْلاً..
جلستُ أتأمل القمَرَ الذي جاء أخيرًا بإطلالَة عَنبر، وقدْ مضَى يقرَأُ عليّ تفاصيلَ رحلةِ رُوحَينا الجًديدة، فَحملني كالرّيشَةِ بعد أن طرّزَني بالخزامى . ومضيتُ، وقلبي يكاد يرقصُ طرَبًا وخوفًا في الوقتِ ذاتِه، وتاهتِ الكلماتُ منّي إلا كلمةً واحدةً، اشتعلتْ على لساني، وخرجتْ بها نبضاتُ الرّوح منَ الجَهْر إلى الهَمْس، ومنَ الهمْسِ إلى الجهْر، وكأنها تعلنُها ثورةً حُبلى على الجِراح كلها: ياحبيبي.. ياحبيبي.. ياحبيبي ! ضجّت الرُّوح بعطرِ الحُب، وبشوق الّلقاء، كما ضجَّ صمتُ الليلِ بصوْتي، وقد غطّى بُرودةَ الجفْنِ والقلْبِ..!
وظلتْ شُجيرة الرّمّان ترقبني، وقد اغرورقَتْ بعيونها حبّاتُ المَطَر، تكبُرُ وتترعرعُ، حتى سقتْ ذاكرتَيْنا معًا، ومضتْ يمامتي البيْضاءُ تتطّلعُ برأسِهَا الصّغِير نحوَ السّماء، وكأنّها تنتظرُ هي الأخْرَى شيئاً قادِماً من هنَاك. أمّا أنا، فقدِ احتَبسَت الكلماتُ في حلْقِي وغصّت الرّوحُ ببكاءِ السّحاب، وتعلّقَت عينايَ بضوءِ القمَر، كما تعلقت مناجاتي بضوء القلب.
بقيتُ كاليَمامة البْيضَاء، أُحدّقُ مثلَها بالسّماء وأصرخ ملءَ فيّ: ياحبيبي، ياحبيبي، ياحبيبي، يامَن أحنّ شوقا إلى لُقياه، وأذوب شوقًا لرضاه، وأفيضُ شوقا لعفوه ورحمتـه. ياحبيبي، يامن أحبُّـه حبّين، طمعا بجنانِه، وخوفا من عذابه، وأحبه لأنه أهلٌ لهذا الحبّ.
ياحبيبي، قد سكَنَ يَـراعُ الأكوَان، واشتعلَت ثورَةُ الأحزان، وتفتّق نَوْرُ الزّهر الرّاحل عن شجَره، وذبلَ الصّباحُ وتساقطت بتلاته من عنقود الرّوح، فهلاّ تلقّيتَني ياحبيبي ؟ هلاّ فتحتَ لي قصرَ حُبّـكَ، وأمطرَتني بقطْـر رُحماك، وسقَيتَني من فيْض حنانك ؟ ياحبيبي، يارجائي حين ينقطع الرّجَاء، وياقِبلتي حين ترتحل الأفياء،وياملاذي حين يسكنني الشّتاء . هذي دُمُوعُ الحُبّ تُسْقِطُني من أفنانِـي، وهذه رعشةُ الخوفِ تحفرنِي بدفاتر الرّجَاء، وهذه بسمَةُ الرّجاء تُهرِقُنـي بكتبِ الرّحمـة.
قد فارقتُ صيفًا تعتّق علًى كتِفِي ، وخريفًا تسلّقَ ذاكرتِي ، وشتاءً علّقني بشجر الرّحيل. فارقتُني لألقاك، وأهرقتُني لأكونَ وإيّاك، وأبعَدتُني لتهجرَني سحائبُ الجِراح كلها، ولتنفيني ديارُ النّوى كلها ولاتلقاني، لأنني ألقــاكَ .!
بقلبِي مفتاحٌ وحيدٌ لأبواب مناجاتكَ، لاأملك إلاّه، قد اختزلتْ روحي فيه كلَّ أشيائها وحكايَاها وقصيدَ آلامها، قد جمعتْ لك فيه طاقاتِ الشّوق والُمنَى، وضمّختْه بلغاتِ القلب والوردِ معاً..":
" حبيبــي !"...


أخيتي الحبيبة والأديبة المبدعة أسماء:-

حلقت روحي مع كلماتك الهاتفة حباً والمنهمرة شوقاً وتعظيما لله تعالى
ووجدت معها للسكينة حضن فرح تأوي إليه كل من طرق بابه تعالى مبتهلاً ومناجياً
ومصغياً لتسبيحة الكائنات

أخيتي الحبيبة:-

لكِ روح نقية تهدي للحياة نوراً تشرق معه الارواح المحبة لله وللجمال

أثابكِ الله ودمتِ كعادتك عذبة الحرف نقية القلب محبةً للخير

محبتي الخالصة لكِ

زاهية
09-11-2007, 01:47 AM
عندما يتعلق القلب بخالقه يحدث له مالا يستطيع إنسان وصفه .ربما كان النقاء والصفاء والغياب عن كل الموجودات لأن أي شيء مع الحب الأسمى مستحيل فتصبح حياة المحب وتصرفاته مع البشر من خلال حبه للواحد الأحد أجمل وأنظف وأصدق ماتكون ..بوركت أسماء الحبيبة بوركت بوركت ..
أختك
بنت البحر

أسماء حرمة الله
10-11-2007, 02:58 PM
سلام ربّي عليك ورحمته وبركاتـه

تحيـة مكتوبة برحيق الياسميـن


أخي الكريم راضي الضميري أكرمـهُ اللـهُ ورضيَ عنـهُ وأرضاهُ،

أحَبَّـكَ الذي أحببتني فيه أخي الكريم، وباركَ لكَ في علمكَ وعملكَ وحياتكَ، وختَمَ لكَ على الصّالحات برحمتـه تعالى، إنه على كل شيء قديـر .
تاللـه أخشى ذنوبي وأرى زادي خاويَ الوفاض فأجفـل ! ولكنّي أحبّ ربّي وأرجو رحمتَه وأثقُ بـه، كفاني وآواني وكفكفَ دمعتي وأنارَ لي الطريقَ إليه سبحانـه ! ونثرَ وردَ الهدى في طريقي حتّى ماعدتُ أحسّ بفرحٍ إلاّ بـه ومعـه وقربَـه، كمْ من نعمةٍ وهبها لي ولم أفِه حقّـه من الحمد ! فلوْ تحدثتُ فقطْ عن نعمة الصحبة الصّالحة التي منّ بها عليّ بالرغم من أنّي الأمَة المذنبة المقصّرة في جنبـه تعالى، لَمـا استطعتُ أن أوفّي لـه سبحانـه ولوْ جزءاً يسيراً من الحمدِ عليها ! وإنّها واللـهِ لَمِن النعم الجميلة التي تحلو بها الحياةُ، ويُشَدّ بها أزرُ القلبِ الفارّ إلى اللـه، والفتنُ مِن حولـه تهجم عليـه من كل حدب وصوب. فلـه الحمد حتّى يرضى وله الحمدُ إذا رضيَ، ولـه الحمدُ بعدَ الرّضـا. الحمد للـه ربّ العالميـن مالك الملـك، حبيبنا وسيّدنـا ووليّنـا في الدنيا والآخرة، مَن نطمع أن يغفر لنا ويقبلنا ويقبضنا إليـه وهو راضٍ عنّا .

بوركتَ أخَ الخير والفضل، وجُزيتَ جنّة الفردوس الأعلى وحسنَ خاتمةٍ على الشهادة . ممتنة لكَ ولمدادكَ الطّاهر الذي شدّ من أزري، وأعطاني أكثرَ ممّأ أستحقّـه,. وإنّي لأحبّكمْ في اللـه جميعاً أخوتي وأخواتي بواحة الخير وبكل مكانٍ على أرضٍ اللـه، أحبُّ كلّ ورقة ساجدة من شجرة، وكلّ ثمرة تراقبُ مرورَ النسمات قربَها، وكلّ نسمة تكتبُ حمدَها للـه على جباه الأطفال، وتمحو أحزانَ الحزانى بمنديلِ صبـر، أحبُّ الشّمسَ الباسمة، والقمرَ الصّابر، والنجومَ التي ماغادرتْ مكانَ حراستها لكل الأحلام الجميلة، وللزمن الأجمل الذي يشرق من قلوب العابدين، أحبّ كلّ مَن يسبّحُ لربّ العزّة بشراً كانَ أو حجراً أو نباتاً أو ظلاًّ، أحبّ كلّ زقزقـةٍ توقِظُ الإيمان بالقلوب الغافلـة، فتردّهمْ إلى خالقهـمْ على أجنحـة الفرح، أحبّ الحياةً في ظلّ اللـه ومعـه وقربَـه.. ما أحلـى الحياةَ واللـهِ ! واللـهِ العظيم واللـهِ !


حماكَ ربّي وزادكَ من فضله ورضاه


خالص تقديري وامتناني :0014:
وألف طاقـة من الورد والنّدى

أسماء حرمة الله
11-11-2007, 03:40 PM
وعليكِ السّلامُ ورحمة اللـه وبركاتـه وعفوُه ورضاهُ

تحيـة تهطلً عطراً


آميـن آميـن آميـن يا وفاءَ الخير، وغفرَ لكِ ولآبائنا وأمهاتنا وأهلنا ولجميع الأحبّـة في اللـه وللمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وحماكِ وحماهمْ من كلّ سوء دائماً وأبداً .

واللـهِ الذي لاإلـه إلاّ هوَ، ماعرفتُ بفضلِ اللـه سكينـةً إلاّ قربَـه، ولا اطمئنانَ روحٍ إلاّ حين أعودُ إليـه، الحمدُ للـه الذي تتمّ بنعمتـه الصّالحـات. وكأنّ الجراحَ التي التفّـتْ لتخنُقَ قلبي -وأنا في معيّـة ربّي - ماعادتْ جراحاً، بلْ شيئاً آخرَ لاأعرفُ ماهيتَـه ! شيئاً خفيفـاً بوزنِ الرّيشـة، وكأنّ بداخلي شيئاً غريباً، يقاتلُ كلّ جرحٍ راقدٍ ومشتعل، وكأنّ بداخلي شيئاً يُدافعُ عنّي، ويحملني على أجنحـة الصّبر - وقد غَدَا حلوَ المذاق - خارجَ مدائنِ البدن، خارجَ نطاق الزمن، إلى حيث أنوار الهدى والإنابـة والشوق إلى اللـه ,. معَ أنّي أكاد أموت خوفاً من ذنوبي، كلّمـا تذكّرتُ رحيلاً قريباً قد يقطفُنـي، ولازاد لي ! أتساءلُ : ماذا أنتِ فاعلـة يا نفسي حينئذٍ، وعلى كتفكِ جبالُ ذنـوب ! لكنْ سرعانَ ما تتدراكني رحمةُ ربّي، فتملأ القلبَ والرّوحَ ثقةٌ برحمة اللـه التي وسعتْ كلّ شيء .

قد بلّغنـي القمرُ سلامَكِ، ووردَكِ وبياضَ قلبـك أخيّـةََ النقاء والخير، أرجوكِ لاتتردّدي ورافقيني إلى اللـه ..
حماكِ ربُّ العالميـن، وزادكِ قرباً ومنه وثبّتنا جميعاً على طاعتـه، ورزقنا رضاهُ ومرضاتِه ورضوانَه في الداريْن .


أحبكِ في اللـه


لكِ محبّتي التي تعرفيـن :0014:
وألف طاقة من الورد والنّدى

أسماء حرمة الله
11-11-2007, 04:07 PM
سلام ربّي عليك ورحمتـه وبركاتـه

تحيـة قطفتُها من قلبي


منـار الحبيبـة،

اشتاقتْ لك جنّـة الفردوس .
رعاكِ ربّي يا ذاتَ القلب الأبيض، أسألـه تعالى أن يحفظكِ من كل سوء، وأنْ يباركَ لكِ في حياتكِ ويرضى عنكِ ويُرضيكِ في الداريْن ..
منار، كوني بخير كي نكونَ بخير، وثقي في رحمة اللـه دوماً وأبداً .


حماكِ ربّ العالميـن

خالص محبّتي :0014:
وألف طاقة من الورد والندى

د. نجلاء طمان
13-11-2007, 11:35 AM
أسماء أيتها القمرية !

كيف يتواجد القمر معك في مكان واحد؟؟

أسماء لم تبكيني؟؟

وتزيدي غصتي؟؟

أبكيتني يا حبيبة.

كوني كما أنت نورانية أبدية

لك شذى الوجود

أختك

د. نجلاء طمان

خليل حلاوجي
22-07-2008, 09:01 AM
وياقِبلتي حين ترتحل الأفياء ...

وسوية يا أديبتنا وأختنا الكريمة أسماء ... سنكدح إليه كدحاً وسنلاقيه ... جل في علاه

\

لك النقاء ... في الولاء لرب الخلق والأشياء

سحر الليالي
23-07-2008, 12:40 AM
اشتقت لك يا حبيبة
كوني بخير دوما
حبي وأكثر