المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعيدا هناك ...



د. عبد الفتاح أفكوح
15-11-2007, 08:20 PM
بعيدا هناك
... ثم على تلك الربوة الصخرية الفاصلة بين القرية التي تسكنها ومشارفها، اتخذت مكانا لجلستها اليومية منذ زمن غير بعيد من يومها الحاضر، وهو المكان الذي لم تحد عنه يوما، ولم تستبدله بمكان آخر ...
أهل القرية ألفوا رؤيتها وحيدة كل صباح وكل مساء في ذات المكان، جالسة تنتظر فتاها الوحيد، الذي قد يؤوب بعد هجرته التي طال أمدها وقد لا يعود ...
رجال ونساء القرية اعتادوا رؤيتها تترقب شاردة الذهن، واجمة في صمت، والحزن يفترسها، وألم الفراق يعتصر قلبها المكلوم والنازف حرقة وأسى منذ أن غاب فتاها الوحيد ليلة عيد فطر مضى ...
أطفال القرية دأبوا منذ سنة وأيام معدودات ولت مدبرة كلمح البصر على رؤيتها دامعة العينين، شاحبة المحيا، غائرة التجاعيد، حتى صار يخيل إليهم مع مرور الأيام أنها غدت قطعة من تلك الربوة الصخرية ...
لم يكن إشراق البسمة يغادر محياها، ولم تكن فرحتها بوحيدها الفتى تنأى عن قلبها لحظة واحدة .. كان ذاك الفتى الوسيم، الذي غادر في لحظة طيش قرية والديه وأجداده، والذي انتظرته أمه طويلا قبل ولادته، واشتاقت إلى رؤيته بين يديها صبيا رضيعا، وفي المهد ضحوكا يناجيها، والذي كانت تطمح إلى رؤيته فتى، وشابا يافعا يكبر تحت ناظريها، فرحة عميقة تملأ حياتها القروية البسيطة بطولها وعرضها، وبهجة تمازج أنفاسها، وفخرا يسابق دماءها في عروقها ...
لكنه اليوم ما يزال بعيدا هناك ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

وفاء شوكت خضر
15-11-2007, 08:45 PM
بعيدا هناك ..

ما زال كثير من شبابنا يمني النفس بالعودة ، ويسوف ، ومنهم من نسي ..
ولكن هيهات للأم أن تنسى ..
لا أدري هو عقوق الأبناء، أم هو الزمن ينسيهم بغفلة منهم حتى الأم ..

مرحبا بك أيها الفاضل في واحة الخير ..
سعيدة بمناعقة حرفك ..

طاقة ورد ترحيبا بك بيننا ..

جوتيار تمر
16-11-2007, 09:04 AM
دكتور......
سردية اعجبتني من حيث الفكرة / والصياغة / فالبناء السردي جميل / والرؤية اجمل / لكونها تعالج حالة ذات طابع استمراري / في الاجتماع / وهذا ما جلعنا هنا نعيش حالة من الوجد / المليء بالاحساس / ومن ثم حالة اخرى نفسية / تسببتها ظاهرة الهجرة / وما تركته من اثار سلبية سواء على المستوى العام أم الخاص / واغلب هذه السلبيات اثرت على الجانب النفسي الخاص / والسلوكي ايضا / ومن ثم على العام من خلال اضعاف قدرته على مواجهة المحن .
نص رائع بلاشك
محبتي لك
جويتار

د. عبد الفتاح أفكوح
16-11-2007, 11:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكما من جديد ورحمته تعالى وبركاته
أختي الكريمة وفاء شوكة خضر - أخي الكريم جوتيار تمر
ورحمته سبحانه وبركاته
وبعد ...
أهديكما أريج الشكر وطيب التقدير على تلقيكما الجميل ...
حياك الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

صبيحة شبر
16-11-2007, 11:17 AM
الأخ العزيز عبد الفتاح أفكوح
نص جميل يبين ألم الفراق النفسي والجسدي
على الأم التي فارقت ابنها ، وبقيت تنتظره باستمرار
يشيخ الجسد ويتعب ، ولكن الروح ما تزال تتأمل
كم من المهاجرين اختيارا واضطرارا يسبب بعدهم اللوعة لذويهم
والضعف لأواطنهم التي لايمكن ان تتقوى وتزدهر الا بقوة
أبنائها وتوحدهم

راضي الضميري
16-11-2007, 07:50 PM
الأديب د. عبدالفتاح أفكوح
لقد رسمت صورة مؤلمة عن واقع أليم .
الأم / الوطن / من يستطيع أن يترك كل هذا خلفه ويمضي هكذا ، وهل يستطيع أن ينسى / مما يؤلم القلب أننا نرى مواسم الهجرة من الوطن تزداد يومًا بعد يوم / و من هؤلاء من يموت قبل أن يبلغ المكان الذي اعتقد أنه يمكن أن يحقق فيه أحلامه / وكثير من هؤلاء يضيع في غياهب المجهول/ ومن ينتظرهم هنا / عليه أن يموت كل يوم ليعرف على الأقل هل ما زال حيًا من غادرنا / سؤال يدمي القلب / والإنتظار قد يطول.
سمعت خبرًا قبل أيام عن شباب ماتوا أثناء محاولتهم الهجرة إلى بلد أوروبي ، التهمهم البحر وما أقسى أن يموت الإنسان بين فكي هذا البحر / يجرك إلى أسفل الظلمات فلا ترى شيئًا ويلتهم القلب / ويكون الموت في أبشع صوره .
ترى هل صدق أبو الطيب المتنبي في قوله
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الاسباب والموت واحد
أشك في ذلك ، فالموت قهرًا وغصبًا وفي غربة كلها ظلمات وبين أنياب بحر لا يرحم يكون له معنىً آخر وطعم آخر.
لقد كنتَ رائعًا في نصك ، ولقد أثرت شجوني أيها الأديب .
تقبل تقديري واحترامي

د. عبد الفتاح أفكوح
16-11-2007, 07:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليك أختي الكريمة
صبيحة شبر
ورحمته جل جلاله وبركاته
وبعد ...
لك زهر الشكر ونداه، ولك ورد التقدير وشذاه على إطلالتك المشرقة وألق حروفك المنثورة أريجا وطيبا على أديم هذه الصفحة السنية ...
حياك الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

د. عبد الفتاح أفكوح
16-11-2007, 07:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليك أخي الكريم
راضي الضميري
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
أهدي إليك من جزيل الشكر غيث الندى، ولك مني باقة مزهرة من التقدير وغاية شدو الحروف ومنتهى الشذى على ما نثرته في هذا المقام من سني المباني وبهي المعاني، ومن شجي الصوت والصدى ...
حياك الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

د. عبد الفتاح أفكوح
07-03-2010, 12:20 PM
http://www.ss1ss.com/albumsm/99236.gif