تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تأنيب



عبدالله سليمان الطليان
28-11-2007, 04:24 PM
تأنيب
بشعور المرارة والألم سلك الطريق المؤدي إلى خارج المدينة , وهاهو من جديد يفشل في
تحقيق أمنياته ورغباته وعادت كلمات والده تنزل على رأسه كالمطرقة( إنك إنسان فاشل) والتي تمزقه وتأسر تفكيره يحدث نفسه بين حين وآخر: لماذا يلازمني هذا الفشل محصورا على وحدي و انحدر بي الى هذه الحال ؟
يستجمع قواه ليقاوم تلك الضغوط للخروج من دائرة الضياع ولكن معالم حياته أصبحت مظلمة, جسمه يرحل الى حيث الضعف والهزال , منكسر الهمة تراوح في نفسه عوامل اليأس و الإحباط , ملابسه عديمة الاهتمام لأنه لايمثل وزنا اجتماعيا مرموقا , تتغير الأشياء أمامه وهو قابع في حاله ينتظر أن يأتي الفرج , يعيش وفق روتين الحياة اليومي بدون طموح .
يردد كلمات الفشل بشيء من الهلوسة لقد سحق وصار مثل بقايا الأشجار اليابسة , جلس على الأرض بعد ما شعر بالتعب والإرهاق من السير في ذلك الجو الصيفي الحارق , وراح يمسح عرقه من على وجه ثم أمسك بعود جاف أخذ يحفر به الأرض وتطلع إلى الطريق والسؤال يطرق تفكيره :أين سيحل به المقام ؟ إن الهروب من الواقع لايحل المشكلة بل ستظل تطارده وتؤرقه , قابل رجلاً في أثناء سيره بدا عليه مظهر الثراء فنظر إليه وحدث نفسه : أتراه يعيش في كدر كما أعيشه ؟ إن ذلك بعيدا عنه , إن الهموم لم تجد إليه سبيلا , معاناتي صارت كابوسا لايطاق .
إن الأحلام تجعل الإنسان يعيش في سعادة غامرة وقتيه ثم يصحو ليجد انه غارق الى رأسه
في واقعه المرير , إن الانغماس في التفكير سوف يحرقه ويصرع مخيلته , لماذا لايخرج من ذلك , مال بنفسه الى أعماق التدهور وانجرف نحو الهاوية و ترك الفشل بصمات بارزه عليه لقد تراكم في ذاكرته .
عندما كان صغيرا وقعت له حادثة مازالت ماثلة امامه ولم تغب عن ذهنه , ترسبت في عقله
عاد يوما من المدرسة وهو يحمل الشهادة , قابل والده الذي راح يكيل له الشتائم والسب
والتعنيف وفقد السيطرة على نفسه فأمعن في ضربه بشدة حتى أنه كاد أن يهلك , وذلك عائد
إلى رسوبه في نصف المواد الدراسية , عاشت معه تلك الحادثة في مراحل عمره المختلفة ,
انحنى بجسده نحو الأرض وانهمرت دموعه الحارقة على التراب , واسترسل في البكاء
وبعدها نظر الى جسمه وقال إنه سوف يرحل عاجلا أوآجلا وتنتهي معاناته التي قتلت
آخر ماتبقى منه , وهل هو جدير بمواصلة الحياة ؟
نظر الى يديه ورجليه وقال : ما الفائدة منهما لم تمنحني ما كنت أرجوه , أجهدهما ولكن
لم أصل إلى مبتغاي , غيري أدرك طريقه وأنا مازلت أعارك واقعي , ولكن خرجت صفر اليدين
بعدما قتلني الإحباط واليأس , فمتى تكون النهاية .
يمضى الوقت ويسدل النهار نوره لكي يبقى هناك رجل آخر يحاول أن يقاوم مما تبقى لديه من
قوه هذا الفشل .

سحر الليالي
28-11-2007, 09:39 PM
أستاذنا الكبير" محمد الطليان"

قصة كتبت بــروعة....!!
سعدت بــ معانقتها...

سلمت ودامت روائعك
لك خالص إحترامي وتقديري وباقة ورد

هشام عزاس
29-11-2007, 12:17 AM
الأديب / الطليان

لقد تناولت قضية خطيرة فعلا قد لا يكترث لها الكثيرون من الآباء و الأمهات لجهلهم بوقع الكلمة في نفسية أولادهم / عبارة أنت فاشل / هي بداية تجسيد إطار نفسي بداخل الطفل يكبر و يتسع مع كل مرة تقال له فيها
هذه العبارة المحطمة القاتلة التي تهوي كمطرقة و تضرب كمعول سواء على الصعيد العقلي و النفسي
و يا للكارثة عندما يقبلها العقل و يفرضها بنفسية المرء كحالة بطل قصتك الذي كبر و كبرت معه هذه العقدة و التي أفسدت حياته و جعلت منه انسانا يائسا ينظر للدنيا بمنظار أسود قاتم و يرى أنه غير فاعل و هذا طبيعي لأن تلك الفكرة نمت معه مذ صغره و اتسعت دائرتها مع مرور الزمن .
لا بد أن نعيد النظر في طريقة التربية و توجيه أولادنا عقليا و وجدانيا و إني أراها من أهم القضايا التي
لا بد أن يعتني بها كل مختص و كل مدرس و كل إمام مسجد و كل انسان ناصح
و المثل يقول إزرع تحصد ... فكيف تزرع الفشل بنفسية أحدهم و تطالبه بالنجاح ؟؟؟
حرك هذا النص أشياء كثيرة بداخلي و إن كنت لست من أهل الإختصاص .
تقبل مروري و اعجابي بقلمك سيدي
اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـــــــــام

عبدالله سليمان الطليان
29-11-2007, 02:18 PM
[center]الاخت سحر الليالي
اشكرك على مرورك وعلى تعليقك الرقيق .
تقبلي احترامي وتقديري

ملاحظة اسمي عبد الله الطليان

سحر الليالي
29-11-2007, 02:23 PM
أعتذر منك أستاذي الفاضل ...أعتذر من أعماق القلب

لك كل إحترامي وتقديري

عبدالله سليمان الطليان
29-11-2007, 02:26 PM
اخي هشام عزاس
عندما يترسب الالم في داخل الطفل اوالولد البالغ فمن الصعب
القضاء عليه فيترك بصمة في الحياة يكون من الصعب التغلب
عليها , تجدها في الذاكرة تتفاعل بتفلصيها الدقيقة عند صاحب
الا لم . فمتى يدرك الاباء والامهات اهمية التربية .

لك فائق الاحترام والتقدير

جوتيار تمر
29-11-2007, 03:35 PM
الطليان المبدع.....

خضت غمار معركة طويلة الامد / ولها جذور بدأت بالانسان الاول / الانسان حيث بدء الخليقة / وحيث للكلمة تأثيرها اللامنتهي في نفس الانسان نفسه / لقد اثرت موضوعا نفسيا اجتماعيا ذا ابعاد تربوية / واخرى فلسفية عميقة / بتأثير كلمة فاشل من قبل الوالدين للابناء لابد وانها كبيرة / وهي في افضل حالاتها تمثل حالة عقدة لديه فيما بعد / لقد اجدت ان رتسم ملامح هذا الانسان الذي هو نموذج حي للملايين من البشر في وقتنا هذا / اعجبني قوة التحكم هنا في السرد والبناء / وهذا الترابط الرائع بين الحدث والواقع.

دمت بالف خير
محبتي لك
جوتيار

عبدالله سليمان الطليان
30-11-2007, 05:13 AM
أخي الفاضل جوتيار
كلماتك اصابت الهدف , واماطة اللثام عن الحقيقة التي نجدها
احياناً في داخل البيوت .

شرفني واسعدني مرورك وما سطره قلمك المبدع المتمكن
الذي اتمني من اعماق قلبي ان يدوم في ابحاره في عالم
الابداع .

تقبل فائق الاحترام والتقدير
الطليان

ربيحة الرفاعي
13-11-2014, 10:52 PM
قصة عالية الغائية بطرح ذي بعد نفسي هام، عنيَ بانعكاسات ما قد يبدو عاديا عابرا على البناء النفسي للأفراد اعتبارا من الطفولة، وما قد يؤدي إليه من قنوط وغربة داخلية تنعكس تيها واغترابا مقصودا عن المحيط وعجزا عن فهم موقعها فيه

السرد طيب والأداء موفق

دمت بخيرأيها الكريم
تحاياي

نداء غريب صبري
20-02-2015, 05:27 PM
موضوع نفسي اجتماعي مؤثر جعل القصة مشجعة

شكرا لك أخي

بوركت

خلود محمد جمعة
21-02-2015, 06:37 PM
حوار نفسي يفضي عن مكنونات الطفولة التي علقت به الى ان أصبحت المسيطر على تصرفاته لاحقا
ينتصر الفشل حين يتفشى اليأس فينا
قصة بأبعاد نفسية وتطرح قضية اجتماعية تربوية بمهارة
بوركت وكل التقدير

ناديه محمد الجابي
31-05-2018, 05:36 PM
نحن من نزرع الفشل أو النجاح في نفوس أطفالنا
فلابد أن نزرع في نفوسهم الثقة بالنفس لندفعهم نحو التقدم والنجاح
لكي نصل بهم إلى شاطئ السعادة والنجاح.
قصة رائعة المضمون بلغة سامقة ومضمون هادف
دمت بكل خير.
:hat::hat: