المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (موت المؤلف) .. دعوة إلى المناقشة والحوار ...



د. عبد الفتاح أفكوح
03-12-2007, 10:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم مجددا
أهل هذه الواحة الثقافية الخضراء الكرام
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
هذه دعوة لكم جميعا إلى المناقشة والحوار حول
(موت المؤلف)
ماذا يعني رولان بارث بموت المؤلف؟
في مستهل الإجابة على هذا السؤال، يمكن إيجاز ما ذهب إليه رولان بارث (1915 ـ 1980) في العبارة التالية:
"المؤلف ميت والعمل الأدبي خالد"
وذلك بناء على ما كتبه رولان سنة 1968 ميلادية (موت المؤلف)، عندما أشار إلى أن اللغة هي التي تتكلم داخل العمل الأدبي وليس المؤلف، فعمد إلى عزل المؤلف تماما وإقصائه عن العمل الإبداعي، ومن ثم لم يتقبل البنيويون فكرة وجود الموضوع قبل الكتابة واعتبروا أن فكرة أي موضوع ستنبعث لحظة الشروع في كتابة العمل الأدبي، ومن ذات المنطلق كذلك لم يلتفت البنيويون إلى مؤلف العمل الأدبي، وعملوا على تحليل العمل الإبداعي لغويا، وحرصوا على فك رموزه، والعلائق المتكونة منه، واعتمدوا في ممارستهم النقدية هذه على علوم اللغة التي خلص إليها عالم اللغة السويسري فرديناد دي سوسير، فاتخذت البنيوية من علوم اللغة أساسا لها ومرتكزا لقيامها، ومدت جسرا بين النقد الأدبي واللغة، بحكم وجود عناصر ومستويات مترابطة في ما بينها داخل العمل الأدبي، وهي من يساعد على تحديد طبيعته، وتحليله وكشف بنيته ...
هذا بإيجاز شديد ما يعنيه رولان بارث وغيره من النقاد البنيويين بموت المؤلف، والراجح في رأيي، هو أن مؤلف العمل الأدبي حي يرزق، وأن خلوده رهين بمدى خلود عمله الإبداعي، بقدر ما أرى الصواب والحق في نسبة أي عمل أدبي إلى صاحبه، وأن الخطأ والباطل في فصل المؤلف عن عمله الإبداعي، وتتبادر إلى ذهني اللحظة آية قرآنية كريمة، على سبيل القياس، وهي التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
"ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ، هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ، فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ، فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ، وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً"
الأحزاب - الآية رقم 5
فعسى أن يتدبر القارئ الكريم روح الإجابة في هذه الآية الكريمة، ثم إني لا أحسب القول بـ (موت المؤلف) إلا خطأ ووهما شائعا بين كثير من النقاد المحدثين، سواء أكانوا عربا أم غربيين ...
ثم إن السؤال التالي قد يطرح:
هل يمكن دراسة نص أو خطاب دون معرفة صاحبه؟
أرى أنه بالإمكان القيام بذلك، لكن الدراسة ستكون ناقصة، وغير مستوفية لشروط صحتها، إذ أن معرفة مؤلف العمل الأدبي على سبيل المثال، أو معرفة صاحب أي نص أو خطاب على وجه العموم، أمر لا بد منه لتحقيق دراسة سليمة تامة إلى حد معين، وغير منقوصة، فكيف يستطيع ناقد الأدب أن ينقد عملا إبداعيا محددا، دون أن يتعرف على جذر من جذوره، والمتمثل في صاحب العمل؟ ولا يجدر بالناقد أو الدارس أو الباحث أن يتجاوز صاحب العمل إلى العمل، بدعوى أن المؤلف مات بمجرد ما انتهى من عمله الأدبي أو غير الأدبي، وأن العمل المنقود أو المدروس أو المبحوث قائم بذاته وصفاته، فما (موت المؤلف) إلا جناية منكرة، وتهمة باطلة ...
فما رأيكم في موضوع
(موت المؤلف)
؟
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

فريد البيدق
03-12-2007, 11:20 AM
الكريم "أبو شامة"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
موضوعاتك ثراء أينما كنت؛ فدمت!

د. عبد الفتاح أفكوح
03-12-2007, 12:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليك أخي الكريم
فريد البيدق
ورحمته جل وعلا وبركاته
وبعد ...
لك من أخيك جزيل الشكر باقة أولى مزدانة بمسك وطيب، ولك منه جميل التقدير باقة ثانية محلاة بالشذى والأريج، على ما أرسلته محلقا متألقا، شاديا باسما في سماء هذه الواحة الثقافية المزهرة ...
ثم إن أخاك أبا شامة المغربي يرجو من الله جل جلاله أن يتلقى القارئ الكريم ما قرأته له من حروف على أديم هذا السهل الحواري الخصب بقبول حسن ...
حياك الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

سمو الكعبي
07-12-2007, 03:12 PM
أخي عبد الفتاح :
فكرة موت المؤلف ليست خطأ البتة ولا صوابا البتة, ولكن لا بد للعصا أن تُمسك من المنتصف , فمن الصعب أن ينسلح الكاتب من ذاته ونفسه في كتابه النص مهما حاول .
وليس من المعقول أن ندع ظروف المؤلف ومجريات حياته هي الأولى والأخيرة في الحكم بين العمل الأدبي.
فمن وجهة نظري أن نستعين بظروف المؤلف لا أن نرتكز عليها , ولا أن نميت المؤلف .
شكرا لك على هذا الطرح الرائع

د. عبد الفتاح أفكوح
12-03-2008, 07:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليك في هذه الرحاب
سمو الكعبي
ورحمته جل وعلا وبركاته
وبعد ...
لك من أخيك جزيل الشكر، ولك منه تمام التقدير، على ما أورق زاهرا، وأشرق ألقا، وحلق شاديا باسما في سماء هذه الواحة الثقافية السنية ...
حياك اللهد. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

هشام مصطفى
14-03-2008, 10:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سلام الله عليكم مجددا
أهل هذه الواحة الثقافية الخضراء الكرام
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
هذه دعوة لكم جميعا إلى المناقشة والحوار حول
(موت المؤلف)
ماذا يعني رولان بارث بموت المؤلف؟
في مستهل الإجابة على هذا السؤال، يمكن إيجاز ما ذهب إليه رولان بارث (1915 ـ 1980) في العبارة التالية:
"المؤلف ميت والعمل الأدبي خالد"
وذلك بناء على ما كتبه رولان سنة 1968 ميلادية (موت المؤلف)، عندما أشار إلى أن اللغة هي التي تتكلم داخل العمل الأدبي وليس المؤلف، فعمد إلى عزل المؤلف تماما وإقصائه عن العمل الإبداعي، ومن ثم لم يتقبل البنيويون فكرة وجود الموضوع قبل الكتابة واعتبروا أن فكرة أي موضوع ستنبعث لحظة الشروع في كتابة العمل الأدبي، ومن ذات المنطلق كذلك لم يلتفت البنيويون إلى مؤلف العمل الأدبي، وعملوا على تحليل العمل الإبداعي لغويا، وحرصوا على فك رموزه، والعلائق المتكونة منه، واعتمدوا في ممارستهم النقدية هذه على علوم اللغة التي خلص إليها عالم اللغة السويسري فرديناد دي سوسير، فاتخذت البنيوية من علوم اللغة أساسا لها ومرتكزا لقيامها، ومدت جسرا بين النقد الأدبي واللغة، بحكم وجود عناصر ومستويات مترابطة في ما بينها داخل العمل الأدبي، وهي من يساعد على تحديد طبيعته، وتحليله وكشف بنيته ...
هذا بإيجاز شديد ما يعنيه رولان بارث وغيره من النقاد البنيويين بموت المؤلف، والراجح في رأيي، هو أن مؤلف العمل الأدبي حي يرزق، وأن خلوده رهين بمدى خلود عمله الإبداعي، بقدر ما أرى الصواب والحق في نسبة أي عمل أدبي إلى صاحبه، وأن الخطأ والباطل في فصل المؤلف عن عمله الإبداعي، وتتبادر إلى ذهني اللحظة آية قرآنية كريمة، على سبيل القياس، وهي التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
"ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ، هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ، فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ، فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ، وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً"
الأحزاب - الآية رقم 5
فعسى أن يتدبر القارئ الكريم روح الإجابة في هذه الآية الكريمة، ثم إني لا أحسب القول بـ (موت المؤلف) إلا خطأ ووهما شائعا بين كثير من النقاد المحدثين، سواء أكانوا عربا أم غربيين ...
ثم إن السؤال التالي قد يطرح:
هل يمكن دراسة نص أو خطاب دون معرفة صاحبه؟
أرى أنه بالإمكان القيام بذلك، لكن الدراسة ستكون ناقصة، وغير مستوفية لشروط صحتها، إذ أن معرفة مؤلف العمل الأدبي على سبيل المثال، أو معرفة صاحب أي نص أو خطاب على وجه العموم، أمر لا بد منه لتحقيق دراسة سليمة تامة إلى حد معين، وغير منقوصة، فكيف يستطيع ناقد الأدب أن ينقد عملا إبداعيا محددا، دون أن يتعرف على جذر من جذوره، والمتمثل في صاحب العمل؟ ولا يجدر بالناقد أو الدارس أو الباحث أن يتجاوز صاحب العمل إلى العمل، بدعوى أن المؤلف مات بمجرد ما انتهى من عمله الأدبي أو غير الأدبي، وأن العمل المنقود أو المدروس أو المبحوث قائم بذاته وصفاته، فما (موت المؤلف) إلا جناية منكرة، وتهمة باطلة ...
فما رأيكم في موضوع
(موت المؤلف)
؟
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي



أستاذي الكريم / د. عبد الفتاح
أولا السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ثانيا دعني أشاغب معك قليلا إن سمحت لي
فلعلنا إن تجاوزنا عن المعنى المعجمي للعبارة إلى المعنى الدلالي لها لأدركنا ما يعنيه رولان بارت من إعلانه موت المؤلف فليس من المعقول أنه يعني عدم انتساب العمل لأديب ما بل أعتقد أنه يعني أن الأفضل هو الاتجاه مباشرة لما يمكن أن يبوح به النص من خلال تحليله إلى مستويات على أساس نظرية رومان إنجاردن على ما أعتقد أو ما جاء به دريدا من بنيوية تفكيكية أو حتى ما جاء من بنيوية تكوينية فالكل يسعى كي يصل إلى رؤية علمية للمعنى الممكن كما صرح بذلك الدكتور صلاح فضل في كتابه الهام ( نظرية البنائية في النقد الأدبي ) ليس اعتمادا على ما يمكن أن يقدمه التعريف بسيرة الأديب سواء أكانت تاريخية أم نفسية وعلى اعتبار أن كل هذه الإجراءات أولا لاتمت بالأدب بصلة وثانيا أنها تبحث فيمالا يجدي ولا يمكن أن نجعله موضوعية علمية والتي تحيلنا إلى نتائج غير محسومة للمعنى
فالمراد هنا أن العمل الأدبي بخروجه من عباءة الأديب اصبح ملكا للقارئ كي يقوم بالعملية الإبداعية الثانية وهي البحث عن المعنى الممكن .
ولعل محاولات الناقد الدكتور كمال الدين أبو ديب محاولة وإن شابها النقص في جوانبها إلا أنها محاولة جادة لإعادة قراءة الأدب عن طريق الثنائيات وأقصد بها ( جدلية الخفاء والتجلي ) .
إن المنهج البنوي متعدد الرؤى والأسس ولم يصبح منهجا واحدا بل مناهج متعددة يمكن لها أن تتعاضدت مع الأخرى كما فعلت البنيوية التكوينية من تعاضدها من المنهج الاجتماعي أو علم الاجتماع ولعل بزوغ المنهج التكاملي هو في ذاته البحث عن موضوعية القراءة ولكن في رأي الأهم ليس في موت المؤلف بل في السؤال الهام هل تطبيق المنهج هو الهدف أم الوصول إلى المعنى الممكن هو الهدف وهذا ما أعتقد قد جعل الكثيرين يهتمون بالتطبيق الحرفي للمنهج دون الاهتمام بالنتائج ما جعل المنهج ذاته غير مفهوم أو مقبول فالمطلوب هو إسقاط الآليات غير المجدية خاصة للعقلية العربية في سبيل الوصول للهدف من القراءة
مودتي

د. عبد الفتاح أفكوح
17-03-2008, 09:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليك أخي الكريم
هشام مصطفى
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
لك من أخيك أبي شامة المغربي جزيل الشكر وندى نداه، ولك منه تمام التقدير وشذى شذاه، على ما أورق من حروفك وأزهر من كلماتك، وعلى ما أشرق من إشاراتك، وحلق شاديا باسما في سماء هذه الأرض الثقافية المشرقة ...
حياك الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي