تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ثمار الصبر الحُلوة .....



حسنية تدركيت
10-12-2007, 05:53 PM
لم يخطر ببالي أبدً وأنا أسمع إسمي أنه عليَ أن أجتاز حواجز الألم إلى نهايته ، إلى طعم الصبر المُر والحلو معاً , الممرات الضيقة لم تَسَع أملي في الله ، فاض عني أملي إلى ابتسامة يعلم الله سبحانه وتعالى إلى أي مدى ساهمت في أن تستقر خفقات قلبه وهو يسرع الخُطى إلى المجهول ، قدرك معي فليكن الصبر سلاحنا معاً , لم أستطع في غمرة الأحداث أن أنظر إلى عينيه الرماديتين ، لكنني أحسست بكفه الحانية تربت على كتفي برفق بالغ وكلمات أراد لها أن تكون البلسم, وبنفس الطريقة الحلوة التي كان يناديني بها تمتم :لا تحزني قُرَة عيني ، أنا معكِ ولن أترككِ أبداً حتى أطمئن عليك , أي حُب تخفيه في شرايين طيبتك وحنانك الإنساني الكبير ....؟؟
مازلت أتابع خطواتك يمينا وشمالا والأسِرَة البيضاء بدأت تَلَوِح لي بإشارات تنبيه أن اقتربت من مكان الاختبار , اختبار صبري وجلدي, بعد لحظات سيفارقني أبي وسأبقى بمفردي أقَلِب الذكريات من مُخَيلتي ، تارة أبكي و أخرى أضحك وتبدأ الحكاية التي لا تنتهي أبداً إلا بشخصية أخرى انبثقت من هنا ...
أخذت الطبيبة تشرح لي بقسوة مُتعَمَدَة الخطوات الأولى في العلاج , هكذا بَدَت لي أنها قاسية , ملامحها جامدة لا تُعَبِر عن أي تعاطُف أو شفقة , تحاول جاهدة أن توصل لي أن علي أن أواجه المصاعب بعيدا عن أبي ...
كان يراقِب انفعالاتي ويعلم الله كم عانيت حينها في كتم مخاوفي ، كنت أرتجف وأجاهد نفسي أن أحافِظ على توازني بداخلي صوت متوجس يردد :
لكِ أن ترفضي هذا العناء وتعودي إلى أحضان الأهل والأحباب , وبعفوية كانت خطواتي تقترب من خَوْض غمار تجربة مازالت إلى الآن تؤثر في وتُوَجهني وتٌغَيْر أسلوبي في الحياة , تُعَلمني أن أرى وأسمع شكوى المُتألمين والمهمومين ..
لن أعود وسأمضي في طريقي وسيُثمر الصبر ثماراً حلوة حينما يهبني الله حياة جديدة فيها الشفاء والعافية .............
تمددت على سريري وانطلق بصري خارج الغرفة ، إلى حيث السماء والناس والهواء والشجر تنفست بعُمق هواء نقياً تغلغل إلى سويداء قلبي فمنحني بعضا من السكينة ..
وطغت على حواسي أُمنيَة هربتُ منها مَرات عديدة آن لها أن تأسرني ، ضُمني أبي لعل الخوف والرُعب الذي يكتنف طفلتك المدللة يختفي ، ضُمني وأعطني بعضاً أو كل حنانك ، لا تستبقى شيئاً , أفرِغ عليَ من الحب قطرات ندى كي تغمر روحي فللبُعد أنين ، للشوق حنين ، وللصبر حر نار ، أحسها تلتهم قلبي الصغير , مسافات طويلة ستفصلنا عن بعضنا, وكنا معا قد اتفقنا أن نجعل لِرشفة الشاي مهرجاناً يومي ننتظره ونستعِدَّ له وكأنه العيد , كلانا أبي وجد ضالته في الآخر يُتمَك رويته بحبي الكبير وانكساري جبرته بحنانك الوارف , ظللتني دوماً به وجعلتني أستجمع القوة من براثين الضعف والانهيار, الشلل أعلم أبي أنني أكرهه وأمقُته كما أمقُت البُعد أو أكثر ، لكن كما عَلَمتَني الإيمان يصنع المعجزات فقد نما بيني وبينه حب عجيب إذ كلما كبُر علي أني أعجز عن المشي تذكرت كلماتك النورانية إذا أحَب الله قوما ابتلاهم
نزلت برداً وسلاماً على فؤادي المكلوم , وأي شيء أروع وأجمل من حب الله , هاأنا ذا أنعم بحُبه وليأخذ مني الشلل كما يُحب الله ويرضى فقط رجائي أن يهب لي يقينا لا يتزعزع وإيمانا لا يفتر , الآن أبي أُدرِك نِعمة أن يكون لك إنسان رحيم يُحبك ويُحيطك برعايته وعطفه الكبير , قلت لي مرة لن أكون سعيداً حتى أراكِ أمامي تركضين بدون عائق ، لُذتَ بالصمت للحظات ثم أردفتَ : سيستجيب الله لي ففي كل سجدة أدعوه أن يمنحكِ الصحة والعافية , أنتَ نعمة كبيرة ، علي ألا أكُف عن أن أحمِد الله عليها , أن أُكثِرمن الاستغفار لأنني مرات كثيرة ظننت أنني محرومة من النِعَم ، يسبح النظر بعيدا في أفاق بعيدة ، الشجر يتراقص يُمنَة مرة وشمالاً أخرى وكأن الشوق برحه فلا طاب له مكانً ولا زماناً ، مثلي يشتكي الغُربة والألم يبُث مولاه أحزانه عله يروي عطشه بسلسبيل رضاه ....
حركة دائبة لا تتوقف في ممرات المستشفى ، صغاراً مثل الورد تصرخ من شدة الألم والخوف , بدأت أجد ما يشغلني فهذا يسأل عن أُمه وهذه تبكي خائفة من المُمرضة وهذا يؤلمه الجُرح الغائر ، أحاول أن أرسم البسمة على شفاههم الصغيرة الحلوة ، ألعب معهم وأسَليهم ، وأحكي لهم قصصاً وحكايات ليطمئن الخافق في الأعماق ولا أتركهم إلا والنوم يُداعب عيونهم بعد عناء يوم طويل ، فأعود لسريري مُنْهَكَةً ، لكن روحي تُحَلِق في عالمهم الطاهر والنقي أبي تعلمت هنا أن أكون إنساناً يتألم ، من أجل الآخرين ويفرح من أجلهم وتتلاشى همومه وأحزانه بابتسامة أمل يرسمها على الملامح الصغيرة.......
هل أستطيع أن أُعَبِر عن أحلام اليقظة التي أنعشت روحي حينئذ !!وكانت بحق طوق نجاة من بحر اليأس الذي غُصت فيه ؟ إنه لشيء أقرب إلى المُحال أن تطلب من الكلمات أن تصف شيئاً حياً يسكُن أعماق وجدانك ، يوجهك رغماً عنك إلى عالم غير مرئي , كنت أناجي الله في كل ليلة وتظهر لي في ظلمات الليلة طفلة أجبَرها الشلل على أن تظل حبيسة الجُدران ، كانت ذات مساء تبتهِل إلى الله وتُلِح عليه في الدعاء بأن يَمُن عليها بالشفاء ، ومن فوق سبع سموات أجاب الله لها الدعاء ، وهي الطفلة التي قد لا يُعيرها الآخرون أي اهتمام , كنت أنا المستغيثة برحمة ربها , فأجهشت بالبكاء وأنا أرى نفسي وقد غمرني الله بعظيم المِنَن والنِعَم فهو سبحانه الكريم الذي لا يرُد من دعاه , تساقطت دموعي غزيرة على وسادتي , وسمع الليل مناجاتي وحكي عني شوقي ولهفتي إلى كرم مولاي عليَ من جديد ..........
ترقص الأماني على أشعة الشمس فتلفح ذاكرتي بحرِّ ولعها بأن تسرع الأيام والليالي إلى حيث أتمنى ,
أبي الغالي لو أبصرتني الآن ما تَعَرفت عليً فقد تَغَيَر كل شيء ، كان شعري الذي تمتع طويلا بلمستك الحانية هو أول الضحايا ، أنكرت وجهي في المرآة ولكنني ابتسمت مُنتصرة على الألم ، وتسابقت آلاف الأفكار إلى ذهني بصور لها ألوان شتى ، ممزوجة بالفرح تارة والحزن تارة أخرى ، واللهفة والشوق إلى طفلة تسكنني .....
محاولة الهرب روادتني كثيرة غير أن خطاي دوما كانت تتحرك عكس تفكيري , آهات المرضى اخترقت جدار الصمت بداخلي وجعلتني أفكر في فلسفة الألم, ماهو ؟؟ ..........
عندما أعجزعن الجواب أعود لذاتي أفتش عن الخلل , إذ كل مافي الكون بدون شك له حكمة بليغة .........
كلما جاء دوري في الإحساس بالألم وتجرع كأس الصبر بمرارته اقتربت من مغزى الألم, ربما هو بوتقة ننصهر فيها ونعاد من جديد أكثر انسانية وحبا وحنانا متدفقا لكل المخلوقات , وصلة وطيدة بين العبد وربه , متى أحسنّا فهم ذواتنا في لحظات الألم استوعبنا معنى الوجود ....

وفاء شوكت خضر
10-12-2007, 07:14 PM
الحبيبة حسنية ..

ما بين مرارة الألم وحلاوة الأمل بالله ، عشت وقتا بين سطورك ، تأخذني الدهشة بحواريتك التي كانت تحلق بي تارة في فضاء روحاني ، وتارة تهبط بي إلى قسوة الواقع ..
نص ثري بالتأملات وعميق الفكر ، فلسفة رائعة للألم ، وإيمان مطلق بخالق الكون والرضا بما قدر ..
النص يحمل الكثيرمن روحك ونبضك ، وتجربة قاسية زادتك قوة وإصرارا على مواجهة مصائب الحياة وابتلاءات القدر التي امتحنك بها الله ، فكنت فيها صابرة شاكرة حامدة له سبحانه وتعالى ..
أسأل الله أن يمن عليك بالرضا وهناء العيش وسعادة الدارين ، وأن تكوني عنده ممن يرضى عنهم ..

أحب حرفك الذي يحمل الأمل دوما ، أحس بدفء قربك وبراحة نفسية بين سطورك ..
كم هو رائع أن أحظى بأخت تحمل مثل قلبك المؤمن ..
محبتي الكبيرة في الله أبثها لك عبر هذه الصفحة التي منحتني الكثير من لحظات التأمل ..

بارك الله بك نداي وجزيت خيرا على حرفك الجميل ..

سمو الكعبي
10-12-2007, 11:32 PM
ما أجمل ثمار الحرف حين تجتمع بذرة المعنى واللفظ لتخرج نباتا طيبا أُكلهُ مثل هذا .

عزيزتي :
تحية لا تبلى ولا تنضب .

حسنية تدركيت
11-12-2007, 01:12 AM
الحبيبة حسنية ..
ما بين مرارة الألم وحلاوة الأمل بالله ، عشت وقتا بين سطورك ، تأخذني الدهشة بحواريتك التي كانت تحلق بي تارة في فضاء روحاني ، وتارة تهبط بي إلى قسوة الواقع ..
نص ثري بالتأملات وعميق الفكر ، فلسفة رائعة للألم ، وإيمان مطلق بخالق الكون والرضا بما قدر ..
النص يحمل الكثيرمن روحك ونبضك ، وتجربة قاسية زادتك قوة وإصرارا على مواجهة مصائب الحياة وابتلاءات القدر التي امتحنك بها الله ، فكنت فيها صابرة شاكرة حامدة له سبحانه وتعالى ..
أسأل الله أن يمن عليك بالرضا وهناء العيش وسعادة الدارين ، وأن تكوني عنده ممن يرضى عنهم ..
أحب حرفك الذي يحمل الأمل دوما ، أحس بدفء قربك وبراحة نفسية بين سطورك ..
كم هو رائع أن أحظى بأخت تحمل مثل قلبك المؤمن ..
محبتي الكبيرة في الله أبثها لك عبر هذه الصفحة التي منحتني الكثير من لحظات التأمل ..
بارك الله بك نداي وجزيت خيرا على حرفك الجميل ..
الغالية وفاء دوما وأبدا يسعدني أن أجدك قريبة
جزاك الله خيرا على المرور الأكثر من رائع
دمت بخير وسعادة وفاء الرقيقة:001:

نور سمحان
11-12-2007, 04:47 AM
الندية الرقيقة حسنية
أنا هنا أصمت
وأحمل أبجديتي وأمضي
وقبل كل هذا أثبت النص لما فيه من إيمان عميق بالله تعالى
ويقين بأن الفرج آت لا محالة
وكل ذلك صغتيه بروعة لا تضاهى
صورت الموقف بمنتهى الدقة
رائعة بصدق
نص مؤثر جدا
محبتي لك وتقديري

مروة عبدالله
11-12-2007, 08:46 AM
حسنية الجميلة


تحية طيبة لعطر قلمكِ

وجمال مساحاتك وعزف حروفك

أوراقكِ دائماً منيرة

بصدق العاطفة والشفافية

سلمت بما قدّمت

محبتي لكِ

د. مصطفى عراقي
11-12-2007, 09:21 AM
لم يخطر ببالي أبدً وأنا أسمع إسمي أنه عليَ أن أجتاز حواجز الألم إلى نهايته ، إلى طعم الصبر المُر والحلو معاً , الممرات الضيقة لم تَسَع أملي في الله ، فاض عني أملي إلى ابتسامة يعلم الله سبحانه وتعالى إلى أي مدى ساهمت في أن تستقر خفقات قلبه وهو يسرع الخُطى إلى المجهول ، قدرك معي فليكن الصبر سلاحنا معاً , لم أستطع في غمرة الأحداث أن أنظر إلى عينيه الرماديتين ، لكنني أحسست بكفه الحانية تربت على كتفي برفق بالغ وكلمات أراد لها أن تكون البلسم, وبنفس الطريقة الحلوة التي كان يناديني بها تمتم :لا تحزني قُرَة عيني ، أنا معكِ ولن أترككِ أبداً حتى أطمئن عليك , أي حُب تخفيه في شرايين طيبتك وحنانك الإنساني الكبير ....؟؟
مازلت أتابع خطواتك يمينا وشمالا والأسِرَة البيضاء بدأت تَلَوِح لي بإشارات تنبيه أن اقتربت من مكان الاختبار , اختبار صبري وجلدي, بعد لحظات سيفارقني أبي وسأبقى بمفردي أقَلِب الذكريات من مُخَيلتي ، تارة أبكي و أخرى أضحك وتبدأ الحكاية التي لا تنتهي أبداً إلا بشخصية أخرى انبثقت من هنا ...
أخذت الطبيبة تشرح لي بقسوة مُتعَمَدَة الخطوات الأولى في العلاج , هكذا بَدَت لي أنها قاسية , ملامحها جامدة لا تُعَبِر عن أي تعاطُف أو شفقة , تحاول جاهدة أن توصل لي أن علي أن أواجه المصاعب بعيدا عن أبي ...
كان يراقِب انفعالاتي ويعلم الله كم عانيت حينها في كتم مخاوفي ، كنت أرتجف وأجاهد نفسي أن أحافِظ على توازني بداخلي صوت متوجس يردد :
لكِ أن ترفضي هذا العناء وتعودي إلى أحضان الأهل والأحباب , وبعفوية كانت خطواتي تقترب من خَوْض غمار تجربة مازالت إلى الآن تؤثر في وتُوَجهني وتٌغَيْر أسلوبي في الحياة , تُعَلمني أن أرى وأسمع شكوى المُتألمين والمهمومين ..
لن أعود وسأمضي في طريقي وسيُثمر الصبر ثماراً حلوة حينما يهبني الله حياة جديدة فيها الشفاء والعافية .............
تمددت على سريري وانطلق بصري خارج الغرفة ، إلى حيث السماء والناس والهواء والشجر تنفست بعُمق هواء نقياً تغلغل إلى سويداء قلبي فمنحني بعضا من السكينة ..
وطغت على حواسي أُمنيَة هربتُ منها مَرات عديدة آن لها أن تأسرني ، ضُمني أبي لعل الخوف والرُعب الذي يكتنف طفلتك المدللة يختفي ، ضُمني وأعطني بعضاً أو كل حنانك ، لا تستبقى شيئاً , أفرِغ عليَ من الحب قطرات ندى كي تغمر روحي فللبُعد أنين ، للشوق حنين ، وللصبر حر نار ، أحسها تلتهم قلبي الصغير , مسافات طويلة ستفصلنا عن بعضنا, وكنا معا قد اتفقنا أن نجعل لِرشفة الشاي مهرجاناً يومي ننتظره ونستعِدَّ له وكأنه العيد , كلانا أبي وجد ضالته في الآخر يُتمَك رويته بحبي الكبير وانكساري جبرته بحنانك الوارف , ظللتني دوماً به وجعلتني أستجمع القوة من براثين الضعف والانهيار, الشلل أعلم أبي أنني أكرهه وأمقُته كما أمقُت البُعد أو أكثر ، لكن كما عَلَمتَني الإيمان يصنع المعجزات فقد نما بيني وبينه حب عجيب إذ كلما كبُر علي أني أعجز عن المشي تذكرت كلماتك النورانية إذا أحَب الله قوما ابتلاهم
نزلت برداً وسلاماً على فؤادي المكلوم , وأي شيء أروع وأجمل من حب الله , هاأنا ذا أنعم بحُبه وليأخذ مني الشلل كما يُحب الله ويرضى فقط رجائي أن يهب لي يقينا لا يتزعزع وإيمانا لا يفتر , الآن أبي أُدرِك نِعمة أن يكون لك إنسان رحيم يُحبك ويُحيطك برعايته وعطفه الكبير , قلت لي مرة لن أكون سعيداً حتى أراكِ أمامي تركضين بدون عائق ، لُذتَ بالصمت للحظات ثم أردفتَ : سيستجيب الله لي ففي كل سجدة أدعوه أن يمنحكِ الصحة والعافية , أنتَ نعمة كبيرة ، علي ألا أكُف عن أن أحمِد الله عليها , أن أُكثِرمن الاستغفار لأنني مرات كثيرة ظننت أنني محرومة من النِعَم ، يسبح النظر بعيدا في أفاق بعيدة ، الشجر يتراقص يُمنَة مرة وشمالاً أخرى وكأن الشوق برحه فلا طاب له مكانً ولا زماناً ، مثلي يشتكي الغُربة والألم يبُث مولاه أحزانه عله يروي عطشه بسلسبيل رضاه ....
حركة دائبة لا تتوقف في ممرات المستشفى ، صغاراً مثل الورد تصرخ من شدة الألم والخوف , بدأت أجد ما يشغلني فهذا يسأل عن أُمه وهذه تبكي خائفة من المُمرضة وهذا يؤلمه الجُرح الغائر ، أحاول أن أرسم البسمة على شفاههم الصغيرة الحلوة ، ألعب معهم وأسَليهم ، وأحكي لهم قصصاً وحكايات ليطمئن الخافق في الأعماق ولا أتركهم إلا والنوم يُداعب عيونهم بعد عناء يوم طويل ، فأعود لسريري مُنْهَكَةً ، لكن روحي تُحَلِق في عالمهم الطاهر والنقي أبي تعلمت هنا أن أكون إنساناً يتألم ، من أجل الآخرين ويفرح من أجلهم وتتلاشى همومه وأحزانه بابتسامة أمل يرسمها على الملامح الصغيرة.......
هل أستطيع أن أُعَبِر عن أحلام اليقظة التي أنعشت روحي حينئذ !!وكانت بحق طوق نجاة من بحر اليأس الذي غُصت فيه ؟ إنه لشيء أقرب إلى المُحال أن تطلب من الكلمات أن تصف شيئاً حياً يسكُن أعماق وجدانك ، يوجهك رغماً عنك إلى عالم غير مرئي , كنت أناجي الله في كل ليلة وتظهر لي في ظلمات الليلة طفلة أجبَرها الشلل على أن تظل حبيسة الجُدران ، كانت ذات مساء تبتهِل إلى الله وتُلِح عليه في الدعاء بأن يَمُن عليها بالشفاء ، ومن فوق سبع سموات أجاب الله لها الدعاء ، وهي الطفلة التي قد لا يُعيرها الآخرون أي اهتمام , كنت أنا المستغيثة برحمة ربها , فأجهشت بالبكاء وأنا أرى نفسي وقد غمرني الله بعظيم المِنَن والنِعَم فهو سبحانه الكريم الذي لا يرُد من دعاه , تساقطت دموعي غزيرة على وسادتي , وسمع الليل مناجاتي وحكي عني شوقي ولهفتي إلى كرم مولاي عليَ من جديد ..........
ترقص الأماني على أشعة الشمس فتلفح ذاكرتي بحرِّ ولعها بأن تسرع الأيام والليالي إلى حيث أتمنى ,
أبي الغالي لو أبصرتني الآن ما تَعَرفت عليً فقد تَغَيَر كل شيء ، كان شعري الذي تمتع طويلا بلمستك الحانية هو أول الضحايا ، أنكرت وجهي في المرآة ولكنني ابتسمت مُنتصرة على الألم ، وتسابقت آلاف الأفكار إلى ذهني بصور لها ألوان شتى ، ممزوجة بالفرح تارة والحزن تارة أخرى ، واللهفة والشوق إلى طفلة تسكنني .....
محاولة الهرب روادتني كثيرة غير أن خطاي دوما كانت تتحرك عكس تفكيري , آهات المرضى اخترقت جدار الصمت بداخلي وجعلتني أفكر في فلسفة الألم, ماهو ؟؟ ..........
عندما أعجزعن الجواب أعود لذاتي أفتش عن الخلل , إذ كل مافي الكون بدون شك له حكمة بليغة .........
كلما جاء دوري في الإحساس بالألم وتجرع كأس الصبر بمرارته اقتربت من مغزى الألم, ربما هو بوتقة ننصهر فيها ونعاد من جديد أكثر انسانية وحبا وحنانا متدفقا لكل المخلوقات , وصلة وطيدة بين العبد وربه , متى أحسنّا فهم ذواتنا في لحظات الألم استوعبنا معنى الوجود ....


=====

أديبتنا الصادقة السامقة الأستاذة : حسنية


ذقتُ للصبر هنا حلاوةً لم أعرفها من قبل لأنك قدمته إلينا مشحونا بلذة الصدق وحلاوة الإيمان ونور اليقين

وصدق الشاعر:


لئن كان طعم الصبر مراً مذاقه = لقد يُجتنى من غبه الثمرُ الحلوُ



بارك الله فيك ، وأسعدك الباري في الدارين وحفظك لنا نبراس خير
ومعين نور



مصطفى

مازن سلام
11-12-2007, 04:43 PM
المبدعة الفاضلة السيدة حسنية تدركيت المحترمة
نصّ إنسانيّ فيه من الحكمة الكثير الكثير
ـ أخشى أن يتهمني البعض بتعكير صفو القراءة و التأمّل , فالمعذرة مسبقاً..

ضُمني وأعطني بعضاً أو كل حنانك ، لا تستبقى شيئاً
و اعطِني / لا تستبق ِ .

أن نجعل لِرشفة الشاي مهرجاناً يومي ننتظره
مهرجاناً يومياً.

فلا طاب له مكانً ولا زماناً
مكانٌ / زمانٌ (فاعل)

صغاراً مثل الورد تصرخ
صغارٌ / يصرخون .
شكراً على حثـّنا فهم ذواتنا كي ننبش الإنسانية المدفونة في أعماقنا.
.....
كل التحية
مازن سلام

د. مصطفى عراقي
11-12-2007, 05:03 PM
أخانا الفاضل الأستاذ مازن سلام

أستأذن أديبتنا الغالية لأشكرك على غيرتك الحميدة على لغتنا الجميلة ولكن اسمح لي ببيان أن الصواب في كلمة(أعطني ) ماذكرته أديبتنا لأنه من أعطى الرباعي فتكون همزته همزة قطع.

وجزاك الله خير الجزاء عن ملحوظاتك القيمة.


ودمتم بكل الخير


مصطفى

محمد الأمين سعيدي
11-12-2007, 06:55 PM
حين تجتمع الإنسانية مع الإيمان تكون الحياة أجمل..
لنصك طعم السكر و طعم البن ..بل إنه كأس من الشاي الصحراوي يحمل صاحبه على فتل شاربه..
أعترف أنني كلما أقرأ نصوصك أزداد عذوبة و رقة على الرغم من الحزن الطاغي بين سطورها

حسنية تدركيت
11-12-2007, 08:12 PM
ما أجمل ثمار الحرف حين تجتمع بذرة المعنى واللفظ لتخرج نباتا طيبا أُكلهُ مثل هذا .
عزيزتي :
تحية لا تبلى ولا تنضب .
الرائعة سمو الأجمل تواجدك المميز
شكرا يارقيقة على مرورك الجميل :001:

حسنية تدركيت
11-12-2007, 08:25 PM
الندية الرقيقة حسنية
أنا هنا أصمت
وأحمل أبجديتي وأمضي
وقبل كل هذا أثبت النص لما فيه من إيمان عميق بالله تعالى
ويقين بأن الفرج آت لا محالة
وكل ذلك صغتيه بروعة لا تضاهى
صورت الموقف بمنتهى الدقة
رائعة بصدق
نص مؤثر جدا
محبتي لك وتقديري
نور سمحان الحبيبة سعدت والله بك وبطيبتك
وبمرورك العطر ربي يكرمك دنيا واخرة :001:

حسنية تدركيت
11-12-2007, 08:29 PM
حسنية الجميلة
تحية طيبة لعطر قلمكِ
وجمال مساحاتك وعزف حروفك
أوراقكِ دائماً منيرة
بصدق العاطفة والشفافية
سلمت بما قدّمت
محبتي لكِ
مروة الغالية ربي يعد قلبك الطيب
ربي ينير دربك بالحب والاخلاص
دمت بخير وسعادة:001:

حسنية تدركيت
11-12-2007, 08:34 PM
=====
أديبتنا الصادقة السامقة الأستاذة : حسنية
ذقتُ للصبر هنا حلاوةً لم أعرفها من قبل لأنك قدمته إلينا مشحونا بلذة الصدق وحلاوة الإيمان ونور اليقين
وصدق الشاعر:

لئن كان طعم الصبر مراً مذاقه = لقد يُجتنى من غبه الثمرُ الحلوُ
بارك الله فيك ، وأسعدك الباري في الدارين وحفظك لنا نبراس خير
ومعين نور
مصطفى
الأخ د.مصطفى عراقي جزاك الله خيرا مروك أخي شرف لي
أعتز بكل كلمة كتبتها هنا وأعتبرا تتويج لي
بارك الله فيك أخي
دمت بخير

مازن سلام
11-12-2007, 10:50 PM
أخانا الفاضل الأستاذ مازن سلام
أستأذن أديبتنا الغالية لأشكرك على غيرتك الحميدة على لغتنا الجميلة ولكن اسمح لي ببيان أن الصواب في كلمة(أعطني ) ماذكرته أديبتنا لأنه من أعطى الرباعي فتكون همزته همزة قطع.
وجزاك الله خير الجزاء عن ملحوظاتك القيمة.
ودمتم بكل الخير
مصطفى

الفاضل الأديب د. مصطفى عراقي المحترم
... و هذه عينك الطيبة أصلحت ما أفسدتـُه... فمن اللغة المعذرة و من السيدة حسنية تدركيت كذلك على هفوتي و لك كل الشكر على الملاحظة , و سوف لن أنسى قاعدة الفعل الرباعي بعد اليوم و لا أعلم كيف غفلت عنها.
كل التحية
مازن سلام

راضي الضميري
12-12-2007, 01:19 AM
الأخت الفاضلة الأديبة حسنية

أيتها الطيبة ، كلما قرأت نصًا لك أعود إلى نفسي وإلى حياتي كلها .

نص رائع بكل معنى الكلمة

جزاك الله عنا خير الجزاء .

تقديري واحترامي

علي الزهراني
12-12-2007, 04:56 AM
المبدعة: حسنية 00
نص مفعم بالجمال بالألق 000
نص يحلِّق في سماء الإبداع
نص نثري مدهش وعجيب
والله أستمتعتُ بقراءته ونحيب سطوره
وجمال تراكيبه وجدة تصويره
حسنية شكرا لكِ على هذا النص

حنان الاغا
12-12-2007, 10:23 AM
عندما نعد مزيجا من الصبر والأمل ونضيف إليهما قطرات من فيض روح رقيقة صادقة طيبة ، سنحصل بالضرورة على مزيج هو وصفة سحرية للألم .
ومثلك حسنية من يستطيع ضبط الجودة.

جميل جدا ومؤثر جدا

محبتي دائما :0014:

سحر الليالي
12-12-2007, 11:14 AM
الغ ــالية " حسنية"

مــا ألــذ ثمارك ...!!!
لــله نبضك يا ندية..!!

سلمت يا نبض من نور...

لك ودي وتراتيل ورد

حسنية تدركيت
12-12-2007, 06:47 PM
المبدعة الفاضلة السيدة حسنية تدركيت المحترمة
نصّ إنسانيّ فيه من الحكمة الكثير الكثير
ـ أخشى أن يتهمني البعض بتعكير صفو القراءة و التأمّل , فالمعذرة مسبقاً..
و اعطِني / لا تستبق ِ .
مهرجاناً يومياً.
مكانٌ / زمانٌ (فاعل)
صغارٌ / يصرخون .
شكراً على حثـّنا فهم ذواتنا كي ننبش الإنسانية المدفونة في أعماقنا.
.....
كل التحية
مازن سلام
أخي الفاضل مازن سلام جزاك الله خيرا
يسعدني متابعتك ونصح لي ربي يبارك فيك
دمت بخير أخي

حسنية تدركيت
12-12-2007, 07:02 PM
أخانا الفاضل الأستاذ مازن سلام
أستأذن أديبتنا الغالية لأشكرك على غيرتك الحميدة على لغتنا الجميلة ولكن اسمح لي ببيان أن الصواب في كلمة(أعطني ) ماذكرته أديبتنا لأنه من أعطى الرباعي فتكون همزته همزة قطع.
وجزاك الله خير الجزاء عن ملحوظاتك القيمة.
ودمتم بكل الخير
مصطفى

جزاك الله خيرا أخي الفاضل
ربي يبارك فيك على تواجدك المميز

د. نجلاء طمان
12-12-2007, 07:32 PM
حسنية أيتها الندية! حلقتِ بنا حيث أبجدية نورانية بينك وبين الوالد العزيز, رحمه الله وأسكنه الفردوس. حلقتِ بنا في جنائن من الروعة العفوية والصوفية الصادقة, أطلتِ لتمتعينا.

دمتِ معبرة ندية

د. نجلاء طمان
الوردة السوداء

حسنية تدركيت
12-12-2007, 11:53 PM
الغالية نجلاء سعدت بمرورك
لكن يا اختي ابي مازال حيا والحمدلله
بارك الله فيك غاليتي

يسرى علي آل فنه
13-12-2007, 05:38 AM
لم يخطر ببالي أبدً وأنا أسمع إسمي أنه عليَ أن أجتاز حواجز الألم إلى نهايته ، إلى طعم الصبر المُر والحلو معاً , الممرات الضيقة لم تَسَع أملي في الله ، فاض عني أملي إلى ابتسامة يعلم الله سبحانه وتعالى إلى أي مدى ساهمت في أن تستقر خفقات قلبه وهو يسرع الخُطى إلى المجهول ، قدرك معي فليكن الصبر سلاحنا معاً , لم أستطع في غمرة الأحداث أن أنظر إلى عينيه الرماديتين ، لكنني أحسست بكفه الحانية تربت على كتفي برفق بالغ وكلمات أراد لها أن تكون البلسم, وبنفس الطريقة الحلوة التي كان يناديني بها تمتم :لا تحزني قُرَة عيني ، أنا معكِ ولن أترككِ أبداً حتى أطمئن عليك , أي حُب تخفيه في شرايين طيبتك وحنانك الإنساني الكبير ....؟؟
مازلت أتابع خطواتك يمينا وشمالا والأسِرَة البيضاء بدأت تَلَوِح لي بإشارات تنبيه أن اقتربت من مكان الاختبار , اختبار صبري وجلدي, بعد لحظات سيفارقني أبي وسأبقى بمفردي أقَلِب الذكريات من مُخَيلتي ، تارة أبكي و أخرى أضحك وتبدأ الحكاية التي لا تنتهي أبداً إلا بشخصية أخرى انبثقت من هنا ...
أخذت الطبيبة تشرح لي بقسوة مُتعَمَدَة الخطوات الأولى في العلاج , هكذا بَدَت لي أنها قاسية , ملامحها جامدة لا تُعَبِر عن أي تعاطُف أو شفقة , تحاول جاهدة أن توصل لي أن علي أن أواجه المصاعب بعيدا عن أبي ...
كان يراقِب انفعالاتي ويعلم الله كم عانيت حينها في كتم مخاوفي ، كنت أرتجف وأجاهد نفسي أن أحافِظ على توازني بداخلي صوت متوجس يردد :
لكِ أن ترفضي هذا العناء وتعودي إلى أحضان الأهل والأحباب , وبعفوية كانت خطواتي تقترب من خَوْض غمار تجربة مازالت إلى الآن تؤثر في وتُوَجهني وتٌغَيْر أسلوبي في الحياة , تُعَلمني أن أرى وأسمع شكوى المُتألمين والمهمومين ..
لن أعود وسأمضي في طريقي وسيُثمر الصبر ثماراً حلوة حينما يهبني الله حياة جديدة فيها الشفاء والعافية .............
تمددت على سريري وانطلق بصري خارج الغرفة ، إلى حيث السماء والناس والهواء والشجر تنفست بعُمق هواء نقياً تغلغل إلى سويداء قلبي فمنحني بعضا من السكينة ..
وطغت على حواسي أُمنيَة هربتُ منها مَرات عديدة آن لها أن تأسرني ، ضُمني أبي لعل الخوف والرُعب الذي يكتنف طفلتك المدللة يختفي ، ضُمني وأعطني بعضاً أو كل حنانك ، لا تستبقى شيئاً , أفرِغ عليَ من الحب قطرات ندى كي تغمر روحي فللبُعد أنين ، للشوق حنين ، وللصبر حر نار ، أحسها تلتهم قلبي الصغير , مسافات طويلة ستفصلنا عن بعضنا, وكنا معا قد اتفقنا أن نجعل لِرشفة الشاي مهرجاناً يومي ننتظره ونستعِدَّ له وكأنه العيد , كلانا أبي وجد ضالته في الآخر يُتمَك رويته بحبي الكبير وانكساري جبرته بحنانك الوارف , ظللتني دوماً به وجعلتني أستجمع القوة من براثين الضعف والانهيار, الشلل أعلم أبي أنني أكرهه وأمقُته كما أمقُت البُعد أو أكثر ، لكن كما عَلَمتَني الإيمان يصنع المعجزات فقد نما بيني وبينه حب عجيب إذ كلما كبُر علي أني أعجز عن المشي تذكرت كلماتك النورانية إذا أحَب الله قوما ابتلاهم
نزلت برداً وسلاماً على فؤادي المكلوم , وأي شيء أروع وأجمل من حب الله , هاأنا ذا أنعم بحُبه وليأخذ مني الشلل كما يُحب الله ويرضى فقط رجائي أن يهب لي يقينا لا يتزعزع وإيمانا لا يفتر , الآن أبي أُدرِك نِعمة أن يكون لك إنسان رحيم يُحبك ويُحيطك برعايته وعطفه الكبير , قلت لي مرة لن أكون سعيداً حتى أراكِ أمامي تركضين بدون عائق ، لُذتَ بالصمت للحظات ثم أردفتَ : سيستجيب الله لي ففي كل سجدة أدعوه أن يمنحكِ الصحة والعافية , أنتَ نعمة كبيرة ، علي ألا أكُف عن أن أحمِد الله عليها , أن أُكثِرمن الاستغفار لأنني مرات كثيرة ظننت أنني محرومة من النِعَم ، يسبح النظر بعيدا في أفاق بعيدة ، الشجر يتراقص يُمنَة مرة وشمالاً أخرى وكأن الشوق برحه فلا طاب له مكانً ولا زماناً ، مثلي يشتكي الغُربة والألم يبُث مولاه أحزانه عله يروي عطشه بسلسبيل رضاه ....
حركة دائبة لا تتوقف في ممرات المستشفى ، صغاراً مثل الورد تصرخ من شدة الألم والخوف , بدأت أجد ما يشغلني فهذا يسأل عن أُمه وهذه تبكي خائفة من المُمرضة وهذا يؤلمه الجُرح الغائر ، أحاول أن أرسم البسمة على شفاههم الصغيرة الحلوة ، ألعب معهم وأسَليهم ، وأحكي لهم قصصاً وحكايات ليطمئن الخافق في الأعماق ولا أتركهم إلا والنوم يُداعب عيونهم بعد عناء يوم طويل ، فأعود لسريري مُنْهَكَةً ، لكن روحي تُحَلِق في عالمهم الطاهر والنقي أبي تعلمت هنا أن أكون إنساناً يتألم ، من أجل الآخرين ويفرح من أجلهم وتتلاشى همومه وأحزانه بابتسامة أمل يرسمها على الملامح الصغيرة.......
هل أستطيع أن أُعَبِر عن أحلام اليقظة التي أنعشت روحي حينئذ !!وكانت بحق طوق نجاة من بحر اليأس الذي غُصت فيه ؟ إنه لشيء أقرب إلى المُحال أن تطلب من الكلمات أن تصف شيئاً حياً يسكُن أعماق وجدانك ، يوجهك رغماً عنك إلى عالم غير مرئي , كنت أناجي الله في كل ليلة وتظهر لي في ظلمات الليلة طفلة أجبَرها الشلل على أن تظل حبيسة الجُدران ، كانت ذات مساء تبتهِل إلى الله وتُلِح عليه في الدعاء بأن يَمُن عليها بالشفاء ، ومن فوق سبع سموات أجاب الله لها الدعاء ، وهي الطفلة التي قد لا يُعيرها الآخرون أي اهتمام , كنت أنا المستغيثة برحمة ربها , فأجهشت بالبكاء وأنا أرى نفسي وقد غمرني الله بعظيم المِنَن والنِعَم فهو سبحانه الكريم الذي لا يرُد من دعاه , تساقطت دموعي غزيرة على وسادتي , وسمع الليل مناجاتي وحكي عني شوقي ولهفتي إلى كرم مولاي عليَ من جديد ..........
ترقص الأماني على أشعة الشمس فتلفح ذاكرتي بحرِّ ولعها بأن تسرع الأيام والليالي إلى حيث أتمنى ,
أبي الغالي لو أبصرتني الآن ما تَعَرفت عليً فقد تَغَيَر كل شيء ، كان شعري الذي تمتع طويلا بلمستك الحانية هو أول الضحايا ، أنكرت وجهي في المرآة ولكنني ابتسمت مُنتصرة على الألم ، وتسابقت آلاف الأفكار إلى ذهني بصور لها ألوان شتى ، ممزوجة بالفرح تارة والحزن تارة أخرى ، واللهفة والشوق إلى طفلة تسكنني .....
محاولة الهرب روادتني كثيرة غير أن خطاي دوما كانت تتحرك عكس تفكيري , آهات المرضى اخترقت جدار الصمت بداخلي وجعلتني أفكر في فلسفة الألم, ماهو ؟؟ ..........
عندما أعجزعن الجواب أعود لذاتي أفتش عن الخلل , إذ كل مافي الكون بدون شك له حكمة بليغة .........
كلما جاء دوري في الإحساس بالألم وتجرع كأس الصبر بمرارته اقتربت من مغزى الألم, ربما هو بوتقة ننصهر فيها ونعاد من جديد أكثر انسانية وحبا وحنانا متدفقا لكل المخلوقات , وصلة وطيدة بين العبد وربه , متى أحسنّا فهم ذواتنا في لحظات الألم استوعبنا معنى الوجود ....


أخيتي الحبيبة الراقية حسنية

كعادتك تحلقين بنا في سماء البيان والعذوبة بقلبك النقي المرهف وفكرك الراقي
وتحطين بنا في دوحةٍ من السكينة الأمل
وجدتني اتذكر معكِ وقتاً وقفت فيه منبهرة في مدرسة لأناس أراهم الإصحاء قلباً وإن اعتل الجسد ولقد سجلتها في دفتر خواطري من عشر سنوات ربما اكثر ولي رغبة بإن أدرجها الآن بين دفء حرفك المميز

****
في مدرسة الأمل

لا أبالغ عندما أصف الشعور الذي انتابني عند رؤيتي لهم في تلك المدرسة بأنني ازددت حبا للتحدي ،استشعرت لحظتها أنني لم أقاسي بعد شيئا من عنت الحياة وأردت أن يتسع حضني ليضمهم جميعاأردت ألا أذرف تلك الدمعة الساخنة والعذبة ، أول مرة أشعر بأّن للدموع عذوبة قد تختلج مع زفرات أنفاس دافئة لم أرثي لحالهم بقدر رثائي لأحوال الأصحاء منا رثيت لصغر عقولنا ولاستعظامنا صغائر الهموم في حين أن من يرى هؤلاء الناس يشعر بأن حنايا وجوانب الأرض تنظر إليهم بنظرة الفخر وتقول نعم يارب ماأشد ما ابتليتهم به ولكن الأعظم هو الصبر الذي وهبتهم إياه صبر وإي صبر ياليت لي قطرة منه
اللهم أعنهم وأعنا على الإعتبار والشكر اللهم امين
أتمنى ان ألتقي بهم ثانية وهم في أحسن حال وأن تفرش لهم الدنيا بساط السعادة الرائع.

********
حسنية تقبلي محبتي لكِ وسعادتي بما أقطفه من جمال نبضك

د. نجلاء طمان
13-12-2007, 07:41 AM
حسنية الندية!

لا أظنني فزعت في حياتي من موقف, مثلما فزعت من هذا الموقف. أنا أعتذر بشدة عن فهمٍ خطأ فهمته أنا هنا من نثرك النوراني, هناك فقرة أوحت لي بهذا الفهم الخطأ:

"أبي الغالي لو أبصرتني الآن ما تَعَرفت عليً فقد تَغَيَر كل شيء ، كان شعري الذي تمتع طويلا بلمستك الحانية هو أول الضحايا ، أنكرت وجهي في المرآة ولكنني ابتسمت مُنتصرة على الألم ، وتسابقت آلاف الأفكار إلى ذهني بصور لها ألوان شتى ، ممزوجة بالفرح تارة والحزن تارة أخرى ، واللهفة والشوق إلى طفلة تسكنني ....."

عذراً , هو العيب فيّ لا فيكم, فأرجو أن تسامحي أختك.

أطال الله عمر الوالد العزيز, ومنحه ألف عمر على عمره, والله لو كان بيدي, كنت اقتطعت له جزءً من عمري , تكفيراً عن خطأي.

دمت بكل الخير

د. نجلاء طمان

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:15 PM
أخانا الفاضل الأستاذ مازن سلام
أستأذن أديبتنا الغالية لأشكرك على غيرتك الحميدة على لغتنا الجميلة ولكن اسمح لي ببيان أن الصواب في كلمة(أعطني ) ماذكرته أديبتنا لأنه من أعطى الرباعي فتكون همزته همزة قطع.
وجزاك الله خير الجزاء عن ملحوظاتك القيمة.
ودمتم بكل الخير
مصطفى

أخي الفاضل د.مصطفى عراقي جزاك الله خيرا
وكل عام وأنت إلى الله أقرب وأسعد دوما يارب

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:19 PM
حين تجتمع الإنسانية مع الإيمان تكون الحياة أجمل..
لنصك طعم السكر و طعم البن ..بل إنه كأس من الشاي الصحراوي يحمل صاحبه على فتل شاربه..
أعترف أنني كلما أقرأ نصوصك أزداد عذوبة و رقة على الرغم من الحزن الطاغي بين سطورها

ربي يسعد قلبك أخي الطيب محمد الأمين سعيدي
وكل عام وأنت إلى الله أقرب وأسعد
وشكرا على المرور الرائع

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:22 PM
الفاضل الأديب د. مصطفى عراقي المحترم
... و هذه عينك الطيبة أصلحت ما أفسدتـُه... فمن اللغة المعذرة و من السيدة حسنية تدركيت كذلك على هفوتي و لك كل الشكر على الملاحظة , و سوف لن أنسى قاعدة الفعل الرباعي بعد اليوم و لا أعلم كيف غفلت عنها.
كل التحية
مازن سلام

شكرا أخي الفاضل هذه المتابعة الرائعة
كل عام وأنت بالف خير وسعادة

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:25 PM
الأخت الفاضلة الأديبة حسنية
أيتها الطيبة ، كلما قرأت نصًا لك أعود إلى نفسي وإلى حياتي كلها .
نص رائع بكل معنى الكلمة
جزاك الله عنا خير الجزاء .
تقديري واحترامي

راضي الضميري أخي الفاضل تعلم أن مرورك دوما يسعدني جدا
ربي يبارك فيك ويجزيك خيرا ,كل عام وأنت بالف خير

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:27 PM
المبدعة: حسنية 00
نص مفعم بالجمال بالألق 000
نص يحلِّق في سماء الإبداع
نص نثري مدهش وعجيب
والله أستمتعتُ بقراءته ونحيب سطوره
وجمال تراكيبه وجدة تصويره
حسنية شكرا لكِ على هذا النص

اخي الفاضل علي الزهراني جزاك ربي الجنة
شكرا على تواجدك المتميز
كل عام وانت بخير

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:29 PM
عندما نعد مزيجا من الصبر والأمل ونضيف إليهما قطرات من فيض روح رقيقة صادقة طيبة ، سنحصل بالضرورة على مزيج هو وصفة سحرية للألم .
ومثلك حسنية من يستطيع ضبط الجودة.
جميل جدا ومؤثر جدا
محبتي دائما :0014:

حنان الرقيقة ربي يسعد قلبك الطيب
كلامك رائع اختي ربي يبارك فيك
كل عام وانت بالف خير:001:

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:31 PM
الغ ــالية " حسنية"
مــا ألــذ ثمارك ...!!!
لــله نبضك يا ندية..!!
سلمت يا نبض من نور...
لك ودي وتراتيل ورد

سحر الليالي الجميلة جزاك ربي الجنة
دمت لي اختي الحبيبة ولاحرمني الله منك
كل عام وانت بخير وسعادة :001:

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:35 PM
أخيتي الحبيبة الراقية حسنية
كعادتك تحلقين بنا في سماء البيان والعذوبة بقلبك النقي المرهف وفكرك الراقي
وتحطين بنا في دوحةٍ من السكينة الأمل
وجدتني اتذكر معكِ وقتاً وقفت فيه منبهرة في مدرسة لأناس أراهم الإصحاء قلباً وإن اعتل الجسد ولقد سجلتها في دفتر خواطري من عشر سنوات ربما اكثر ولي رغبة بإن أدرجها الآن بين دفء حرفك المميز
****
في مدرسة الأمل
لا أبالغ عندما أصف الشعور الذي انتابني عند رؤيتي لهم في تلك المدرسة بأنني ازددت حبا للتحدي ،استشعرت لحظتها أنني لم أقاسي بعد شيئا من عنت الحياة وأردت أن يتسع حضني ليضمهم جميعاأردت ألا أذرف تلك الدمعة الساخنة والعذبة ، أول مرة أشعر بأّن للدموع عذوبة قد تختلج مع زفرات أنفاس دافئة لم أرثي لحالهم بقدر رثائي لأحوال الأصحاء منا رثيت لصغر عقولنا ولاستعظامنا صغائر الهموم في حين أن من يرى هؤلاء الناس يشعر بأن حنايا وجوانب الأرض تنظر إليهم بنظرة الفخر وتقول نعم يارب ماأشد ما ابتليتهم به ولكن الأعظم هو الصبر الذي وهبتهم إياه صبر وإي صبر ياليت لي قطرة منه
اللهم أعنهم وأعنا على الإعتبار والشكر اللهم امين
أتمنى ان ألتقي بهم ثانية وهم في أحسن حال وأن تفرش لهم الدنيا بساط السعادة الرائع.
********
حسنية تقبلي محبتي لكِ وسعادتي بما أقطفه من جمال نبضك

رائعة يسرى بتواجدك الطيب
والاروع ما كتبت هنا ربي يبارك فيك
وكل عام وانت بخير وسعادة :001:

حسنية تدركيت
14-12-2007, 06:37 PM
نجلاء الغالية لا عليك اختاه
ربي يسعدك دنيا واخرة
كل عام وانت بالف خير:001:

جوتيار تمر
19-12-2007, 03:30 PM
الندية حسنية.............

لااعلم اذا كنت مررت هنا ام لا............

لكن اذا كنت فلابأس ان ان اعود لاقول لك ......اضحى مبارك وكل عام وانت بالف الف خير

واذا لا اغفري لي تقصيري......تعلمين باني احب حرفك جدا

كوني بخير

محبتي لك
جوتيار

بابيه أمال
19-12-2007, 10:45 PM
الغالية حسنية الندية..

الصَّبْرُ كَالصَّبْرِ مر في تذوقه= لكن عواقبه أحلى من العسل

هذا البيت وجدته في دماغي ولا أدري متى حملته عليه بالظبط، قد تكون المدة تزيد عن 15 سنة أو أكثر، لكني ما فتئت أجد له جميل وقع وعبرة كلما تجسدت أمامي مشكلة أو أزمة من أزمات الحياة..
لكني الآن، وبعد قراءة نصك المتصبر هذا فوق كل طاقات الاحتمال، أشعر أن ما في البيت لا يتحدث عني بل لا يقصدني حتى !
ولأكن صريحة وعفوية أكثر، أقول أني والله أشعر بالخجل على ما أدندن به من صبر وتصبر لا يساوي شيئا أمام ما أراه لك من قوة عزيمة على الاحتمال شاكرة لله وحامدة إياه على البلوى كيفما كانت !
أسأل الله أن يجعلك ممن يفرحون للصبر يوم لقياه، فيعوضهم عما قاسته النفس والروح من كريم بلوى نراها في دنيانا شديدة الاحتمال ونحمد وقعها يوم العرض بين يديه..

وأسأل الله أن تبقى حروفك هكذا حسنة نقرأها لك دائما..
مودتي في الله..

حسنية تدركيت
20-12-2007, 12:20 PM
الندية حسنية.............
لااعلم اذا كنت مررت هنا ام لا............
لكن اذا كنت فلابأس ان ان اعود لاقول لك ......اضحى مبارك وكل عام وانت بالف الف خير
واذا لا اغفري لي تقصيري......تعلمين باني احب حرفك جدا
كوني بخير
محبتي لك
جوتيار

جوتيار صباح الخير والسعادة
مرورك اسعدني ككل مرة
شكرا جزيلا لك

حسنية تدركيت
20-12-2007, 12:23 PM
الغالية حسنية الندية..

الصَّبْرُ كَالصَّبْرِ مر في تذوقه= لكن عواقبه أحلى من العسل
هذا البيت وجدته في دماغي ولا أدري متى حملته عليه بالظبط، قد تكون المدة تزيد عن 15 سنة أو أكثر، لكني ما فتئت أجد له جميل وقع وعبرة كلما تجسدت أمامي مشكلة أو أزمة من أزمات الحياة..
لكني الآن، وبعد قراءة نصك المتصبر هذا فوق كل طاقات الاحتمال، أشعر أن ما في البيت لا يتحدث عني بل لا يقصدني حتى !
ولأكن صريحة وعفوية أكثر، أقول أني والله أشعر بالخجل على ما أدندن به من صبر وتصبر لا يساوي شيئا أمام ما أراه لك من قوة عزيمة على الاحتمال شاكرة لله وحامدة إياه على البلوى كيفما كانت !
أسأل الله أن يجعلك ممن يفرحون للصبر يوم لقياه، فيعوضهم عما قاسته النفس والروح من كريم بلوى نراها في دنيانا شديدة الاحتمال ونحمد وقعها يوم العرض بين يديه..
وأسأل الله أن تبقى حروفك هكذا حسنة نقرأها لك دائما..
مودتي في الله..


امال الحبيبة ربي يجزيك عني خير الجزاء
ويجعلنا من اهل الجنة امال مرورك
هذا نقش على جدران القلب ولن انساه ابدا
شكرا جزيلا على التواجد الرقيق والجميل جدا :001: