تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البحث في الديجور..!



د. مصطفى عراقي
16-12-2007, 08:40 AM
البحث في الديجور..!
(من أوراق جحا: )
وهذه يا بناتي الفضليات وأبنائي الأحباب حادثة من الحوادث التي جرت لعمكم جحا في قديم الزمان ومازلتم تتندرون بها ساخرين ضاحكين!
بينما كنت أنا وحماري نجوب الصحراء ليلا في طريقٍ مظلمٍ قاصدين إلى دكاني الجديد لأدركه فجرا ، رحت أترنم بأغنية ألفتها في حينها ولحنتها أيضا ، أقول فيها :

"ها أني أمضي سعيدْ = نحو دكاني الجديد
ومعي المفتاح مشتـــــــــ = ــاقا ويرنو من بعيد
قاصدا ربا كريما = أطلب الرزق الرغـــيدْ
وكنت أثناء الغناء ألهو بالمفتاح مع نغمات الأغنية أقذفه في الهواء، ثم ألتقطه أفعل ذلك مرارا ، فإذا به ذات مرة يسقط مني في حفرة من حفر الطريق الغارق في دجى الظلام البهيم!
فنزلت لأبحث فوجدت الظلام يهجم علي كقطع الليل المظلم
فقلت لنفسي ولحماري معا:
في هذا الظلام البهيم (صفة للظلام وليس للحمار) لا أمل لي في العثور على المفتاح ،
وبينا أنا في همي وغمي لمحت من بعيدٍ نورا ينبعث فسحبت نفسي وحماري المتشبث بالمكان كأنه كان يبحث معي عن المفتاح ، فتوجهتُ به إلى ناحية النور
فأدركت حين وصلت قوما مجتمعين حول نار :

فكأنهم والنار من حولهم *** قومٌ جلوس حولهم نارُ!
كما فعل شاعرٌ مسكين مثلي !
وعلا نهيق حماري لا أدري استحسانا بما قلت أم استهجانا؟!
فألقيت عليهم السلام فردوا التحية بأحسن منها ، وطفقتُ أبحث قُدَّامهم عن المفتاح الضائع هناك! غير معنيٍّ بهم، وبأسمارهم.

ورحت أذرع المكان جيئة وذهابا ، أبحثُ بهمة ونشاطٍ ودأَب واجتهاد
سألني أوسطهم:
- عم تبحث يا عمي جحا
(لا ادري كيف عرفني)
- أبحث عن المفتاح.
- أي مفتاح
- مفتاح الدكان
- أي دكان
- دكان الحبوب والغلال
- ومتى سقط منك هنا؟
- إنه لم يسقط هنا!
تعجب القوم وتصايحوا :
- لم يسقط هنا؟ عمَّ تبحث إذن يا رجل ؟
(يبدو أنهم نسوا اسمي ، ونسوا ما قلته لهم )
- عن المفتاح
قال كبيرهم:
- تقول إنه لم يسقط هنا؛ فأين سقط ؟
فقلت وأنا أشير إلى الجهة المظلمة المقابلة : لقد سقط هناك في حفرة من هاتيك الحفر .
قال أصغرهم: "يا لك من أحمق كما يقول جيرانك عنك!
يسقط هناك ، وتبحث عنه هنا!
قلت له : سامحك الله ، أوتريدني أن أبحث عنه في الظلام؟
فأنهي القوم حوارهم معي ضاجِّين في الضحك.
/
/
/
ومازلتم أنتم أيضا تضحكون عندما تروون هذه الحادثة
رغم أنكم تفعلون ما فعلتُ بل أشد
ألم تضيعوا مفتاح القدس الشريف في القدس الشريف وما زلتم تبحثون عنه في كل مكان إلا هناك؟!
مرة في باندونج
ومرات في كامب ديفيد
وثالثة في أوسلو
ورابعة في
وخامسة في
و في مجلس فزعٍ تسمونه كذبا وزورا بمجلس الأمن.
ومنكم من كان يبحث عنه في روسيا
ومنكم من راح يبحث عنه بكل ما أوتي في أمريكا
بل إن منكم من راح يحارب إخوانه بدلا من أن يحارب الأعداء لينتزع المفتاح من أيديهم.
مع أنكم تدركون جميعا أين سقط منكم؟ وكيف؟
فكيف تتندرون علي وقد فعلتم ما فعلت بل أسوأ؟
على الأقلِّ أنا رحت أبحث عنه في النور ،
وأنتم ما تزالون تبحثون عنه في الديجور!

حسام القاضي
17-12-2007, 10:29 PM
أخي الحبيب وأستاذي القدير / د. مصطفى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً أرجو أن تبلغ سلامي للعم جحا ؛فمن نوادره نتعلم الكثير
رحلة شيقة ما بين حكي وغناء طريف ، ثم الفكاهة المعلمة
نادرة ربما يعرفها الكثيرون منا ويحكونها ، ولكن الجديد هنا
هو هذا التوظيف البارع في إسقاط تلك النادرة على حاضرنا
المؤلم..
ألم تضيعوا مفتاح القدس الشريف في القدس الشريف وما زلتم تبحثون عنه في كل مكان إلا هناك؟!
مرة في باندونج
ومرات في كامب ديفيد

و......و....
ثم
فكيف تتندرون علي وقد فعلتم ما فعلت بل أسوأ؟
على الأقلِّ أنا رحت أبحث عنه في النور ،
وأنتم ما تزالون تبحثون عنه في الديجور![/b]
[B]
عمل راق حقق المعادلة الصعبة ( المتعة والفائدة والرقي)
لكنه يجعلنا في حالة حيرة بين الضحك والبكاء ؛ فهو أشبه بالكوميديا السوداء.
تقبل تقديري واحترامي.

د. مصطفى عراقي
23-12-2007, 07:28 PM
أخي الحبيب وأستاذي القدير / د. مصطفى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً أرجو أن تبلغ سلامي للعم جحا ؛فمن نوادره نتعلم الكثير
رحلة شيقة ما بين حكي وغناء طريف ، ثم الفكاهة المعلمة
نادرة ربما يعرفها الكثيرون منا ويحكونها ، ولكن الجديد هنا
هو هذا التوظيف البارع في إسقاط تلك النادرة على حاضرنا
المؤلم..

و......و....
ثمb]
[B]
عمل راق حقق المعادلة الصعبة ( المتعة والفائدة والرقي)
لكنه يجعلنا في حالة حيرة بين الضحك والبكاء ؛ فهو أشبه بالكوميديا السوداء.
تقبل تقديري واحترامي.




أخي الحبيب الغالي الأديب العالي الأستاذ حسام القاضي


وصل سلامك الجميل

وشكرا لهذا الحضور السني العامر بالحكمة والوعي

فلك الود صافيا ، والتحية طيبةً والدعاء صادقا

ولا حرمنا الله إطلالتك المشرقة



أخوك: مصطفى

محمد المختار زادني
23-12-2007, 07:44 PM
البحث في الديجور..!
(من أوراق جحا: )
وهذه يا بناتي الفضليات وأبنائي الأحباب حادثة من الحوادث التي جرت لعمكم جحا في قديم الزمان ومازلتم تتندرون بها ساخرين ضاحكين!
بينما كنت أنا وحماري نجوب الصحراء ليلا في طريقٍ مظلمٍ قاصدين إلى دكاني الجديد لأدركه فجرا ، رحت أترنم بأغنية ألفتها في حينها ولحنتها أيضا ، أقول فيها :

"ها أني أمضي سعيدْ = نحو دكاني الجديد
ومعي المفتاح مشتـــــــــ = ــاقا ويرنو من بعيد
قاصدا ربا كريما = أطلب الرزق الرغـــيدْ
وكنت أثناء الغناء ألهو بالمفتاح مع نغمات الأغنية أقذفه في الهواء، ثم ألتقطه أفعل ذلك مرارا ، فإذا به ذات مرة يسقط مني في حفرة من حفر الطريق الغارق في دجى الظلام البهيم!
فنزلت لأبحث فوجدت الظلام يهجم علي كقطع الليل المظلم
فقلت لنفسي ولحماري معا:
في هذا الظلام البهيم (صفة للظلام وليس للحمار) لا أمل لي في العثور على المفتاح ،
وبينا أنا في همي وغمي لمحت من بعيدٍ نورا ينبعث فسحبت نفسي وحماري المتشبث بالمكان كأنه كان يبحث معي عن المفتاح ، فتوجهتُ به إلى ناحية النور
فأدركت حين وصلت قوما مجتمعين حول نار :

فكأنهم والنار من حولهم *** قومٌ جلوس حولهم نارُ!
كما فعل شاعرٌ مسكين مثلي !
وعلا نهيق حماري لا أدري استحسانا بما قلت أم استهجانا؟!
فألقيت عليهم السلام فردوا التحية بأحسن منها ، وطفقتُ أبحث قُدَّامهم عن المفتاح الضائع هناك! غير معنيٍّ بهم، وبأسمارهم.
ورحت أذرع المكان جيئة وذهابا ، أبحثُ بهمة ونشاطٍ ودأَب واجتهاد
سألني أوسطهم:
- عم تبحث يا عمي جحا
(لا ادري كيف عرفني)
- أبحث عن المفتاح.
- أي مفتاح
- مفتاح الدكان
- أي دكان
- دكان الحبوب والغلال
- ومتى سقط منك هنا؟
- إنه لم يسقط هنا!
تعجب القوم وتصايحوا :
- لم يسقط هنا؟ عمَّ تبحث إذن يا رجل ؟
(يبدو أنهم نسوا اسمي ، ونسوا ما قلته لهم )
- عن المفتاح
قال كبيرهم:
- تقول إنه لم يسقط هنا؛ فأين سقط ؟
فقلت وأنا أشير إلى الجهة المظلمة المقابلة : لقد سقط هناك في حفرة من هاتيك الحفر .
قال أصغرهم: "يا لك من أحمق كما يقول جيرانك عنك!
يسقط هناك ، وتبحث عنه هنا!
قلت له : سامحك الله ، أوتريدني أن أبحث عنه في الظلام؟
فأنهي القوم حوارهم معي ضاجِّين في الضحك.
/
/
/
ومازلتم أنتم أيضا تضحكون عندما تروون هذه الحادثة
رغم أنكم تفعلون ما فعلتُ بل أشد
ألم تضيعوا مفتاح القدس الشريف في القدس الشريف وما زلتم تبحثون عنه في كل مكان إلا هناك؟!
مرة في باندونج
ومرات في كامب ديفيد
وثالثة في أوسلو
ورابعة في
وخامسة في
و في مجلس فزعٍ تسمونه كذبا وزورا بمجلس الأمن.
ومنكم من كان يبحث عنه في روسيا
ومنكم من راح يبحث عنه بكل ما أوتي في أمريكا
بل إن منكم من راح يحارب إخوانه بدلا من أن يحارب الأعداء لينتزع المفتاح من أيديهم.
مع أنكم تدركون جميعا أين سقط منكم؟ وكيف؟
فكيف تتندرون علي وقد فعلتم ما فعلت بل أسوأ؟
على الأقلِّ أنا رحت أبحث عنه في النور ،
وأنتم ما تزالون تبحثون عنه في الديجور!


أذكرك أخي الحبيب أن هناك من راح يبحث عن المفتاح

في الحانات والنوادي الليلية في لندن أو في باريس

نص رائع روعة القريحة الفذة

بوركت من أديب أريب

وفاء شوكت خضر
23-12-2007, 08:04 PM
الأديب الشاعر المبدع أستاذي / د. مصطفى عراقي ..


أمام نص كتب بحكمة وحنكة للوصول إلى الغاية أقف باحترام ..
تلميح ورمزية في غاية الروعة ..

تحيتي واحترامي ..

روميه فهد
29-12-2007, 07:01 PM
الدكتور مصطفى ، صاحب الحرف الساخر والقلم الواعي /

كنتُ أقرأ النص ورأس جحا معاً ، عندما نفتش بين السطور
فـ نحن نبحث عن المعاني الحقيقية ، وعندما نستقبل السطر
كما هو، فـ نحن نحتضن حروفاً كونتْ كلمة ذات اتجاه واحد .

جحا العاقل الوحيد الذي احتال على الغباء بـالغباء نفسه
وأضحك الساخرين بالسخرية منهم ، ولعّل نهاية ما أشرت
إليه وضّح لنا ذلك .

المفتـاح يصنع مرة واحدة ويضيع في مكان واحد ،ونحن أسفنا
على بعض نحن ، نثبت أن للمفتاح أرجل تنقله من مكان لآخر
تبعا لأهواءنا ،وعليه ، نمضي في البحث عن المفتاح وننسى
المكان الأصلي .

لا قلّ وعيك دكتورنا الكريم ..

صاحبة الحروف الأربعة

د. مصطفى عراقي
30-12-2007, 05:43 PM
أذكرك أخي الحبيب أن هناك من راح يبحث عن المفتاح
في الحانات والنوادي الليلية في لندن أو في باريس
نص رائع روعة القريحة الفذة
بوركت من أديب أريب


=====

وبارك الله فيك يا أخي الأعز الأغر : الأستاذ محمد المختار زادني


ودامت لنا كلمتك الصادقة الناطقة بالحقِّ ، والخير: نورا، وعبيرا

وحفظك لنا أيها الجليلُ النبيل

أخوك: مصطفى








و

د. مصطفى عراقي
30-12-2007, 05:48 PM
الأديب الشاعر المبدع أستاذي / د. مصطفى عراقي ..
أمام نص كتب بحكمة وحنكة للوصول إلى الغاية أقف باحترام ..
تلميح ورمزية في غاية الروعة ..
تحيتي واحترامي ..

ولك يا أختنا الفضلى وأديبتنا الصادقة الأستاذة فاء
اطيب التحيات ، وأجل الاحترامات ، وأسمى آيات الشكر والتقدير لهذا الحضور المنير النضير


وجزاك الله خير الجزاء

ودمت بكل الخير والسعادة والفضل

ربيحة الرفاعي
14-09-2012, 02:16 AM
نص ساخر استوحى موروث الفكاهة العبية المتداول ليضعها في قالب يحاكي الحاضر فيحمل الفائدة والنفع للمتلقي
حكيما كان اختيار الطرفة وحكيما كان توظيفها

للرفع إبرازا لإبداعات الفقيد

رحمكم الله فقيدنا العزيز د. مصطفى عراقي