تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الألوية



سامي العامري
18-12-2007, 05:36 AM
الألوية
*********
سامي العامري
*********
قمرٌ كعُرفِ الديكِ يرفلُ في الليالي
كسِراجِ ساحرةٍ تُدَلِّيهِ الغيومُ
وتَحتَهُ طفلٌ تناومَ في حكايات السعالي !
حتى إذا ألفيتُني أمشي وحيداً
والجميعُ مضوا لنومٍ هانيءٍ
فهناكَ الفُ حكايةٍ تُروى
وراويها خيالي
مَنْ علَّمَ الأشعارَ طبْعَ الحانةِ المِدرارَ ؟
قد أصبحتُ أرشيفَ الدموعِ
وسِرَّ أسرارِ المدينةِ ,
والمدينةُ لا تُبالي
دَعْها فِدى أوهامِها
أو هَبْ أنْ إهتَزَّتْ حنيناً مثلَ فاكهةٍ
فهل يقوى الهواءُ على المَسيرِ بِبُرتُقالِ !؟
او هل تَرى يَدُكَ المُقَدَّسةُ الذي فعَلتْ بباخرتي ؟
فقد رفَعَتْ رئاتي العشرَ ألويةً الى شَطِّ الفراتِ
فيا فراتُ إذنْ غَزَوتُكَ
وانتصَرْتُ بلا قِتالِ
وهنا كذلك قد غزوتُ
وطالما كانَ الشراعُ الهُدْبَ
بالأمسِ القريبِ
وكانت الأمواجُ عَينَيها
وأطيارُ السواحلِ رَفَّ نظراتٍ
تَحُطُّ على الفؤادِ
فينزوي مُتَحَرِّجاً بحرُ الشمالِ !
ولطالما طالَ الحنينُ بمُهجتي لعذابِها
فاذا العذابُ يبيتُ عنها بإنشغالِ
بِمَنْ انشغَلتَ تُرى ؟
بأيَّةِ مُهجةٍ ؟
اوَ لَمْ تكنْ تكفي قلاعي الشامِخاتُ ممالكاً لكَ
والجِنائنُ مسرحاً ؟
فلقد عهدْتُكَ يا عذابُ مُنادِماً
تحسو مع الأنغامِ كاساتي النميرة َحَنظلاً حَدَّ الزلالِ !
العمرُ يرسلُ لي رسائلَ عن خريف العمر
أنكُرُها , أروحُ مُوقِّعاً بأصابع الأورادِ
إمعاناً بتحريف الرسائلِ
ناقِلاً ما خُطَّ من حالٍ لحال ِ
وتَطَلَّعتْ نفسي البعيدةُ للمَجيءِ
وكادَ ينضبُ بَحْرُها
حتى إذا مَرَّتْ بعُشّاقٍ
أعانوها على وَمْضِ اللآلي !
انا في المحبَّةِ لستُ بالآثارِ يوهِمْنَ الطريق بسائرٍ
قد مَرَّ يوماً من هنا
لكنني أبداً أمرُّ ولهفتي لِصقُ الحياةِ
وإنْ تَعَثَّرتِ الخُطى فيما مضى
فلسوف أنسبُ كلَّ ذلكَ للغَشاوةِ والضَلالِ !
مالي أسرِّح ظِليَ القاني ,
ومِن فوقي الشموسُ ؟
فهل أريدُ به الدليلَ على انصهار الآيتَين ؟
أرى ظِلالاً من شموسٍ
او شموساً من ظِلالِ
هي نصفُ عمرٍ في العراقِ
ونصفهُ الثاني يُنادمُهُ المُحاقُ
وإنْ أقُلْ : ما عشتُهُ إلاّ بأحضانِ القصيدِ فلا أُغالي
وطني الذي يبقى نشيداً من طيوفٍ هائماً مُتماوجاً
تتبادلُ الأدوارَ فيه الذكرياتُ أليمُها وحميمُها
راضٍ انا إنْ كنتَ قد أحزنتَني لكنَّما
نجمٌ تباعدَ فوقَ ما هو فيهِ من بُعْدٍ رِضايَ اذا حزنْتَ
ومِثْلَهُ يمضي الى إخفاقهِ قُدُماً مآلي
ولقد سَبرْتُ جوانحي فرأيتُها
لا تستريحُ لِما يُريحُ
وإنما للطَرْقِ في صَعْبِ المَنالِ
ومَدائحي فرأيتُها مأخوذةً بالنخلِ
يطوي الأفقَ في أبد البهاءِ
وتُربةٍ تاهتْ غِلالاً في غِلالِ
فلأيِّ مَسعىً حَلَّ ذِكْرُكَ صاحبي ؟
هل لإلتقاطي من ضياعٍ باذخٍ
ام مِن جَوىً في النفْسِ يبحثُ دون جدوى عن مِثالِ ؟
اللاّطِمونَ عليكَ هُمْ مَن يلطمونكَ كُلَّ حينٍ بالرَّزايا
مَنْ انا حتى أُبيِّنَ ما تَرى ؟
تَفَهاً أقولُ برُغْمِ أني مَنْ يُهابُ
حَبَتْنيَ الدنيا لسانَ الأوَّلينَ
ومنهُ تَوريةَ الإجابةِ في سؤالِ
لاميّتي
لاميّةٌ أُخرى هنا ما آنَستْ
( في الأرض منأىً )
عَلَّها ,
ورأيتُ رؤيا كالمواسم في شَذاها
كالدُوار
فما لروعتها ومالي؟
هي فِتنةٌ , أدري
ومازالَ الرنينُ مُحَلِّقاً
والريح تمضي بيْ على جنح الشَرارِ ,
تبَِعتُ شَوطي للذُرى
مأوايَ لا مأوىً لهُ
حتى ولا أرضٌ سوى الحربِ السِّجالِ
وهي العَوانُ قطْعْتُها حُلُماً تفايضَ عابراً مُدُناً وأسواراً
وقد كنتُ الكريمَ جمعْتُ في المنفى
جميعَ التائهينَ
وكلَّ غيماتِ السماءِ
وكلَّ غاباتِ البُكاءِ
وكلَّ لحنٍ دافقٍ
وعقَدْتُ مؤتمرَ الجَمالِ
ما سِرُّ رَونقِها ؟
تقابلَ ماءُهُ ونجيعُهُ
فتَوائما قمَرَينِ في أبهى الخِصالِ
ماءٌ الى شَفةِ الصدى المُرتَدِّ من عُمق الصحارى ذابلاً
ودمٌ الى نُسْغِ الحياةِ
يُشِنُّ نوراً باهراً
يطأُ المسافةَ
كوكباً فوقَ الرمالِ
او إنْ سألتَ فَرُبَّما
هو عاشقانِ تَفَرَّقا بيَ لحظةَ التقيا
فَصُرْتُ الشاهدَ الرائي على ظُلْمِ الوِصالِ !
ليُقال َ: أحلاها البُعادُ !
وليتهُ كانَ البُعادَ
فإنهُ قَلَقٌ تفَرَّعَ عن جنونٍ
واندهاشٍ وارتعاشٍ وإعتلالِ
ما دارَ في خَلَدي بأنْ أبقى المُشرَّدَ
في عراقِكَ يا عراقُ وفي بلادِ الله طُرَّاً
كي أناديَ : يا فناءُ أَعِنْ دمي ,
فأنا فنيتُ لغايةٍ أخرى
جعلتُ الشِعرَ خاتمةَ الأضاحي
وإستوى ألَمي على عرشِ الثناءِ
بحيثُ تبسمُ لي أساريرُ المُحالِ
ما عدتُ أحفلُ بالأسامي
سَمِّها
لاميّةَ المَنفى
أو المَشفى
فكلُّ التَسمياتِ سُدىً
سوى لفظِ الجَلالِ !

************
كولونيا

د. مصطفى عراقي
18-12-2007, 08:10 AM
شاعرنا المتألق المتدفق شعرا وشعورا الأستاذ : سامي العامري


لشعرك أيها المبدع سحرٌ خاص تجلى في هذه القصيدة الثرية الشجية ، المتفجرة بصور الطبيعة الحية في تقلابتها ، ومشاعر القلب الشجية في تجلياتها ، وكأنها تتهادى على صفحة الراين حينا ، لكي تثور من بعدُ مع ريح الغربة ، وقسوة المنفى في سيمفونية متعددة الحركات لكن في بناءٍ واحد متصاعد بروعةٍ وجمال
فلك الشكر
ودمت بكل الخير والسعادة والألق
مصطفى

سامي العامري
18-12-2007, 03:43 PM
المبدع العزيز د. مصطفى عراقي
تحية من الصميم
فلقد والله أردتُ أن أنثر على دربك رياحين الإمتنان كعطرٍ ما سمع به أهل بابل - بتعبير المتنبي - ولكن ياعزيزي استغربتُ ( قصيدة الغامدي ) في مديح القاتل المحترف والموهوب صدام وانا مثال بسيط من ضحاياه لذا فأعتقد أني سأتوقف عن الكتابة اذا استمرتْ هذه اللغة الإستفزازية فانا أكون حيث يكون الحب والحرية والكرامة والجمال
لك مني أخلص الأمنيات
سامي العامري

د. سمير العمري
26-01-2010, 06:52 PM
نص فاخر فاره مضمخ بالصور المبتدعة والأسلوب الشاعري.

لا فض فوك أيها المبدع!

وأهلا ومرحبا بك مبدعا دائما في أفياء واحة الخير.



تحياتي

محمود أبو سل
26-01-2010, 09:22 PM
راقِ أنتَ أخي الشاعر سامي العامري

وهذهِ التي استوقفتني مدةً طويلةً هي قلعةٌ في غاية التحصين

حازم محمد البحيصي
26-01-2010, 10:03 PM
الحبيب سامي العامري

نص جميل وروح فى كل مكان تأخذ بتلابيب القلب
دمت والابداع
تحيتي لك