مشاهدة النسخة كاملة : راتب وأليف(قصة واقعية)
زاهية
19-12-2007, 04:52 AM
التقت عيناهما ..حدَّق كل واحدٍ منهما في عيني الآخر بطريقة لم يألفاها سابقًا .. قبل قليل كانا يتبادلان النظرات اللطيفة التي ترسل كهرباء المودة بينهما ..ماذا تغير الآن فبدت تلك النظرات مشحونة بما أثار قلق الطرفين ..عينا راتب ورموشهما تجمدت للحظات رجعت بها ذاكرته إلى الوراء نصف قرنٍ ونيف ..هنا في هذا البستان التقيا أول مرة ..مازال يحس برعشة يديه والعرق يبللهما، وهو يسمع نبض قلبه المضطرب في حضرة هاتين العينين الغريبتين اللتين كادتا تودي بحياته عندما رآهما تحدقان به بجرأة جعلته يسقط فوق الأرض ويداه تغطي وجهه ..صرخ صوتًا أسرع بأبيه وأمه إليه ..ولكن سرعان ما علت ضحكة الأب عندما عرف سر خوف ابنه ..حمله بين ذراعيه ..اقنرب به من الشجرة المعمرة التي يلتف حولها (أليف) ورأسه إلى الأعلى مائلا باتجاه الطفل وأبيه ، تلمع عيناه تحت أشعة الشمس عند الظهيرة ..منذ ذلك اليوم لم يعد يخاف من الزائر المقيم في بستان والده بل صار يأتي إليه في موعد تسلقه السنديانة ،ويجلس مقابلا له ويتبادل معه النظرات ..مازالا يحدقان ببعضهما بعضًا ..لم يعد طفلا تزوج وأنجب وصار جدا وأليف مازال كما هو من عهد قديم ..ورثه والده عن أبيه مع الأرض التي أحبها وأحبته ...أعطاها سني عمره ، فأعطته خيرًا كثيرًا..خاض مع إخوته عراكًا طويلا في سبيل الظفر بها، وكان له ماأراد ..بعد موت الوالد ورثها راتب فكان لها خير مالك ، وكانت له خير جارية ..في الآونة الأخيرة بدأ صراعه مع جاره تحسين الذي يطمع بالأرض ويريد شراءها بأي ثمن ..راتب يصر على التمسك بأرضه التي هي بمثابة عرضه وكرامته وأغلى عليه من الروح والمال..نظر إلى ابنه خالد الذي نهض للتو عن الأرض حاملا بيديه بقايا طعام الغداء ..لم ينتبه خالد لأبيه ..ألقى فتات الخبز أمام الدجاج ،وعاد يستأذنه بالانصراف بعد أن أنهى معه حرث القسم الشرقي من البستان..وقف مشدوها عندما رأى والده يحدق في عيني أليف والأخير ثابت النظرات ..
مازحه بشعر كتبته أخته حليمة في أليف ورددته أفواه المدينة ..لم ترمش له عين ..
-أبي
-صمت.
-أبي مابك؟
-هات الفأس ..يكفيه ..
وقبل أن يرتد إليه طرفه كان (أليف) الحنش المؤلف الذي- لم ينجب صغارًا وليس له رفيقة ،ولم يؤذ أحدًا ،ولم يسرق الدجاج ولاالبيض -ينسل عن السنديانة زاحفًا نحوه بجسمه الطويل الثخين ..يلتف حول جسده ..يعصره بقوة تجعله يصرخ مستنجدًا ،وابنه فزعًا أمام محاولات والده للتخلص من التفاف أليف حوله ،ولكنَّ محاولاته باءت بالفشل.
بقلم
زاهية بنت البحر
جوتيار تمر
19-12-2007, 03:03 PM
الزاهية زاهية........
يلامس المتلقي في البدء حضورا مميزا للرمز في تنامي السرد / لكن سرعان من يتمخض عن هذا الحضور وضوح جانبي يعرض مدى العلاقة الكامنة بين راتب واليف والارض معا / داخل اطار زمكاني محدد / وهذا ما جعلني الاحظ بأن ثمة اشتغال جيد على النص من الناحية الذهنية / لسطر سردية تستفز الوضوح و الاجترار بالتأمل والسؤال / ولقد نجحت الى حد كبير في الوصول الى غايتك .
دمت بالف خير
كل عام وانت بخير
محبتي لك
جوتيار
محمد المختار زادني
19-12-2007, 04:21 PM
التقت عيناهما ..حدَّق كل واحدٍ منهما في عيني الآخر بطريقة لم يألفاها سابقًا .. قبل قليل كانا يتبادلان النظرات اللطيفة التي ترسل كهرباء المودة بينهما ..ماذا تغير الآن فبدت تلك النظرات مشحونة بما أثار قلق الطرفين ..عينا راتب ورموشهما تجمدت للحظات رجعت بها ذاكرته إلى الوراء نصف قرنٍ ونيف ..هنا في هذا البستان التقيا أول مرة ..مازال يحس برعشة يديه والعرق يبللهما، وهو يسمع نبض قلبه المضطرب في حضرة هاتين العينين الغريبتين اللتين كادتا تودي بحياته عندما رآهما تحدقان به بجرأة جعلته يسقط فوق الأرض ويداه تغطي وجهه ..صرخ صوتًا أسرع بأبيه وأمه إليه ..ولكن سرعان ما علت ضحكة الأب عندما عرف سر خوف ابنه ..حمله بين زراعيه ..اقنرب به من الشجرة المعمرة التي يلتف حولها (أليف) ورأسه إلى الأعلى مائلا باتجاه الطفل وأبيه ، تلمع عيناه تحت أشعة الشمس عند الظهيرة ..منذ ذلك اليوم لم يعد يخاف من الزائر المقيم في بستان والده بل صار يأتي إليه في موعد تسلقه السنديانة ،ويجلس مقابلا له ويتبادل معه النظرات ..مازالا يحدقان ببعضهما بعضًا ..لم يعد طفلا تزوج وأنجب وصار جدا وأليف مازال كما هو من عهد قديم ..ورثه والده عن أبيه مع الأرض التي أحبها وأحبته ...أعطاها سني عمره ، فأعطته خيرًا كثيرًا..خاض مع إخوته عراكًا طويلا في سبيل الظفر بها، وكان له ماأراد ..بعد موت الوالد ورثها راتب فكان لها خير مالك ، وكانت له خير جارية ..في الآونة الأخيرة بدأ صراعه مع جاره تحسين الذي يطمع بالأرض ويريد شراءها بأي ثمن ..راتب يصر على التمسك بأرضه التي هي بمثابة عرضه وكرامته وأغلى عليه من الروح والمال..نظر إلى ابنه خالد الذي نهض للتو عن الأرض حاملا بيديه بقايا طعام الغداء ..لم ينتبه خالد لأبيه ..ألقى فتات الخبز أمام الدجاج ،وعاد يستأذنه بالانصراف بعد أن أنهى معه حرث القسم الشرقي من البستان..وقف مشدوها عندما رأى والده يحدق في عيني أليف والأخير ثابت النظرات ..
مازحه بشعر كتبته أخته حليمة في أليف ورددته أفواه المدينة ..لم ترمش له عين ..
-أبي
-صمت.
-أبي مابك؟
-هات الفأس ..يكفيه ..
وقبل أن يرتد إليه طرفه كان (أليف) الحنش المؤلف الذي- لم ينجب صغارًا وليس له رفيقة ،ولم يؤذ أحدًا ،ولم يسرق الدجاج ولاالبيض -ينسل عن السنديانة زاحفًا نحوه بجسمه الطويل الثخين ..يلتف حول جسده ..يعصره بقوة تجعله يصرخ مستنجدًا ،وابنه فزعًا أمام محاولات والده للتخلص من التفاف أليف حوله ،ولكنَّ محاولاته باءت بالفشل.
بقلم
زاهية بنت البحر
كعهدي بك دائما أختي الكريمة
تدسين بين حروفك الدهشة والمعنى العميق في أسلوب أخاذ
بارك الله بك
زاهية
20-12-2007, 03:27 PM
الزاهية زاهية........
يلامس المتلقي في البدء حضورا مميزا للرمز في تنامي السرد / لكن سرعان من يتمخض عن هذا الحضور وضوح جانبي يعرض مدى العلاقة الكامنة بين راتب واليف والارض معا / داخل اطار زمكاني محدد / وهذا ما جعلني الاحظ بأن ثمة اشتغال جيد على النص من الناحية الذهنية / لسطر سردية تستفز الوضوح و الاجترار بالتأمل والسؤال / ولقد نجحت الى حد كبير في الوصول الى غايتك .
دمت بالف خير
كل عام وانت بخير
محبتي لك
جوتيار
جو أخي المكرم والناقد المحنك
مررت بهدوء جعل النص في هالة من الضوء أشكرك عليها
كل عام وأنت بخير
أختك
بنت البحر
زاهية
24-12-2007, 05:22 AM
كعهدي بك دائما أختي الكريمة
تدسين بين حروفك الدهشة والمعنى العميق في أسلوب أخاذ
بارك الله بك
محمد المختار زادني أخي المكرم
جزاك الله الخير ونفع بك
كل عام وأنت بخير
أختك
بنت البحر
ربيحة الرفاعي
10-07-2014, 01:30 AM
رائعة كدائما
تقصّين ببراعة ، وتحملين نصوصك ثقيل المعاني والمضامين
دمت بألق غاليتي
تحاياي
ناديه محمد الجابي
23-07-2014, 11:06 AM
بارعة في اقتناص اللقطة وحبك المفارقة
أسلوب متميز وتكثيف واع وإبداع فيه رسالة
وفيه فكرة عميقة وخاتمة مقنعة.
دمت بخير.
زاهية
22-01-2015, 03:19 PM
رائعة كدائما
تقصّين ببراعة ، وتحملين نصوصك ثقيل المعاني والمضامين
دمت بألق غاليتي
تحاياي
بارك الله فيك عزيزتي ورعاك
لك شكري وتقديري
زاهية
22-01-2015, 03:22 PM
بارعة في اقتناص اللقطة وحبك المفارقة
أسلوب متميز وتكثيف واع وإبداع فيه رسالة
وفيه فكرة عميقة وخاتمة مقنعة.
دمت بخير.
شكرا لك عزيزتي
أسعدني حضورك فليسعدك ربي
خلود محمد جمعة
10-02-2015, 06:00 PM
من وحي الواقع نسجت خيوط القصة بمهارة وجمال
رائعة دائما
كل التقدير
بوركت
نداء غريب صبري
03-03-2015, 11:02 PM
قصة جميلة فكرتها واقعية رغم بعض الرمزية وأسلوبها جميل
شكرا لك أختي
بوركت
زاهية
12-09-2022, 01:49 AM
شكرا لكل من مروا من هنا
أختكم
زاهية بنت البحر
:tree::os::tree:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir